بَابُ مَا جَاءَ فِي السَّخَاءِ وَالْكَرَمِ وَالْبَذْلِ مِنَ الْفَضْلِ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

573 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ دَاوُدَ الْقَنْطَرِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، حَدَّثَنِي بُكَيْرٌ ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا جَابِرُ ، لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ لَأَعْطَيْنَاكَ هَكَذَا وَهَكَذَا ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَفْنَةٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَأْتِهِ مَالٌ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، ثُمَّ جَاءَ الْمَالُ بَعْدُ ، فَدَعَانِي أَبُو بَكْرٍ ، فَسَأَلَنِي عَمَّا قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ جَاءَنَا مَالٌ فَقَرَّبَهُ إِلَيَّ ، فَأَخَذْتُ مِنْهُ بِكَفِّي جَمِيعًا ، فَعَدَدْتُهُ ، فَوَجَدْتُهُ خَمْسَمِائَةٍ ، فَأَعْطَانِي أَبُو بَكْرٍ أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

574 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ ، حَدَّثَنَا الْقَوَارِيرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، قَالَ : تَزَوَّجَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ امْرَأَةً ، فَبَعَثَ إِلَيْهَا بِمِائَةِ جَارِيَةٍ ، مَعَ كُلِّ جَارِيَةٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

575 حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ الْعَسْكَرِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرَّاسِبِيُّ ، حَدَّثَنِي صَدِيقٌ لِي أَنَّ أَعْرَابِيًّا انْتَهَى إِلَى قَوْمٍ ، فَقَالَ : يَا قَوْمُ ، أَرَى وُجُوهًا وَضِيئَةً ، وَأَخْلَاقًا رَضِيَّةً ، فَإِنْ تَكُنِ الْأَسْمَاءُ عَلَى إِثْرِ ذَلِكَ فَقَدْ سَعِدَتْ بِكُمْ أُمُّكُمْ ، فَبِمَ تُسَمَّوْنَ ، بِأَبِي أَنْتُمْ ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَنَا عَطِيَّةُ ، وَقَالَ الْآخَرُ : أَنَا كَرَامَةُ ، وَقَالَ الْآخَرُ : أَنَا عَبْدُ الْوَاسِعِ ، وَقَالَ الْآخَرُ : أَنَا فَضِيلَةُ فَأَنْشَأَ يَقُولُ :
كَرَمٌ وَبَذْلٌ وَاسِعٌ وَعَطِيَّةٌ
لَا أَيْنَ أَذْهَبُ أَنْتُمُ عَيْنُ الْكَرَمْ

مَنْ كَانَ بَيْنَ فَضِيلَةٍ وَكَرَامَةٍ
لَا رَيْبَ قَدْ يَفْقَؤُ عَيْنَ الْعَدَمْ
قَالَ : فَكَسَوْهُ ، وَأَحْسَنُوا إِلَيْهِ ، وَانْصَرَفَ شَاكِرًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

576 حَدَّثَنِي أَخِي ، أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَرَّاقُ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ السَّخِيَّ قَرِيبٌ مِنَ اللَّهِ ، قَرِيبٌ مِنَ النَّاسِ ، قَرِيبٌ مِنَ الْجَنَّةِ ، بَعِيدٌ مِنَ النَّارِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

577 حَدَّثَنَا أَبُو مَنْصُورٍ نَصْرُ بْنُ دَاوُدَ الصَّاغَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ النَّخَعِيُّ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : كَانُوا يَكْرَهُونَ أَخْلَاقَ التُّجَّارِ ، وَنَظَرَهُمْ فِي مَدَاقِّ الْأُمُورِ ، وَكَانُوا يُحِبُّونَ أَنْ يُقَالَ فِيهِمْ غَفَلَةُ السَّادَةِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

578 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَمْرٍو . ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ : نَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مَنْزِلًا مُنْصَرَفَهُ مِنَ الشَّامِ نَحْوَ الْحِجَازِ ، فَطَلَبَ غِلْمَانُهُ طَعَامًا ، فَلَمْ يَجِدُوا فِي ذَلِكَ الْمَنْزِلِ مَا يَكْفِيهِمْ ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَرَّ بِهِ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، أَوْ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ ، فَأَتَوْا عَلَى مَا فِيهِ ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ لِوَكِيلِهِ : اذْهَبْ فِي هَذِهِ الْبَرِيَّةِ ، فَعَلَّكَ أَنْ تَجِدَ رَاعِيًا ، أَوْ تَجِدَ أَخْبِيَةً فِيهَا لَبَنٌ أَوْ طَعَامٌ فَمَضَى الْقَيِّمُ ، وَمَعَهُ غِلْمَانُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، فَدَفَعُوا إِلَى عَجُوزٍ فِي خِبَاءٍ ، فَقَالُوا : هَلْ عِنْدَكِ مِنْ طَعَامٍ نَبْتَاعَهُ مِنْكِ ؟ قَالَتْ : أَمَّا الطَّعَامُ أَبِيعُهُ فَلَا ، وَلَكِنْ عِنْدِي مَا بِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ لِي وَلِبَنِيِّ قَالُوا : وَأَيْنَ بَنُوكِ ؟ قَالَتْ : فِي رَعْيٍ لَهُمْ ، وَهَذَا أَوَانُ أَوْبَتِهِمْ قَالُوا : فَمَا أَعْدَدْتِ لَكِ وَلَهُمْ ؟ قَالَتْ : خُبْزَةً ، وَهِيَ تَحْتَ مَلَّتِهَا أَنْتَظِرُ بِهَا أَنْ يَجِيئُوا قَالُوا : فَمَا هُوَ غَيْرُ ذَلِكَ ؟ قَالَتْ : لَا قَالُوا : فَجُودِي لَنَا بِنِصْفِهَا قَالَتْ : أَمَّا النِّصْفُ فَلَا أَجُودُ بِهِ ، وَلَكِنْ إِنْ أَرَدْتُمُ الْكُلَّ فَشَأْنُكُمْ بِهَا قَالُوا : فَلِمَ تَمْنَعِينَ النِّصْفَ ، وَتَجُودِينَ بِالْكُلِّ ؟ قَالَتْ : لِأَنَّ إِعْطَاءَ الشَّطْرِ نَقِيصَةٌ ، وَإِعْطَاءَ الْكُلِّ فَضِيلَةٌ ، أَمْنَعُ مَا يَضَعُنِي ، وَأَمْنَحُ مَا يَرْفَعُنِي فَأَخَذُوا الْمَلَّةَ ، وَلَمْ تَسْأَلْهُمْ مَنْ هُمْ ، وَلَا مِنْ أَيْنَ جَاءُوا ، فَلَمَّا أَتَوْا بِهَا عُبَيْدَ اللَّهِ ، وَأَخْبَرُوهُ بِقِصَّةِ الْعَجُوزِ ، عَجِبَ ، وَقَالَ : ارْجِعُوا إِلَيْهَا ، فَاحْمِلَوهَا إِلَيَّ السَّاعَةَ فَرَجَعُوا وَقَالُوا : انْطَلِقِي نَحْوَ صَاحِبِنَا ؛ فَإِنَّهُ يُرِيدُكِ قَالَتْ : وَمَنْ هُوَ صَاحِبُكُمُ ، اللَّهُ أَصْحَبَهُ السَّلَامَةَ ؟ قَالُوا : عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ قَالَتْ : مَا أَعْرِفُ هَذَا الِاسْمَ ، فَمَنْ بَعْدَ الْعَبَّاسِ ؟ قَالُوا : الْعَبَّاسُ عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ : هَذَا وَأَبِيكُمُ الشَّرَفُ الْعَالِي ذِرْوَتُهُ ، الرَّفِيعُ عِمَادُهُ ، هِيهِ ، أَبُو هَذَا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ قَالَتْ : عَمٌّ قَرِيبٌ ، أَمْ عَمٌّ بَعِيدٌ ؟ قَالُوا : عَمٌّ هُوَ صِنْوُ أَبِيهِ ، وَهُوَ عَصَبَتُهُ قَالَتْ : وَيُرِيدُ مَاذَا ؟ قَالُوا : يُرِيدُ مُكَافَأَتَكِ وَبِرَّكَ قَالَتْ : عَلَامَ ؟ قَالُوا : عَلَى مَا كَانَ مِنْكِ قَالَتْ : أَوْهِ ، لَقَدْ أَفْسَدَ الْهَاشِمِيُّ بَعْضَ مَا أَثَّلَ لَهُ ابْنُ عَمِّهِ ، وَاللَّهِ لَوْ كَانَ مَا فَعَلْتُ مَعْرُوفًا مَا أَخَذْتُ بِذَنَبِهِ ، فَكَيْفَ وَإِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَى الْخَلْقِ أَنْ يُشَارِكَ بَعْضُهُمْ فِيهِ بَعْضًا ؟ قَالُوا : فَانْطَلِقِي ؛ فَإِنَّهُ يُحِبُّ أَنْ يَرَاكِ قَالَتْ : قَدْ تَقَدَّمَ مِنْكُمْ وَعِيدٌ ، مَا أَجِدُ نَفْسِي تَسْخُو بِالْحَرَكَةِ مَعَهُ قَالُوا : فَأَنْتِ بِالْخِيَارِ إِنْ بُذِلَ لَكِ شَيْءٌ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرَكِهِ قَالَتْ : لَا حَاجَةَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا إِذْ كَانَ هَذَا أَوَّلَهُ قَالُوا : فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ تَنْطَلِقِي إِلَيْهِ قَالَتْ : فَإِنِّي مَا أَنْهَضُ عَلَى كُرْهٍ إِلَّا لِوَاحِدَةٍ قَالُوا : وَمَا هِيَ ؟ قَالَتْ : أَرَى وَجْهًا هُوَ جَنَاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَعُضْوٌ مِنْ أَعْضَائِهِ ثُمَّ قَامَتْ ، فَحَمَلُوهَا عَلَى دَابَّةٍ مِنْ دَوَابِّهِ ، فَلَمَّا صَارَتْ إِلَيْهِ سَلَّمَتْ عَلَيْهِ ، فَرَدَّ عَلَيْهَا السَّلَامَ ، وَقَرَّبَ مَجْلِسَهَا ، وَقَالَ لَهَا : مِمَّنْ أَنْتِ ؟ قَالَتْ : أَنَا مِنْ كَلْبٍ قَالَ لَهَا : فَكَيْفَ حَالُكِ ؟ قَالَتْ : أَجِدُ الْقَائِتَ وَأَسْتَمْرِيهِ ، وَأَهْجَعُ أَكْثَرَ اللَّيْلِ ، وَأَرَى قُرَّةَ الْعَيْنِ مِنْ وَلَدٍ بَارٍّ ، وَكَنَّةٍ رَضِيَّةٍ ، فَلَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ وَجَدْتُهُ أَخَذْتُهُ ، وَإِنَّمَا أَنْتَظِرُ أَنْ يَأْخُذَنِي قَالَ : مَا أَعْجَبَ أَمَرَكِ كُلَّهُ قَالَتْ : قِفْنِي عَلَى أَوَّلِ عَجَبِهِ قَالَ : بَذْلُكِ لَنَا مَا كَانَ فِي حِوَائِكِ فَرَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَى الْقَيِّمِ ، فَقَالَتْ : هَذَا مَا قُلْتُ لَكَ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : وَمَا قَالَتْ لَكَ ؟ فَأَخْبَرَهُ ، فَازْدَادَ تَعَجُّبًا ، وَقَالَ : خَبِّرِينِي ، فَمَا ادَّخَرْتِ لِبَنِيكِ إِذَا انْصَرَفُوا ؟ قَالَتْ : مَا قَالَ حَاتِمُ طَيِّئٍ :
وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطُّوَى وَأَظَلُّهُ
حَتَّى أَنَالَ بِهِ كَرِيمَ الْمَأْكَلِ
فَازْدَادَ مِنْهَا عُبَيْدُ اللَّهِ تَعَجُّبًا ، وَقَالَ : أَرَأَيْتِ لَوِ انْصَرَفَ بَنُوكِ وَهُمْ جِيَاعٌ ، وَلَا شَيْءَ عِنْدَكِ ، مَا كُنْتِ تَصْنَعِينَ بِهِمْ ؟ قَالَتْ : يَا هَذَا ، لَقَدْ عَظُمَتْ هَذِهِ الْخُبْزَةُ عِنْدَكَ وَفِي عَيْنَيْكَ حَتَّى أَنْ صِرْتَ لَتُكْثِرُ فِيهَا مَقَالَكَ ، وَتَشْغَلُ بِذِكْرِهَا بَالَكَ ، الْهُ عَنْ هَذَا وَمَا أَشْبَهَ ؛ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ النَّفْسَ ، وَيُؤَثِّرُ فِي الْحِسِّ فَازْدَادَ تَعَجُّبًا ، ثُمَّ قَالَ لِغُلَامِهِ : انْطَلِقْ إِلَى فِتْيَانِهَا ، فَإِذَا أَقْبَلَ بَنُوهَا فَجِئْنِي بِهِمْ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ : أَمَا إِنَّهُمْ لَا يَأْتُونَكَ إِلَّا بِشَرِيطَةٍ قَالَ : وَمَا هِيَ ؟ قَالَتْ : لَا تَذْكُرْ لَهُمْ مَا ذَكَرْتَهُ لِي ؛ فَإِنَّهُمْ شَبَابٌ أَحْدَاثٌ ، تُحْرِجُهُمُ الْكَلِمَةُ ، وَلَا آمَنُ بَوَادِرَهُمْ إِلَيْكَ ، وَأَنْتَ فِي هَذَا الْبَيْتِ الرَّفِيعِ ، وَالشَّرَفِ الْعَالِي ، فَإِذَا نَحْنُ مِنْ أَشَرِّ الْعَرَبِ جِوَارًا فَازْدَادَ عُبَيْدُ اللَّهِ تَعَجُّبًا ، وَقَالَ لَهَا : سَأَفْعَلُ مَا أَمَرْتِ بِهِ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ لِلْغُلَامِ : انْطَلِقْ ، فَاقْعُدْ بِحِذَاءِ الْخِبَاءِ الَّذِي رَأَيْتَنِي فِي ظِلِّهِ ، فَإِذَا أَقْبَلَ ثَلَاثَةٌ : أَحَدُهُمْ دَائِمُ الطَّرْفِ نَحْوَ الْأَرْضِ ، قَلِيلُ الْحَرَكَةِ ، كَثِيرُ السُّكُونِ ، فَذَاكَ الَّذِي إِذَا خَاصَمَ أَفْصَحَ ، وَإِذَا طَلَبَ أَنْجَحَ ، وَالْآخَرُ دَائِمُ النَّظَرِ ، كَثِيرُ الْحَذَرِ ، لَهُ أُبَّهَةٌ قَدْ كَمَلَتْ مِنْ حَسَبِهِ ، وَأَثَّرَتْ فِي نَسَبِهِ ، فَذَاكَ الَّذِي إِذَا قَالَ فَعَلَ ، وَإِذَا ظُلِمَ قَتَلَ ، وَالْآخَرُ كَأَنَّهُ شُعْلَةُ نَارٍ ، وَكَأَنَّهُ يَطْلُبُ الْخَلْقَ بِثَأْرٍ ، فَذَاكَ الْمَوْتُ الْمَائِتُ ، هُوَ وَاللَّهِ وَالْمَوْتُ قَسِيمَانِ ، فَاقْرَأْ عَلَيْهِمْ سَلَامِي ، وَقُلْ لَهُمْ : تَقُولُ لَكُمْ وَالِدَتُكُمْ : لَا يُحْدِثَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَمْرًا حَتَّى تَأْتُوهَا فَانْطَلَقَ الْغُلَامُ ، فَلَمَّا جَاءَ الْفِتْيَةُ آخِرُهُمْ ، فَمَا قَعَدَ قَائِمُهُمْ ، وَلَا شَدَّ جَمْعُهُمْ حَتَّى تَقَدَّمُوا سِرَاعًا ، فَلَمَّا دَنَوْا مِنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَرَأَوْا أُمَّهُمْ ، سَلَّمُوا ، فَأَدْنَاهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ مِنْ مَجْلِسِهِ ، وَقَالَ : إِنِّي لَمْ أَبْعَثْ إِلَيْكُمْ ، وَلَا إِلَى أُمِّكُمْ لِمَا تَكْرَهُونَ قَالُوا : فَمَا بَعْدَ هَذَا ؟ قَالَ : أُحِبُّ أَنْ أُصْلِحَ مِنْ أَمْرِكُمْ ، وَأُلِمَّ مِنْ شَعَثِكُمْ قَالُوا : إِنَّ هَذَا قَلَّ مَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ سُؤَالٍ ، أَوْ مُكَافَأَةٍ لِفِعْلٍ قَدِيمٍ قَالَ : مَا هُوَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَلَكِنْ جَاوَرَتُكُمْ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَخَطَرَ بِبَالِي أَنْ أَضَعَ بَعْضَ مَالِي فِيمَا يُحِبُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالُوا : يَا هَذَا ، إِنَّ الَّذِي يُحِبُّ اللَّهُ لَا يَجِبُ لَنَا ، إِذْ كُنَّا فِي خَفْضٍ مِنَ الْعَيْشِ ، وَكِفَافٍ مِنَ الرِّزْقِ ، فَإِنْ كُنْتَ هَذَا أَرَدْتَ فَوَجِّهْهُ نَحْوَ مَنْ يَسْتَحِقُّهُ ، وَإِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ النَّوَالَ مُبْتَدِئًا لَمْ يَتَقَدَّمْهُ سُؤَالٌ ، فَمَعْرُوفُكَ مَشْكُورٌ ، وَبِرُّكَ مَقْبُولٌ فَأَمَرَ لَهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ، وَعِشْرِينَ نَاقَةً ، وَحَوَّلَ أَثْقَالَهُ إِلَى الْبِغَالِ وَالدَّوَابِّ ، وَقَالَ : مَا ظَنَنْتُ أَنَّ فِيَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ مَنْ يُشْبِهُ هَذِهِ الْعَجُوزَ ، وَهَؤُلَاءِ الْفِتْيَانَ فَقَالَتِ الْعَجُوزُ لِفِتْيَانِهَا : لِيَقُلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بَيْتًا مِنَ الشِّعْرِ فِي هَذَا الشَّرِيفِ ، وَلَعَلَيَّ أَنْ أُعِينَكُمْ ، فَقَالَ الْكَبِيرُ :
شَهِدْتُ عَلَيْكَ بِطِيبِ الْكَلَامِ
وَطِيبِ الْفِعَالِ وَطِيبِ الْخَبَرْ
وَقَالَ الْأَوْسَطُ :
تَبَرَّعْتَ بِالْجُودِ قَبْلَ السُّؤَالِ
فِعَالَ كَرِيمٍ عَظِيمِ الْخَطَرْ
وَقَالَ الْأَصْغَرُ :
وَحُقَّ لِمَنْ كَانَ ذَا فِعْلَهُ
بِأَنْ يَسْتَرِقَّ رِقَابَ الْبَشَرْ
وَقَالَتِ الْعَجُوزُ :
فَعَمَّرَكَ اللَّهُ مِنْ مَاجِدٍ
وَوُقِّيتَ شَرَّ الرَّدَى فَالْحَذَرِ
قَالَ الْخَرَائِطِيُّ : وَحَدَّثَنَا أَيْضًا أَبُو الْفَضْلِ الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبْعِيُّ ، عَنْ بَعْضِ مَشَايِخِهِ قَالَ : نَزَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ يَعْنِي فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

579 حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْخَفَّافِ ، عَنْ مِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ حَبَّةَ الْعُرَنِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا سُئِلَ عَنْ شَيْءٍ ، فَأَرَادَ أَنْ يَفْعَلَهُ قَالَ : نَعَمْ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ سَكَتَ ، وَكَانَ لَا يَقُولُ لِشَيْءٍ لَا ، فَأَتَاهُ أَعْرَابِيٌّ ، فَسَأَلَهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَسَكَتَ ، ثُمَّ سَأَلَهُ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَلْ كَهَيْئَةِ الْمُنْتَهِرِ لَهُ : سَلْ مَا شِئْتَ يَا أَعْرَابِيُّ فَغَبَطْنَاهُ ، وَقُلْنَا : الْآنَ يَسْأَلُ الْجَنَّةَ قَالَ : أَسْأَلُكَ رَاحِلَةً قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَكَ ذَاكَ ثُمَّ قَالَ : سَلْ قَالَ : وَرَحْلَهَا قَالَ : لَكَ ذَاكَ ثُمَّ قَالَ : سَلْ قَالَ : أَسْأَلُكَ زَادًا قَالَ : ذَاكَ لَكَ ، قَالَ : فَعَجِبْنَا مِنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْطُوا الْأَعْرَابِيَّ مَا سَأَلَ قَالَ : فَأُعْطِيَ ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَمْ بَيْنَ مَسْأَلَةِ الْأَعْرَابِيِّ وَعَجُوزِ بَنِي إِسْرَائِيلَ ؟ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أُمِرَ أَنْ يَقْطَعَ الْبَحْرَ ، فَانْتَهَى إِلَيْهِ ، ضَرَبَ وجُوهَ الدَّوَابِّ ، فَرَجَعَتْ ، فَقَالَ مُوسَى : مَالِي يَا رَبِّ ؟ قَالَ : إِنَّكَ عِنْدَ قَبْرِ يُوسُفَ ، فَاحْمِلْ عِظَامَهُ مَعَكَ ، قَالَ : وَقَدِ اسْتَوَى الْقَبْرُ بِالْأَرْضِ ، فَجَعَلَ مُوسَى لَا يَدْرِي أَيْنَ هُوَ ، فَسَأَلَ مُوسَى : هَلْ يَدْرِي أَحَدٌ مِنْكُمْ أَيْنَ هُوَ ؟ فَقَالُوا : إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ فَعَجُوزُ بَنِي فُلَانٍ ، لَعَلَّهَا تَعْلَمُ أَيْنَ هُوَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مُوسَى ، فَانْتَهَى إِلَيْهَا الرَّسُولُ ، قَالَتْ : مَالَكُمْ ؟ قَالُوا : انْطَلِقِي إِلَى مُوسَى فَلَمَّا أَتَتْهُ قَالَ : هَلْ تَعْلَمِينَ أَيْنَ قَبْرُ يُوسُفَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ قَالَ : فَدُلِّينَا عَلَيْهِ قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُعْطِيَنِي مَا أَسْأَلُكَ قَالَ لَهَا : لَكِ ذَلِكَ ، قَالَتْ : فَإِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فِي الدَّرَجَةِ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا فِي الْجَنَّةِ قَالَ : سَلِي الْجَنَّةَ ، قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، لَا أَرْضَى إِلَّا أَنْ أَكُونَ مَعَكَ فَجَعَلَ مُوسَى يُرَادُّهَا قَالَ : فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ أَعْطِهَا ذَلِكَ ؛ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُصُكَ شَيْئًا ، فَأَعْطَاهَا ، وَدَلَّتْهُ عَلَى الْقَبْرِ ، فَأَخْرَجُوا الْعِظَامَ ، وَجَازُوا الْبَحْرَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

580 حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنْ مِلْحَانَ بْنِ عَرْكِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ حَلْبَسِ بْنِ زِيَادٍ وَكَانَ زِيَادٌ قَدْ خَلَفَ عَلَى النُّوَارِ امْرَأَةِ حَاتِمٍ ، وَكَانَ لَهَا مِنْ حَاتِمٍ : عَدِيُّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا حَاتِمٍ ، وَسِفَّانَةُ بِنْتُ حَاتِمٍ قَالَ إِسْحَاقُ : وَزَعَمَ غَيْرُ الْهَيْثَمِ أَنَّ عَدِيًّا أُمُّهُ مَاوِيَّةُ عَفْزَرَ قَالَ الْهَيْثَمُ : قَالَ مِلْحَانُ : فَحَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُلْتُ لِلنُّوَارِ : أَيْ أُمَّهْ ، حَدِّثِينَا بِبَعْضِ أَمْرِ حَاتِمٍ قَالَتْ : كُلُّ أَمْرِ حَاتِمٍ كَانَ عَجَبًا ، وَلَأُخْبِرَنَّكُمْ عَنْهُ بِعَجَبٍ ، أَصَابَتْنَا سَنَةٌ اقْشَعَرَّتْ لَهَا الْأَرْضُ ، وَاغْبَرَّ لَهَا أُفُقُ السَّمَاءِ ، وَرَاحَتِ الْإِبِلُ جَدْبَاءَ حَدَابِيرَ ، وَضَنَّتِ الْمَرَاضِعُ عَلَى أَوْلَادِهَا ، وَجَلَفَتِ السَّنَةُ الْمَالَ ، وَأَيْقَنَّا أَنَّهَا الْهَلَاكُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لَفِي لَيْلَةٍ صَنْبَرَةٍ ، بَعِيدَةٍ مَا بَيْنَ الطَّرَفَيْنِ ، إِذْ تَضَاغَى أَصْبِيَتُنَا : عَبْدُ اللَّهِ ، وَعَدِيُّ ، وَسِفَّانَةُ ، فَقَامَ إِلَى الصَّبِيَّيْنِ ، وَقُمْتُ إِلَى الصَّبِيَّةِ ، فَوَاللَّهِ مَا سَكَتُوا إِلَّا بَعْدَ هَدْأَةٍ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ : ثُمَّ بَسَطْنَا قَطِيفَةً لَنَا شَامِيَّةً ذَاتَ خَمْلٍ ، فَأَنَمْنَا الصِّبْيَةَ عَلَيْهَا ، وَنِمْتُ أَنَا وَهُوَ فِي حُجْرَةٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيَّ يُعِلُّنِي الْحَدِيثَ ، فَعَرَفْتُ مَا يُرِيدُ ، فَتَنَاوَمْتُ ، وَمَا يَأْتِينِي نَوْمٌ ، فَقَالَ : مَا لَهَا ، أَنَامَتْ ؟ فَسَكَتُّ ، فَلَمَّا تَهَوَّرَتِ النُّجُومُ ، وَادْلَهَمَّ اللَّيْلُ ، وَسَكَنَتِ الْأَصْوَاتُ ، وَهَدَأَتِ الرِّجْلُ إِذَا شَيْءٌ قَدْ رَفَعَ كَسْرَ الْبَيْتِ يَعْنِي مُؤَخَّرَهُ فَقَالَ : مَنْ هَذَا ؟ قَالَتْ : جَارَتُكَ فُلَانَةُ قَالَ : وَيْلَكِ مَا لَكِ ؟ قَالَتْ : الشَّرُّ ، أَتَيْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَصْبِيَةٍ يَتَعَاوَوْنَ تَعَاوِيَ الذِّئَابِ مِنَ الْجُوعِ ، فَمَا وَجَدْتُ عَلَى أَحَدٍ مُعَوَّلًا إِلَّا عَلَيْكَ يَا أَبَا عَدِيٍّ قَالَ : أَعْجِلِيهِمْ قَالَتْ : فَهَبَبْتُ إِلَيْهِ ، فَقُلْتُ : مَاذَا صَنَعْتَ ؟ فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَضَوَّغَ صِبْيَتُكَ مِنَ الْجُوعِ ، فَمَا أَصَبْتَ مَنْ تُعَلِّلُهُمْ بِهِ إِلَّا بِالنَّوْمِ ، وَتَأْتِينَا هَذِهِ الْآنَ وَأَوْلَادُهَا ؟ قَالَ : اسْكُتِي ، فَوَاللَّهِ لَأُشْبِعَنَّكِ وَإِيَّاهُمْ وَجَعَلْتُ أَقُولُ : وَمِنْ أَيْنَ ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْرِفُ شَيْئًا ؟ فَأَقْبَلَتِ الْمَرْأَةُ تَحْمِلُ اثْنَيْنِ ، وَيَمْشِي جَانِبَهَا أَرْبَعَةٌ ، كَأَنَّهَا نَعَامَةٌ حَوْلَهَا رِئَالُهَا ، فَقَامَ إِلَى فَرَسِهِ جَلَّابٍ ، فَوَجَأَ لَبَّتَهُ بِمُدْيَتِهِ ، فَخَرَّ ، ثُمَّ قَدَحَ زَنْدَهُ ، ثُمَّ جَمَعَ حَطَبَهُ ، ثُمَّ كَشَطَ عَنْ جِلْدِهِ ، وَدَفَعَ الْمُدْيَةَ إِلَى الْمَرْأَةِ ، ثُمَّ قَالَ : ابْغِي صِبْيَانَكِ ، فَبَغَيْتُهُمْ ، فَاجْتَمَعْنَا جَمِيعًا عَلَى اللَّحْمِ ، فَقَالَ حَاتِمٌ : سَوءَةٌ يَأْكُلُونَ دُونَ أَهْلِ الصِّرْمِ قَالَتْ : فَجَعَلَ يَأْتِي بَيْتًا بَيْتًا ، وَيَقُولُ : يَا هَؤُلَاءِ ، اذْهَبُوا وَعَلَيْكُمُ النَّارَ قَالَتْ : فَاجْتَمَعُوا ، وَالْتَفَعَ بِثَوْبِهِ نَاحِيَةً يَنْظُرُ إِلَيْنَا ، لَا وَاللَّهِ مَا ذَاقَ مِنْهُ مُزْعَةً ، وَإِنَّهُ لَأَحْوَجُهُمْ إِلَيْهِ ، ثُمَّ أَصْبَحْنَا ، وَمَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْهُ إِلَّا عَظْمٌ أَوْ حَافِرٌ ، فَأَنْشَأَ حَاتِمٌ يَقُولُ :
مَهْلًا نُوَارُ أَقِلِّي اللَّوْمَ وَالْعَذْلَا
وَلَا تَقُولِي لِشَيْءٍ فَاتَ مَا فَعَلَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

581 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْعُذْرِيُّ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّائِبُ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ الْمُحَرَّرِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالْوَلِيدُ مَوْلًى لِأَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ مُحْرِزٍ ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ مُحَرَّرٍ ، قَالَ : مَرَّ نَفَرٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِقَبْرِ حَاتِمِ طَيِّئٍ ، فَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُ ، فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ ، فَجَعَلَ يَرْكُضُ قَبْرَهُ بِرِجْلِهِ ، وَيَقُولُ : يَا أَبَا الْجَعْرَاءِ ، أَقْرِنَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ : مَا تُخَاطِبُ مِنْ رِمَّةٍ بَلِيَتْ فَأَجَنَّهُمُ اللَّيْلُ ، فَنَوَّمُوا ، فَقَامَ صَاحِبُ الْقَوْلِ فَزِعًا ، فَقَالَ : يَا قَوْمِ ، عَلَيْكُمْ مَطِيَّكُمْ ؛ فَإِنَّ حَاتِمًا أَتَانِي فِي النَّوْمِ ، وَأَنْشَدَنِي شِعْرًا ، وَقَدْ حَفِظْتُهُ ، يَقُولُ :
أَبَا خَيْبَرِيٍّ وَأَنْتَ امْرُؤٌ
ظَلُومُ الْعَشِيرَةِ شَتَّامُهَا

أَتَيْتَ بِصَحْبِكَ تَبْغِي الْقِرَى
لَدَى حُفْرَةٍ صَخِبٍ هَامُهَا

تَبْغِي لِيَ الذَّنْبَ عِنْدَ الْمَبِيتِ
وَحَوْلَكَ طَيُّ وَأَنْعَامُهَا

فَإِنَّا سَنُشْبِعُ أَضْيَافَنَا
وَنَأْتِي الْمَطِيَّ فَنَعْتَامُهَا
قَالَ : وَإِذَا نَاقَةُ صَاحِبِ الْقَوْلِ تَكُوسُ عَقِيرًا ، فَنَحَرُوهَا ، وَبَاتُوا يَشْتَوُونَ وَيَأْكُلُونَ ، فَقَالُوا : وَاللَّهِ قَدْ أَضَافَنَا حَاتِمٌ حَيًّا وَمَيِّتًا قَالَ أَبُو مِسْكِينٍ ، عَنْ يَاسِرِ بْنِ بِسْطَامٍ قَالَ : حَقَّقَ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ الْعَرَبِ قَوْلُ ابْنِ دَارَةَ الْغَطَفَانِيِّ ، وَأَتَى عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ لِيَمْتَدِحَهُ ، فَقَالَ لَهُ : أُحِيزُكَ بِمَالِي ، فَإِنْ رَضِيتَ فَقُلْ قَالَ : وَمَا مَالُكَ ؟ قَالَ : مِائَتَا ضَائِنَةٍ ، وَعَبْدٌ وَأَمَةٌ ، وَفَرَسٌ وَسِلَاحٌ ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لَكَ ، إِلَّا الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ ؛ فَإِنَّهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : قَدْ رَضِيتُ قَالَ : فَقُلْ فَقَالَ ابْنُ دَارَةَ :
أَبُوكَ أَبُو سِفَّانَةَ الْخَيْرِ لَمْ يَزَلْ
لَدُنْ شَبَّ حَتَّى مَاتَ فِي الْخَيْرِ رَاغِبَا

بِهِ تُضْرَبُ الْأَمْثَالُ فِي الشِّعْرِ مَيِّتًا
وَكَانَ لَهُ إِذْ كَانَ حَيًّا مُصَاحِبَا

قَرَى قَبْرُهُ الْأَضْيَافَ إِذْ نَزَلُوا بِهِ
وَلَمْ يَقْرِ قَبْرٌ قَبْلَهُ الدَّهْرَ رَاكِبَا
وَأَصْبَحَ الْقَوْمُ ، وَأَرْدَفُوا صَاحِبَهُمْ ، وَسَارُوا ، فَإِذَا رَجُلٌ يُنَوِّهُ بِهِمْ رَاكِبًا عَلَى جَمَلٍ يَقُودُ آخَرَ ، فَقَالَ : أَيُّكُمْ أَبُو الْخَيْبَرِيِّ ؟ قَالَ : أَنَا قَالَ : إِنَّ حَاتِمًا أَتَانِي فِي النَّوْمِ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَرَى أَصْحَابَكَ نَاقَتَكَ ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْمِلَكَ ، وَهَذَا بَعِيرٌ ، فَخُذْهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

582 حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي حَمَّادٌ الرَّاوِيَةُ ، وَمَشْيَخَةٌ ، مِنْ مَشْيَخَةِ طَيِّئٍ قَالُوا : كَانَتْ غَنِيَّةُ بِنْتُ عَفِيفِ بْنِ عَمْرِو بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ أُمُّ حَاتِمِ طَيِّئٍ وَهُوَ حَاتِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدِ بْنِ الْحَشْرَجِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ لَا تُمْسِكُ شَيْئًا سَخَاءً وَجُودًا ، وَكَانَ إِخْوَتُهَا يَمْنَعُونَهَا ، فَتَأْبَى ، وَكَانَتِ امْرَأَةً مُوسِرَةً ، فَحَبَسُوهَا فِي بَيْتٍ سَنَةً ، يُطْعِمُونَهَا قُوتَهَا ؛ لَعَلَّهَا تَكُفُّ عَمَّا تَصْنَعُ ، ثُمَّ أَخْرَجُوهَا بَعْدَ سَنَةٍ ، وَقَدْ ظَنُّوا أَنَّهَا قَدْ تَرَكَتْ ذَلِكَ الْخُلُقَ ، فَدَفَعُوا إِلَيْهَا صِرْمَةً مِنْ مَالِهَا ، وَقَالُوا : اسْتَمْتِعِي بِهَا فَأَتَتْهَا امْرَأَةٌ مِنْ هَوَازِنَ ، وَكَانَتْ تَغْشَاهَا ، فَسَأَلَتْهَا ، فَقَالَتْ : دُونَكِ هَذِهِ الصِّرْمَةَ ، فَقَدْ وَاللَّهِ مَسَّنِي مِنَ الْجُوعِ مَا آلَيْتُ أَلَّا أَمْنَعَ سَائِلًا شَيْئًا ثُمَّ أَنْشَأَتْ تَقُولُ :
لَعَمْرِي لَقِدْمًا عَضَّنِي الْجُوعُ عَضَّةً
فَآلَيْتُ أَلَّا أَمْنَعَ الدَّهْرَ جَائِعًا

فَقُولَا لِهَذَا اللَّائِمِي الْيَوْمَ أَعْفِنِي
فَإِنْ أَنْتَ لَمْ تَفْعَلْ فَعُضَّ الْأَصَابِعَا

فَمَاذَا عَسَيْتُمْ أَنْ تَقُولُوا لِأُخْتِكُمْ
سِوَى عَذْلِكُمْ أَوْ مَنْعِ مَنْ كَانَ مَانِعَا

وَمَهْمَا تَرَوْنَ الْيَوْمَ إِلَّا طَيْعَةً
فَكَيْفَ بِتَرْكِي يَا ابْنَ أُمَّ الطَّبَائِعَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،