بَابُ بَيَانِ مُشْكَلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
5236 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ مُوسَى الطَّلْحِيُّ ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ عَائِشَةَ ابْنَةِ طَلْحَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : إِنَّ أَسْرَعَ الْخَيْرِ ثَوَابًا : الْبِرُّ ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ ، وَأَسْرَعَ الشَّرِّ عُقُوبَةً : الْبَغْيُ ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ |
5237 وَحَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا مِنْ ذَنْبٍ هُوَ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللَّهُ تَعَالَى عُقُوبَتَهُ لِصَاحِبِهِ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْبَغْيِ ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْبَصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ ، حَدَّثَنَا عُيَيْنَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَقَالَ قَائِلٌ : أَفَتَكُونُ الْعُقُوبَةُ عَلَى الْبَغْيِ ، وَالْعُقُوبَةُ عَلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ أَسْرَعُ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِمَنْ كَفَرَ بِهِ ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ مَا فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ لَمْ يُرَدْ بِهِ مَا ظَنَّ هَذَا الْقَائِلُ ، وَلَيْسَ شَيْءٌ أَشَدُّ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى مِنَ الْكُفْرِ ، وَلَا عُقُوبَةَ أَشَدُّ مِنَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ ، إِلَّا أَنْ تُدْرِكَ التَّوْبَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِمَا فِي الْحَدِيثَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ عُقُوبَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُ الْبَغْيُ ، وَقَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ أَهْلِ الشَّرِيعَةِ الَّتِي لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا بِذَلِكَ ، وَكَانَ مَا تُوُعِّدَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ عُقُوبَةً عَلَى بَغْيِهِ ، وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِصِلَتِهَا . وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ عَلَى الْكُفْرِ ، فَأَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ . |
5238 حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ ، عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ الشِّخِّيرِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اتَّخِذْ مُؤَذِّنًا لَا يَأْخُذُ عَلَى أَذَانِهِ أَجْرًا فَقَالَ قَائِلٌ : فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ أَخْذِ الْأَجْرِ عَلَى الْأَذَانِ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّا قَدُ رَأَيْنَا الْأَجْرَ يَكُونُ بِالْإِجَارَاتِ الْمَعْقُودَةِ قَبْلَ وُجُوبِهِ مِمَّا يَأْخُذُ الْمُسْتَأْجِرُونَ بِالْخُرُوجِ مِنْهَا إِلَى الْمُسْتَأْجَرِينَ لَهُمْ عَلَيْهَا ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إِجَارَاتٍ مَعْقُودَاتٍ قَبْلَهَا ، وَلَكِنْ بِالْمَثُوبَاتِ عَلَيْهَا ، وَالتَّنْوِيلِ لِفَاعِلِيهَا ، وَقَدْ جَاءَ الْقُرْآنُ بِهَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ ، فَأَمَّا مَا جَاءَ بِالْأَجْرِ الْوَاجِبِ بِالْإِجَارَاتِ الْمَعْقُودَاتِ قَبْلَهُ ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى : { فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ } ، ثُمَّ قَالَ : { وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ } . وَالِائْتِمَارُ فَلَا يَكُونُ إِلَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فِيمَا تُعْقَدُ الْإِجَارَاتُ عَلَيْهِ . وَأَمَّا مَا جَاءَ بِالْأَجْرِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ ، فَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ، وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ } ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ } . فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمَثُوبَاتِ لِلْأَفْعَالِ ، لِأَنَّ عُقُودَ الْإِجَارَاتِ كَانَتْ قَبْلَهَا ، وَكَانَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْأَجْرِ الَّذِي يُجْعَلُ ثَوَابًا وَتَنْوِيلًا ، كَمَا يَفْعَلُ النَّاسُ بِمَنْ يَفْعَلُ الْأَفْعَالَ الَّتِي يَحَمْدُونَهُ عَلَيْهَا مِنَ التَّأْذِينِ فِي مَسَاجِدِهِمْ ، وَعِمَارَتِهَا ، وَاللُّزُومِ لَهَا بِلَا اسْتِئْجَارٍ مِنْهُمْ عَلَى ذَلِكَ ، فَيُنَوِّلُونَهُمْ عَلَيْهِ مَا يَنُولُ أَمْثَالُهُمْ لِيُدَوِّمُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَيَكُونَ قُوَّةً لَهُمْ عَلَيْهِ بِلَا إِجَارَاتٍ مُتَقَدِّمَاتٍ عَلَى ذَلِكَ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْمُودًا مِنْ فَاعِلِيهِ ، وَيَكُونُ الْمَفْعُولُ ذَلِكَ بِهِمْ مِنْهُمْ مَنْ يَقْبَلُ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَقْبَلُهُ لِعِلْمِهِ بِسَبَبِهِ الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ قَصَدَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ ، فَيَكُونُ مَنْ يَأْبَى قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَاضِلًا ، وَمَنْ يَقْبَلُهُ مَفْضُولًا ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثْمَانَ أَنْ يَتَّخِذَ مُؤَذِّنًا أَفْضَلَ الْمُؤَذِّنِينَ وَأَعْلَاهُمْ رُتْبَةً عَلَى الثَّوَابِ عَلَى الْأَذَانِ ، وَتَرَكَ التَّعَوُّضَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا . وَالْقِيَاسُ أَيْضًا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَ الْأَجْرِ بِالْإِجَارَاتِ عَلَى الْأَذَانِ ، وَذَلِكَ أَنَّا وَجَدْنَا الْإِجَارَاتِ تَمْلِيكَ مَنَافِعِ الْمُسْتَأْجِرِينَ لِمَنِ اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَى مَا اسْتَأْجَرَهُمْ عَلَيْهِ بِالْأَمْوَالِ الَّتِي اسْتَأْجَرَهُمْ بِهَا عَلَى ذَلِكَ ، وَكَانَ عَلَى كُلِّ مُمَلَّكٍ شَيْئًا بِجُعْلٍ اجْتَعَلَهُ عَلَى ذَلِكَ تَسْلِيمُ مَا مَلَكَهُ إِلَى مَنْ مَلَّكَهُ إِيَّاهُ تَسْلِيمًا يَبِينُ مِنْهُ بِهِ ، وَكَانَ الْأَذَانُ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَى ذَلِكَ فِيهَا ، فَكَانَ الْقِيَاسُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يُجَوِّزَ الْإِجَارَاتِ عَلَيْهَا ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |
5239 حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا رَأَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ شَتَمْتُهُ ، أَوْ آذَيْتُهُ ، فَلَا تُعَاقِبْنِي بِهِ |
5240 وَحَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْجِيزِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ وَهْبُ اللَّهِ بْنُ رَاشِدٍ الْحَجْرِيُّ ، أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ : جَاءَ رَجُلَانِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَأَلَاهُ ، فَلَمْ يُعْطِهِمَا شَيْئًا ، ثُمَّ سَأَلَاهُ ، فَلَمْ يُعْطِهِمَا ، ثُمَّ سَأَلَاهُ ، فَسَبَّهُمَا ، وَلَعَنَهُمَا ، فَدَخَلَ وَوَجْهُهُ مُحْمَرٌّ يَبِينُ فِيهِ الْغَضَبُ ، فَقُلْتُ : لَقَدْ خَابَ الرَّجُلَانِ ، وَهَلَكَا ، لَمْ يُصِبْهُمَا مِنْكَ شَيْءٌ ، وَلَعَنْتَهُمَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنِّي عَهِدْتُ إِلَى رَبِّي عَهْدًا ، فَقُلْتُ : يَا رَبِّ إِنِّي بَشَرٌ أَغْضَبُ ، كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ ، فَأَيَّ الْمُؤْمِنِينَ سَبَبْتُ ، أَوْ لَعَنْتُ ، فَلَا تُعَاقِبْهُ بِهَا ، وَلَا تُعَذِّبْهُ ، وَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا |
5241 وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ أَبِي الضُّحَى ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلَانِ ، فَخَلَوْا بِهِ ، فَسَبَّهُمَا وَلَعَنَهُمَا ، وَأَخْرَجَهُمَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَصَابَ مِنْكَ خَيْرًا ، كَمَا أَصَابَهُ هَذَانِ ، قَالَ : أَوَمَا عَلِمْتِ مَا شَارَطْتُ عَلَيْهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ : قُلْتُ اللَّهُمَّ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ ، أَوْ لَعَنْتُهُ ، فَاجْعَلْهَا لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا |
5242 وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ ، وَإِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنِ الْمُسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ ، أَوْ شَتَمْتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ كَفَّارَةً وَأَجْرًا |