تعزية معاوية لابن عباس

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    تعزية معاوية لابن عباس
قال: أخبرنا علي بن محمد.
عن سحيم بن حفص وعبد الله بن فائد.
عن بشير بن عبد الله .
قال: أول من نعى الحسن بن علي بالبصرة عبد الله بن سلمة بن المحبق أخو سنان نعاه لزياد.
فخرج الحكم بن أبي العاص الثقفي فنعاه.
وبكى الناس وأبو بكرة مريض فسمع الضجة.

فقال: ما هذا؟ فقالت امرأته ميسة بنت سحام من بني ربيع: مات الحسن ابن علي فاحمد الله الذي أراح الناس منه.
فقال أبو بكرة: اسكتي ويحك فقد أراحه الله من شر كثير وفقد الناس خيرا كثيرا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد.
عن عمرو بن ميمون.
عن أبيه.
قال: لما جاء معاوية نعي الحسن ابن علي.
استأذن ابن عباس على معاوية.
وكان ابن عباس قد ذهب بصره- فكان يقول لقائده: إذا دخلت بي على معاوية فلا تقدني فإن معاوية يشمت بي.
فلما جلس ابن عباس قال لمعاوية: لأخبرنه بما هو أشد عليه من أن أشمت به فلما دخل قال: يا أبا العباس هلك الحسن بن علي.
فقال ابن عباس:
إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ.
وعرف ابن عباس أنه شامت به فقال: أما والله يا معاوية لا يسد حفرتك ولا تخلد بعده.
ولقد أصبنا بأعظم منه فجبرنا الله بعده.
ثم قام.
فقال معاوية: لا والله ما كلمت أحدا قط أعد جوابا ولا أعقل من ابن عباس.

قال: أخبرنا عفان بن مسلم.
قال: حدثنا سلام أبو المنذر.

قال: قال معاوية لابن عباس: مات الحسن بن علي يبكته بذلك .
قال:
فقال: لئن كان مات فإنه لا يسد بجسده حفرتك.
ولا يزيد موته في عمرك.

ولقد أصبنا بمن هو أشد علينا فقدا منه.
فجبر الله مصيبته.

قال: أخبرنا علي بن محمد.
عن مسلمة بن محارب.
عن حرب ابن خالد.
قال: قال معاوية لابن عباس: يا عجبا من وفاة الحسن شرب عسلة بماء رومة فقضى نحبه لا يحزنك الله ولا يسؤك في الحسن فقال:
لا يسوءني ما أبقاك الله.
فأمر له بمائة ألف وكسوة.

قال: ويقال إن معاوية قال لابن عباس يوما: أصبحت سيد قومك قال:
ما بقي أبو عبد الله فلا.

قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل.
قال: حدثنا أبو هلال.
عن قتادة.
قال: قال معاوية: وا عجبا للحسن شرب شربة من عسل يمانية بماء رومة فقضى نحبه.
ثم قال لابن عباس: لا يسوؤك الله ولا يحزنك في الحسن فقال»
: أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين فلن يسؤني الله ولن يحزنني.
قال: فأعطاه ألف ألف من بين عرض وعين فقال: اقسم هذه في أهلك.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي.
عن أبيه.
قال: لما مات الحسن بن علي.
بعث مروان بن الحكم بريدا إلى معاوية يخبره أنه قد مات.
قال: وبعث سعيد ابن العاص رسولا آخر يخبره بذلك.
وكتب مروان يخبره بما أوصى به حسن ابن علي من دفنه مع رسول الله ص.
وأن ذلك لا يكون وأنا حي.
ولم يذكر ذلك سعيد.
فلما دفن حسن بن علي بالبقيع أرسل مروان بريدا آخر ايخبره بما كان من ذلك ومن قيامه ببني أمية/ ومواليهم وإني يا أمير المؤمنين عقدت لوائي وتلبسنا السلاح وأحضرت معي ممن اتبعني ألفي رجل.
فلم يزل الله بمنه وفضله يدرأ ذلك أن يكون مع أبي بكر وعمر ثالثا أبدا حيث لم يكن أمير المؤمنين عثمان المظلوم رحمه الله.
وكانوا هم الذين فعلوا بعثمان ما فعلوا.
فكتب معاوية إلى مروان يشكر له ما صنع واستعمله على المدينة ونزع سعيد بن العاص.
وكتب إلى مروان: إذا جاءك كتابي هذا فلا تدع لسعيد بن العاص قليلا ولا كثيرا إلا قبضته.
فلما جاء الكتاب إلى مروان بعث به مع ابنه عبد الملك إلى سعيد يخبره بكتاب أمير المؤمنين.
فلما قرأه سعيد بن العاص صاح بجارية له هاتي كتابي أمير المؤمنين.
فطلعت عليه بكتابي أمير المؤمنين.
فقال لعبد الملك: اقرأهما.
فإذا فيهما كتاب من معاوية إلى سعيد بن العاص يأمره حين عزل مروان بقبض أموال مروان التي بذي المروة والتي بالسويداء والتي بذي خشب ولا يدع له عذقا واحدا فقال: أخبر أباك.
فجزاه عبد الملك خيرا.
فقال سعيد: والله لولا أنك جئتني بهذا الكتاب ما ذكرت مما ترى حرفا واحدا.
قال: فجاء عبد الملك بالخبر إلى أبيه فقال: هو كان أوصل لنا منا له .

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله ابن أبي سبرة.
عن صالح بن كيسان قال: كان سعيد بن العاص رجلا حليما وقورا.
ولقد كانت المأمومة التي أصابت رأسه يوم الدار قد كاد أن يخف منها بعض الخفة.
وهو على ذلك من أوقر الرجال وأحلمه .

وكان مروان رجلا حديدا .
حديد اللسان سريع الجواب ذلق اللسان قل ما صبر أن يكون في صدره شيء من حب أحد أو بغضه إلا ذكره.

وكان في سعيد خلاف ذلك.
كان من أحب صبر عن ذكر ذلك له.
ومن أبغض فمثل ذلك ويقول: إن الأمور تغير والقلوب تغير فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحا اليوم عائبا غدا.

قال: أخبرنا محمد بن عمر.
قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد.
عن أبيه.
قال: حج معاوية سنة خمسين وسعيد بن العاص على المدينة وقد وليها قبل ذلك في آخر سنة تسع وأربعين.
وهي السنة التي مات فيها الحسن بن علي.
فلم يزل معاوية يهم بعزله.
ويكتب إليه مروان يعلمه ما أبلى في شأن حسن بن علي وأن سعيد بن العاص قد لافى بني هاشم ومالأهم على أن يدفن الحسن مع رسول الله ص وأبي بكر وعمر.
فوعده معاوية أن يعزله عن المدينة ويوليه.
فأقام عليها سعيد ومعاوية يستحي من سرعة عزله إياه.
وسعيد يعلم يكتب مروان إلى معاوية.
فكان سعيد يلقى مروان ممازحا له يقول: ما جاءك فيما قبلنا بعد شيء؟ فيقول مروان: ولم تقول لي هذا؟ أتظن أني أطلب عملك؟ فلما أكثر مروان من هذا سكت سعيد بن العاص واستحيا.
وبلغ مروان أنه كتب إلى سعيد من الشام يعلم بكتبك إلى أمير المؤمنين.
تمحل بسعيد وتزعم أن سعيدا في ناحية بني هاشم.
ثم جاءه بعد العمل.
وقد حج سعيد سنة ثلاث وخمسين ودخل في الرابعة.
فجاءه ولاية مروان بن الحكم فكان سعيد إذا لقيه بعد يقول ممازحا له: قد كان وعدك حيث توفي الحسن بن علي أن يوليك ويعزلني فأقمت كما ترى سنين .
والله يعلم لولا كراهة أن يعد ذلك مني خفة لاعتزلت ولحقت بأمير المؤمنين.
فيقول مروان: أقصر فإنا رأينا منك يوم مات الحسن بن علي أمورا ظننا أن صغوك مع القوم.
فقال سعيد: فو الله للقوم أشد لي تهمة وأسوأ في رأيا منهم فيك.
فأما الذي صنعت من كفي عن حسين بن علي فو الله ما كنت لأعرض دون ذلك بحرف واحد وقد كفيت أنت ذلك.

قال محمد بن عمر: قال: عبد الرحمن بن أبي الزناد: قال أبي: فلم يزالا متكاشرين فيما بينهما فيما يغيب أحدهما عن صاحبه ليس بحسن.
وهم بعد يتلاقيان ويقضي أحدهما الحق لصاحبه إذا لزمه.
وإذا التقيا سلم أحدهما على صاحبه سلاما لا يعرف أن فيه شيئا مما يكره.
فكان هذا من أمورهما.

- قال: أخبرنا محمد بن محمد .
أن الحسن بن علي مات سنة تسع وأربعين.
وصلى عليه سعيد بن العاص.
وكان قد سقي مرارا وكان مرضه أربعين يوما.

قال ابن سعد: وولد الحسن بن علي في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة .

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،