ذِكْرُ الْأَشْيَاءِ الَّتِي اخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الطَّهَارَةِ مِنْهَا
مَسْأَلَةٌ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ الذَّكَرَ مُخْطِئًا غَيْرَ قَاصِدٍ لَمَسَهُ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِنْ مَسَّهُ مُتَعَمِّدًا تَوَضَّأَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ . هَكَذَا قَالَ مَكْحُولٌ . وَقَالَ جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ : إِذَا مَسَّهُ مُتَعَمِّدًا تَوَضَّأَ ، وَكَانَ طَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ يَقُولَانِ : مَنْ مَسَّهُ وَهُوَ لَا يُرِيدُ وُضُوءًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ وُضُوءٌ . كَذَلِكَ قَالَ حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ . وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَقُولُونَ : خَطَؤُهُ وَعَمْدُهُ سَوَاءٌ . وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمَدُ , وَأَبُو أَيُّوبَ , سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ , وَأَبُو خَيْثَمَةَ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّازِمُ لِمَنْ جَعَلَ مَسَّ الذَّكَرِ بِمَعْنَى الْحَدَثِ الَّذِي يُوجِبُ الْوُضُوءَ أَنْ يَجْعَلَ خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ سَوَاءً كَسَائِرِ الْأَحْدَاثِ . |
ذِكْرُ مَسِّ الذَّكَرِ بِالسَّاعِدِ أَوْ بِظَهْرِ الْكَفِّ أَجْمَعَ الَّذِينَ أَوْجَبُوا الْوُضُوءَ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ عَلَى إِيجَابِ الْوُضُوءِ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِبَطْنِ كَفِّهِ عَامِدًا . وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِظَهْرِ كَفِّهِ أَوْ بِسَاعِدِهِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . قِيلَ لِعَطَاءٍ : إِنْ مَسَّتِ الذِّرَاعُ الذَّكَرَ أَيَتَوَضَّأُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِسَاعِدِهِ قَالَ : السَّاعِدُ يَدٌ فَلْيَتَوَضَّأْ . وَقَالَ أَحْمَدُ : إِذَا مَسَّهُ بِسَاعِدِهِ أَوْ ظَهْرِ كَفِّهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ . وَلَعَلَّ مِنْ حُجَّةِ مَنْ يَقُولُ هَذَا الْقَوْلَ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ وَهُوَ قَوْلُهُ : إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ . يُوجِبُ الْوُضُوءَ إِذْ لَمْ يَقُلْ بِظَهْرِ كَفِّهِ وَلَا بِبَطْنِهَا . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : إِنَّمَا يَجِبُ الْوُضُوءُ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِبَطْنِ كَفِّهِ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ ، وَقَالَ مَالِكٌ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ بِذِرَاعَيْهِ أَوْ بِقَدَمَيْهِ : لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ . |
102 وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثٍ رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا أَفْضَى أَحَدُكُمْ بِيَدِهِ إِلَى ذَكَرِهِ وَلَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا شَيْءٌ فَلْيَتَوَضَّأْ . أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ ، أنا الشَّافِعِيُّ ، أنا سُلَيْمَانُ بْنُ عَمْرٍو ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْهَاشِمِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَحْمَدُ يَقُولُ : قَدْ أَدْخَلُوا بَيْنَ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَبَيْنَ الْمَقْبُرِيِّ فِيهِ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ أَبُو مُوسَى الْخَيَّاطُ ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ يَزِيدَ فَقَالَ : يَرْوِي أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ |
ذِكْرُ الْمَرْأَةِ تَمَسُّ فَرْجَ زَوْجِهَا أَوِ الزَّوْجُ يَمَسُّ فَرْجَهَا كَانَ الزُّهْرِيُّ يَقُولُ : إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ فَرْجَ امْرَأَتِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى كَفَلِهَا أَوْ مَسَّ مَحَاسِرَهَا تَوَضَّأَ . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : إِذَا مَسَّ فَرْجَ امْرَأَتِهِ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . وَكَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ . وَكَانَ الْأَوْزَاعِيُّ يَقُولُ : إِذَا مَسَّتْ فَرْجَ زَوْجِهَا فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ . وَقَالَ مَالِكٌ : إِذَا مَسَّتْ فَرْجَ زَوْجِهَا أَرَى أَنْ تَتَوَضَّأَ . وَحُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : إِنْ كَانَتْ مَسَّتْهُ لِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهَا الْوُضُوءُ ، وَإِنْ كَانَتْ مَسَّتْهُ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهَا . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ : عَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا لَمَسَتْهُ الْوُضُوءُ . وَفِي قَوْلِ إِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ إِذَا مَسَّتْ ذَكَرَ زَوْجِهَا تَوَضَّأَتْ . وَكَانَ جَابِرُ بْنُ زَيدِ يَقُولُ : إِذَا مَسَّ الرَّجُلُ قُبُلَ امْرَأَتِهِ أَوِ امْرَأَةٌ مَسَّتْ فَرْجَ زَوْجِهَا عَلَيْهِمَا الطُّهُورُ . وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ . وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : إِذَا مَسَّتِ الْمَرْأَةُ فَرْجَهَا تَوَضَّأَتْ . وَلَا أَحْسَبُهُ ثَابِتًا |
103 وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَسَّتْ فَرْجَهَا لَا يَثْبُتُ . حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ ، وَيَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ يَحْيَى ، قَالَا : حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : أنا بَقِيَّةُ ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ |
ذِكْرُ مَسِّ الصَّبِيِّ وَغَيْرِهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا يَجِبُ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَكَرَ صَبِيٍّ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءٌ وَالشَّافِعِيُّ ، وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ : إِذَا مَسَّ ذَكَرَ غَيْرِهِ تَوَضَّأَ . وَقَالَ إِسْحَاقُ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَيْسَ فِي مَسِّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ وُضُوءٌ . كَذَلِكَ قَالَ الزُّهْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمَالِكٌ . وَكَانَ رَبِيعَةُ لَا يَرَى بِمَسِّ ذَكَرِ الصَّبِيِّ بَأْسًا إِذَا كَانَ صَغِيرًا . وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنْ مَيِّتٍ فَفِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ إِسْحَاقَ . وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنَ الْبَهَائِمِ فَقَالَتْ : طَائِفَةٌ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ . كَذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنَّ عَلَى مَنْ مَسَّ ذَلِكَ مِنَ الْبَهَائِمِ الْوُضُوءَ هَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَالِثٌ قَالَهُ عَطَاءٌ . قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : قُلْتُ لِعَطَاءٍ : مَسِسْتُ قُنْبَ حِمَارٍ أَوْ ثَوْلَ جَمَلٍ قَالَ : أَمَّا قُنْبُ الْحِمَارِ فَكُنْتُ مُتَوَضِّئًا ، وَأَمَّا مِنْ ثَوْلِ الْجَمَلِ فَلَا ، قُلْتُ : فَمَاذَا يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا قَالَ : مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْحِمَارَ هُوَ نَجِسٌ قَالَ : وَأَقُولُ أَنَا كُلُّ شَيْءٍ نَجِسٌ كَهَيْئَةِ الْحِمَارِ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فَمَسَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ ، وَكُلُّ شَيْءٍ يُؤْكَلُ لَحْمُهُ كَهَيْئَةِ الْبَعِيرِ مَسَّ ذَلِكَ مِنْهُ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَا وُضُوءَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ . |
ذِكْرُ مَسِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ مَسَّ أُنْثَيَيْهِ فَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ قَالَ : يَتَوَضَّأُ . وَقَالَ الزُّهْرِيُّ : أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَتَوَضَّأَ . وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ وَهُوَ أَنْ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ ، كَذَلِكَ قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالشَّعْبِيُّ وَإِسْحَاقُ وَهُوَ قَوْلُ عَوَامُّ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَالَ مَالِكٌ : لَا وُضُوءَ عَلَى مَنْ مَسَّ عَانَتُهُ . |
ذِكْرُ مَسِّ الدُّبُرِ وَاخْتَلَفُوا فِي الْوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الدُّبُرِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ : عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . هَكَذَا قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَالزُّهْرِيُّ ، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : بَلَغَنِي ذَلِكَ . وَكَانَ الشَّافِعِيُّ وَإِسْحَاقُ يَقُولَانِ : عَلَيْهِ الْوُضُوءُ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ ، هَذَا قَوْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ . |
الْوُضُوءُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ فِي الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَضَّأَ أَوْ أَمَرَ بِالْوُضُوءِ مِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو طَلْحَةَ عَمُّ أَنَسٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَأَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ وَعَائِشَةُ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَأَبُو عَزَّةَ رَجُلٌ يُقَالُ أَنَّ لَهُ صُحْبَةٌ . |
104 حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَتَوَضَّأُ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ |