هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2915 حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، حَدَّثَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَنَّ أَبَا الزُّبَيْرِ ، أَخْبَرَهُ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ الصُّبْرَةِ مِنَ التَّمْرِ ، لَا يُعْلَمُ مَكِيلَتُهَا ، بِالْكَيْلِ الْمُسَمَّى مِنَ التَّمْرِ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، يَقُولُ : نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ : مِنَ التَّمْرِ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2915 حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن سرح ، أخبرنا ابن وهب ، حدثني ابن جريج ، أن أبا الزبير ، أخبره ، قال : سمعت جابر بن عبد الله ، يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر ، لا يعلم مكيلتها ، بالكيل المسمى من التمر ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا روح بن عبادة ، حدثنا ابن جريج ، أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله ، يقول : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثله ، غير أنه لم يذكر : من التمر في آخر الحديث
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Jabir b. Abdullah (Allah be pleased with them) is reported to have said that Allah's Messenger (ﷺ) forbade the sale of a heap of dates the weight of which is unknown in accordance with the known weight of dates.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلتها، بالكيل المسمى من التمر.


المعنى العام

أحل الله البيع لحاجة الناس، رغم ما في كثير منه من الغرر والجهالة، وعدم الوضوح التام، وما عساه يقع فيه البائع من أضرار، وما عساه يقع فيه المشتري من خسائر ومفاسد، ليس من السهل على طرفي هذه المعاملة أن يكتشفا كل شيء في سلعتها، مهما حرصًا على ذلك، من أجل هذا نصحهما الشارع بأن يصدقا - ما أمكنهما - ويبينا - ما أمكنهما - ليبارك لهما في بيعهما، لأنهما إن تعمدا الكذب وإخفاء العيوب محقت بركة بيعهما.

لا شك أن البيع معاملة مشوبة بالأضرار والأخطار، بقدر ما يترتب عليها من فوائد ومنافع، من هنا أحاطها الشارع الحكيم بكثير من الاحتياطات والأسوار ورفع العقبات، وتنقية ما يخالجها من شوائب، وتسليط الأضواء على ما يداخلها من ظلمات، وفتح نوافذ الهواء النقي ليدفع الهواء الفاسد.

فنهي عن أصناف من بيوع كانت متداولة وكثيرة، وشرط شروطًا لبيوع كانت فاسدة، من هذه الشروط: النهي عن بيع السلعة قبل قبضها، بمعنى أن الإنسان إذا اشترى بضاعة ودفع ثمنها، ولم يتسلمها لا يجوز له بيعها حتى يقبضها، لأنه لو باعها قبل قبضها فكأنه باع نقدًا بنقد مع التفاوت بينهما، فإذا اشترى بضاعة بمائة، ولم يتسلمها، وباعها بمائة وخمسين، فكأنه باع المائة التي دفعها بمائة وخمسين قبضها، فكأنه باع ذهبًا بذهب، والبضاعة مرجأة مؤخرة، بعيدة عن البيع والشراء حيث لم يجر عليها قبض وانتقال.

وقبض كل مبيع بحسبه، فقبض الدار التخلية من البائع، وخروجها من حيازته إلى حيازة المشتري، وهو ما يطلق عليه وضع اليد، وكذا قبض الأرض الزراعية وغير الزراعية والمصانع ونحو ذلك مما لا ينتقل.
أما ما ينتقل من مكان إلى مكان كالطعام والسيارة والماشية والثياب والآلات والأثاث فقبضه نقله من مكان يخص البائع إلى مكان لا اختصاص للبائع به، وهذا القبض الذي دعا إليه الشارع يرفع كثيرًا من الخلافات والمنازعات، فلو هلكت السلعة بعد قبضها فهي في ذمة المشتري وضمانه ومسئوليته، أما لو هلكت بعد البيع وقبل القبض وقد بيعت ثانيًا كان ذلك مثارًا للمنازعات وتداخل المسئوليات.

وإذا كان الحديث قد أكد على النهي عن بيع الطعام قبل قبضه فغير الطعام له حكم الطعام، وما ذكر الطعام إلا لأنه غالب ما كان يباع ويشترى في ذلك الزمان.

ومن الاحتياطات التي أمر بها الشارع قبض المكيل كيلاً، والموزون وزنًا، والمعدود عدًا، والمقادير قياسًا، فإنه لا يجوز بيع صنف ربوي بجنسه إلا أن يكون كل منهما معلوم المقدار، وأن تتحقق المساواة بين المتماثلين، فكومة التمر لا يجوز بيعها بما هو معلوم الوزن أو الكيل من التمر، وكذلك المعلوم وزنًا أو كيلاً، لا يجوز بيعه بكومة منه، لأن في ذلك جهالة وغرر ينهى الإسلام عنه حفاظًا على حقوق كل من المتبايعين.
واللَّه أعلم.

المباحث العربية

( من ابتاع طعامًا) أي من اشترى طعامًا، والمراد من الطعام المأكول والمشروب والمتفكه به، أي ما من شأنه ذلك وإن لم يطعم، وما يؤول إلى ذلك.
وفي الرواية السادسة والحادية عشرة من اشترى طعامًا.

( فلا يبعه حتى يستوفيه) قيل: معناه حتى يستوفي كيله ووزنه ومقداره، وقيل: حتى يقبضه المشتري، ويدخل في حوزته، وإن كان في مكانه، وقيل: حتى ينقله من مكانه، وفي ذلك خلاف يأتي في فقه الحديث.

وفي الرواية الثانية والثامنة حتى يقبضه وفي الرواية السابعة جمع بين اللفظين حتى يستوفيه ويقبضه وفي الرواية الثالثة والحادية عشرة حتى يكتاله وفي الرواية الخامسة يأمرنا بانتقاله من المكان الذي ابتعناه فيه إلى مكان سواه وفي الرواية السادسة حتى ننقله من مكانه وفي الرواية التاسعة حتى يحولوه وفي الرواية العاشرة حتى يؤووه إلى رحالهم.

( وأحسب كل شيء مثله) من كلام ابن عباس، أي وأظن اجتهادًا أن كل مبيع مثل الطعام في ذلك الحكم.
وفي الرواية الثانية وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام وفي رواية للبخاري ولا أحسب كل شيء إلا مثله.

( قال: فقلت لابن عباس: لم) ؟ وعند البخاري: قال طاووس لابن عباس: كيف ذاك؟

( ألا تراهم يتبايعون بالذهب، والطعام مرجأ) أي مؤخر، ومرجأ بالهمز، وبدونه، ووقع عند بعضهم مرجى بضم الميم وفتح الراء وتشديد الجيم المفتوحة، مبالغة في التأخير.

والمعنى أن ابن عباس استنبط من بيع المشتري الطعام قبل قبضه أنه من قبيل بيع الدراهم بدارهم، ما دام الطعام مرجأ ومؤخرًا استلامه، فسأله طاووس عن كيفية هذا الاستنباط، فأجابه ابن عباس بما معناه: أنه إذا باعه المشتري قبل القبض، وتأخر المبيع في يد البائع فكأنه باعه دراهم بدراهم، فإذا اشترى طعامًا بمائة دينار مثلاً، ودفعها للبائع، ولم يقبض منه الطعام، ثم باع هذا الطعام لآخر بمائة وعشرين دينارًا، وقبضها، والطعام في يد البائع الأول، فكأنه باع مائة دينار دفعها للبائع بمائة وعشرين دينارًا قبضها من المشتري، فكأن التبايع وقع بين ذهب وذهب، مادام الطعام مرجأ.

( فيبعث علينا من يأمرنا بانتقاله) أي فيبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

( كنا نشتري الطعام من الركبان جزافًا) بكسر الجيم، وضمها، وفتحها، ثلاث لغات، والكسر أفصح وأشهر، وهو البيع بلا كيل، ولا وزن، ولا عد، بل تقديرها بطريق الخبرة والظن والتخمين.
والركبان بضم الراء: الجماعة من أصحاب الإبل في السفر، جمع راكب.

وفي الرواية الرابعة عشرة نهي عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلتها بالكيل المسمى من التمر والصبرة بضم الصاد الكومة من الطعام، ويقال: اشترى الطعام صبرة، أي جزافًا.
والمعنى لا يعلم مقدار كيلها بالكيل المعروف بالنسبة لنوعها.
فلكل نوع كيل مسمى معروف.

( كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتروا طعامًا جزافًا أن يبيعوه في مكانه، حتى يحولوه) أن يبيعوه في مكانه علة الضرب، أي يضربون لبيعهم له في مكانه.
وفي الرواية العاشرة يضربون في أن يبيعوه فلفظ في سببية، أي بسبب بيعهم.

( أحللت بيع الربا؟) همزة الاستفهام محذوفة، والأصل: أأحللت بيع الربا؟ والاستفهام إنكاري توبيخي، أي ما كان ينبغي أن تحل بيع الربا.

( أحللت بيع الصكاك) الصكاك جمع صك، وهو الورقة المكتوبة بدين، ويجمع أيضًا على صكوك، والمراد هنا الورقة التي تخرج من ولي الأمر بالرزق لمستحقه، بأن يكتب فيها: لزيد مثلاً، أو لحامله كذا وكذا من طعام وغيره، فيبيع صاحب الصك هذا الصك لإنسان قبل أن يقبض ما فيها.

( فنظرت إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس) الحرس بفتحات الحراس، وفي القرآن الكريم { { وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا } } [الجن: 8] والمراد بهم هنا الجند الذين يرتبون لحفظ الحاكم وحراسته، وتنفيذ أوامره على الرعية.
أي فكانوا يأخذون الصكوك المباعة من أيدي الناس الذين يتبايعونها.

( نهي عن بيع الصبرة من التمر، لا يعلم مكيلتها، بالكيل المسمى من التمر) قوله بالكيل المسمى هو مقابل البيع، أي الثمن، أي نهي عن بيع الصبرة من التمر بتمر مكيل معلوم.

فقه الحديث

قال النووي: في هذه الأحاديث النهي عن بيع المبيع حتى يقبضه البائع، واختلف العلماء في ذلك، قال الشافعي: لا يصح بيع المبيع قبل قبضه، سواء كان طعامًا، أو عقارًا، أو منقولاً، أو نقدًا، أو غيره.
وقال عثمان البتي: يجوز في كل مبيع، وقال أبو حنيفة: لا يجوز في أي شيء إلا العقار [وما لا ينقل] وقال مالك: لا يجوز في الطعام، ويجوز فيما سواه، ووافقه كثيرون، وقال آخرون لا يجوز في المكيل والموزون، ويجوز فيما سواهما.

قال: أما مذهب عثمان البتي فحكاه المازري والقاضي، ولم يحكه الأكثرون، بل نقلوا الإجماع على بطلان بيع الطعام المبيع قبل قبضه.
قالوا: وإنما الخلاف فيما سواه.
فمذهب عثمان البتي شاذ متروك.
اهـ.

قال ابن قدامة في المغني: ومن اشترى ما يحتاج إلى القبض لم يجز بيعه حتى يقبضه، ولا أرى بين أهل العلم فيه خلافًا إلا ما حكي عن عثمان البتي، وأما غير ذلك فيجوز بيعه قبل قبضه في أظهر الروايتين [أي عن أحمد] ونحوه قول مالك بن المنذر.
اهـ.

وقال عطاء بن أبي رباح والثوري وابن عيينة وأبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والشافعي في الجديد ومالك في رواية وأحمد في رواية وأبو ثور وداود: النهي الذي ورد في البيع قبل القبض قد وقع على الطعام وغيره، وهو مذهب ابن عباس أيضًا، ولكن أبا حنيفة قال: لا بأس ببيع الدور والأرضين قبل القبض، لأنها لا تنقل ولا تحول.

لكن الشافعي وموافقوه يقولون: إن قبض كل شيء بحسبه.
فما يتناول باليد، كالدراهم والدنانير والثوب، فقبضه بالتناول والحيازة والنقل من يد البائع واختصاصه، وما لا ينقل كالعقار، والأرض، والثمر على الشجر، فقبضه بالتخلية، وما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيوان فقبضه بالنقل إلى مكان، لا اختصاص للبائع به، وفيه قول أنه يكفي فيه التخلية.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- من الرواية الثالثة والحادية عشرة من قوله فلا يبعه حتى يكتاله فرق مالك في المشهور عنه بين الجزاف والمكيل، فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه، وبه قال الأوزاعي وإسحق، فالاستيفاء عندهم إنما يكون في مكيل أو موزون، ويساعدهم ما رواه أحمد عن ابن عمر مرفوعًا من اشترى طعامًا بكيل أو وزن فلا يبعه حتى يقبضه ورواه أبو داود والنسائي بلفظ نهي أن يبيع أحد طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه.

لكن الروايات الأولى والثانية والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والثانية عشرة والثالثة عشرة تعمم الطعام، ولا تفرق بين المكيل والجزاف، بل الرواية التاسعة والعاشرة تنص على النهي عن بيع الجزاف حتى يقبضه.
وبهذا قال الجمهور.

2- استدل بعضهم بقوله حتى يحولوه في الرواية التاسعة، وقوله حتى يؤووه إلى رحالهم في الرواية العاشرة بأن المبيع من الطعام جزافًا قبضه النقل والتحويل إلى الرحال، والجمهور أن هذا القيد خرج مخرج الغالب.

3- استدل بعضهم بقوله في الرواية الثالثة والحادية عشرة حتى يكتاله بأن شرط القبض في المكيل الكيل، وفي الموزون الوزن، فمن اشترى شيئًا مكايلة أو موازنة فقبضه جزافًا فقبضه فاسد، ومن اشترى مكايلة وقبضه، ثم باعه لغيره لم يجز تسليمه بالكيل الأول، حتى يكيله على من اشتراه ثانيًا، أما بيع الصبرة جزافًا فالرواية التاسعة والعاشرة تبيحه مطلقًا، على أن لا يباع ثانية حتى ينقل، وبه قال الجمهور، أي سواء علم البائع قدرها أم لم يعلم وسواء علم المشتري قدرها أم لم يعلم، وعن مالك التفرقة، فلو علم البائع دون المشتري لم يصح.
قال ابن قدامة: يجوز بيع الصبرة جزافًا، لا نعلم فيه خلافًا إذا جهل البائع والمشتري قدرها.
اهـ.

4- استدل بالرواية الرابعة عشرة على تحريم بيع التمر المجهولة القدر بتمر معلوم القدر، قال النووي: هذا تصريح بتحريم التمر بالتمر حتى تعلم المماثلة.
قال العلماء: لأن الجهل بالمماثلة في هذا الباب كحقيقة المفاضلة، لقوله صلى الله عليه وسلم إلا سواء بسواء ولم يحصل تحقق المساواة مع الجهل، وحكم الحنطة بالحنطة، والشعير بالشعير، وسائر الربويات، إذا بيع بعضها ببعض حكم التمر بالتمر.
والله أعلم.

5- واستدل بالرواية الثانية عشرة على منع بيع الصكوك.
قال النووي: وقد اختلف العلماء في ذلك، والأصح عند أصحابنا وغيرهم جواز بيعها، والثاني منعها، فمن أخذ بظاهر قول أبي هريرة وبحجته منعها، ومن أجازها تأول قضية أبي هريرة على أن المشتري ممن خرج له الصك باعه لثالث قبل أن يقبضه المشتري، فكان النهي عن البيع الثاني، لا عن الأول، لأن الذي خرجت له مالك لذلك ملكًا مستقرًا، وليس هو بمشتر، فلا يمنع بيعه قبل القبض، كما لا يمتنع بيعه ما ورثه قبل قبضه.
قال القاضي عياض - بعد أن تأوله على هذا النحو - وكانوا يتبايعونها، ثم يبيعها المشترون قبل قبضها، فنهوا عن ذلك، قال: فبلغ ذلك عمر بن الخطاب، فرده عليه، وقال: لا تبع طعامًا ابتعته حتى تستوفيه.
اهـ.

قال النووي: وكذا جاء الحديث مفسرًا في الموطأ أن صكوكًا خرجت للناس في زمن مروان بطعام، فتبايع الناس تلك الصكوك قبل أن يستوفوها.

وفي الموطأ ما هو أبين من هذا، وهو أن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر بن الخطاب رضي الله عنه فباع حكيم الطعام الذي اشتراه قبل قبضه... واللَّه أعلم.

6- ومن الرواية التاسعة والعاشرة، من قوله كانوا يضربون أن ولي الأمر يعزر من تعاطى بيعًا فاسدًا، ويعزره بالضرب وغيره مما يراه من العقوبات في البدن، على ما تقرر في كتب الفقه.

7- وفيه إقامة الإمام على الناس من يراعي أحوالهم في ذلك.

8- استنبط البخاري من النهي عن البيع قبل القبض منع بيع ما ليس عندك بالطريق الأولى، وحديث النهي عن بيع ما ليس عندك أخرجه أصحاب السنن، من حديث حكيم بن حزام، قال: قلت: يا رسول الله، يأتيني الرجل، فيسألني البيع ليس عندي، أبيعه منه، ثم أبتاعه له من السوق؟ فقال، لا تبع ما ليس عندك قال ابن المنذر: وبيع ما ليس عندك يحتمل معنيين.
أحدهما: أن يقول: أبيعك دارًا معينة - وهي غائبة - فيشبه بيع الغرر، لاحتمال أن تتلف، أو لا يرضاها، ثانيها أن يقول: هذه الدار بكذا، على أن أشتريها لك من صاحبها، أو على أن يسلمها لك صاحبها.
قال: وقصة حكيم موافقة للاحتمال الثاني.

9- وقد فرع العلماء على منع البيع قبل القبض: ضمان المبيع لو هلك في يد البائع بعد العقد، وقبل القبض.
فمن باع دابة واحتبسها عنده حتى يأتي المشتري بالثمن، فهلكت في يديه قبل أن يأتي المشتري بالثمن.
قال سعيد بن المسيب وربيعة: الضمان على البائع.
وقال سليمان بن يسار: هو على المشتري، ورجع إليه مالك بعد أن كان أخذ بالأول، وتابعه أحمد وإسحق وأبو ثور، وقال بالأول الحنفية والشافعية، والأصل في ذلك اشتراط القبض في صحة البيع، فمن اشترطه في كل شيء جعله من ضمان البائع، ومن لم يشترطه جعله من ضمان المشتري، وقد سئل الإمام أحمد عمن اشترى طعامًا، فطلب من يحمله، فرجع فوجده قد احترق، فقال: هو من ضمان المشتري.

واللَّه أعلم