بَابُ تَزْوِيجِ الْأَبِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ , هَلْ يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ إِلَى اسْتِئْمَارِهَا ؟
4883 مَا حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ قَالَ : حدثنا أَبُو دَاوُدَ قَالَ : حدثنا هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : لَا تُنْكَحُ الثَّيِّبُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ , وَلَا الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ . قَالُوا : وَكَيْفَ إِذْنُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّمْتُ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، عَنْ وَكِيعٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : حدثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، ح . وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، وَرَبِيعٌ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَا : حدثنا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ ، قَالَ : حدثنا الْأَوْزَاعِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَقَدْ جَمَعَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ , وَلَمْ يَجْعَلْ لِلْأَبِ فِي ذَلِكَ حُكْمًا زَائِدًا عَنْ حُكْمِ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ . فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ , كَمَا ذَكَرْنَا , لِيُوَافِقَ مَعْنَاهُ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ , وَلَا يُضَادُّهُ . وَلَئِنْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ يُؤْخَذُ مِنْ طَرِيقِ فَضْلِ بَعْضِ الرُّوَاةِ عَلَى بَعْضٍ فِي الْحِفْظِ , وَالْإِتْقَانِ , وَالْجَلَالَةِ , فَإِنَّ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ أَجَلُّ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو وَأَتْقَنُ , وَأَصَحُّ رِوَايَةً , لَقَدْ فَضَّلَهُ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ عَلَى أَهْلِ زَمَانِ ذِكْرِهِ فِيهِ |
4884 حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، قَالَ : حدثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْمِنْقَرِيُّ ، قَالَ : حدثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَيُّوبَ ، يَقُولُ : مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَيْسَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فِي هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ , وَلَا فِي قَرِيبٍ مِنْهَا , بَلْ قَدْ تَكَلَّمَ فِيهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللَّهُ . فَرَوَى عَنْهُ |
4885 مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ قَالَ : حدثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ : حدثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الْبَكْرَاوِيُّ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فَذُكِرَ عِنْدَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو . فَقَالَ : حَمَلَهُ ، يَعْنِي الْحَدِيثَ ، فَتَحَمَّلَ وَأَمَّا عَدِيٌّ الْكِنْدِيُّ فَرَوَى عَنْهُ فِي ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ |
4886 مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : أخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي حُسَيْنٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَدِيٍّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا , وَالْبِكْرُ رِضَاهَا صَمْتُهَا حَدَّثَنَا بَحْرٌ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنِ اللَّيْثِ ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ ، قَالَ : حدثنا عَمْرُو بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ طَارِقٍ ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْفَرَسِ وَهُوَ ابْنُ عَمِيرَةَ وَقَدْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ فَهَذَا كَنَحْوِ مَا رَوَى يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا تَصْحِيحُ الْآثَارِ فِي هَذَا الْبَابِ , قَدْ دَلَّ أَنَّ أَبَا الْبِكْرِ , لَا يُزَوِّجُهَا بَعْدَ بُلُوغِهَا , إِلَّا كَمَا يُزَوِّجُهَا سَائِرُ أَوْلِيَائِهَا بَعْدَهُ . وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ ذِكْرِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مَا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا فَبِذَلِكَ كُلِّهِ نَأْخُذُ . نَرَى أَنْ لَا يُزَوِّجَ أَبُ الْبِكْرِ ابْنَتَهُ الْبِكْرَ الْبَالِغَةَ إِلَّا بَعْدَ اسْتِئْمَارِهِ إِيَّاهَا فِي ذَلِكَ وَعِنْدَ صُمَاتِهَا عِنْدَ ذَلِكَ الِاسْتِئْمَارِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ . وَقَدِ احْتَجَّ قَوْمٌ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِيَ فِي بِنْتِ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ |
4887 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ نُعَيْمٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ النَّحَّامِ ، أَخْبَرَهُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْطُبْ عَلَيَّ ابْنَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّحَّامِ فَقَالَ لَهُ : إِنَّ لَهُ ابْنَ أَخٍ وَلَمْ يَكُنْ لِيَنْكِحَكَ وَيَتْرُكَهُمْ . فَذَهَبَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا إِلَى زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَلَّمَهُ , فَخَطَبَ عَلَيْهِ . فَقَالَ ابْنُ النَّحَّامِ مَا كُنْتُ لِأُتَرِّبَ لَحْمِي وَدَمِي , وَأَرْفَعَ لَحْمَكُمْ فَأَنْكَحَهَا ابْنَ أَخِيهِ وَكَانَ هَوَى الْجَارِيَةِ وَأُمِّهَا فِي ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَذَهَبَتِ الْمَرْأَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّ أَبَاهَا أَنْكَحَهَا وَلَمْ يُؤَامِرْهَا , فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهَا . وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَشِيرُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي أَنْفُسِهِنَّ فَكَانَتِ الْجَارِيَةُ بِكْرًا . فَقَالَ ابْنُ النَّحَّامِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّمَا يَكْرَهُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ , فَإِنَّ لَهُ فِي مَالِي مِثْلَ مَا أَعْطَاهُمُ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالُوا : فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ عَلَيْهَا نِكَاحَ أَبِيهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ لَهُ , إِذْ كَانَتْ بِكْرًا , وَلَمْ يَجْعَلْ لَهَا مَعَ أَبِيهَا رَأْيًا فِي عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهِ قِيلَ لَهُ : لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحًا ثَابِتًا عَلَى مَا رَوَيْنَا , وَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَقَدْ رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فَخَالَفَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ لَهِيعَةَ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ |
4888 حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذِّنُ ، قَالَ : حدثنا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَاسْمُهُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ نُعَيْمُ بْنُ النَّحَّامِ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمَّاهُ صَالِحًا أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْطُبْ عَلَيَّ ابْنَةَ صَالِحٍ ؟ فَقَالَ لَهُ إِنَّ لَهُ يَتَامَى وَلَمْ يَكُنْ لِيُؤْثِرَنَا عَلَيْهِمْ . فَانْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى عَمِّهِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ لِيَخْطُبَ عَلَيْهِ , فَانْطَلَقَ زَيْدُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى صَالِحٍ فَقَالَ : إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ يَخْطُبُ ابْنَتَكَ . فَقَالَ : لِي يَتَامَى وَلَمْ أَكُنْ لِأُتَرِّبَ لَحْمِي , وَأَرْفَعَ لَحْمَكُمْ إِنِّي أُشْهِدُكَ أَنِّي قَدْ أَنْكَحْتُهَا فُلَانًا , وَكَانَ هَوَى أُمِّهَا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللَّهِ خَطَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ابْنَتِي , فَأَنْكَحَهَا أَبُوهَا يَتِيمًا فِي حِجْرِهِ , وَلَمْ يُؤَامِرْهَا . فَأَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى صَالِحٍ فَقَالَ : أَنْكَحْتَ ابْنَتَكَ وَلَمْ تُؤَامِرْهَا ، فَقَالَ : نَعَمْ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَشِيرُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي أَنْفُسِهِنَّ وَهِيَ بِكْرٌ فَقَالَ صَالِحٌ : إِنَّمَا فَعَلْتُ هَذَا لَمَّا أَصْدَقَهَا ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , فَإِنَّ لَهَا فِي مَالِي مِثْلَ مَا أَعْطَاهَا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلَافُ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنَ الْإِسْنَادِ وَمِنِ الْمَتْنِ جَمِيعًا , لِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ إِنَّمَا هُوَ مَوْقُوفٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ صَالِحٍ وَالْأَوَّلُ قَدْ جَوَّزَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحٍ إِلَى أَبِيهِ وَإِلَى ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : فَقَدْ كَانَ يَنْبَغِي عَلَى مَذْهَبِ هَذَا الْمُخَالِفِ لَنَا أَنْ يَجْعَلَ مَا رَوَى اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ فِي هَذَا أَوْلَى مِمَّا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ , لِثَبْتِ اللَّيْثِ وَضَبْطِهِ , وَقِلَّةِ تَخْلِيطِ حَدِيثِهِ , وَلِمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ مِنْ ضِدِّ ذَلِكَ . وَأَمَّا مَا فِي مَتْنِ هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يُخَالِفُ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ , فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِنُعَيْمٍ لَمَّا بَلَغَهُ مَا عَقَدَ عَلَى ابْنَتِهِ مِنَ النِّكَاحِ بِغَيْرِ رِضَاهَا أَشِيرُوا عَلَى النِّسَاءِ فِي أَنْفُسِهِنَّ فَكَانَ بِذَلِكَ رَدًّا عَلَى نُعَيْمٍ لِأَنَّ نُعَيْمًا لَمْ يُشَاوِرِ ابْنَتَهُ فِي نَفْسِهَا . فَهَذَا اخْتِلَافُ مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَخَ النِّكَاحَ . قِيلَ لَهُ : ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ ابْنَةَ نُعَيْمٍ لَمْ تَحْضُرْ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَسْأَلُهُ ذَلِكَ . وَإِنَّمَا كَانَتْ حَضَرَتْهُ أُمُّهَا , لَا عَنْ تَوْكِيلٍ مِنْهَا إِيَّاهَا بِذَلِكَ حَتَّى كَانَتْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجِبُ لَهَا بِهِ الْكَلَامُ عَنْهَا . فَكَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ , مِنَ الْكَلَامِ لِنُعَيْمٍ عَلَى جِهَةِ التَّعْلِيمِ . وَلَمْ يَفْسَخِ النِّكَاحَ , إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْقَضَاءِ وَإِنْ كَانَ الْقَضَاءُ لَا يَجِبُ إِلَّا لِحَاضِرٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ جَمِيعًا |
4889 وَلَقَدْ رَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا , أَنَّ رَجُلًا زَوَّجَ ابْنَتَهُ وَهِيَ بِكْرٌ , وَهِيَ كَارِهَةٌ , فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِكَاحَهُ عَنْهَا فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ حَدِيثُ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ عَلَى مَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ إِذْ كَانَ قَدْ رَدَّهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَهَذَا وَاقِعٌ , فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا خِلَافُ ذَلِكَ . ثُمَّ قَدْ وَجَدْنَا حَدِيثًا قَدْ رُوِيَ فِي أَمْرِ ابْنَةِ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ , مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ أَيِّمًا |
4890 حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، قَالَ : حدثنا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ ، قَالَ : حدثنا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : إِنِّي قَدْ خَطَبْتُ ابْنَةَ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ وَأُرِيدُ أَنْ تَمْشِيَ مَعِي فَتُكَلِّمَهُ لِي . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنِّي أَعْلَمُ بِنُعَيْمٍ مِنْكَ , إِنَّ عِنْدَهُ ابْنَ أَخٍ لَهُ يَتِيمًا وَلَمْ يَكُنْ لِيَقْضِ لُحُومَ النَّاسِ وَيُتَرِّبَ لَحْمَهُ فَقَالَ : إِنَّ أُمَّهَا قَدْ خَطَبَتْ إِلَيَّ , فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إِنْ كُنْتَ فَاعِلًا . فَاذْهَبْ مَعَكَ بِعَمِّكَ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ . قَالَ : فَذَهَبَا إِلَيْهِ فَكَلَّمَاهُ , قَالَ : فَكَأَنَّمَا يَسْمَعُ مَقَالَةَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ : مَرْحَبًا بِكَ وَأَهْلًا وَذَكَرَ مِنْ مَنْزِلَتِهِ وَشَرَفِهِ . ثُمَّ قَالَ إِنَّ عِنْدِي ابْنَ أَخٍ لِي يَتِيمٌ , وَلَمْ أَكُنْ لِأَنْقُضَ لُحُومَ النَّاسِ وَأُتَرِّبَ لَحْمِي . فَقَالَتْ أُمُّهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ : وَاللَّهِ لَا يَكُونُ هَذَا حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَحْبِسُ أَيِّمًا مِنْ بَنِي عَدِيٍّ , عَلَى ابْنِ أَخِيكَ سَفِيهٍ ؟ قَالَتْ أَوْ ضَعِيفٍ . قَالَ : ثُمَّ خَرَجَتْ حَتَّى أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ . فَدَعَا نُعَيْمًا فَقَصَّ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنُعَيْمٍ : صِلْ رَحِمَكَ , وَأَرْضِ أَيِّمَكَ وَأُمَّهَا , فَإِنَّ لَهُمَا مِنْ أَمْرِهَا نَصِيبًا فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ بِنْتَ نُعَيْمِ بْنِ النَّحَّامِ كَانَتْ أَيِّمًا , فَذَلِكَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجَازَ نِكَاحَ أَبِيهَا عَلَيْهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ , وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ |