هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1352 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ ، سَمِعَ هُشَيْمًا ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا ؟ قَالَ : كُنْتُ بِالشَّأْمِ ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي : { الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } قَالَ مُعَاوِيَةُ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ ، فَقُلْتُ : نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي ، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ : أَنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا ، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي : إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ ، فَكُنْتَ قَرِيبًا ، فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1352 حدثنا علي بن أبي هاشم ، سمع هشيما ، أخبرنا حصين ، عن زيد بن وهب ، قال : مررت بالربذة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه ، فقلت له : ما أنزلك منزلك هذا ؟ قال : كنت بالشأم ، فاختلفت أنا ومعاوية في : { الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله } قال معاوية : نزلت في أهل الكتاب ، فقلت : نزلت فينا وفيهم ، فكان بيني وبينه في ذاك ، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني ، فكتب إلي عثمان : أن اقدم المدينة فقدمتها ، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك ، فذكرت ذاك لعثمان فقال لي : إن شئت تنحيت ، فكنت قريبا ، فذاك الذي أنزلني هذا المنزل ، ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، قَالَ : مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فَإِذَا أَنَا بِأَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : مَا أَنْزَلَكَ مَنْزِلكَ هَذَا ؟ قَالَ : كُنْتُ بِالشَّأْمِ ، فَاخْتَلَفْتُ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ فِي : الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ : نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الكِتَابِ ، فَقُلْتُ : نَزَلَتْ فِينَا وَفِيهِمْ ، فَكَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ فِي ذَاكَ ، وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَشْكُونِي ، فَكَتَبَ إِلَيَّ عُثْمَانُ : أَنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا ، فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذَلِكَ ، فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي : إِنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ ، فَكُنْتَ قَرِيبًا ، فَذَاكَ الَّذِي أَنْزَلَنِي هَذَا المَنْزِلَ ، وَلَوْ أَمَّرُوا عَلَيَّ حَبَشِيًّا لَسَمِعْتُ وَأَطَعْتُ.

Narrated Zaid bin Wahab:

I passed by a place called Ar-Rabadha and by chance I met Abu Dhar and asked him, What has brought you to this place? He said, I was in Sham and differed with Muawiya on the meaning of (the following verses of the Qur'an): 'They who hoard up gold and silver and spend them not in the way of Allah.' (9.34). Muawiya said, 'This verse is revealed regarding the people of the scriptures. I said, It was revealed regarding us and also the people of the scriptures. So we had a quarrel and Mu'awiya sent a complaint against me to `Uthman. `Uthman wrote to me to come to Medina, and I came to Medina. Many people came to me as if they had not seen me before. So I told this to `Uthman who said to me, You may depart and live nearby if you wish. That was the reason for my being here for even if an Ethiopian had been nominated as my ruler, I would have obeyed him .

Zayd ibn Wahb dit: De passage à arRabdha, j'y trouvai Abu Dhar (). Je lui dis: Quelle est la chose qui t'a fait venir ici? — J'étais à Damas, réponditil, et mon avis et celui de Mu'âwiya ont divergé sur: Mu'âwiya a dit que ce verset fut révélé au sujet des Gens du Livre, et moi d'opposer: A notre sujet et au leur! Nous nous sommes disputés et il a envoyé [une missive] à 'Uthmân pour se plaindre de moi.

":"ہم سے علی بن ابی ہاشم نے بیان کیا ‘ انہوں نے ہشیم سے سنا ‘ کہا کہ ہمیں حصین نے خبر دی ‘ انہیں زید بن وہب نے کہا کہمیں مقام ربذہ سے گزر رہا تھا کہ ابوذر رضی اللہ عنہ دکھائی دیئے ۔ میں نے پوچھا کہ آپ یہاں کیوں آ گئے ہیں ؟ انہوں نے جواب دیا کہ میں شام میں تھا تو معاویہ رضی اللہ عنہ سے میرا اختلاف ( قرآن کی آیت ) ” جو لوگ سونا اور چاندی جمع کرتے ہیں اور انہیں اللہ کی راہ میں خرچ نہیں کرتے “ کے متعلق ہو گیا ۔ معاویہ رضی اللہ عنہ کا کہنا یہ تھا کہ یہ آیت اہل کتاب کے بارے میں نازل ہوئی ہے اور میں یہ کہتا تھا کہ اہل کتاب کے ساتھ ہمارے متعلق بھی یہ نازل ہوئی ہے ۔ اس اختلاف کے نتیجہ میں میرے اور ان کے درمیان کچھ تلخی پیدا ہو گئی ۔ چنانچہ انہوں نے عثمان رضی اللہ عنہ ( جو ان دنوں خلیفۃ المسلمین تھے ) کے یہاں میری شکایت لکھی ۔ عثمان رضی اللہ عنہ نے مجھے لکھا کہ میں مدینہ چلا آؤں ۔ چنانچہ میں چلا آیا ۔ ( وہاں جب پہنچا ) تو لوگوں کا میرے یہاں اس طرح ہجوم ہونے لگا جیسے انہوں نے مجھے پہلے دیکھا ہی نہ ہو ۔ پھر جب میں نے لوگوں کے اس طرح اپنی طرف آنے کے متعلق عثمان رضی اللہ عنہ سے کہا تو انہوں نے فرمایا کہ اگر مناسب سمجھو تو یہاں کا قیام چھوڑ کر مدینہ سے قریب ہی کہیں اور جگہ الگ قیام اختیار کر لو ۔ یہی بات ہے جو مجھے یہاں ( ربذہ ) تک لے آئی ہے ۔ اگر وہ میرے اوپر ایک حبشی کو بھی امیر مقرر کر دیں تو میں اس کی بھی سنوں گا اور اطاعت کروں گا ۔

Zayd ibn Wahb dit: De passage à arRabdha, j'y trouvai Abu Dhar (). Je lui dis: Quelle est la chose qui t'a fait venir ici? — J'étais à Damas, réponditil, et mon avis et celui de Mu'âwiya ont divergé sur: Mu'âwiya a dit que ce verset fut révélé au sujet des Gens du Livre, et moi d'opposer: A notre sujet et au leur! Nous nous sommes disputés et il a envoyé [une missive] à 'Uthmân pour se plaindre de moi.

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ قــ :1352 ... غــ :1406 ]
- حدَّثنا عَلِيٌّ سَمِعَ هُشَيْما قَالَ أخبرنَا حُصيْنٌ عنْ زَيْدِ بنِ وَهْبٍ قَالَ مَرَرْتُ بِالرَّبَذَةِ فإذَا أَنا بِأبِي ذَرٍّ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ فَقُلْتُ لَهُ مَا أنْزَلَكَ مَنْزِلَكَ هاذا قَالَ كُنْتُ بِالشَّأمِ فاخْتَلَفْتُ أَنا وَمُعَاوِيَةُ فِي وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ الله.
قَالَ مُعَاوِيَةُ نَزَلَتْ فِي أهْلِ الكِتَابِ فَقُلْتُ نَزَلَتْ فِينَا وفِيهِمْ فَكانَ بَيْنِي وبَيْنَهُ فِي ذَاكَ وكَتَبَ إلَى عُثْمَانَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ يَشْكُونِي فَكَتَبَ إلَيَّ عُثْمَانُ أنِ اقْدَمِ المَدِينَةَ فَقَدِمْتُهَا فَكَثُرَ عَلَيَّ النَّاسُ حَتَّى كأنَّهُمْ لَمْ يَرَوْنِي قَبْلَ ذالِك فَذَكَرْتُ ذَاكَ لِعُثْمَانَ فَقَالَ لِي إنْ شِئْتَ تَنَحَّيْتَ فَكُنْتُ قَرِيبا فذَاكَ الَّذِي أنْزَلَنِي هاذَا المَنْزِلِ وَلَوْ أمَّرُوا عَلِيَّ حَبَشِيَّا لَسَمِعْتُ وأطَعْتُ.

(الحَدِيث 6041 طرفه فِي: 0664) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ إِنَّهَا فِيمَا أدّى زَكَاته فَلَيْسَ بكنز، وَمَفْهُوم الْآيَة كَذَلِك إِذا أدّى زَكَاة الذَّهَب وَالْفِضَّة لَا يكون مَا ملكه كنزا، فَلَا يسْتَحق الْوَعيد الَّذِي يسْتَحقّهُ من يكنزه وَلَا يُؤَدِّي زَكَاته.

ذكر رِجَاله: وهم خَمْسَة: الأول: عَليّ، بِغَيْر نِسْبَة، اخْتلف فِيهِ، فَقيل: هُوَ عَليّ بن أبي هَاشم عبيد الله بن الطبراخ، بِكَسْر الطَّاء الْمُهْملَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَفِي آخِره خاء مُعْجمَة.
قَالَ الجياني: نسبه أَبُو ذَر عَن الْمُسْتَمْلِي، فَقَالَ: عَليّ بن أبي هَاشم، وَقيل: هُوَ أَبُو الْحسن عَليّ بن مُسلم بن سعيد الطوسي نزيل بَغْدَاد،.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَقع فِي أَطْرَاف الْمزي عَن عَليّ بن عبد الله الْمَدِينِيّ، وَهُوَ خطأ.
قلت: هَذِه مجازفة فِي تخطئة مثل هَذَا الْحَافِظ، وَقد قَالَ الكلاباذي وَابْن طَاهِر: هُوَ ابْن الْمَدِينِيّ، ذكره الطرقي.
الثَّانِي: هشيم، بِالتَّصْغِيرِ: ابْن بشير، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة وَفتح الشين الْمُعْجَمَة: ابْن الْقَاسِم بن دِينَار.
الثَّالِث: حُصَيْن، بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد المهملتيين: عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، يكنى أَبَا الْهُذيْل، مر فِي أَوَاخِر كتاب مَوَاقِيت الصَّلَاة.
الرَّابِع: زيد بن وهب أَبُو سُلَيْمَان الْهَمدَانِي الْجُهَنِيّ.
الْخَامِس: أَبُو ذَر جُنْدُب بن جُنَادَة.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: السماع.
وَفِيه: الْإِخْبَار بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: القَوْل سؤالاً وجوابا.
وَفِيه: أَن شَيْخه غير مَذْكُور بنسبته، فإمَّا بغدادي إِن كَانَ هُوَ: عَليّ بن أبي هَاشم، وَإِمَّا طوسي، إِن كَانَ عَليّ بن مُسلم، وَإِمَّا مدنِي إِن كَانَ عَليّ بن الْمَدِينِيّ.
وَفِيه: سمع هشيما وَهُوَ بِالْألف، وَفِي بعض النّسخ: هشيم، بِدُونِ الْألف، وَهُوَ اللُّغَة الربيعية حَيْثُ يقفون على الْمَنْصُوب الْمنون بِالسُّكُونِ فَلَا يحْتَاج الْكَاتِب بلغتهم إِلَى الْألف، وهشيم واسطي وَأَصله من بَلخ، وحصين كُوفِي وَزيد بن وهب من التَّابِعين الْكِبَار المخضرمين من قضاعة، وَهُوَ أَيْضا كُوفِي.
وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصَّحَابِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي التَّفْسِير عَن قُتَيْبَة عَن جرير، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عَن مُحَمَّد بن زنبور عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: (بالربذة) ، بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء الْمُوَحدَة والذال الْمُعْجَمَة: مَوضِع على ثَلَاثَة مراحل من الْمَدِينَة، وَكَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، حماها لإبل الصَّدَقَة.
.

     وَقَالَ  السَّمْعَانِيّ: هِيَ قَرْيَة من قرى الْمَدِينَة.
.

     وَقَالَ  الْحَازِمِي: من منَازِل الْحَاج بَين السليلة والعمق.
قَوْله: (فَإِذا أَنا بِأبي ذَر) ، كلمة: إِذا للمفاجأة، وَالْبَاء فِي: أبي ذَر، للمصاحبة.
قَوْله: (كنت بِالشَّام) ، أَي: بِدِمَشْق.
قَوْله: (نزلت فِي أهل الْكتاب) ، وَفِي رِوَايَة جرير: (مَا هَذِه فِينَا) .
قَوْله: (فَكَانَ بيني وَبَينه فِي ذَلِك) ، أَي: كَانَ نزاع بيني وَبَين مُعَاوِيَة فِيمَن نزل قَوْله تَعَالَى: { وَالَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة.
.
}
(التَّوْبَة: 43) .
الْآيَة، فمعاوية نظر إِلَى سِيَاق الْآيَة فَإِنَّهَا نزلت فِي الْأَحْبَار والرهبان الَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة، وَأَبُو ذَر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، نظر إِلَى عُمُوم الْآيَة، وَإِن من لَا يرى أداءها مَعَ أَنه يرى وُجُوبهَا يلْحقهُ هَذَا الْوَعيد الشَّديد.
وَكَانَ مُعَاوِيَة فِي ذَلِك الْوَقْت عَامل عُثْمَان على دمشق، وَقد بيَّن سَبَب سُكْنى أبي ذَر بِدِمَشْق مَا رَوَاهُ أَبُو يعلى من طرق أُخْرَى، عَن زيد بن وهب: حَدثنِي أَبُو ذَر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (إِذا بلغ الْبناء) أَي بِالْمَدِينَةِ: (سلعا فارتحل إِلَى الشَّام، فَلَمَّا بلغ الْبناء سلعا قدمت الشَّام فَكنت بهَا.
.
) فَذكر الحَدِيث نَحوه، وروى أَبُو يعلى أَيْضا بِإِسْنَاد فِيهِ ضعف) عَن ابْن عَبَّاس، قَالَ: اسْتَأْذن أَبُو ذَر على عُثْمَان فَقَالَ: إِنَّه يؤذينا، فَلَمَّا دخل قَالَ لَهُ عُثْمَان: أَنْت الَّذِي تزْعم أَنَّك خير من أبي بكر؟ قَالَ: لَا وَلَكِن سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يَقُول: إِن أحبكم إِلَيّ وأقربكم مني من بَقِي على الْعَهْد الَّذِي عاهدته عَلَيْهِ، وَأَنا بَاقٍ على عَهده.
قَالَ: فَأمره أَن يلْحق بِالشَّام، فَكَانَ يُحَدِّثهُمْ وَيَقُول: لَا يبيتن عِنْد أحدكُم دِينَار وَلَا دِرْهَم إلاَّ مَا يُنْفِقهُ فِي سَبِيل الله أَو يعده لغريم، فَكتب مُعَاوِيَة إِلَى عُثْمَان: إِن كَانَ لَك بِالشَّام حَاجَة فَابْعَثْ إِلَى أبي ذَر، فَكتب إِلَيْهِ عُثْمَان أَن أقدم عَليّ، فَقدم) .
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: إِنَّمَا كتب مُعَاوِيَة يشكو أَبَا ذَر لِأَنَّهُ كَانَ كثير الِاعْتِرَاض عَلَيْهِ والمنازعة لَهُ، وَكَانَ فِي جَيْشه ميل إِلَى أبي ذَر، فأقدمه عُثْمَان خشيَة الْفِتْنَة لِأَنَّهُ كَانَ رجلا لَا يخَاف فِي الله لومة لائم،.

     وَقَالَ  الْمُهلب: وَكَانَ هَذَا من توقير مُعَاوِيَة لَهُ، إِذْ كتب فِيهِ إِلَى السُّلْطَان الْأَعْظَم، لِأَنَّهُ مَتى أخرجه كَانَت وصمة عَلَيْهِ.
قَوْله: (أَن أقدم) ، بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة، وبلفظ الْمُضَارع، وبلفظ الْأَمر.
قَوْله: (فَكثر عَليّ النَّاس حَتَّى كَأَنَّهُمْ لم يروني) ، وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: (أَنهم كَثُرُوا عَلَيْهِ يسألونه عَن سَبَب خُرُوجه من الشَّام، قَالَ: فخشي عُثْمَان على أهل الْمَدِينَة خشيَة مُعَاوِيَة على أهل الشَّام) .
.

     وَقَالَ  ابْن بطال: وَلما قدم أَبُو ذَر الْمَدِينَة اجْتمع عَلَيْهِ النَّاس يسألونه عَن الْقِصَّة، وَمَا جرى بَينه وَبَين مُعَاوِيَة، فَلَمَّا رأى أَبُو ذَر ذَلِك خَافَ أَن يعاتبه عُثْمَان فِي ذَلِك، فَذكر لَهُ كَثْرَة النَّاس وتعجبهم من حَاله كَأَنَّهُمْ لم يروه قطّ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: إِن كنت تخشى وُقُوع فتْنَة فاسكن مَكَانا قَرِيبا من الْمَدِينَة، فَنزل الربذَة، وَهُوَ معنى قَوْله إِن شِئْت تنحيت، من التنحي، وَهُوَ التباعد.
وَفِي رِوَايَة الطَّبَرِيّ: (فَقَالَ لَهُ: تَنَح قَرِيبا.
قَالَ: وَالله لن أدع مَا كنت أقوله) .
وَفِي رِوَايَة ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق وَرْقَاء عَن حُصَيْن بِلَفْظ: (فوَاللَّه لَا أدع مَا قلت) .
قَوْله: (وَلَو أمروا عَليّ) من التأمير.
قَوْله: (حَبَشِيًّا) ، وَفِي رِوَايَة وَرْقَاء (عبدا حَبَشِيًّا) ، أَرَادَ لَو أَمر الْخَلِيفَة عبدا حَبَشِيًّا لسمعت أمره وأطعت قَوْله، وروى أَحْمد وَأَبُو يعلى من طَرِيق أبي حَرْب بن أبي الْأسود عَن عَمه عَن أبي ذَر: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهُ: (كَيفَ تصنع إِذا أخرجت مِنْهُ؟) أَي: من الْمَسْجِد النَّبَوِيّ؟ (قَالَ: آتِي الشَّام.
قَالَ: كَيفَ تصنع إِذا أخرجت مِنْهَا؟ قَالَ أَعُود إِلَيْهِ) أَي: إِلَى الْمَسْجِد النَّبَوِيّ.
(قَالَ: كَيفَ تصنع إِذا أخرجت مِنْهُ؟ قَالَ أضْرب بسيفي.
قَالَ: أَلا أدلك على مَا هُوَ خير لَك من ذَلِك وَأقرب رشدا؟ تسمع وتطيع وتنساق لَهُم حَيْثُ ساقوك) .

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز الْأَخْذ للْإنْسَان بالشدة فِي الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَإِن أدّى ذَلِك إِلَى فِرَاق وَطنه.
وَفِيه: أَنه يجوز للْإِمَام أَن يخرج من يتَوَقَّع بِبَقَائِهِ فتْنَة بَين النَّاس.
وَفِيه: ترك الْخُرُوج على الْأَئِمَّة والانقياد لَهُم، وَإِن كَانَ الصَّوَاب فِي خلافهم.
وَفِيه: جَوَاز الِاخْتِلَاف وَالِاجْتِهَاد فِي الآراء، أَلا ترى أَن عُثْمَان وَمن كَانَ بِحَضْرَتِهِ من الصَّحَابَة لم يردوا أَبَا ذَر عَن مذْهبه، وَلَا قَالُوا: إِنَّه لَا يجوز لَك اعْتِقَاد قَوْلك، لِأَن أَبَا ذَر نزع بِحَدِيث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَاسْتشْهدَ بِهِ، وَذَلِكَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (مَا أحب أَن لي مثل أحد ذَهَبا أنفقهُ كُله إلاَّ ثَلَاثَة دَنَانِير.
.
) وَذَلِكَ حِين أنكر على أبي هُرَيْرَة نصل سَيْفه اسْتشْهد على ذَلِك بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (من ترك صفراء أَو بَيْضَاء كوي بهَا) .
وَهَذَا حجَّة فِي أَن الِاخْتِلَاف فِي الْعلم باقٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة لَا يرْتَفع إلاَّ بِالْإِجْمَاع، وَفِيه ملاطفة الْأَئِمَّة الْعلمَاء فَإِن مُعَاوِيَة لم يَجْسُر على الْإِنْكَار على أبي ذَر حَتَّى كَاتب من هُوَ أَعلَى مِنْهُ فِي أَمر دينه.
وَفِيه: أَن عُثْمَان لم يخف على أبي ذَر مَعَ كَونه مُخَالفا لَهُ فِي تَأْوِيله.