3914 حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ - أَوْ لَيْلَةٍ - فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، فَقَالَ : مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ، قَالَ : وَأَنَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا ، قُومُوا ، فَقَامُوا مَعَهُ ، فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ ، فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ ، قَالَتْ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيْنَ فُلَانٌ ؟ قَالَتْ : ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ ، إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ ، فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي ، قَالَ : فَانْطَلَقَ ، فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ ، فَقَالَ : كُلُوا مِنْ هَذِهِ ، وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِيَّاكَ ، وَالْحَلُوبَ ، فَذَبَحَ لَهُمْ ، فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا ، فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ ، وَعُمَرَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ، ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ وحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ يَعْنِي المُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ ، يَقُولُ : بَيْنَا أَبُو بَكْرٍ قَاعِدٌ وَعُمَرُ مَعَهُ ، إِذْ أَتَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : مَا أَقْعَدَكُمَا هَاهُنَا ؟ قَالَا : أَخْرَجَنَا الْجُوعُ مِنْ بُيُوتِنَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ |
Abu Huraira reported that Allah's Messenger (ﷺ) went out (of his house) one day or one night, and there he found Abu Bakr and 'Umar also. He said:
What has brought you out of your houses at this hour? They said: Allah's Messenger, it is hunger. Thereupon he said: By Him in Whose Hand is my life, what has brought you out has brought me out too; get up. They got up along with him. and (all of them) came to the house of an Ansari, but he was not at home. When his wife saw him she said: Most welcome, and Allah's Messenger (may peace be Upon him) said to her: Where is so and so? She said: He has gone to get some fresh water for us. When the Ansari came and he saw Allah's Messenger (ﷺ) and his two Companions, he said: Praise be to Allah, no one has more honourable guests today than I (have). He then went out and brought them a bunch of ripe dates, dry dates and fresh dates, and said: Eat some of them. He then took hold of his long knife (for slaughtering a goat or a sheep). Allah's Messenger (ﷺ) said to him: Beware of killing a milch animal. He slaughtered a sheep for them and after they had eaten of it and of the bunch and drank, and when they had taken their fill and had been fully satisfied with the drink, Allah's Messenger (ﷺ) said to Abu Bakr and Umar: By Him in Whose Hand is my life, you will certainly be questioned about this bounty on the Day of judgment. Hunger brought you out of your house, then you did not return until this bounty came to you.
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب جَوَازِ اسْتِتْبَاعِهِ غَيْرَهُ إِلَى دَارِ مَنْ يَثِقُ بِرِضَاهُ بِذَلِكَ وَبِتَحَقُّقِهِ تَحَقُّقًا تَامًّا وَاسْتِحْبَابِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ
[ سـ :3914 ... بـ :2038]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ قَالَا الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْنَ فُلَانٌ قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنْ الْمَاءِ إِذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي قَالَ فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ وَحَدَّثَنِي إِسْحَقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَخْبَرَنَا أَبُو هِشَامٍ يَعْنِي المُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ بَيْنَا أَبُو بَكْرٍ قَاعِدٌ وَعُمَرُ مَعَهُ إِذْ أَتَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا أَقْعَدَكُمَا هَاهُنَا قَالَا أَخْرَجَنَا الْجُوعُ مِنْ بُيُوتِنَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ خَلَفِ بْنِ خَلِيفَةَ
فِيهِ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ الْأَوَّلُ : حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي خُرُوجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ مِنَ الْجُوعِ ، وَذَهَابِهِمْ إِلَى بَيْتِ الْأَنْصَارِيِّ وَإِدْخَالِ امْرَأَتِهِ إِيَّاهُمْ ، وَمَجِيءِ الْأَنْصَارِيِّ وَفَرَحِهِ بِهِمْ ، وَإِكْرَامِهِ لَهُمْ ، وَهَذَا الْأَنْصَارِيُّ هُوَ أَبُو الْهَيْثَمِ بْنُ التَّيْهَانِ ، وَاسْمُ أَبِي الْهَيْثَمِ : مَالِكٌ .
هَذَا الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَنْوَاعٍ مِنَ الْفَوَائِدِ : مِنْهَا قَوْلُهُ : ( خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَقَالَ : مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا ؟ قَالَا : الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ : فَأَنَا - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا قُومُوا ، فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ...إِلَى آخِرِهِ ) هَذَا فِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكِبَارُ أَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِنَ التَّقَلُّلِ مِنَ الدُّنْيَا ، وَمَا ابْتُلُوا بِهِ مِنَ الْجُوعِ وَضِيقِ الْعَيْشِ فِي أَوْقَاتٍ ، وَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّ هَذَا كَانَ قَبْلَ فَتْحِ الْفُتُوحِ وَالْقُرَى عَلَيْهِمْ ، وَهَذَا زَعْمٌ بَاطِلٌ ، فَإِنَّ رَاوِيَ الْحَدِيثِ أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ أَسْلَمَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ فَإِنْ قِيلَ : لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ رَوَاهُ أَنْ يَكُونَ أَدْرَكَ الْقَضِيَّةَ ، فَلَعَلَّهُ سَمِعَهَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِهِ ، فَالْجَوَابُ : أَنَّ هَذَا خِلَافُ الظَّاهِرِ وَلَا ضَرُورَةَ إِلَيْهِ ، بَلِ الصَّوَابُ خِلَافُهُ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَزَلْ يَتَقَلَّبُ فِي الْيَسَارِ وَالْقِلَّةِ حَتَّى تُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَتَارَةً يُوسَرُ ، وَتَارَةً يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ " خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَشْبَعْ مِنْ خُبْزِ الشَّعِيرِ " وَعَنْ عَائِشَةَ : " مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامٍ ثَلَاثَ لَيَالٍ تِبَاعًا حَتَّى قُبِضَ " وَتُوُفِّيَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ اسْتَدَانَهُ لِأَهْلِهِ " وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ ، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَقْتٍ يُوسَرُ ، ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ يَنْفَدُ مَا عِنْدَهُ لِإِخْرَاجِهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ مِنْ وُجُوهِ الْبِرِّ ، وَإِيثَارِ الْمُحْتَاجِينَ ، وَضِيَافَةِ الطَّارِقِينَ ، وَتَجْهِيزِ السَّرَايَا ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، وَهَكَذَا كَانَ خُلُقُ صَاحِبَيْهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَلْ أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ ، وَكَانَ أَهْلُ الْيَسَارِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مَعَ بِرِّهِمْ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِكْرَامِهِمْ إِيَّاهُ وَإِتْحَافِهِ بِالطُّرَفِ وَغَيْرِهَا ، رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفُوا حَاجَتَهُ فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ لِكَوْنِهِمْ لَا يَعْرِفُونَ فَرَاغَ مَا كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْقُوتِ بِإِيثَارِهِ بِهِ ، وَمَنْ عَلِمَ ذَلِكَ مِنْهُمْ رُبَّمَا كَانَ ضَيِّقَ الْحَالِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا جَرَى لِصَاحِبَيْهِ ، وَلَا يُعْلَمُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ عَلِمَ حَاجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ مِنْ إِزَالَتِهَا إِلَّا بَادَرَ إِلَى إِزَالَتِهَا ، لَكِنْ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْتُمُهَا عَنْهُمْ إِيثَارًا لِتَحَمُّلِ الْمَشَاقِّ ، وَحَمْلًا عَنْهُمْ ، وَقَدْ بَادَرَ أَبُو طَلْحَةَ - حِينَ قَالَ : سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ - إِلَى إِزَالَةِ تِلْكَ الْحَاجَةِ ، وَكَذَا حَدِيثُ جَابِرٍ ، وَسَنَذْكُرُهُمَا بَعْدَ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَكَذَا حَدِيثُ أَبِي شُعَيْبٍ الْأَنْصَارِيِّ الَّذِي سَبَقَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ أَنَّهُ عَرَفَ فِي وَجْهِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوعَ ، فَبَادَرَ بِصَنِيعِ الطَّعَامِ ، وَأَشْبَاهُ هَذَا كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحِ مَشْهُورَةٌ ، وَكَذَلِكَ كَانُوا يُؤْثِرُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَلَا يَعْلَمُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ضَرُورَةَ صَاحِبِهِ إِلَّا سَعَى فِي إِزَالَتِهَا ، وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِذَلِكَ فَقَالَ تَعَالَى : وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ .
وَقَالَ تَعَالَى رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - : ( أَخْرَجَنَا الْجُوعُ ) وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا ) فَمَعْنَاهُ : أَنَّهُمَا لِمَا كَانَا عَلَيْهِ مِنْ مُرَاقَبَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلُزُومِ طَاعَتِهِ ، وَالِاشْتِغَالِ بِهِ ، فَعَرَضَ لَهُمَا هَذَا الْجُوعُ الَّذِي يُزْعِجُهُمَا ، وَيُقْلِقُهُمَا ، وَيَمْنَعُهُمَا مِنْ كَمَالِ النَّشَاطِ لِلْعِبَادَةِ ، وَتَمَامِ التَّلَذُّذِ بِهَا سَعَيَا فِي إِزَالَتِهِ بِالْخُرُوجِ فِي طَلَبِ سَبَبٍ مُبَاحٍ يَدْفَعَانِهِ بِهِ ، وَهَذَا مِنْ أَكْمَلِ الطَّاعَاتِ ، وَأَبْلَغِ أَنْوَاعِ الْمُرَاقَبَاتِ ، وَقَدْ نَهَى عَنِ الصَّلَاةِ مَعَ مُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ ، وَبِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَتُوقُ النَّفْسُ إِلَيْهِ ، وَفِي ثَوْبٍ لَهُ أَعْلَامٌ ، وَبِحَضْرَةِ الْمُتَحَدِّثِينَ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ قَلْبَهُ .
وَنَهَى الْقَاضِي عَنِ الْقَضَاءِ فِي حَالِ غَضَبِهِ ، وَجُوعِهِ ، وَهَمِّهِ ، وَشِدَّةِ فَرَحِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَشْغَلُ قَلْبَهُ ، وَيَمْنَعُهُ كَمَالَ الْفِكْرِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَوْلُهُ : ( بُيُوتُكُمَا ) هُوَ بِضَمِّ الْبَاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ ، وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَأَنَا - وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ - لَأَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا ) فِيهِ جَوَازُ ذِكْرِ الْإِنْسَانِ مَا يَنَالُهُ مِنْ أَلَمٍ وَنَحْوِهِ ، لَا عَلَى سَبِيلِ التَّشَكِّي وَعَدَمِ الرِّضَا ، بَلْ لِلتَّسْلِيَةِ وَالتَّصَبُّرِ ، كَفِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَا ، وَلِالْتِمَاسِ دُعَاءٍ أَوْ مُسَاعَدَةٍ عَلَى التَّسَبُّبِ فِي إِزَالَةِ ذَلِكَ الْعَارِضِ ، فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ ، إِنَّمَا يُذَمُّ مَا كَانَ تَشَكِّيًا وَتَسَخُّطًا وَتَجَزُّعًا .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَأَنَا ) هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ ( فَأَنَا ) بِالْفَاءِ وَفِي بَعْضِهَا بِالْوَاوِ ، وَفِيهِ جَوَازُ الْحَلِفِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَافٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا بَسْطُ الْكَلَامِ فِيهِ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ .
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( قُومُوا ، فَقَامُوا ) هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ بِضَمِيرِ الْجَمْعِ ، وَهُوَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ لَكِنَّ الْجُمْهُورَ يَقُولُونَ : إِطْلَاقُهُ عَلَى الِاثْنَيْنِ مَجَازٌ ، وَآخَرُونَ يَقُولُونَ : حَقِيقَةٌ .
وَقَوْلُهُ : ( فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ) هُوَ أَبُو الْهَيْثَمِ مَالِكُ بْنُ التَّيْهَانِ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ وَتَشْدِيدٍ تَحْتُ مَعَ كَسْرِهَا ، وَفِيهِ جَوَازُ الْإِدْلَالِ عَلَى الصَّاحِبِ الَّذِي يُوثَقُ بِهِ كَمَا تَرْجَمْنَا لَهُ ، وَاسْتِتْبَاعِ جَمَاعَةٍ إِلَى بَيْتِهِ ، وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ لِأَبِي الْهَيْثَمِ إِذْ جَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلًا لِذَلِكَ ، وَكَفَى بِهِ شَرَفًا ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ : ( فَقَالَتْ : مَرْحَبًا وَأَهْلًا ) كَلِمَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ لِلْعَرَبِ ، وَمَعْنَاهُ : صَادَفْتَ رَحْبًا وَسَعَةً وَأَهْلًا تَأْنَسُ بِهِمْ ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِكْرَامِ الضَّيْفِ بِهَذَا الْقَوْلِ وَشِبْهِهِ ، وَإِظْهَارِ السُّرُورِ بِقُدُومِهِ ، وَجَعْلِهِ أَهْلًا لِذَلِكَ ، كُلُّ هَذَا وَشِبْهُهُ إِكْرَامٌ لِلضَّيْفِ ، وَقَدْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهَ " وَفِيهِ جَوَازُ سَمَاعِ كَلَامِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمُرَاجَعَتِهَا الْكَلَامَ لِلْحَاجَةِ ، وَجَوَازُ إِذْنِ الْمَرْأَةِ فِي دُخُولِ مَنْزِلِ زَوْجِهَا لِمَنْ عَلِمَتْ مُحَقَّقًا أَنَّهُ لَا يَكْرَهُهُ بِحَيْثُ لَا يَخْلُو بِهَا الْخَلْوَةَ الْمُحَرَّمَةَ .
وَقَوْلُهَا : ( ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ ) أَيْ يَأْتِينَا بِمَاءٍ عَذْبٍ ، وَهُوَ الطَّيِّبُ ، وَفِيهِ : جَوَازُ اسْتِعْذَابِهِ وَتَطْيِيبِهِ .
قَوْلُهُ : ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ، مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ ضَيْفًا مِنِّي ) فِيهِ فَوَائِدُ مِنْهَا : اسْتِحْبَابُ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ حُصُولِ نِعْمَةٍ ظَاهِرَةٍ ، وَكَذَا يُسْتَحَبُّ عِنْدَ انْدِفَاعِ نِقْمَةٍ كَانَتْ مُتَوَقَّعَةً ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْوَالِ ، وَقَدْ جَمَعْتُ فِي ذَلِكَ قِطْعَةً صَالِحَةً فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ .
وَمِنْهَا : اسْتِحْبَابُ إِظْهَارِ الْبِشْرِ ، وَالْفَرَحِ بِالضَّيْفِ فِي وَجْهِهِ وَحَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ يَسْمَعُ عَلَى حُصُولِ هَذِهِ النِّعْمَةِ ، وَالثَّنَاءِ عَلَى ضَيْفِهِ إِنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ فِتْنَةً ، فَإِنْ خَافَ لَمْ يُثْنِ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ ، وَهَذَا طَرِيقُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ بِجَوَازِ ذَلِكَ وَمَنْعِهِ ، وَقَدْ جَمَعْتُهَا مَعَ بَسْطِ الْكَلَامِ فِيهَا فِي كِتَابِ الْأَذْكَارِ .
وَفِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ هَذَا الْأَنْصَارِيِّ وَبَلَاغَتِهِ وَعَظِيمِ مَعْرِفَتِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِكَلَامٍ مُخْتَصَرٍ بَدِيعٍ فِي الْحُسْنِ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
قَوْلُهُ : ( فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ : كُلُوا مِنْ هَذِهِ ) الْعِذْقُ هُنَا بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَهِيَ الْكِبَاسَةُ ، وَهِيَ الْغُصْنُ مِنَ النَّخْلِ ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهَذَا الْعِذْقِ الْمُلَوَّنِ لِيَكُونَ أَطْرَفَ ، وَلْيَجْمَعُوا بَيْنَ أَكْلِ الْأَنْوَاعِ فَقَدْ يَطِيبُ لِبَعْضِهِمْ هَذَا وَلِبَعْضِهِمْ هَذَا .
وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَقْدِيمِ الْفَاكِهَةِ عَلَى الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ وَغَيْرِهِمَا ، وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ الْمُبَادَرَةِ إِلَى الضَّيْفِ بِمَا تَيَسَّرَ ، وَإِكْرَامِهِ بَعْدَهُ بِطَعَامٍ يَصْنَعُهُ لَهُ لَا سِيَّمَا إِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ حَاجَتُهُ فِي الْحَالِ إِلَى الطَّعَامِ ، وَقَدْ يَكُونُ شَدِيدَ الْحَاجَةِ إِلَى التَّعْجِيلِ وَقَدْ يَشُقُّ عَلَيْهِ انْتِظَارُ مَا يُصْنَعُ لَهُ لِاسْتِعْجَالِهِ لِلِانْصِرَافِ .
وَقَدْ كَرِهَ جَمَاعَةٌ مِنَ السَّلَفِ التَّكَلُّفَ لِلضَّيْفِ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يَشُقُّ عَلَى صَاحِبِ الْبَيْتِ مَشَقَّةً ظَاهِرَةً ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُهُ مِنَ الْإِخْلَاصِ وَكَمَالِ السُّرُورِ بِالضَّيْفِ ، وَرُبَّمَا ظَهَرَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَيَتَأَذَّى بِهِ الضَّيْفُ ، وَقَدْ يُحْضِرُ شَيْئًا يَعْرِفُ الضَّيْفُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ يَشُقُّ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ يَتَكَلَّفُهُ لَهُ فَيَتَأَذَّى لِشَفَقَتِهِ عَلَيْهِ ، وَكُلُّ هَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ " لِأَنَّ أَكْمَلَ إِكْرَامِهِ إِرَاحَةُ خَاطِرِهِ ، وَإِظْهَارُ السُّرُورِ بِهِ ، وَأَمَّا فِعْلُ الْأَنْصَارِيِّ ، وَذَبْحُهُ الشَّاةَ فَلَيْسَ مِمَّا يَشُقُّ عَلَيْهِ ، بَلْ لَوْ ذَبَحَ أَغْنَامًا بَلْ جِمَالًا وَأَنْفَقَ أَمْوَالًا فِي ضِيَافَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَيْهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا كَانَ مَسْرُورًا بِذَلِكَ ، مَغْبُوطًا فِيهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ ) الْمُدْيَةُ : بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا هِيَ السِّكِّينُ ، وَتَقَدَّمَ بَيَانُهَا مَرَّاتٍ ، وَالْحَلُوبُ : ذَاتُ اللَّبَنِ ، فَعُولٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كَرَكُوبٍ وَنَظَائِرِهِ .
قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) فِيهِ : دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الشِّبَعِ ، وَمَا جَاءَ فِي كَرَاهَةِ الشِّبَعِ فَمَحْمُولٌ عَلَى الْمُدَاوَمَةِ عَلَيْهِ ، لِأَنَّهُ يُقَسِّي الْقَلْبَ وَيُنْسِي أَمْرَ الْمُحْتَاجِينَ ، وَأَمَّا السُّؤَالُ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ : الْمُرَادُ السُّؤَالُ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّ شُكْرِهِ ، وَالَّذِي نَعْتَقِدُهُ أَنَّ السُّؤَالَ هُنَا سُؤَالُ تَعْدَادِ النِّعَمِ وَإِعْلَامٍ بِالِامْتِنَانِ بِهَا ، وَإِظْهَارِ الْكَرَامَةِ بِإِسْبَاغِهَا ، لَا سُؤَالُ تَوْبِيخٍ وَتَقْرِيعٍ وَمُحَاسَبَةٍ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ فِي إِسْنَادِ الطَّرِيقِ الثَّانِي : ( وَحَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ أَنْبَأَنَا أَبُو هِشَامٍ " يَعْنِي الْمُغِيرَةَ بْنَ سَلَمَةَ " أَنْبَأَنَا يَزِيدُ أَنْبَأَنَا أَبُو حَازِمٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْإِسْنَادُ فِي النُّسَخِ بِبِلَادِنَا ، وَحَكَى الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ هَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ ، وَفِي رِوَايَةِ الرَّازِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْجُلُودِيِّ ، وَأَنَّهُ وَقَعَ مِنْ رِوَايَةِ السَّنْجَرِيِّ عَنِ الْجُلُودِيِّ بِزِيَادَةِ رَجُلٍ بَيْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَلَمَةَ وَيَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ ، هُوَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ : وَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، وَلَا يَتَّصِلُ الْحَدِيثُ إِلَّا بِهِ ، قَالَ : وَكَذَلِكَ خَرَّجَهُ أَبُو مَسْعُودٍ الدِّمَشْقِيُّ فِي الْأَطْرَافِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ الْجَيَّانِيُّ : وَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاهَانَ وَغَيْرِهِ مِنْ إِسْقَاطِهِ خَطَأٌ بَيِّنٌ .
قُلْتُ : وَنَقَلَهُ خَلَفٌ الْوَاسِطِيُّ فِي الْأَطْرَافِ بِإِسْقَاطِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، وَالظَّاهِرُ الَّذِي يَقْتَضِيهِ حَالُ مُغِيرَةَ وَيَزِيدَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، كَمَا قَالَهُ الْجَيَّانِيُّ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ الْأَوَّلِ .