هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3948 حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ ، وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ ، كُلُّهُمْ عَنِ الْمُعْتَمِرِ ، وَاللَّفْظُ لِابْنِ مُعَاذٍ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : قَالَ أَبِي ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ ، كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ مَرَّةً : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ ، بِسَادِسٍ أَوْ كَمَا قَالَ : وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ ، وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ ، قَالَ : فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي - وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ : وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي بَكْرٍ - قَالَ : وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ ، قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ : مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَو قَالَتْ : ضَيْفِكَ ؟ - قَالَ : أَوَ مَا عَشَّيْتِهِمْ ؟ قَالَتْ : أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ ، قَالَ : فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ ، وَقَالَ : يَا غُنْثَرُ ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ ، وَقَالَ : كُلُوا لَا هَنِيئًا ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا ، قَالَ : فَايْمُ اللَّهِ ، مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا ، قَالَ : حَتَّى شَبِعْنَا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ ، قَالَ لِامْرَأَتِهِ : يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا ؟ قَالَتْ : لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي ، لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مِرَارٍ ، قَالَ : فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ ، وَقَالَ : إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ يَعْنِي يَمِينَهُ ، ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ ، قَالَ : وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ ، فَمَضَى الْأَجَلُ فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ ، إِلَّا أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ولا أدري هل قال : وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر قال : وإن أبا بكر تعشى عند النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم لبث حتى صليت العشاء ، ثم رجع ، فلبث حتى نعس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء بعدما مضى من الليل ما شاء الله ، قالت له امرأته : ما حبسك عن أضيافك أو قالت : ضيفك ؟ قال : أو ما عشيتهم ؟ قالت : أبوا حتى تجيء ، قد عرضوا عليهم فغلبوهم ، قال : فذهبت أنا فاختبأت ، وقال : يا غنثر ، فجدع وسب ، وقال : كلوا لا هنيئا ، وقال : والله لا أطعمه أبدا ، قال : فايم الله ، ما كنا نأخذ من لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها ، قال : حتى شبعنا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك ، فنظر إليها أبو بكر فإذا هي كما هي أو أكثر ، قال لامرأته : يا أخت بني فراس ما هذا ؟ قالت : لا وقرة عيني ، لهي الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار ، قال : فأكل منها أبو بكر ، وقال : إنما كان ذلك من الشيطان يعني يمينه ، ثم أكل منها لقمة ، ثم حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصبحت عنده ، قال : وكان بيننا وبين قوم عقد ، فمضى الأجل فعرفنا اثنا عشر رجلا مع كل رجل منهم أناس الله أعلم كم مع كل رجل ، إلا أنه بعث معهم فأكلوا منها أجمعون أو كما قال
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'Abd al-Rabman b. Abu Bakr reported that the people of Suffa were very poor. Once the Messenger of Allah (ﷺ) said (to his Companions):

He who amongst you has food for two persons should take three (guests with him). and he who has with him food for four persons should take five or six (guests with him for entertaining them). It was (in accordance with these instructions of the Holy Prophet) that Abu Bakr brought three persons, and the Messenger of Allah (ﷺ) brought ten persons (as guests to their respective houses). Abu Bakr had brought three persons (he himself, and myself), my father and my mother (along with therm). He (the narrator) said: I do not know whether he also said: My wife and one servant who was common between our house and that of Abu Bakr. Abu Bakr had had his evening meal with Allah's Apostle (ﷺ). He stayed here until night prayer had been offered. He then came back (to the house of Allah's Apostle) and stayed there until Allah's Messenger (ﷺ) felt drowsy and (Abu Bakr) then came (back to his own house) when (a considerable) part of the night had been over, as Allah had desired. His wife said to him: What held you back from your guests? He said: Oh! have you not served them the evening meal (by this time)? She said: It was in fact served to them. but they refused to eat until you came. He ('Abd al-Rahman) said: I slunk away and bid myself. He (Abu Bakr) said: O, you stupid fellow, and he reprimanded me, and said to the guests: Eat, though it may not be pleasant now. He said: By Allah. I will never eat it He ('Abd al-Rahman) said: By Allah. we did not take a morsel when from beneath that (there appeared) more until they had eaten to their fill, and lo! it was more than what it was before. Abu Bakr saw that and found that it was so or more than that. He said to his wife: Sister of Band Firis, what is th-is? She said: By the coolness of my eyes. it is in excess by three times over the previous one. Then Abu Bakr ate saying: That was from the Satan (viz. his vow for not eating the food). He then took a morsel out of that and then took it (the rest) to the Messenger of Allah (ﷺ), and it was kept there until morning, and during (those days) there was a covenant between us and some other people, and the period of covenant was over, and we had appointed twelve officials with every person amongst them. It is Allah only Who knows as to how many people were there with each of them. He sent (this food to them) and all of them ate out of it.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   
[ سـ :3948 ... بـ :2057]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ كُلُّهُمْ عَنْ الْمُعْتَمِرِ وَاللَّفْظُ لِابْنِ مُعَاذٍ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ قَالَ أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّ أَصْحَابَ الصُّفَّةِ كَانُوا نَاسًا فُقَرَاءَ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَرَّةً مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ أَوْ كَمَا قَالَ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ وَأَبُو بَكْرٍ بِثَلَاثَةٍ قَالَ فَهُوَ وَأَنَا وَأَبِي وَأُمِّي وَلَا أَدْرِي هَلْ قَالَ وَامْرَأَتِي وَخَادِمٌ بَيْنَ بَيْتِنَا وَبَيْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَ وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتْ الْعِشَاءُ ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ بَعْدَمَا مَضَى مِنْ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللَّهُ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ قَالَ أَوَ مَا عَشَّيْتِهِمْ قَالَتْ أَبَوْا حَتَّى تَجِيءَ قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ قَالَ فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ وَقَالَ يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ وَقَالَ كُلُوا لَا هَنِيئًا وَقَالَ وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا قَالَ فَايْمُ اللَّهِ مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا قَالَ حَتَّى شَبِعْنَا وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ قَالَ لِامْرَأَتِهِ يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ مَا هَذَا قَالَتْ لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مِرَارٍ قَالَ فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ الشَّيْطَانِ يَعْنِي يَمِينَهُ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ فَمَضَى الْأَجَلُ فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ اللَّهُ أَعْلَمُ كَمْ مَعَ كُلِّ رَجُلٍ إِلَّا أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ أَوْ كَمَا قَالَ

قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ اثْنَيْنِ فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ طَعَامُ أَرْبَعَةٍ فَلْيَذْهَبْ بِخَامِسٍ بِسَادِسٍ هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ نُسَخِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ ( فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثَةٍ ) وَوَقَعَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ : ( فَلْيَذْهَبْ بِثَلَاثٍ ) .
قَالَ الْقَاضِي : هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ هُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِسِيَاقِ بَاقِي الْحَدِيثِ .
قُلْتُ : وَلِلَّذِي فِي مُسْلِمٍ أَيْضًا وَجْهٌ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مُوَافَقَةِ الْبُخَارِيِّ وَتَقْدِيرُهُ ، فَلْيَذْهَبْ بِمَنْ يُتِمُّ ثَلَاثَةً ، أَوْ بِتَمَامِ ثَلَاثَةٍ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَيْ فِي تَمَامِ أَرْبَعَةٍ ، وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الْجَنَائِزِ إِيضَاحُ هَذَا ، وَذِكْرُ نَظَائِرِهِ .
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضِيلَةُ الْإِيثَارِ وَالْمُوَاسَاةِ ، وَأَنَّهُ إِذَا حَضَرَ ضِيفَانٌ كَثِيرُونَ فَيَنْبَغِي لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يَتَوَزَّعُوهُمْ ، وَيَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَنْ يَحْتَمِلُهُ ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِكَبِيرِ الْقَوْمِ أَنْ يَأْمُرَ أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ ، وَيَأْخُذَ هُوَ مَنْ يُمْكِنُهُ .


قَوْلُهُ : ( وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ بِثَلَاثَةٍ ، وَانْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَشَرَةٍ ) هَذَا مُبَيِّنٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَخْذِ بِأَفْضَلِ الْأُمُورِ ، وَالسَّبْقِ إِلَى السَّخَاءِ وَالْجُودِ ، فَإِنَّ عِيَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا قَرِيبًا مِنْ عَدَدِ ضِيفَانِهِ هَذِهِ اللَّيْلَةَ ، فَأَتَى بِنِصْفِ طَعَامِهِ أَوْ نَحْوِهِ ، وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِثُلُثِ طَعَامِهِ أَوْ أَكْثَرَ ، وَأَتَى الْبَاقُونَ بِدُونِ ذَلِكَ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَجَاءَ ) قَوْلُهُ ( نَعَسَ ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ ، وَفِي هَذَا جَوَازُ ذَهَابِ مَنْ عِنْدَهُ ضِيفَانٌ إِلَى أَشْغَالِهِ وَمَصَالِحِهِ إِذَا كَانَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِأُمُورِهِمْ ، وَيَسُدُّ مَسَدَّهُ كَمَا كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ هُنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، وَفِيهِ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الْحُبِّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالِانْقِطَاعِ إِلَيْهِ ، وَإِيثَارِهِ فِي لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ عَلَى الْأَهْلِ وَالْأَوْلَادِ وَالضِّيفَانِ وَغَيْرِهِمْ .


قَوْلُهُ فِي الْأَضْيَافِ : ( إَنَّهُمُ امْتَنَعُوا مِنَ الْأَكْلِ حَتَّى يَحْضُرَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ) هَذَا فَعَلُوهُ أَدَبًا وَرِفْقًا بِأَبِي بَكْرٍ فِيمَا ظَنُّوهُ ؛ لِأَنَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ لَهُ عَشَاءٌ مِنْ عَشَائِهِمْ .


قَالَ الْعُلَمَاءُ : وَالصَّوَابُ لِلضَّيْفِ أَنْ لَا يَمْتَنِعَ مِمَّا أَرَادَهُ الْمُضِيفُ مِنْ تَعْجِيلِ طَعَامٍ وَتَكْثِيرِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِهِ ، إِلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَتَكَلَّفُ مَا يَشُقُّ عَلَيْهِ حَيَاءً مِنْهُ فَيَمْنَعُهُ بِرِفْقٍ ، وَمَتَى شَكَّ لَمْ يَعْتَرِضْ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَمْتَنِعْ ، فَقَدْ يَكُونُ لِلْمُضِيفِ عُذْرٌ أَوْ غَرَضٌ فِي ذَلِكَ لَا يُمْكِنُهُ إِظْهَارَهُ ، فَتَلْحَقُهُ الْمَشَقَّةُ بِمُخَالَفَةِ الْأَضْيَافِ كَمَا جَرَى فِي قِصَّةِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .


قَوْلُهُ ( عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : فَذَهَبْتُ فَاخْتَبَأْتُ ، وَقَالَ : يَا غُنْثَرُ ، فَجَدَّعَ وَسَبَّ ) أَمَّا اخْتِبَاؤُهُ فَخَوْفًا مِنْ خِصَامِ أَبِيهِ لَهُ ، وَشَتْمِهِ إِيَّاهُ .
وَقَوْلُهُ : ( فَجَدَّعَ ) أَيْ دَعَا بِالْجَدَعِ ، وَهُوَ قَطْعُ الْأَنْفِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَعْضَاءِ ، وَالسَّبُّ وَالشَّتْمُ .
وَقَوْلُهُ : ( يَا غُنْثَرُ ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ نُونٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ ثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَضْمُومَةٍ لُغَتَانِ ، هَذِهِ هِيَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي ضَبْطِهِ .
قَالُوا : وَهُوَ الثَّقِيلُ الْوَخِمُ ، وَقِيلَ : هُوَ الْجَاهِلُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَثَارَةِ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ، وَهِيَ الْجَهْلُ ، وَالنُّونُ فِيهِ زَائِدَةٌ ، وَقِيلَ : هُوَ السَّفِيهُ ، وَقِيلَ : هُوَ ذُبَابٌ أَزْرَقُ ، وَقِيلَ : هُوَ اللَّئِيمُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَثَرِ ، وَهُوَ اللُّؤْمُ .
وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا هُوَ ( غَنْثَرُ ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَالثَّاءِ ، وَرَوَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَطَائِفَةٌ ( عَنْتَرُ ) بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَتَيْنِ .
قَالُوا : وَهُوَ الذُّبَابُ ، وَقِيلَ : هُوَ الْأَزْرَقُ مِنْهُ ، شَبَّهَهُ بِهِ تَحْقِيرًا لَهُ قَوْلُهُ : ( كُلُوا لَا هَنِيئًا ) إِنَّمَا قَالَهُ لِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْحَرَجِ وَالْغَيْظِ بِتَرْكِهِمُ الْعِشَاءَ بِسَبَبِهِ ، وَقِيلَ : إِنَّهُ لَيْسَ بِدُعَاءٍ إِنَّمَا أَخْبَرَ أَيْ لَمْ تَتَهَنَّئُوا بِهِ فِي وَقْتِهِ .


قَوْلُهُ : ( وَاللَّهِ لَا أَطْعَمُهُ أَبَدًا ) وَذَكَرَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي الْأَضْيَافِ قَالُوا : وَاللَّهِ لَا نَطْعَمُهُ حَتَّى تَطْعَمَهُ ، ثُمَّ أَكَلَ وَأَكَلُوا .


فِيهِ أَنَّ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَعَلَ ذَلِكَ وَكَفَّرَ عَنْ يَمِينِهِ ، كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ .
وَفِيهِ حَمْلُ الْمُضِيفِ الْمَشَقَّةَ عَلَى نَفْسِهِ فِي إِكْرَامِ ضِيفَانِهِ ، وَإِذَا تَعَارَضَ حِنْثُهُ وَحِنْثُهُمْ حَنَّثَ نَفْسَهُ لِأَنَّ حَقَّهَمْ عَلَيْهِ آكَدُ .
وَهَذَا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ مُخْتَصَرٌ تُوَضِّحُهُ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ ، وَتُبَيِّنُ مَا حُذِفَ مِنْهُ ، وَمَا هُوَ مُقَدَّمٌ أَوْ مُؤَخَّرٌ .


قَوْلُهُ : ( مَا كُنَّا نَأْخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ مِنْهَا ، وَأَنَّهُمْ أَكَلُوا مِنْهَا حَتَّى شَبِعُوا ، وَصَارَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ بِثَلَاثِ مِرَارٍ ، ثُمَّ حَمَلُوهَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلَ مِنْهَا الْخَلْقُ الْكَثِيرُ ) .
فَقَوْلُهُ : ( إِلَّا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرُ ) ضَبَطُوهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ .
هَذَا الْحَدِيثُ فِيهِ كَرَامَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَفِيهِ إِثْبَاتُ كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ .


قَوْلُهُ : ( فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِيَ كَمَا هِيَ أَوْ أَكْثَرُ ) وَقَوْلُهُ : ( لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا ) ضَبَطُوهُمَا أَيْضًا بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ .


قَوْلُهَا : ( لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي لَهِيَ الْآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : قُرَّةُ الْعَيْنِ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْمَسَرَّةِ وَرُؤْيَةِ مَا يُحِبُّهُ الْإِنْسَانُ وَيُوَافِقُهُ قِيلَ : إِنَّمَا قِيلَ ذَلِكَ لِأَنَّ عَيْنَهُ تَقَرُّ لِبُلُوغِهِ أُمْنِيَّتِهِ ، فَلَا يَسْتَشْرِفُ لِشَيْءٍ ، فَيَكُونُ مَأْخُوذًا مِنَ الْقَرَارِ .
وَقِيلَ : مَأْخُوذٌ مِنَ الْقُرِّ بِالضَّمِّ ، وَهُوَ الْبَرْدِ ، أَيْ عَيْنُهُ بَارِدَةٌ لِسُرُورِهَا وَعَدَمِ مُقْلِقِهَا .
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُهُ : أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَهُ أَيْ أَبْرَدَ دَمْعَتَهُ ؛ لِأَنَّ دَمْعَةَ الْفَرَحِ بَارِدَةٌ ، وَدَمْعَةَ الْحُزْنِ حَارَّةٌ ، وَلِهَذَا يُقَالُ فِي ضِدِّهِ : أَسْخَنَ اللَّهُ عَيْنَهُ .
قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ : قَالَ الدَّاوُدِيُّ : أَرَادَتْ بِقُرَّةِ عَيْنِهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَقْسَمَتْ بِهِ .
وَلَفْظَةُ ( لَا ) فِي قَوْلِهَا : ( لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي ) زَائِدَةٌ ، وَلَهَا نَظَائِرُ مَشْهُورَةٌ .
وَيَحْتَمِلُ أَنَّهَا نَافِيَةٌ ، وَفِيهِ مَحْذُوفٌ أَيْ لَا شَيْءَ غَيْرَ مَا أَقُولُ ، وَهُوَ وَقُرَّةُ عَيْنِي لَهِيَ أَكْثَرُ مِنْهَا .


قَوْلُهُ : ( يَا أُخْتَ بَنِي فِرَاسٍ ) هَذَا خِطَابٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ لِامْرَأَتِهِ أُمِّ رُومَانَ ، وَمَعْنَاهُ يَا مَنْ هِيَ مِنْ بَنِي فِرَاسٍ .
قَالَ الْقَاضِي : فِرَاسٌ هُوَ ابْنُ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كِنَانَةَ ، وَلَا خِلَافَ فِي نَسَبِ أُمِّ رُومَانَ إِلَى غَنْمِ بْنِ مَالِكٍ ، وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ انْتِسَابِهَا إِلَى غَنْمٍ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ هِيَ مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ أَمْ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ غَنْمٍ ؟ وَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ كَوْنُهَا مِنْ بَنِي فِرَاسِ بْنِ غَنْمٍ .


قَوْلُهُ : ( فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ : ( فَعَرَّفْنَا ) بِالْعَيْنِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيْ جَعَلْنَا عُرَفَاءَ .
وَفِي كَثِيرٍ مِنَ النُّسَخِ : ( فَفَرَّقْنَا ) بِالْفَاءِ الْمُكَرَّرَةِ فِي أَوَّلِهِ وَبِقَافٍ مِنَ التَّفْرِيقِ ، أَيْ جَعَلَ كُلَّ رَجُلٍ مِنَ الِاثْنَيْ عَشَرَ مَعَ فِرْقَةٍ ، فَهُمَا صَحِيحَانِ ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْقَاضِي هُنَا غَيْرَ الْأَوَّلِ .


وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِجَوَازِ تَفْرِيقِ الْعُرَفَاءِ عَلَى الْعَسَاكِرِ وَنَحْوِهَا .
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ ( الْعِرَافَةُ حَقٌّ ) لِمَا فِيهِ مِنْ مَصْلَحَةِ النَّاسِ ، وَلِيَتَيَسَّرَ ضَبْطُ الْجُيُوشِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْإِمَامِ بِاتِّخَاذِ الْعُرَفَاءِ .
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْآخَرُ ( الْعُرَفَاءُ فِي النَّارِ ) فَمَحْمُولٌ عَلَى الْعُرَفَاءِ الْمُقَصِّرِينَ فِي وِلَايَتِهِمْ ، الْمُرْتَكِبِينَ فِيهَا مَا لَا يَجُوزُ كَمَا هُوَ مُعْتَادٌ لِكَثِيرٍ مِنْهُمْ .


قَوْلُهُ : ( فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا مَعَ كُلِّ وَاحِدِ مِنْهُمْ أُنَاسٌ ) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَمِ النُّسَخِ ، وَفِي نَادِرٌ مِنْهَا ( اثْنَيْ عَشَرَ ) وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ ، وَالْأَوَّلُ جَارٍ عَلَى لُغَةِ مَنْ جَعَلَ الْمُثَنَّى بِالْأَلِفِ فِي الرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ ، وَهِيَ لُغَةُ أَرْبَعِ قَبَائِلَ مِنَ الْعَرَبِ ، وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ وَغَيْرُ ذَلِكَ ، وَقَدْ سَبَقَتِ الْمَسْأَلَةُ مَرَّاتٍ .