هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
588 حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلاَنَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ، كَانَ يَقُولُ : كَانَ المُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلاَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بِلاَلُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
588 حدثنا محمود بن غيلان ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني نافع ، أن ابن عمر ، كان يقول : كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة ليس ينادى لها ، فتكلموا يوما في ذلك ، فقال بعضهم : اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى ، وقال بعضهم : بل بوقا مثل قرن اليهود ، فقال عمر : أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال قم فناد بالصلاة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن ابْنِ عُمَرَ ، كَانَ يَقُولُ : كَانَ المُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا المَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلاَةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ اليَهُودِ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَوَلاَ تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلاَةِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا بِلاَلُ قُمْ فَنَادِ بِالصَّلاَةِ .

Narrated Ibn `Umar:

When the Muslims arrived at Medina, they used to assemble for the prayer, and used to guess the time for it. During those days, the practice of Adhan for the prayers had not been introduced yet. Once they discussed this problem regarding the call for prayer. Some people suggested the use of a bell like the Christians, others proposed a trumpet like the horn used by the Jews, but `Umar was the first to suggest that a man should call (the people) for the prayer; so Allah's Messenger (ﷺ) ordered Bilal to get up and pronounce the Adhan for prayers.

شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [ قــ :588 ... غــ :604] قَوْله أَن بن عُمَرَ كَانَ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ قَوْله حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ أَيْ مِنْ مَكَّةَ فِي الْهِجْرَةِ قَوْله فَيَتَحَيَّنُونَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ تَحْتَانِيَّةٌ ثُمَّ نُونٌ أَيْ يُقَدِّرُونَ أَحْيَانَهَا لِيَأْتُوا إِلَيْهَا وَالْحِينُ الْوَقْتُ وَالزَّمَانُ قَوْله لَيْسَ يُنَادَى لَهَا بِفَتْحِ الدَّالِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ قَالَ بن مَالِكٍ فِيهِ جَوَازُ اسْتِعْمَالِ لَيْسَ حَرْفًا لَا اسْمٌ لَهَا وَلَا خَبَرٌ وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهَا ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا خَبَرٌ.

قُلْتُ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ تُؤَيِّدُ ذَلِكَ فَإِنَّ لَفْظَهُ لَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ قَوْله فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمُ اتَّخِذُوا لَمْ يَقَعْ لِي تَعَيُّنُ الْمُتَكَلِّمِينَ فِي ذَلِكَ وَاخْتَصَرَ الْجَوَابَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَوَقَعَ لِابْنِ ماجة من وَجه آخر عَن بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَشَارَ النَّاسَ لِمَا يَجْمَعُهُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَذَكَرُوا الْبُوقَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ الْيَهُودِ ثُمَّ ذَكَرُوا النَّاقُوسَ فَكَرِهَهُ مِنْ أَجْلِ النَّصَارَى وَقَدْ تَقَدَّمَتْ رِوَايَةُ رَوْحِ بْنِ عَطَاءٍ نَحْوَهُ وَفِي الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ عِنْدَ أَبِي الشَّيْخِ وَعِنْدَ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَتِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَوْله بَلْ بُوقًا أَيْ بَلِ اتَّخِذُوا بُوقًا وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بَلْ قَرْنًا وَهِيَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ وَالنَّسَائِيِّ وَالْبُوقُ وَالْقَرْنُ مَعْرُوفَانِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُنْفَخُ فِيهِ فَيَجْتَمِعُونَ عِنْدَ سَمَاعِ صَوْتِهِ وَهُوَ مِنْ شِعَارِ الْيَهُودِ وَيُسَمَّى أَيْضًا الشَّبُّورُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ الْمَفْتُوحَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ الْمَضْمُومَةِ الثَّقِيلَةِ قَوْله فَقَالَ عُمَرُ أَوَ لَا الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَالْوَاوُ لِلْعَطْفِ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ قَالَ الطِّيبِيُّ الْهَمْزَةُ إِنْكَارٌ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى أَيِ الْمُقَدَّرَةِ وَتَقْرِيرٌ لِلْجُمْلَةِ الثَّانِيَةِ .

     قَوْلُهُ  رَجُلًا زَادَ الْكُشْمِيهَنِيُّ مِنْكُمْ قَوْله يُنَادَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ لَمَّا أَخْبَرَ بِرُؤْيَاهُ وَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَادَرَ عُمَرُ فَقَالَ أَوَ لَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي أَيْ يُؤَذِّنُ لِلرُّؤْيَا الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُمْ يَا بِلَالُ فَعَلَى هَذَا فالفاء فِي سِيَاق حَدِيث بن عُمَرَ هِيَ الْفَصِيحَةُ وَالتَّقْدِيرُ فَافْتَرَقُوا فَرَأَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَصَّ عَلَيْهِ فَصَدَّقَهُ فَقَالَ عُمَرُ.

قُلْتُ وَسِيَاقُ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّهُ لَمَّا قَصَّ رُؤْيَاهُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ أَلْقِهَا عَلَى بِلَالٍ فَلْيُؤَذِّنْ بِهَا قَالَ فَسَمِعَ عُمَرُ الصَّوْتَ فَخَرَجَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ الَّذِي رَأَى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ عُمَرَ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا لَمَّا قَصَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ رُؤْيَاهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إِشَارَةَ عُمَرَ بِإِرْسَالِ رَجُلٍ يُنَادِي لِلصَّلَاةِ كَانَتْ عَقِبَ الْمُشَاوَرَةِ فِيمَا يَفْعَلُونَهُ وَأَنَّ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ كَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ إِلَى أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَتِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالُوا اهْتَمَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلصَّلَاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا فَقَالَ انْصِبْ رَايَةً عِنْدَ حُضُورِ وَقْتِ الصَّلَاةِ فَإِذَا رَأَوْهَا آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ذَكَرُوا الْقُنْعَ بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ يَعْنِي الْبُوقَ وَذَكَرُوا النَّاقُوسَ فَانْصَرَفَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَهُوَ مُهْتَمٌّ فَأُرِيَ الْأَذَانَ فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَكَانَ عُمَرُ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَمَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْبَرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنَا قَالَ سَبَقَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَاسْتَحْيَيْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بِلَالُ قُمْ فَانْظُرْ مَا يَأْمُرُكَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَافْعَلْهُ تَرْجَمَ لَهُ أَبُو دَاوُدَ بَدْءُ الْأَذَانِ.

     وَقَالَ  أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَوَى قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ وَهَذَا أَحْسَنُهَا.

قُلْتُ وَهَذَا لَا يُخَالِفُهُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ لَمَّا قَصَّ مَنَامَهُ فَسَمِعَ عُمَرُ الْأَذَانَ فَجَاءَ فَقَالَ قَدْ رَأَيْتُ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ عَقِبَ إِخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بَلْ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ لِقَوْلِهِ مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنَا أَيْ عَقِبَ إِخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ فَاعْتَذَرَ بِالِاسْتِحْيَاءِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ عَلَى الْفَوْرِ وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُمَيْرٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ عُمَرَ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ قَصِّ عَبْدِ اللَّهِ رُؤْيَاهُ بِخِلَافِ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ الَّتِي ذَكَرَ بِهَا فَسَمِعَ عُمَرُ الصَّوْتَ فَخَرَجَ فَقَالَ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا عِنْدَ قَصِّ عَبْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْله فَنَادِ بِالصَّلَاةِ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَأَذِّنْ بِالصَّلَاةِ قَالَ عِيَاضٌ الْمُرَادُ الْإِعْلَامُ الْمَحْضُ بِحُضُورِ وَقْتِهَا لَا خُصُوصُ الْأَذَانِ الْمَشْرُوعِ وَأَغْرَبَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنِ الْعَرَبِيِّ فَحَمَلَ قَوْلَهُ أَذِّنْ عَلَى الْأَذَانِ الْمَشْرُوعِ وَطَعَنَ فِي صِحَّةِ حَدِيثِ بن عُمَرَ.

     وَقَالَ  عَجَبًا لِأَبِي عِيسَى كَيْفَ صَحَّحَهُ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ شَرْعَ الْأَذَانِ إِنَّمَا كَانَ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ انْتَهَى وَلَا تُدْفَعُ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ بِمِثْلِ هَذَا مَعَ إِمْكَانِ الْجَمْعِ كَمَا قدمْنَاهُ وَقد قَالَ بن مَنْدَه فِي حَدِيث بن عُمَرَ إِنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ قَوْله يَا بِلَالُ قُمْ قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ فِيهِ حُجَّةٌ لشرع الْأَذَان قَائِما قلت وَكَذَا احْتج بن خُزَيْمَة وبن الْمُنْذِرِ.
وَتَعَقَّبَهُ النَّوَوِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ قُمْ أَيِ اذْهَبْ إِلَى مَوْضِعٍ بَارِزٍ فَنَادِ فِيهِ بِالصَّلَاةِ لِيَسْمَعَكَ النَّاسُ قَالَ وَلَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْقِيَامِ فِي حَالِ الْأَذَانِ انْتَهَى وَمَا نَفَاهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ فَإِنَّ الصِّيغَةَ مُحْتَمِلَةٌ لِلْأَمْرَيْنِ وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ أَرْجَحَ وَنَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّ مَذْهَبَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَنَّ الْأَذَانَ قَاعِدًا لَا يَجُوزُ إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ وَوَافَقَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْمَالِكِيِّ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ الْخِلَافَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَبِأَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ كُلِّهِمْ أَنَّ الْقِيَامَ سُنَّةٌ وَأَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ قَاعِدًا صَحَّ وَالصَّوَابُ مَا قَالَ بن الْمُنْذِرِ أَنَّهُمُ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْقِيَامَ مِنَ السُّنَّةِ فَائِدَةٌ كَانَ اللَّفْظُ الَّذِي يُنَادِي بِهِ بِلَال للصَّلَاة قَوْله الصَّلَاة جَامِعَة أخرجه بن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ مِنْ مَرَاسِيلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَظَنَّ بَعْضُهُمْ أَنَّ بِلَالًا حِينَئِذٍ إِنَّمَا أُمِرَ بِالْأَذَانِ الْمَعْهُودِ فَذَكَرَ مُنَاسَبَةَ اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِذَاكَ دُونَ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ كَانَ لَمَّا عُذِّبَ لِيَرْجِعَ عَنِ الْإِسْلَامِ فَيَقُولُ أَحَدٌ أَحَدٌ فَجُوزِيَ بِوِلَايَةِ الْأَذَانِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى التَّوْحِيدِ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ وَهِيَ مُنَاسَبَةٌ حَسَنَةٌ فِي اخْتِصَاصِ بِلَالٍ بِالْأَذَانِ إِلَّا أَنَّ هَذَا الْمَوْضِعَ لَيْسَ هُوَ محلهَا وَفِي حَدِيث بن عُمَرَ دَلِيلٌ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ طَلَبِ الْأَحْكَامِ مِنَ الْمَعَانِي الْمُسْتَنْبَطَةِ دُونَ الِاقْتِصَارِ عَلَى الظَّوَاهِرِ قَالَهُ بن الْعَرَبِيِّ وَعَلَى مُرَاعَاةِ الْمَصَالِحِ وَالْعَمَلِ بِهَا وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا شَقَّ عَلَيْهِمُ التَّبْكِيرُ إِلَى الصَّلَاةِ فَتَفُوتُهُمْ أَشْغَالُهُمْ أَوِ التَّأْخِيرُ فَيَفُوتُهُمْ وَقْتُ الصَّلَاةِ نَظَرُوا فِي ذَلِكَ وَفِيهِ مَشْرُوعِيَّةُ التَّشَاوُرِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ وَأَنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الْمُتَشَاوِرِينَ إِذَا أَخْبَرَ بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ وَفِيهِ مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعُمَرَ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ إِثْبَاتُ حُكْمِ الْأَذَانِ بِرُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ لِأَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ مُقَارَنَةِ الْوَحْيِ لِذَلِكَ أَوْ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِمُقْتَضَاهَا لِيَنْظُرَ أَيُقَرُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَا سِيَّمَا لَمَّا رَأَى نَظْمَهَا يَبْعُدُ دُخُولُ الْوَسْوَاسِ فِيهِ وَهَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ اجْتِهَادِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَحْكَامِ وَهُوَ الْمَنْصُورُ فِي الْأُصُولِ وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي الْمَرَاسِيلِ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ اللَّيْثِيِّ أَحَدِ كِبَارِ التَّابِعِينَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ فَمَا رَاعَهُ إِلَّا أَذَانُ بِلَالٍ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَقَكَ بِذَلِكَ الْوَحْيُ وَهَذَا أَصَحُّ مِمَّا حَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنِ بن إِسْحَاقَ أَنَّ جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْأَذَانِ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ وَعُمَرُ بِثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ وَأَشَارَ السُّهَيْلِيُّ إِلَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ابْتِدَاءِ شَرْعِ الْأَذَانِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّنْوِيهُ بِعُلُوِّ قَدْرِهِ عَلَى لِسَانِ غَيره ليَكُون أفخم لشأنه وَالله أعلم