الْفَصْلُ الْخَامِسُ . هَذَا يَجْمَعُ فُصُولًا ثَلَاثَةً ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ ، وَالصُّحُفِ السَّالِفَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ ، وَالْعُلَمَاءِ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

41 حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ السِّنْدِيِّ ، قَالَ : حدثنا النَّضْرُ بْنُ سَلَمَةَ ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سَعِيدٍ الْمُسَاحِقِيُّ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ سُحَيْمٍ ، وَرُبَيْحِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي مَالِكَ بْنَ سِنَانٍ ، يَقُولُ : جِئْتُ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَوْمًا ، لِأَتَحَدَّثَ فِيهِمْ ، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ فِي هُدْنَةٍ مِنَ الْحَرْبِ ، فَسَمِعْتُ يُوشَعَ الْيَهُودِيَّ يَقُولُ : أَظَلَّ خُرُوجُ نَبِيٍّ ، يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ يَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ ، فَقَالَ لَهُ خَلِيفَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْأَشْهَلِيُّ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِهِ : مَا صِفَتُهُ ؟ قَالَ : رَجُلٌ لَيْسَ بِقَصِيرٍ ، وَلَا بِالطَّوِيلِ ، فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ ، يَلْبَسُ الشَّمْلَةَ ، وَيَرْكَبُ الْحِمَارَ ، سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ ، وَهَذَا الْبَلَدُ مُهَاجَرُهُ . قَالَ : فَخَرَجْتُ إلَى قَوْمِي بَنِي خُدْرَةَ ، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ أَتَعَجَّبُ مِمَّا قَالَ ، فَأَسْمَعُ رَجُلًا يَقُولُ : وَيُوشَعُ يَقُولُ هَذَا وَحْدَهُ ، كُلُّ يَهُودِ يَثْرِبَ تَقُولُ هَذَا ؟ قَالَ أَبِي مَالِكُ بْنُ سِنَانٍ : فَخَرَجْتُ حَتَّى جِئْتُ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَأَجِدُ جَمْعًا ، فَتَذَاكَرُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَاطَا : قَدْ طَلَعَ الْكَوْكَبُ الْأَحْمَرُ الَّذِي لَمْ يَطْلُعْ إِلَّا بِخُرُوجِ نَبِيٍّ وَظُهُورِهِ ، وَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا أَحْمَدُ ، وَهَذِهِ مُهَاجَرُهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ أَخْبَرَهُ أَبِي هَذَا الْخَبَرَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ أَسْلَمَ الزُّبَيْرُ وَذَوُوهُ مِنْ رُؤَسَائِهِمْ كُلُّهُمْ لَهُ تَبَعٌ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

42 حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، قَالَ : حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ ، وَأَبُو عَامِرٍ عَبْدُ عَمْرِو بْنُ صَيْفِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ ضُبَيْعَةَ بْنِ زَيْدٍ كَانَ قَدْ تَرَهَّبَ وَلَبِسَ الْمُسُوحَ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : الرَّاهِبُ ، كَانَ قَدْ أَدْرَكَ وَسَمِعَ ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ مُحَمَّدٍ : مَا كَانَ فِي الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ رَجُلٌ وَاحِدٌ أَوْصَفَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ ، كَانَ يَأْلَفُ الْيَهُودَ ، وَيُسَائِلُهُمْ عَنِ الدِّينِ ، وَيُخْبِرُونَهُ بِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ ، فَسَأَلَ النَّصَارَى ، فَأَخْبَرُوهُ بِصِفَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَرَجَعَ أَبُو عَامِرٍ وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا عَلَى دِينِ إِبْرَاهِيمَ الْحَنِيفِيِّ ، فَأَقَامَ مُتَرَهِّبًا ، وَزَعَمَ أَنَّهُ يَنْتَظِرُ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا ظَهَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ لَمْ يَخْرُجْ إِلَيْهِ ، وَأَقَامَ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ ، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ قَدِمَ الْمَدِينَةَ ، فَقَالَ : مَا هَذَا الدِّينُ الَّذِي جِئْتَ بِهِ ؟ قَالَ : جِئْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ دِينِ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : فَأَنَا عَلَيْهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ، إِنَّكَ لَسْتَ عَلَيْهَا ، قَالَ : بَلَى , أَدْخَلْتَ يَا مُحَمَّدُ فِي الْحَنِيفِيَّةِ مَا لَيْسَ فِيهَا ، قَالَ : ، مَا فَعَلْتُ ، وَلَكِنِّي جِئْتُ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، قَالَ أَبُو عَامِرٍ ، الْكَاذِبُ - أَمَاتَهُ اللَّهُ طَرِيدًا ، غَرِيبًا ، وَحِيدًا - يُعَرِّضُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّكَ جِئْتَ كَذَلِكَ ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ، أَجَلْ ، فَمَنْ كَذَبَ فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ بِهِ ، فَكَانَ هُوَ عَدُوُّ اللَّهِ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ ، فَلَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ خَرَجَ إِلَى الطَّائِفِ ، فَلَمَّا أَسْلَمَ أَهْلُ الطَّائِفِ لَحِقَ بِالشَّامِ ، فَمَاتَ طَرِيدًا ، غَرِيبًا ، وَحِيدًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

43 حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حدثنا ابْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ ، قَالَ : حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ ، عَنْ شَيْخٍ ، مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ : هَلْ تَدْرِي مَا كَانَ عَلَامَةُ إِسْلَامِ ثَعْلَبَةَ بْنِ سُعْنَةَ ، وَأُسَيْدِ بْنِ سُعْنَةَ ، وَأَسَدِ بْنِ عُبَيْدٍ ؟ نَفَرٌ مِنْ بَنِي ذُهْلٍ ، لَيْسُوا مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَلَا بَنِي نَضِيرٍ ، نَسَبُهُمْ مِنْ بَنِي ذُهْلٍ ، أَوْ ذُهَيْلٍ ، أَتَوْا بَنِي قُرَيْظَةَ كَانُوا مَعَهُمْ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ ، ثُمَّ كَانُوا سَادَتَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ، قَالَ : قُلْتُ : لَا ، قَالَ : فَإِنَّ رَجُلًا مِنْ يَهُودِ أَهْلِ الشَّامِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ الْهَيَّبَانِ ، قَدِمَ عَلَيْنَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ بِسَنَوَاتٍ ، فَحَلَّ بَيْنَ أَظْهُرِنَا ، وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا قَطُّ يُصَلِّي الْخَمْسَ أَفْضَلَ مِنْهُ ، فَأَقَامَ عِنْدَنَا ، فَكُنَّا إِذَا قَحَطَ الْمَطَرُ قُلْنَا لَهُ : يَا ابْنَ الْهَيَّبَانِ ، قُمْ ، فَاسْتَسْقِ لَنَا ، فَيَقُولُ : لَا ، وَاللَّهِ حَتَّى تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ مُخْرِجِكُمْ صَدَقَةً ، فَيَقُولُونَ : كَمْ ؟ فَيَقُولُ : صَاعًا تَمْرًا ، أَوْ مُدًّا مِنْ شَعِيرٍ عَنْ كُلِّ إِنْسَانٍ ، قَالَ : فَنُخْرِجُهَا ، فَيَخْرُجُ بِنَا إِلَى ظَاهَرِ حَرَّتِنَا ، فَيَسْتَسْقِي لَنَا ، فَوَاللَّهِ مَا يَبْرَحُ مِنْ مَجْلِسِهِ ، حَتَّى يَمُرَّ السَّحَابُ السَّرَاحُ سَائِلَةً ، وَنُسْقَى بِهِ ، فَفَعَلَ ذَلِكَ غَيْرَ مَرَّةٍ ، وَلَا مَرَّتَيْنِ ، وَلَا ثَلَاثًا : ثُمَّ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّهُ مَيِّتٌ قَالَ : يَا مَعْشَرَ يَهُودَ ، مَا تَرَوْنَهُ أَخْرَجَنِي مِنْ أَرْضِ الْخَمْرِ وَالْخَمِيرِ إِلَى أَرْضِ الْجُوعِ وَالْبُؤْسِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : اللَّهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : فَإِنِّي قَدِمْتُ إِلَى هَذَا الْبَلَدِ لِتَوَكُّفِ خُرُوجِ نَبِيٍّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ ، هَذِهِ الْبَلْدَةُ مُهَاجَرُهُ ، فَكُنْتُ أَرْجُو أَنْ يُبْعَثَ فَأَتَّبِعَهُ ، وَقَدْ أَظَلَّكُمْ زَمَانُهُ ، فَلَا يَسْبِقَنَّكُمْ إِلَيْهِ يَا مَعَاشِرَ الْيَهُودِ أَحَدٌ ، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ بِسَفْكِ الدِّمَاءِ ، وَسَبْيِ الذَّرَارِي وَالنِّسَاءِ مِمَّنْ خَالَفَهُ ، فَلَا يَمْنَعْكُمْ ذَلِكَ مِنْهُ ، فَلَمَّا بُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ قَالَ هَؤُلَاءِ الْفِتْيَةُ ، وَكَانُوا شَبَابًا أَحْدَاثًا : يَا بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَلنَّبِيُّ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْكُمُ ابْنُ الْهَيَّبَانِ ، فَقَالُوا : لَيْسَ بِهِ ، قَالُوا : بَلَى ، وَاللَّهِ إِنَّهُ لَهُوَ بِصِفَتِهِ ، وَنَزَلُوا وَأَسْلَمُوا ، فَأَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ ، وَأَمْوَالَهُمْ ، وَأَهْلِيهِمْ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

44 حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ الْحَسَنِ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَرْوَزِيُّ ، قَالَ : حدثنا أَحْمَدُ بْنُ أَيُّوبَ ، قَالَ : حدثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، أَنَّهُ قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ عِكْرِمَةَ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ يَهُودَ ، كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ مَبْعَثِهِ ، فَلَمَّا بَعَثَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْعَرَبِ كَفَرُوا بِهِ ، وَجَحَدُوا مَا كَانُوا يَقُولُونَ فِيهِ ، فَقَالَ لَهُمْ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ ، وَبِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ أَخُو بَنِي سَلَمَةَ : يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ ، اتَّقُوا اللَّهَ ، وَأَسْلِمُوا ، وَقَدْ كُنْتُمْ تَسْتَفْتِحُونَ عَلَيْنَا بِمُحَمَّدٍ ، وَإِنَّا أَهْلُ الشِّرْكِ ، وَتُخْبِرُونَا بِأَنَّهُ مَبْعُوثٌ ، وَتَصِفُونَهُ لَنَا بِصِفَتِهِ ، فَقَالَ سَلَّامُ بْنُ مِشْكَمٍ : مَا هُوَ بِالَّذِي كُنَّا نَذْكُرُ لَكُمْ مَا جَاءَنَا بشَيْءٍ نَعْرِفُهُ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ { وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا ، فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ }

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

45 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ بْنِ بَحْرٍ ، قَالَ : حدثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ الْقَطَّانُ ، قَالَ : حدثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى ، قَالَ : حدثنا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالَ : حدثنا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ كَعْبِ الْأَحْبَارِ ، قَالَ : كَانَ سَبَبُ اسْتِنْقَاذِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ بَابِلَ رُؤْيَا بُخْتُنَصَّرَ ، فَإِنَّهُ رَأَى رُؤْيَا فَزِعَ مِنْهَا ، فَدَعَا كَهَنَتَهُ ، وَسَحَرَتَهُ ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَا أَصَابَهُ مِنَ الْكَرْبِ فِي رُؤْيَاهُ ، وَسَأَلَهُمْ أَنْ يَعْبُرُوهَا لَهُ ؟ فَقَالُوا : قُصَّهَا عَلَيْنَا ، قَالَ : قَدْ نَسِيتُهَا ، فَأَخْبِرُونِي بِتَأْوِيلِهَا ، قَالُوا : فَإِنَّا لَا نَقْدِرُ أَنْ نُخْبِرَكَ بِتَأْوِيلِهَا حَتَّى تَقُصَّهَا . فَغَضِبَ ، وَقَالَ : اخْتَرْتُكُمْ ، وَاصْطَنَعْتُكُمْ لِمِثْلِ هَذَا ، اذْهَبُوا فَقَدْ أَجَّلْتُكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنْ أَتَيْتُمُونِي بِتَأْوِيلِهَا ، وَإِلَّا قَتَلْتُكُمْ ، وَشَاعَ ذَلِكَ فِي النَّاسِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ دَانْيَالَ ، وَهُوَ مَحْبُوسٌ ، فَقَالَ لِصَاحِبِ السِّجْنِ ، - وَهُوَ إِلَيْهِ مُحْسِنٌ - : هَلْ لَكَ أَنْ تَذْكُرَنِي لِلْمَلِكِ ، فَإِنَّ عِنْدِي عِلْمَ رُؤْيَاهُ ، وَإِنِّي أَرْجُو أَنْ تَنَالَ عِنْدَهُ بِذَلِكَ مَنْزِلَةً ، وَتَكُونَ سَبَبَ عَافِيَتِي ، قَالَ لَهُ صَاحِبُ السِّجْنِ ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ سَطْوَةَ الْمَلِكِ ، لَعَلَّ غَمَّ السِّجْنِ حَمَلَكَ عَلَى أَنْ تَتَرَوَّحَ بِمَا لَيْسَ عِنْدَكَ فِيهِ عِلْمٌ ، مَعَ أَنِّي أَظُنُّ إِنْ كَانَ عِنْدَ أَحَدٍ فِي هَذِهِ الرُّؤْيَا عِلْمٌ فَأَنْتَ هُوَ ، قَالَ دَانْيَالُ : لَا تَخَفْ عَلَيَّ ، فَإِنَّ لِي رَبًّا يُخْبِرُنِي بِمَا شِئْتُ مِنْ حَاجَتِي . فَانْطَلَقَ صَاحِبُ السِّجْنِ ، فَأَخْبَرَ بُخْتُنَصَّرَ بِذَلِكَ ، فَدَعَا دَانْيَالَ ، فَأُدِخَلَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا يَسْجُدُ لَهُ ، فَوَقَفَ دَانْيَالَ ، فَلَمْ يَسْجُدْ ، فَقَالَ الْمَلِكُ لِمَنْ فِي الْبَيْتِ : اخْرُجُوا فَخَرَجُوا ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرَ لِدَانْيَالَ : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِي ؟ قَالَ دَانْيَالُ : إِنَّ لِي رَبًّا آتَانِي هَذَا الْعِلْمَ الَّذِي سَمِعْتَ بِهِ عَلَى أَنْ لَا أَسْجُدَ لِغَيْرِهِ ، فَخَشِيتُ أَنْ أَسْجُدَ لَكَ ؛ فَيَنْسَلِخَ عَنِّي هَذَا الْعِلْمُ ، ثُمَّ أَصِيرُ فِي يَدِكَ أُمِّيًّا ، فَلَا تَنْتَفِعُ بِي ، فَتَقْتُلُنِي ، فَرَأَيْتُ تَرْكَ السَّجْدَةَ أَهْوَنَ مِنْ قَتْلِي ، وَخَطَرُ سَجْدَةٍ أَهْوَنُ مِنَ الْكَرْبِ ، وَالْبَلَاءِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ ، فَتَرَكْتُ السُّجُودَ نَظَرًا إِلَى ذَلِكَ ، فَقَالَ بُخْتُنَصَّرَ : لَمْ يَكُنْ أَوْثَقُ فِي نَفْسِي مِنْكَ حِينَ وَفَيْتَ لِإِلَهِكَ ، وَأَحَبُّ الرِّجَالِ عِنْدِي الَّذِينَ يُوفُونَ لِأَرْبَابِهِمْ بِالْعُهُودِ ، فَهَلْ عِنْدَكَ عِلْمٌ بِهَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ ؟ قَالَ : نَعَمْ عِنْدِي عِلْمُهَا ، وَتَفْسِيرُهَا ، رَأَيْتَ صَنَمًا عَظِيمًا رِجْلَاهُ فِي الْأَرْضِ ، وَرَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ ، أَعْلَاهُ مِنْ ذَهَبٍ ، وَأَوْسَطُهُ مِنْ فِضَّةٍ ، وَأَسْفَلُهُ مِنْ نُحَاسٍ ، وَسَاقَاهُ مِنْ حَدِيدٍ ، وَرِجْلَاهُ مِنْ فَخَّارٍ ، فَبَيْنَا أَنْتَ تَنْظُرُ إِلَيْهِ قَدْ أَعْجَبَكَ حُسْنَهُ ، وِإِحْكَامَ صَنْعَتِهِ قَذَفَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِحَجَرٍ مِنَ السَّمَاءِ ، فَوَقَعَ عَلَى قِمَّةِ رَأْسِهِ ، فَدَقَّهُ حَتَّى طَحَنَهُ ، فَاخْتَلَطَ ذَهَبُهُ ، وَفِضَّتُهُ وَنُحَاسُهُ ، وَحَدِيدُهُ ، وَفَخَّارُهُ ، حَتَّى تَخَيَّلَ إِلَيْكَ لَوِ اجْتَمَعَ جَمِيعُ الْإِنْسِ ، وَالْجِنِّ عَلَى أَنْ يُمَيِّزُوا بَعْضَهُ مِنْ بَعْضٍ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى ذَلِكَ ، وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ لَأَذْرَتْهُ ، وَنَظَرْتَ إِلَى الْحَجَرِ الَّذِي قُذِفَ بِهِ يَرْبُو ، وَيَعْظُمُ وَيَنْتَشِرُ ، حَتَّى مَلَأَ الْأَرْضَ كُلَّهَا ، فَصِرْتَ لَا تَرَى إِلَّا السَّمَاءَ ، وَالْحَجَرَ ، فَقَالَ لَهُ بُخْتُنَصَّرَ : صَدَّقْتَ هَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي رَأَيْتُ ، فَمَا تَأْوِيلُهَا ؟ قَالَ دَانْيَالُ : فَأَمَّا الصَّنَمُ ، فَأُمَمٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي أَوَّلِ الزَّمَانِ ، وَفِي أَوْسَطِهِ ، وَفِي آخِرِهِ ، وَأَمَّا الذَّهَبُ فَهَذَا الزَّمَانُ ، وَهَذِهِ الْأُمَّةُ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا ، وَأَنْتَ مَلِكٌ لَهَا ، وَأَمَّا الْفِضَّةُ فَابْنُكَ يَمْلِكُ بَعْدَكَ ، وَأَمَّا النُّحَاسُ ، فَإِنَّهُ الرُّومُ ، وَأَمَّا الْحَدِيدُ فَفَارِسُ ، وَأَمَّا الْفَخَّارُ فَأُمَّتَانِ يَمْلِكُهُمَا امْرَأَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي مَشْرِقِ الْيَمَنِ ، وَالْأُخْرَى فِي غَرْبِ الشَّامِ ، وَأَمَّا الْحَجَرُ الَّذِي قُذِفَ بِهِ الصَّنَمُ فَدِينُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَقْذِفُ بِهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ؛ لِيُظْهِرَهُ عَلَيْهَا ، فَيَبْعَثُ اللَّهُ نَبِيًّا أُمِّيًّا مِنَ الْعَرَبِ ، فَيُدَوِّخُ اللَّهُ بِهِ الْأُمَمَ ، وَالْأَدْيَانَ ، كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ دَوَّخَ أَصْنَافَ الصَّنَمِ ، وَيُظْهِرُهُ عَلَى الْأَدْيَانِ وَالْأُمَمِ كَمَا رَأَيْتَ الْحَجَرَ ظَهَرَ عَلَى الْأَرْضِ ، وَانْتَشَرَ فِيهَا ، حَتَّى عَلَاهَا ، فَيُمَحِّصُ اللَّهُ بِهِ الْحَقَّ ، وَيُزْهِقُ بِهِ الْبَاطِلَ ، وَيَهْدِي بِهِ الضَّلَالَةَ ، وَيُعَلِّمُ بِهِ الأُمِّيِّينَ ، وَيُقَوِّي بِهِ الضَّعَفَةَ ، وَيُعِزُّ بِهِ الْأَذِلَّةَ ، وَيَنْصُرُ بِهِ الْمُسْتَضْعَفِينَ ، قَالَ بُخْتُنَصَّرَ : مَا أَعْلَمُ أَحَدًا اسْتَعَنْتُ بِهِ مُنْذُ وُلِّيتُ الْمُلْكَ عَلَى شَيْءٍ غَلَبَنِي غَيْرَكَ ، وَلَا أَحَدَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ أَعْظَمُ مِنْ يَدِكَ ، وَأَنَا أُجَازِيكَ بِإِحْسَانِكَ . وَذَكَرَ الْقِصَّةَ بِمَا يَلِيهَا .

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

46 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، قَالَ : حدثنا الْحَسَنُ بْنُ الْجَهْمِ ، قَالَ : حدثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَرَجِ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّقَفِيُّ ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عِيسَى الثَّقَفِيُّ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى بْنِ كَعْبٍ الثَّقَفِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَغَيْرِهِمْ ، كُلٌّ قَدْ حَدَّثَنِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِطَائِفَةٍ . قَالَ : قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فِي خُرُوجِهِ إِلَى الْمُقَوْقِسِ مَعَ بَنِي مَالِكٍ ، وَأَنَّهُمْ لَمَّا دَخَلُوا عَلَى الْمُقَوْقِسِ قَالَ لَهُمْ : كَيْفَ خَلَصْتُمْ إِلَيَّ مِنْ طَلَبَتِكُمْ ، وَمُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ؟ قَالُوا : لَصَقْنَا بِالْبَحْرِ ، وَقَدْ خِفْنَاهُ عَلَى ذَلِكَ ، قَالَ : كَيْفَ صَنَعْتُمْ فِيمَا دَعَاكُمْ إِلَيْهِ ؟ قَالُوا : مَا تَبِعَهُ مِنَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ قَالَ : لِمَ ؟ قَالُوا : جَاءَنَا بِدِينٍ مُحْدَثٍ لَا تَدِينُ بِهِ الْآبَاءُ ، وَلَا يَدِينُ بِهِ الْمَلِكُ ، وَنَحْنُ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ آبَاؤُنَا ، قَالَ : كَيْفَ صَنَعَ قَوْمُهُ ؟ قَالَ : اتَّبَعَهُ أَحْدَاثُهُمْ ، وَقَدْ لَاقَاهُ مَنْ خَالَفَهُ مِنْ قَوْمِهِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْعَرَبِ فِي مَوَاطِنَ ، مَرَّةً تَكُونُ عَلَيْهِمُ الدَّبْرَةُ ، وَمَرَّةً تَكُونُ لَهُ ، قَالَ : أَلَا تُخْبِرُونَنِي ، وَتَصْدُقُونَنِي إِلَى مَاذَا يَدْعُو ؟ قَالُوا : يَدْعُو إِلَى أَنْ نَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَنَخْلَعَ مَا كَانَ يَعْبُدُ الْآبَاءُ ، وَيَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ ، قَالَ : وَمَا الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ ، أَلَهُمَا وَقْتٌ يُعْرَفُ ، وَعَدَدٌ يَنْتَهِي ؟ قَالُوا : يُصَلُّونَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ خَمْسَ صَلَوَاتٍ ، كُلُّهَا لِمَوَاقِيتَ ، وَعَدَدٍ سَمُّوهُ لَهُ ، وَيُؤَدُّونَ مِنْ كُلِّ مَال بَلَغَ عِشْرِينَ مِثْقَالًا مِثْقَالًا ، وَكُلِّ إِبِلٍ بَلَغَتْ خَمْسًا شَاةً ، وَأَخْبَرُوهُ بِصَدَقَةِ الْأَمْوَالِ كُلِّهَا ، قَالَ : أَفَرَأَيْتُمْ إِذَا أَخَذَهَا ، أَيْنَ يَضَعُهَا ؟ قَالُوا : يَرُدُّهَا عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، وَيَأْمُرُ بِصِلَةِ الرَّحِمِ ، وَوَفَاءِ الْعَهْدِ ، وَتَحْرِيمِ الرِّبَا ، وَالزِّنَا ، وَالْخَمْرِ ، وَلَا يَأْكُلُ مَا ذُبِحَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، قَالَ : هُوَ نَبِيُّ مُرْسَلٌ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَلَوْ أَصَابَ الْقِبْطَ وَالرُّومَ تَبِعُوهُ ، وَقَدْ أَمَرَهُمْ بِذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَهَذَا الَّذِي تَصِفُونَ مِنْهُ بُعِثَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِهِ ، وَسَتَكُونُ لَهُ الْعَاقِبَةُ حَتَّى لَا يُنَازِعَهُ أَحَدٌ ، وَيَظْهَرُ دِينُهُ إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ ، وَالْحَافِرِ ، وَمُنْقَطِعِ الْبُحُورِ ، وَيُوشِكُ قَوْمُهُ يُدَافِعُونَهُ بِالرِّمَاحِ . قَالَ : قُلْنَا : لَوْ دَخَلَ النَّاسُ كُلُّهُمْ مَعَهُ مَا دَخَلْنَا ، قَالَ : فَأَنْغَضَ رَأْسَهُ وَقَالَ : أَنْتُمْ فِي اللَّعِبِ . ثُمَّ قَالَ : كَيْفَ نَسَبُهُ فِي قَوْمِهِ ؟ قُلْنَا : هُوَ أَوْسَطُهُمْ نَسَبًا ، قَالَ : كَذَلِكَ الْمَسِيحُ ، وَالْأَنْبِيَاءُ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، تُبْعَثُ فِي نَسَبِ قَوْمِهَا ، قَالَ : كَيْفَ صِدْقُهُ فِي حَدِيثِهِ ؟ قَالَ : قُلْنَا : مَا يُسَمَّى إِلَّا الْأَمِينُ مِنْ صِدْقِهِ ، قَالَ : انْظُرُوا فِي أَمْرِكُمْ ، أَتَرَوْنَهُ يَصْدُقُ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ ، وَيَكْذِبُ عَلَى اللَّهِ قَالَ : فَمَنْ تَبِعَهُ ؟ قُلْنَا : الْأَحْدَاثُ ، قَالَ : هُمْ - وَالْمَسِيحِ - أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ ، قَالَ : فَمَا فَعَلَتْ يَهُودُ يَثْرِبَ فَهُمْ أَهْلُ التَّوْرَاةِ ؟ قُلْنَا : خَالَفُوهُ ، فَأَوْقَعَ بِهِمْ ، فَقَتَلَهُمْ ، وَسَبَاهُمْ ، وَتَفَرَّقُوا فِي كُلِّ وَجْهٍ ، قَالَ : هُمْ حَسَدَةٌ ، حَسَدُوهُ ، أَمَا أَنَّهُمْ يَعْرِفُونَ مِنْ أَمْرِهِ مِثْلَ مَا نَعْرِفُ . قَالَ الْمُغِيرَةُ : فَقُمْنَا مِنْ عِنْدِهِ ، وَقَدْ سَمِعْنَا كَلَامًا ذَلَّلَنَا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَخَضَّعَنَا ، وَقُلْنَا : مُلُوكُ الْعَجَمِ يُصَدِّقُونَهُ ، وَيُخَافُونَهُ فِي بُعْدِ أَرْحَامِهِمْ مِنْهُ ، وَنَحْنُ أَقْرِبَاؤُهُ وَجِيرَانُهُ لَمْ نَدْخُلْ مَعَهُ قَدْ جَاءَنَا دَاعِيًا إِلَى مَنَازِلِنَا . قَالَ الْمُغِيرَةُ : فَرَجَعْنَا إِلَى مَنَازِلِنَا ، فَأَقَمْتُ بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ ، لَا أَدَعُ كَنِيسَةً إِلَّا دَخَلْتُهَا ، وَسَأَلْتُ أَسَاقِفَهَا مِنْ قِبْطِهَا ، وَرُومِهَا ، عَمَّا يَجِدُونَ مِنْ صِفَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ أَسْقُفٌ مِنَ الْقِبْطِ هُوَ رَأْسُ كَنِيسَةِ أَبِي غَنِيٍّ ، كَانُوا يَأْتُونَهُ بِمَرْضَاهِمْ ، فَيَدْعُو لَهُمْ ، لَمْ أَرَ أَحَدًا قَطُّ يُصَلِّي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْهُ ، فَقُلْتُ : أَخْبِرْنِي هَلْ بَقِيَ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَهُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ ، لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ أَحَدٌ ، وَهُوَ نَبِيُّ قَدْ أَمَرَنَا عِيسَى بِاتِّبَاعِهِ ، وَهُوَ النَّبِيُّ الْأُمِّيُّ الْعَرَبِيُّ ، اسْمُهُ أَحْمَدُ ، لَيْسَ بِالطَّوِيلِ ، وَلَا بِالْقَصِيرِ ، فِي عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ ، لَيْسَ بِالْأَبْيَضِ ، وَلَا بِالْآدَمِ ، يُعْفِي شَعْرَهُ ، وَيَلْبَسُ مَا غَلُظَ مِنَ الثِّيَابِ ، وَيَجْتَزِئُ بِمَا لَقِيَ مِنَ الطَّعَامِ ، سَيْفُهُ عَلَى عَاتِقِهِ ، وَلَا يُبَالِي مَنْ لَاقَى ، يُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ ، وَمَعَ أَصْحَابِهِ ، يُفْدُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ ، هُمْ لَهُ أَشَدُّ حُبًّا مِنْ أَوْلَادِهِمْ وَآبَائِهِمْ ، يَخْرُجُ مِنْ أَرْضِ الْقَرَظِ ، وَمِنْ حَرَمٍ يَأْتِي إِلَى حَرَمٍ ، يُهَاجِرُ إِلَى أَرْضٍ سِبَاخٍ وَنَخْلٍ ، يَدِينُ بِدِينِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . قَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ : زِدْنِي فِي صِفَتِهِ ، قَالَ : يَأْتَزِرُ عَلَى وَسَطِهِ ، وَيَغْسِلُ أَطْرَافَهُ ، وَيُخَصُّ بِمَا لَمْ يُخَصُّ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ قَبْلَهُ ، كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ ، وَبُعِثَ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، وَجُعِلَتْ لَهُ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى ، وَمَنْ كَانَ قَبْلَهُ مُشَدَّدًا عَلَيْهِمْ ، لَا يُصَلُّونَ إِلَّا فِي الْكَنَائِسِ وَالْبِيَعِ قَالَ الْمُغِيرَةُ : فَوَعَيْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ قَوْلِهِ ، وَقَوْلِ غَيْرِهِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَسْلَمْتُ ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ الْمَلِكُ ، وَقَالَتِ الْأَسَاقِفَةُ الَّذِينَ كُنْتُ أُسَائِلُهُمْ ، وَأَسْمَعُ مِنْهُمْ مِنْ رُؤَسَاءِ الْقِبْطِ وَالرُّومِ ، وَأَعْجَبَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَحَبَّ أَنْ يَسْمَعَهُ أَصْحَابُهُ ، فَكُنْتُ أُحَدِّثُهُمْ ذَلِكَ فِي الْيَوْمَيْنِ ، وَالثَّلَاثَةِ . قَالَ الشَّيْخُ : وَنُعُوتُهُ وَصِفَاتُهُ فِي الْكُتُبِ الْمُنَزَّلَةِ ، وَعِنْدَ الرَّهَابِنَةِ ، وَالْأَسَاقِفَةِ ، وَالْأَحْبَارِ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ مُسْتَفِيضٌ ، وَكَانُوا يَرْجِعُونَ فِي أَمْرِ بِعْثَتِهِ ، وَإِرْسَالِهِ إِلَى عِلْمٍ مُتَيَقَّنٍ كَالضَّرُورِيِّ ؛ لِتَبْشِيرِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ بِهِ ، وَبِإِرْسَالِهِ ، وَإِيصَائِهِمْ أُمَّتَهُمْ بِتَصْدِيقِهِ إِنْ أَدْرَكَتْهُ ، وَمَا كَانَتْ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْكُتُبِ وَالْعُهُودِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ عَنْ آبَائِهِمْ ، وَأَسْلَافِهِمْ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

47 وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، قَالَ : حدثنا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الصَّنْعَانِيُّ ، قَالَ : حدثنا زَيْدُ بْنُ الْمُبَارَكِ بن مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ الْمَخْزُومِيُِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ التَّيْمِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ، قَالَ : كَانَ كَعْبُ بْنُ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكٍ يَجْمَعُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمِّي يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَرُبَةً ، فَيَخْطُبُهُمْ ، فَيَقُولُ : أَمَّا بَعْدُ ، فَاسْمَعُوا ، وَتَعَلَّمُوا ، وَافْهَمُوا ، وَاعْلَمُوا ، لَيْلٌ سَاجٍ ، وَنَهَارٌ ضَاحٍ ، وَالْأَرْضُ مِهَادٌ ، وَالسَّمَاءُ بِنَاءٌ ، وَالْجِبَالُ أَوْتَادٌ ، وَالنُّجُومُ أَعْلَامٌ ، وَالْأَوَّلُونَ كَالْآخِرِينَ ، وَالْأُنْثَى وَالذَّكَرُ وَالزَّوْجُ إِلَى بِلًى صَائِرِينَ ، فَصِلُوا أَرْحَامَكُمْ ، وَاحْفَظُوا أَصْهَارَكُمْ ، وَثَمِّرُوا أَمْوَالَكُمْ ، فَهَلْ رَأَيْتُمْ مِنْ هَالِكٍ رَجَعَ ، أَوْ مَيِّتٍ نُشِرَ ، الدَّارُ أَمَامَكُمْ ، وَالظَّنُّ غَيْرُ مَا تَقُولُونَ ، حَرَمُكُمْ زَيِّنُوهُ ، وَعَظِّمُوهُ ، وَتَمَسَّكُوا بِهِ ، فَسَيَأْتِي لَهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ ، وَسَيَخْرُجُ مِنْهُ نَبِيُّ كَرِيمٌ . ثُمَّ يَقُولُ :
نَهَارٌ وَلَيْلٌ كُلُّ أَوْبٍ بِحَادِثٍ
سَوَاءٌ عَلَيْهَا لَيْلُهَا وَنَهَارُهَا

يَؤُوبَانِ بِالْأَحْدَاثِ حِينَ تَأَوَّبَا
وَبَالنِّعَمِ الضَّافِي عَلَيْنَا سُتُورُهَا

عَلَى غَفْلَةٍ يَأْتِي النَّبِيُّ مُحَمَّدٌ
فَيُخْبِرُ أَخْبَارًا صَدُوقًا خَبِيرُهَا
ثُمَّ يَقُولُ : وَاللَّهِ لَوْ كُنْتُ فِيهَا ذَا سَمْعٍ ، وَبَصَرٍ ، وَيَدٍ ، وَرِجْلٍ لَتَنَصَّبْتُ فِيهَا تَنَصُّبَ الْجَمَلِ ، وَلَأَرْقَلْتُ فِيهَا إِرْقَالَ الْفَحْلِ . ثُمَّ يَقُولُ :
يَا لَيْتَنِي شَاهِدٌ فَحْوَاءَ دَعْوَتِهِ
حِينَ الْعَشِيرَةُ تَبْغِي الْحَقَّ خِذْلَانَا
وَكَانَ بَيْنَ مَوْتِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَبَيْنَ مَبْعَث النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسُمِائَةِ سَنَةٍ وَسِتُّونَ سَنَةً

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

48 حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، قَالَ : حدثنا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، قَالَ : حدثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، قَالَ : حدثنا مُلَازِمُ بْنُ عَمْرٍو ، قَالَ : حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : خَرَجْنَا وَفْدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ ، وَصَلَّيْنَا مَعَهُ ، وَأَخْبَرَنَاهُ أَنَّ بِأَرْضِنَا بَيْعَةً لَنَا ، وَاسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ ، فَدَعَا بِمَاءٍ ، فَتَوَضَّأَ مِنْهُ ، وَتَمَضْمَضَ مِنْهُ ، وَصَبَّ لَنَا فِي إِدَاوَةٍ ، ثُمَّ قَالَ : اذْهَبُوا بِهَذَا الْمَاءِ ، فَإِذَا قَدِمْتُمْ بَلَدَكُمْ ، فَاكْسِرُوا بَيْعَتَكُمْ ، وَانْضَحُوا مَكَانَهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ ، وَاتَّخِذُوا مَكَانَهَا مَسْجِدًا ، قُلْنَا : إِنَّ الْبَلَدَ بَعِيدٌ ، وَالْحَرَّ شَدِيدٌ ، وَالْمَاءَ يَنْشَفُ ، قَالَ : ، فَأَمِدُّوهُ مِنَ الْمَاءِ ، فَإِنَّ الْمَاءَ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا طِيبًا ، . قَالَ : فَخَرَجْنَا وَتَشَاحَحْنَا عَلَى حَمْلِ الْإِدَاوَةِ ، أَيُّنَا يَحْمِلُهَا ، فَجَعَلَهَا نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَنَا نَوْبًا عَلَى كُلِّ رَجُلٍ يَوْمًا وَلَيْلَةً ، فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا بَلَدَنَا ، فَفَعَلْنَا الَّذِي أَمَرَنَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَرَاهِبُنَا يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ مِنْ طَيِّئٍ ، فَأَذَّنَّا ، فَقَالَ رَاهِبُنَا لَمَّا سَمِعَ الْأَذَانَ : دَعْوَةُ حَقٍّ ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ تَلْعَةً مِنْ تِلَاعِنَا ، ثُمَّ ذَهَبَ فَلَمْ يُرَ بَعْدُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،