بَابُ ذِكْرِ هِجْرَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالْأَهْوَاءِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ تَمَسَّكَ بِمَا رَسَمْنَاهُ فِي كِتَابِنَا هَذَا وَهُوَ كِتَابُ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَهْجُرَ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنَ الْخَوَارِجِ وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ , وَكُلَّ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى الْمُعْتَزِلَةِ , وَجَمِيعَ الرَّوَافِضِ , وَجَمِيعَ النَّوَاصِبِ , وَكُلَّ مَنْ نَسَبَهُ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ مُبْتَدِعٌ بِدْعَةَ ضَلَالَةٍ , وَصَحَّ عَنْهُ ذَلِكَ , فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُكَلَّمَ وَلَا يُسَلَّمَ عَلَيْهِ , وَلَا يُجَالَسَ وَلَا يُصَلَّى خَلْفَهُ , وَلَا يُزَوَّجَ وَلَا يُتَزَوَّجَ إِلَيْهِ مَنْ عَرَفَهُ , وَلَا يُشَارِكَهُ وَلَا يُعَامِلَهُ وَلَا يُنَاظِرَهُ وَلَا يُجَادِلَهُ , بَلْ يُذِلَّهُ بِالْهَوَانِ لَهُ , وَإِذَا لَقِيتَهُ فِي طَرِيقٍ أَخَذْتَ فِي غَيْرِهَا إِنْ أَمْكَنَكَ . فَإِنْ قَالَ : فَلِمَ لَا أُنَاظِرُهُ وَأُجَادِلُهُ وَأَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلَهُ ؟ . قِيلَ لَهُ : لَا يُؤْمَنُ عَلَيْكَ أَنْ تُنَاظِرَهَ وَتَسْمَعَ مِنْهُ كَلَامًا يُفْسِدُ عَلَيْكَ قَلْبَكَ وَيَخْدَعُكَ بِبَاطِلِهِ الَّذِي زَيَّنَ لَهُ الشَّيْطَانُ فَتَهْلِكَ أَنْتَ ؛ إِلَّا أَنْ يَضْطَرَّكَ الْأَمْرُ إِلَى مُنَاظَرَتِهِ وَإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ بِحَضْرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ لِإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ , فَأَمَّا لِغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا . وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْتُهُ لَكَ فَقَوْلُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ , وَمُوَافِقٌ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَمَّا الْحُجَّةُ فِي هِجْرَتِهِمْ بِالسُّنَّةِ , فَقِصَّةُ هِجْرَةِ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخُرُوجِ مَعَهُ فِي غَزَاتِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ : كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ , وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ , وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِجْرَتِهِمْ , وَأَنْ لَا يُكَلَّمُوا , وَطَرَدَهُمْ حَتَّى نَزَلَتْ تَوْبَتُهُمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَهَكَذَا قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ لَمَّا كَتَبَ إِلَى قُرَيْشٍ يُحَذِّرُهُمْ خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيْهِمْ ؛ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِجْرَتِهِ وَطَرْدِهِ , فَلَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَوْبَتَهُ فَعَاتَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى فِعْلِهِ فَتَابَ عَلَيْهِ , وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَفْضَلُ الْعَمَلِ الْحَبُّ فِي اللَّهِ وَالْبُغْضُ فِي اللَّهِ . وَضَرْبُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِصَبِيغٍ , وَبَعَثَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ أَنْ لَا يُجَالِسُوهُ ؛ قَالَ : فَلَوْ جَاءَ إِلَى حَلْقَةٍ مَا هِيَ قَامُوا وَتَرَكُوهُ , وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : مَنْ وَقَّرَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فَقَدْ أَعَانَ عَلَى هَدْمِ الْإِسْلَامِ وَسَنَذْكُرُ عَنِ التَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَعْنَى مَا قُلْنَاهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1987 أَنْبَأَنَا أَبُو عُبَيْدٍ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ حَرْبٍ الْقَاضِي قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو السِّكِّينِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَيَّاشٍ , وَقَالَ لَهُ رَجُلٌ : يَا أَبَا بَكْرٍ مَنِ السُّنِّيُّ ؟ فَقَالَ : السُّنِّيُّ الَّذِي إِذَا ذُكِرَتِ الْأَهْوَاءُ لَمْ يَغْضَبْ لِشَيْءٍ مِنْهَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1988 وَحَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ : قَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ : إِنَّ الَّذِي تُعْرَضُ عَلَيْهِ السُّنَّةُ فَيَقْبَلُهَا لَغَرِيبٌ وَأَغْرَبُ مِنْهُ صَاحِبُهَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1989 وَحَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبَّاسٌ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ يَقُولُ : رَأَيْتُ زُهَيْرَ بْنَ مُعَاوِيَةَ جَاءَ إِلَى زَائِدَةَ بْنِ قُدَامَةَ فَكَلَّمَهُ فِي رَجُلٍ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ : مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ ؟ . فَقَالَ : مَا أَعْرِفُهُ بِبِدْعَةٍ , فَقَالَ زَائِدَةُ : هَيْهَاتَ أَمِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ هُوَ ؟ . فَقَالَ زُهَيْرٌ : مَتَى كَانَ النَّاسُ هَكَذَا ؟ . فَقَالَ زَائِدَةُ : وَمَتَى كَانَ النَّاسُ يَشْتُمُونَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1990 حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُخَرِّمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ , عَنْ حَرْبِ بْنِ مَيْمُونٍ , عَنْ خُوَيْلٍ قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : تَنْهَانَا عَنْ مُجَالَسَةِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَهَذَا ابْنُكَ عِنْدَهُ ؛ قَالَ : فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ ابْنُهُ فَقَالَ : يَا بُنَيَّ قَدْ عَرَفْتَ رَأْيِي فِي عَمْرٍو وَتَأْتِيهِ قَالَ : فَقَالَ : ذَهَبْتُ مَعَ فُلَانٍ , فَقَالَ : يَا بُنَيَّ أَنْهَاكَ عَنِ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَشُرْبِ الْخَمْرِ ؛ وَلَإِنْ تَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِهِنَّ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَلَقَّاهُ بِرَأْيِ عَمْرٍو وَأَصْحَابِ عَمْرٍو

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1991 حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى هَارُونُ بْنُ مَسْعُودٍ الدِّهْقَانُ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ حَسَّانَ قَالَ : قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : اتَّقُوا هَذِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُضِلَّةَ , قِيلَ لَهُ : بَيِّنْ لَنَا رَحِمَكَ اللَّهُ ؛ قَالَ سُفْيَانُ : أَمَّا الْمُرْجِئَةُ فَيَقُولُونَ : الْإِيمَانُ كَلَامٌ بِلَا عَمَلٍ , مَنْ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَهُوَ مُؤْمِنٌ مُسْتَكْمِلٌ إِيمَانَهُ عَلَى إِيمَانِ جِبْرِيلَ وَالْمَلَائِكَةِ وَإِنْ قَتَلَ كَذَا وَكَذَا مُؤْمِنًا وَإِنْ تَرَكَ الْغُسْلَ مِنَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ , وَهُمْ يَرَوْنَ السَّيْفَ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ , وَأَمَّا الشِّيعَةُ فَهُمْ أَصْنَافٌ كَثِيرَةٌ : مِنْهُمُ الْمَنْصُورِيَّةُ ؛ وَهُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : مَنْ قَتَلَ أَرْبَعِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ دَخَلَ الْجَنَّةَ , وَمِنْهُمُ الْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَخْنُقُونَ النَّاسَ وَيَسْتَحِلُّونَ أَمْوَالَهُمْ , وَمِنْهُمُ الْخِرْيَنَيَّةُ الَّذِينَ يَقُولُونَ : أَخْطَأَ جِبْرِيلُ بِالرِّسَالَةِ , وَأَفْضَلُهُمُ الزَّيْدِيَّةُ وَهُمْ يَنْتِفُونَ مِنْ عُثْمَانَ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ , وَيَرَوْنَ الْقِتَالَ مَعَ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى يَغْلِبَ أَوْ يُغْلَبَ , وَمِنْهُمُ الرَّافِضَةُ الَّذِينَ يَتَبَرَّءُونَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ وَيُكَفِّرُونَ النَّاسَ كُلَّهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةً : عَلِيًّا وَعَمَّارًا وَالْمِقْدَادَ وَسَلْمَانَ , وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَهُمْ يُكَذِّبُونَ بِعَذَابِ الْقَبْرِ وَبِالْحَوْضِ وَالشَّفَاعَةِ وَلَا يَرَوْنَ الصَّلَاةَ خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ ؛ إِلَّا مَنْ كَانَ عَلَى هَوَاهُمْ , وَكُلٌّ أَهْلُ هَوًى , فَإِنَّهُمْ يَرَوْنَ السَّيْفَ عَلَى أَهْلِ الْقِبْلَةِ . وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَإِنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ السَّيْفَ عَلَى أَحَدٍ , وَهُمْ يَرَوْنَ الصَّلَاةَ وَالْجِهَادَ مَعَ الْأَئِمَّةِ تَامَّةً قَائِمَةً , وَلَا يُكَفِّرُونَ أَحَدًا بِذَنْبٍ , وَلَا يَشْهَدُونَ عَلَيْهِ بِشِرْكٍ وَيَقُولُونَ : الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمِلٌ , مَخَافَةَ أَن يُزَكُّوا أَنْفُسَهُمْ , لَا يَكُونُ عَمَلٌ إِلَّا بِإِيمَانٍ , وَلَا إِيمَانُ إِلَّا بِعَمَلٍ . قَالَ سُفْيَانُ : فَإِنْ قِيلَ لَكَ : مَنْ إِمَامُكَ فِي هَذَا ؟ . فَقُلْ : سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،