ذِكْرُ عُبَّادِ أَهْلِ مَكَّةَ وَزُهَّادِهِمْ



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1532 حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ قَالَ : حدثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ : حدثنا أَبِي قَالَ : مَا رَأَيْتُ الْبَيْتَ بِغَيْرِ طَائِفٍ إِلَّا يَوْمَ مَاتَ الْمُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ قَالَ أَبُو بِشْرٍ : وَزَعَمُوا أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1533 حَدَّثَنِي أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَسَرَّةَ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ عُمَرَ الْوَهْطِيُّ قَالَ : أَقْبَلْتُ مِنَ الطَّائِفِ وَأَنَا عَلَى بَغْلٍ لِي ، فَلَمَّا كُنْتُ بِمَكَّةَ حَذْوَ الْمَقْبَرَةِ نَعِسْتُ ، فَرَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي وَأَنَا أَسِيرُ كَأَنَّ فِي الْمَقْبَرَةِ فُسْطَاطًا مَضْرُوبًا فِيهِ سِدْرَةٌ ، فَقُلْتُ : لِمَنْ هَذَا الْفُسْطَاطُ وَالسِّدْرَةُ ؟ فَقَالُوا : لِمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ ، وَكَأَنَّهُمُ الْأَمْوَاتُ ، فَقُلْتُ لَهُمْ : وَلِمَ فُضِّلَ عَلَيْكُمْ بِهَذَا ؟ قَالُوا : بِكَثْرَةِ الصَّلَاةِ قَالَ : قُلْتُ : فَابْنُ جُرَيْجٍ ؟ قَالُوا : هَيْهَاتَ ، رُفِعَ ذَاكَ فِي عِلِّيِّينَ ، وَغُفِرَ لِمَنْ شَهِدَ جِنَازَتَهُ وَكَانَ الْقَسُّ وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ مَكَّةَ فَسُمِّيَ الْقَسَّ لِعِبَادَتِهِ وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ الَّذِي ذَكَرَ ابْنَ شُبْرُمَةَ فِي شِعْرِهِ كَانَ يَطُوفُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ سَبْعِينَ أُسْبُوعًا ، وَفِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ أُسْبُوعًا قَالَ ابْنُ فُضَيْلٍ : فَكَسَّرْتُ ذَلِكَ فَإِذَا هِيَ سَبْعَةُ فَرَاسِخَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1534 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ : حدثنا سُفْيَانُ ، عَنِ ابْنِ شُبْرُمَةَ أَنَّهُ قَالَ لَهُ فِي كُرْزٍ الْحَارِثِيِّ وَمُحَمَّدِ بْنِ طَارِقٍ ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ طَارِقٍ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِ مَكَّةَ ، فَقَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ لَهُمَا :
لَوْ شِئْتَ كُنْتَ كَكُرْزٍ فِي تَعَبُّدِهِ
أَوْ كَابْنِ طَارِقِ حَوْلَ الْبَيْتِ فِي الْحَرَمِ

قَدْ حَالَ دُونَ لَذِيذِ الْعَيْشِ خَوْفُهُمَا
وَسَارَعَا فِي طِلَابِ الْفَوْزِ وَالْكَرَمِ
قَالَ سُفْيَانُ : فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ الْمُبَارَكِ ، فَقَالَ : حَدَّثْتُ بِهِ شُعْبَةَ ، فَقَالَ : كَيْفَ هُوَ ؟ أَعِدْهُ عَلَيَّ قَالَ : قُلْتُ : أَيَّ شَيْءٍ تَصْنَعُ بِهَذَا ؟ إِنَّمَا هَذَا شِعْرٌ قَالَ : لَوْ كُنْتَ فِي مَقْبَرَةِ بَنِي شُكْرٍ لَأَتَيْتُكَ حَتَّى أَسْمَعَهُ مِنْكَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ : حدثنا ابْنُ فُضَيْلٍ قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ شُبْرُمَةَ يَقُولُ فَذَكَرُ نَحْوَهُ وَأَمَّا الْقَسُّ فَلَهُ أَخْبَارٌ كَثِيرَةٌ سَأَذْكُرُ بَعْضَهَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1535 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأُمَوِيُّ أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ خَلَّادِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ : سَمِعْتُ شُيُوخًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْهُمْ سُلَيْمٌ ، يَذْكُرُ أَنَّ الْقَسَّ كَانَ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ أَحْسَنِهِمْ عِبَادَةً وَأَظْهَرِهِمْ تَبَتُّلًا ، وَأَنَّهُ مَرَّ يَوْمًا بِسَلَّامَةَ جَارِيَةٌ كَانَتْ لِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، وَهِيَ الَّتِي اشْتَرَاهَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَسَمِعَ غِنَاءَهَا فَوَقَفَ يَسْتَمِعُ ، فَرَآهُ مَوْلَاهَا فَدَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ : هَلْ لَكَ أَنْ تَدْخُلَ فَتَسْمَعَ ؟ فَتَأَبَّى عَلَيْهِ ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى سَمَحَ ، وَقَالَ : أَقْعِدْنِي فِي مَوْضِعٍ لَا أَرَاهَا وَلَا تَرَانِي فَقَالَ : أَفْعَلُ فَدَخَلَ فَتَغَنَّيْتُ فَأَعْجَبَتْهُ ، فَقَالَ مَوْلَاهَا : هَلْ لَكَ أَنْ أُحَوِّلَهَا إِلَيْكَ ؟ فَتَأَبَّى ثُمَّ سَمَحَ ، فَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُ غِنَاءَهَا حَتَّى شُغِفَ بِهَا ، وَعَلِمَ ذَلِكَ أَهْلُ مَكَّةَ ، فَقَالَتْ لَهُ يَوْمًا : أَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ قَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكِ قَالَتْ : وَأُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِكَ قَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ قَالَتْ : وَأُحِبُّ وَاللَّهِ أَنْ أُلْصِقَ صَدْرِي بِصَدْرِكَ وَبَطْنِي بِبَطْنِكَ قَالَ : وَأَنَا وَاللَّهِ قَالَتْ : فَمَا يَمْنَعُكَ ؟ وَاللَّهِ إِنَّ الْمَوْضِعَ لَخَالٍ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ : { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ } ، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ خَلَّةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَكِ تَؤُولُ بِنَا إِلَى عَدَاوَةٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَتْ : يَا هَذَا ، أَتَحْسَبُ أَنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ لَا يَقْبَلُنَا إِنْ نَحْنُ تُبْنَا إِلَيْهِ ؟ قَالَ : بَلَى ، وَلَكِنْ لَا آمَنُ أَنْ أُفَاجَأَ ثُمَّ نَهَضَ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ فَلَمْ يَرْجِعْ بَعْدُ ، وَعَادَ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ النُّسُكِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1536 وَحَدَّثَنِي أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ بَكَّارِ بْنِ رَبَاحٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ بْنِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ حَلِيفًا لِبَنِي جُمَحَ ، وَكَانَتْ أَصَابَتْ جَدَّةً مِنَّةٌ مِنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ ، وَكَانَ يَنْزِلُ مَكَّةَ ، وَكَانَ مِنْ عُبَّادِ أَهْلِهَا ؛ فَسُمِّيَ الْقَسَّ مِنْ عِبَادَتِهِ ، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِسَلَّامَةَ فَوَقَفَ يَسْمَعُ غِنَاءَهَا ، فَرَآهُ مَوْلَاهَا فَدَعَاهُ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا فَذَكَرَ نَحْوَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ وَزَادَ ، فِيهِ : وَنَظَرَ إِلَيْهَا فَأَعْجَبَتْهُ ، فَسَمِعَ غِنَاءَهَا فَشُغِفَتْ بِهِ وَشُغِفَ بِهَا ، وَكَانَ ظَرِيفًا فَقَالَ فِيهَا :
أُمَّ سَلَّامَ لَوْ وَجَدْتِ مِنَ الْوَجْدِ
عُشْرَ الَّذِي بِكُمْ أَنَا لَاقِي

أُمَّ سَلَّامَ أَنْتِ شُغْلِي وَهَمِّي
وَالْعَزِيزِ الْمُهَيْمِنِ الْخَلَّاقِ

أُمَّ سَلَّامَ جَدِّدِي لِيَ وَصْلًا
وَارْحَمِينِي هُدِيتِ مِمَّا أُلَاقِي
وَزَادَ فِيهِ : فَعَلِمَ أَهْلُ مَكَّةَ بِذَلِكَ ، فَسَمَّوْهَا سَلَّامَةَ الْقَسِّ وَزَادَ فِيهِ : فَقَالَ : وَقَالَ أَيْضًا :
إِنَّ سَلَّامَةَ الَّتِي
أَفْقَدَتْنِي تَجَلُّدِي

لَوْ تَرَاهَا وَالْعُودُ فِي
نَحْرِهَا حِينَ تَبْتَدِي

لِلسُّرَيْجِيِّ وَالْغَرِيضِ
وَلِلْقِرْمِ مَعْبَدِ

خِلْتَهُمْ تَحْتَ عُودِهَا
حِينَ تَدْعُوهُ بِالْيَدِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1537 وَحَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي سَعْدٍ قَالَ : حدثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْبَلْخِيُّ قَالَ : حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : دَخَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ شَيْخُ أَهْلِ الْحِجَازِ عَلَى نَخَّاسٍ فِي حَاجَةٍ لَهُ قَالَ : فَأَلْفَاهُ يَعْرِضُ قَيْنَةً فَعَلِقَهَا ، فَاشْتَهَرَ بِذِكْرِهَا حَتَّى مَشَى عَطَاءٌ وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ فَأَقْبَلُوا عَلَيْهِ بِاللَّوْمِ وَالْعَذْلِ ، فَأَنْشَأَ يَقُولُ :
يَلُومُنِي فِيكِ أَقْوَامٌ أُجَالِسُهُمْ
فَمَا أُبَالِي أَطَارَ اللَّوْمُ أَمْ وَقَعَا
وَتَرَقَّى خَبَرُهُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ بِالشَّامِ ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ هَمٌّ غَيْرُهُ ، فَقَدِمَ حَاجًّا فَأَرْسَلَ إِلَى مَوْلَى الْجَارِيَةِ فَاشْتَرَاهَا بِأَرْبَعِينَ أَلْفًا ، وَدَفَعَهَا إِلَى قَيِّمَةِ جَوَارِيهِ وَقَالَ لَهَا : زَيِّنِيهَا وَحَلِّيهَا قَالَ : فَفَعَلَتْ ، وَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ فَقَالَ : مَا لِي لَا أَرَى ابْنَ أَبِي عَمَّارٍ زَارَنَا ؟ فَأَخْبَرُوهُ ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ ، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَنْهَضَ اسْتَجْلَسْهُ ، فَقَالَ : مَا فَعَلَ حُبُّ فُلَانَةَ ؟ قَالَ : فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ وَالْمُخِّ وَالْعَصَبِ وَالْعِظَامِ قَالَ : وَتَعْرِفُهَا ؟ قَالَ : وَأَعْرِفُ غَيْرَهَا قَالَ : قَدْ ضَمَمْنَا وَاحِدَةً وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُهَا قَالَ : فَدَعَا بِهَا ، فَجَاءَتْ تَرْفُلُ فِي الثِّيَابِ وَالْحُلِيِّ ، فَقَالَ : هِيَ هَذِهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : خُذْ بِيَدِهَا فَقَدْ وَهَبْتُهَا لَكَ ، أَرَضِيتَ ؟ قَالَ : إِي وَاللَّهِ وَفَوْقَ الرِّضَا قَالَ : لَكِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرْضَى أُعْطِيكَهَا كَيْلَا تَغْتَمَّ بِكَ وَتَغْتَمَّ بِهَا ، احْمِلْ مَعَهَا يَا غُلَامُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1538 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ نَحْوًا مِنَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ ، وَزَادَ فِيهِ : فَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ : أَتَعْرِفُ مُعَلِّمَتَهَا ؟ قَالَ : وَكَيْفَ لَا أَعْرِفُهَا وَبِصَوْتٍ لَهَا بُلِيتُ ؟ قَالَ : وَمَا هُوَ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ سَلَّامَةَ تَقُولُ بِصَوْتٍ لَهَا لَمْ أَسْمَعْ أَحْسَنَ مِنْهُ ، فَأَحْبَبْتُهَا مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الصَّوْتِ قَالَ : أَتُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَهُ ؟ قَالَ : وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ ؟ لَعَلَّهُ يُسَلِّي عَنِّي بَعْضَ مَا أَجِدُ ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لِعَزَّةَ ، وَعَزَّةُ كَانَتْ مُعَلِّمَةً تُعَلِّمُ الْغِنَاءَ : ابْرُزِي فَبَرَزَتْ ، وَأَخَذَتْ عُودًا فَضَرَبَتْ بِهِ :
بَانَتْ سُعَادُ وَأَمْسَى حَبْلُهَا انْقَطَعَا
حَتَّى أَتَمَّتْ صَوْتَهَا ، فَغُشِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ شَهِيقٍ شَدِيدٍ ، فَقَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ : أَثِمْنَا فِيهِ ، الْمَاءَ الْمَاءَ فَنَضَحُوا عَلَى وَجْهِهِ الْمَاءَ ، فَأَفَاقَ وَهُوَ وَالِهُ الْعَقْلِ حَيْرَانُ كَالسَّكْرَانِ ، فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ابْنُ جَعْفَرٍ فَقَالَ : أَبْلَغَ مِنْكَ هَذَا حُبُّ فُلَانَةَ ؟ قَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي هُوَ مَا تَرَى قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : أَتُحِبُّ أَنْ تَسْمَعَ هَذَا الصَّوْتَ مِنْ سَلَّامَةَ ؟ قَالَ : أَخَافُ إِنْ سَمِعْتُهُ مِنْهَا مُتُّ ، وَهَا أَنَا ذَا سَمِعْتُهُ مِمَّنْ لَا أُحِبُّهَا فَمِنْ أَجْلِ حُبِّهَا كَادَتْ نَفْسِي أَنْ تَذْهَبَ ، فَكَيْفَ مِنْهَا وَأَنَا لَا أَقْدِرُ عَلَى مِلْكِهَا ؟ وَعَلَى اللَّهِ أَتَوَكَّلُ ، وَأَنَا أَسْأَلُ اللَّهَ الصَّبْرَ وَالْفَرْجَ ، إِنَّهُ عَلَى مَا يَشَاءُ قَدِيرٌ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَتَعْرِفُ سَلَّامَةَ إِنْ رَأَيْتَهَا ؟ قَالَ : وَأَعْرِفُ غَيْرَهَا قَالَ : فَإِنَّا قَدِ اشْتَرَيْنَاهَا لَكَ ، وَاللَّهِ مَا نَظَرْتُ إِلَيْهَا وَأَمَرَ بِهَا فَأُخْرِجَتْ تَرْفُلُ فِي الْحُلِيِّ وَالْحُلَلِ ، فَقَالَ : هِيَ هَذِهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَحْيَيْتَنِي ، وَفَرَّجْتَ غَمِّي ، وَأَنَمْتَ عَيْنِي ، وَأَبْرَأْتَ قَرْحَ فُؤَادِي ، وَرَدَدْتَ إِلَيَّ عَقْلِي ، وَجَعَلْتَنِي أَعِيشُ بَيْنَ قَوْمِي وَأَصْحَابِي كَالَّذِي كُنْتُ وَدَعَا لَهُ دُعَاءً كَثِيرًا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَرْضَى أَنْ أُعْطِيَكَهَا هَكَذَا ، يَا غُلَامُ ، احْمِلْ مَعَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ لِكَيْلَا تَهْتَمَّ بِهَا وَتَهْتَمَّ بِكَ قَالَ : فَرَاحَ بِهَا وَبِالْمَالِ قَالَ : وَقَالَ فِيهَا أَيْضًا :
مَا بَالُ قَلْبِكَ لَا يَزَالُ تُهِيجُهُ
ذِكْرٌ عَوَاقِبُهُ عَلَيْكِ سَقَامُ

بَاتَتْ تُعَلِّلُنَا وَتَحْسَبُ أَنَّنَا
فِي ذَاكَ أَيْقَاظٌ وَنَحْنُ نِيَامُ

حَتَّى إِذَا انْصَدَعَ الصَّبَاحُ لِنَاظِرٍ
فَإِذَا وَذَلِكَ بَيْنَنَا أَحْلَامُ

قَدْ كُنْتُ أَعْذِلُ فِي الصِّبَا أَهْلَ الصَّبَا
عَجَبًا بِمَا تَأْتِي بِهِ الْأَيَّامُ

فَالْيَوْمَ أَعْذُرُهُمْ وَأَعْلَمُ أَنَّمَا
سُبُلُ الضَّلَالَةِ وَالْهُدَى أَقْسَامُ

إِنَّ الَّتِي طَرَقَتْكَ بَيْنَ رَكَائِبٍ
تَمْشِي بِمِزْهَرِهَا وَأَنْتَ حَرَامُ

لِتَصِيدَ لُبَّكَ أَوْ جَزَاءَ مَوَدَّةٍ
إِنَّ الرَّفِيقَ لَهُ عَلَيْكَ ذِمَامُ

لَيْتَ الْمَزَاهِرَ وَالْمَعَازِفَ جُمِّعَتْ
طُرًّا وَأُوقِدَ بَيْنَهُنَّ ضِرَامُ

إِنْ تَنْأَ دَارُكِ لَمْ أَرَاكِ وَإِنْ أَمُتْ
فَعَلَيْكِ مِنِّي نَظْرَةٌ وَسَلَامُ
قَالَ : وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ أَيْضًا :
طَالَ لِيَلِي فَبِتُّ مَا أَطْعَمُ النَّوْمَ
فَوَاقًا إِلَّا أَرِقْتُ فَوَاقَا

إِثْرَ حَيٍّ بَانُوا بِسَلَّامَةَ الْقَلْبِ
يُرِيدُونَ غُرْبَةً وَفِرَاقَا

قَرَّبُوا جُلَّةَ الْجِمَالِ مَعَ الصُّبْحِ
قُبَيْلَ الصُّبْحِ وَنُوقًا عِتَاقَا

فَاتَّبَعْتُ الْجِمَالَ بِالطَّرْفِ حَتَّى
سُحِقَ الطَّرْفُ دُونَهُمُ انْسِحَاقَا
قَالَ : وَقَالَ ابْنُ أَبِي عَمَّارٍ أَيْضًا فِي سَلَّامَةَ :
أَلَا قُلْ لِهَذَا الْقَلْبِ هَلْ أَنْتَ تَصْبِرُ
وَهَلْ أَنْتَ عَنْ سَلَّامَةِ الْقَلْبِ مُقْصِرُ

يَقُولُونَ أَقْصِرْ عَنْ سُلَيْمَى وَذِكْرِهَا
وَكَيْفَ وَفِي رَأْسِي خِشَاشٌ مُضَيَّرُ

أَرَى هَجْرَهَا وَالْقَتْلَ مِثْلَيْنِ فَاقْصُرُوا
مَلَامَكُمُ فَالْقَتْلُ أَعْفَى وَأَيْسَرُ

وَإِنِّي أُرَجِّيهَا وَقَدْ حَالَ دُونَهَا
مِنَ الْأَرْضِ مَجْهُولُ الْمَسَافَةِ أَغْبَرُ

إِذَا جَاوَزَتْ حَوْرَانَ مِنْ رَمْلِ عَالِجٍ
وَأَحْرَزَهَا شَيْءٌ مَعَ الْبُعْدِ مُنْشِرُ

هُنَالِكَ لَا دَارٌ يُوَاتِيكَ قُرْبُهَا
وَلَا وَصْلَ إِلَّا عَبْرَةٌ وَتَذَكُّرُ

أَلَا لَيْتَ أَنِّي حَيْثُ صَارَتْ بِهَا النَّوَى
جَلِيسٌ لِسَلْمَى كُلَّمَا عَجَّ مِزْهَرُ

وَأَنِّي إِذَا مَا الْمَوْتُ حَلَّ بِنَفْسِهَا
يُزَالُ بِنَفْسِي قَبْلَهَا حَيْثُ تُقْبَرُ

يُهِيجُ هَوَاهَا الْقَلْبَ مِنْ بَعْدِ سَلْوَةٍ
إِلَى أُمِّ سَلَّامَ الْحَمَامُ الْمُقَرْقِرُ

إِذَا أَخَذَتْ فِي الصَّوْتِ كَادَ جَلِيسُهَا
يَطِيرُ إِلَيْهَا قَلْبُهُ حِينَ يَنْظُرُ

كَأَنَّ حَمَامًا رَاعِبِيًّا مُؤَدِّيًا
إِذَا نَطَقَتْ مِنْ صَدْرِهَا يَتَقَشَّرُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1539 وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنِ الْعُتْبِيِّ ، نَحْوَ حَدِيثِ الزُّبَيْرِ الْأَوَّلِ ، وَزَادَ فِيهِ : قَالَ : وَقَدِمَ بَعْدَ هَذَا الْكَلَامِ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، فَقِيلَ لَهُ : هَلْ فِي مَكْرُمَةٍ لَا يُسْبَقُ إِلَيْهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ فَأُخْبِرَ بِقِصَّتِهِ ، فَسَارَعَ إِلَى شِرَائِهَا ، فَقِيلَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، فَقَالَ : إِنَّ الْيَمِينَ قَدْ سَبَقَتْ أَنْ لَا نَجْتَمِعَ وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي عَمَّارٍ فِي ذَلِكَ :
فَيَا حَزَنًا إِذْ صَارَ حُبِّي وَحُبُّهَا
سَمَاعًا وَفِيمَا بَيْنَنَا لَمْ يَكُنْ بَذْلُ

وَيَا عَجَبًا أَنِّي أُكَاتِمُ حُبَّهَا
وَبِي وَبِهَا فِي النَّاسِ قَدْ ضُرِبَ الطَّبْلُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،