بَابُ صِفَةِ خَلْقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخْلَاقِهِ الْحَمِيدَةِ الْجَمِيلَةِ الَّتِي خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا



: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

1011 حَدَّثَنَـا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَشِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ مَالِكٍ السُّوسِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَـا دَاوُدَ بْنُ الْمُحَبَّرِ قَالَ : حَدَّثَنَـا عَبَّادُ بْنُ كَثِيرٍ , عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ , عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ : قَرَأْتُ أَحَدًا وَسَبْعِينَ كِتَابًا , فَوَجَدْتُ فِي جَمِيعِهَا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُعْطِ جَمِيعَ النَّاسِ , مِنْ بَدْءِ الدُّنْيَا إِلَى انْقِضَائِهَا مِنَ الْعَقْلِ فِي جَنْبِ عَقْلِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , إِلَّا كَحَبَّةِ رَمْلٍ مِنْ بَيْنَ جَمِيعِ رِمَالِ الدُّنْيَا , وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْجَحُ النَّاسِ عَقْلًا وَأَفْضُلُهُمْ رَأْيًا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَأَنَا أُبَيِّنُ مِنَ غَرِيبِ حَدِيثِ أَبِي هَالَةَ , الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَلَى مَا بَيَّنَهُ مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِثْلِ : أَبِي عُبَيْدٍ , وَغَيْرِهِ , فَإِنَّهُ عِلْمٌ حَسَنٌ لِأَهْلِ الْعِلْمِ وَغَيْرِهِمْ , قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَخْمًا مُفَخَّمًا يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ : مَعْنَاهُ : عَظِيمًا , مُعَظَّمًا , يُقَالُ : فَخْمٌ بَيِّنُ الْفَخَامَةِ وَيُقَالُ : أَتَيْنَا فُلَانًا فَفَخَّمْنَاهُ , أَيْ عَظَّمْنَاهُ وَرَفَعْنَا مِنْ شَأْنِهِ وَقَالَ الشَّاعِرُ :
نَحْمَدُ مَوْلَانَا الْأَجَلَّ الْأَفْخَمَا
وَقَوْلُهُ : أَقْصَرَ مِنَ الْمُشَذَّبِ : الْمُشَذَّبُ : الطَّوِيلُ الْبَائِنُ , وَأَصْلُ التَّشْذِيبِ التَّفْرِيقُ يُقَالُ : شَذَّبْتُ الْمَالَ إِذَا فَرَّقْتُهُ , فَكَانَ الْمُفْرِطَ الطَّوِيلَ خَلْقُهُ وَلَمْ يُجْمَعْ , يُرِيدُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَمْ يَكُنْ مُفْرِطَ الطُّولِ وَلَكِنَّهُ بَيْنَ الرَّبْعَةِ وَبَيْنَ الْمُشَذَّبِ , وَقَوْلُهُ : إِنِ انْفَرَقَتْ عَقِيقَتُهُ فَرَقَ : يُرِيدُ شَعْرَهُ , يُرِيدُ أَنَّهُ كَانَ لَا يَفْرِقُ شَعْرَهُ إِلَّا أَنْ يَفْتَرِقَ الشَّعْرُ مِنْ قِبَلِهِ , وَيُقَالُ : كَانَ هَذَا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ , ثُمَّ فَرَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَقَوْلُهُ : أَزْهَرُ اللَّوْنِ : يُرِيدُ أَبْيَضَ اللَّوْنِ مُشْرِقًا , مِثْلُ قَوْلِهِمْ : سِرَاجٌ يُزْهِرُ , أَيْ يُضِيءُ , وَمِنْهُ سُمِّيَتِ الزَّهْرَةُ لِشِدَّةِ ضَوْئِهَا , فَأَمَّا الْأَبْيَضُ غَيْرُ الْمُشْرِقِ فَهُوَ الْأَمْهَقُ , وَقَوْلُهُ : أَزَجُّ الْحَوَاجِبِ : يَعْنِي طُولَ الْحَاجِبَيْنِ وَدِقَّتَهُمَا , وَسُبُوغَهُمَا إِلَى مُؤَخَّرِ الْعَيْنَيْنِ ثُمَّ وَصَفَ الْحَوَاجِبَ فَقَالَ : سَوَابِغُ فِي غَيْرِ قَرَنٍ , وَالْقَرَنُ أَنْ يَطُولَ الْحَاجِبَانِ حَتَّى يَلْتَقِيَ طَرَفَاهُمَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ : كَانَتِ الْعَرَبُ تَكْرَهُ الْقَرَنَ , وَيُسْتَحَبُّ الْبَلَجُ , وَالْبَلَجُ أَنْ يَنْقَطِعَ الْحَاجِبَانِ فَيَكُونُ مَا بَيْنَهُمَا نَقِيًّا , وَقَوْلُهُ : أَقْنَى الْعِرْنِينِ : يَعْنِي الْمِعْطَسَ وَهُوَ الْمَرْسِنُ وَالْقَنَا فِيهِ , طُولُهُ وَدِقَّةُ أَرْنَبَتِهِ وَحَدَبٌ فِي وَسَطِهِ , وَقَوْلُهُ : يَحْسَبُهُ مَنْ لَمْ يَتَأَمَّلْهُ أَشَمَّ : يَعْنِي ارْتِفَاعَ الْقَصَبَةِ وَحُسْنَهَا وَاسْتِوَاءَ أَعْلَاهَا , وَإِشْرَافَ الْأَرْنَبَةِ قَلِيلًا , يَقُولُ : يَحْسُنُ قَنَا أَنْفِهِ اعْتِدَالٌ يَحْسَبُهُ قَبْلَ التَّأَمُّلِ أَشَمَّهُ , وَقَوْلُهُ : ضَلِيعَ الْفَمِ : يَعْنِي عَظِيمَهُ , يُقَالُ : ضَلِيعٌ بَيِّنُ الضَّلَاعَةِ , وَمِنْهُ قَوْلُ الْجِنِّيِّ لِعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , إِنِّي مِنْهُمْ لَضَلِيعٌ وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَحْمَدُ ذَلِكَ وَتَذُمُّ صِغَرَ الْفَمِ , قَوْلُهُ : دَقِيقُ الْمَسْرُبَةِ : وَالْمَسْرُبَةُ الشَّعْرُ الْمُسْتَرَقُ مَا بَيْنَ اللَّبَّةِ إِلَى السُّرَّةِ قَوْلُهُ : كَأَنَّ عُنُقَهُ جِيدُ دُمْيَةٍ فِي صَفَاءِ الْفِضَّةِ : يَعْنِي الْجِيدَ الْعُنُقَ , وَالدُّمْيَةَ الصُّورَةَ وَشِبَّهَهَا فِي بَيَاضِهَا بِالْفِضَّةِ , وَقَوْلُهُ : بِادِنٌ مُتَمَاسِكٌ : وَالْبَادِنُ : الضَّخْمُ , يُقَالُ : بَدَنَ الرَّجُلُ , وَبَدَّنَ بِالتَّشْدِيدِ إِذَا أَسَنَّ , وَمَعْنَى قَوْلُهُ : مُتَمَاسِكٌ : يُرِيدُ أَنَّهُ مَعَ بَدَانَتِهِ مُتَمَاسِكُ اللَّحْمِ , لَيْسَ بِمَسْتَرْخِيهِ , وَقَوْلُهُ : سَوَاءَ الْبَطْنِ وَالصَّدْرِ : يَعْنِي أَنَّ بَطْنَهُ غَيْرُ مُسْتَفِيضٍ فَهُوَ مُسَاوٍ لِصَدْرِهِ وَأَنَّ صَدْرَهُ عَرِيضٌ فَهُوَ مُسَاوٍ لِبَطْنِهِ وَقَوْلُهُ : ضَخْمُ الْكَرَادِيسِ : يَعْنِي الْأَعْضَاءَ هُوَ فِي وَصْفِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ جَلِيلَ الْمُشَاشِ أَيْ عَظِيمَ رُءُوسِ الْعِظَامِ مِثْلِ الرُّكْبَتَيْنِ وَالْمِرْفَقَيْنِ وَالْمَنْكِبَيْنِ , وَقَوْلُهُ : أَنْوَرُ الْمُتَجَرَّدِ : يَعْنِي مَا جُرِّدَ عَنْهُ الثَّوْبُ مِنْ بَدَنِهِ , وَهُوَ أَنْوَرُ مِنَ النُّورِ , يُرِيدُ شِدَّةَ بَيَاضِهِ , وَقَوْلُهُ : طَوِيلُ الزَّنْدَيْنِ : وَالزَّنْدُ مِنَ الذِّرَاعِ مَا انْحَسَرَ عَنْهُ اللَّحْمُ , وَلِلزَّنْدِ رَأْسَانِ : الْكُوعُ , وَالْكُرْسُوعُ , فَالْكُرْسُوعُ رَأْسُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْخِنْصَرَ , وَالْكُوعُ رَأْسُ الزَّنْدِ الَّذِي يَلِي الْإِبْهَامَ يُقَالُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : أَنَّهُ كَانَ عَرِيضَ زَنْدِهِ شِبْرًا , وَقَوْلُهُ : رَحْبُ الرَّاحَةِ : يُرِيدُ أَنَّهُ وَاسِعُ الرَّاحَةِ , وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَحْمَدُ ذَلِكَ وَتَمْدَحُ بِهِ وَتَذُمُّ صِغَرَ الْكَفَّ وَضِيقَ الرَّاحَةِ , قَوْلُهُ : شَثْنُ الْكَفَّيْنِ وَالْقَدَمَيْنِ : يَعْنِي أَنَّهُمَا إِلَى الْغِلَظِ وَالْقِصَرِ , قَوْلُهُ : سَائِلُ الْأَطْرَافِ : يَعْنِي الْأَصَابِعَ , أَنَّهَا طُوَالٌ لَيْسَتْ بِمُتَعَقِّدَةٍ وَلَا مُنْقَبِضَةٍ , وَقَوْلُهُ : خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ : يَعْنِي الْأَخْمَصَ فِي الْقَدَمِ مِنْ تَحْتِهَا وَهُوَ مَا ارْتَفَعَ عَنِ الْأَرْضِ فِي وَسَطِهَا , أَرَادَ بِقَوْلِهِ خُمْصَانَ الْأَخْمَصَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ مِنْهُمَا مُرْتَفِعٌ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِأَرَحَّ وَالْأَرَحُّ هُوَ الَّذِي يَسْتَوِي بَاطِنُ قَدَمِهِ حَتَّى يَمَسَّ جَمِيعُهُ الْأَرْضَ وَيُقَالُ لِلْمَرْأَةِ الضَّامِرَةِ الْبَطْنِ خُمْصَانَةٌ , قَوْلُهُ : مَسِيحُ الْقَدَمَيْنِ : يَعْنِي أَنَّهُ مَمْسُوحُ الْقَدَمَيْنِ فَالْمَاءُ إِذَا صُبَّ عَلَيْهِمَا مَرَّ عَلَيْهِمَا مَرًّا سَرِيعًا لِاسْتِوَائِهِمَا , قَوْلُهُ : إِذَا زَالَ زَالَ تَقَلُّعًا : هُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذَا مَشَى تَقَلَّعَ , وَقَوْلُهُ : يَخْطُو تَكَفُّؤًا وَيَمْشِي هَوْنًا : يَعْنِي أَنَّهُ يَمْتَدُّ إِذَا خَطَا وَيَمْشِي فِي رِفْقٍ غَيْرَ مُخْتَالٍ , لَا يَضْرِبُ غَطْفًا , وَالْهَوْنُ بِفَتْحِ الْهَاءَ الرِّفْقُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا } فَإِذَا ضَمَمْتَ الْهَاءَ فَهُوَ الْهَوَانُ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { عَذَابَ الْهُونِ } قَوْلُهُ : ذَرِيعُ الْمِشْيَةِ : يُرِيدُ أَنَّهُ مَعَ هَذَا الْمَشْيِ سَرِيعُ الْمِشْيَةِ , يُقَالُ : فَرَسٌ ذَرِيعٌ بَيِّنُ الذَّرَاعَةِ , إِذَا كَانَ سَرِيعًا , وَامْرَأَةٌ تَذْرَاعُ إِذَا كَانَتْ سَرِيعَةَ الْغَزْلِ , قَوْلُهُ : إِذَا مَشَى كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ : مَعْنَى الصَّبُّ الِانْحِدَارُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ , رَحِمَهُ اللَّهُ : فَهَذِهِ صِفَاتُ خَلْقِهِ , وَأَمَّا صِفَاتُ أَخْلَاقِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَوْلُهُ : يَسُوقُ أَصْحَابَهُ : يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا مَشَى مَعَ أَصْحَابِهِ قَدَّمَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَشَى وَرَاءَهُمْ , وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ : يَبْسُرُ أَصْحَابَهُ : وَالْبَسْرُ السَّوْقُ , قَوْلُهُ : دَمِثًا : وَالدَّمِثُ مِنَ الرِّجَالِ السَّهْلُ اللَّيِّنُ , قَوْلُهُ : لَيْسَ بِالْجَافِي وَلَا الْمُهِينِ : يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَحْقِرُ النَّاسَ وَلَا يُهِينُهُمْ وَلَيْسَ بِالْجَافِي الْغَلِيظِ الْفَظِّ وَلَا الْحَقِيرِ الضَّعِيفِ , قَوْلُهُ : يُعَظِّمُ النِّعْمَةَ وَإِنْ دَقَّتْ : يَقُولُ : إِنَّهُ لَا يَسْتَصْغِرُ شَيْئًا أُوتِيَهُ , وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا , وَلَا يَحْقِرُهُ , وَقَوْلُهُ : وَلَا يَذُمُّ ذَوَاقًا وَلَا يَمْدَحُهُ : يَعْنِي أَنَّهُ كَانَ لَا يَصِفُ الطَّعَامَ بِطَيِّبٍ وَلَا فَسَادٍ إِنْ كَانَ فِيهِ , وَقَوْلُهُ : إِذَا غَضِبَ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ : مَعْنَى أَعْرَضَ عَدَلَ بِوَجْهِهِ وَذَلِكَ فِعْلُ الْحَذِرِ مِنَ الشَّيْءِ وَالْكَارِهِ لِلْأَمْرِ , وَأَشَاحَ , الْإِشَاحَةُ تَكُونُ بِمَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا الْجِدُّ فِي الْأَمْرِ وَالْإِعْرَاضُ بِالْوَجْهِ , يُقَالُ : أَشَاحَ إِذَا عَدَلَ بِوَجْهِهِ وَهَذَا مَعْنَى الْحَرْفِ فِي هَذَا وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ثُمَّ أَعْرَضَ وَأَشَاحَ , أَيْ عَدَلَ بِوَجْهِهِ وَذَلِكَ فِعْلُ الْحَذِرِ مِنَ الشَّيْءِ وَالْكَارِهِ الْأَمْرَ وَقَوْلُهُ : يَفْتَرُّ : أَيْ يَبْتَسِمُ وَمِنْهُ يُقَالُ : فَرَرْتُ الدَّابَّةَ إِذَا نَظَرْتُ إِلَى سَنِّهَا , وَقَوْلُهُ : عَنْ مِثْلِ حَبِّ الْغَمَامِ يَعْنِي : الْبَرَدَ شَبَّهَ ثَغْرَهُ بِهِ , وَالْغَمَامُ السَّحَابُ , وَقَوْلُهُ : فِي دُخُولِهِ : جَزَّأَ جُزْأَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ : وَيَرُدُّ ذَلِكَ بِالْخَاصَّةِ عَلَى الْعَامَّةِ : يَعْنِي أَنَّ الْعَامَّةَ كَانَتْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ كُلَّ وَقْتٍ وَلَكِنَّهُ كَانَ يُوَصِّلُ إِلَيْهَا حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ بِالْخَاصَّةِ الَّتِي تَصِلُ إِلَيْهِ , فَتُوَصِّلُهُ إِلَى الْعَامَّةِ , وَقَوْلُهُ : يَدْخُلُونَ رُوَّادًا : هُوَ جَمْعُ رَائِدٍ وَالرَّائِدُ أَصْلُهُ الَّذِي يَبْعَثُ بِهِ الْقَوْمُ يَطْلُبُ لَهُمُ الْكَلَأَ وَمَسَاقِطَ الْغَيْثِ وَلَمْ يُرِدِ الْكَلَأَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَلَكِنَّهُ ضَرَبَهُ مَثَلًا لِمَا يَلْتَمِسُونَ عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ وَالنَّفْعِ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ , وَقَوْلُهُ : لَا يَتَفَرَّقُونَ إِلَّا عَنْ ذَوَاقٍ : الذَّوَاقُ أَصْلُهُ الطَّعْمُ , وَلَمْ يُرِدِ الطَّعْمَ هَا هُنَا , وَلَكِنَّهُ ضَرَبَهُ مَثَلًا لِمَا يَنَالُونَهُ عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ , وَقَوْلُهُ : يَخْرُجُونَ أَدِلَّةً : يَعْنِي يَخْرُجُونَ مِنْ عِنْدِهِ بِمَا قَدْ تَعَلَّمُوهُ , فَيَدُلُّونَ عَلَيْهِ النَّاسَ وَيُنَبِّئُونَهُمْ بِهِ وَهُوَ جَمْعُ دَلِيلٍ , مِثْلُ : شَحِيحٌ وَأَشِحَّةٌ , وَسَرِيرٌ وَأَسِرَّةٌ , وَقَوْلُهُ : وَذَكَرَ مَجْلِسَهُ : لَا تُؤَبَّنُ فِيهِ الْحُرُمُ : يَعْنِي لَا تُقْذَفُ فِيهِ , يُقَالُ : أَبَّنْتُهُ بِكَذَا مِنَ الشَّرِّ , إِذَا رَمَيْتُهُ وَمِنْهُ حَدِيثُ الْإِفْكِ : أَشِيرُوا عَلَيَّ فِي أُنَاسٍ أَبَّنُوا أَهْلِي بِمَنْ وَاللَّهِ , مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَطُّ وَمِنْهُ رَجُلٌ مَأْبُونٌ أَيْ : مَعْرُوفٌ بِخَلَّةِ سُوءٍ رُمِيَ بِهَا , وَقَوْلُهُ : وَلَا تُثَنَّى فَلَتَاتُهُ : يَعْنِي أَيْ لَا يَتَحَدَّثُ بِهَفْوَةٍ أَوْ زَلَّةٍ إِنْ كَانَتْ فِي مَجْلِسِهِ مِنْ بَعْضِ الْقَوْمِ , وَمِنْهُ يُقَالُ : ثَنَوْتُ الْحَدِيثَ إِذَا أَذَعْتُهُ , وَالْفَلَتَاتُ جَمْعُ فَلْتَةٍ وَهَىَ هَا هُنَا الزَّلَّةُ وَالسَّقْطَةُ , وَقَوْلُهُ : إِذَا تَكَلَّمَ أَطْرَقَ جُلَسَاؤُهُ , كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِمُ الطَّيْرَ : يَعْنِي أَنَّهُمْ يَسْكُنُونَ , فَلَا يَتَحَرَّكُونَ وَيَغُضُّونَ أَبْصَارَهُمْ , وَالطَّيْرُ لَا تَسْقُطُ إِلَّا عَلَى سَاكِنٍ , وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ حَلِيمًا وَقُورًا : إِنَّهُ لَسَاكِنُ الطَّائِرِ , وَقَوْلُهُ : لَا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلَّا عَنْ مُكَافِئٍ : عَنَى إِذَا ابْتُدِئَ بِمَدْحٍ كَرِهَ ذَلِكَ فَإِذَا اصْطَنَعَ مَعْرُوفًا فَأَثْنَى عَلَيْهِ مُثْنٍ وَشَكَرَهُ قَبِلَ حدثناءَهُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،