بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
1807 وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ , عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ |
1808 وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ , عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ , وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامٌ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ |
1809 وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْخَضِرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ شُجَاعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي الزِّنَادِ , عَنِ الْأَعْرَجِ , عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عُرَيْبٍ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ لِابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُؤْيَا الْعَبْدِ الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ خَمْسِينَ |
1810 وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : رُؤْيَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ يَرَاهَا أَوْ تُرَى لَهُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ |
1811 وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ قَالَ : حَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ عُبَيْدَةَ , عَنْ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ - قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَهُوَ كَاتِبُ أَبِي الدَّرْدَاءِ - قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ : وَهُوَ مُسْلِمُ بْنُ مِشْكَمٍ إِنَّهُ حَدَّثَهُ , عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ : فَمِنْهَا تَهْوِيلٌ مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا , وَمِنْهَا مَا يُهِمُّ الرَّجُلَ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ , وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنِ النُّبُوَّةِ فَقُلْتُ : أَنْتَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ فَقَالَ : أَنَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : وَهَذَا اضْطِرَابٌ شَدِيدٌ , مَرَّةً يَرْوُونَ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ , وَمَرَّةً يَرْوُونَ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ , وَمَرَّةً يَرْوُونَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَالَهُ إِلَّا تَوْقِيفًا , أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ جَمِيعَ مَا رَوَيْنَاهُ مِنَ الْآثَارِ فِي هَذَا مُحْتَمَلٌ مَا لَا تَضَادَّ فِيهِ , وَهُوَ أَنَّ الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءٍ مِنَ النُّبُوَّةِ جُعِلَتْ بِشَارَاتٍ |
1812 كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ , عَنْ أُمِّ كُرْزٍ الْكَعْبِيَّةِ , سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ذَهَبَتِ النُّبُوَّةُ , وَبَقِيَتِ الْمُبَشِّرَاتُ |
1813 كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ : حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ , عَنِ الْأَعْمَشِ , عَنْ أَبِي صَالِحٍ , عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ , عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : { لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ } قَالَ : الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ , أَوْ تُرَى لَهُ , { وَفِي الْآخِرَةِ } قَالَ : الْجَنَّةُ . فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ كَانَ جَعَلَهَا فِي الْبَدْءِ جُزْءًا مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ , فَيَكُونُ مَا يُعْطَى مَنْ رَآهَا أَوْ رُئِيَتْ لَهُ بِهَا ذَلِكَ الْجُزْءَ مِنَ النُّبُوَّةِ فَضْلًا مِنْهُ عَلَيْهِ , وَعَطِيَّةً مِنْهُ إِيَّاهُ , ثُمَّ زَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ مَا يُعْطِيهِ بِهَا جُزْءًا مِنْ خَمْسِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ , ثُمَّ زَادَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ جَعَلَ مَا يُعْطِيهِ بِهَا جُزْءًا مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ قَلِيلُهَا هُوَ النَّاسِخُ لِكَثِيرِهَا ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنْتَزِعُ مِنْ عِبَادِهِ فَضْلًا تَفَضَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِحَادِثَةٍ يُحْدِثُونَهَا يَسْتَحِقُّونَ بِهَا ذَلِكَ مِنْهُ , كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ } الْآيَةَ . وَكَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } فَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ أَنْعَمَ عَلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ بِكَثِيرٍ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ مَا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ حِرْمَانَ ذَلِكَ وَالرَّدَّ إِلَى قَلِيلِ أَجْزَائِهَا , وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ |
1814 حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ , عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ , عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ أَصَابَ ذَنْبًا فِي الدُّنْيَا فَعُوقِبَ بِهِ , فَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يُثَنِّيَ عُقُوبَتَهُ عَلَى عَبْدِهِ , وَمَنْ أَذْنَبَ ذَنْبًا فِي الدُّنْيَا , فَسَتَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَ عَفَا عَنْهُ , فَاللَّهُ أَكْرَمُ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي شَيْءٍ قَدْ عَفَا عَنْهُ |
1815 حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ غُلَيْبٍ قَالَ : حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ , عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : أَلَا أُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُوعِيَهُ ؟ فَقُلْنَا : أَلَا تُحَدِّثُنَا بِهِ ؟ فَحَدَّثَنَاهُ أَوَّلَ النَّهَارِ , فَنَسِينَاهُ آخِرَ النَّهَارِ , فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ فَقُلْنَا : الْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرْتَ أَنَّهُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُوعِيَهُ , فَقَدْ نَسِينَاهُ فَأَعِدْهُ , فَقَالَ : مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا , فَيُؤَاخِذُهُ اللَّهُ بِهِ فِي الدُّنْيَا فَيُعَاقِبُهُ فِي الْآخِرَةِ , إِلَّا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْظَمَ وَأَكْرَمَ أَنْ يَعُودَ فِي عُقُوبَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا , فَيَعْفُو اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ , إِلَّا كَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَحْلَمَ وَأَكْرَمَ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , ثُمَّ قَرَأَ { وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ يَقُلْ مَا فِيهِ اسْتِنْبَاطًا , وَلَكِنَّهُ قَالَهُ تَوْقِيفًا , فَيُلْحَقُ بِذَلِكَ بِالْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ . فَقَالَ قَائِلٌ : وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تُضِيفُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعَفْوَ عَنْ ذَنْبٍ فِي الدُّنْيَا , ثُمَّ تُضِيفُوا إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ تَرْكَهُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَرَمٌ مِنْهُ , وَهُوَ قَدْ عَفَا عَنْهُ فِي الدُّنْيَا , وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ يُعَاقِبُ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ ؟ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ الْعُقُوبَةَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ كَرَمًا ; لِأَنَّ الْكَرَمَ إِنَّمَا هُوَ تَرْكُ الْكَرِيمِ فِعْلَ مَا لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ ؟ فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِلْعِبَادِ ذُنُوبٌ يَسْتَحِقُّونَ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْعُقُوبَةَ فِي الْآخِرَةِ جَمِيعًا , كَمِثْلِ مَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي آيَةِ الْمُحَارِبِينَ : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ } فَتَكُونُ تِلْكَ الْعُقُوبَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ إِذَا أُقِيمَتْ عَلَى الْمُذْنِبِينَ لَمْ تُعَدْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ , وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ فِي الْآخِرَةِ عُقُوبَاتٌ أُخَرُ سِوَاهَا , وَيَكُونُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا سَتَرَ عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا تِلْكَ الذُّنُوبَ , وَعَفَا لَهُمْ عَنْهَا بِتَرْكِهِ أَخْذَهُمْ بِالْعُقُوبَاتِ الدُّنْيَوِيَّةِ عَلَيْهِمْ فِيهَا لَمْ يَسْقُطْ بِذَلِكَ عَنْهُمُ الْعُقُوبَاتُ الْأُخْرَوِيَّةُ عَلَيْهِمْ فِيهَا , وَكَانَتْ أُمُورُهُمْ إِلَيْهِ عَزَّ وَجَلَّ , إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ عَلَيْهَا , وَإِنْ شَاءَ عَفَا لَهُمْ عَنْهَا . وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رَوَاهُ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ |