الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ
الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذَا الْخَبَرِ مِنَ الْفِقْهِ وَالَّذِي فِيهِ مِنْ ذَلِكَ : الْإِبَانَةُ عَنْ أَنَّ الْحَقَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ : الِاقْتِصَادُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِهِ , وَتَرْكُ الْإِفْرَاطِ وَالْغُلُوِّ فِيهِ . وَذَلِكَ أَنَّ التَّحَابَّ فِي اللَّهِ مِنْ أَفْضَلِ أَعْمَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَمِمَّا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : لَا تَبَاغَضُوا ، وَلَا تَدَابَرُوا ، وَلَا تَحَاسَدُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِهِ , وَقَالَ جَلَّ حدثناؤُهُ فِي تَنْزِيلِهِ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ أَنْفَقَتْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ . يُعَرِّفُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مَنَّهُ عَلَيْهِ بِتَأْلِيفِهِ بَيْنَ قُلُوبِ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِهِ |
1715 وَكَانَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُولُ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرٍ لَكُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّيَامِ ؟ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ ؛ فَإِنَّ الْبِغْضَةَ هِيَ الْحَالِقَةُ حَدَّثَنِي بِذَلِكَ ، يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ : أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي يُونُسُ , عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ أَبَا إِدْرِيسَ ، حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا الدَّرْدَاءِ ، يَقُولُ ذَلِكَ فَإِذْ كَانَ التَّحَابُّ فِي اللَّهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِالْمَكَانِ الَّذِي ذَكَرْتُ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ بِالِاقْتِصَادِ فِيهِ ، وَتَرْكِ الْإِفْرَاطِ وَالْغُلُوِّ فِيهِ فَسَائِرُ أَعْمَالِ الْمُؤْمِنِينَ الَّتِي مَنْزِلَتُهَا فِي الْفَضْلِ دُونَهُ ، أَوْلَى وَأَحَقُّ أَنْ يُقْتَصَدَ فِيهِ ، وَيُتْرَكَ الْإِفْرَاطُ وَالْغُلُوُّ فِيهِ ، عِبَادَةَ اللَّهِ كَانَ ذَلِكَ أَوْ غَيْرَهَا . وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : فَقَدْ أَفْرَطَ أَقْوَامٌ فِي حُبِّ أَقْوَامٍ فَهَلَكُوا ، وَأَفْرَطَ أَقْوَامٌ فِي بُغْضِ أَقْوَامٍ فَهَلَكُوا ، فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ : أَفْرَطَتِ النَّصَارَى فِي حُبِّ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ حَتَّى قَالُوا : هُوَ ابْنُ اللَّهِ ، جَلَّ اللَّهُ عَمَّا قَالُوا وَعَزَّ , وَأَفْرَطَتِ الْغَالِيَةُ مِنَ الرَّافِضَةِ فِي حُبِّ عَلِيٍّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ إِلَهُهُمْ , وَقَالَ بَعْضُهُمْ : هُوَ نَبِيُّ مَبْعُوثٌ ، وَقَالَ آخَرُونَ فِيهِ أَقْوَالًا عَجِيبَةً , وَأَبْغَضَتِ الْيَهُودُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ حَتَّى قَذَفُوا أُمَّهُ بِالْفِرْيَةِ , وَأَبْغَضَتِ الْمَارِقَةُ مِنَ الْخَوَارِجِ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ حَتَّى أَكْفَرُوهُ |