مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ وَأُمُّهُ هِنْدُ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَيُكَنَّى أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَوَلَدَ مُعَاوِيَةُ يَزِيدَ ، وَأُمُّهُ مَيْسُونُ بِنْتُ بَحْدَلِ بْنِ أَنْيَفَ بْنِ دُلْجَةَ بْنِ قُنَافَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ زُهَيْرِ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ جَنَابِ بْنِ ذُهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَوْفِ بْنِ عُذْرَةَ بْنِ زَيْدِ اللَّاتِ بْنِ رُفَيْدَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ كَلْبٍ ، وَعَبْدَ اللَّهِ وَهُوَ مِبْقَثٌ دَرَجٌ ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ . وَهِنْدَ تَزَوَّجَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ كَرِيزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ ، وَأُمُّهُمْ فَاخِتَةُ بِنْتُ قَرَظَةَ بْنِ عَبْدِ عَمْرِو بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ ، وَرَمْلَةَ تَزَوَّجَهَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَوَلَدَتْ لَهُ خَالِدًا وَعُثْمَانَ ، وَأُمُّهَا كَنُودُ بِنْتُ قَرَظَةَ بْنِ عَبْدِ عَمْرٍو ، وَصَفِيَّةَ تَزَوَّجَهَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ، وَأُمُّهَا أُمُّ وَلَدٍ
64 قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى مُعَاوِيَةَ حِينَ أَصَابَتْهُ قَرْحَتُهُ فَقَالَ : هَلُمَّ ابْنَ أَخِي ، تَحَوَّلْ فَانْظُرْ فَتَحَوَّلْتُ فَنَظَرْتُ فَإِذَا هِيَ قَدْ سَبِرَتْ |
65 أَخْبَرَنَا أَبُو عُبَيْدٍ ، عَنْ أَبِي يَعْقُوبَ الثَّقَفِيِّ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ : لَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ وَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّهُ بِالْمَوْتِ قَالَ لِأَهْلِهِ : احْشُوا عَيْنَيَّ إِثْمِدًا ، وَأَوْسِعُوا رَأْسِي دُهْنًا . فَفَعَلُوا وَبَرَّقُوا وَجْهَهُ بِالدُّهْنِ ، ثُمَّ مُهِّدَ لَهُ فَجَلَسَ ، ثُمَّ قَالَ : ائْذَنُوا لِلنَّاسِ فَلْيُسَلِّمُوا قِيَامًا وَلَا يَجْلِسْ أَحَدٌ ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَدْخُلُ فَيُسَلِّمُ قَائِمًا فَيَرَاهُ مُتَكَحِّلًا مُدَّهِنًا فَيَقُولُ : يَقُولُ النَّاسُ : هُوَ لِمَا بِهِ ، وَهُوَ أَصَحُّ النَّاسِ . فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ قَالَ مُعَاوِيَةُ : وَتَجَلُّدِي لِلشَّامِتِينَ أُرِيهِمُ أَنِّي لِرَيْبِ الدَّهْرِ لَا أَتَضَعْضَعُ وَإِذَا الْمَنِيَّةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارَهَا أَلْفَيْتَ كُلَّ تَمِيمَةٍ لَا تَنْفَعُ قَالَ : وَكَانَ بِهِ النَّقَّابَةُ فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ |
66 قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَيُّوبَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ ، وَعَنْ غَيْرِهِ ، قَالُوا : لَمَّا مَاتَ مُعَاوِيَةُ أُخْرِجَتْ أَكْفَانُهُ فَوُضِعَتْ عَلَى الْمِنْبَرِ ، ثُمَّ قَامَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ خَطِيبًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ كَانَ جَدَّ الْعَرَبِ وَعَوْدَ الْعَرَبِ ، وَحَدًّا قَطَعَ اللَّهُ بِهِ الْفِتْنَةَ ، وَمَلَّكَهُ عَلَى الْعِبَادِ ، وَسَيَّرَ جُنُودَهُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، وَبَسَطَ بِهِ الدُّنْيَا ، وَكَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ دَعَاهُ اللَّهُ فَأَجَابَهُ ، فَقَدْ قَضَى نَحْبَهُ ، رَحْمَةُ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَهَذِهِ أَكْفَانُهُ ، فَنَحْنُ مُدْرِجُوهُ فِيهَا ، وَمُدْخِلُوهُ قَبْرَهُ ، وَمُخَلُّوهُ وَعَمَلَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ رَحِمَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، ثُمَّ هُوَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، فَمَنْ أَرَادَ حُضُورَهُ بَعْدَ الظُّهْرِ فَلْيَحْضُرْهُ ، فَإِنَّا رَائِحُونَ بِهِ . وَصَلَّى عَلَيْهِ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ الْفِهْرِيُّ . قَالَ : وَكَانَ يَزِيدُ غَائِبًا حِينَ مَاتَ بَحُوَّارِينَ ، فَلَمَّا ثَقُلَ مُعَاوِيَةُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ الضَّحَّاكُ فَقَدِمَ وَقَدْ مَاتَ مُعَاوِيَةُ وَدُفِنَ ، فَلَمْ يَأْتِ مَنْزِلَهُ حَتَّى أَتَى قَبْرَهُ ، فَصَلَّى عَلَيْهِ وَدَعَا لَهُ ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ فَقَالَ : جَاءَ الْبَرِيدُ بِقِرْطَاسٍ يَخُبُّ بِهِ فَأَوْجَسَ الْقَلْبُ مِنْ قِرْطَاسِهِ فَزِعَا قُلْنَا لَكَ الْوَيْلُ مَاذَا فِي صَحِيفَتِكُمْ قَالَ : الْخَلِيفَةُ أَمْسَى مُثْبَتًا وَجِعَا فَمَادَتِ الْأَرْضُ أَوْ كَادَتْ تَمِيدُ بِنَا كَأَنَّ أَغْبَرَ مِنْ أَرْكَانِهَا انْقَطَعَا لَمَّا انْتَهَيْنَا وَبَابُ الدَّارِ مُنْصَفِقٌ لِصَوْتِ رَمْلَةَ رِيعَ الْقَلْبُ فَانْصَدَعَا مَنْ لَا تَزَلْ نَفْسُهُ تُوفِي عَلَى شَرَفٍ تُوشِكْ مَقَادِيرُ تِلْكَ النَّفْسِ أَنْ تَقَعَا أَوْدَى ابْنُ هِنْدٍ وَأَوْدَى الْمَجْدُ يَتْبَعُهُ كَانَا يَكُونَا جَمِيعًا قَاطِنِينَ مَعَا أَغَرُّ أَبْلَجُ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِهِ لَوْ قَارَعَ النَّاسَ عَنْ أَحْلَامِهِمْ قَرَعَا وَمَا أُبَالِي إِذَا أَدْرَكْتُ مُهْجَتَهُ مَنْ مَاتَ مِنْهُنَّ بِالْبَيْدَاءِ أَوْ ظَلَعَا ثُمَّ خَطَبَ يَزِيدُ النَّاسَ فَقَالَ : إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ عَبْدًا مِنْ عَبِيدِ اللَّهِ ، أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَبَضَهُ إِلَيْهِ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ بَعْدَهُ ، وَدُونَ مَنْ فَوْقَهُ ، وَلَا أُزَكِّيهِ عَلَى اللَّهِ ، هُوَ أَعْلَمُ بِهِ ، إِنْ عَفَا عَنْهُ فَبِرَحْمَتِهِ ، وَإِنْ عَاقَبَهُ فَبِذَنْبِهِ ، وَقَدْ وُلِّيتُ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَلَسْتُ آسَى عَلَى طَلَبٍ ، وَلَا أَعْتَذِرُ مِنْ تَفْرِيطٍ ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ شَيْئًا كَانَ . اذْكُرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفِرُوهُ . فَقَالَ أَبُو الْوَرْدَِ الْعَنْبَرِيُّ يَرْثِي مُعَاوِيَةَ : أَلَا أَنْعِي مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ نَعَاهُ الْحِلُّ لِلشَّهْرِ الْحَرَامِ نَعَاهُ النَّاعِيَات بِكُلِّ فَجٍّ خَوَاضِعُ فِي الْأَزِمَّةِ كَالسِّهَامِ فَهَاتِيكَ النُّجُومُ وَهُنَّ خُرْسٌ يَنُحْنَ عَلَى مُعَاوِيَةَ الشِّئَامِ وَقَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْمٍ : رَمَى الْحَدَثَانِ نِسْوَةَ آلِ حَرْبٍ بِمِقْدَارٍ سَمِدْنَ لَهُ سُمُودَا فَرَدَّ شُعُورَهُنَّ السُّودَ بِيضًا وَرَدَّ وُجُوهَهُنَّ الْبِيضَ سُودَا فَإِنَّكَ لَوْ شَهِدْتَ بُكَاءَ هِنْدٍ وَرَمْلَةَ إِذْ يُصَفِّعْنَ الْخُدُودَا بَكَيْتَ بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ قَرِيحٍ أَصَابَ الدَّهْرُ وَاحِدَهَا الْفَقِيدَا |
67 قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ دِينَارِ السَّعْدِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : تُوُفِّيَ مُعَاوِيَةُ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لِلنِّصْفِ مِنْ رَجَبٍ سَنَةَ سِتِّينَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ ابْنُ ثَمَانٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً |
68 قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ الْقُرَشِيِّ قَالَ : دَخَلَ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ فِي يَوْمٍ بَارِدٍ وَبَيْنَ يَدَيْهِ وَقُودٌ قَدْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ عُودٌ وَقَدْ دَخَنَ ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ : هَاهُنَا إِلَيَّ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ . فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ ، فَقَالَ عَلِيٌّ : احْمَدِ اللَّهَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فِيمَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الْإِدْفَاءِ ، وَالنَّاسُ فِيمَا هُمْ فِيهِ مِنْ شِدَّةِ الْبَرْدِ . فَقَالَ : يَا أَبَا مُحَمَّدٍ : أَبْعَدَ ابْنِ هِنْدٍ بِالشَّامِ أَرْبَعِينَ سَنَةً أَمِيرًا وخليفةً أَمْسَى تَهْتَزُّ عَلَى قَبْرِهِ يَنْبُوتَةٌ . ثُمَّ دَعَا بِالْغَدَاءِ فَتَغَدَّيَا جَمِيعًا . قَالَ : وَكَانَتْ خِلَافَةُ مُعَاوِيَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَسَبْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا |