ذِكْرُ دُعَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم النَّاسَ إِلَى الإِسْلاَمِ
483 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم : كُنْتُ بَيْنَ شَرِّ جَارَيْنِ ؛ بَيْنَ أَبِي لَهَبٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ، إِنْ كَانَا لَيَأْتَيَانِ بِالْفُرُوثِ فَيَطْرَحَانِهَا عَلَى بَابِي ، حَتَّى أَنَّهُمْ لَيَأْتُونَ بِبَعْضِ مَا يَطْرَحُونَ مِنَ الأَذَى ، فَيَطْرَحُونَهُ عَلَى بَابِي ، فَيَخْرُجُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَيَقُولُ : يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، أَيُّ جِوَارٍ هَذَا ؟ ثُمَّ يُلْقِيهِ بِالطَّرِيقِ.
482 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي ابْنُ مَوْهَبٍ ، عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ عُتْبَةَ ، قَالَ : لَمَّا أَظْهَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الإِسْلاَمَ وَمَنْ مَعَهُ ، وَفَشَا أَمْرُهُ بِمَكَّةَ وَدَعَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَدْعُو نَاحِيَةً سِرًّا ، وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَكَانَ عُثْمَانُ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَدْعُو عَلاَنِيَةً ، وَحَمْزَةُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ، فَغَضِبَتْ قُرَيْشٌ مِنْ ذَلِكَ ، وَظَهَرَ مِنْهُمْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم الْحَسَدُ وَالْبَغْيُ ، وَأَشْخَصَ بِهِ مِنْهُمْ رِجَالٌ فَبَادَوْهُ ، وَتَسَتَّرَ آخَرُونَ ، وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ الرَّأْيِ إِلاَّ أَنَّهُمْ يُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنِ الْقِيَامِ وَالإِشْخَاصِ بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم. وَكَانَ أَهْلَ الْعَدَاوَةِ وَالْمُبَادَاةِ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم وَأَصْحَابِهِ الَّذِينَ يَطْلُبُونَ الْخُصُومَةَ وَالْجَدَلَ : أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ ، وَأَبُو لَهَبِ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ ، وَالْحَارِثُ بْنُ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ ، وَهُوَ ابْنُ الْغَيْطَلَةِ ، وَالْغَيْطَلَةُ أُمُّهُ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، وَأُمَيَّةُ ، وَأُبَيٌّ ابْنَا خَلَفٍ ، وَأَبُو قَيْسِ بْنُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ ، وَالنَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ ، وَمُنَبِّهُ بْنُ الْحَجَّاجِ ، وَزُهَيْرُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ ، وَالسَّائِبُ بْنُ صَيْفِيِّ بْنِ عَابِدٍ ، وَالأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ الأَسَدِ ، وَالْعَاصُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ ، وَالْعَاصُ بْنُ هَاشِمٍ ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ ، وَابْنُ الأَصْدَى الْهُذَلِيُّ ، وَهُوَ الَّذِي نَطَحَتْهُ الأَرْوَى ، وَالْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ ، وَعَدِيُّ بْنُ الْحَمْرَاءِ ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا جِيرَانَهُ ، وَالَّذِينَ كَانَتْ تَنْتَهِي عَدَاوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَيْهِمْ : أَبُو جَهْلٍ ، وَأَبُو لَهَبٍ ، وَعُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ ، وَكَانَ عُتْبَةُ وَشَيْبَةُ ابْنَا رَبِيعَةَ ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ أَهْلَ عَدَاوَةٍ ، وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يُشْخَصُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم ، كَانُوا كَنَحْوِ قُرَيْشٍ . قَالَ ابْنُ سَعْدٍ : وَلَمْ يُسْلِمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلاَّ أَبُو سُفْيَانَ وَالْحَكَمُ.
{ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عَلَى الصَّفَا ، فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ، فَقَالَتْ قُرَيْشٌ : مُحَمَّدٌ عَلَى الصَّفَا يَهْتِفُ ، فَأَقْبَلُوا وَاجْتَمَعُوا ، فَقَالُوا : مَا لَكَ يَا مُحَمَّدُ ؟ قَالَ : أَرَأَيْتُكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلاَّ بِسَفْحِ هَذَا الْجَبَلِ ، أَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، أَنْتَ عِنْدَنَا غَيْرُ مُتَّهَمٍ ، وَمَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ كَذِبًا قَطُّ ، قَالَ : فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، يَا بَنِي زُهْرَةَ ، حَتَّى عَدَّدَ الأَفْخَاذَ مِنْ قُرَيْشٍ ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُنْذِرَ عَشِيرَتِي الأَقْرَبِينَ ، وَإِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ الدُّنْيَا مَنْفَعَةً ، وَلاَ مِنَ الآخِرَةِ نَصِيبًا إِلاَّ أَنْ تَقُولُوا : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ قَالَ : يَقُولُ أَبُو لَهَبٍ : تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ . مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ . سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ . وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ . فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} السُّورَةَ كُلَّهَا.
481 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ : قَالَ : حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا أُنْزِلَتْ :
480 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْمَرُ بْنُ رَاشِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : دَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم إِلَى الإِسْلاَمِ سِرًّا وَجَهْرًا ، فَاسْتَجَابَ لِلَّهِ مَنْ شَاءَ مِنْ أَحْدَاثِ الرِّجَالِ وَضُعَفَاءِ النَّاسِ ، حَتَّى كَثُرَ مَنْ آمَنَ بِهِ ، وَكُفَّارُ قُرَيْشٍ غَيْرُ مُنْكِرِينَ لِمَا يَقُولُ ، فَكَانَ إِذَا مَرَّ عَلَيْهِمْ فِي مَجَالِسِهِمْ يُشِيرُونَ إِلَيْهِ أَنَّ غُلاَمَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَيُكَلَّمُ مِنَ السَّمَاءِ ، فَكَانَ ذَلِكَ حَتَّى عَابَ اللَّهُ آلِهَتَهُمُ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا دُونَهُ ، وَذَكَرَ هَلاَكَ آبَائِهِمُ الَّذِينَ مَاتُوا عَلَى الْكُفْرِ ، فَشَنِفُوا لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم عِنْدَ ذَلِكَ وَعَادَوْهُ.
478 أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ ، أَخْبَرَنَا جَارِيَةُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : أُمِرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم أَنْ يَصْدَعَ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللهِ ، وَأَنْ يُبَادِيَ النَّاسَ بِأَمْرِهِ وَأَنْ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ ، فَكَانَ يَدْعُو مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ النُّبُوَّةُ ثَلاَثَ سِنِينَ مُسْتَخْفِيًا إِلَى أَنْ أُمِرَ بِظُهُورِ الدُّعَاءِ.