بَابُ فَضِيلَةِ حِفْظِ السِّرِّ وَذَمِّ إِذَاعَتِهِ
686 حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ عِيسَى الزُّهْرِيُّ , عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ بَكَّارٍ , عَنِ الْمُؤَمَّلِ قَالَ : قَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ : كَأَنَّ دُمُوعَ الْعَيْنِ يَوْمَ تَحَمَّلَتْ بُثَيْنَةُ يَسْقِيهَا الرَّشَاشُ مَعِينُ وَرُحْنَ وَقَدْ أَوْدَعْنَ عِنْدِي أَمَانَةً لِبُثْنَةَ سِرٌّ فِي الْفُؤَادِ مَكِينُ كَسِرِّ الَّذِي لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ ثَوَى فِي قَرَارِ الْأَرْضِ وَهْوَ دَفِينُ |
687 حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ , حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ رِشْدِينَ , حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ , حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ , أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اشْتَكَى شَكَاةً خَافَ فِيهَا , فَأَوْصَى وَاسْتَخْلَفَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ , وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فِي الْحَجِّ , وَكَانَ الَّذِي وَلِيَ كِتَابَ وَصِيَّتِهِ حَمْدَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ , فَأَمَرَهُ أَنْ لَا يُخْبِرَ بِذَاكَ أَحَدًا , فَعُوفِيَ عُثْمَانُ مِنْ مَرَضِهِ , وَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فَلَقِيَهُ حَمْدَانُ , فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِ عُثْمَانَ فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي أَصَابَهُ مِنَ الْمَرَضِ , وَأَسَرَّ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ مِنَ اسْتِخْلَافِهِ إِيَّاهُ , فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِحَمْدَانَ : مَاذَا صَنَعْتَ ؟ مَا لِي بُدٌّ مِنْ أَنْ أُخْبِرَهُ , فَقَالَ حَمْدَانُ : إِذًا وَاللَّهِ تُهْلِكُنِي , فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا يَسَعُنِي تَرْكُ ذَلِكَ , لِئَلَّا يَأْمَنَكَ عَلَى مِثْلِهَا , وَلَكِنْ وَأَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَأْمِنَهُ لَكَ , فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِعُثْمَانَ : إِنَّ لِبَعْضِ أَهْلِكَ ذَنْبًا لَيْسَ عَلَيْكَ إِثْمٌ فِي الْعَفْوِ عَنْهُ فِيهِ , وَلَسْتُ مُخْبِرَكَ حَتَّى تُؤَمِّنَهُ , فَقَالَ عُثْمَانُ : فَقَدْ فَعَلْتُ , فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِي أَسَرَّ إِلَى حَمْدَانَ , فَقَالَ : إِنْ شِئْتَ جَلَدْتُكَ مِائَةً , وَإِنْ شِئْتَ فَاخْرُجْ عَنِّي , فَاخْتَارَ الْخُرُوجَ , فَخَرَجَ إِلَى الْكُوفَةِ |
688 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْوَزَّانُ , حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ , حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ , حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , عَنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً , فَقَالَ : يَا جِبْرِيلُ , مَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ ؟ قَالَ : هَذِهِ رَائِحَةُ قَبْرِ الْمَاشِطَةِ وَابْنِهَا وَزَوْجِهَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْخَضِرَ كَانَ مِنْ أَشْرَافِ بَنِي إِسْرَائِيلَ , وَكَانَ يَأْتِي رَاهِبًا فِي صَوْمَعَةٍ فَيَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرَّاهِبُ فَيُعَلِّمُهُ الْإِسْلَامَ , فَلَمَّا بَلَغَ الْخَضِرَ زَوَّجَهُ أَبُوهُ امْرَأَةً , فَعَلَّمَهَا الْخَضِرُ وَأَخَذَ عَلَيْهَا أَلَا تُعَلِّمَهُ أَحَدًا , وَكَانَ لَا يَقْرَبُ النِّسَاءَ , فَطَلَّقَهَا فَنَكَثَتْ فَأَفْشَتْ عَلَيْهِ , فَانْطَلَقَ هَارِبًا حَتَّى أَتَى جَزِيرَةً فِي الْبَحْرِ , فَأَقْبَلَ رَجُلَانِ يَحْتَطِبَانِ فَرَأَيَاهُ , فَكَتَمَ أَحَدُهُمَا وَأَفْشَى الْآخَرُ , وَقَالَ : رَأَيْتُ الْخَضِرَ , قِيلَ لَهُ : وِمَنْ رَآهُ مَعَكَ ؟ قَالَ : فُلَانٌ , فَسُئِلَ فَكَتَمَ , وَكَانَ مِنْ دِينِهِمْ أَنَّ مَنَ كَتَمَ قُتِلَ , فَتَزَوَّجَتِ الْمَرْأَةُ الْكَاتِمَةُ , فَبَيْنَمَا هِيَ تَمْشُطُ ابْنَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ سَقَطَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ فِرْعَوْنُ , فَأَخْبَرَتْ أَبَاهَا , وَكَانَ لِلْمَرْأَةِ ابْنَانِ وَزَوْجٌ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَرَاوَدَ الْمَرْأَةَ وَزَوْجَهَا أَنْ يَرْجِعَا عَنْ دِينِهِمَا , فَأَبَيَا , فَقَالَ : إِنِّي قَاتِلُكُمَا , فَقَالَا إِحْسَانٌ مِنْكَ إِلَيْنَا إِنْ قَتَلْتَنَا , فَقَتَلَهُمَا , فَلَمَّا أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ رِيحًا طَيِّبَةً , فَسَأَلَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ |
689 حَدَّثَنِي الْمُسَيَّبُ بْنُ عَلِيٍّ الرُّصَافِيُّ , عَنْ بَعْضِ مَشَائِخِهِ قَالَ : أَتَى رَجُلٌ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ فَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ هَمَّامٍ السَّلُولِيَّ سَبَّهُ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَتَاهُ , فَقَالَ لَهُ : يَا ابْنَ هَمَّامٍ , إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّكَ قُلْتُ كَيْتَ وَكَيْتَ , فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَمَّامٍ لِلرَّجُلِ : أَنْتَ امْرُؤٌ إِمَّا تُمَسَّكَ خَالِيًا فَخُنْتَ وَإِمَّا قُلْتَ قَوْلًا بِلَا عِلْمِ وَإِنَّكَ فِي الْأَمْرِ قَدْ أَتَيْتَهُ لَفِي مَنْزِلٍ بَيْنَ الْخِيَانَةِ وَالْإِثْمِ |
691 حَدَّثَنَا 45878 عَلِيُّ بْنُ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : بَيْنَمَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ يَنْظُرُ فِي مَظَالِمِ النَّاسِ وَقَعَتْ فِي يَدِهِ رُقْعَةٌ فَقَرَأَهَا , فَإِذَا فِيهَا مَكْتُوبٌ : تَغَيَّرَ وَجْهُ الْبَدْرِ إِذْ غُيِّبَ الْبَدْرُ وَحَالَفَنِي الْهِجْرَانُ لَا سُلِّمَ الْهَجْرُ عَلَى غَيْرِ جُرْمٍ كَانَ مِنِّي جَنَيْتُهُ سِوَى أَنَّنِي نَوَّهْتُ إِذْ غُلِبَ الصَّبْرُ وَإِنَّ امَرَأً أَهْدَى رَيَاحِينَ قَلْبِهِ إِلَى إِلْفِهِ إِذْ شَفَّهُ الشَّوْقُ وَالذِّكْرُ حَقِيقٌ بِأَنْ يَصْفُوَ لَهُ الرَّدُّ وَالْهَوَى وَيُصْرَفَ عَنْهُ الْهَجْرُ إِذْ مُنِعَ الْعُذْرُ فَقُلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَإِنَّمَا أَتَيْنَاكَ لِلْفُتْيَا إِذَا وَضَحَ الْأَمْرُ قَالَ : فَوَقَّعَ فِي ظَهْرِ الرُّقْعَةِ : لَقَدْ وَضَحَتْ فِيكَ الْقَضِيَّةُ يَا عَمْرُو وَأَنْتَ حَقِيقٌ أَنْ يَحِلَّ بِكَ الْهَجْرُ لِأَنَّكَ أَظْهَرْتَ الَّذِي كُنْتَ كَاتِمًا وَنَوَّهْتَ بِالْحُبِّ الَّذِي ضَمِنَ الصَّبْرُ وَالصَّدْرُ فَبُحْتَ بِهِ فِي النَّاسِ حَتَّى إِذَا بَدَا سِقَامُ الْهَوَى نَادَيْتَ أَنْ غُلِبَ الصَّبْرُ فَهَلَّا بِكِتْمَانِ الْهَوَى مِتَّ صَبْوَةً فَتَهْلِكَ مَحْمُودًا وَفِي كَفِّكَ الْعُذْرُ فَلَسْتُ أَرَى إِنْ بُحْتَ بِالْحُبِّ وَالْهَوَى جَزَاءَكَ إِلَّا أَنْ يُعَاقِبَكَ الْبَدْرُ |
692 وَأَنْشَدَنِي أَبُو الْحَسَنِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَطْلِيُّ لِرَاشِدِ بْنِ إِسْحَاقَ الْكَاتِبِ : لَعَمْرُكَ مَا اسْتَوْدَعْتُ سِرِّي وَسِرَّهَا سِوَانَا حِدَادًا أَنْ تَضِيعَ السَّرَائِرُ وَلَا خَاطَبَتْهَا مُقْلَتَايَ بِلَحْظَةٍ فَتَعْرِفُ نَجْوَانَا الْعُيُونُ النَّوَاظِرُ وَلَكِنْ جَعَلْتُ الْوَهْمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا رَسُولًا فَأَدَّى مَا تُجِنُّ الضَّمَائِرُ أُكَاتِمُ مَا فِي الْقَلْبِ بَقْيًا عَلَى الْهَوَى مَخَافَةَ أَنْ يُغْرَى بِذِكْرَاكِ ذَاكِرُ |
693 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ , حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ , عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ , عَنِ الشَّعْبِيِّ , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : لَوْ كَتَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِمَّا أُوحِيَ إِلَيْهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ : { وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } |