بَابُ الْفِطْرِ وَالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

بَابُ الْفِطْرِ وَالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ فِي فَرْضِ الصَّوْمِ : شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، فَكَانَ بَيِّنًا فِي الْآيَةِ أَنَّهُ فَرَضَ عَلَيْهِمْ عِدَّةً ، فَجَعَلَ لَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا فِيهَا مَرْضَى وُمَسَافِرِينَ ، وَيُحْصُوا حَتَّى يُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِمُ الْيُسْرَ .
قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَكَانَ قَوْلُ اللَّهِ : وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ لَا يَجْعَلَ عَلَيْهِمْ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ مَرْضَى وَلَا مُسَافِرِينَ ، وَيَجْعَلَ عَلَيْهِمْ عَدَدًا إِذَا مَضَى الْمَرَضُ وَالسَّفَرُ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْفِطْرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى الرُّخْصَةِ إِنْ شَاءُوا ؛ لِئَلَّا يُحْرَجُوا إِنْ فَعَلُوا ، وَكَانَ فَرْضُ الصَّوْمِ وَالْأَمْرُ بِالْفِطْرِ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ فِي آيَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَلَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا أَنَّ كُلَّ آيَةٍ إِنَّمَا نَزَلَتْ مُتَتَابِعَةً لَا مُتَفَرِّقَةً ، وَقَدْ تَنْزِلُ الْآيَتَانِ فِي السُّورَةِ مُفْتَرِقَيْنِ ، فَأَمَّا آيَةٌ فَلَا ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهَا كَلَامٌ وَاحِدٌ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ يُسْتَأْنَفُ بَعْدَهُ غَيْرُهُ ، فَلَمْ يَخْتَلِفُوا كَمَا وَصَفْتُ أَنَّ آيَةً لَمْ تَنْزِلْ إِلَّا مَعًا لَا مُفْتَرِقَةً ، فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ الْمَرِيضَ وَالْمُسَافِرَ بِالْفِطْرِ إِرْخَاصًا لَهُمَا لِئَلَّا يُحْرَجَا إِنْ فَعَلَا ؛ لِأَنَّهُمَا يُجْزِيهِمَا أَنْ يَصُومَا فِي تَيْنِكَ الْحَالَيْنِ شَهْرَ رَمَضَانَ ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ لَوْ كَانَ غَيْرَ رُخْصَةٍ لِمَنْ أَرَادَ الْفِطْرَ فِيهِ ، لَمْ يَصُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

19 حَدَّثَنَا الْرَّبِيْعُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ خَرَجَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ثُمَّ أَفْطَرَ ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ مَعَهُ . وَكَانُوا يَأْخُذُونَ بِالْأَحْدَثِ فَالْأَحْدَثِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

20 أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غَزِيَّةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ قَالَ : قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ زَمَانَ غَزْوَةِ تَبُوكَ ، وَرَسُولُ اللَّهِ يَسِيرُ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى ، إِذَا هُوَ بِجَمَاعَةٍ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ فَقَالَ : مَنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ ؟ قَالُوا : رَجُلٌ صَائِمٌ أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ ، أَوْ كَلِمَةً نَحْوَ هَذِهِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

21 أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ ، عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ الْأَشْعَرِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِلصَّائِمِ فِي السَّفَرِ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

22 أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ : أَنَّ النَّبِيَّ أَمَرَ النَّاسَ فِي سَفَرِهِ عَامَ الْفَتْحِ بِالْفِطْرِ وَقَالَ : تَقَوَّوْا لِلْعَدُوِّ ، وَصَامَ النَّبِيُّ . قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ الَّذِي حَدَّثَنِي : لَقَدْ رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَرْجِ يَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِهِ الْمَاءَ مِنَ الْعَطَشِ ، أَوْ مِنَ الْحَرِّ ، فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ طَائِفَةً مِنَ النَّاسِ قَدْ صَامُوا حِينَ صُمْتَ ، فَلَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ بِالْكَدِيدِ دَعَا بِقَدَحٍ فَشَرِبَ ، فَأَفْطَرَ النَّاسُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

23 أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ ، فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ كُرَاعَ الْغَمِيمِ ، فَصَامَ النَّاسُ مَعَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ النَّاسَ قَدْ شَقَّ عَلَيْهِمُ الصِّيَامُ ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَشَرِبَ ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ ، فَأَفْطَرَ بَعْضُ النَّاسِ ، وَصَامَ بَعْضُهُمْ ، فَبَلَغَهُ أَنَّ نَاسًا صَامُوا فَقَالَ : أُولَئِكَ الْعُصَاةُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

24 وَفِي حَدِيثِ الثِّقَةِ غَيْرِ الدَّرَاوَرْدِيِّ ، عَنْ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَابِرٍ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ عَامَ الْفَتْحِ فِي رَمَضَانَ إِلَى مَكَّةَ فَصَامَ ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا وَقَالَ : تَقَوَّوْا بِعَدَدِكُمْ عَلَى عَدُوِّكُمْ ، فَقِيلَ لَهُ : إِنَّ النَّاسَ أَبَوْا أَنْ يُفْطِرُوا حِينَ صُمْتَ ، فَدَعَا بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَهُ . ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

25 أَخْبَرَنَا الْشَّافِعِيُّ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

26 أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَصُومُ فِي السَّفَرِ ؟ وَكَانَ كَثِيرَ الصِّيَامِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنْ شِئْتَ فَصُمْ ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ . قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ : مَا تَقُولُ فِي صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَالْوَاجِبِ غَيْرِهِ ، وَالتَّطَوُّعِ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ ؟ قُلْتُ : أُحِبُّ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ إِنْ لَمْ يَكُنْ يُجْهِدُ الْمَرِيضَ ، وَيَزِيدُ فِي مَرَضِهِ ، وَالْمُسَافِرُ فَيُخَافُ مِنْهُ الْمَرَضُ ، فَلَهُمَا مَعًا الرُّخْصَةُ فِيهِ ، قَالَ : فَمَا تَقُولُ فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ وَإِتْمَامِهَا ؟ فَقُلْتُ : قَصْرُهَا فِي السَّفَرِ وَالْخَوْفِ رُخْصَةٌ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ، وَقَصْرُهَا فِي السَّفَرِ بِلَا خَوْفٍ رُخْصَةٌ فِي السُّنَّةِ اخْتَارَهَا ، وَلِلْمُسَافِرِ إِتْمَامُهَا ، فَقَالَ : أَمَّا قَصْرُ الصَّلَاةِ فَبَيِّنٌ أَنَّ اللَّهَ إِنَّمَا جَعَلَهُ رُخْصَةً لِقَوْلِ اللَّهِ : { وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } ، فَلَمَّا كَانَ إِنَّمَا جَعَلَ لَهُمْ أَنْ يَقْصُرُوا خَائِفِينَ مُسَافِرِينَ ، فَهُمْ إِذَا قَصَرُوا مُسَافِرِينَ بِمَا ذَكَرْتَ مِنَ السُّنَّةِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْقَصْرُ رُخْصَةً ، لَا حَتْمًا أَنْ يَقْصُرُوا ؛ لِأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ : { فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا } رُخْصَةٌ بَيِّنَةٌ ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ فِي الصَّوْمِ أَنَّ الْفِطْرَ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ عَزْمٌ ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ : { وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، كَيْفَ لَمْ تَذْهَبْ أَنَّ الْفِطْرَ عَزْمٌ ، وَأَنَّهُ لَا يُجْزِي شَهْرُ رَمَضَانَ مَنْ صَامَ مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا مَعَ الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ، وَمَعَ أَنَّ الْآخَرَ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ تَرَكَ الصَّوْمَ ، وَأَنَّ عُمَرَ أَمَرَ رَجُلًا صَامَ فِي السَّفَرِ أَنْ يَقْضِيَ الصِّيَامَ . قَالَ : فَحَكَيْتُ لَهُ قُلْتُ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } : إِنَّهَا آيَةٌ وَاحِدَةٌ ، وَأَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقُرْآنِ أَحَدٌ يُخَالِفُ فِي أَنَّ الْآيَةَ الْوَاحِدَةَ كَلَامٌ وَاحِدٌ ، وَأَنَّ الْكَلَامَ الْوَاحِدَ لَا يَنْزِلُ إِلَّا مُجْتَمِعًا ، وَإِنْ نَزَلَتِ الْآيَتَانِ فِي السُّورَةِ مُفْتَرِقَتَيْنِ ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْآيَةِ مَعْنَى قَطْعِ الْكَلَامِ ، قَالَ : أَجَلْ ، قُلْتُ : فَإِذَا صَامَ رَسُولُ اللَّهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَفَرْضُ شَهْرِ رَمَضَانَ إِنَّمَا أُنْزِلَ فِي الْآيَةِ ، أَلَيْسَ قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْآيَةَ بِفِطْرِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ رُخْصَةٌ ؟ قَالَ : بَلَى ، فَقُلْتُ لَهُ : وَلَمْ يَبْقَ شَيْءٌ يَعْرِضُ فِي نَفْسِكَ إِلَّا الْأَحَادِيثَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِنَّ الْآخَرَ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ أَلَيْسَ الْفِطْرَ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَمْ يُفْطِرْ لِمَعْنَى نَسْخِ الصَّوْمِ ، وَلَا اخْتِيَارِ الْفِطْرِ عَلَى الصَّوْمِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْفِطْرِ وَيَقُولُ : تَقَوَّوْا لِعَدُوِّكُمْ ، وَيَصُومُ ، ثُمَّ يُخْبَرُ بِأَنَّهُمْ ، أَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ ، أَبَى أَنْ يُفْطِرَ إِذْ صَامَ ، فَأَفْطَرَ لِيُفْطِرَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْفِطْرِ لِصَوْمِهِ بِفِطْرِهِ كَمَا صَنَعَ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ ، فَإِنَّهُ أَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَنْحَرُوا وَيَحْلِقُوا ، فَأَبَوْا ، فَانْطَلَقَ فَنَحَرَ وَحَلَقَ ، فَفَعَلُوا ، قَالَ : فَمَا قَوْلُهُ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ؟ قُلْتُ : قَدْ أَتَى بِهِ جَابِرٌ مُفَسَّرًا ، فَذَكَرَ أَنَّ رَجُلًا أَجْهَدَهُ الصَّوْمُ ، فَلَمَّا عَلِمَ النَّبِيُّ بِهِ قَالَ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ ، فَاحْتَمَلَ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ يَبْلُغَ هَذَا رَجُلٌ بِنَفْسِهِ فِي فَرِيضَةِ صَوْمٍ وَلَا نَافِلَةٍ ، وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ لَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ أَنْ يُفْطِرَ ، فَلَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ يَبْلُغَ هَذَا بِنَفْسِهِ ، وَيَحْتَمِلُ : لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الْمَفْرُوضِ الَّذِي مَنْ خَالَفَهُ أَثِمَ ، قَالَ : فَكَعْبُ بْنُ عَاصِمٍ لَمْ يَقُلْ هَذَا ، قُلْتُ : كَعْبٌ رَوَى حَرْفًا وَاحِدًا ، وَجَابِرٌ سَاقَ الْحَدِيثَ ، وَفِي صَوْمِ النَّبِيِّ دَلَالَةٌ عَلَى مَا وَصَفْتُ ، وَكَذَلِكَ فِي أَمْرِ حَمْزَةَ بْنِ عُمَرَ : وَإِنْ شَاءَ صَامَ ، وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ ، وَفِي قَوْلِ أَنَسٍ : سَافَرْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ ، فَلَمْ يَعِبِ الصَّائِمُ عَلَى الْمُفْطِرِ ، وَلَا الْمُفْطِرُ عَلَى الصَّائِمِ . قَالَ : فَقَدْ رَوَى سَعِيدٌ ، أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ : خِيَارُكُمُ الَّذِينَ إِذَا سَافَرُوا أَفْطَرُوا ، وَقَصَرُوا الصَّلَاةَ ، قُلْتُ : وَهَذَا مِثْلُ مَا وَصَفْتُ ، خِيَارُكُمُ الَّذِينَ يَقْبَلُونَ الرُّخْصَةَ لَا يَدَعُونَهَا رَغْبَةً عَنْهَا ، لَا أَنَّ قَبُولَ الرُّخْصَةِ حَتْمٌ يَأْثَمُ بِهِ مَنْ تَرَكَهُ ، قَالَ : فَمَا أَمْرُ عُمَرَ رَجُلًا صَامَ فِي السَّفَرِ أَنْ يُعِيدَ ؟ قُلْتُ : لَا أَعْرِفُهُ عَنْهُ ، وَإِنْ عَرَفْتُهُ فَالْحُجَّةُ ثَابِتَةٌ بِمَا وَصَفْتُ لَكَ ، وَأَصْلُ مَا نَذْهَبُ إِلَيْهِ أَنَّ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فَالْحُجَّةُ لَازِمَةٌ لِلْخَلْقِ بِهِ ، وَعَلَى الْخَلْقِ اتِّبَاعُهُ ، وَقُلْتُ لَهُ : مَنْ أَمَرَ الْمُسَافِرَ أَنْ يَقْضِيَ الصَّوْمَ ، فَمَذْهَبُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ رَأَى الْآيَةَ حَتْمًا بِفِطْرِ الْمُسَافِرِ وَالْمَرِيضِ ، وَمَنْ رَآهَا حَتْمًا قَالَ : الْمُسَافِرُ مَنْهِيٌّ عَنِ الصَّوْمِ ، فَإِذَا صَامَهُ كَانَ صِيَامُهُ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَيُعِيدُهُ ، كَمَا لَوْ صَامَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَغَيْرُهَا أَعَادَهُمَا ، فَقَدْ أَبَنَّا دِلَالَةَ السُّنَّةِ أَنَّ الْآيَةَ رُخْصَةٌ لَا حَتْمٌ ، قَالَ : فَمَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ : يُؤْخَذُ بِالْآخِرِ فَالْآخِرِ مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ ؟ فَقُلْتُ : رَوَى أَنَّهُ صَامَ وَأَفْطَرَ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، أَوْ مَنْ رَوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا ، بِرَأْيِهِ ، وَجَاءَ غَيْرُهُ وَفِي الْحَدِيثِ بِمَا لَمْ يَأْتِ بِهِ مِنْ أَنَّ فِطْرَهُ كَانَ لِامْتِنَاعِ مَنْ أَمَرَهُ بِالْفِطْرِ مِنَ الْفِطْرِ حَتَّى أَفْطَرَ ، وَجَاءَ غَيْرُهُ بِمَا وَصَفْتُ فِي حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو ، وَهَذَا مِمَّا وَصَفْتُ أَنَّ الرَّجُلَ يَسْمَعُ الشَّيْءَ فَيَتَنَاوَلُهُ ، وَلَا يَسْمَعُ غَيْرَهُ ، وَلَا يَمْتَنِعُ مَنْ عَلِمَ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَقُولَ بِهِمَا مَعًا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،