الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

الْقَوْلُ فِي الْبَيَانِ عَمَّا فِي هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنَ الْغَرِيبِ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ : يَا نَعَايَا الْعَرَبِ , هَكَذَا رِوَايَةُ الْمُحَدِّثِينَ مِنْ رُوَاةِ الْأَخْبَارِ , إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ الرِّيَاءُ وَالشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ .
وَأَمَّا أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ وَرُوَاةِ الشِّعْرِ مِنْهُمْ , فَإِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ وَيَقُولُونَ : إِنَّ الصَّوَابَ فِيهِ , يَا نَعَائِي الْعَرَبِ , بِمَعْنَى الْأَمْرِ بِنَعْيِهِمْ , وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ : انْعُوهُمْ فَقَدْ هَلَكُوا .
وَاسْتَشْهَدُوا لِتَصْحِيحِ مَا قَالُوا , مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ : نَعَاءِ ابْنَ لَيْلَى لِلْفِعَالِ وَلِلنَّدَى وَرُكْبَانِ لَيْلٍ مُقْفَعِلِّ الْأَنَامِلِ وَيَقُولُ الْآخَرُ : نَعَاءِ جُذَامًا غَيْرَ مَوْتٍ وَلَا قَتْلِ وَلَكِنْ فِرَاقًا لِلدَّعَائِمِ وَالْأَصْلِ وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ مَا قَالُوا , وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَغْرَتْ بِمَصْدَرِ قَضَيْتُ وَدَعَوْتُ وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ ذَوَاتِ الْيَاءِ وَالْوَاوِ , قَالُوا : دَعَا دَعَاءً , وَقَضَى قَضَاءً , وَنعا نَعَاءً , كَمَا يَقُولُونَ , إِذَا أَغْرَوْا بِالسَّالِمِ مِنَ الْفِعْلِ : دَرَاكِ دَرَاكِ , وَنَظَارِ نَظَارِ , بِمَعْنَى أَدْرِكْ أَدْرِكْ , انْظُرُ انْظُرْ , فَيَفْتَحُونَ أَوَّلَهُ وَيَكْسِرُونَ آخِرَهُ كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ : دَرَاكِهَا مِنْ إِبِلٍ دَرَاكِهَا قَدْ بَرَكَ الْمَوْتُ عَلَى أَوْرَاكِهَا يُرِيدُ بِقَوْلِهِ : دَرَاكِهَا , أَدْرِكُوهَا , وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ : تَرَاكِهَا مِنْ إِبِلٍ تَرَاكِهَا قَدْ بَرَكَ الْمَوْتُ عَلَى أَوْرَاكِهَا وَمِنْهُ قَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى : وَلَأَنْتَ أَشْجَعُ مِنْ أُسَامَةَ إِذْ دُعِيَتْ نَزَالِ وَلُجَّ فِي الذَّعْرِ وَكَانَ الْفَرَّاءُ يَزْعُمُ أَنَّ فَعَالِ إِنَّمَا خُصَّ بِالْأَمْرِ , لِأَنَّهُ أُرِيدَ فِعَالِ مَصْدَرُ فَاعَلْتَ , فَكَانَ أَوَّلُهُ مَكْسُورًا فَغَيَّرُوهُ عَنْ وِجْهَةِ الْمَصْدَرِ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ آخِرِهِ , كَمَا صُرِفَتْ ثُلَاثُ وَرُبَاعُ , عَنْ ثَلَاثَةَ وَأَرْبَعَةَ , وَعُرِبَتَا بِالرَّفْعِ لِأَنَّهُمَا فِي مَذْهَبِ اسْمٍ , وَعُرِبَ فَعَالِ الَّذِي يُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ بِالْخَفْضِ , لِأَنَّهُمْ أَرَادُوا أَثَرًا مِنَ الْجَزْمِ .
وَقَدْ ذُكِرَ عَنْ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ كَانَ يَرْوِي ذَلِكَ : يَا نُعْيَانَ الْعَرَبِ , عَلَى الْمَصْدَرِ مِنْ نَعَاهُ يَنْعَاهُ نَعْيًا وَنُعْيَانًا , كَالْبُهْتَانِ وَالْخُلْصَانِ .
وَأَمَّا الرِّيَاءُ فَإِنَّهُ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : رَايَا فُلَانٌ فُلَانًا بِعَمَلِهِ مُرَايَاةً وَرِيَاءً .
وَأَمَّا الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ : فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَاهَا , وَكَانَ سُفْيَانُ يَقُولُ فِيهَا مَا

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

919 حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , قَالَ : قَالَ لِي خَالِدُ بْنُ نِزَارٍ : عَنْ سُفْيَانَ : الشَّهْوَةُ الْخَفِيَّةُ , الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُحْمَدَ عَلَى الْبِرِّ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ شَهْوَةُ النَّفْسِ لِمَا قَدْ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا مِنْ شُرْبِ خَمْرٍ أَوْ رُكُوبِ فَاحِشَةٍ مِنِ امْرَأَةٍ لَا تَحِلُّ لَهُ , وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الْمُحَرَّمَةِ . وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ , أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : هُوَ الرَّجُلُ يُصْبِحُ صَائِمًا صَوْمًا تَطَوُّعًا , ثُمَّ يُصِيبُ طَعَامًا يَشْتَهِيهِ فَيُفْطِرُ مِنْ أَجْلِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْمَعَاصِي يُضْمِرُهُ صَاحِبُهُ وَيُصِرُّ عَلَيْهِ , فَإِنَّمَا هُوَ الْإِصْرَارُ , وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْهُ . وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ عِنْدَنَا أَنَّهُ شَهْوَةُ النَّفْسِ الْبَاطِنَةُ لِمَا حَلَّ وَحَرُمَ , وَإِنَّمَا قَالَ شَدَّادٌ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ , مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ , لِأَنَّ فِي الرِّيَاءَ مَا قَدْ بَيَّنْتُ قَبْلُ , وَأَنَّ الشَّهْوَةَ الْخَفِيَّةَ إِذَا أَفْرَطَتْ حَمَلَتْ صَاحِبَهَا عَلَى رُكُوبِ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ رُكُوبُهُ مِنَ الزِّنَا , وَشُرْبِ الْخَمْرِ , وَالسُّكْرِ , وَالسَّرَقِ , وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمَحَارِمِ . وَإِنَّمَا خَافَ شَدَّادٌ مِنَ الشَّهْوَةِ الْخَفِيَّةِ , مَا يَحْدُثُ عَنِ الشَّهْوَةِ مِنْ رُكُوبِ الْأُمُورِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللَّهُ عَلَى عِبَادِهِ , وَذَلِكَ أَنَّ مِنَ الشَّهْوَةِ مَا إِذَا لَمْ يَرْكَبْ صَاحِبُهَا مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ مِنَ الْمَحَارِمِ , وَلَمْ تَتَعَدَّ إِلَى مَا حُظِرَ عَلَيْهَا مِنَ الْمَآثِمِ , فَغَيْرُ ضَائِرَةٍ , بَلْ إِلَى أَنْ تَكُونَ لِصَاحِبِهَا إِذَا تَرَكَ التَّقَدُّمَ عَلَى مَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ مِنَ الْمَحَارِمِ حِذَارَ الْعِقَابِ عَلَيْهَا , إِلَى رِضَى اللَّهِ مُقَرِّبَةً أَقْرَبَ مِنْهَا إِلَى أَنْ تَكُونَ لَهُ مِنَ اللَّهِ مُبْعِدَةً , لِأَنَّ إِمَاتَتَهَا بِتَحْذِيرِ النَّفْسِ عِقَابَ اللَّهِ , وَخَوْفِ وَعِيدِهِ حَتَّى يَقْمَعَهَا أَوْ يَرُدُّهَا عَنْ بَاعِثِ هَوَاهَا , وَمَا اهْتَاجَ فِيهَا إِلَى تَقْوِيمِهَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ الَّذِي أَمَرَهَا بِهِ , هُوَ الْجِهَادُ الْأَكْبَرُ الَّذِي لَا جِهَادَ أَعْظَمَ مِنْهُ , وَقَدْ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ : لَيْسَ عَدُوُّكَ الَّذِي إِنْ قَتَلْتَهُ اسْتَرَحْتَ مِنْهُ , وَلَكِنَّ عَدُوَّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ , فَقَدْ بَيَّنَ الْحَسَنُ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنَّ رَدَّ النَّفْسِ عَنْ بَوَاعِثِ شَهْوَاتِهَا وَقَمْعَهَا عَنْ هِيَاجِ طَلَبَاتِهَا الْمُحَرَّمِ عَلَيْهَا رُكُوبُهَا إِلَى مَا يَحِلُّ لَهَا وَيُزِيلُ ذَلِكَ عَنْهَا هُوَ جِهَادُ أَعْدَى الْأَعْدَاءِ لِلْمَرْءِ , وَذَلِكَ لَا شَكَّ أَعْظَمُ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ مِنْ جِهَادِ أَهْلِ الشِّرْكِ الَّذِينَ إِلَى قَتْلِهِمُ السَّبِيلُ

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،