:
:
هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، حُجْرُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ عَدِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الأَكْرَمَيْنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ ثَوْرِ بْنِ مُرَتَّعِ بْنِ كِنْديٍّ ، وَهُوَ حُجْرُ الْخَيْرِ وَأَبُوهُ عَدِيٌّ الأَدْبَرُ طُعِنَ مُوَلِّيًا فَسُمِّيَ الأَدْبَرَ . وَكَانَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ جَاهِلِيًّا إِسْلاَمِيًّا . قَالَ : وَذَكَرَ بَعْضُ رُوَاةِ الْعِلْمِ أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم مَعَ أَخِيهِ هَانِئِ بْنِ عَدِيٍّ وَشَهِدَ حُجْرٌ الْقَادِسِيَّةَ ، وَهُوَ الَّذِي افْتَتَحَ مَرْجَ عَذْرَاء ، وَكَانَ فِي أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِئَةٍ مِنَ الْعَطَاءِ ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ , وَشَهِدَ مَعَهُ الْجَمَلَ وَصِفِّينَ , فَلَمَّا قَدِمَ زِيَادُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَالِيًا عَلَى الْكُوفَةِ دَعَا بِحُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ فَقَالَ : تَعْلَمُ أَنِّي أَعْرِفُكَ , وَقَدْ كُنْتُ أَنَا وَإِيَّاكَ عَلَى مَا قَدْ عَلِمْتَ ، يَعْنِي مِنْ حُبِّ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَإِنِّي أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَنْ تَقْطُرَ لِي مِنْ دَمِكَ قَطْرَةً فَأَسْتَفْرِغَهُ كُلَّهُ , امْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَلْيَسَعْكَ مَنْزِلُكَ , وَهَذَا سَرِيرِي فَهُوَ مَجْلِسُكَ وَحَوَائِجُكَ مَقْضَيَّةٌ لَدَيَّ , فَاكْفِنِي نَفْسَكَ ؛ فَإِنِّي أَعْرِفُ عَجَلَتَكَ ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي نَفْسِكَ وَإِيَّاكَ وَهَذِهِ السَّفَلَةَ وَهَؤُلاَءِ السُّفَهَاءَ أَنْ يَسْتَزِلُّوكَ عَنْ رَأْيِكَ ، فَإِنَّكَ لَوْ هُنْتَ عَلَيَّ أَوِ اسْتَخْفَفْتَ بِحَقِّكَ لَمْ أَخُصَّكَ بِهَذَا مِنْ نَفْسِي ، فَقَالَ حُجْرٌ : قَدْ فَهِمْتُ . ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى مَنْزِلِهِ فَأَتَاهُ إِخْوَانُهُ مِنَ الشِّيعَةِ فَقَالُوا : مَا قَالَ لَكَ الأَمِيرُ ؟ قَالَ : قَالَ لِي كَذَا وَكَذَا , قَالُوا : مَا نَصَحَ لَكَ فَأَقَامَ وَفِيهِ بَعْضُ الاِعْتِرَاضِ , وَكَانَتِ الشِّيعَةُ يَخْتَلِفُونَ إِلَيْهِ , وَيَقُولُونَ : إِنَّكَ شَيْخُنَا وَأَحَقُّ النَّاسِ بِإِنْكَارِ هَذَا الأَمْرِ ،وَكَانَ إِذَا جَاءَ إِلَى الْمَسْجِدِ مَشَوْا مَعَهُ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ خَلِيفَةُ زِيَادٍ عَلَى الْكُوفَةِ , وَزِيَادٌ بِالْبَصْرَةِ : أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ وَقَدْ أَعْطَيْتَ الأَمِيرَ مِنْ نَفْسِكَ مَا قَدْ عَلِمْتَ ؟ فَقَالَ لِلرَّسُولِ : تُنْكِرُونَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ ، إِلَيْكَ وَرَاءَكَ أَوْسَعُ لَكَ . فَكَتَبَ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثٍ بِذَلِكَ إِلَى زِيَادٍ وَكَتَبَ إِلَيْهِ إِنْ كَانَتْ لَكَ حَاجَةٌ بِالْكُوفَةِ فَالْعَجَلَ , فَأَغَذَّ زِيَادٌ السَّيْرَ حَتَّى قَدِمَ الْكُوفَةَ فَأَرْسَلَ إِلَى عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ , وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ وَخَالِدِ بْنِ عُرْفُطَةَ الْعُذْرِيِّ حَلِيفِ بَنِي زُهْرَةَ وَإِلَى عِدَّةٍ مِنْ أَشْرَافِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَرْسَلَهُمْ إِلَى حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ لِيُعْذِرَ إِلَيْهِ وَيَنْهَاهُ عَنْ هَذِهِ الْجَمَاعَةِ وَأَنَ يَكُفَّ لِسَانَهُ عَمَّا يَتَكَلَّمُ بِهِ فَأَتَوْهُ فَلَمْ يُجِبْهُمْ إِلَى شَيْءٍ وَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ وَجَعَلَ يَقُولُ : يَا غُلاَمُ اعْلِفِ الْبَكْرَ قَالَ : وَبَكْرٌ فِي نَاحِيَةِ الدَّارِ فَقَالَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ : أَمَجْنُونٌ أَنْتَ أُكَلِّمُكَ بِمَا أُكَلِّمُكَ بِهِ وَأَنْتَ تَقُولُ : يَا غُلاَمُ اعْلِفِ الْبَكْرَ ؟ فَقَالَ عَدِيٌّ لأَصْحَابِهِ : مَا كُنْتُ أَظُنُّ هَذَا الْبَائِسَ بَلَغَ بِهِ الضَّعْفُ كُلَّ مَا أَرَى. فَنَهَضَ الْقَوْمُ عَنْهُ وَأْتَوْا زِيَادًا فَأَخْبَرُوهُ بِبَعْضٍ وَخَزَنُوا بَعْضًا وَحَسَّنُوا أَمْرَهُ وَسَأَلُوا زِيَادًا الرِّفْقَ بِهِ فَقَالَ : لَسْتُ إِذًا لأَبِي سُفْيَانَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الشُّرَطَ وَالْبُخَارَيَّةِ فَقَاتَلَهُمْ بِمَنْ مَعَهُ ثُمَّ انْفَضُّوا عَنْهُ وَأُتِيَ بِهِ زِيَادٌ وَبِأَصْحَابِهِ , فَقَالَ لَهُ : وَيْلَكَ مَا لَكَ . فَقَالَ : إِنِّي عَلَى بَيْعَتِي لِمُعَاوِيَةَ لاَ أُقِيلُهَا وَلاَ أَسْتَقِيلُهَا , فَجَمَعَ زِيَادٌ سَبْعِينَ مِنْ وجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ : اكْتُبُوا شَهَادَتَكُمْ عَلَى حُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ فَفَعَلُوا ثُمَّ وَفَدَهُمْ عَلَى مُعَاوِيَةَ , وَبَعَثَ بِحُجْرٍ وَأَصْحَابِهِ إِلَيْهِ . وَبَلَغَ عَائِشَةَ الْخَبَرُ فَبَعَثَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيَّ إِلَى مُعَاوِيَةَ تَسْأَلُهُ أَنْ يُخَلِّيَ سَبِيلَهُمْ , فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُثْمَانَ الثَّقَفِيُّ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جُذَاذَهَا جُذَاذَهَا لاَ تُعِنّ بَعْدَ الْعَامِ أَبْرًا فَقَالَ مُعَاوِيَةُ : لاَ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُمُ وَلَكِنِ اعْرِضُوا عَلَيَّ كِتَابَ زِيَادٍ فَقُرِئَ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَجَاءَ الشُّهُودُ فَشَهِدُوا ,فَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ : أَخْرِجُوهُمْ إِلَى عَذْرَاء فَاقْتُلُوهُمْ هُنَالِكَ , قَالَ : فَحُمِلُوا إِلَيْهَا , فَقَالَ حُجْرٌ : مَا هَذِهِ الْقَرْيَةُ ؟ قَالُوا : عَذْرَاءُ , قَالَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَوَّلُ مُسْلِمٌ نَبَّحَ كِلاَبَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ , ثُمَّ أُتِيَ بِي الْيَوْمَ إِلَيْهَا مَصْفُودًا وَدُفِعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ لِيَقْتُلَهُ وَدُفِعَ حُجْرٌ إِلَى رَجُلٍ مِنْ حِمْيَرَ فَقَدَّمَهُ لِيَقْتُلَهُ فَقَالَ : يَا هَؤُلاَءِ دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَطَوَّلَ فِيهِمَا , فَقِيلَ لَهُ : طَوَّلْتَ أَجَزِعْتَ ؟ فَانْصَرَفَ , فَقَالَ : مَا تَوَضَّأْتُ قَطُّ إِلاَّ صَلَّيْتُ وَمَا صَلَّيْتُ صَلاَةً قَطُّ أَخَفَّ مِنْ هَذِهِ وَلَئِنْ جَزِعْتُ لَقَدْ رَأَيْتُ سَيْفًا مَشْهُورًا وَكَفَنًا مَنْشُورًا وَقَبْرًا مَحْفُورًا . وَكَانَتْ عَشَائِرُهُمْ جَاؤُوا بِالأَكْفَانِ وَحَفَرُوا لَهُمُ الْقُبُورَ وَيُقَالُ : بَلْ مُعَاوِيَةُ الَّذِي حَفَرَ لَهُمُ الْقُبُورَ وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ بِالأَكْفَانِ , وَقَالَ حُجْرٌ : اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَعْدِيكَ عَلَى أُمَّتِنَا ؛ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ شَهِدُوا عَلَيْنَا , وَإِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَتَلُونَا , قَالَ : فَقِيلَ لِحُجْرٍ مُدَّ عُنُقَكَ , فَقَالَ : إِنَّ ذَاكَ لَدَمٌ مَا كُنْتُ لأُعِينَ عَلَيْهِ , فَقُدِّمَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ . وَكَانَ مُعَاوِيَةُ قَدْ بَعَثَ رَجُلاَّ مِنْ بَنِي سَلاَمَانَ بْنِ سَعْدٍ يُقَالُ لَهُ : هُدْبَةُ بْنُ فَيَّاضٍ فَقَتَلَهُمْ ، وَكَانَ أَعْوَرَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنْهُمْ مِنْ خَثْعَمٍ , فَقَالَ : إِنْ صَدَقَتِ الطَّيْرُ قُتِلَ نِصْفُنَا وَنَجَا نِصْفُنَا , قَالَ : فَلَمَّا قُتِلَ سَبْعَةٌ أَرْدَفَ مُعَاوِيَةُ بِرَسُولٍ بِعَافِيَتِهِمْ جَمِيعًا فَقُتِلَ سَبْعَةٌ وَنَجَا سِتَّةٌ أَوْ قُتِلَ سِتَّةٌ وَنَجَا سَبْعَةٌ قَالَ : وَكَانُوا ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاَّ . وَقَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَلَى مُعَاوِيَةَ بِرِسَالَةِ عَائِشَةَ وَقَدْ قُتِلُوا , فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَيْنَ عَزَبَ عَنْكَ حِلْمُ أَبِي سُفْيَانَ , فَقَالَ : غَيْبَةُ مِثْلِكَ عَنِّي مِنْ قَوْمِي . وَقَدْ كَانَتْ هِنْدُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ مَخْرَبَةَ الأَنْصَارِيَّةُ , وَكَانَتْ شِيعَيَّةً , قَالَتْ حِينَ سِيرَ بِحُجْرٍ إِلَى مُعَاوِيَةَ : تَرَفَّعْ أَيُّهَا الْقَمَرُ الْمُنِيرُ ... تَرَفَّعْ هَلْ تَرَى حُجْرًا يَسِيرُ يَسِيرُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ حَرْبٍ ... لِيَقْتُلَهُ كَمَا زَعَمَ الْخَبِيرُتَجَبَّرَتِ الْجَبَابِرُ بَعْدَ حُجْرٍ ... وَطَابَ لَهَا الْخَوَرْنَقُ وَالسَّدِيرُ وَأَصْبَحَتِ الْبِلاَدُ لَهُ مُحُولاَّ ... كَأَنْ لَمْ يُحْيِهَا يَوْمًا مَطِيرُ أَلاَ يَا حُجْرُ حُجْرَ بَنِي عَدِيٍّ ... تَلَقَّتْكَ السَّلاَمَةُ وَالسُّرُورُ أَخَافُ عَلَيْكَ مَا أَرْدَى عَدِيًّا ... وَشَيْخًا فِي دِمَشْقَ لَهُ زَئِيرُ فَإِنْ تَهْلِكْ فَكُلُّ عَمِيدِ قَوْمٍ ... إِلَى هُلْكٍ مِنَ الدُّنْيَا يَصِيرُ
9668 قَالَ : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : لَمَّا أُتِيَ بِحُجْرٍ فَأُمِرَ بِقَتْلِهِ قَالَ : ادْفِنُونِي فِي ثِيَابِي فَإِنِّي أُبْعَثُ مُخَاصِمًا.
:
:
هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، حجر بن عدي بن جبلة بن عدي بن ربيعة بن معاوية الأكرمين بن الحارث بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي ، وهو حجر الخير وأبوه عدي الأدبر طعن موليا فسمي الأدبر . وكان حجر بن عدي جاهليا إسلاميا . قال : وذكر بعض رواة العلم أنه وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أخيه هانئ بن عدي وشهد حجر القادسية ، وهو الذي افتتح مرج عذراء ، وكان في ألفين وخمسمئة من العطاء ، وكان من أصحاب علي بن أبي طالب , وشهد معه الجمل وصفين , فلما قدم زياد بن أبي سفيان واليا على الكوفة دعا بحجر بن عدي فقال : تعلم أني أعرفك , وقد كنت أنا وإياك على ما قد علمت ، يعني من حب علي بن أبي طالب ، وإنه قد جاء غير ذلك ، وإني أنشدك الله أن تقطر لي من دمك قطرة فأستفرغه كله , املك عليك لسانك وليسعك منزلك , وهذا سريري فهو مجلسك وحوائجك مقضية لدي , فاكفني نفسك ؛ فإني أعرف عجلتك ، فأنشدك الله يا أبا عبد الرحمن في نفسك وإياك وهذه السفلة وهؤلاء السفهاء أن يستزلوك عن رأيك ، فإنك لو هنت علي أو استخففت بحقك لم أخصك بهذا من نفسي ، فقال حجر : قد فهمت . ثم انصرف إلى منزله فأتاه إخوانه من الشيعة فقالوا : ما قال لك الأمير ؟ قال : قال لي كذا وكذا , قالوا : ما نصح لك فأقام وفيه بعض الاعتراض , وكانت الشيعة يختلفون إليه , ويقولون : إنك شيخنا وأحق الناس بإنكار هذا الأمر ،وكان إذا جاء إلى المسجد مشوا معه , فأرسل إليه عمرو بن حريث ، وهو يومئذ خليفة زياد على الكوفة , وزياد بالبصرة : أبا عبد الرحمن ما هذه الجماعة وقد أعطيت الأمير من نفسك ما قد علمت ؟ فقال للرسول : تنكرون ما أنتم فيه ، إليك وراءك أوسع لك . فكتب عمرو بن حريث بذلك إلى زياد وكتب إليه إن كانت لك حاجة بالكوفة فالعجل , فأغذ زياد السير حتى قدم الكوفة فأرسل إلى عدي بن حاتم , وجرير بن عبد الله البجلي وخالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة وإلى عدة من أشراف أهل الكوفة فأرسلهم إلى حجر بن عدي ليعذر إليه وينهاه عن هذه الجماعة وأن يكف لسانه عما يتكلم به فأتوه فلم يجبهم إلى شيء ولم يكلم أحدا منهم وجعل يقول : يا غلام اعلف البكر قال : وبكر في ناحية الدار فقال له عدي بن حاتم : أمجنون أنت أكلمك بما أكلمك به وأنت تقول : يا غلام اعلف البكر ؟ فقال عدي لأصحابه : ما كنت أظن هذا البائس بلغ به الضعف كل ما أرى. فنهض القوم عنه وأتوا زيادا فأخبروه ببعض وخزنوا بعضا وحسنوا أمره وسألوا زيادا الرفق به فقال : لست إذا لأبي سفيان فأرسل إليه الشرط والبخارية فقاتلهم بمن معه ثم انفضوا عنه وأتي به زياد وبأصحابه , فقال له : ويلك ما لك . فقال : إني على بيعتي لمعاوية لا أقيلها ولا أستقيلها , فجمع زياد سبعين من وجوه أهل الكوفة فقال : اكتبوا شهادتكم على حجر وأصحابه ففعلوا ثم وفدهم على معاوية , وبعث بحجر وأصحابه إليه . وبلغ عائشة الخبر فبعثت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي إلى معاوية تسأله أن يخلي سبيلهم , فقال عبد الرحمن بن عثمان الثقفي : يا أمير المؤمنين جذاذها جذاذها لا تعن بعد العام أبرا فقال معاوية : لا أحب أن أراهم ولكن اعرضوا علي كتاب زياد فقرئ عليه الكتاب وجاء الشهود فشهدوا ,فقال معاوية بن أبي سفيان : أخرجوهم إلى عذراء فاقتلوهم هنالك , قال : فحملوا إليها , فقال حجر : ما هذه القرية ؟ قالوا : عذراء , قال : الحمد لله أما والله إني لأول مسلم نبح كلابها في سبيل الله , ثم أتي بي اليوم إليها مصفودا ودفع كل رجل منهم إلى رجل من أهل الشام ليقتله ودفع حجر إلى رجل من حمير فقدمه ليقتله فقال : يا هؤلاء دعوني أصلي ركعتين فتركوه فتوضأ وصلى ركعتين فطول فيهما , فقيل له : طولت أجزعت ؟ فانصرف , فقال : ما توضأت قط إلا صليت وما صليت صلاة قط أخف من هذه ولئن جزعت لقد رأيت سيفا مشهورا وكفنا منشورا وقبرا محفورا . وكانت عشائرهم جاؤوا بالأكفان وحفروا لهم القبور ويقال : بل معاوية الذي حفر لهم القبور وبعث إليهم بالأكفان , وقال حجر : اللهم إنا نستعديك على أمتنا ؛ فإن أهل العراق شهدوا علينا , وإن أهل الشام قتلونا , قال : فقيل لحجر مد عنقك , فقال : إن ذاك لدم ما كنت لأعين عليه , فقدم فضربت عنقه . وكان معاوية قد بعث رجلا من بني سلامان بن سعد يقال له : هدبة بن فياض فقتلهم ، وكان أعور فنظر إليه رجل منهم من خثعم , فقال : إن صدقت الطير قتل نصفنا ونجا نصفنا , قال : فلما قتل سبعة أردف معاوية برسول بعافيتهم جميعا فقتل سبعة ونجا ستة أو قتل ستة ونجا سبعة قال : وكانوا ثلاثة عشر رجلا . وقدم عبد الرحمن بن الحارث بن هشام على معاوية برسالة عائشة وقد قتلوا , فقال : يا أمير المؤمنين أين عزب عنك حلم أبي سفيان , فقال : غيبة مثلك عني من قومي . وقد كانت هند بنت زيد بن مخربة الأنصارية , وكانت شيعية , قالت حين سير بحجر إلى معاوية : ترفع أيها القمر المنير ... ترفع هل ترى حجرا يسير يسير إلى معاوية بن حرب ... ليقتله كما زعم الخبيرتجبرت الجبابر بعد حجر ... وطاب لها الخورنق والسدير وأصبحت البلاد له محولا ... كأن لم يحيها يوما مطير ألا يا حجر حجر بني عدي ... تلقتك السلامة والسرور أخاف عليك ما أردى عديا ... وشيخا في دمشق له زئير فإن تهلك فكل عميد قوم ... إلى هلك من الدنيا يصير
9668 قال : أخبرنا حماد بن مسعدة ، عن ابن عون ، عن محمد ، قال : لما أتي بحجر فأمر بقتله قال : ادفنوني في ثيابي فإني أبعث مخاصما.