حديث رقم - من كتاب الشريعة للآجري - مُقَدِّمَة

نص الحديث

131 حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ : حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ دَاوُدَ قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ : حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَعْنِي ابْنَ سِيرِينَ : وَمَارَاهُ رَجُلٌ فِي شَيْءٍ فَقَالَ مُحَمَّدٌ : إِنِّي أَعْلَمُ مَا تُرِيدُ ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِالْمِرَاءِ مِنْكَ ، وَلَكِنِّي لَا أُمَارِيكَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : أَلَمْ تَسْمَعْ رَحِمَكَ اللَّهُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ قَوْلِ أَبِي قِلَابَةَ : لَا تُجَالِسُوا أَهْلَ الْأَهْوَاءِ وَلَا تُجَادِلُوهُمْ ، فَإِنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي الضَّلَالَةِ ، أَوْ يَلْبِسُوا عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ بَعْضَ مَا لُبِّسَ عَلَيْهِمْ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ الْحَسَنِ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ : أَلَا تُنَاظِرُنِي فِي الدِّينِ ؟ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ : أَمَّا أَنَا فَقَدْ أَبْصَرْتُ دِينِي ، فَإِنْ كُنْتَ أَنْتَ أَضْلَلْتَ دِينَكَ فَالْتَمِسْهُ أَوَ لَمْ تَسْمَعْ إِلَى قَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ : مَنْ جَعَلَ دِينَهُ غَرَضًا لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَمَنِ اقْتَدَى بِهَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ سَلِمَ لَهُ دِينُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنِ اضْطَّرَّنِي فِي الْأَمْرِ وَقْتًا مِنَ الْأَوْقَاتِ إِلَى مُنَاظَرَتِهِمْ , وَإِثْبَاتِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ أَلَا أُنَاظِرُهُمْ ؟ قِيلَ لَهُ : الِاضْطِرَارُ إِنَّمَا يَكُونُ مَعَ إِمَامٍ لَهُ مَذْهَبٌ سُوءٌ ، فَيَمْتَحِنُ النَّاسَ وَيَدْعُوهُمْ إِلَى مَذْهَبِهِ ، كَفِعْلِ مَنْ مَضَى فِي وَقْتِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : ثَلَاثَةُ خُلَفَاءَ امْتَحَنُوا النَّاسَ ، وَدَعَوْهُمْ إِلَى مَذْهَبِهِمُ السُّوءِ ، فَلَمْ يَجِدِ الْعُلَمَاءُ بُدًّا مِنَ الذَّبِّ عَنِ الدِّينِ ، وَأَرَادُوا بِذَلِكَ مَعْرِفَةَ الْعَامَّةِ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ ، فَنَاظَرُوهُمْ ضَرُورَةً لَا اخْتِيَارًا ، فَأَثْبَتَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَقَّ مَعَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَمَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَتِهِ وَأَذَلَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُعْتَزِلَةَ وَفَضَحَهُمْ وَعَرَفَتِ الْعَامَّةُ أَنَّ الْحَقَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ أَحْمَدُ وَمَنْ تَابَعَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، أَرْجُو أَنْ يُعِيذَ اللَّهُ الْكَرِيمُ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ مِنْ مِحْنَةٍ تَكُونُ أَبَدًا وَبَلَغَنِي عَنِ الْمَهْتَدِي رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ : مَا فَظَّعَ أَبِي يَعْنِي الْوَاثِقَ إِلَّا شَيْخٌ جِيءَ بِهِ مِنَ الْمَصِيصَةِ ، فَمَكَثَ فِي السِّجْنِ مُدَّةً ، ثُمَّ إِنَّ أَبِي ذَكَرَهُ يَوْمًا ، فَقَالَ : عَلَيَّ بِالشَّيْخِ ، فَأُتِيَ بِهِ مُقَيَّدًا ، فَلَمَّا أُوقِفَ بَيْنَ يَدَيْهِ سَلَّمَ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، مَا اسْتَعْمَلْتَ مَعِي أَدَبَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَلَا أَدَبَ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } وَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدِّ السَّلَامِ ، فَقَالَ لَهُ : وَعَلَيْكَ السَّلَامُ ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِ أَبِي دُؤَادٍ : سَلْهُ ، فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ : أَنَا مَحْبُوسٌ مُقَيَّدٌ ، أُصَلِّي فِي الْحَبْسِ بِتَيَمُّمٍ ، مُنِعْتُ الْمَاءَ فَمُرْ بِقُيُودِي تُحَلُّ ، وَمُرْ لِي بِمَاءٍ أَتَطَهَّرُ وَأُصَلِّي ، ثُمَّ سَلْنِي قَالَ : فَأَمَرَ ، فَحَلَّ قَيْدَهُ وَأَمَرَ لَهُ بِمَاءٍ ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ قَالَ : لِابْنِ أَبِي دُؤَادٍ : سَلْهُ ، فَقَالَ الشَّيْخُ : الْمَسْأَلَةُ لِي ، تَأْمُرُهُ أَنْ يُجِيبَنِي فَقَالَ : سَلْ ، فَأَقْبَلَ الشَّيْخُ عَلَى ابْنِ أَبِي دُؤَادٍ فَقَالَ : أَخْبِرْنِي عَنْ هَذَا الَّذِي تَدْعُو النَّاسَ إِلَيْهِ ، أَشَيْءٌ دَعَا إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَشَيْءٌ دَعَا إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ بَعْدَهُ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَشَيْءٌ دَعَا إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَعْدَهُمَا ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَشَيْءٌ دَعَا إِلَيْهِ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بَعْدَهُمْ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَشَيْءٌ دَعَا إِلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ بَعْدَهُمْ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَشَيْءٌ لَمْ يَدْعُ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا أَبُو بَكْرٍ ، وَلَا عُمَرُ وَلَا عُثْمَانُ ، وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُمَّ عَنْهُمْ ، تَدْعُو أَنْتَ النَّاسَ إِلَيْهِ ؟ لَيْسَ يَخْلُو أَنْ تَقُولَ : عَلِمُوهُ أَوْ جَهِلُوهُ ، فَإِنْ قُلْتَ : عَلِمُوهُ ، وَسَكَتُوا عَنْهُ ، وَسِعَنَا وَإِيَّاكَ مَا وَسِعَ الْقَوْمَ مِنَ السُّكُوتِ ، وَإِنْ قُلْتَ : جَهِلُوهُ وَعَلِمْتُهُ أَنَا ، فَيَا لُكَعُ بْنَ لُكَعٍ ، يَجْهَلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ شَيْئًا تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ؟ قَالَ الْمُهْتَدِي : فَرَأَيْتُ أَبِي وَثَبَ قَائِمًا وَدَخَلَ الْحَبْزِي ، وَجَعَلَ ثَوْبَهُ فِي فِيهِ ، يَضْحَكُ ؟ ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ : صَدَقَ ، لَيْسَ يَخْلُو مِنْ أَنْ يَقُولَ : جَهِلُوهُ أَوْ عَلِمُوهُ ، فَإِنْ قُلْنَا : عَلِمُوهُ وَسَكَتُوا عَنْهُ وَسِعَنَا مِنَ السُّكُوتِ مَا وَسِعَ الْقَوْمَ ، وَإِنْ قُلْنَا : جَهِلُوهُ وَعَلِمْتَهُ أَنْتَ ، فَيَا لُكَعُ بْنَ لُكَعٍ يَجْهَلُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ شَيْئًا تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ؟ ثُمَّ قَالَ : يَا أَحْمَدُ ، قُلْتُ : لَبَّيْكَ ، قَالَ : لَسْتَ أَعْنِيكَ ، إِنَّمَا أَعْنِي ابْنَ أَبِي دُؤَادٍ ، فَوَثَبَ إِلَيْهِ فَقَالَ : أَعْطِ هَذَا الشَّيْخَ نَفَقَتَهُ وَأَخْرِجْهُ عَنْ بَلَدِنَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : وَبَعْدَ هَذَا نَأْمُرُ بِحِفْظِ السُّنَنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسُنَنِ أَصْحَابِهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ ، وَقَوْلِ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَمْثَالِهِمْ ، وَالشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ ، وَمَنْ كَانَ عَلَى طَرِيقَةِ هَؤُلَاءِ مِنَ الْعُلَمَاءِ ، وَيُنْبَذُ مَنْ سِوَاهُمْ ، وَلَا نُنَاظِرُ ، وَلَا نُجَادِلُ وَلَا نُخَاصِمُ ، وَإِذَا لَقِيَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ فِي طَرِيقٍ أَخَذَ فِي غَيْرِهِ , وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسًا هُوَ فِيهِ قَامَ عَنْهُ هَكَذَا أَدَّبَنَا مَنْ مَضَى مِنْ سَلَفِنَا *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :