حديث رقم - من كتاب الشريعة للآجري - مُقَدِّمَة

نص الحديث

572 وَحَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَاعِدٍ قَالَ : نا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ : أنا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ : أنا شَرِيكٌ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ سَعِيدِ بنِ جُبَيْرٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : { أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ } قَالَ : الْأَيْدِي : الْقُوَّةُ فِي الْعَمَلِ ، وَالْأَبْصَارُ : بَصَرُهُمْ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ دِينِهِمْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ : فَإِنِ اعْتَرَضَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ الْقَدَرِيَّةِ بِتَأْوِيلِهِ الْخَطَأَ ، فَقَالَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } فَيَزْعُمُ أَنَّ السَّيِّئَةَ مِنْ نَفْسِهِ ، دُونَ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى قَضَاهَا وَقَدَّرَهَا عَلَيْهِ ، قِيلَ لَهُ : يَا جَاهِلُ ، إِنَّ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ هُوَ أَعْلَمُ بِتَأْوِيلِهَا مِنْكَ ، وَهُوَ الَّذِي بَيَّنَ لَنَا جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ شَاهَدُوا التَّنْزِيلَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، هُمُ الَّذِينَ بَيَّنُوا لَنَا وَلَكَ إِثْبَاتَ الْمَقَادِيرِ بِكُلِّ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، وَقِيلَ : لَوْ عَقَلْتَ تَأْوِيلَهَا لَمْ تُعَارِضْ بِهَا ، وَلَعَلِمْتَ أَنَّ الْحُجَّةَ عَلَيْكَ لَا لَكَ فَإِنْ قَالَ : كَيْفَ ؟ قِيلَ لَهُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : { مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } أَلَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى أَصَابَهُ بِهَا : خَيْرًا كَانَ أَوْ شَرًّا ؟ فَاعْقِلْ يَا جَاهِلُ ، أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى { نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ } وَقَالَ تَعَالَى : { أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوَ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ } وَقَالَ تَعَالَى { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، أَلَا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخْبِرُنَا أَنَّ كُلَّ مُصِيبَةٍ تَكُونُ بِالْعِبَادِ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَاللَّهُ يُصِيبُهُمْ بِهَا ، وَقَدْ كَتَبَ مُصَابَهُمْ فِي عِلْمٍ قَدْ سَبَقَ ، وَجَرَى بِهِ الْقَلَمُ عَلَى حَسْبِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ ، فَاعْقِلُوهُ يَا مُسْلِمُونَ فَإِنَّ الْقَدَرِيَّ مَحْرُومٌ مِنَ التَّوْفِيقِ ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ الَّتِي يَحْتَجُّ بِهَا الْقَدَرِيُّ فِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَنَا كَتَبْتُهَا عَلَيْكَ *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :