حديث رقم 1949 - من كتاب شرح معاني الآثار للطحاوي - كِتَابُ الزَّكَاةِ

نص الحديث

1949 حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : ثنا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ الْأَنْصَارِيُّ , عَنْ عُمَرَ بْنِ نُبَيْهٍ الْكَعْبِيِّ , عَنِ الْمَقْبُرِيِّ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ انْصَرَفَ مِنَ الصُّبْحِ يَوْمًا , فَأَتَى عَلَى النِّسَاءِ فِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ , مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ بِعُقُولِ ذَوِي الْأَلْبَابِ مِنْكُنَّ , وَإِنِّي قَدْ رَأَيْتُ أَنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , فَتَقْرَبْنَ إِلَى اللَّهِ بِمَا اسْتَطَعْتُنَّ . وَكَانَ فِي النِّسَاءِ امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا , فَانْقَلَبَتْ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَخْبَرَتْهُ بِمَا سَمِعَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَتْ حُلِيًّا لَهَا . فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَيْنَ تَذْهَبِينَ بِهَذَا الْحُلِيِّ ؟ فَقَالَتْ : أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ وَإِلَى رَسُولِهِ , لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ . قَالَ : هَلُمِّي بِذَلِكَ وَيْلَكَ تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى وَلَدِي فَقَالَتْ : لَا وَاللَّهِ , حَتَّى أَذْهَبَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَذَهَبَتْ تَسْتَأْذِنُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ هَذِهِ زَيْنَبُ تَسْتَأْذِنُ , فَقَالَ أَيُّ الزَّيَانِبِ هِيَ ؟ قَالُوا : امْرَأَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ . فَدَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنِّي سَمِعْتُ مِنْكَ مَقَالَةً , فَرَجَعْتُ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ فَحَدَّثْتُهُ , فَأَخَذْتُ حُلِيِّي أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِلَيْكَ , رَجَاءَ أَنْ لَا يَجْعَلَنِي اللَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ . فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيَّ وَعَلَى بَنِيَّ , فَإِنَّا لَهُ مَوْضِعٌ , فَقُلْتُ لَهُ : حَتَّى أَسْتَأْذِنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقِي بِهِ عَلَيْهِ وَعَلَى بَنِيهِ , فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْجِيزِيُّ , قَالَ : ثنا عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ , قَالَ : ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ : أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي عَمْرٍو , عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَبَيَّنَ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ تَصَدَّقِي فِي الصَّدَقَةِ , التَّطَوُّعِ الَّتِي تُكَفِّرُ الذُّنُوبَ . وَفِي حَدِيثِهِ قَالَ فَجَاءَتْ بِحُلِيٍّ لَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، خُذْ هَذَا ، أَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَصَدَّقِي بِهِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ ، وَعَلَى بَنِيهِ , فَإِنَّهُمْ لَهُ مَوْضِعٌ فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الصَّدَقَةِ بِكُلِّ الْحُلِيِّ , وَذَلِكَ مِنَ التَّطَوُّعِ , لَا مِنَ الزَّكَاةِ , لِأَنَّ الزَّكَاةَ لَا تُوجِبُ الصَّدَقَةَ بِكُلِّ الْمَالِ , وَإِنَّمَا تُوجِبُ الصَّدَقَةَ بِجُزْءٍ مِنْهُ . فَهَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى فَسَادِ تَأْوِيلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى قَوْلِهِ لِلْحَدِيثِ الْأَوَّلِ . فَقَدْ بَطَلَ بِمَا ذَكَرْنَا , أَنْ يَكُونَ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ مَا يَدُلُّ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُعْطِي زَوْجَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهَا إِذَا كَانَ فَقِيرًا . وَإِنَّمَا نَلْتَمِسُ حُكْمَ ذَلِكَ بَعْدُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ وَشَوَاهِدِ الْأُصُولِ , فَاعْتَبَرْنَا ذَلِكَ , فَوَجَدْنَا الْمَرْأَةَ ، بِاتِّفَاقِهِمْ ، لَا يُعْطِيهَا زَوْجُهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ , وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً , وَلَمْ تَكُنْ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهَا , لِأَنَّا رَأَيْنَا الْأُخْتَ يُعْطِيهَا أَخُوهَا مِنْ زَكَاتِهِ إِذَا كَانَتْ فَقِيرَةً , وَإِنْ كَانَ عَلَى أَخِيهَا أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا , وَلَمْ تَخْرُجْ بِذَلِكَ مِنْ حُكْمِ مَنْ يُعْطَى مِنَ الزَّكَاةِ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَمْنَعُ الزَّوْجَ مِنْ إِعْطَاءِ زَوْجَتِهِ مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ , لَيْسَ هُوَ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لَهَا عَلَيْهِ , وَلَكِنَّهُ السَّبَبُ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا , فَصَارَ ذَلِكَ كَالنَّسَبِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِيهِ فِي مَنْعِ ذَلِكَ إِيَّاهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنَ الزَّكَاةِ . فَلَمَّا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ سَبَبَ الْمَرْأَةِ الَّذِي مَنَعَ زَوْجَهَا أَنْ يُعْطِيَهَا مِنْ زَكَاةِ مَالِهِ وَإِنْ كَانَتْ فَقِيرَةً , هُوَ كَالسَّبَبِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِيهِ الَّذِي يَمْنَعُهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنْ زَكَاتِهِ , وَإِنْ كَانَا فَقِيرَيْنِ , وَرَأَيْنَا الْوَالِدَيْنِ لَا يُعْطِيَانِهِ أَيْضًا مِنْ زَكَاتِهِمَا , إِذَا كَانَ فَقِيرًا , فَكَانَ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدِيهِ مِنَ النَّسَبِ يَمْنَعُهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنَ الزَّكَاةِ , وَيَمْنَعُهُمَا مِنْ إِعْطَائِهِ مِنَ الزَّكَاةِ . فَكَذَلِكَ السَّبَبُ الَّذِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ , لَمَّا كَانَ يَمْنَعُهُ مِنْ إِعْطَائِهِمَا مِنَ الزَّكَاةِ , كَانَ أَيْضًا يَمْنَعُهَا مِنْ إِعْطَائِهِ مِنَ الزَّكَاةِ . وَقَدْ رَأَيْنَا هَذَا السَّبَبَ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْمَرْأَةِ يَمْنَعُ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ , فَجُعِلَا فِي ذَلِكَ كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ , الَّذِي لَا يَجُوزُ شَهَادَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ . وَرَأَيْنَا أَيْضًا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا , لَا يَرْجِعُ فِيمَا وَهَبَ لِصَاحِبِهِ , فِي قَوْلِ مَنْ يُجِيزُ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فِيمَا بَيْنَ الْقَرِيبِينَ . فَلَمَّا كَانَ الزَّوْجَانِ فِيمَا ذَكَرْنَا , قَدْ جُعِلَا كَذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ فِيمَا مُنِعَ فِيهِ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ , وَمِنَ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ , كَانَا فِي النَّظَرِ أَيْضًا فِي إِعْطَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مِنَ الزَّكَاةِ كَذَلِكَ . فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى *

اختر أحد أحاديث التخريج لعرضه هنا

اختر طريقة التخريج المناسبة لك :