بَابُ ذِكْرِ مَنْ نَقَضَ الْعَهْدَ وَلَجَأَ إِلَى الْغَرَرِ
429 حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِصْمَتَ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ قَالَ : حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي الْفَيْضِ قَالَ : سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ : كَانَ بَيْنَ مُعَاوِيَةَ وَقَوْمٍ مِنَ الرُّومِ عَهْدٌ ، فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَسِيرُ فِي أَرْضِهِمْ حَتَّى يَنْقَضِيَ فَيُغِيرَ عَلَيْهِمْ ، فَإِذَا رَجُلٌ يُنَادِي مِنْ نَاحِيَةٍ : وَفَاءٌ لَا غَدْرٌ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْمٍ عَهْدٌ فَلَا يَشُدُّ عُقْدَةً وَلَا يَحُلُّهَا حَتَّى يَمْضِيَ أَمْرُهَا أَوْ يَنْبِذَ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ فَإِذَا الرَّجُلُ عَمْرُو بْنُ عَنْبَسَةَ |
430 حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الضَّحَّاكِ ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ أَنَّ عَاتِكَةَ بِنْتَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ كَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَأَحَبَّهَا حُبًّا شَدِيدًا حَتَّى كَادَتْ تَغْلِبُهُ عَلَى عَقْلِهِ ، وَتَشْغَلُهُ عَنْ شَوْقِهِ ، فَأَمَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِفِرَاقِهَا فَقَالَ : وَإِنَّ فِرَاقِي أَهْلَ بَيْتٍ أُحِبُّهُمْ عَلَى كِبْرٍ مِنِّي لِإِحْدَى الْعَظَائِمِ ثُمَّ عَزَمَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَفَارَقَهَا ، فَاطَّلَعَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يَقُولُ : فَلَمْ أَرَ مَثَلِي طَلَّقَ الْيَوْمَ مِثْلَهَا وَلَا مِثْلَهَا فِي غَيْرِ جُرْمٍ تُطَلَّقُ لَهَا خُلُقٌ جَزْلٌ وَحِلْمٌ وَمَنْصِبٌ وَخَلْقٌ يُسَوَّى فِي الْحَيَاةِ وَمُصْدَقُ فَرَّقَ عَلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ فَرَاجَعَهَا ، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ تَرْثِيهِ : آلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ عَيْنِي سَخِينَةً عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَغْبَرَا فَلِلَّهِ عَيْنًا مَنْ رَأَى مِثْلَهُ فَتًى أَعَفَّ وَأَمْضَى فِي الْهَيَاجِ وَأَصْبَرَا إِذَا شُرِعَتْ فِيهِ الْأَسِنَّةُ خَاضَهَا إِلَى الْمَوْتِ حَتَّى يَتْرُكَ الرُّمْحَ أَحْمَرَا فَلَمَّا خَلَتْ بِزَوْجِهَا عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَوْلَمَ عَلَيْهَا مَتَى دَخَلَ بِهَا ، وَدَعَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا دَخَلُوا قَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَتَأْذَنُ لِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أُدْخِلُ رَأْسِي إِلَى عَاتِكَةَ أُكَلِّمُهَا ، فَقَالَ : نَعَمْ ، فَأَدْخَلَ عَلِيُّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ رَأْسَهُ إِلَيْهَا ، وَقَالَ : يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا آلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ عَيْنِي قَرِيرَةً عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِي أَصْفَرَا فَبَكَتْ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : مَا دَعَاكَ إِلَى هَذَا يَا أَبَا الْحَسَنِ ، كُلُّ النِّسَاءِ يَفْعَلْنَ هَذَا ، فَلَمَّا قُتِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَتْ تَرْثِيهِ : عَيْنُ جُودِي بِعَبْرَةٍ وَنَحِيبِ لَا تَمَلِّي عَلَى الْجَوَادِ النَّجِيبِ فَجَعَتْنِي الْمَنُونُ بِالْفَارِسِ الْمُعْـ ـلَمِ يَوْمَ الْهَيَاجِ وَالتَّثْوِيبِ قُلْ لِأَهْلِ الضَّرَّاءِ وَالْبُؤْسِ مُوتُوا قَدْ سَقَتْهُ الْمَنُونُ كَأْسَ شَعُوبِ فَلَمَّا خَلَتْ بِزَوْجِهَا الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَاسْتَأْذَنَتْ لَيْلَةً أَنْ تَخْرُجَ إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَشَقَّ عَلَيْهِ ذَلِكَ ، وَكَرِهَ أَنْ يَمْنَعَهَا لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ . فَأَذِنَ لَهَا ثُمَّ انْكَمَأَ لَهَا فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ مِنَ الطَّرِيقِ ، فَلَمَّا مَرَّتْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَى بَعْضِ جَسَدِهَا ، فَكَرَّتْ رَاجِعَةً تُسَبِّحُ . فَسَبَقَهَا الزُّبَيْرُ إِلَى الْمَنْزِلِ ، فَلَمَّا دَخَلَتْ قَالَ لَهَا : مَا رَدَّكِ عَنْ وَجْهِكِ ؟ قَالَتْ : كُنَّا نَخْرُجُ وَالنَّاسُ تُسَاسُ ، فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا ، وَتَرَكَتْ طَلَبَ الْمَسْجِدِ ، فَلَمَّا قُتِلَ الزُّبَيْرُ قَالَتْ تَرْثِيهِ : غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسِ بَهْمَةٍ يَوْمَ اللِّقَاءِ فَكَانَ غَيْرَ مُعَدِّدِ يَا عَمْرُو لَوْ نَبَّهْتَهُ لَوَجَدْتَهُ لَا طَايِشًا رَعِشَ الْجَنَانِ وَلَا الْيَدِ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ إِنْ ظَفَرْتَ بِمِثْلِهِ فِيمَا مَضَى صُبْحًا تَرُوحُ وَتَغْتَدِي كَمْ غَمْرَةٍ قَدْ خَاضَهَا لَمْ يُثْنِهِ عَنْهَا طِرَادَكَ يَا ابْنَ أُمِّ الْفَرْقَدِ إِنَّ الزُّبَيْرَ لَذُو جَلَاءٍ صَادِقٍ سَمْحٍ سَجِيَّتُهُ كَرِيمُ الْمَشْهَدِ فَلَمَّا خَلَتْ ، خَطَبَهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَتْ : إِنِّي لَأَضِنُّ بِكَ عَنِ الْقَتْلِ |
431 حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ الزُّهْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ الْحُسَيْنِ اللَّهَبِيُّ قَالَ : كَانَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ تَحْتَ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لَهَا : إِنَّكِ مَرْغُوبٌ فِيكِ ، مُتَشَرَّفٌ بِكِ ، لَا تُتْرَكِينَ ، إِنِّي وَاللَّهِ لَا أَتْرُكُ فِي قَلْبِكِ حَسْرَةً سِوَاكِ . قَالَتْ : فَإِنِّي أَنْتَهِي إِلَى مَا أَمَرْتَ بِهِ ، فَقَالَ : كَأَنِّي بِكِ لَوْ قُدِّمْتُ فَأُخْرِجَتْ جَنَازَتِي قَدْ جَاءَكِ عَلَى فَرَسٍ ذَنُوبٍ لَابِسًا حُلَّتَهُ ، يَسِيرُ فِي جَانِبِ النَّاسِ مُتَعَرِّضًا لَكِ . وَلَسْتُ أَدَعُ مِنَ الدُّنْيَا هَمًّا غَيْرَكِ . فَلَمْ يَدَعْهَا حَتَّى تَوَثَّقَ مِنْهَا بِالْأَيْمَانِ فِي ذَلِكَ ، وَمَاتَ الْحَسَنُ وَأُخْرِجَتْ جَنَازَتُهُ ، فَوَافَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَقَدْ كَانَ يَجِدُ بِفَاطِمَةَ وَجْدًا شَدِيدًا ، وَكَانَ رَجُلًا جَمِيلًا وَنَظَرَ إِلَى فَاطِمَةَ وَنَظَرَتْ إِلَيْهِ ، وَكَانَتْ تَلْطِمُ وَجْهَهَا عَلَى الْحَسَنِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا مَعَ جَارِيَتِهِ أَنَّ لَنَا فِي وَجْهِكِ فَارْفُقِي بِهِ . قَالَ : فَخَمَّرَتْ وَجْهَهَا وَأَرْسَلَتْ يَدَهَا حَتَّى عَرَفَ ذَلِكَ جَمِيعُ مَنْ حَضَرَهَا ، فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا خَطَبَهَا فَقَالَتْ : كَيْفَ أَعْمَلُ بِأَيْمَانِي ؟ فَقَالَ : لَكِ بِكُلِّ مَالٍ مَالَانِ ، وَبِكُلِّ مَمْلُوكٍ مَمْلُوكَانِ ، فَوَفَّى لَهَا ، فَتَزَوَّجَهَا ، فَوَلَدَتْ لَهُ مُحَمَّدًا وَسُمِّيَ مِنْ حُسْنِهِ : الدِّيبَاجُ ، وَالْقَاسِمَ وَرُقَيَّةَ وَمُحَمَّدًا ، وَهَذَا الَّذِي قَالَ جَمِيلٌ : إِنِّي لَأَرَاهُ يَخْطِرُ عَلَى الصَّفَا فَأَغَارُ عَلَى بُثَيْنَةَ مِنْ أَجَلِهِ |
432 أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ قُرَيْشٍ الْجُرْجَانِيُّ : لَعَمْرُكَ مَا يُغْنِي عَنِ الْمَرْءِ مَالُهُ إِذَا وَلْوَلَتْ يَوْمًا عَلَيْهِ الْحَبَايِبُ وَمَا هُوَ إِلَّا ذَاكَ ثُمَّ تَرَكْتُهُ بِغَبْرَاءَ مَلْفُوفًا عَلَيْهِ الشَّبَايِبُ فَيَضْحَكُ بَاكِيهِ وَيَرْفُضُ ذِكْرَهُ وَإِنْ قِيلَ لَا أَنْسَاكَ مَا عِشْتُ : كَاذِبُ وَتَكْتَحِلُ الْعِرْسُ الطَّوِيلُ نَحِيبَهَا وَتَخْضِبُ كَفَّيْهَا إِذَا قِيلَ : خَاطِبُ |
433 حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْخَزَّازُ الْكُوفِيُّ ، عَنِ الْحَسَنِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ : احْتُضِرَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ فَنَظَرَ إِلَى ابْنِهِ يَدِبُّ بَيْنَ يَدَيْهِ ، وَأُمُّ الصَّبِيِّ عَنْ رَأْسِهِ جَالِسَةٌ ، وَاسْمُ الصَّبِيِّ مُحَمَّدٌ ، فَقَالَ : وَإِنِّي لَأَخْشَى أَنْ أَمُوتَ وَتُنْكَحِي وَيُعْرَفُ فِي أَيْدِي الْمَرَاضِيعِ مُحَمَّدُ وَتُرْضَى سُتُورٌ دُونَهُ وَقَلَائِدُ وَيَشْغَلُكُمْ عَنْهُ خَلُوقٌ وَمُجْمَدُ قَالَ : فَمَا لَبِثَ أَنْ مَاتَ فَتَزَوَّجَتْ وَصَارَ مُحَمَّدٌ إِلَى مَا ذَكَرَ |
436 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرِ بْنِ أَيُّوبَ الْكُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعُتْبِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ : كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ تَحْتَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، فَهَوِيَتْ دَاوُدَ بْنَ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ وَهَوِيَ بِهَا ، فَلَمَّا مَاتَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَتْ لَأَخِيهَا مَسْلَمَةُ : إِنِّي قَدِ اشْتَهَيْتُ أَنْ أَجِدَ رَابِحَةَ الْوَلَدِ . قَالَ : وَيْحَكِ بَعْدَ عُمَرَ ؟ قَالَتْ : لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ قَالَ : لَا جَرَمَ ، لَأَتَشَوَّرَنَّ بِكِ الْأَزْوَاجَ . قَالَتْ : قَدْ شَوَّرْتُ مِنْهُمْ دَاوُدَ ، وَكَانَ أَعْوَرَ قَبِيحَ الْمَنْظَرِ . فَقَالَ فِي ذَلِكَ الْأَحْوَصُ : أَبَعْدَ الْأَغَرِّ ابْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَرِيعُ قُرَيْشٍ إِذَا يُذْكَرُ تَبَدَّلْتِ دَاوُدَ مُخْتَارَةً أَلَا ذَلِكَ الْخُلْفُ الْأَعْوَرُ |
437 حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الرَّبَعِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ قَالَ : كَانَتْ ضُبَاعَةُ بِنْتُ الْحَرْثِ تَحْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ ، فَمَكَثَتْ عِنْدَهُ زَمَانًا لَا تَلِدُ لَهُ ، فَقَالَ لَهَا هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيُّ يَوْمًا فِي الطَّوَافِ : مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا الشَّيْخِ الَّذِي لَا يُولَدُ لَهُ ؟ قُولِي لَهُ فَلْيُطَلِّقُكِ . فَقَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُدْعَانَ ذَلِكَ ، وَبَلَغَ الشَّيْخَ مَقَالَةُ هِشَامٍ فَقَالَ لَهَا : إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَتَزَوَّجِي بِهِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَتْ : فَإِنَّ ذَلِكَ عَلَيَّ أَلَّا أَفْعَلَ . فَقَالَ لَهَا : فَإِنْ فَعَلْتِ فَإِنَّ عَلَيْكِ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ تَنْحَرِينَهَا بِالْحَزْوَرَةِ وَتَنْسُجِينَ لِي ثَوْبًا يَقْطَعُ مَا بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ وَتَطُوفِينَ بِالْكَعْبَةِ عُرْيَانَةً قَالَتْ : لَا أُطِيقُ ذَلِكَ ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى هِشَامٍ فَأَخْبَرَتْهُ الْخَبَرَ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا : مَا أَيْسَرَ مَا سَأَلَكِ ، أَنَا أَيْسَرُ قُرَيْشٍ فِي الْمَالِ ، وَنِسَائِي أَكْثَرُ نِسَاءٍ بِالْبَطْحَاءِ ، وَأَنْتِ أَجْمَلُ النَّاسِ ، فَلَا تُعَابِينَ فِي عُرْيِكِ ، فَلَا تَأْبَيْ ذَلِكَ عَلَيْهِ . فَقَالَتْ لِابْنِ جُدْعَانَ : طَلِّقْنِي ، فَإِنْ تَزَوَّجْتُ هِشَامًا فَعَلَيَّ مَا قُلْتَ . فَطَلَّقَهَا بَعْدَ اسْتِيثَاقِهِ مِنْهَا ، فَتَزَوَّجَهَا هِشَامُ بْنُ الْمُغِيرَةِ فَنَحَرَ عَنْهَا مِائَةَ جَزُورٍ بِالْحَزْوَرَةِ ، وَأَمَرَ نِسَاءَهُ فَنَسَجْنَ لَهَا ثَوْبًا يَمْلَأُ مَا بَيْنَ الْأَخْشَبَيْنِ ، ثُمَّ طَافَتْ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَةً أُتْبِعُهَا بَصَرِي . فَقَالَ الْمُطَّلِبُ : أَبْصَرْتُهَا وَأَنَا غُلَامٌ وَهِيَ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَةً ، أَتْبَعْتُهَا بَصَرِي إِذَا أَدْبَرَتْ ، وَأَسْتَقْبِلُهَا إِذَا أَقْبَلَتْ ، فَمَا رَأَيْتُ شَيْئًا مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ أَحْسَنَ مِنْهَا وَهِيَ وَاضِعَةٌ يَدَيْهَا عَلَى فَخِذَيْهَا ، وَقُرَيْشٌ قَدْ أَحْدَقَتْ بِهَا وَهِيَ تَقُولُ : الْيَوْمَ يَبْدُو بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهْ وَمَا بَدَا مِنْهُ فَمَا أُحِلُّهْ |
438 حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ وَثِيمَةَ الْمِصْرِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ الْهَيْثَمِ بْنِ عَدِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : عَاهَدَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَعَاهَدَتْهُ أَلَّا يَتَزَوَّجَ الْبَاقِي مِنْهُمَا ، فَهَلَكَ الرَّجُلُ فَلَمْ تَلْبَثِ الْمَرْأَةُ أَنْ تَزَوَّجَتْ ، فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْبِنَاءِ بِهَا نَامَتْ فِي أَوَّلِ اللَّيْلِ ، فَأَتَاهَا آتٍ فِي الْمَنَامِ فَقَالَ : حَيَّيْتُ سَاكِنَ هَذَا الْبَيْتِ كُلَّهُمُ إِلَّا الرَّبَابَ فَإِنِّي لَا أُحَيِّيهَا قَدْ كُنْتُ أَحْسَبُهَا لِلْعَهْدِ حَافِظَةً حَتَّى تَهُونَ وَمَا جَفَّتْ مَآقِيهَا اسْتَبْدَلَتْ بَدَلًا غَيْرِي وَقَدْ عَلِمَتْ أَنَّ الْقُبُورَ تُوَارِي مَنْ ثَوَى فِيهَا أَمْسَتْ عَرُوسًا وَأَمْسَى مَنْزِلِي جَدَثًا تَحْتَ التُّرَابِ وَإِنِّي لَا أُلَاقِيهَا فَقَامَتِ الْمَرْأَةُ فَزْعَةً فَقَالَتْ : لَا يَجْتَمِعُ رَأْسِي وَرَأْسُ هَذَا أَبَدًا ، فَاخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا وَدَفَعَتْ إِلَيْهِ كُلَّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ هُوَ لَهَا |