هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1187 وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ ، كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بَعْدَ أَنَّ يَغِيبَ الشَّفَقُ ، وَيَقُولُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا جَدَّ بِهِ السَّيْرُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1187 وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا يحيى ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، أن ابن عمر ، كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق ، ويقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Ibn 'Umar reported:

When the Messenger of Allah (ﷺ) was in a state of hurry on a journey, he combined the sunset and 'Isha' prayers.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عجل به السير جمع بين المغرب والعشاء.


المعنى العام

الأصل في السفر أن يجمع بين مشقة الرحلة بوسائلها المختلفة، ومشقة مفارقة الأهل والأوطان، ومشقة جهل المنزل الجديد واحتمالاته، ولهذا الأصل أناطت الشريعة الإسلامية الرخص بالسفر، رخصة الإفطار في نهار رمضان ورخصة قصر الصلاة الرباعية، ورخصة الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء التي تتعرض لها هذه الأحاديث.

وصدق اللَّه العظيم إذ يقول: { { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } } [المائدة: 6] { { يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر } } [البقرة: 185] .
{ { يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفًا } } [النساء: 28] .

إن الصلاة بما لها من شروط قد يضيق بها المسافر، وتؤدي إلى مضاعفة مشقة السفر.
فإيقاف الرحلة، واختيار مكان النزول والوضوء وطهارة المكان، كل ذلك قد يشق على المسافر، بالإضافة إلى انشغاله بالإجهاد في السير، وحرصه على قطع الطريق وسرعة الوصول مما يؤثر في خشوعه المطلوب.

لهذا شرع اللَّه في هذه الأحاديث جمع الظهر مع العصر في وقت أيهما شاء وجمع المغرب والعشاء في وقت أيهما شاء، رفعًا للحرج عن الأمة.
وكان هذا التشريع عن طريق فعله صلى اللَّه عليه وسلم في سفره، فكان إذا غادر المدينة بعد الزوال صلى الظهر، وإذا غادرها قبل الزوال جمع بين الظهر والعصر واقتدى به الصحابة، وأعلنوا لأصحابهم حكم اللَّه، فجزاهم اللَّه خير الجزاء.

المباحث العربية

( إذا عجل عليه السفر) هكذا هو في الأصول، في الرواية السابعة عجل عليه قال النووي: وهو بمعنى عجل به في الروايات الأخر، اهـ.
والمقصود من عجل به السير بفتح العين وكسر الجيم أي دعاه السير أو السفر إلى العجلة، والمعنى نفسه في رواية أعجله السير، وفي الرواية الثانية والثالثة إذا جد به السير أي أسرع، ونسبة الإسراع إلى السير على التوسع في الإسناد.

( إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس) أي قبل أن تميل الشمس عن كبد السماء، أي قبل الزوال.

( أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته) وفي الرواية الثالثة عشرة كي لا يحرج أمته.
أراد أن لا يحرج أمته أي أن لا يشق عليهم بإفراد كل صلاة في وقتها الأصلي.

( لم فعل ذلك) ؟ ما أراد إلى ذلك؟ أي ماذا أراد بوصوله إلى ذلك الجمع؟

( سبعًا وثمانيًا الظهر والعصر والمغرب والعشاء) في الكلام لف ونشر مشوش، ولو رتب لقال: ثمانيًا وسبعًا.

( لا يفتر ولا ينثني) لا يفتر بفتح الياء وسكون الفاء وضم التاء، أي لا يهدأ، ولا ينثني أي لا يرجع عن ترديد قوله.

( الصلاة الصلاة) وهو منصوب على الإغراء، أي الزموا الصلاة.

( لا أم لك) ولا أب لك - كلمة تذكرها العرب ولا تقصد نفي الأم أو الأب حقيقة، بل تستعملهما للحث على شيء، وحقيقتهما أن الإنسان في الشدة يحتاج أمه وأباه يساعدانه على الخروج من شدته، فإذا قيل له: لا أم لك أو لا أب لك فمعناه اعتمد على نفسك وشمر عن ساعدك واخرج من مأزقك فلا أحد يعاونك، وكثيرًا ما تستعملهما للتعجب من فعل أو قول من قيلت له أي بلغت من البراعة مبلغًا كبيرًا بحيث لا تلد امرأة مثلك، أو لا يستطيع أن ينجبك أب.

( فحاك في صدري من ذلك شيء) أي وقع في نفسي نوع من شك وتعجب واستبعاد، يقال: حاك يحيك وحك يحك واحتك.

فقه الحديث

يمكن حصر الكلام عن الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في نقطتين أساسيتين: الجمع بينهما في السفر، والجمع في غير السفر.

أ- الجمع بين الصلاتين في السفر:

أما عن النقطة الأولى فإن مذهب الشافعية جواز الجمع بين الظهر والعصر في السفر في وقت أيهما شاء جمع تقديم في وقت الأولى، وجمع تأخير في وقت الثانية، وكذلك بين المغرب والعشاء في وقت أيهما شاء بشروط وهو مذهب مالك وأحمد وجمهور السلف والخلف من العلماء.

وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أنه لا يجوز الجمع بسبب السفر بحال من الأحوال، لا جمع تقديم ولا تأخير، وإنما يجوز بعرفة والمزدلفة، ولا يجوز الجمع في غير هذين المكانين، وعلة الجمع عندهم النسك لا السفر، واستدلوا بما رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير وقتها إلا بجمع [جمع بفتح الجيم وسكون الميم هي المزدلفة وسميت بذلك لاجتماع الناس بها وازدلافهم أي تقربهم إلى الله بالوقوف فيها] فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع.

هذا وجمع الظهر والعصر بعرفة في وقت الظهر، وجمع المغرب والعشاء بمزدلفة في وقت العشاء محل إجماع بين من يعتد بإجماعهم من المسلمين سواء كانت العلة السفر أو النسك.

وقد أجاب الجمهور عن دليل الحنفية هذا بأن كل ما يدل عليه نفي رؤية ابن مسعود، ونفي الرؤية لا ينفي الوقوع، وفي الأحاديث الصحيحة إثبات ومن القواعد أن المثبت مقدم على النافي، لأن معه زيادة علم.

واستدل الحنفية بأنه لو جاز الجمع لمشقة السفر لجاز الجمع للمريض من باب أولى؛ لأن مشقة المرض أشد مع أن الجمهور لا يجيز الجمع للمرض، ويجيب الجمهور عن هذا الاستدلال بأن المريض قد رخص له في الصلاة قاعدًا ومضطجعًا، وهذه الرخصة هي اللائقة بحاله، والإتيان بصلاتين متعاقبتين قد يشق على المريض موالاتهما ولعل تفريقهما بالنسبة للمريض أهون.

ولما كانت أحاديث الباب سندًا قويًا للجمهور حاول الحنفية التخلص منها بدعوى أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤخر الظهر إلى نهاية وقته بحيث يدخل وقت العصر في نهاية الصلاة ويقدم العصر إلى أول وقته، فتقع كل من الصلاتين في وقتها، ويصبح الجمع جمعًا في الصورة فقط.
ويسترشدون في دعواهم هذه بروايتنا السادسة، وفيها أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر وروايتنا السابعة وفيها يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر.

وروايتنا الرابعة عشرة، وفيها أظنه أخر الظهر وعجل العصر مما يوحي بأن الجمع صوري.

ويجيب الجمهور عن هذه الشبهة ببقية الروايات، ففي الخامسة أخر الظهر إلى وقت العصر وفيها لفظ الجمع بين الصلاتين، ولا يطلق هذا اللفظ إلا على وقوعهما في وقت واحد.

قال ابن قدامة: إن حمل الجمع بين الصلاتين على الجمع الصوري فاسد لوجهين: أحدهما أنه جاء الخبر صريحًا في أنه كان يجمعهما في وقت إحداهما والثاني أن الجمع رخصة، فلو كان ما ذكروه لكان أشد ضيقًا وأعظم حرجًا من الإتيان بكل صلاة في وقتها.
قال: ولو كان الجمع هكذا لجاز الجمع بين العصر والمغرب والعشاء والصبح قال: ولا خلاف بين الأمة في تحريم ذلك.
قال: والعمل بالخبر على الوجه السابق منه إلى الفهم أولى من هذا التكلف الذي يصان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمله عليه.
اهـ.

وقال الخطابي: إن الجمع رخصة، فلو كان على ما ذكره الحنفية لكان أعظم ضيقًا من الإتيان بكل صلاة في وقتها، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه أكثر الخاصة فضلاً عن العامة.
اهـ.

ب- النقطة الثانية: الجمع في غير السفر:

والرواية الثامنة والتاسعة فيها في غير خوف ولا سفر والرواية الثالثة عشرة فيها في غير خوف ولا مطر.

فالجمع في المطر قال به الشافعية بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء وقال أبو حنيفة وآخرون: لا يجوز الجمع بسبب المطر مطلقًا، وجوز الجمع بسبب المطر مالك وأحمد بين المغرب والعشاء دون الظهر والعصر، وقد سبق شرح هذه المسألة قبل باب واحد.

والمشهور عند الشافعية أنه لا يجوز الجمع بسبب المرض أو الريح أو الظلمة أو الخوف أو الوحل، وقال مالك وأحمد: يجوز الجمع بعذر المرض والوحل، وبه قال بعض الشافعية، وعلى هذا العذر حمل الحديث في الروايات الثامنة والتاسعة والثالثة عشرة، قالوا: ولأن حاجة المريض والخائف أشد من عذر المطر.

أما الجمع في الحضر بلا خوف ولا سفر ولا مطر ولا مرض فالمعتمد عند الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة عدم جوازه، وحكى ابن المنذر عن طائفة جوازه بلا سبب.

قال النووي في شرح مسلم: وذهب جماعة من الأئمة إلى جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذه عادة، وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك؛ وحكاه الخطابي عن القفال والشاش الكبير من أصحاب الشافعي وعن أبي إسحق المروزي عن جماعة من أصحاب الحديث، واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر قول ابن عباس: أراد أن لا يحرج أمته فلم يعلله بمرض ولا غيره.
والله أعلم.
اهـ.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم:

1- أخذ مالك - في المشهور عنه - من الروايات الأربع الأوليات اختصاص الجمع بعذر السفر، واختصاصه بما إذا وجد به السير.

2- اختار ابن حزم أنه يجوز في السفر جمع التأخير، ولا يجوز جمع التقديم وظاهر الرواية الثانية يؤيده، إذ فيها جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق وكذا الرواية الرابعة وفيها يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينها وبين صلاة العشاء وكذا الرواية الخامسة، وفيها إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر وبالمعنى نفسه جاءت الرواية السادسة والسابعة.

3- استدل بعدم ذكر الأذان والإقامة في أحاديث الجمع أنه لا يؤذن ولا يقام عند الجمع، وذهب جماعة إلى استحباب الإقامة دون الأذان، لحديث ابن عمر في قصة جمعه بين المغرب والعشاء الذي رواه الدارقطني فنزل فأقام الصلاة، وكان لا ينادي بشيء من الصلاة في السفر وذهب جماعة إلى استحباب الأذان والإقامة، قال ابن بطال والكرماني: لعل الراوي لما أطلق لفظ الصلاة استفيد منه أن المراد بها التامة بأركانها وشروطها وسننها ومن جملتها الأذان والإقامة.

4- يستفاد من الرواية السادسة عشرة حرص المسلمين الأوائل على مواقيت الصلاة، وإنكارهم على الأئمة والعلماء تأخيرها.

5- ويستفاد من موقف ابن عباس في الروايتين المشار إليهما صبر العالم وحلمه على من ينكر عليه فعله.

6- وأن العالم إذا كان واثقًا من حكم شرعي أعلنه بالقول والفعل وإن كان غريبًا على العامة.

( ملحوظة) ذكر النووي في المجموع شرح المهذب في المواقيت قال: وأما آخر وقت الظهر فهو إذا صار ظل الشيء مثله غير الظل الذي يكون له عند الزوال، وإذا خرج هذا دخل وقت العصر متصلاً به، ولا اشتراك بينهما، هذا مذهبنا، وبه قال الأوزاعي والثوري والليث وأبو يوسف ومحمد وأحمد، وقال عطاء وطاووس، إذا صار ظل الشيء مثله دخل وقت العصر، وما بعده وقت للظهر والعصر على سبيل الاشتراك حتى تغرب الشمس، وقيل: إن الاشتراك بين الظهر والعصر قدر أربع ركعات، وعن مالك رواية أن وقت الظهر يمتد إلى غروب الشمس، وقال أبو حنيفة: يبقى وقت الظهر حتى يصير الظل مثلين واحتج من قال بالاشتراك بحديث ابن عباس قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة من غير خوف ولا سفر وفي رواية لمسلم من غير خوف ولا مطر فدل على اشتراكهما.
اهـ.
ولا يخفى أن الكلام في اشتراك الصلاتين في وقت غير الكلام في الجمع بينهما.

واللَّه أعلم