هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
122 حَدَّثَنَا عُثْمَانُ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ أَبِي مُوسَى ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا القِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا ، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ ، قَالَ : وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا ، فَقَالَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
122 حدثنا عثمان ، قال : أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن أبي موسى ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، ما القتال في سبيل الله ؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا ، ويقاتل حمية ، فرفع إليه رأسه ، قال : وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما ، فقال : من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا ، فهو في سبيل الله عز وجل
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي مُوسَى ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا القِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا ، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً ، فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ ، قَالَ : وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا ، فَقَالَ : مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُلْيَا ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ .

Narrated Abu Musa:

A man came to the Prophet (ﷺ) and asked, O Allah's Messenger (ﷺ)! What kind of fighting is in Allah's cause? (I ask this), for some of us fight because of being enraged and angry and some for the sake of his pride and haughtiness. The Prophet (ﷺ) raised his head (as the questioner was standing) and said, He who fights so that Allah's Word (Islam) should be superior, then he fights in Allah's cause.

0123 Abu Mûsa rapporta : Une fois, un homme vint trouver le Prophète et lui dit : « O Messager de Dieu ! qu’est-ce que c’est que de combattre pour la cause de Dieu ? car il y a parmi nous celui qui combat par colère et celui qui combat par emportement. » Le Prophète leva alors la tête, il ne la leva que parce que l’homme était debout, et dit : « Celui qui combat afin que la parole de Dieu ait le dessus, celui-là combat pour la cause de Dieu, Puissant et Majestueux.«   

":"ہم سے عثمان نے بیان کیا ، کہا ہم سے جریر نے منصور کے واسطے سے بیان کیا ، وہ ابووائل سے روایت کرتے ہیں ، وہ حضرت ابوموسیٰ رضی اللہ عنہ سے روایت کرتے ہیں کہایک شخص رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کی خدمت اقدس میں حاضر ہوا اور اس نے عرض کیا کہ یا رسول اللہ ! اللہ کی راہ میں لڑائی کی کیا صورت ہے ؟ کیونکہ ہم میں سے کوئی غصہ کی وجہ سے اور کوئی غیرت کی وجہ سے جنگ کرتا ہے تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے اس کی طرف سر اٹھایا ، اور سر اسی لیے اٹھایا کہ پوچھنے والا کھڑا ہوا تھا ، پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جو اللہ کے کلمے کو سربلند کرنے کے لیے لڑے ، وہ اللہ کی راہ میں ( لڑتا ) ہے ۔

0123 Abu Mûsa rapporta : Une fois, un homme vint trouver le Prophète et lui dit : « O Messager de Dieu ! qu’est-ce que c’est que de combattre pour la cause de Dieu ? car il y a parmi nous celui qui combat par colère et celui qui combat par emportement. » Le Prophète leva alors la tête, il ne la leva que parce que l’homme était debout, et dit : « Celui qui combat afin que la parole de Dieu ait le dessus, celui-là combat pour la cause de Dieu, Puissant et Majestueux.«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [123] قَوْله حَدثنَا عُثْمَان هم بن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ وَأَبُو وَائِلٍ هُوَ شَقِيقٌ وَأَبُو مُوسَى هُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَكُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ هُوَ أَبُو مُوسَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ دُونَهُ فَيَكُونُ مُدْرَجًا فِي أَثْنَاءِ الْخَبَرِ .

     قَوْلُهُ  مَنْ قَاتَلَ إِلَخْ هُوَ مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَجَابَ بِلَفْظٍ جَامِعٍ لِمَعْنَى السُّؤَالِ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِيَامِ طَالِبِ الْحَاجَةِ عِنْدَ أَمْنِ الْكِبْرِ وَأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْمُجَاهِدِينَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ دِينِ اللَّهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِقْبَالِ الْمَسْئُولِ عَلَى السَّائِلِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ السُّؤَالِ وَالْفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ) مُرَادُهُ أَنَّ اشْتِغَالَ الْعَالِمِ بِالطَّاعَةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ سُؤَالِهِ عَنِ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرقا فِيهَا وَأَن الْكَلَامَ فِي الرَّمْيِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ جَائِزٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي بَابِ الْفُتْيَا عَلَى الدَّابَّةِ وَأُخِّرَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ إِلَى الْحَجِّ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ هُوَ بن عَبْدِ اللَّهِ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ أَبِي سَلَمَةَ الْمَاجِشُونِ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِشِينٍ مُعْجَمَةٍ وَقَدِ اعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ عَلَى التَّرْجَمَةِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ وَقَعَتْ فِي حَالِ الرَّمْيِ بَلْ فِيهِ أَنَّهُ كَانَ وَاقِفًا عِنْدَهَا فَقَطْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ كَثِيرًا مَا يَتَمَسَّكُ بِالْعُمُومِ فَوُقُوعُ السُّؤَالِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ اشْتِغَالِهِ بِالرَّمْيِ أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُ وَاسْتَدَلَّ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِالْخَبَرِ عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ قَائِمٌ مَقَامَ اللَّفْظِ أَيْ بِأَيِّ صِيغَةٍ وَرَدَ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ إِرَادَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَفْهَمُوا أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْأَصْلُ لَمَا احْتَاجُوا إِلَى السُّؤَالِ عَنْ حُكْمِ تَقْدِيمِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي وَإِذا وَرَدَ الْأَمْرُ لِشَيْئَيْنِ مَعْطُوفًا بِالْوَاوِ فَيُقَالُ الْأَصْلُ الْعَمَلُ بِتَقْدِيمِ مَا قُدِّمَ وَتَأْخِيرُ مَا أُخِّرَ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى التَّسْوِيَةِ وَلِمَنْ يَقُولُ بِعَدَمِ التَّرْتِيبِ أَصْلًا أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهَذَا الْخَبَرِ يَقُول حَتَّى يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ التَّرْتِيبِ وَاعْتَرَضَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ أَيْضًا عَلَى التَّرْجَمَةِ فَقَالَ لَا فَائِدَةَ فِي ذِكْرِ الْمَكَانِ الَّذِي وَقَعَ السُّؤَالُ فِيهِ حَتَّى يُفْرَدَ بِبَابٍ وَعَلَى تَقْدِيرِ اعْتِبَارِ مِثْلِ ذَلِكَ فَلْيُتَرْجَمْ بِبَابِ السُّؤَالِ وَالْمَسْئُولِ عَلَى الرَّاحِلَةِ وَبِبَابِ السُّؤَالِ يَوْمَ النَّحْرِ.

.

قُلْتُ أَمَّا نَفْيُ الْفَائِدَةِ فَتَقَدَّمَ الْجَوَابُ عَنْهُ وَيُرَادُ أَنَّ سُؤَالَ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْحُكْمَ عَنْهُ فِي مَوْضِعِ فِعْلِهِ حَسَنٌ بَلْ وَاجِبٌ عَلَيْهِ لِأَنَّ صِحَّةَ الْعَمَلِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهِ وَأَنَّ سُؤَالَ الْعَالِمِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ عَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ السَّائِل لانقص فِيهِ عَلَى الْعَالِمِ إِذَا أَجَابَ وَلَا لَوْمَ عَلَى السَّائِلِ وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَيْضًا دَفْعُ تَوَهُّمِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ فِي الِاشْتِغَالِ بِالسُّؤَالِ وَالْجَوَابِ عِنْدَ الْجَمْرَةِ تَضْيِيقًا عَلَى الرَّامِينَ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنَ الْمَنْعِ مَا إِذَا كَانَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ.

.
وَأَمَّا إِلْزَامُ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ تَرْجَمَ لِلْأَوَّلِ فِيمَا مَضَى بَابَ الْفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُقَابِلَ الْمَكَانَ بِالزَّمَانِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا أَنَّ السُّؤَالَ عَنِ الْعِلْمِ لَا يَتَقَيَّدُ بِيَوْمٍ دُونَ يَوْمٍ لَكِنْ قَدْ يَتَخَيَّلُ مُتَخَيِّلٌ مِنْ كَوْنِ يَوْمِ الْعِيدِ يَوْمَ لَهْوٍ امْتِنَاعَ السُّؤَالِ عَن الْعلم فِيهِ وَالله أعلم( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمَا أُوتِيتُمْ من الْعلم الا قَلِيلا) عبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ وَإِسْنَادُ الْأَعْمَشِ إِلَى مُنْتَهَاهُ مِمَّا قِيلَ إِنَّهُ أَصَحُّ الْأَسَانِيدِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [123] حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً.
فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ -قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا- فَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
[الحديث أطرافه في: 2810، 3126، 7458] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة ( قال: أخبرني) بالإفراد وفي رواية حدّثنا ( جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( قال) : ( جاء رجل إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله) مبتدأ وخبره وقع مقول القول، ( فإن أحدنا يقاتل غضبًا) نصب مفعول له والغضب حالة تحصل عند غليان الدم في القلب لإرادة الانتقام، ( ويقاتل حمية) نصب مفعول له أيضًا وهو بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد المثناة التحتية وهي الأنفة من الشيء أو المحافظة على الحرم.
( فرفع) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إليه) أي إلى السائل ( رأسه) الشريف ( قال) أبو موسى أو من دونه: ( وما رفع إليه رأسه إلا أنه) أي السائل ( كان قائمًا) أي ما رفع لأمر من الأمور إلا لقيام الرجل فإن واسمها وخبرها في تقدير المصدر وفيه جواز وقوف المستفتي لعذر أو لحاجة ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( من قاتل) بمقتضى القوّة العقلية ( لتكون) أي لأن تكون ( كلمة الله) أي دعوته إلى الإسلامأو كلمة الإخلاص ( هي العليا) لا من قاتل عن مقتضى القوّة الغضبية أو الشهوانية ( فهو في سبيل الله عز وجل) ويدخل فيه من قاتل لطلب الثواب ورضاء الله فإنه من إعلاء كلمة الله، وقد جمع هذا الجواب معنى السؤال لا بلفظه لأن الغضب والحمية قد يكونان لله تعالى أو لغرض الدنيا فأجاب عليه السلام بالمعنى مختصرًا إذ لو ذهب يقسم وجوه الغضب لطال ذلك ولخشي أن يلبس عليه.
فإن قلت: السؤال عن ماهية القتال والجواب ليس عنها بل عن المقاتل.
أجيب: بأن فيه الجواب وزيادة أوان القتال بمعنى اسم الفاعل أي المقاتل بقرينة لفظ فإن أحدنا ويكون عبّر بما عن العاقل.
46 - باب السُّؤَالِ وَالْفُتْيَا عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ هذا ( باب السؤال) من جهة المستفتي ( والفتيا) بضم الفاء من جهة المفتي ( عند رمي الجمار) الكائنة بمعنى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [123] حدّثنا عُثْمانُ قالَ: أخبرنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أبي وَائلٍ عَن أبي مُوسَى قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ: يَا رَسُول اللَّهِ! مَا القتالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فإنّ أحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبا ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إلَيْهِ رأْسَهُ، قَالَ: وَمَا رَفَعَ إلَيْهِ رَأْسَهُ إلاَّ أنَّهُ كانَ قائِما، فقالَ: ( مَنْ قاتَلَ لِتَكونَ كَلِمةُ اللَّهِ هيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ) .
فِيهِ مَا أعطي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من الفصاحة وجوامع الْكَلم لِأَنَّهُ أجَاب السَّائِل بِجَوَاب جَامع لِمَعْنى سُؤَاله لَا بِلَفْظِهِ من أجل أَن الْغَضَب وَالْحمية قد يكون لله عز وَجل، وَقد يكون لغَرَض الدُّنْيَا، فَأَجَابَهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، بِالْمَعْنَى مُخْتَصرا إِذْ لَو ذهب يقسم وُجُوه الْغَضَب لطال ذَلِك ولخشي أَن يلبس عَلَيْهِ.
وَجَاء أَيْضا فِي الصَّحِيح: ( يُقَاتل للمغنم وَالرجل يُقَاتل للذِّكر، وَالرجل يُقَاتل ليُرى مَكَانَهُ، فَمن فِي سَبِيل الله تَعَالَى، فَقَالَ: عَلَيْهِ السَّلَام: من قَاتل لتَكون كلمة الله أَعلَى فَهُوَ فِي سَبِيل الله) .
46 - ( بابٌ السُّؤَال والفُتْيا عِنْدَ رَمْيِ الجِمارِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان السُّؤَال والفتيا، فالسؤال من جِهَة المستفتي والفتيا من جِهَة الْمُفْتِي، وَقد ذكرنَا أَن الْفتيا، بِضَم الْفَاء، وَالْفَتْوَى بِفَتْحِهَا إسم من: استفتيت الْفَقِيه فأفتاني، وَهِي جَوَاب الْحَادِثَة، والجمار جمع جَمْرَة وَهِي: الْحَصَاة.
وَالْمرَاد جمرات الْمَنَاسِك..
     وَقَالَ  ابْن بطال: معنى هَذَا الْبَاب أَنه يجوز أَن يُسأل الْعَالم عَن الْعلم، ويجيب وَهُوَ مشتغل فِي طَاعَة الله لَا يتْرك الطَّاعَة الَّتِي هُوَ فِيهَا، إلاَّ إِلَى طَاعَة أُخْرَى.
فَإِن قلت: لَيْسَ فِيهِ معنى مَا ترْجم لَهُ.
فَإِن قَوْله فِي الحَدِيث: ( عِنْد الْجَمْرَة) لَيْسَ فِيهِ إلاَّ السُّؤَال، وَهُوَ بِموضع الْجَمْرَة وَلَيْسَ فِيهِ أَنه فِي خلال الرَّمْي.
قلت: لَا نسلم ذَلِك.
فَإِن قَوْله: ( عِنْد رمي الْجمار) أَعم من أَن يكون مُقَارنًا بشروعه فِي رمي الْجمار، أَو فِي خلال رميه، أَو عقيب الْفَرَاغ مِنْهُ.
فَإِن قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ؟ قلت: الْمُنَاسبَة بَينهمَا ظَاهِرَة لِأَن كلا مِنْهُمَا مُشْتَمل على السُّؤَال عَن الْعَالم وَهُوَ ظَاهر لَا يخفى.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قَائِمٌ)
جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ عَنِ الْفَاعِلِ وَقَولُهُ عَالِمًا مَفْعُولٌ وَجَالِسًا صِفَةٌ لَهُ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْعَالِمَ الْجَالِسَ إِذَا سَأَلَهُ شَخْصٌ قَائِمٌ لَا يُعَدُّ مِنْ بَابِ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا بَلْ هَذَا جَائِزٌ بِشَرْطِ الْأَمْنِ مِنَ الْإِعْجَابِ قَالَه بن الْمُنِير

[ قــ :122 ... غــ :123] قَوْله حَدثنَا عُثْمَان هم بن أبي شيبَة وَجَرِير هُوَ بن عبد الحميد وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ وَأَبُو وَائِلٍ هُوَ شَقِيقٌ وَأَبُو مُوسَى هُوَ الْأَشْعَرِيُّ وَكُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَائِلَ هُوَ أَبُو مُوسَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَنْ دُونَهُ فَيَكُونُ مُدْرَجًا فِي أَثْنَاءِ الْخَبَرِ .

     قَوْلُهُ  مَنْ قَاتَلَ إِلَخْ هُوَ مِنْ جَوَامِعِ كَلِمِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَنَّهُ أَجَابَ بِلَفْظٍ جَامِعٍ لِمَعْنَى السُّؤَالِ مَعَ الزِّيَادَةِ عَلَيْهِ وَفِي الْحَدِيثِ شَاهِدٌ لِحَدِيثِ الْأَعْمَالِ بِالنِّيَّاتِ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِقِيَامِ طَالِبِ الْحَاجَةِ عِنْدَ أَمْنِ الْكِبْرِ وَأَنَّ الْفَضْلَ الَّذِي وَرَدَ فِي الْمُجَاهِدِينَ مُخْتَصٌّ بِمَنْ قَاتَلَ لِإِعْلَاءِ دِينِ اللَّهِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ إِقْبَالِ الْمَسْئُولِ عَلَى السَّائِلِ وَسَيَأْتِي بَقِيَّةُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِمًا جَالِسًا
هذا ( باب من سأل وهو قائم عالمًا جالسًا) بالنصب صفة لعالمًا المنصوب على المفعولية بسأل ومن موصول والواو للحال، والمراد جواز فعل ذلك إذا أمنت النفس فيه من الإعجاب وليس هو من باب من يتمثل له الناس قيامًا.



[ قــ :122 ... غــ : 123 ]
- حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ: أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً.
فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ -قَالَ: وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا- فَقَالَ: «مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».
[الحديث 123 - أطرافه في: 2810، 3126، 7458] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا عثمان) بن أبي شيبة ( قال: أخبرني) بالإفراد وفي رواية حدّثنا ( جرير) هو ابن عبد الحميد ( عن منصور) هو ابن المعتمر ( عن أبي وائل) هو شقيق بن سلمة ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه ( قال) :
( جاء رجل إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: يا رسول الله ما القتال في سبيل الله) مبتدأ وخبره وقع مقول
القول، ( فإن أحدنا يقاتل غضبًا) نصب مفعول له والغضب حالة تحصل عند غليان الدم في القلب لإرادة الانتقام، ( ويقاتل حمية) نصب مفعول له أيضًا وهو بفتح الحاء وكسر الميم وتشديد المثناة التحتية وهي الأنفة من الشيء أو المحافظة على الحرم.
( فرفع) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( إليه) أي إلى السائل ( رأسه) الشريف ( قال) أبو موسى أو من دونه: ( وما رفع إليه رأسه إلا أنه) أي السائل ( كان قائمًا) أي ما رفع لأمر من الأمور إلا لقيام الرجل فإن واسمها وخبرها في تقدير المصدر وفيه جواز وقوف

المستفتي لعذر أو لحاجة ( فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( من قاتل) بمقتضى القوّة العقلية ( لتكون) أي لأن تكون ( كلمة الله) أي دعوته إلى الإسلام أو كلمة الإخلاص ( هي العليا) لا من قاتل عن مقتضى القوّة الغضبية أو الشهوانية ( فهو في سبيل الله عز وجل) ويدخل فيه من قاتل لطلب الثواب ورضاء الله فإنه من إعلاء كلمة الله، وقد جمع هذا الجواب معنى السؤال لا بلفظه لأن الغضب والحمية قد يكونان لله تعالى أو لغرض الدنيا فأجاب عليه السلام بالمعنى مختصرًا إذ لو ذهب يقسم وجوه الغضب لطال ذلك ولخشي أن يلبس عليه.

فإن قلت: السؤال عن ماهية القتال والجواب ليس عنها بل عن المقاتل.
أجيب: بأن فيه الجواب وزيادة أوان القتال بمعنى اسم الفاعل أي المقاتل بقرينة لفظ فإن أحدنا ويكون عبّر بما عن العاقل.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ سَأَلَ وَهُوَ قائِمٌ عالِما جالِسا)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان من سَأَلَ، وَالْحَال أَنه قَائِم، عَالما جَالِسا.
و: من، مَوْصُولَة، و: الْوَاو، للْحَال.
و: عَالما، مفعول: سَأَلَ.
و: جَالِسا، صفة: عَالما.
ومقصود البُخَارِيّ أَن سُؤال الْقَائِم الْعَالم الْجَالِس لَيْسَ من بابُُ من يتَمَثَّل لَهُ النَّاس قيَاما، بل هَذَا جَائِز إِذا سلمت النَّفس فِيهِ من الْإِعْجَاب.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ إِن فِي كل مِنْهُمَا سؤالاً عَن الْعَالم، وَهَذَا لِأَن فِي الأول سُؤال مُوسَى عَن الْخضر، وَفِي هَذَا سُؤال الْقَائِم عَن الْعَالم الْجَالِس.



[ قــ :122 ... غــ :123 ]
- حدّثنا عُثْمانُ قالَ: أخبرنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أبي وَائلٍ عَن أبي مُوسَى قَالَ: جاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فقالَ: يَا رَسُول اللَّهِ! مَا القتالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟ فإنّ أحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبا ويُقَاتِلُ حَمِيَّةً، فَرَفَعَ إلَيْهِ رأْسَهُ، قَالَ: وَمَا رَفَعَ إلَيْهِ رَأْسَهُ إلاَّ أنَّهُ كانَ قائِما، فقالَ: ( مَنْ قاتَلَ لِتَكونَ كَلِمةُ اللَّهِ هيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عزَّ وجَلَّ) .
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( وَمَا رفع إِلَيْهِ رَأسه إلاَّ أَنه كَانَ قَائِما) .

بَيَان رِجَاله: وهم خَمْسَة قد ذكرُوا كلهم، وَعُثْمَان هُوَ ابْن أبي شيبَة، وَجَرِير هُوَ ابْن عبد الحميد، وَمَنْصُور هُوَ ابْن الْمُعْتَمِر، وَأَبُو وَائِل شَقِيق بن سَلمَة، وَأَبُو مُوسَى عبد الله بن قيس الْأَشْعَرِيّ.

بَيَان لطائف إِسْنَاده: مِنْهَا: أَن فِيهِ التحديث والعنعنة.
وَمِنْهَا: أَن رُوَاته كلهم كوفيون.
وَمِنْهَا: أَنهم أَئِمَّة أجلاء.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن سُلَيْمَان بن حَرْب عَن شُعْبَة، وَفِي كتاب الْخمس فِي: بابُُ من قَاتل للمغنم هَل ينقص من أجره عَن بنْدَار عَن غنْدر عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة، وَفِي التَّوْحِيد عَن مُحَمَّد بن كثير عَن الثَّوْريّ عَن الشّعبِيّ.
وَأخرجه مُسلم فِي الْجِهَاد عَن أبي مُوسَى وَبُنْدَار وَعَن غنْدر عَن شُعْبَة بن عَمْرو بن مرّة وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة وَابْن نمير وَابْن رَاهَوَيْه عَن جرير عَن مَنْصُور، ثَلَاثَتهمْ عَن أبي وَائِل عَن أبي مُوسَى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْجِهَاد عَن حَفْص بن عَمْرو عَن شُعْبَة، وَعَن عَليّ بن مُسلم عَن أبي دَاوُد عَن شُعْبَة عَن عَمْرو بن مرّة، قَالَ: سَمِعت عَن أبي وَائِل حَدِيثا أعجبني، فَذكر مَعْنَاهُ.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن هناد عَن أبي مُعَاوِيَة بِهِ،.

     وَقَالَ : حسن صَحِيح.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن إِسْمَاعِيل بن مَسْعُود عَن خَالِد بن الْحَارِث عَن شُعْبَة بِهِ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن نمير بِهِ.

بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب: قَوْله: ( إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) إِنَّمَا عداهُ بِكَلِمَة الِانْتِهَاء مَعَ أَن: جَاءَ، جَاءَ مُتَعَدِّيا بِنَفسِهِ إشعارا بِأَن الْمَقْصُود بَيَان انْتِهَاء الْمَجِيء إِلَيْهِ.
قَوْله: ( فَقَالَ) عطف على قَوْله: ( فجَاء) .
قَوْله: ( مَا الْقِتَال؟) مُبْتَدأ وَخبر وَقع مقولاً لِلْقَوْلِ.
قَوْله: ( فَإِن أَحَدنَا) الْفَاء فِيهِ للتَّعْلِيل.
قَوْله: ( يُقَاتل) ، جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر: إِن.
قَوْله: ( غَضبا) نصب على أَنه مفعول لَهُ، وَالْغَضَب حَالَة تحصل عِنْد غليان الدَّم فِي الْقلب لإِرَادَة الانتقام.
قَوْله: ( حمية) ، بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْمِيم وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: نصب على أَنه مفعول لَهُ أَيْضا.
قَالَ الْجَوْهَرِي: حميت عَن كَذَا حمية، بِالتَّشْدِيدِ، وتحمية إِذا أنفت مِنْهُ وداخلك عَار وأنفة أَن تَفْعَلهُ..
     وَقَالَ  غَيره: الحمية هِيَ الْمُحَافظَة على الْحرم.
وَقيل: هِيَ الأنفة والغيرة والمحاماة عَن الْعَشِيرَة، وَالْأول: إِشَارَة إِلَى مُقْتَضى الْقُوَّة الغضبية، وَالثَّانِي: إِلَى مُقْتَضى الْقُوَّة الشهوانية.
أَو الأول: لأجل دفع الْمضرَّة، وَالثَّانِي: لأجل جلب الْمَنْفَعَة.
قَوْله: ( فَرفع إِلَيْهِ) أَي: فَرفع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى السَّائِل.
قَوْله: ( وَمَا رفع إِلَيْهِ رَأسه إِلَّا أَنه كَانَ قَائِما) ، ظَاهره أَن الْقَائِل هُوَ أَبُو مُوسَى، وَيحْتَمل أَن يكون من دونه فَيكون مدرجا فِي أثْنَاء الْخَبَر، وَهُوَ اسْتثِْنَاء مفرغ وَأَن مَعَ اسْمهَا وخبرها فِي تَقْدِير الْمصدر أَي: مَا رفع لأمر من الْأُمُور إِلَّا لقِيَام الرجل.
قَوْله: ( قَالَ) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَهُوَ الْجَواب عَن سُؤال السَّائِل الْمَذْكُور.
فَإِن قلت: السُّؤَال عَن مَاهِيَّة الْقِتَال، وَالْجَوَاب لَيْسَ عَنْهَا بل عَن الْمقَاتل.
قلت: فِيهِ الْجَواب وَزِيَادَة، أَو أَن الْقِتَال بِمَعْنى اسْم الْفَاعِل أَي: الْمقَاتل، بِقَرِينَة لفظ: فَإِن أَحَدنَا.
وَلَفْظَة: مَا إِن قُلْنَا: إِنَّه عَام للْعَالم وَلغيره فَظَاهر، وَإِن قُلْنَا إِنَّه لغيره فَكَذَلِك إِذا لم يعْتَبر معنى الوصفية فِيهِ إِذْ صَرَّحُوا بِنَفْي الْفرق بَين الْعَالم وَغَيره عِنْد اعْتِبَارهَا..
     وَقَالَ  الزَّمَخْشَرِيّ، فِي قَوْله تَعَالَى: { بل لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الأَرْض كل لَهُ قانتون} ( الْبَقَرَة: 116) فَإِن قلت: كَيفَ جَاءَ بِمَا الَّذِي لغير أولي الْعلم مَعَ قَوْله: { قانتون} ؟ قلت: هُوَ كَقَوْلِه: سُبْحَانَ مَا سخركن لنا، أَو نقُول: ضمير ( فَهُوَ) رَاجع إِلَى الْقِتَال الَّذِي فِي ضمن قَاتل، أَي: فقتاله قتال فِي سَبِيل الله.
فَإِن قلت: فَمن قَاتل لطلب ثَوَاب الْآخِرَة أَو لطلب رضى الله تَعَالَى عَنهُ فَهَل هُوَ فِي سَبِيل الله؟ قلت: نعم لِأَن طلب إعلاء الْكَلِمَة، وَطلب الثَّوَاب والرضى كلهَا متلازمة، وَحَاصِل الْجَواب أَن الْقِتَال فِي سَبِيل الله قتال منشؤه الْقُوَّة الْعَقْلِيَّة لَا الْقُوَّة الغضبية أَو الشهوانية، وانحصار القوى الإنسانية فِي هَذِه الثَّلَاث مَذْكُور فِي مَوْضِعه.
قَوْله: ( لتَكون) ، أَي: لِأَن تكون، وَاللَّام: لَام كي.
قَوْله: ( كلمة الله) أَي: دَعوته إِلَى الْإِسْلَام.
وَقيل: هِيَ قَوْله: لَا إِلَه إِلَّا الله.
قَوْله: ( هِيَ) ، فصل، أَو مُبْتَدأ.
وفيهَا تَأْكِيد فضل كلمة الله تَعَالَى فِي الْعُلُوّ، وَأَنَّهَا المختصة بِهِ دون سَائِر الْكَلَام.
قَوْله: ( فَهُوَ) مُبْتَدأ.
و ( فِي سَبِيل الله) خبر لقَوْله: ( من) ، وَإِنَّمَا دخلت الْفَاء لتضمن من معنى الشَّرْط.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام: الأول: فِيهِ بَيَان أَن الْأَعْمَال إِنَّمَا تحسب بِالنِّيَّاتِ الصَّالِحَة.
الثَّانِي: فِيهِ أَن الْإِخْلَاص شَرط فِي الْعِبَادَة، فَمن كَانَ لَهُ الْبَاعِث الدنياوي فَلَا شكّ فِي بطلَان عمله، وَمن إِذا كَانَ الْبَاعِث الديني أقوى فقد حكم الْحَارِث المحاسبي بِإِبْطَال الْعَمَل تمسكا بِهَذَا الحَدِيث، وَخَالفهُ الْجُمْهُور وَقَالُوا: الْعَمَل صَحِيح..
     وَقَالَ  مُحَمَّد بن جرير الطَّبَرِيّ: إِذا ابْتَدَأَ الْعَمَل بِهِ لَا يضرّهُ مَا عرض بعده من عجب يطْرَأ عَلَيْهِ.
الثَّالِث: فِيهِ أَن الْفضل الَّذِي ورد فِي الْمُجَاهدين يخْتَص بِمن قَاتل لإعلاء كلمة الله تَعَالَى.
الرَّابِع: فِيهِ أَنه لَا بَأْس أَن يكون المستفتي وَاقِفًا إِذا كَانَ هُنَاكَ عذر، وَكَذَلِكَ طلب الْحَاجة.
الْخَامِس: فِيهِ إقبال الْمُتَكَلّم على الْمُخَاطب.
السَّادِس: فِيهِ مَا أعطي النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، من الفصاحة وجوامع الْكَلم لِأَنَّهُ أجَاب السَّائِل بِجَوَاب جَامع لِمَعْنى سُؤَاله لَا بِلَفْظِهِ من أجل أَن الْغَضَب وَالْحمية قد يكون لله عز وَجل، وَقد يكون لغَرَض الدُّنْيَا، فَأَجَابَهُ، عَلَيْهِ السَّلَام، بِالْمَعْنَى مُخْتَصرا إِذْ لَو ذهب يقسم وُجُوه الْغَضَب لطال ذَلِك ولخشي أَن يلبس عَلَيْهِ.
وَجَاء أَيْضا فِي الصَّحِيح: ( يُقَاتل للمغنم وَالرجل يُقَاتل للذِّكر، وَالرجل يُقَاتل ليُرى مَكَانَهُ، فَمن فِي سَبِيل الله تَعَالَى، فَقَالَ: عَلَيْهِ السَّلَام: من قَاتل لتَكون كلمة الله أَعلَى فَهُوَ فِي سَبِيل الله) .