1243 سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ |
1243 سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : من نيح عليه يعذب بما نيح عليه |
1243 سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ يُعَذَّبُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ * |
شرح الحديث من فتح الباري لابن حجر
( قَولُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى الْمَيِّتِ)
قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مَوْصُولَةٌ وَمِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ فَالتَّقْدِيرُ الَّذِي يُكْرَهُ مِنْ جِنْسِ الْبُكَاءِ هُوَ النِّيَاحَةُ وَالْمُرَادُ بِالْكَرَاهَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنَ الْوَعِيدِ عَلَيْهِ انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَا مَصْدَرِيَّةً وَمِنْ تَبْعِيضِيَّةً وَالتَّقْدِيرُ كَرَاهِيَةُ بَعْضِ النِّيَاحَةِ أَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بن المرابط وَغَيره وَنقل بن قُدَامَةَ عَنْ أَحْمَدَ رِوَايَةً أَنَّ بَعْضَ النِّيَاحَةِ لَا تَحْرُمُ وَفِيهِ نَظَرٌ وَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْهَ عمَّة جَابر لَمَّا نَاحَتْ عَلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ النِّيَاحَةَ إِنَّمَا تَحْرُمُ إِذَا انْضَافَ إِلَيْهَا فِعْلٌ مِنْ ضَرْبِ خَدٍّ أَوْ شَقِّ جَيْبٍ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا نَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ بَعْدَ هَذِهِ الْقِصَّةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ بِأُحُدٍ وَقَدْ قَالَ فِي أُحُدٍ لَكِنْ حَمْزَةُ لَا بَوَاكِيَ لَهُ ثُمَّ نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَتَوَعَّدَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وبن مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ نَافِعٍ عَن بن عُمَرَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِنِسَاءِ بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ يَبْكِينَ هَلْكَاهُنَّ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ لَكِنَّ حَمْزَةَ لَا بَوَاكِيَ لَهُ فَجَاءَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ يَبْكِينَ حَمْزَةَ فَاسْتَيْقَظَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ وَيْحَهُنَّ مَا انْقَلَبْنَ بَعْدُ مُرُوهُنَّ فَلْيَنْقَلِبْنَ وَلَا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ وَلَهُ شَاهِدٌ أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ .
قَوْلُهُ وقَال عُمَرُ دَعْهُنَّ يَبْكِينَ عَلَى أَبِي سُلَيْمَانَ إِلَخْ هَذَا الْأَثَرُ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّارِيخِ الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ لَمَّا مَاتَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ اجْتَمَعَ نِسْوَةُ بَنِي الْمُغِيرَةِ أَيِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مَخْزُومٍ وَهُنَّ بَنَاتُ عَمِّ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ يَبْكِينَ عَلَيْهِ فَقِيلَ لِعُمَرَ أَرْسِلْ إِلَيْهِنَّ فَانْهَهُنَّ فَذكره وَأخرجه بن سَعْدٍ عَنْ وَكِيعٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ عَنِ الْأَعْمَشِ .
قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ أَوْ لَقْلَقَةٌ بِقَافَيْنِ الْأُولَى سَاكِنَةٌ وَقَدْ فَسَّرَهُ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ النَّقْعَ التُّرَابُ أَيْ وَضْعُهُ عَلَى الرَّأْسِ وَاللَّقْلَقَةُ الصَّوْتُ أَيِ الْمُرْتَفِعُ وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ فَأَمَّا تَفْسِيرُ اللَّقْلَقَةِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ.
وَأَمَّا النَّقْعُ فَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ النَّقْعُ الشَّقُّ أَيْ شَقُّ الْجُيُوب وَكَذَا قَالَ وَكِيع فِيمَا رَوَاهُ بن سَعْدٍ عَنْهُ.
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هُوَ صَنْعَةُ الطَّعَامِ لِلْمَأْتَمِ كَأَنَّهُ ظَنَّهُ مِنَ النَّقِيعَةِ وَهِيَ طَعَامُ المأتم وَالْمَشْهُور أَن النقعية طَعَامُ الْقَادِمِ مِنَ السَّفَرِ كَمَا سَيَأْتِي فِي آخِرِ الْجِهَادِ وَقَدْ أَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ عَلَيْهِ.
وَقَالَ الَّذِي رَأَيْتُ عَلَيْهِ أَكْثَرَ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ رَفْعُ الصَّوْتِ يَعْنِي بِالْبُكَاءِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ وَضْعُ التُّرَابِ عَلَى الرَّأْسِ لِأَنَّ النَّقْعَ هُوَ الْغُبَارُ وَقِيلَ هُوَ شَقُّ الْجُيُوبِ وَهُوَ قَوْلُ شِمْرٍ وَقِيلَ هُوَ صَوْتُ لَطْمِ الْخُدُودِ حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ.
وَقَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مُعْتَرِضًا عَلَى الْبُخَارِيِّ النَّقْعُ لَعَمْرِي هُوَ الْغُبَارُ وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ وَإِنَّمَا هُوَ هُنَا الصَّوْتُ الْعَالِي وَاللَّقْلَقَةُ تَرْدِيدُ صَوْتِ النُّوَاحَةِ انْتَهَى وَلَا مَانِعَ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْمَعْنَيَيْنِ بَعْدَ أَنْ فُسِّرَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ وَضْعَ التُّرَابِ عَلَى الرَّأْسِ لِأَنَّ ذَلِكَ من صَنِيع أهل المصائب بل قَالَ بن الْأَثِيرِ الْمُرَجَّحُ أَنَّهُ وَضْعُ التُّرَابِ عَلَى الرَّأْسِ.
وَأَمَّا مَنْ فَسَّرَهُ بِالصَّوْتِ فَيَلْزَمُ مُوَافَقَتُهُ لِلَّقْلَقَةِ فَحَمْلُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِمَا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا مُغَايَرَةً مِنْ وَجْهٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا مَانِعَ مِنْ إِرَادَةِ ذَلِكَ تَنْبِيهٌ كَانَتْ وَفَاةُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ بِالشَّامِ سَنَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ
[ قــ :1243 ... غــ :1291] .
قَوْلُهُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ هُوَ الطَّائِيُّ .
قَوْلُهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ هُوَ الْأَسَدِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ كُوفِيُّونَ وَصَرَّحَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِسَمَاعِ سَعِيدٍ مِنْ عَلِيٍّ وَلَفْظُهُ حَدَّثَنَا والمغيرة هُوَ بن شُعْبَةَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ أَتَيْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُغِيرَةُ أَمِيرُ الْكُوفَةَ فَقَالَ سَمِعْتُ فَذَكَرَهُ وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ الْأَسَدِيِّ كِلَاهُمَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ أَوَّلُ مَنْ نِيحَ عَلَيْهِ بِالْكُوفَةِ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ مَاتَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ قَرَظَةُ بْنُ كَعْبٍ فَنِيحَ عَلَيْهِ فَجَاءَ الْمُغِيرَةُ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ.
وَقَالَ مَا بَالُ النَّوْحِ فِي الْإِسْلَامِ انْتَهَى وَقَرَظَةُ الْمَذْكُورُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ وَالظَّاءِ الْمُشَالَةِ أَنْصَارِيٌّ خَزْرَجِيٌّ كَانَ أَحَدَ مَنْ وَجَّهَهُ عُمَرُ إِلَى الْكُوفَةِ لِيُفَقِّهَ النَّاسَ وَكَانَ عَلَى يَدِهِ فَتْحُ الرَّيِّ وَاسْتَخْلَفَهُ عَلِيٌّ على الْكُوفَة وَجزم بن سَعْدٍ وَغَيْرُهُ بِأَنَّهُ مَاتَ فِي خِلَافَتِهِ وَهُوَ قَوْلٌ مَرْجُوحٌ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ وَفَاتَهُ حَيْثُ كَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ وَكَانَتْ إِمَارَةُ الْمُغِيرَةِ عَلَى الْكُوفَةِ مِنْ قِبَلِ مُعَاوِيَةَ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ إِلَى أَنْ مَاتَ وَهُوَ عَلَيْهَا سَنَةَ خَمْسِينَ .
قَوْلُهُ إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ أَيْ غَيْرِي وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْكَذِبَ عَلَى الْغَيْرِ قَدْ أُلِفَ وَاسْتُسْهِلَ خَطْبُهُ وَلَيْسَ الْكَذِبُ عَلَيَّ بَالِغًا مَبْلَغَ ذَاكَ فِي السُّهُولَةِ وَإِنْ كَانَ دُونَهُ فِي السُّهُولَةِ فَهُوَ أَشَدُّ مِنْهُ فِي الْإِثْمِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ مَنْ أَوْرَدَ أَنَّ الَّذِي تَدْخُلُ عَلَيْهِ الْكَافُ أَعْلَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ مِنْ إِثْبَاتِ الْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ عَلَى الْكَذِبِ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ الْكَذِبُ عَلَى غَيْرِهِ مُبَاحًا بَلْ يُسْتَدَلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ بِدَلِيلٍ آخَرَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْكَذِبَ عَلَيْهِ تُوُعِّدَ فَاعِلُهُ بِجَعْلِ النَّارِ لَهُ مَسْكَنًا بِخِلَافِ الْكَذِبِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ مَبَاحِثِ الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَيَأْتِي كَثِيرٌ مِنْهَا فِي شَرْحِ حَدِيثِ وَاثِلَةَ فِي أَوَائِلِ مَنَاقِبِ قُرَيْشٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
قَوْلُهُ مَنْ يُنَحْ عَلَيْهِ يُعَذَّبْ ضَبَطَهُ الْأَكْثَرُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ النُّونِ وَجَزْمِ الْمُهْمَلَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ شَرْطِيَّةٌ وَتَجْزِمُ الْجَوَابَ وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى تَقْدِيرِ فَإِنَّهُ يُعَذَّبُ وَرُوِيَ بِكَسْرِ النُّونِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مَنْ يُنَاحُ عَلَى أَنَّ من مَوْصُولَة وَقد وَأخرجه الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ بِلَفْظِ إِذَا نِيحَ عَلَى الْمَيِّتِ عُذِّبَ بِالنِّيَاحَةِ عَلَيْهِ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الرِّوَايَةَ الثَّانِيَةَ .
قَوْلُهُ بِمَا نِيحَ عَلَيْهِ كَذَا لِلْجَمِيعِ بِكَسْرِ النُّونِ وَلِبَعْضِهِمْ مَا نِيحَ بِغَيْرِ مُوَحَّدَةٍ عَلَى أَنَّ مَا ظَرْفِيَّةٌ .
قَوْلُهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فِي رِوَايَةٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ .
قَوْلُهُ تَابَعَهُ عبد الْأَعْلَى هُوَ بن حَمَّاد وَسَعِيد هُوَ بن أَبِي عَرُوبَةَ