هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1250 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ ، قَالَ : سَمِعْتُ يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ ، قَالَتْ : سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ ، وَجَعْفَرٍ ، وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ البَابِ شَقِّ البَابِ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ ، فَذَهَبَ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ ، لَمْ يُطِعْنَهُ ، فَقَالَ : انْهَهُنَّ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ : فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ : أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العَنَاءِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1250 حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب ، قال : سمعت يحيى ، قال : أخبرتني عمرة ، قالت : سمعت عائشة رضي الله عنها ، قالت : لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل ابن حارثة ، وجعفر ، وابن رواحة جلس يعرف فيه الحزن وأنا أنظر من صائر الباب شق الباب ، فأتاه رجل فقال : إن نساء جعفر وذكر بكاءهن ، فأمره أن ينهاهن ، فذهب ، ثم أتاه الثانية ، لم يطعنه ، فقال : انههن فأتاه الثالثة ، قال : والله لقد غلبننا يا رسول الله ، فزعمت أنه قال : فاحث في أفواههن التراب فقلت : أرغم الله أنفك ، لم تفعل ما أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من العناء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ ، وَجَعْفَرٍ ، وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ البَابِ شَقِّ البَابِ ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ ، فَذَهَبَ ، ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ ، لَمْ يُطِعْنَهُ ، فَقَالَ : انْهَهُنَّ فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ ، قَالَ : وَاللَّهِ لَقَدْ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ : فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ : أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ العَنَاءِ .

Narrated `Aisha:

When the Prophet (ﷺ) got the news of the death of Ibn Haritha, Ja`far and Ibn Rawaha he sat down and looked sad and I was looking at him through the chink of the door. A man came and told him about the crying of the women of Ja`far. The Prophet (ﷺ) ordered him to forbid them. The man went and came back saying that he had told them but they did not listen to him. The Prophet (ﷺ) (p.b.u.h) said, Forbid them. So again he went and came back for the third time and said, O Allah's Messenger (ﷺ)! By Allah, they did not listen to us at all. (`Aisha added): Allah's Messenger (ﷺ) ordered him to go and put dust in their mouths. I said, (to that man) May Allah stick your nose in the dust (i.e. humiliate you)! You could neither (persuade the women to) fulfill the order of Allah's Messenger (ﷺ) nor did you relieve Allah's Messenger (ﷺ) from fatigue.

'Amra dit avoir entendu A'icha () dire: «Lorsqu'on lui fit parvenir la mort de ben Hâritha, de Ja'far et de ben Rawâha, le Prophète () s'assit tout en étant affligé. «Alors, que je regardai par la fente de la porte, un fidèle vint le trouver et lui dit: Les femmes de la maison de Ja'far... Il lui raconta les lamentations de ces femmes. Alors, le Prophète () lui donna l'ordre de leur interdire de faire cela. L'homme partit, puis vint de nouveau: elles ne lui avaient pas obéï. Empêcheles! intervint de nouveau le Prophète (). Il revint pour la troisième fois pour dire: Par Allah! ô Messager d'Allah, elles nous ont vaincus. » «A'icha affirme, reprit 'Amra, que le Prophète () dit: Metsleur de la terre dans la bouche. Et 'Â'icha de dire à l'homme: Que Allah te mette le nez dans la terre; tu n'as pas pu appliquer ce que le Messager d'Allah () t'avait ordonné de faire, et tu n'as pas fini de le fatiguer. »

":"ہم سے محمد بن مثنیٰ نے بیان کیا ‘ کہا کہ ہم سے عبدالوہاب نے بیان کیا ‘ کہا کہ میں نے یحیٰی سے سنا ، انہوں نے کہا کہ مجھے عمرہ نے خبر دی ، کہا کہ میں نے عائشہ رضی اللہ عنہا سے سنا آپ نے کہا کہجب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کو زید بن حارثہ ‘ جعفر اور عبداللہ بن رواحہ رضی اللہ عنہم کی شہادت ( غزوہ موتہ میں ) کی خبر ملی ‘ تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم اس وقت اس طرح تشریف فرما تھے کہ غم کے آثار آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے چہرے پر ظاہر تھے ۔ میں دروازے کے سوراخ سے دیکھ رہی تھی ۔ اتنے میں ایک صاحب آئے اور جعفر رضی اللہ عنہ کے گھر کی عورتوں کے رونے کا ذکر کیا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ انہیں رونے سے منع کر دے ۔ وہ گئے لیکن واپس آ کر کہا کہ وہ تو نہیں مانتیں ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے پھر فرمایا کہ انہیں منع کر دے ۔ اب وہ تیسری مرتبہ واپس ہوئے اور عرض کیا کہ یا رسول اللہ ! قسم اللہ کی وہ تو ہم پر غالب آ گئی ہیں ( عمرہ نے کہا کہ ) حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا کو یقین ہوا کہ ( ان کے اس کہنے پر ) رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ پھر ان کے منہ میں مٹی جھونک دے ۔ اس پر میں نے کہا کہ تیرا برا ہو ۔ رسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم اب جس کام کا حکم دے رہے ہیں وہ تو کرو گے نہیں لیکن آپ صلی اللہ علیہ وسلم کو تکلیف میں ڈال دیا ۔

'Amra dit avoir entendu A'icha () dire: «Lorsqu'on lui fit parvenir la mort de ben Hâritha, de Ja'far et de ben Rawâha, le Prophète () s'assit tout en étant affligé. «Alors, que je regardai par la fente de la porte, un fidèle vint le trouver et lui dit: Les femmes de la maison de Ja'far... Il lui raconta les lamentations de ces femmes. Alors, le Prophète () lui donna l'ordre de leur interdire de faire cela. L'homme partit, puis vint de nouveau: elles ne lui avaient pas obéï. Empêcheles! intervint de nouveau le Prophète (). Il revint pour la troisième fois pour dire: Par Allah! ô Messager d'Allah, elles nous ont vaincus. » «A'icha affirme, reprit 'Amra, que le Prophète () dit: Metsleur de la terre dans la bouche. Et 'Â'icha de dire à l'homme: Que Allah te mette le nez dans la terre; tu n'as pas pu appliquer ce que le Messager d'Allah () t'avait ordonné de faire, et tu n'as pas fini de le fatiguer. »

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1299] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا عبد الْوَهَّاب هُوَ بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ وَيحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْفَاعِل قَوْله قتل بن حَارِثَةَ وَهُوَ زَيْدٌ وَأَبُوهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَجَعْفَرٌ هُوَ بن أبي طَالب وبن رَوَاحَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ قَتْلُهُمْ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي رَابِعِ بَابٍ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَوَقَعَ تَسْمِيَةُ الثَّلَاثَةِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بن سعيد وَسَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُ دُونَ الْمَتْنِ .

     قَوْلُهُ  جَلَسَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ يَحْيَى فِي الْمَسْجِدِ .

     قَوْلُهُ  يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُ كَظَمَ الْحُزْنَ كَظْمًا فَظَهَرَ مِنْهُ مَا لَا بُدَّ لِلْجِبِلَّةِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  صَائِرِ الْبَابِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ شَقِّ الْبَابِ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْظَرُ مِنْهُ وَلَمْ يَرِدْ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ النَّاحِيَة إِذْ لَيست مُرَاده هُنَا قَالَه بن التِّينِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ بَعْدَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ كَذَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ هُنَا صَائِرِ وَالصَّوَابُ صِيرِ أَيْ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ الشَّقُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَنْ نَظَرَ مِنْ صِيرِ الْبَابِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدَرٌ الصِّيرُ الشَّقُّ وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ صَائِرٌ وَصِيرٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَتَاهُ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَكَأَنَّهُ أُبْهِمَ عَمْدًا لِمَا وَقَعَ فِي حَقِّهِ مِنْ غَضِّ عَائِشَةَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ أَيِ امْرَأَتُهُ وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ وَمَنْ حَضَرَ عِنْدَهَا مِنْ أَقَارِبِهَا وَأَقَارِبِ جَعْفَرٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُنَّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لِجَعْفَرٍ امْرَأَةً غَيْرَ أَسْمَاءَ .

     قَوْلُهُ  وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ حَالٌ عَنِ الْمُسْتَتِرِ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ وَحَذْفُ خَبَرِ إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى قَالَ الرَّجُلُ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ فَعَلْنَ كَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْبُكَاءِ الْمُشْتَمِلِ مَثَلًا عَلَى النَّوْحِ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى قَدْ كَثُرَ بُكَاؤُهُنَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْحِيفًا فَلَا حذف وَلَا تَقْدِير وَيُؤَيِّدهُ مَا عِنْد بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ قَدْ أَكْثَرْنَ بُكَاءَهُنَّ .

     قَوْلُهُ  فَذَهَبَ أَيْ فَنَهَاهُنَّ فَلَمْ يُطِعْنَهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ أَيْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ إِنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ الْمَذْكُورَةِ فَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَقَدْ غلبننا قَوْلهفَزَعَمَتْ أَيْ عَائِشَةُ وَهُوَ مَقُولُ عَمْرَةَ وَالزَّعْمُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ .

     قَوْلُهُ  فَاحْثُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِكَسْرِهَا يُقَالُ حَثَا يَحْثُو وَيَحْثِي .

     قَوْلُهُ  التُّرَابَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مِنَ التُّرَابِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ بِالْبُكَاءِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَهُنَّ بِذَلِكَ وَخَصَّ الْأَفْوَاهَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْحِ بِخِلَافِ الْأَعْيُنِ مَثَلًا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ أَوِ الْمَعْنَى أَعْلِمْهُنَّ أَنَّهُنَّ خَائِبَاتٌ مِنَ الْأَجْرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الصَّبْرِ لِمَا أَظْهَرْنَ مِنَ الْجَزَعِ كَمَا يُقَالُ لِلْخَائِبِ لَمْ يُحَصِّلْ فِي يَدِهِ إِلَّا التُّرَابَ لَكِنْ يُبْعِدُ هَذَا الِاحْتِمَالُ قَوْلَ عَائِشَةَ الْآتِي وَقِيلَ لَمْ يُرَدْ بِالْأَمْرِ حَقِيقَتُهُ قَالَ عِيَاضٌ هُوَ بِمَعْنَى التَّعْجِيزِ أَيْ أَنَّهُنَّ لَا يَسْكُتْنَ إِلَّا بِسَدِّ أَفْوَاهِهِنَّ وَلَا يَسُدُّهَا إِلَّا أَنْ تُمْلَأَ بِالتُّرَابِ فَإِنْ أَمْكَنَكَ فَافْعَلْ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَ النَّاهِيَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُنَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُنَّ فَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُرْشِدٌ لِلْمَصْلَحَةِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ أَوْ عَلِمْنَ ذَلِكَ لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِنَّ شِدَّةُ الْحُزْنِ لِحَرَارَةِ الْمُصِيبَةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ فِي بُكَائِهِنَّ زِيَادَةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُبَاحِ فَيَكُونُ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَرَّرَهُ وَبَالَغَ فِيهِ وَأَمَرَ بِعُقُوبَتِهِنَّ إِنْ لَمْ يَسْكُتْنَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بُكَاءً مُجَرَّدًا وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَلَوْ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ لَأَرْسَلَ غَيْرَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ لِمَنْعِهِنَّ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ وَيَبْعُدُ تَمَادِي الصَّحَابِيَّاتِ بَعْدَ تَكْرَارِ النَّهْيِ عَلَى فِعْلِ الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ وَفَائِدَةُ نَهْيِهِنَّ عَنِ الْأَمْرِ الْمُبَاحِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرْسِلْنَ فِيهِ فَيُفْضِي بِهِنَّ إِلَى الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ لِضَعْفِ صَبْرِهِنَّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ النَّهْيِ عَنِ الْمُبَاحِ عِنْدَ خَشْيَةِ إِفْضَائِهِ إِلَى مَا يَحْرُمُ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ هُوَ مَقُولُ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ بِالرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيِ أِلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ التُّرَابُ إِهَانَةً وَإِذْلَالًا وَدَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا أَمَرَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِالنِّسْوَةِ لِفَهْمِهَا مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ أَنَّهُ أَحْرَجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَمْ تَفْعَلْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَيْ لَمْ تُبَلِّغِ النَّهْيَ وَنَفَتْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَهَى وَلَمْ يُطِعْنَهُ لِأَنَّ نَهْيَهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ الِامْتِثَالُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ لَمْ تَفْعَلْ أَيِ الْحَثْوَ بِالتُّرَابِ.

.

قُلْتُ لَفْظَةُ لَمْ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْمَاضِي وَقَوْلُهَا ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَامَتْ عِنْدَهَا قَرِينَةٌ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَعَبَّرَتْ عَنْهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي مُبَالَغَةً فِي نَفْيِ ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ كَانَ من ألزام النِّسْوَةِ الْمَذْكُورَاتِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ ذَلِكَ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْعَنَاءِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالْمَدِّ أَيِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنَ الْعِيِّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعُذْرِيِّ الْغَيِّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظٍ ضِدَّ الرُّشْدِ قَالَ عِيَاضٌ وَلَا وَجْهَ لَهُ هُنَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَلْيَقُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَعْنَى الْعَنَاءِ الَّتِي هِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ قَالَ النَّوَوِيُّ مُرَادُهَا أَنَّ الرَّجُلَ قَاصِرٌ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُفْصِحْ بِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ لِيُرْسِلَ غَيْرَهُ فَيَسْتَرِيحَ مِنَ التَّعَبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا جَوَازُ الْجُلُوسِ لِلْعَزَاءِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَجَوَازُ نَظَرِ النِّسَاءِ الْمُحْتَجِبَاتِ إِلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَتَأْدِيبِ مَنْ نُهِيَ عَمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ فِعْلُهُ إِذَا لَمْ يَنْتَهِ وَجَوَازُ الْيَمِينِ لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ تَنْبِيهٌ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَمْرَةَ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا الْقَاسِم بن مُحَمَّد أخرجه بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ نَهَانَا خير النَّاس عَن التَّكَلُّف قَوْلهحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْفَلَّاسُ وَالْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحزن)
يعرف مَبْنِيّ للْمَجْهُول وَمن مَوْصُولَةٌ وَالضَّمِيرُ لَهَا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَصْدَرِ جَلَسَ أَيْ جُلُوسًا يُعْرَفُ وَلَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ بِحُكْمِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا الَّتِي بَعْدَهَا حَيْثُ تَرْجَمَ مَنْ لَمْ يُظْهِرْ حُزْنَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا قَابِلٌ لِلتَّرْجِيحِ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِكَوْنِهِ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثَّانِي مِنْ تَقْرِيرِهِ وَمَا يُبَاشِرُهُ بِالْفِعْلِ أَرْجَحُ غَالِبًا.

.
وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ فِعْلٌ أَبْلَغُ فِي الصَّبْر وأزجر لِلنَّفْسِ فَيَرْجَحُ وَيُحْمَلُ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَذْكُورُ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَيَكُونُ فِعْلُهُ فِي حَقِّهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْلَى.

     وَقَالَ  الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَا مُلَخَّصُهُ مَوْقِعُ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ مِنَ الْفِقْهِ أَنَّ الِاعْتِدَالَ فِي الْأَحْوَالِ هُوَ الْمَسْلَكُ الْأَقْوَمُ فَمَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ عَظِيمَةٍ لَا يُفْرِطُ فِي الْحُزْنِ حَتَّى يَقَعَ فِي الْمَحْذُورِ مِنَ اللَّطْمِ وَالشَّقِّ وَالنَّوْحِ وَغَيْرِهَا وَلَا يُفْرِطُ فِي التَّجَلُّدِ حَتَّى يُفْضِيَ إِلَى الْقَسْوَةِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِقَدْرِ الْمُصَابِ فَيُقْتَدَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُصَابُ جِلْسَةً خَفِيفَةً بِوَقَارٍ وَسَكِينَةٍ تَظْهَرُ عَلَيْهِ مَخَايِلُ الْحُزْنِ وَيُؤْذِنُ بِأَنَّ الْمُصِيبَةَ عَظِيمَةٌ

[ قــ :1250 ... غــ :1299] .

     قَوْلُهُ  حَدثنَا عبد الْوَهَّاب هُوَ بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ وَيحيى هُوَ بن سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَالْفَاعِل قَوْله قتل بن حَارِثَةَ وَهُوَ زَيْدٌ وَأَبُوهُ بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ وَجَعْفَرٌ هُوَ بن أبي طَالب وبن رَوَاحَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَكَانَ قَتْلُهُمْ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي رَابِعِ بَابٍ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ وَوَقَعَ تَسْمِيَةُ الثَّلَاثَةِ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ يَحْيَى بن سعيد وَسَاقَ مُسْلِمٌ إِسْنَادَهُ دُونَ الْمَتْنِ .

     قَوْلُهُ  جَلَسَ زَادَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ كَثِيرٍ عَنْ يَحْيَى فِي الْمَسْجِدِ .

     قَوْلُهُ  يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ قَالَ الطِّيبِيُّ كَأَنَّهُ كَظَمَ الْحُزْنَ كَظْمًا فَظَهَرَ مِنْهُ مَا لَا بُدَّ لِلْجِبِلَّةِ الْبَشَرِيَّةِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  صَائِرِ الْبَابِ بِالْمُهْمَلَةِ وَالتَّحْتَانِيَّةِ وَقَعَ تَفْسِيرُهُ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ شَقِّ الْبَابِ وَهُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُنْظَرُ مِنْهُ وَلَمْ يَرِدْ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ أَيِ النَّاحِيَة إِذْ لَيست مُرَاده هُنَا قَالَه بن التِّينِ وَهَذَا التَّفْسِيرُ الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ عَائِشَةَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ بَعْدَهَا قَالَ الْمَازِرِيُّ كَذَا وَقَعَ فِي الصَّحِيحَيْنِ هُنَا صَائِرِ وَالصَّوَابُ صِيرِ أَيْ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ وَهُوَ الشَّقُّ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَنْ نَظَرَ مِنْ صِيرِ الْبَابِ فَفُقِئَتْ عَيْنُهُ فَهِيَ هَدَرٌ الصِّيرُ الشَّقُّ وَلَمْ نَسْمَعْهُ إِلَّا فِي هَذَا الحَدِيث.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ صَائِرٌ وَصِيرٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَفِي كَلَامِ الْخَطَّابِيِّ نَحْوَهُ .

     قَوْلُهُ  فَأَتَاهُ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ وَكَأَنَّهُ أُبْهِمَ عَمْدًا لِمَا وَقَعَ فِي حَقِّهِ مِنْ غَضِّ عَائِشَةَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ أَيِ امْرَأَتُهُ وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةُ وَمَنْ حَضَرَ عِنْدَهَا مِنْ أَقَارِبِهَا وَأَقَارِبِ جَعْفَرٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُنَّ وَلَمْ يَذْكُرْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لِجَعْفَرٍ امْرَأَةً غَيْرَ أَسْمَاءَ .

     قَوْلُهُ  وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ قَالَ الطِّيبِيُّ هُوَ حَالٌ عَنِ الْمُسْتَتِرِ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ وَحَذْفُ خَبَرِ إِنَّ مِنَ الْقَوْلِ الْمَحْكِيِّ لِدَلَالَةِ الْحَالِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى قَالَ الرَّجُلُ إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ فَعَلْنَ كَذَا مِمَّا لَا يَنْبَغِي مِنَ الْبُكَاءِ الْمُشْتَمِلِ مَثَلًا عَلَى النَّوْحِ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى قَدْ كَثُرَ بُكَاؤُهُنَّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَصْحِيفًا فَلَا حذف وَلَا تَقْدِير وَيُؤَيِّدهُ مَا عِنْد بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ يَحْيَى بِلَفْظِ قَدْ أَكْثَرْنَ بُكَاءَهُنَّ .

     قَوْلُهُ  فَذَهَبَ أَيْ فَنَهَاهُنَّ فَلَمْ يُطِعْنَهُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ أَيْ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ فَقَالَ إِنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَوَانَةَ الْمَذْكُورَةِ فَذَكَرَ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَهُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لَقَدْ غلبننا قَوْله فَزَعَمَتْ أَيْ عَائِشَةُ وَهُوَ مَقُولُ عَمْرَةَ وَالزَّعْمُ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْقَوْلِ الْمُحَقَّقِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ .

     قَوْلُهُ  فَاحْثُ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبِكَسْرِهَا يُقَالُ حَثَا يَحْثُو وَيَحْثِي .

     قَوْلُهُ  التُّرَابَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ مِنَ التُّرَابِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ رَفَعْنَ أَصْوَاتَهُنَّ بِالْبُكَاءِ فَلَمَّا لَمْ يَنْتَهِينَ أَمَرَهُ أَنْ يَسُدَّ أَفْوَاهَهُنَّ بِذَلِكَ وَخَصَّ الْأَفْوَاهَ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَحَلُّ النَّوْحِ بِخِلَافِ الْأَعْيُنِ مَثَلًا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةً عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي الزَّجْرِ أَوِ الْمَعْنَى أَعْلِمْهُنَّ أَنَّهُنَّ خَائِبَاتٌ مِنَ الْأَجْرِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الصَّبْرِ لِمَا أَظْهَرْنَ مِنَ الْجَزَعِ كَمَا يُقَالُ لِلْخَائِبِ لَمْ يُحَصِّلْ فِي يَدِهِ إِلَّا التُّرَابَ لَكِنْ يُبْعِدُ هَذَا الِاحْتِمَالُ قَوْلَ عَائِشَةَ الْآتِي وَقِيلَ لَمْ يُرَدْ بِالْأَمْرِ حَقِيقَتُهُ قَالَ عِيَاضٌ هُوَ بِمَعْنَى التَّعْجِيزِ أَيْ أَنَّهُنَّ لَا يَسْكُتْنَ إِلَّا بِسَدِّ أَفْوَاهِهِنَّ وَلَا يَسُدُّهَا إِلَّا أَنْ تُمْلَأَ بِالتُّرَابِ فَإِنْ أَمْكَنَكَ فَافْعَلْ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُنَّ لَمْ يُطِعْنَ النَّاهِيَ لِكَوْنِهِ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُنَّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُنَّ فَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ مُرْشِدٌ لِلْمَصْلَحَةِ مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ أَوْ عَلِمْنَ ذَلِكَ لَكِنْ غَلَبَ عَلَيْهِنَّ شِدَّةُ الْحُزْنِ لِحَرَارَةِ الْمُصِيبَةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ كَانَ فِي بُكَائِهِنَّ زِيَادَةٌ عَلَى الْقَدْرِ الْمُبَاحِ فَيَكُونُ النَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ كَرَّرَهُ وَبَالَغَ فِيهِ وَأَمَرَ بِعُقُوبَتِهِنَّ إِنْ لَمْ يَسْكُتْنَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ بُكَاءً مُجَرَّدًا وَالنَّهْيُ لِلتَّنْزِيهِ وَلَوْ كَانَ لِلتَّحْرِيمِ لَأَرْسَلَ غَيْرَ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ لِمَنْعِهِنَّ لِأَنَّهُ لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ وَيَبْعُدُ تَمَادِي الصَّحَابِيَّاتِ بَعْدَ تَكْرَارِ النَّهْيِ عَلَى فِعْلِ الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ وَفَائِدَةُ نَهْيِهِنَّ عَنِ الْأَمْرِ الْمُبَاحِ خَشْيَةَ أَنْ يَسْتَرْسِلْنَ فِيهِ فَيُفْضِي بِهِنَّ إِلَى الْأَمْرِ الْمُحَرَّمِ لِضَعْفِ صَبْرِهِنَّ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ جَوَازُ النَّهْيِ عَنِ الْمُبَاحِ عِنْدَ خَشْيَةِ إِفْضَائِهِ إِلَى مَا يَحْرُمُ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ هُوَ مَقُولُ عَائِشَةَ .

     قَوْلُهُ  أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ بِالرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ أَيِ أِلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمُعْجَمَةِ وَهُوَ التُّرَابُ إِهَانَةً وَإِذْلَالًا وَدَعَتْ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ مَا أَمَرَ أَنْ يَفْعَلَهُ بِالنِّسْوَةِ لِفَهْمِهَا مِنْ قَرَائِنِ الْحَالِ أَنَّهُ أَحْرَجَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَمْ تَفْعَلْ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ أَيْ لَمْ تُبَلِّغِ النَّهْيَ وَنَفَتْهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ نَهَى وَلَمْ يُطِعْنَهُ لِأَنَّ نَهْيَهُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ الِامْتِثَالُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ لَمْ تَفْعَلْ أَيِ الْحَثْوَ بِالتُّرَابِ.

.

قُلْتُ لَفْظَةُ لَمْ يُعَبَّرُ بِهَا عَنِ الْمَاضِي وَقَوْلُهَا ذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَجَّهَ فَمِنْ أَيْنَ عَلِمَتْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا قَامَتْ عِنْدَهَا قَرِينَةٌ بِأَنَّهُ لَا يَفْعَلُ فَعَبَّرَتْ عَنْهُ بِلَفْظِ الْمَاضِي مُبَالَغَةً فِي نَفْيِ ذَلِكَ عَنْهُ وَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ الرَّجُلَ الْمَذْكُورَ كَانَ من ألزام النِّسْوَةِ الْمَذْكُورَاتِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ ذَلِكَ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْعَنَاءِ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالْمَدِّ أَيِ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنَ الْعِيِّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْعُذْرِيِّ الْغَيِّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ بِلَفْظٍ ضِدَّ الرُّشْدِ قَالَ عِيَاضٌ وَلَا وَجْهَ لَهُ هُنَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَلْيَقُ لِمُوَافَقَتِهِ لِمَعْنَى الْعَنَاءِ الَّتِي هِيَ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِ قَالَ النَّوَوِيُّ مُرَادُهَا أَنَّ الرَّجُلَ قَاصِرٌ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ الْإِنْكَارِ وَالتَّأْدِيبِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُفْصِحْ بِعَجْزِهِ عَنْ ذَلِكَ لِيُرْسِلَ غَيْرَهُ فَيَسْتَرِيحَ مِنَ التَّعَبِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنَ الْفَوَائِدِ أَيْضًا جَوَازُ الْجُلُوسِ لِلْعَزَاءِ بِسَكِينَةٍ وَوَقَارٍ وَجَوَازُ نَظَرِ النِّسَاءِ الْمُحْتَجِبَاتِ إِلَى الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ وَتَأْدِيبِ مَنْ نُهِيَ عَمَّا لَا يَنْبَغِي لَهُ فِعْلُهُ إِذَا لَمْ يَنْتَهِ وَجَوَازُ الْيَمِينِ لِتَأْكِيدِ الْخَبَرِ تَنْبِيهٌ هَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ عَنْ عَمْرَةَ إِلَّا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا الْقَاسِم بن مُحَمَّد أخرجه بن إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَفِيهِ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي أَوَّلِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَدْ نَهَانَا خير النَّاس عَن التَّكَلُّف قَوْله حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْفَلَّاسُ وَالْكَلَامُ عَلَى الْمَتْنِ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ أَبْوَابِ الْوِتْرِ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ جَلَسَ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ
( باب من جلس عند المصيبة يعرف فيه الحزن) بضم التحتية وفتح الراء، من يعرف مبنيّا للمفعول ومن موصولة.


[ قــ :1250 ... غــ : 1299 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى قَالَ: أَخْبَرَتْنِي عَمْرَةُ قَالَتْ: سَمِعْتُ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: "لَمَّا جَاءَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَتْلُ ابْنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الْحُزْنُ وَأَنَا أَنْظُرُ مِنْ صَائِرِ الْبَابِ شَقِّ الْبَابِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ -وَذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ- فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَذَهَبَ ثُمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ، فَقَالَ: انْهضْ فانْهَهُنَّ.
فَأَتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ: وَاللَّهِ غَلَبْنَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.
فَزَعَمَتْ أَنَّهُ قَالَ: فَاحْثُ فِي أَفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ.
فَقُلْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، لَمْ تَفْعَلْ مَا أَمَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلَمْ تَتْرُكْ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ الْعَنَاءِ".
[الحديث 1299 - طرفاه في: 1305، 4263] .

وبالسند قال: ( حدّثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري الزمن، قال: ( حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد الثقفي ( قال سمعت يحيى) بن سعيد الأنصاري ( قال: أخبرتني) بالإفراد ( عمرة) بفتح العين وسكون الميم بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية ( قالت: سمعت عائشة رضي الله عنها قالت) :
( لما جاء النبي) بالنصب على المفعولية ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قتل ابن حارثة) برفع لام قتل على الفاعلية، وهو زيد.
وأبوه بالمهملة والمثلثة.
وضبب في اليونينية على: ابن من: ابن حارثة، فلينظر ( و) قتل ( جعفر) هو: ابن أبي طالب ( و) قتل ( ابن رواحة) عبد الله في غزوة مؤتة، وجواب: لما قوله: ( جلس) عليه الصلاة والسلام، أي: في المسجد، كما في رواية أبي داود ( يعرف فيه الحزن) .

قال في شرح المشكاة: حال، أي: جلس حزينًا، وعدل إلى قوله: يعرف، ليدل على أنه، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، كظم الحزن كظمًا.
وكان ذلك القدر الذي ظهر فيه من جبلة البشرية.
وهذا موضع

الترجمة، وهو يدل على الإباحة، لأن إظهاره يدل عليها.
نعم، إذا كان معه شيء من اللسان، أو اليد، حرم.

قالت عائشة رضي الله عنها: ( وأنا أنظر) جملة حالية ( من صائر الباب) بالصاد المهملة المفتوحة والهمزة بعد الألف، كـ: لابن وتامر، كذا في الرواية.
قال المازري: والصواب صير الباب، بكسر الصاد وسكون التحتية، وهو المحفوظ، كما في المجمل والصحاح والقاموس، وفسرته عائشة، أو من بعدها، بقوله ( شق الباب) بفتح الشين المعجمة والخفض، على البدلية أي: الموضع الذي ينظر منه.
وفي تجويز الكرماني كسر الشين نظر، لأنه يصير معناه الناحية، وليست بمرادة هنا، كما نبه عليه ابن التين ( فأتاه) عليه الصلاة والسلام ( رجل) لم يقف الحافظ على اسمه ( فقال: إن نساء جعفر) امرأته، أسماء بنت عميس الخثعمية، ومن حضر عندها من النساء، من أقارب جعفر وأقاربها، ومن في معناهن، وليس لجعفر امرأة غير أسماء كما ذكره العلماء بالأخبار - ( وذكر بكاءهن) - حال من المستتر في: فقال، وحذف خبر إن من القول المحكي لدلالة الحال عليه، أي: يبكين عليه برفع
الصوت والنياحة، أو: ينحن.
ولو كان مجرّد بكاء لم ينه عنه لأنه رحمة ( فأمره) عليه الصلاة والسلام ( أن ينهاهنّ) عن فعلهن ( فذهب) فنهاهن فلم يطعنه لكونه لم يسند النهي للرسول، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ( ثم أتاه) أي: أتى الرجل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المرة ( الثانية) فقال: إنهن ( لم يطعنه) حكاية قول الرجل أي: نهيتهن فلم يطعنني ( فقال) عليه الصلاة والسلام:
( انهض فانههن) ، وفي نسخة، وهي التي في اليونينية ليس إلا: انههن، بدل انهض، فذهب فنهاهن، فلم يطعنه، لحملهن ذلك على أنه من قبل نفس الرجل ( فأتاه) أي: أتى الرجل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- المرة ( الثالثة قال: والله غلبننا يا رسول الله) بلفظ جمع المؤنثة الغائبة، وللكشميهني كما في الفرع وأصله: والله لقد، بزيادة لقد.
وقال ابن حجر، وللكشميهني: غلبتنا بلفظ المفردة المؤنثة الغائبة.

قالت عمرة ( فزعمت) عائشة ( أنه) عليه الصلاة والسلام ( قال) للرجل، لما لم ينتهين:
( فاحث) بضم المثلثة، أمر من: حثا يحثو، وبكسرها أيضًا من: حثى يحثي ( في أفواههن التراب) ليسد محل النوح، فلا يتمكن منه.
أو المراد به المبالغة في الزجر، قالت عائشة ( فقلت) للرجل ( أرغم الله أنفك) بالراء والغين المعجمة، أي: ألصقه بالرغام، وهو التراب، إهانة وذلاً.
ودعت عليه من جنس ما أمر أن يفعله بالنسوة، لفهمها من قرائن الحال أنه أحرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بكثرة تردده إليه في ذلك ( لم تفعل ما أمرك) به ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي: من نهيهن، وإن كان نهاهن لأنه لم يترتب على فعله الامتثال، فكأنه لم يفعله، أو لم يفعل الحثو بالتراب ( ولم تترك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من العناء) بفتح العين المهملة والنون والمد أي: المشقّة والتعب.

قال النووي: معناه أنك قاصر عما أمرت به، ولم تخبره عليه الصلاة والسلام بأنك قاصر حتى يرسل غيرك، ويستريح من العناء.
وقول ابن حجر لفظة لم يعبر بها عن الماضي وقولها له ذلك، وقع
قبل أن يتوجه، فمن أين علمت أنه لم يفعل، فالظاهر أنها قامت عندها قرينة بأنه لم يفعل، فعبرت عنه بلفظ الماضي مبالغة في نفي ذلك عنه، وفي الرواية الآتية، بعد أربعة أبواب: فوالله ما أنت بفاعل، وكذا لمسلم وغيره، فظهر أنه من تصرف الرواة.
تعقبه العيني، فقال: لا يقال لفظة: لم، يعبر بها عن الماضي، وإنما يقال: لم، حرف جزم لنفي المضارع وقلبه ماضيًا.
وهذا هو الذي قاله أهل العربية وقوله: فعبرت عنه بلفظ الماضي، ليس كذلك، لأنه غير ماض، بل هو مضارع.
ولكن صار معناه معنى الماضي يدخول لم عليه.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الجنائز، والمغازي، ومسلم في: الجنائز، وكذا أبو داود، والنسائي.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ جَلَسَ عِنْدَ المُصِيبَةِ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَال من جلس.
كلمة: من، مَوْصُولَة، أَي: الَّذِي جلس عِنْد حُلُول الْمُصِيبَة.
قَوْله: ( يعرف) ، على صِيغَة الْمَجْهُول أسْند إِلَى قَوْله: ( الْحزن) ، وَالْجُمْلَة فِي مَحل النصب على الْحَال من الضَّمِير الَّذِي فِي: ( جلس) ، وَالضَّمِير الَّذِي فِي: ( فِيهِ) يرجع إِلَى قَوْله: ( من) وَلم يُصَرح البُخَارِيّ بِحكم هَذِه الْمَسْأَلَة، وَلَكِن يفهم من فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَن إِظْهَار الْحزن يدل على إِبَاحَته وَلَا يمْنَع من ذَلِك إلاَّ إِذا كَانَ مَعَه شَيْء من اللِّسَان أَو الْيَد.



[ قــ :1250 ... غــ :1299 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى قَالَ حدَّثنا عَبْدُ الوَهَّابِ، قَالَ سَمِعْتُ يَحْيَى.
قَالَ أخبرَتْنِي عَمْرَةُ قالَتْ سَمِعْتُ عائِشَةَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا قالَتْ لَمَّا جاءَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَتْلُ ابنِ حَارِثَةَ وَجَعْفَرٍ وَابْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ يُعْرَفُ فِيهِ الحُزْنُ وَأنَا أنْظُرُ مِنْ صائِرِ البابُُِ شَقِّ البابُُِ فأتَاهُ رَجُلٌ فقالَ إنَّ نِسَاءَ جَعْفَرٍ وذَكَرَ بُكَاءَهُنَّ فأمَرَهُ أنْ يَنْهَاهُنَّ فَذَهَبَ ثُمَّ أتَاهُ الثَّانِيَةَ لَمْ يُطِعْنَهُ فَقَالَ انْهَهُنَّ فأتَاهُ الثَّالِثَةَ قَالَ وَالله غَلَبْنَنَا يَا رسولَ الله فَزَعمَتْ أنَّهُ قَالَ فاحْثُ فِي أفْوَاهِهِنَّ التُّرَابَ فَقُلْتُ أرْغَمَ الله أنْفَكَ لَمْ تَفْعَلْ مَا أمَرَكَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ولَمْ تَترُكْ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مِنَ العَنَاءِ.

مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( جلس يعرف فِيهِ الْحزن) ، والترجمة قِطْعَة من الحَدِيث، غير أَنه زَاد فِيهِ: ( عِنْد الْمُصِيبَة) .

وَرِجَاله قد ذكرُوا غير مرّة، وَعبد الْوَهَّاب بن عبد الْمجِيد الثَّقَفِيّ، وَيحيى هُوَ ابْن سعيد الْأنْصَارِيّ.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن حَوْشَب وَفِي الْمَغَازِي عَن قُتَيْبَة.
وَأخرجه مُسلم فِي الْجَنَائِز عَن مُحَمَّد بن الْمثنى وَعَن ابْن أبي عَمْرو وَعَن أبي بكر بن أبي شيبَة، وَعَن أبي الطَّاهِر عَن ابْن وهب وَعَن أَحْمد ابْن إِبْرَاهِيم الدَّوْرَقِي، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن مُحَمَّد بن كثير.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن يُونُس بن عبد الْأَعْلَى عَن ابْن وهب.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( لما جَاءَ النَّبِي) انتصاب: النَّبِي، بِأَنَّهُ مفعول.
وَقَوله: ( قتل ابْن حَارِثَة) بِالرَّفْع فَاعله، وَابْن حَارِثَة: هُوَ زيد بن حَارِثَة بن شرَاحِيل بن كَعْب بن عبد الْعزي بن امرىء الْقَيْس الْكَلْبِيّ الْقُضَاعِي، مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَذَلِكَ أَن أمه ذهبت تزور أَهلهَا فَأَغَارَ عَلَيْهِم خيل من بني الْقَيْس، فَاشْتَرَاهُ حَكِيم بن حزَام لِعَمَّتِهِ خَدِيجَة بنت خويلد فَوَهَبته من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، ثمَّ وُجد أَبوهُ فَاخْتَارَ الْمقَام عِنْد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَأعْتقهُ وتبناه فَكَانَ يُقَال: زيد بن مُحَمَّد، وَكَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُحِبهُ حبا شَدِيدا..
     وَقَالَ  السُّهيْلي: باعوا زيدا بسوق حُبَاشَة، وَهُوَ من أسواق الْعَرَب، وَزيد يَوْمئِذٍ ابْن ثَمَانِيَة أَعْوَام وَأعْتقهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وزوجه مولاته أم أَيمن وَاسْمهَا بركَة، فَولدت لَهُ أُسَامَة بن زيد، وَعَن عَائِشَة كَانَت تَقول: مَا بعث رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم زيد بن حَارِثَة فِي سَرِيَّة إلاَّ أمره عَلَيْهِم، وَلَو بَقِي بعده لاستخلفه.
رَوَاهُ أَحْمد وَالنَّسَائِيّ، وَابْن أبي شيبَة: جيد قوي على شَرط الصَّحِيح وَهُوَ غَرِيب جدا.
قَوْله: ( وجعفر) ، هُوَ ابْن أبي طَالب عَم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَكَانَ أكبر من أَخِيه عَليّ بِعشر سِنِين، أسلم جَعْفَر قَدِيما وَهَاجَر إِلَى الْحَبَشَة وَقد أخبر عَنهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِأَنَّهُ شَهِيد، فَهُوَ مِمَّن يقطع لَهُ بِالْجنَّةِ.
قَوْله: ( وَابْن رَوَاحَة) ، هُوَ عبد الله بن رَوَاحَة بن ثَعْلَبَة بن امريء الْقَيْس بن عمر، وَأَبُو مُحَمَّد، وَيُقَال أَبُو رَوَاحَة، أسلم قَدِيما وَشهد الْعقبَة وبدرا وأحدا وَالْخَنْدَق وَالْحُدَيْبِيَة وخيبر، وَقد شهد لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِالشَّهَادَةِ فَهُوَ مِمَّن يقطع لَهُ بِالْجنَّةِ، وقصة قَتلهمْ: أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، أرسلهم فِي نَحْو من ثَلَاثَة آلَاف إِلَى أَرض البلقاء من أَطْرَاف الشَّام فِي جماد الأولى من سنة ثَمَان، وَاسْتعْمل عَلَيْهِم زيدا.

     وَقَالَ : إِن أُصِيب زيد فجعفر على النَّاس، فَإِن أُصِيب جَعْفَر فعبد الله بن رَوَاحَة على النَّاس، فَخَرجُوا وَخرج رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، يشيعهم فَمَضَوْا حَتَّى نزلُوا معَان من أَرض البلقاء، فَبَلغهُمْ أَن هِرقل قد نزل مآب من أَرض البلقاء فِي مائَة ألف من الرّوم، وانضم إِلَيْهِم من لخم وجذام والقين وبهراء ويلي مائَة ألف، وانحاز الْمُسلمُونَ إِلَى قَرْيَة يُقَال لَهَا: مُؤْتَة، بِضَم الْمِيم وبالهمز، وَقيل: بِلَا همز، ثمَّ تلاقوا فَاقْتَتلُوا، فقاتل زيد براية رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى قتل، فَأَخذهَا جَعْفَر فقاتل حَتَّى قتل، وَأَخذهَا عبد الله بن رَوَاحَة.
قَالَ أنس، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: إِن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نعي الثَّلَاثَة وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ، ثمَّ قَالَ: أَخذ الرَّايَة سيف من سيوف الله تَعَالَى حَتَّى فتح الله عَلَيْهِم، وَهُوَ خَالِد بن الْوَلِيد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَعَن خَالِد: لقد انْقَطَعت فِي يَدي يَوْم مُؤْتَة تِسْعَة أسياق فَمَا بَقِي فِي يَدي إلاَّ صفيحة يَمَانِية، وَسَيَجِيءُ ذَلِك كُله فِي الْكتاب، وَجَمِيع من قتل من الْمُسلمين يَوْمئِذٍ اثْنَي عشر رجلا، وَهَذَا أَمر عَظِيم جدا أَن يُقَاتل جيشان متعاديان فِي الدّين أَحدهمَا الفئة الَّتِي تقَاتل فِي سَبِيل الله تَعَالَى عدتهَا ثَلَاثَة آلَاف، وَأُخْرَى كَافِرَة عدتهَا مِائَتَا ألف مائَة ألف من الرّوم وَمِائَة ألف من نَصَارَى الْعَرَب.
قَوْله: ( جلس) جَوَاب: لما، وَزَاد أَبُو دَاوُد فِي رِوَايَته: ( جلس فِي الْمَسْجِد) .
قَوْله: ( يعرف فِيهِ الْحزن) جملَة حَالية.
قَالَ الطَّيِّبِيّ: كَأَنَّهُ كظم الْحزن كظما فَظهر مِنْهُ مَا لَا بُد لجبلة البشرية مِنْهُ.
قَوْله: ( وَأَنا أنظر) ، جملَة حَالية أَيْضا، وقائلها عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
قَوْله: ( من صائر الْبابُُ) ، بالصَّاد الْمُهْملَة والهمزة بعد الْألف وَفِي آخِره رَاء، وَقد فسره فِي الحَدِيث بقوله: ( شقّ الْبابُُ) ، وَهُوَ بِفَتْح الشين الْمُعْجَمَة أَي: الْموضع الَّذِي ينظر مِنْهُ، وَلم يرد بِكَسْر الشين أَي: النَّاحِيَة لِأَنَّهَا لَيست بمرادة هُنَا، قَالَه ابْن التِّين..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: بِفَتْح الشين وَكسرهَا..
     وَقَالَ  الْمَازِني: كَذَا وَقع فِي ( الصَّحِيحَيْنِ) هُنَا: صائر الْبابُُ، وَالصَّوَاب: صيراي، بِكَسْر الصَّاد وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف، وَهُوَ الشق..
     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ والخطابي: صائر وصير بِمَعْنى وَاحِد.
فَإِن قلت: هَذَا التَّفْسِير مِمَّن؟ قلت: يحْتَمل أَن يكون من عَائِشَة، وَيحْتَمل أَن يكون مِمَّن بعْدهَا، وَلَكِن الظَّاهِر هُوَ الأول.
قَوْله: ( فَأَتَاهُ رجل) أَي: أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رجل، وَلم يُوقف على اسْمه، وَيحْتَمل أَن عَائِشَة لم تصرح باسمه لانحرافها عَلَيْهِ.
قَوْله: ( إِن نسَاء جَعْفَر) أَي: امْرَأَته أَسمَاء بنت عُمَيْس الخثعمية وَمن حضر عِنْدهَا من أقاربها وأقارب جَعْفَر، وَخبر: إِن، مَحْذُوف تَقْدِيره: إِن نسَاء جَعْفَر يبْكين،.

     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: وَقد حذفت رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا خبر: إِن، من القَوْل المحكي عَن جَعْفَر بِدلَالَة الْحَال، يَعْنِي قَالَ ذَلِك الرجل: إِن نسَاء جَعْفَر فعلن كَذَا وَكَذَا، مِمَّا حظره الشَّرْع من الْبكاء الشنيع والنياحة الفظيعة إِلَى غير ذَلِك.
قَوْله: ( وَذكر بكاءهن) ، حَال من الْمُسْتَتر فِي: قَالَ.
قَوْله: ( لم يطعنه) حِكَايَة لِمَعْنى قَول الرجل أَي: فَذهب ونهاهن ثمَّ أَتَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: نَهَيْتُهُنَّ فَلم يطعنني، يدل عَلَيْهِ قَوْله فِي الْمرة الثَّالِثَة: ( وَالله غلبننا) ، قَوْله: ( ثمَّ أَتَاهُ الثَّانِيَة لم يطعنه) أَي: أَتَى النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، الْمرة الثَّانِيَة فَقَالَ: إنَّهُنَّ لم يطعنه.
وَوَقع فِي رِوَايَة أبي عوَانَة: فَذكر أَنَّهُنَّ لم يطعنه.
قَوْله: ( الثَّالِثَة) أَي: الْمرة الثَّالِثَة.
قَوْله: ( وَالله غلبننا) بِلَفْظ جمع الْمُؤَنَّث الغائبة، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: ( غلبتنا) ، بِلَفْظ الْمُفْرد الْمُؤَنَّث الغائبة.
قَوْله: ( فَزَعَمت) أَي: عَائِشَة، وَهُوَ مقول عمْرَة، وَمعنى: زعمت: قَالَت..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ: أَي ظَنَنْت قلت: الزَّعْم يُطلق على القَوْل الْمُحَقق وعَلى الْكَذِب والمشكوك فِيهِ، وَينزل فِي كل مَوضِع على مَا يَلِيق بِهِ قَوْله: ( فأحث) ، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة، أَمر من: حثا يحثو، وبكسرها أَيْضا من حثى يحثي.
قَوْله: ( التُّرَاب) مفعول: ( أحث) ، وَفِي رِوَايَة أُخْرَى تَأتي: ( من التُّرَاب) ، قَالَ الْقُرْطُبِيّ: هَذَا يدل على أَنَّهُنَّ رفعن أصواتهن بالبكاء، فَلَمَّا لم ينتهين أمره أَن يسد أفواههن بِالتُّرَابِ، وَخص الأفواه بذلك لِأَنَّهَا مَحل النوح.
انْتهى..
     وَقَالَ  عِيَاض: هُوَ بِمَعْنى التَّعْجِيز، أَي: أَنَّهُنَّ لَا يسكتن إلاَّ بسد أفواههن، وَلَا تسدها إلاَّ بِأَن تملأ بِالتُّرَابِ..
     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَنَّهُنَّ لم يطعن الناهي لكَونه لم يُصَرح لَهُنَّ بِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نهاهن، فحملن ذَلِك على أَنه مرشد إِلَى الْمصلحَة من قبل نَفسه، أَو علِمْنَ لَكِن غلب عَلَيْهِنَّ شدَّة الْحزن لحرارة الْمُصِيبَة.
قلت: هَذَا الَّذِي قَالَه حسن، وَهُوَ اللَّائِق فِي حق الصحابيات، لِأَنَّهُ يبعد أَن يتمادين بعد تكْرَار نهيهن على محرم، وَيُقَال إِن كَانَ بكاؤهن مُجَردا يكون النَّهْي عَنهُ للتنزيه خشيَة أَن يسترسلن فِيهِ فيفضي بِهن إِلَى الْأَمر الْمحرم لضعف صبرهن، وَلَا يكون النَّهْي للتَّحْرِيم، فَلِذَا أصررن عَلَيْهِ متأولات.
وَقيل: كَانَ بكاؤهن بنياح وَلذَا تَأَكد النَّهْي، وَلَو كَانَ مُجَرّد دمع الْعين لم ينْه عَنهُ لِأَنَّهُ رَحْمَة وَلَيْسَ بِحرَام.
قلت: إِن كَانَ الْأَمر كَمَا ذكر يحمل حالهن على أَن الرجل لم يسند النَّهْي إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَلهَذَا لم يطعنه.
قَوْله: ( فَقلت) ، مقول عَائِشَة.
قَوْله: ( أرْغم الله أَنْفك) بالراء والغين الْمُعْجَمَة أَي: ألصق الله أَنْفك بالرغام، بِفَتْح الرَّاء، وَهُوَ التُّرَاب.
دعت عَلَيْهِ حَيْثُ لم يفعل مَا أمره رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِهِ، وَهُوَ أَن ينهاهن وَحَيْثُ لم يتْركهُ على مَا كَانَ عَلَيْهِ من الْحزن بإخبارك ببكائهن وإصررهن عَلَيْهِ وتكرارك ذَلِك.
قَالَ الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: هُوَ فعل مَا أمره بِهِ ولكنهن لم يطعنه؟ قلت: حَيْثُ لم يَتَرَتَّب على فعله الِامْتِثَال، فَكَأَنَّهُ لم يَفْعَله، أَو هُوَ لم يفعل الحثو..
     وَقَالَ  بَعضهم: لَفْظَة: لم يعبر بهَا عَن الْمَاضِي، وَقَوْلها ذَلِك وَقع قبل أَن يتَوَجَّه، فَمن أَيْن علمت أَنه لم يفعل؟ فَالظَّاهِر أَنَّهَا قَامَت عِنْدهَا قرينَة بِأَنَّهُ لَا يفعل، فعبرت عَنهُ بِلَفْظ الْمَاضِي مُبَالغَة فِي نفي ذَلِك عَنهُ.
انْتهى.
قلت: لَا يُقَال: لَفْظَة: لم، يعبر بهَا عَن الْمَاضِي، وَإِنَّمَا يُقَال: حرف: لم، حرف جزم لنفي الْمُضَارع، وَقَلبه مَاضِيا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَالَه أهل الْعَرَبيَّة.
وَقَوله: فعبرت عَنهُ بِلَفْظ الْمَاضِي، لَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ غير مَاض بل هُوَ مضارع وَلَكِن صَار مَعْنَاهُ معنى الْمَاضِي بِدُخُول: لم، عَلَيْهِ.
قَوْله: ( من العناء) ، بِفَتْح الْعين المهمة بعْدهَا النُّون وبالمد وَهُوَ: الْمَشَقَّة والتعب.
وَفِي رِوَايَة لمُسلم: ( من العي) ، بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف.
قيل: وَقع فِي رِوَايَة العذري من الغي، بِفَتْح الْغَيْن الْمُعْجَمَة: ضد الرشد.
قَالَ القَاضِي عِيَاض: وَلَا وَجه لَهُ هُنَا، ورد عَلَيْهِ بِأَن لَهُ وَجها، وَلَكِن الأول أليق لموافقته لرِوَايَة العناء الَّتِي هِيَ رِوَايَة الْأَكْثَرين {.

     وَقَالَ  النَّوَوِيّ: مَعْنَاهُ أَنَّك قَاصِر لَا تقوم بِمَا أمرت بِهِ، من الْإِنْكَار لنقصك وتقصيرك وَلَا تخبر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقصورك عَن ذَلِك حَتَّى يُرْسل غَيْرك فيستريح من العناء.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز الْجُلُوس للعزاء بسكينة ووقار.
وَفِيه: الْحَث على الصَّبْر،.

     وَقَالَ  الطَّبَرِيّ: إِن قَالَ الْقَائِل: إِن أَحْوَال النَّاس فِي الصَّبْر مُتَفَاوِتَة فَمنهمْ من يظْهر حزنه على الْمُصِيبَة فِي وَجهه بالتغيير لَهُ، وَفِي عَيْنَيْهِ بانحدار الدُّمُوع وَلَا ينْطق بِشَيْء من القَوْل، وَمِنْهُم من يجمع ذَلِك كُله، وَيزِيد عَلَيْهِ إِظْهَاره فِي مطعمه وملبسه، وَمِنْهُم من يكون حَاله فِي الْمُصِيبَة وَقبلهَا سَوَاء فَأَيهمْ الْمُسْتَحق لاسم الصَّبْر، قد اخْتلف النَّاس فِي ذَلِك فَقَالَ بَعضهم: الْمُسْتَحق لاسم الصَّبْر هُوَ الَّذِي يكون فِي حَاله مثلهَا قبلهَا، وَلَا يظْهر عَلَيْهِ حزن فِي جارحة وَلَا لِسَان، كَمَا زعمت الصُّوفِيَّة، أَن الْوَلِيّ لَا تتمّ لَهُ الْولَايَة إلاَّ إِذا تمّ لَهُ الرضى بِالْقدرِ، وَلَا يحزن على شَيْء، وَالنَّاس فِي هَذَا الْحَال مُخْتَلفُونَ، فَمنهمْ من فِي قلبه الْجلد وَقلة المبالاة بالمصائب، وَمِنْهُم من هُوَ بِخِلَاف ذَلِك، فَالَّذِي يكون طبعه الْجزع وَيملك نَفسه ويستشعر الصَّبْر أعظم أجرا من الَّذِي يتجلد طباعه.
قَالَ الطَّبَرِيّ: كَمَا رُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه نعى أَخُوهُ عتبَة.
قَالَ: لقد كَانَ من أعز النَّاس عَليّ وَمَا يسرني أَنه بَين أظْهركُم الْيَوْم حَيا.
قَالُوا: وَكَيف هُوَ من أعز النَّاس عَلَيْك؟ قَالَ: إِنِّي لأوجر فِيهِ أحب إِلَيّ من أَن يُؤجر فِي..
     وَقَالَ  ثَابت: إِن الصَّلْت بن أَشْيَم مَاتَ أَخُوهُ، فجَاء رجل وَهُوَ يطعم، فَقَالَ: يَا أَبَا الصَّهْبَاء إِن أَخَاك مَاتَ}
قَالَ: هَلُمَّ فَكل قد نعي إِلَيْنَا، فَكل.
قَالَ: وَالله مَا سبقني إِلَيْك أحد مِمَّن نعاه، قَالَ: يَقُول الله عز وَجل: { إِنَّك ميت وَإِنَّهُم ميتون} ( الزمر: 03) ..
     وَقَالَ  الشّعبِيّ: كَانَ شُرَيْح، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، يدْفن جنائزه لَيْلًا، فيغتنم ذَلِك فيأتيه الرجل حِين يصبح فيسأله عَن الْمَرِيض، فَيَقُول: هَذَا لله الشُّكْر وَأَرْجُو أَن يكون مستريحا.
وَكَانَ ابْن سِيرِين يكون عِنْد الْمُصِيبَة كَمَا هُوَ قبلهَا يتحدث ويضحك إلاَّ يَوْم مَاتَت حَفْصَة فَإِنَّهُ جعل يكشر، وإنت تعرف فِي وَجهه، وَسُئِلَ ربيعَة: مَا مُنْتَهى الصَّبْر؟ قَالَ: أَن تكون يَوْم تصيبه الْمُصِيبَة مثله قبل أَن تصيبه وَأما جزع الْقلب وحزن النَّفس ودمع الْعين فَإِن ذَلِك لَا يخرج العَبْد من مَعَاني الصابرين إِذا لم يتجاوزه إِلَى مَا لَا يجوز لَهُ فعل، لِأَن نفوس بني آدم مجبولة على الْجزع من المصائب، وَقد مدح الله تَعَالَى الصابرين وَوَعدهمْ جزيل الثَّوَاب عَلَيْهِ، وتغيير الأجساد عَن هيآتها ونقلها عَن طبعها الَّذِي جبلت عَلَيْهِ، لَا يقدر عَلَيْهِ إِلَّا الَّذِي أَنْشَأَهَا.
وروى المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا، قَالَ: ( قَالَ الله تَعَالَى: إِذا ابْتليت عَبدِي الْمُؤمن فَلم يشكني إِلَى عواده أنشطه من عقاله وبدلته لَحْمًا خيرا من لَحْمه ودما خيرا من دَمه، ويستأنف الْعَمَل) .
وَفِيه: دَلِيل على أَن الْمنْهِي عَن الْمُنكر إِن لم ينْتَه عُوقِبَ وأدب إِن أمكن.
وَفِيه: جَوَاز نظر النِّسَاء المحتجبات إِلَى الرِّجَال الْأَجَانِب.
وَفِيه: جَوَاز التميين لتأكيد الْخَبَر.