هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1391 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، قَالَ : حَدَّثَنِي ثُمَامَةُ ، أَنَّ أَنَسًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حَدَّثَهُ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا ، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1391 حدثنا محمد بن عبد الله ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثني ثمامة ، أن أنسا رضي الله عنه حدثه : أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم : ومن بلغت صدقته بنت مخاض وليست عنده ، وعنده بنت لبون فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ، فإن لم يكن عنده بنت مخاض على وجهها ، وعنده ابن لبون فإنه يقبل منه وليس معه شيء
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن أَنَس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ مَخَاضٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ ، وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ وَيُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا ، وَعِنْدَهُ ابْنُ لَبُونٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَيْسَ مَعَهُ شَيْءٌ .

Narrated Anas:

Abu Bakr wrote to me what Allah had instructed His Apostle (p.b.u.h) to do regarding the one who had to pay one Bint Makhad (i.e. one year-old she-camel) as Zakat, and he did not have it but had got Bint Labun (two year old she-camel). (He wrote that) it could be accepted from him as Zakat, and the collector of Zakat would return him 20 Dirhams or two sheep; and if the Zakat payer had not a Bint Makhad, but he had Ibn Labun (a two year old he-camel) then it could be accepted as his Zakat, but he would not be paid anything .

'Anas () [rapporte] qu'Abu Bakr () lui envoya, par écrit, les recommandations faites par Allah à Son Messager (): Celui dont l'aumône [obligatoire] doit être faite avec une chamelle d'une année révolue mais qui n'en a pas et a en outre une chamelle de deux ans révolus, [celuilà peut donner cette dernière] car elle sera acceptée de lui. Toutefois, le collecteur lui donnera vingt Dirham ou deux brebis. Aussi, si on n'a pas de chamelle d'un an révolu et qu'on a en outre un chameau de deux ans révolus, dans ce cas on acceptera ce chameau sans qu'il y ait quoi que ce soit avec lui.

":"ہم سے محمد بن عبداللہ نے بیان کیا ۔ کہا کہ مجھ سے میرے والد عبداللہ بن مثنی نے بیان کیا ۔ کہا کہ مجھ سے ثمامہ بن عبداللہ نے بیان کیا ۔ ان سے انس رضی اللہ عنہ نے کہابوبکر صدیق رضی اللہ عنہ نے انہیں ( اپنے دور خلافت میں فرض زکوٰۃ سے متعلق ہدایت دیتے ہوئے ) اللہ اور رسول کے حکم کے مطابق یہ فرمان لکھا کہ جس کا صدقہ ”بنت مخاض“ تک پہنچ گیا ہو اور اس کے پاس ”بنت مخاض“ نہیں بلکہ ”بنت لبون“ ہے ۔ تو اس سے وہی لے لیا جائے گا اور اس کے بدلہ میں صدقہ وصول کرنے والا بیس درہم یا دو بکریاں زائد دیدے گا اور اگر اس کے پاس ”بنت مخاض“ نہیں ہے بلکہ ”ابن لبون“ ہے تو یہ ”ابن لبون“ ہی لے لیا جائے گا اور اس صورت میں کچھ نہیں دیا جائے گا ‘ وہ مادہ یا نر اونٹ جو تیسرے سال میں لگا ہو ۔

'Anas () [rapporte] qu'Abu Bakr () lui envoya, par écrit, les recommandations faites par Allah à Son Messager (): Celui dont l'aumône [obligatoire] doit être faite avec une chamelle d'une année révolue mais qui n'en a pas et a en outre une chamelle de deux ans révolus, [celuilà peut donner cette dernière] car elle sera acceptée de lui. Toutefois, le collecteur lui donnera vingt Dirham ou deux brebis. Aussi, si on n'a pas de chamelle d'un an révolu et qu'on a en outre un chameau de deux ans révolus, dans ce cas on acceptera ce chameau sans qu'il y ait quoi que ce soit avec lui.

شرح الحديث من عمدة القاري

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    ( بابُُ العَرْضِ فِي الزَّكَاةِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان جَوَاز أَخذ الْعرض فِي الزَّكَاة، وَالْعرض، بِفَتْح الْعين وَسُكُون الرَّاء: خلاف الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم الَّتِي هِيَ قيم الْأَشْيَاء، وبفتح الْعين: مَا كَانَ عارضا لَك من مَال، قل أَو كثر، يُقَال: الدُّنْيَا عرض حَاضر يَأْكُل مِنْهَا الْبر والفاجر، فَكل عرض بِسُكُون عرض بِالْفَتْح بِدُونِ الْعَكْس، وَالْعرض يجمع على عرُوض،.

     وَقَالَ  ابْن قرقول: قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَيْسَ الْغنى عَن كَثْرَة الْعرض) ، بِفَتْح الرَّاء: يَعْنِي كَثْرَة المَال وَالْمَتَاع وَيُسمى عرضا لِأَنَّهُ عَارض يعرض وقتا ثمَّ يَزُول ويفنى.
وَمِنْه قَوْله: ( يَبِيع دينه بِعرْض من الدُّنْيَا) أَي: بمتاع مِنْهَا ذَاهِب فانٍ.
وَالْعرض مَا عدا الْعين، قَالَه أَبُو زيد.
.

     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: مَا كَانَ من مَال غير نقد، قَالَ أَبُو عبيد، مَا عدا الْحَيَوَان وَالْعَقار والمكيل وَالْمَوْزُون.
وَفِي ( الصِّحَاح) : الْعرض الْمَتَاع وكل شَيْء فَهُوَ عرض سوى الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير فَإِنَّهَا عين.
.

     وَقَالَ  أَبُو عبيد: الْعرُوض الْأَمْتِعَة الَّتِي لَا يدخلهَا كيل وَلَا وزن وَلَا يكون حَيَوَانا وَلَا عقارا، وَالْعرض، بِكَسْر الْعين: النَّفس، يُقَال أكرمت عرضي عَنهُ أَي: صنت عَنهُ نَفسِي، وَفُلَان نقي الْعرض أَي: برىء من أَن يشْتم أَو يعاب.
وَقد قيل: عرض الرجل حَسبه، وَالْعرض، بِضَم الْعين: نَاحيَة الشَّيْء من أَي وَجه جِئْته ورأيته فِي عرض النَّاس أَي فِيمَا بَينهم.

وَقَالَ طاوسٌ قَالَ مُعَاذٌ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ لأِهْلِ اليَمَنِ ائْتُونِي بِعَرْضٍ ثِيَابٍ خَمِيصٍ أوْ لَبِيسٍ فِي الصَّدَقَةِ مَكانَ الشَّعِيرِ وَالذُّرَةِ أهْوَنُ عَلَيْكُمْ وخَيْرٌ لأِصْحَابِ النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالمَدِينَةِ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( ائْتُونِي بِعرْض) ، وَهَذَا تَعْلِيق رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة فِي مُصَنفه عَن ابْن عُيَيْنَة عَن إِبْرَاهِيم ن ميسرَة عَن طَاوُوس قَالَ معَاذ: ائْتُونِي بِخمْس، وَحدثنَا وَكِيع عَن سُفْيَان عَن ابراهيم عَن طَاوُوس أَن معَاذًا كَانَ يَأْخُذ الْعرُوض فِي الصَّدَقَة.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( بِعرْض ثِيَاب) بِغَيْر إِضَافَة على أَن قَوْله: ثِيَاب، إِمَّا بدل أَو عطف بَيَان، ويروى بِإِضَافَة الْعرض إِلَى ثِيَاب من قبيل شجر الْأَرَاك، وَالْإِضَافَة بَيَانِيَّة.
قَوْله: ( خميص) ، بالصَّاد، كَذَا ذكره البُخَارِيّ فِيمَا قَالَه عِيَاض وَابْن قرقول،.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ والجوهري: ثوب خَمِيس، بِالسِّين، وَيُقَال لَهُ أَيْضا: خموص، وَهُوَ الثَّوْب الَّذِي طوله خَمْسَة أَذْرع، يَعْنِي: الصَّغِير من الثِّيَاب،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَأول من عَملهَا بِالْيمن ملك يُقَال لَهُ الْخَمِيس.
وَفِي ( مجمع الغرائب) : أول من عمله يُقَال لَهُ الْخَمِيس.
وَفِي ( المغيث) : الْخَمِيس الثَّوْب المخموس الَّذِي طوله خمس.
.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: لَا وَجه لِأَن يكون بالصَّاد، فَإِن صحت الرِّوَايَة بالصَّاد فَيكون مُذَكّر الخميصة، فاستعارها للثوب.
.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: هُوَ الكساء الْأسود المربع لَهُ علمَان.
قَوْله: ( أَو لَيْسَ) ، بِفَتْح اللَّام وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة: بِمَعْنى الملبوس، مثل قَتِيل ومقتول،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: وَلَو كَانَ أَرَادَ الأسم لقَالَ: لبوس.
لِأَن اللبوس كل مَا يلبس من ثِيَاب وَدرع.
قَوْله: ( والذرة) ، بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَتَخْفِيف الرَّاء.
قَوْله: ( أَهْون) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي: هُوَ أَهْون، أَي: أسهل.
قَوْله: ( عَلَيْكُم) ، وَإِنَّمَا لم يقل لكم لإِرَادَة معنى تسليط السهولة عَلَيْهِم.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: احْتج بِهِ أَصْحَابنَا فِي جَوَاز دفع الْقيم فِي الزكوات، وَلِهَذَا قَالَ ابْن رشيد: وَافق البُخَارِيّ فِي هَذِه الْمَسْأَلَة الْحَنَفِيَّة مَعَ كَثْرَة مُخَالفَته لَهُم، لَكِن قَادَهُ إِلَى ذَلِك الدَّلِيل،.

     وَقَالَ  بَعضهم: لَكِن أجَاب الْجُمْهُور عَن قصَّة معَاذ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
قلت: من جملَة مَا قَالُوا: إِنَّه مُرْسل.
.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ: حَدِيث طَاوُوس لَو كَانَ صَحِيحا لوَجَبَ ذكره لينتهي إِلَيْهِ وَإِن كَانَ مُرْسلا فَلَا حجَّة فِيهِ، وَمِنْهُم من قَالَ: إِن المُرَاد بِالصَّدَقَةِ الْجِزْيَة لأَنهم يطلقون ذَلِك مَعَ تَضْعِيف الْوَاجِب حذرا من الْعَار.
.

     وَقَالَ  الْبَيْهَقِيّ: وَهَذَا الْأَلْيَق بمعاذ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَالْأَشْبَه بِمَا أَمر بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أَخذ الْجِنْس فِي الصَّدقَات وَأخذ الدِّينَار، وعدله معافر ثِيَاب الْيمن فِي الْجِزْيَة.
قَالُوا: وَيدل عَلَيْهِ نَقله إِلَى الْمَدِينَة، وَذهب معَاذ أَن النَّقْل فِي الصَّدقَات مُمْتَنع وَيدل عَلَيْهِ إضافتها إِلَى الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار والجزية تسْتَحقّ بالهجلاة والنصرة وَأما الزَّكَاة فتستحق بالفقر والمسكنة وَقَالُوا أَيْضا أَن قَوْله ائْتُونِي بِعرْض ثِيَاب مَعْنَاهُ آتوني بِهِ آخذه مِنْكُم مَكَان الشّعير والذرة الَّذِي آخذه شِرَاء بِمَا آخذه فَيكون بِأَخْذِهِ قد بلغت مَحَله ثمَّ يَأْخُذ مَكَان مَا يَشْتَرِيهِ مِمَّا هُوَ وَاسع عِنْدهم وانفع للآخذ وَقَالُوا لَو كَانَت هَذِه من الزَّكَاة لم تكن مَرْدُودَة على أَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ دون غَيرهم وَكَيف كَانَ الْوَجْه فِي رده عَلَيْهِم وَقد قَالَ لَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ( تُؤْخَذ من أغنيائهم فَترد فِي فقرائهم) وَأما الْجَواب عَن ذَلِك كُله فَهُوَ أَن قَوْلهم أَنه مُرْسل فَنَقُول الْمُرْسل حجَّة عندنَا وَأَن قَوْلهم المُرَاد بِالصَّدَقَةِ الْجِزْيَة فَالْجَوَاب عَنهُ من أَرْبَعَة أوجه.
أَولهَا أَنه قَالَ مَكَان الشّعير والذرة وَتلك غير وَاجِبَة فِي الْجِزْيَة بِالْإِجْمَاع.
الثَّانِي أَن الْمَنْصُوص عَلَيْهِ لفظ الصَّدَقَة، كَمَا فِي لفظ البُخَارِيّ، والجزي صغَار لَا صَدَقَة، ومسميها بِالصَّدَقَةِ مكابر.
الثَّالِث: قَالَه حِين بَعثه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأخذ زكااهم، وَفعله امْتِثَال لما بعث من أَجله وَسَببه هُوَ الزَّكَاة، فَكيف يحمل على الْجِزْيَة؟ الرَّابِع: أَن الْخطاب مَعَ الْمُسلمين لِأَنَّهُ يبين لَهُم مَا فِيهِ من النَّفْع لأَنْفُسِهِمْ وللمهاجرين وَالْأَنْصَار، فلولا أَنهم يُرِيدُونَ الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار لما قَالَ: خير الْأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ وهم الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَار، لِأَن الْكفَّار لَا يختارون الْخَيْر للمهاجرين وَالْأَنْصَار، وَأَن قَوْلهم: مَذْهَب معَاذ أَن النَّقْل من الصَّدقَات مُمْتَنع، لَا أصل لَهُ لِأَنَّهُ لَا ينْسب إِلَى أحد من الصَّحَابَة مَذْهَب فِي حَيَاة رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وسلمد وَأَن قَوْلهم: وَيدل عَلَيْهِ إضافتها إِلَى الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار ... إِلَى آخِره، لَيْسَ كَذَلِك، لِأَنَّهُ لم يضف الصَّدَقَة إِلَيْهِم مُطلقًا، بل أَرَادَ أَنه خير للْفُقَرَاء مِنْهُم، فَكَأَنَّهُ قَالَ: خير للْفُقَرَاء مِنْهُم، فَحذف الْمُضَاف وَأقَام الْمُضَاف إِلَيْهِ مقَامه وأعربه إعرابه، وَمَا نقل الزَّكَاة إِلَى الْمَدِينَة إلاَّ بِأَمْر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بَعثه لذَلِك، وَلِأَنَّهُ يجوز نقلهَا إِلَى قوم أحْوج من الْفُقَرَاء الَّذين هم هُنَاكَ، وفقراء الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار أحْوج لِلْهِجْرَةِ وضيق حَال الْمَدِينَة فِي ذَلِك الْوَقْت.
فَإِن قلت: قد قيل: إِن الْجِزْيَة كَانَت يَوْمئِذٍ من قوم عرب باسم الصَّدَقَة، فَيجوز أَن يكون معَاذ أَرَادَ ذَلِك فِي قَوْله: فِي الصَّدَقَة؟ قلت: قَالَ السرُوجِي: قَالَ هَذَا القَاضِي أَبُو مُحَمَّد، ثمَّ قَالَ: مَا أقبح الْجور وَالظُّلم مِنْهُ، وَمَا أجهله بِالنَّقْلِ، إِنَّمَا جَاءَت تَسْمِيَة الْجِزْيَة بِالصَّدَقَةِ من بني تغلب ونصارى الْعَرَب بالتماسهم فِي خلَافَة عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: هِيَ جِزْيَة فسموها مَا شِئْتُم، وَمَا سَمَّاهَا المسمون صَدَقَة قطّ.
قلت: قَالَ الطرطوشي: قَالَ معَاذ: للمهاجرين وَالْأَنْصَار بِالْمَدِينَةِ، وَفِي الْمُهَاجِرين بَنو هَاشم وَبَنُو عبد الْمطلب وَلَا يحل لَهُم الصَّدَقَة، وَفِي الْأَنْصَار أَغْنِيَاء وَلَا يحل لَهُم الصَّدَقَة، فَدلَّ على أَن ذَلِك الْجِزْيَة.
قلت: قَالَ السرُوجِي: ركة مَا قَالَه ظَاهِرَة جدا، وَهُوَ تعلق بحبال الْهوى وخبطة العشواء لِأَنَّهُ أَرَادَ بالمهاجرين وَالْأَنْصَار من يحل لَهُ الصَّدَقَة لَا من تحرم عَلَيْهِ، وَكَذَا الْجِزْيَة لَا تصرف إِلَى جَمِيع الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار بل إِلَى مصارفها المعروفين.
فَافْهَم.
فَإِن قلت: إِن قصَّة معَاذ اجْتِهَاد مِنْهُ فَلَا حجَّة فِيهَا؟ قلت: كَانَ معَاذ أعلم النَّاس بالحلال وَالْحرَام، وَقد بَين لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما أرْسلهُ إِلَى الْيمن مَا يصنع بِهِ.

وَقَالَ النبيُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأمَّا خالِدٌ احْتَبَسَ أدْرَاعَهُ وَأعْتُدَهُ فِي سَبِيلِ الله

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن أَدْرَاع خَالِد وأعتده من الْعرض، وَلَوْلَا أَنه وقفهما لأعطاهما فِي وَجه الزَّكَاة أَو لما صَحَّ مِنْهُ صرفهما فِي سَبِيل الله لدخلا فِي أحد مصارف الزَّكَاة الثَّمَانِية الْمَذْكُورَة.
فِي قَوْله عز وَجل: { إِنَّمَا الصَّدقَات للْفُقَرَاء} ( التَّوْبَة: 06) .
فَلم يبْق عَلَيْهِ شَيْء، وَهَذَا التَّعْلِيق ذكره البُخَارِيّ فِي: بابُُ قَول الله عز وَجل { وَفِي الرّقاب والغارمين وَفِي سَبِيل الله} ( التَّوْبَة: 06) .
وَسَيَأْتِي بعد أَرْبَعَة عشر بابُُا، إِن شَاءَ الله تَعَالَى، قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب حَدثنَا أَبُو الْيَمَان أخبرنَا شُعَيْب حَدثنَا أَبُو الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج ( عَن أبي هُرَيْرَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: أَمر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالصَّدَقَةِ، فَقيل: منع ابْن جميل وخَالِد بن الْوَلِيد وعباس بن عبد الْمطلب رَضِي الله تعاى عَنْهُم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا ينْتَقم ابْن جميل إِلَّا أَنه كَانَ فَقِيرا فأغناه الله وَرَسُوله وَأما خَالِد فأنكم تظْلمُونَ خَالِدا فقد احْتبسَ أدراعه وَاعْتَمدهُ فِي سَبِيل الله وَأما الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب فَعم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَهِيَ عَلَيْهِ صَدَقَة وَمثلهَا مَعهَا) .

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( أما خَالِد) ، هُوَ خَالِد بن الْوَلِيد سيف الله.
قَوْله: ( احْتبسَ) أَي: وقف، وَهُوَ يتَعَدَّى وَلَا يتَعَدَّى، وحبسته وَاحْتَبَسَتْهُ بِمَعْنى.
قَوْله: ( أدراعه) جمع درع.
قَوْله: ( وأعتده) ، بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق: جمع: عتد، بِفتْحَتَيْنِ.
وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم أعتاده، وَهُوَ جمعه أَيْضا.
قيل: هُوَ مَا يعده الرجل من الدَّوَابّ وَالسِّلَاح، وَقيل: الْخَيل خَاصَّة.
يُقَال: فرس عتيد أَي صلب أَو معد للرُّكُوب أَو سريع الْوُثُوب، ويروى: ( أعبده) ، بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة، جمع: عبد، حَكَاهَا عِيَاض وَالْأول هُوَ الْمَشْهُور، وَهَذَا حجَّة أَيْضا للحنفية.
وَاسْتدلَّ بِهِ البُخَارِيّ أَيْضا على إِخْرَاج الْعرُوض فِي الزَّكَاة، وَوجه ذَلِك أَنهم ظنُّوا أَنَّهَا للتِّجَارَة فطالبوه بِزَكَاة قيمتهَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَام فِي مَوْضِعه عَن قريب، إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

وَقَالَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَصَدَّقْنَ ولَوْ مِنْ حلِيِّكُنَّ فَلَمْ يَسْتَثْنِ صَدَقَةَ الفَرْضِ مِنْ غَيْرِهَا فَجَعَلَتِ المَرْأةُ تُلْقِي خُرْصَهَا وسِخَابِهَا ولَمْ يَخُصُّ الذَّهَبَ والفِضَّةَ مِنَ العُرُوضِ
مطابقته للتَّرْجَمَة فِي قَوْله: ( خرصها وسخابها) ، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أمرهن بِالصَّدَقَةِ وَلم يعين الْفَرْض من غَيره، ثمَّ إلقاؤهن الْخرص والسخاب وَعدم رده صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاهَا مِنْهُنَّ دَلِيل على أَخذ الْعرُوض فِي الزَّكَاة، وَيفهم من كَلَامه أَنه لم يفرق بَين مصارف الزَّكَاة وَبَين مصارف الصَّدَقَة، لِأَن الْمَقْصُود مِنْهَا الْقرْبَة، والمصروف إِلَيْهِ الْفَقِير والمحتاج.
.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ: هَذَا حث على الصَّدَقَة وَلَو من أنفس مَال، وَلَيْسَ فِي ذَلِك فرض، فَلَو كَانَ من الْفَرْض لقَالَ: أدين صَدَقَة أموالكن.
قلت: معنى: تصدقن أدِّينَ صدقاتكن، وَهن أمرن بِالصَّدَقَةِ، وَهُوَ يتَنَاوَل الْفَرْض وَالنَّفْل، وَلَكِن هَذَا اللَّفْظ إِذا أطلق يكون المُرَاد مِنْهُ الْكَمَال، وَذَلِكَ لَا يكون إلاَّ فِي الْفَرْض، ثمَّ هَذَا التَّعْلِيق قِطْعَة من حَدِيث لِابْنِ عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، أخرجه البُخَارِيّ مَوْصُولا، وَقد تقدم فِي الْعِيدَيْنِ فِي: بابُُ الْعلم الَّذِي فِي الْمصلى.
قَوْله: ( وَلَو من حليكن) أَي: وَلَو كَانَت صدقتكن من حليكن، بِضَم الْحَاء وَكسر اللَّام وَتَشْديد الْيَاء آخر الْحُرُوف: جمع حلي بِفَتْح الْحَاء وَسُكُون اللَّام، وَهَذَا للْمُبَالَغَة.
قَوْله: ( فَلم يسْتَثْن صَدَقَة الْفَرْض من غَيرهَا) من كَلَام البُخَارِيّ.
قَوْله: ( خرصها) ، بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الرَّاء وَفِي آخِره صَاد مُهْملَة: وَهُوَ الْحلقَة الَّتِي تعلق فِي الْأذن،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: بِكَسْر الْخَاء أَيْضا.
قَوْله: ( وسخابها) ، بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة وَهِي القلادة.
قَوْله: ( وَلم يخص.
.
)
إِلَى آخِره، من كَلَام البُخَارِيّ ذكره لكيفية استدلاله على أَدَاء الْعرض فِي الزَّكَاة.



[ قــ :1391 ... غــ :1448 ]
- حدَّثنا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الله قَالَ حدَّثني أبي قَالَ حدَّثني ثُمَامَةُ أنَّ أنَسا رَضِي الله تَعَالَى عنهُ حدَّثَهُ أنَّ أبَا بَكْرٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ كَتَبَ لَهُ الَّتِي أمَرَ الله رسولَهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقتُهُ بِنْتَ مَخاضٍ ولَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ لَبُونٍ فإنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ ويُعْطِيهِ المُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَما أوْ شَاتَيْنِ فإنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ عَلَى وَجْهِهَا وَعِنْدَهُ ابنُ لَبُونٍ فإنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ ولَيْسَ مَعَهُ شَيءٌ..
مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ جَوَاز إِعْطَاء سنّ من الْإِبِل بدل سنّ آخر، وَلما صَحَّ إِعْطَاء الْعَامِل الْجبرَان صَحَّ الْعَكْس أَيْضا، وَلما جَازَ أَخذ الشَّاة بدل تفَاوت سنّ الْوَاجِب جَازَ أَخذ الْعرض بدل الْوَاجِب.

ذكر رِجَاله: وهم: أَرْبَعَة: الأول: مُحَمَّد بن عبد الله ابْن الْمثنى، بِضَم الْمِيم وَفتح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالنُّون.
الثَّانِي: أَبوهُ عبد الله بن الْمثنى بن عبد الله بن أنس بن مَالك.
الثَّالِث: ثُمَامَة، بِضَم الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَتَخْفِيف الْمِيم: وَهُوَ عبد الله بن أنس قَاضِي الْبَصْرَة، وَقد مر فِي كتاب الْعلم.
الرَّابِع: أنس بن مَالك، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

ذكر لطائف إِسْنَاده: فِيهِ: أَن السَّنَد كُله بِالتَّحْدِيثِ بِصِيغَة الْجمع فِي مَوضِع وَاحِد وبصيغة الْإِفْرَاد فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع، وَفِيه: أَن التحديث مسلل بالأنسبين.
وَفِيه: أَنهم كلهم بصريون.
وَفِيه: رِوَايَة الابْن عَن الْأَب.
وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن جده وَهُوَ رِوَايَة ثُمَامَة عَن أنس، فَإِن أنسا جده.
وَفِيه: رِوَايَة الرَّاوِي عَن عَمه، وَهُوَ رِوَايَة عبد الله بن الْمثنى عَن عَمه ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس.
وَفِيه: أَن عبد الله ابْن الْمثنى من أَفْرَاده.
وَفِيه: أَنه من رباعيات الحَدِيث.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره ذكر صَاحب ( التَّلْوِيح) أَن هَذَا الحَدِيث خرجه البُخَارِيّ فِي عشرَة مَوَاضِع من كِتَابه بِإِسْنَاد وَاحِد مقطعا من حَدِيث ثُمَامَة عَن أنس: أَن أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ،.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الْمزي فِي ( الْأَطْرَاف) : فِي سِتَّة مَوَاضِع من الزَّكَاة، وَفِي الْخمس وَفِي الشّركَة وَفِي اللبَاس وَفِي ترك الْحِيَل مقطعا وَمُطَولًا عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمثنى الْأنْصَارِيّ عَن أَبِيه عَن عَمه ثُمَامَة بن عبد الله بن أنس عَن جده أنس بِهِ،.

     وَقَالَ  فِي اللبَاس: وَزَادَنِي أَحْمد بن حَنْبَل عَن الْأنْصَارِيّ، فَذكر قصَّة الْخَاتم.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الزَّكَاة عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن حَمَّاد بن سَلمَة، قَالَ: اخذت من ثُمَامَة بن عبد الله ابْن أنس كتابا زعم أَن أَبَا بكر كتبه لأنس وَعَلِيهِ خَاتم رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، حِين بَعثه مُصدقا، وَكتبه لَهُ، فَإِذا فِيهِ: هَذِه فَرِيضَة الصَّدَقَة، فَذكره بِطُولِهِ.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْمُبَارك، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَعَن عبد الله بن فضَالة، رَحمَه الله تَعَالَى، وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن مُحَمَّد بن بشار وَمُحَمّد بن مَرْزُوق ثَلَاثَتهمْ عَن مُحَمَّد ابْن عبد الله الْأنْصَارِيّ، نَحوه وَلَيْسَ فِيهِ قصَّة الْخَاتم.

فَنَقُول: الْموضع الأول: من الزَّكَاة هُوَ الْمَذْكُور هَهُنَا.
وَالثَّانِي: فِي: بابُُ لَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله الْأنْصَارِيّ، قَالَ: حَدثنِي أبي، قَالَ: حَدثنِي ثُمَامَة أَن أنسا حَدثهُ أَن أَبَا بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، كتب لَهُ الَّذِي فرض لَهُ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( وَلَا يجمع بَين متفرق وَلَا يفرق بَين مُجْتَمع خشيَة الصَّدَقَة) .
وَالثَّالِث فِي: بابُُ مَا كَانَ من خليطين: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله ... إِلَى آخِره بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
وَالرَّابِع فِي: بابُُ من بلغت عِنْده صَدَقَة بنت مَخَاض وَلَيْسَت عِنْده، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله.
.
إِلَى آخِره، بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور.
وَالْخَامِس فِي: بابُُ زَكَاة الْغنم: حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله ... إِلَى آخِره، نَحوه.
وَالسَّادِس فِي: بابُُ لَا يُؤْخَذ فِي الصَّدَقَة هرمة، حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد الله إِلَى آخِره نَحوه.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( كتب لَهُ النَّبِي) ، أَي: كتب لَهُ الْفَرِيضَة الَّتِي تُؤْخَذ فِي زَكَاة الْحَيَوَان الَّتِي أَمر الله تَعَالَى وَرَسُوله بهَا.
قَوْله: ( بنت مَخَاض) ، بِفَتْح الْمِيم وبالخاء الْمُعْجَمَة الْخَفِيفَة وَفِي آخِره ضاد مُعْجمَة: وَهِي الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا حول وَدخلت فِي الثَّانِي وحملت أمهَا، والماخض الْحَامِل أَي: دخل وَقت حملهَا، وَإِن لم تحمل،.

     وَقَالَ  النَّضر بن شُمَيْل فِي ( كتاب الْإِبِل) تأليفه: إِن ولد النَّاقة لَا يزَال فصيلاً سنة، فَإِذا لقحت أمه انْفَصل عَنهُ اسْم الفصيل وَهُوَ ابْن مَخَاض، فَإِذا بلغت أمه مضربها من رَأس السّنة فَإِن ضربت فلقحت فإبنها ابْن مَخَاض، وَالْجَمَاعَة: بَنَات مَخَاض حَتَّى تلقح أمه من الْعَام الْمقبل، فَإِذا نتجت فَهُوَ ابْن اللَّبُون حَتَّى تضع أمه من آخر سنتَيْن، وَالْأُنْثَى ابْنة لبون، وَذَلِكَ للبن أمه من آخر عامها، وَالْجَمَاعَة بَنَات اللَّبُون، فَيكون ابْن لبون سنة ثمَّ تكون حَقًا وَالْأُنْثَى حقة لسنة، وَالْجَمَاعَة الحقاق، وَثَلَاثَة أَحَق وَالْإِنَاث ثَلَاث حقائق، والحقة يُقَال لَهَا: طروقة، وَذَلِكَ حِين تبلغ أمه اللقَاح فتريد الْفَحْل أول مَا تريده، يُقَال لَهَا طروقة الْفَحْل، وَإِن لم ترد الْفَحْل فَهِيَ طروقة على كل حَال، فَإِذا بلغت الحقاقة وَلم ترد الْفَحْل فَهِيَ الآبية فَإِذا بلغ رَأس الْحول فَهُوَ الْجذع، وَالْأُنْثَى الْجَذعَة وَالْجَمَاعَة الجذاع، وَيُقَال الجذعان والجذاع أَكثر، وَعَن الْأَصْمَعِي: الجذوعة وَقت من الزَّمَان لَيست بسن، وَقيل هُوَ فِي جَمِيع الدَّوَابّ قبل أَن يثني بسنه، وَالْجمع جذعان وجذان.
وَفِي ( الْمُخَصّص) : الْحق الَّذِي اسْتحق أَن يركب وَيحمل عَلَيْهِ، وَقيل: الَّذِي اسْتحقَّت أمه الْحمل بعد الْعَام الْمقبل، وَقيل: إِذا اسْتحق هُوَ واخته أَن يحمل عَلَيْهِمَا فَهُوَ حق، وَعند سِيبَوَيْهٍ حَقه وحقق وحقق بِالضَّمِّ وحقائق جمع حقة على غير قِيَاس، والحقة يكون مصدرا واسْمه.

وَقَالَ أَبُو دَاوُد، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فِي ( سنَنه) : سمعته من الرياشي وَأبي حَاتِم وَغَيرهمَا، وَمن كتاب النَّضر بن شُمَيْل، وَمن كتاب أبي عبيد وَرُبمَا ذكر أحدهم الْكَلِمَة، قَالُوا: يُسمى الحوار ثمَّ الفصيل إِذا أفصل، ثمَّ يكون بنت مَخَاض لسنة إِلَى تَمام سنتَيْن، فَإِذا دخلت فِي الثَّالِثَة فَهِيَ ابْنة لبون، فَإِذا تمت لَهُ ثَلَاث سِنِين فَهُوَ حق وحقة إِلَى تَمام أَربع سِنِين لِأَنَّهَا اسْتحقَّت أَن تركب وَتحمل عَلَيْهَا الْفَحْل فَهِيَ تلقح، وَلَا يلقح الذّكر حَتَّى يثنى، وَيُقَال للحقة طروقه الْفَحْل لِأَن الْفَحْل يطرقها إِلَى تَمام أَربع سِنِين، فَإِذا طعنت فِي الْخَامِسَة فَهِيَ جَذَعَة حَتَّى يتم لَهَا خمس سِنِين، فَإِذا دخلت فِي السَّادِسَة وَألقى ثنيته لَهُ فَهُوَ حِينَئِذٍ ثني حَتَّى تستكمل سِتا فَإِذا طعن فِي السَّابِعَة سمي الذّكر رباعي وَالْأُنْثَى ربَاعِية إِلَى تَمام السَّابِعَة، فَإِذا دخل فِي الثَّامِنَة ألْقى السن السديس الَّذِي بعد الرّبَاعِيّة فَهُوَ سديس وَسدس إِلَى تَمام الثَّامِنَة، فَإِذا دخل فِي التسع طلع نابه فَهُوَ باذل، أَي: بذل نابه، يَعْنِي طلع حَتَّى يدْخل فِي الْعَاشِرَة فَهُوَ حِينَئِذٍ مخلف، ثمَّ لَيْسَ لَهُ اسْم، وَلَكِن يُقَال بازل عَام وبازل عَاميْنِ ومخلف عَام ومخلف عَاميْنِ ومخلف ثَلَاثَة أَعْوَام إِلَى خمس سِنِين، والخلفة الْحَامِل.

قَوْله: ( وَلَيْسَت عِنْده) ، جملَة حَالية أَي: وَالْحَال أَن بنت مَخَاض لَيست بموجودة عِنْده.
قَوْله: ( وَعِنْده بنت لبون) ، جملَة حَالية أَيْضا أَي: وَالْحَال أَن الْمَوْجُود عِنْده بنت لبون.
قَوْله: ( فَإِنَّهَا) أَي: فَإِن بنت لبون تقبل مِنْهُ، أَي تُؤْخَذ مِنْهُ الزَّكَاة وَلَكِن يُعْطِيهِ، أَي: الْمُصدق، وَهُوَ الَّذِي يَأْخُذ الزَّكَاة يُعْطي صَاحب الْمَاشِيَة عشْرين درهما أَو يُعْطِيهِ شَاتين، وَذَلِكَ ليجبر بهَا تفَاوت سنّ الْإِبِل، وَيُسمى ذَلِك بالجبران.
وَفِي ( التَّوْضِيح) : وَعِنْدنَا أَن الْخِيَار فِي الشاتين وَالدَّرَاهِم لدافعها، سَوَاء كَانَ الْمَالِك أَو السَّاعِي، وَفِي قَول: إِن الْخيرَة إِلَى السَّاعِي مُطلقًا فعلى هَذَا إِن كَانَ هُوَ الْمُعْطِي رَاعى الْمصلحَة للْمَسَاكِين، وكل مِنْهُمَا أصل بِنَفسِهِ وَلَيْسَ بِبَدَل لِأَنَّهُ خير بَينهمَا بِحرف أَو فَعلم أَن ذَلِك لَا يجْرِي مجْرى تَعْدِيل الْقيمَة لاخْتِلَاف ذَلِك فِي الْأَزْمِنَة والأمكنة، وَإِنَّمَا هُوَ فرض شَرْعِي كالغرة فِي الْجَنِين والصاع فِي الْمُصراة.
انْتهى.
قلت: قَالَ صَاحب ( الْهِدَايَة) : وَمن وَجب عَلَيْهِ سنّ فَلم يُوجد عِنْده أَخذ الْمُصدق أَعلَى مِنْهَا ورد الْفضل أَو أَخذ دونهَا وَأخذ الْفضل.
.

     وَقَالَ  أَبُو يُوسُف: إِذا وَجَبت بنت مَخَاض وَلم تُوجد أَخذ ابْن لبون، وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَأحمد، وَعند أبي حنيفَة وَمُحَمّد: لَا يجوز ذَلِك إلاَّ بطرِيق الْقيمَة.
وَفِي ( الْمَبْسُوط) : يتَعَيَّن ابْن لبون عِنْد عدم بنت مَخَاض فِي رِوَايَة عَن أبي يُوسُف، وَفِي ( الْبَدَائِع) : قَالَ مُحَمَّد: فِي الأَصْل إِن الْمُصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ قيمَة الْوَاجِب وَإِن شَاءَ أَخذ الأدون وَأخذ تَمام قيمَة الْوَاجِب من الدَّرَاهِم.
.

     وَقَالَ  صَاحب ( الْبَدَائِع) : وَقيل: يَنْبَغِي الْخِيَار لصَاحب السَّائِمَة إِن شَاءَ دفع الْأَفْضَل واسترد الْفضل من الدَّرَاهِم، وَإِن شَاءَ دفع الأدون وَدفع الْفضل من الدَّرَاهِم، لِأَن دفع الْقيمَة جَائِز فِي الزَّكَاة، وَالْخيَار فِي ذَلِك لصَاحب المَال دون الْمُصدق إلاَّ فِي فصل وَاحِد، وَهُوَ مَا إِذا أَرَادَ صَاحب المَال أَن يدْفع بعض الْعين لأجل الْوَاجِب، فالمصدق بِالْخِيَارِ إِن شَاءَ أَخذ ذَلِك وَإِن شَاءَ لم يَأْخُذهُ، كَمَا إِذا وَجَبت بنت لبون، فَأَرَادَ صَاحب المَال أَن يدْفع بعض الحقة بطرِيق الْقيمَة أَو كَانَ الْوَاجِب الحقة فَأَرَادَ أَن يدْفع عَنْهَا بعض الْجَذعَة بطرِيق الْقيمَة فالمصدق بِالْخِيَارِ، إِن شَاءَ قبل، وَإِن شَاءَ لم يقبل لما فِيهِ من عيب التشقيص.

ثمَّ اعْلَم أَن الأَصْل فِي هَذَا الْبابُُ أَن دفع الْقيمَة فِي الزَّكَاة جَائِز عندنَا، وَكَذَا فِي الْكَفَّارَة وَصدقَة الْفطر وَالْعشر وَالْخَرَاج وَالنّذر، وَهُوَ قَول عمر وَابْنه عبد الله وَابْن مَسْعُود وَابْن عَبَّاس ومعاذ وطاووس.
.

     وَقَالَ  الثَّوْريّ: يجوز إِخْرَاج الْعرُوض فِي الزَّكَاة إِذا كَانَت بِقِيمَتِهَا، وَهُوَ مَذْهَب البُخَارِيّ، وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمد.
وَلَو أعْطى عرضا عَن ذهب وَفِضة، قَالَ أَشهب: يجْزِيه.
.

     وَقَالَ  الطرطوشي: هَذَا قَول بَين فِي جَوَاز إِخْرَاج الْقيم فِي الزَّكَاة، قَالَ: وَأجْمع أَصْحَابنَا على أَنه لَو أعْطى فضَّة عَن ذهب أَجزَأَهُ، وَكَذَا إِذا أعْطى درهما عَن فضَّة عِنْد مَالك:.

     وَقَالَ  سَحْنُون: لَا يجْزِيه وَهُوَ وَجه للشَّافِعِيَّة، وَأَجَازَ ابْن حبيب دفع الْقيمَة إِذا رَآهُ أحسن للْمَسَاكِين،.

     وَقَالَ  مَالك وَالشَّافِعِيّ: لَا يجوز، وَهُوَ قَول دَاوُد.
قلت: حَدِيث الْبابُُ حجَّة لنا لِأَن ابْن لبون لَا مدْخل لَهُ فِي الزَّكَاة إلاَّ بطرِيق الْقيمَة لِأَن الذّكر لَا يجوز فِي الْإِبِل إِلَّا بِالْقيمَةِ، وَلذَلِك احْتج بِهِ البُخَارِيّ أَيْضا فِي جَوَاز أَخذ الْقيم مَعَ شدَّة مُخَالفَته للحنفية.

قَوْله: ( على وَجههَا) ، أَي: وَجه الزَّكَاة الَّتِي فَرضهَا الله تَعَالَى بِلَا تعد.
قَوْله: ( ابْن لبون) ، وَفِي ( التَّلْوِيح) قَالَ: ابْن لبون ذكر، وَجعل لفظ الذّكر من متن الحَدِيث، ثمَّ قَالَ: وَمن الْمَعْلُوم أَنه لَا يكون إلاَّ ذكرا، وَإِنَّمَا قَالَه تَأْكِيدًا كَقَوْلِه تَعَالَى: { تِلْكَ عشرَة كَامِلَة} ( التَّوْبَة: 06) .
وَكَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( وَرَجَب مُضر الَّذِي بَين جُمَادَى وَشَعْبَان) ، وَزعم بَعضهم أَنه احْتِرَاز من الْخُنْثَى، وَقيل: ذكر ذَلِك تَنْبِيها لرب المَال وعامل الزَّكَاة، لتطيب نفس رب المَال بِالزِّيَادَةِ الْمَأْخُوذَة مِنْهُ وللمصدق، ليعلم أَن سنّ الذُّكُور مَقْبُول من رب المَال فِي هَذَا الْموضع.

وَمِمَّا يُسْتَفَاد من حَدِيث الْبابُُ جَوَاز الْكِتَابَة فِي الحَدِيث، وَقيل لمَالِك فِي الرجل يَقُول لَهُ الْعَالم: هَذَا كتابي فاحمله عني وَحدث بِمَا فِيهِ، قَالَ: لَا أرَاهُ يجوز، وَمَا يُعجبنِي.
وروى عَنهُ غير هَذَا وَأَنه قَالَ: كتبت ليحيى بن سعيد مائَة حَدِيث من حَدِيث ابْن شهَاب فحملها عني، وَلم يَقْرَأها عَليّ وَقد أجَاز الْكتاب ابْن وهب وَغَيره، والمقاولة أقوى من الْإِجَازَة إِذا صَحَّ الْكتاب.
وَفِيه: حجَّة لجَوَاز كِتَابَة الْعلم، وَالله أعلم.