هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
143 حَدَّثَنَا آدَمُ ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الغَائِطَ ، فَلاَ يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
143 حدثنا آدم ، قال : حدثنا ابن أبي ذئب ، قال : حدثنا الزهري ، عن عطاء بن يزيد الليثي ، عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم الغائط ، فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره ، شرقوا أو غربوا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الغَائِطَ ، فَلاَ يَسْتَقْبِلِ القِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا .

Narrated Abu Aiyub Al-Ansari:

Allah's Messenger (ﷺ) said, If anyone of you goes to an open space for answering the call of nature he should neither face nor turn his back towards the Qibla; he should either face the east or the west.

00144 Abu Ayyub al-Ansâry a dit : Le Messager de Dieu dit : « Quand l’un de vous est en train de satisfaire un besoin, il ne doit ni se mettre en face à la Qibla, ni lui donner du Dos ! Tournez-vous soit vers l’est, soit vers l’ouest !«   

":"ہم سے آدم نے بیان کیا ، کہا کہ ہم سے ابن ابی ذئب نے ، کہا کہ ہم سے زہری نے عطاء بن یزید اللیثی کے واسطے سے نقل کیا ، وہ حضرت ابوایوب انصاری رضی اللہ عنہ سے روایت کرتے ہیں کہرسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جب تم میں سے کوئی بیت الخلاء میں جائے تو قبلہ کی طرف منہ کرے نہ اس کی طرف پشت کرے ( بلکہ ) مشرق کی طرف منہ کر لو یا مغرب کی طرف ۔

00144 Abu Ayyub al-Ansâry a dit : Le Messager de Dieu dit : « Quand l’un de vous est en train de satisfaire un besoin, il ne doit ni se mettre en face à la Qibla, ni lui donner du Dos ! Tournez-vous soit vers l’est, soit vers l’ouest !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [144] .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَسْتَقْبِلِ بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّ لَا نَاهِيَةٌ وَاللَّامُ فِي الْقِبْلَةِ لِلْعَهْدِ أَيْ لِلْكَعْبَةِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ وَلِمُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَزَادَ بِبَوْلٍ أَوْ بِغَائِطٍ وَالْغَائِطُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ أُطْلِقَ عَلَى الْخَارِجِ مِنَ الدُّبُرِ مَجَازًا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ كَرَاهِيَةً لِذِكْرِهِ بِصَرِيحِ اسْمِهِ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ جِنَاسٌ تَامٌّ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ بِبَوْلٍ اخْتِصَاصُ النَّهْيِ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنَ الْعَوْرَةِ وَيَكُونُ مَثَارُهُ إِكْرَامَ الْقِبْلَةِ عَنِ الْمُوَاجَهَةِ بِالنَّجَاسَةِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جَابِرٍ إِذَا هَرَقْنَا الْمَاءَ وَقِيلَ مَثَارُ النَّهْيِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَعَلَى هَذَا فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ حَالَةٍ تُكْشَفُ فِيهَا الْعَوْرَةُ كَالْوَطْءِ مَثَلًا وَقد نَقله بن شاش الْمَالِكِيُّ قَوْلًا فِي مَذْهَبِهِمْ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِفُرُوجِكُمْ وَلَكِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِ أَبِي أَيُّوبَ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى( قَولُهُ بَابُ مَنْ تَبَرَّزَ) بِوَزْنِ تَفَعَّلَ مِنَ الْبَرَازِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَهُوَ الْفَضَاءُ الْوَاسِعُ كَنَّوْا بِهِ عَنِ الْخَارِجِ مِنَ الدُّبُرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَائِطِ .

     قَوْلُهُ  عَلَى لَبِنَتَيْنِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ النُّونِ تَثْنِيَةُ لَبِنَةٍ وَهِيَ مَا يُصْنَعُ مِنَ الطِّينِ أَوْ غَيْرِهِ لِلْبِنَاءِ قَبْلَ أَنْ يُحْرَقَ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [144] حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
[الحديث طرفه في: 394] .
وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثني ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث نسبه إلى جدّ جدّه لشهرته به ( قال: حدْثني) بالإفراد وفي نسخة بالجمع ( الزهري) محمد بن مسلم ( عن عطاء بن يزيد) من الزيادة ( الليثي) ثم الجندعي بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة المدني التابعي، المتوفى سنة سبع أو خمس ومائة ( عن أبي أيوب) خالد بن زيد بن كليب ( الأنصاري) رضي الله عنه وكان من كبار الصحابة شهد بدرًا ونزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم المدينة عليه.
وتوفي غازيًا بالروم سنة خمسين، وقيل: بعدها له في البخاري سبعة أحاديث ( قال) : ( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أتى) أي جاء ( أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة) بكسر اللام على النهي وبضمها على النفي ( ولا يولها ظهره) جزم بحذف الياء على النهي أي لا يجعلها مقابل ظهره، وفي رواية مسلم ولا يستدبرها ببول أو غائط، والظاهر منه اختصاص النهي بخروج الخارج من العورة ويكون مثاره إكرام القبلة عن المواجهة بالنجاسة، وقيل: مثال النهي كشف العورة، وحينئذ فيطرد في كل حالة تكشف فيها العورة كالوطء مثلاً، وقد نقله ابن شاس من المالكية قولاً في مذهبهم وكأن قائله تمسك برواية في الموطأ: لا تستقبلوا القبلة بفروجكم ولكنها محمولة على قضاء الحاجة جميعًا بين الروايتين ( شرقوا أو غربوا) أي خذوا في ناحية المشرق أو ناحية المغرب، وفيه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب وهو لأهل المدينة ومن كانت قبلتهم على سمتهم، أما من كانت قبلته إلى جهة المشرق أو المغرب فإنه ينحرف إلى جهة الجنوب أو الشمال، ثم إن هذا الحديث يدل على عموم النهي في الصحراء والبنيان، وهو مذهب أبي حنيفة ومجاهد وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأحمد في رواية عنه لتعظيم القبلة وهو موجود فيهما، فالجواز في البنيان إن كان لوجود الحائل فهو موجود في الصحراء كالجبال والأودية، وخصّ الشافعية والمالكية وإسحاق وأحمد في رواية هذا العموم بحديث ابن عمر الآتي الدالّ على جواز الاستدبار في الأبنية، وجائز عند أحمد وأبي داود وابن خزيمة الدال على جواز الاستقبال فيها، ولولا ذلك كان حديث أبي أيوب لا يخص من عمومه بحديث ابن عمر.
إلا جواز الاستدبار فقط ولا يلحق به الاستقبال قياسًا لأنه لا يصح، وقد تمسك به قوم فقالوا بجواز الاستدبار دون الاستقبال.
وحكى عن ابن حنيفة وأحمد وهو قول أبي يوسف وهل جوازهما في البنيان مع الكراهة أم لا؟ فقيل: يكره وفافًا للمجموع وجزم في التذنيب تبعًا للمتوليّ بالكراهة، واختار في المجموع بقاء الكراهة في استقبال بيت المقدس واستدباره، وذهب عروة بن الزبير وربيعة الرأي وداود إلى جواز الاستقبال والاستدبار مطلقًا جاعلين حديث ابن عمر منسوخًا بحديث جابر عند أبي داود والترمذي وأبناء ماجة وخزيمة وحبان نهانا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نستقبل القبلة أو نستدبرها ببول، ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها وقد ضعفوا دعوى النسخ بأنه لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، وحملوا حديث جابر هذا على أنه رآه في بناء أو نحوه لأن ذلك هو المعهود من حاله عليه السلام لمبالغته في التستر، ويستثنى من القول بالحرمة في الصحراء ما لو كان الريح يهب على يمين القبلة أو شمالها فإنهما لا يحرمان للضرورة قاله القفال في فتاويه، والاعتبار في الجواز في البنيان والتحريم في الصحراء بالساتر وعدمه، فحيث كان في الصحراء ولم يكن بينه وبينها ساتر أو كان وهو قصير - لا يبلغ ارتفاعه ثلثي ذراع أو بلغ ذلك وبعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع حرم وإلاّ فلا، في البنيان يشترط الستر كما ذكرنا وإلاّ فيحرمان إلا فيما بني لذلك وهذا التفصيل للخراسانيين وصحّحه في المجموع.
12 - باب مَنْ تَبَرَّزَ عَلَى لَبِنَتَيْنِ هذا ( باب من تبرز) أي تغوّط جالسًا ( على لبنتين) تثنية لبنة بفتح اللام وكسر الموحدة وتسكن مع فتح اللام وكسرها واحدة الطوب النيء.
145 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِذَا قَعَدْتَ عَلَى حَاجَتِكَ فَلاَ تَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ.
فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: لَقَدِ ارْتَقَيْتُ يَوْمًا عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَنَا، فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى لَبِنَتَيْنِ مُسْتَقْبِلاً بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِحَاجَتِهِ.
وَقَالَ: لَعَلَّكَ مِنَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ عَلَى أَوْرَاكِهِمْ، فَقُلْتُ: لاَ أَدْرِي وَاللَّهِ.
قَالَ مَالِكٌ: يَعْنِي الَّذِي يُصَلِّي وَلاَ يَرْتَفِعُ عَنِ الأَرْضِ، يَسْجُدُ وَهُوَ لاَصِقٌ بِالأَرْضِ.
[الحديث 145 - أطرافه في: 148، 149، 3102] .
وبالسند إلى المؤلفقال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن يحيى بن سعيد) الأنصاري المدني ( عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة الأنصاري النجاري بالجيم والنون المازني، المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائة ( عن عمه واسع بن حبان) بفتح المهملة ابن منقذ له رؤية ولأبيه صحبة رضي الله عنهما ( عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما ( أنه) أي عبد الله بن عمر كما صرح به مسلم ( كان يقول) : ( إن ناسًا) كأبي هريرة وأبي أيوب الأنصاري ومعقل الأسدي وغيرهم ممن يرى عموم النهي في استقبال القبلة واستدبارها ( يقولون: إذا قعدت على حاجتك) كناية عن التبرّز ونحوه وذكر القعود لكونه الغالب وإلاّ فلا فرق بينه وبين حالة القيام ( فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس) بفتح الميم وسكون القاف وكسر الدال المخففة وبضم الميم وفتح القاف وتشديد الدال المفتوحة وبيت بالنصب عطفًا على القبلة والإضافة فيه إضافة الموصوف إلى صفته كمسجد الجامع ( فقال عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما: وهذا ليس جوابًا بالواسع بل الفاء سببية، لأن ابن عمر أورد القول الأوّل منكرًا له، ثم بين سبب إنكاره بما رواه عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وكان يمكنه أن يقول فلقد ارتقيت الخ.
لكن الراوي عنه وهو واسع أراد التأكيد بإعادة قوله فقال عبد الله بن عمر والله: ( لقد ارتقيت) أي صعدت وفي بعض الأصول رقيت ( يومًا) بالنصب على الظرفية ولام لقد جواب قسم محذوف وسقط لابن عساكر لفظ يومًا ( على ظهر بيت لنا) وفي رواية تأتي إن شاء الله تعالى على ظهر بيتنا ( فرأيت) أي أبصرت ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) حال كونه ( على لبنتين) وحال كونه ( مستقبلاً بيت المقدس لحاجته) أي لأجل حاجته أو وقت حاجته، وللترمذي الحكيم بسند صحيح فرأيته في كنيف.
قال في الفتح: وهذا يرد على من قال ممن يرى الجواز مطلقًا يحتمل أن يكون رآه في الفضاء وكونه على لبنتين لا يدل على البناء لاحتمال أن يكون جلس عليهما ليرتفع بهما عن الأرض، ويرد هذا الاحتمال أيضًا أن ابن عمر كان يرى المنع من الاستقبال في الفضاء إلا بستائر كما رواه أبو داود وغيره.
وهذا الحديث مع حديث جابر عند أبي داود وغيره مخصص لعموم حديث أبي أيوب السابق ولم يقصد ابن عمر رضي الله عنهما الإشراف على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في تلك الحالة وإنما صعد السطح لضرورة كما في الرواية الآتية إن شاء الله تعالى فحانت منه التفاتة كما في رواية البيهقي، نعم لما اتفق له رؤيته في تلك الحالة من غير قصد أحب أن لا يخلي ذلك من فائدة حفظ هذا الحكم الشرعي اهـ.
( وقال) أي ابن عمر لواسع ( لعلك من الذين يصلّون على أوراكهم) أي من الجاهلين بالسُّنّة في السجود من تجافي البطن عن الوركين فيه إذ لو كنت ممن لا يجهلها لعرفت الفرق بني الفضاء وغيره، والفرق بين استقبال الكعبة وبيت القدس قال: واسع ( فقلت لا أدري والله) أنا منهم أم لا أو لا أدري السّنة في استقبال الكعبة أبي بيت القدس.
( قال مالك) الإمام في تفسير الصلاة على الورك ( يعني الذي يصلي ولا يرتفع عن الأرض يسجد وهو لاصق بالأرض) .
13 - باب خُرُوجِ النِّسَاءِ إِلَى الْبَرَازِ هذا ( باب خروج النساء إلى البراز) بفتح الموحدة الفضاء الواسع من الأرض وكني به عن الخارج من باب إطلاق اسم المحل على الحال.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ)
فِي رِوَايَتِنَا بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَبِرَفْعِ الْقِبْلَةِ وَفِي غَيرهَا بِفَتْح الْيَاء التَّحْتَانِيَّةِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَنَصْبِ الْقِبْلَةِ وَلَامُ تُسْتَقْبَلُ مَضْمُومَةٌ عَلَى أَنَّ لَا نَافِيَةٌ وَيَجُوزُ كَسْرُهَا عَلَى أَنَّهَا نَاهِيَةٌ .

     قَوْلُهُ  إِلَّا عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٌ أَوْ نَحْوُهُ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَوْ غَيْرِهِ أَيْ كَالْأَحْجَارِ الْكِبَارِ وَالسَّوَارِي وَالْخَشَبِ وَغَيْرِهَا مِنَ السَّوَاتِرِ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ لَيْسَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ دَلَالَةٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمَذْكُورِ وَأُجِيبَ بِثَلَاثَةِ أَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّهُ تَمَسَّكَ بِحَقِيقَةِ الْغَائِطِ لِأَنَّهُ الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ مِنَ الْأَرْضِ فِي الْفَضَاءِ وَهَذِهِ حَقِيقَتُهُ اللُّغَوِيَّةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ صَارَ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَكَانٍ أُعِدَّ لِذَلِكَ مَجَازًا فَيَخْتَصُّ النَّهْيُ بِهِ إِذِ الْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ وَهَذَا الْجَوَابُ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ وَهُوَ أَقْوَاهَا ثَانِيهَا أَنَّ اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَضَاءِ.

.
وَأَمَّا الْجِدَارُ وَالْأَبْنِيَةُ فَإِنَّهَا إِذَا اسْتُقْبِلَتْ أُضِيفَ إِلَيْهَا الِاسْتِقْبَالُ عرفا قَالَه بن الْمُنِيرِ وَيَتَقَوَّى بِأَنَّ الْأَمْكِنَةَ الْمُعَدَّةَ لَيْسَتْ صَالِحَةً لِأَنْ يُصَلَّى فِيهَا فَلَا يَكُونُ فِيهَا قِبْلَةٌ بِحَالٍ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ لَا تَصِحَّ صَلَاةٌ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَةِ مَكَانٌ لَا يَصْلُحُ لِلصَّلَاةِ وَهُوَ بَاطِلٌ ثَالِثُهَا الِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَفَاد من حَدِيث بن عُمَرَ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ لِأَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّهُ كَأَنَّهُ شَيْء وَاحِد قَالَه بن بطال وارتضاه بن التِّينِ وَغَيْرُهُ لَكِنَّ مُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَبْقَى لِتَفْصِيلِ التَّرَاجِمِ مَعْنًى فَإِنْ قِيلَ لِمَ حَمَلْتُمُ الْغَائِطَ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَلَمْ تَحْمِلُوهُ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ لِيَتَنَاوَلَ الْفَضَاءَ وَالْبُنْيَانَ لَا سِيَّمَا وَالصَّحَابِيُّ رَاوِي الْحَدِيثِ قَدْ حَمَلَهُ عَلَى الْعُمُومِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ قَالَ كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ فَقَدِمْنَا الشَّامَ فَوَجَدْنَا مَرَاحِيضَ بُنِيَتْ قِبَلَ الْقِبْلَةِ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ فَالْجَوَابُ أَنَّ أَبَا أَيُّوبَ أَعْمَلَ لَفْظَ الْغَائِطِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ حَدِيثُ التَّخْصِيص وَلَوْلَا أَن حَدِيث بن عُمَرَ دَلَّ عَلَى تَخْصِيصِ ذَلِكَ بِالْأَبْنِيَةِ لَقُلْنَا بِالتَّعْمِيمِ لَكِنَّ الْعَمَلَ بِالدَّلِيلَيْنِ أَوْلَى مِنَ إِلْغَاءِ أَحَدِهِمَا وَقَدْ جَاءَ عَنْ جَابِرٍ فِيمَا رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وبن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُمْ تَأْيِيدُ ذَلِكَ وَلَفْظُهُ عِنْدَ أَحْمَدَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَانَا أَنْ نَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ أَوْ نَسْتَقْبِلَهَا بِفُرُوجِنَا إِذَا هَرَقْنَا الْمَاءَ قَالَ ثُمَّ رَأَيْتُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ يَبُولُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِنَاسِخٍ لِحَدِيثِ النَّهْيِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ رَآهُ فِي بِنَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ هُوَ الْمَعْهُودُ مِنْ حَالِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمُبَالَغَتِهِ فِي التستر ورؤية بن عُمَرَ لَهُ كَانَتْ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ كَمَا سَيَأْتِي فَكَذَا رِوَايَةُ جَابِرٍ وَدَعْوَى خُصُوصِيَّةِ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا إِذِ الْخَصَائِصُ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَدَلَّ حَدِيث بن عُمَرَ الْآتِي عَلَى جَوَازِ اسْتِدْبَارِ الْقِبْلَةِ فِي الْأَبْنِيَةِ وَحَدِيثُ جَابِرٍ عَلَى جَوَازِ اسْتِقْبَالِهَا وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ حَدِيثُ أَبِي أَيُّوبَ لَا يُخَصُّ مِنْ عُمُومِهِ بِحَدِيث بن عُمَرَ إِلَّا جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فَقَطْ وَلَا يُقَالُ يُلْحَقُ بِهِ الِاسْتِقْبَالُ قِيَاسًا لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إِلْحَاقُهُ بِهِ لِكَوْنِهِ فَوْقَهُ وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهِ قَوْمٌ فَقَالُوا بِجَوَازِ الِاسْتِدْبَارِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ حُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَبِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الْبُنْيَانِ وَالصَّحْرَاءِ مُطْلَقًا قَالَ الْجُمْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَإِسْحَاقَ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ لِإِعْمَالِهِ جَمِيعَ الْأَدِلَّةِ وَيُؤَيِّدُهُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ عَن بن الْمُنِيرِ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ فِي الْبُنْيَانِ مُضَافٌ إِلَى الْجِدَارِ عُرْفًا وَبِأَنَّ الْأَمْكِنَةَ الْمُعَدَّةَ لِذَلِكَ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ فَلَيْسَتْ صَالِحَةً لِكَوْنِهَا قِبْلَةً بِخِلَافِ الصَّحْرَاءِ فِيهِمَا.

     وَقَالَ  قَوْمٌ بِالتَّحْرِيمِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ.

     وَقَالَ  بِهِ أَبُو ثَوْر صَاحب الشَّافِعِي وَرجحه من الْمَالِكِيَّة بن الْعَرَبِيّ وَمن الظاهريه بن حَزْمٍ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ النَّهْيَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَلَمْ يُصَحِّحْهُ حَدِيثُ جَابِرٍ الَّذِي أَشَرْنَا إِلَيْهِ.

     وَقَالَ  قَوْمٌ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ وَعُرْوَةَ وَرَبِيعَةَ وَدَاوُدَ وَاعْتَلُّوا بِأَنَّ الْأَحَادِيثَ تَعَارَضَتْ فَلْيُرْجَعْ إِلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَهَذِهِ الْمَذَاهِبُ الْأَرْبَعَةُ مَشْهُورَةٌ عَنِ الْعُلَمَاءِ وَلَمْ يَحْكِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ غَيْرَهَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ أُخْرَى مِنْهَا جَوَازُ الِاسْتِدْبَارِ فِي الْبُنَيَّانِ فَقَطْ تمسكا بِظَاهِر حَدِيث بن عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمِنْهَا التَّحْرِيمُ مُطْلَقًا حَتَّى فِي الْقِبْلَةِ الْمَنْسُوخَةِ وَهِيَ بَيْتُ الْمُقَدّس وَهُوَ محكي عَن إِبْرَاهِيم وبن سِيرِينَ عَمَلًا بِحَدِيثِ مَعْقِلٍ الْأَسَدِيِّ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَتَيْنِ بِبَوْلٍ أَوْ بِغَائِطٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ فِيهِ رَاوِيًا مَجْهُولَ الْحَالِ وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَنْ عَلَى سَمْتِهَا لِأَنَّ اسْتِقْبَالَهُمْ بَيْتَ الْمَقْدِسِ يَسْتَلْزِمُ اسْتِدْبَارَهُمُ الْكَعْبَةَ فَالْعِلَّةُ اسْتِدْبَارُ الْكَعْبَةِ لَا اسْتِقْبَالُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَقَدِ ادَّعَى الْخَطَّابِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِمَنْ لَا يَسْتَدْبِرُ فِي اسْتِقْبَالِهِ الْكَعْبَةَ وَفِيه نظر لما ذَكرْنَاهُ عَن إِبْرَاهِيم وبن سِيرِينَ وَقَدْ قَالَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا حَكَاهُ بن أَبِي الدَّمِ وَمِنْهَا أَنَّ التَّحْرِيمَ مُخْتَصٌّ بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ كَانَ عَلَى سَمْتِهَا فَأَمَّا مَنْ كَانَتْ قِبْلَتُهُ فِي جِهَةِ الْمَشْرِقِ أَوِ الْمَغْرِبِ فَيَجُوزُ لَهُ الِاسْتِقْبَالُ وَالِاسْتِدْبَارُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ .

     قَوْلُهُ  شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا قَالَهُ أَبُو عَوَانَةَ صَاحِبُ الْمُزَنِيِّ وَعَكَسَهُ الْبُخَارِيُّ فَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَشْرِقِ وَلَا فِي الْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ قِبْلَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى

[ قــ :143 ... غــ :144] .

     قَوْلُهُ  فَلَا يَسْتَقْبِلِ بِكَسْرِ اللَّامِ لِأَنَّ لَا نَاهِيَةٌ وَاللَّامُ فِي الْقِبْلَةِ لِلْعَهْدِ أَيْ لِلْكَعْبَةِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ وَلِمُسْلِمٍ وَلَا يَسْتَدْبِرْهَا وَزَادَ بِبَوْلٍ أَوْ بِغَائِطٍ وَالْغَائِطُ الثَّانِي غَيْرُ الْأَوَّلِ أُطْلِقَ عَلَى الْخَارِجِ مِنَ الدُّبُرِ مَجَازًا مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الْمَحَلِّ عَلَى الْحَالِّ كَرَاهِيَةً لِذِكْرِهِ بِصَرِيحِ اسْمِهِ وَحَصَلَ مِنْ ذَلِكَ جِنَاسٌ تَامٌّ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ بِبَوْلٍ اخْتِصَاصُ النَّهْيِ بِخُرُوجِ الْخَارِجِ مِنَ الْعَوْرَةِ وَيَكُونُ مَثَارُهُ إِكْرَامَ الْقِبْلَةِ عَنِ الْمُوَاجَهَةِ بِالنَّجَاسَةِ وَيُؤَيِّدُهُ .

     قَوْلُهُ  فِي حَدِيثِ جَابِرٍ إِذَا هَرَقْنَا الْمَاءَ وَقِيلَ مَثَارُ النَّهْيِ كَشْفُ الْعَوْرَةِ وَعَلَى هَذَا فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ حَالَةٍ تُكْشَفُ فِيهَا الْعَوْرَةُ كَالْوَطْءِ مَثَلًا وَقد نَقله بن شاش الْمَالِكِيُّ قَوْلًا فِي مَذْهَبِهِمْ وَكَأَنَّ قَائِلَهُ تَمَسَّكَ بِرِوَايَةٍ فِي الْمُوَطَّأِ لَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ بِفُرُوجِكُمْ وَلَكِنَّهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَعْنَى الْأَوَّلِ أَيْ حَالَ قَضَاءِ الْحَاجَةِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِ أَبِي أَيُّوبَ فَنَنْحَرِفُ وَنَسْتَغْفِرُ حَيْثُ أَوْرَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ إِن شَاءَ الله تَعَالَى

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب لاَ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةُ بِبَولٍ أو غَائطٍ، إِلاَّ عِنْدَ الْبِنَاءِ: جِدَارٍ أَوْ نَحْوِه
هذا ( باب) بالتنوين ( لا يستقبل القبلة ببول ولا غائط) بفتح المثناة التحتية وكسر الموحدة من يستقبل مبنيًّا للفاعل والقبلة نصب على المفعولية وفي لام يستقبل الضم على أن لا نافية والكسر على أنها ناهية ويجوز في يستقبل ضم المثناة وفتح الموحدة مبنيًّا للمفعول ورفع القبلة مفعول ناب عن الفاعل.
قال في الفتح: وهي روايتنا وكِلا الوجهين بفرع اليونينية، وفي رواية ابن عساكر: لا يستقبل القبلة بغائط ولا بول ( إلا عند البناء جدار) بالجر بدل من البناء ( أو نحوه) كالسواري والأساطين والخشب والأحجار الكبار، وللكشميهني مما ليس في اليونينية أو غيره بدل أو نحوه وهما متقاربان والباء في قوله بغائط ظرفية، والغائط هو الكان المطمئن من الأرض في الفضاء كان يقصد لقضاء الحاجة فيه.
ثم كنّي به عن العذرة نفسها كراهة لذكرها بخاص اسمها.
ومن عادة العرب استعمال الكنايات صونًا للألسنة عما تصان الأبصار والأسماع عنه فصار حقيقة عرفية غلبت على الحقيقة اللغوية، وليس في حديث الباب ما يدل على الاستثناء الذي ذكره فقيل: إنه أراد بالغائط معناه اللغوي، وحينئذ يصح استثناء الأبنية منه.
وقيل: الاستثناء مستفاد من حديث ابن عمر رضي الله عنهما الآتي إن شاء الله تعالى إذ الحديث كله واحد وإن اختلفت طرقه أو أن حديث الباب عنده عامّ مخصوص.
قال العيني: وعليه يتجه الاستثناء.


[ قــ :143 ... غــ : 144 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمُ الْغَائِطَ فَلاَ يَسْتَقْبِلِ الْقِبْلَةَ وَلاَ يُوَلِّهَا ظَهْرَهُ، شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
[الحديث 144 - طرفه في: 394] .

وبالسند إلى المؤلف قال: ( حدّثنا آدم) بن أبي إياس ( قال: حدّثني ابن أبي ذئب) محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحرث نسبه إلى جدّ جدّه لشهرته به ( قال: حدْثني) بالإفراد وفي نسخة بالجمع ( الزهري) محمد بن مسلم ( عن عطاء بن يزيد) من الزيادة ( الليثي) ثم الجندعي بضم الجيم وسكون النون وضم الدال المهملة المدني التابعي، المتوفى سنة سبع أو خمس ومائة ( عن أبي أيوب) خالد بن زيد بن كليب ( الأنصاري) رضي الله عنه وكان من كبار الصحابة شهد بدرًا ونزل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين قدم المدينة عليه.
وتوفي غازيًا بالروم سنة خمسين، وقيل: بعدها له في البخاري سبعة أحاديث ( قال) :
( قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أتى) أي جاء ( أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة) بكسر اللام على النهي وبضمها على النفي ( ولا يولها ظهره) جزم بحذف الياء على النهي أي لا يجعلها مقابل ظهره، وفي رواية مسلم ولا يستدبرها ببول أو غائط، والظاهر منه اختصاص النهي بخروج الخارج من العورة ويكون مثاره إكرام القبلة عن المواجهة بالنجاسة، وقيل: مثال النهي كشف العورة،
وحينئذ فيطرد في كل حالة تكشف فيها العورة كالوطء مثلاً، وقد نقله ابن شاس من المالكية قولاً في مذهبهم وكأن قائله تمسك برواية في الموطأ: لا تستقبلوا القبلة بفروجكم ولكنها محمولة على قضاء الحاجة جميعًا بين الروايتين ( شرقوا أو غربوا) أي خذوا في ناحية المشرق أو ناحية المغرب، وفيه الالتفات من الغيبة إلى الخطاب وهو لأهل المدينة ومن كانت قبلتهم على سمتهم، أما من كانت قبلته إلى جهة المشرق أو المغرب فإنه ينحرف إلى جهة الجنوب أو الشمال، ثم إن هذا الحديث يدل على عموم النهي في الصحراء والبنيان، وهو مذهب أبي حنيفة ومجاهد وإبراهيم النخعي وسفيان الثوري وأحمد في رواية عنه لتعظيم القبلة وهو موجود فيهما، فالجواز في البنيان إن كان لوجود الحائل فهو موجود في الصحراء كالجبال والأودية، وخصّ الشافعية والمالكية وإسحاق وأحمد في رواية هذا العموم بحديث ابن عمر الآتي الدالّ على جواز الاستدبار في الأبنية، وجائز عند أحمد وأبي داود وابن خزيمة الدال على جواز الاستقبال فيها، ولولا ذلك كان حديث أبي أيوب لا يخص من عمومه بحديث ابن عمر.
إلا جواز الاستدبار فقط ولا يلحق به الاستقبال قياسًا لأنه لا يصح، وقد تمسك به قوم فقالوا بجواز الاستدبار دون الاستقبال.

وحكى عن ابن حنيفة وأحمد وهو قول أبي يوسف وهل جوازهما في البنيان مع الكراهة أم لا؟ فقيل: يكره وفافًا للمجموع وجزم في التذنيب تبعًا للمتوليّ بالكراهة، واختار في المجموع بقاء الكراهة في استقبال بيت المقدس واستدباره، وذهب عروة بن الزبير وربيعة الرأي وداود إلى جواز الاستقبال والاستدبار مطلقًا جاعلين حديث ابن عمر منسوخًا بحديث جابر عند أبي داود والترمذي وأبناء ماجة وخزيمة وحبان نهانا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نستقبل القبلة أو نستدبرها ببول، ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها وقد ضعفوا دعوى النسخ بأنه لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع، وحملوا حديث جابر هذا على أنه رآه في بناء أو نحوه لأن ذلك هو المعهود من حاله عليه السلام لمبالغته في التستر، ويستثنى من القول بالحرمة في الصحراء ما لو كان الريح يهب على يمين القبلة أو شمالها فإنهما لا يحرمان للضرورة قاله القفال في فتاويه، والاعتبار في الجواز في البنيان والتحريم في الصحراء بالساتر وعدمه، فحيث كان في الصحراء ولم يكن بينه وبينها ساتر أو كان وهو قصير - لا يبلغ ارتفاعه ثلثي ذراع أو بلغ ذلك وبعد عنه أكثر من ثلاثة أذرع حرم وإلاّ فلا، في البنيان يشترط الستر كما ذكرنا وإلاّ فيحرمان إلا فيما بني لذلك وهذا التفصيل للخراسانيين وصحّحه في المجموع.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ لَا تسْتَقْبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل إِلَّا عِنْد الْبناء جِدَار أَو نَحوه)
أَي هَذَا بابُُ فبابُ مَرْفُوع على الخبرية منون لعدم صِحَة الْإِضَافَة قَوْله لَا يسْتَقْبل الْقبْلَة يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ أَحدهمَا أَن يكون تسْتَقْبل بِضَم التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق على صِيغَة الْمَجْهُول وَقَوله الْقبْلَة مَرْفُوع لِأَنَّهُ مفعول نَاب عَن الْفَاعِل وَالْآخر أَن يكون يسْتَقْبل بِفَتْح الْيَاء آخر الْحُرُوف على صِيغَة الْمَعْلُوم أَي لَا يسْتَقْبل قَاضِي حَاجته الْقبْلَة والقبلة مَنْصُوب بِهِ وَلَام يسْتَقْبل يجوز فِيهَا وَجْهَان أَيْضا أَحدهمَا الضَّم على أَن تكون لَا نَافِيَة وَالْآخر الْكسر على أَن تكون ناهية قَوْله بغائط الْبَاء فِيهِ ظرفية وَفِي الْمُحكم الْغَائِط والغوط المتسع من الأَرْض مَعَ طمأنينة وَجمعه أغواط وغياط وغيطان وكل مَا انحدر من الأَرْض فقد غاط وَمن بواطن الأَرْض المنبتة الْغِيطَان الْوَاحِد مِنْهَا غَائِط وَزَعَمُوا أَن الْغَائِط رُبمَا كَانَ فرسخا وَالْغَائِط اسْم للعذرة نَفسهَا لأَنهم كَانُوا يلقونها بالغيطان وَقيل لأَنهم كَانُوا إِذا أَرَادوا ذَلِك أَتَوا الْغَائِط وتغوط الرجل كِنَايَة عَن الخرأة والغوط أغمض من الْغَائِط وَأبْعد وَفِي الصِّحَاح وَجمع الْغَائِط غوط وَفِي الْمُخَصّص الْغَائِط أَصله المطمئن من الأَرْض وسمى المتوضأ غائطا لأَنهم كَانُوا يأتونه لقَضَاء الْحَاجة ثمَّ سمى الشَّيْء بِعَيْنِه غائطا وَقِرَاءَة الزُّهْرِيّ ( أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الغيط) مُخَفّفَة الْيَاء وَأَصله الغوط وَقيل لكل من قضى حَاجته قد أَتَى الْغَائِط يكنى بِهِ عَن الْعذرَة.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ أَصله المطمئن من الأَرْض كَانُوا يأتونه للْحَاجة فكنوا بِهِ عَن نفس الْحَدث كَرَاهَة لذكره بخاص اسْمه وَمن عَادَة الْعَرَب التعفف فِي ألفاظها وَاسْتِعْمَال الْكِنَايَة فِي كَلَامهَا وصون الْأَلْسِنَة عَمَّا تصان الْأَبْصَار والأسماع عَنهُ قلت الْحَاصِل أَنه اسْتعْمل للْخَارِج وَغلب على الْحَقِيقَة الوضعية فَصَارَ حَقِيقَة عرفية لَكِن لَا يقْصد بِهِ إِلَّا الْخَارِج من الدبر فَقَط للتفرقة فِي الحَدِيث بَينهمَا فِي قَوْله بغائط أَو بَوْل وَقد يقْصد بِهِ مَا يخرج من الْقبل أَيْضا فَإِن الحكم عَام وَفِي الْعبابُ غاط فِي الشَّيْء يغوط ويغيط غوطا وغيطا دخل فِيهِ يُقَال هَذَا رمل تغوط فِيهِ الْأَقْدَام وتغيط والغوط وَالْغَائِط المطمئن من الأَرْض الْوَاسِع..
     وَقَالَ  ابْن دُرَيْد الغوط أَشد انحطاطا من الْغَائِط وَأبْعد وَفِي قصَّة نوح عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام انسدت ينابيع الغوط الْأَكْبَر وأبواب السَّمَاء وَالْجمع غوط وأغواط وغياط صَارَت الْوَاو يَاء لانكسار مَا قبلهَا وَالْغَائِط أَيْضا الغوط من الأَرْض والغوطة الوهدة فِي الأَرْض المطمئنة والتركيب يدل على اطمئنان وغور قَوْله إِلَّا عِنْد الْبناء اسْتثِْنَاء من قَوْله لَا يسْتَقْبل الْقبْلَة.

     وَقَالَ  الْإِسْمَاعِيلِيّ لَيْسَ فِي حَدِيث الْبابُُ دلَالَة على الِاسْتِثْنَاء الَّذِي ذكره ثمَّ أجَاب عَن ذَلِك بِمَا حَاصله أَنه أَرَادَ بالغائط مَعْنَاهُ اللّغَوِيّ لَا مَعْنَاهُ الْعرفِيّ فَحِينَئِذٍ يَصح اسْتثِْنَاء الْأَبْنِيَة مِنْهُ.

     وَقَالَ  بَعضهم هَذَا قوي الْأَجْوِبَة قلت لَيْسَ كَذَلِك لأَنهم لما استعملوه للْخَارِج وَغلب هَذَا الْمَعْنى على الْمَعْنى الْأَصْلِيّ صَار حَقِيقَة عرفية غلبت على الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة فهجرت حَقِيقَته اللُّغَوِيَّة فَكيف ترَاد بعد ذَلِك.

     وَقَالَ  ابْن بطال هَذَا الِاسْتِثْنَاء لَيْسَ مأخوذا من الحَدِيث وَلَكِن لما علم من حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا اسْتثِْنَاء الْبيُوت بوب بِهِ لِأَن حَدِيثه عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام كُله كَأَنَّهُ شَيْء وَاحِد وَإِن اخْتلفت طرقه كَمَا أَن الْقُرْآن كُله كالآية الْوَاحِدَة وَإِن كثر وَتَبعهُ ابْن الْمُنِير فِي شَرحه وَاسْتَحْسنهُ بعض الشَّارِحين قلت فعلى هَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَن يذكر حَدِيث ابْن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا فِي هَذَا الْبابُُ عقيب حَدِيث أبي أَيُّوب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي يحْتَمل أَن يكون أَي الِاسْتِثْنَاء الْمَذْكُور مأخوذا من هَذَا الحَدِيث يَعْنِي حَدِيث أبي أَيُّوب إِذْ لفظ الْغَائِط مشْعر بِأَن الحَدِيث ورد فِي شَأْن الصحارى إِذْ الاطمئنان أَي الانخفاض والارتفاع إِنَّمَا يكون فِي الْأَرَاضِي الصحراوية لَا فِي الْأَبْنِيَة قلت الْعبْرَة لعُمُوم اللَّفْظ لَا لخُصُوص السَّبَب.

     وَقَالَ  ابْن الْمُنِير أَن اسْتِقْبَال الْقبْلَة إِنَّمَا يتَحَقَّق فِي الفضاء وَأما الْجِدَار والأبنية فَإِنَّهَا إِذا اسْتقْبلت أضيف إِلَيْهَا الِاسْتِقْبَال عرفا قلت كل من توجه إِلَى نَحْو الْكَعْبَة يُطلق عَلَيْهِ أَنه مُسْتَقْبل الْكَعْبَة سَوَاء كَانَ فِي الصَّحرَاء أَو فِي الْأَبْنِيَة فَإِن كَانَ فِي الْأَبْنِيَة فالحائل بَينه وَبَين الْقبْلَة هُوَ الْأَبْنِيَة وَإِن كَانَ فِي الصَّحرَاء فَهُوَ الْجبَال والتلال وَالصَّوَاب أَن يُقَال أَن الحَدِيث عِنْده عَام مَخْصُوص وَعَلِيهِ يُوَجه الِاسْتِثْنَاء قَوْله جِدَار بِالْجَرِّ بدل من الْبناء قَوْله أَو نَحوه أَي نَحْو الْجِدَار كالأحجار الْكِبَار والسواري والأساطين وَنَحْو ذَلِك وَفِي رِوَايَة الْكشميهني أَو غَيره وهما متقاربان.
وَوجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ ظَاهر

[ قــ :143 ... غــ :144 ]
- ( حَدثنَا آدم قَالَ حَدثنَا ابْن أبي ذِئْب قَالَ حَدثنَا الزُّهْرِيّ عَن عَطاء بن يزِيد اللَّيْثِيّ عَن أبي أَيُّوب الْأنْصَارِيّ قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَى أحدكُم الْغَائِط فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا يولها ظَهره شرقوا أَو غربوا) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة الْمُسْتَثْنى مِنْهَا ظَاهِرَة وَلَيْسَ لَهُ مُطَابقَة للمستثنى على مَا ذكرنَا وَمَا يطابقه هُوَ حَدِيث عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا على الْوَجْه الَّذِي نَقَلْنَاهُ الْآن عَن ابْن بطال فَمن هَذَا قَالَ صَاحب التَّلْوِيح فِي هَذَا الحَدِيث مَا يدل على عكس مَا قَالَه البُخَارِيّ وَذَلِكَ أَن أَبَا أَيُّوب رَاوِي الحَدِيث فهم مِنْهُ غير مَا ذكره البُخَارِيّ وَهُوَ تَعْمِيم النَّهْي والتسوية فِي ذَلِك بَين الصَّحَارِي والأبنية بَين ذَلِك بقوله فقدمنا الشَّام فَوَجَدنَا مراحيض قد بنيت نَحْو الْكَعْبَة فَكُنَّا ننحرف عَنْهَا ونستغفر الله تَعَالَى وَفِي حَدِيث مَالك قَالَ أَبُو أَيُّوب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فقدمنا الشَّام فَوَجَدنَا مراحيض بنيت قبل الْكَعْبَة فننحرف ونستغفر الله تَعَالَى وَعَن الزُّهْرِيّ عَن عَطاء سَمِعت أَبَا أَيُّوب عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مثله ذكره البُخَارِيّ فِي بابُُ قبْلَة أهل الْمَدِينَة فِي أَوَائِل الصَّلَاة وَفِي حَدِيث مَالك للنسائي عَن أبي أَيُّوب أَنه قَالَ وَالله مَا أَدْرِي كَيفَ أصنع بِهَذِهِ الكرابيس وَقد قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الحَدِيث ( بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة الأول آدم ابْن أبي إِيَاس وَقد تكَرر ذكره الثَّانِي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الْمُغيرَة بن الْحَارِث بن أبي ذِئْب هِشَام الْمدنِي العامري وَقد مر الثَّالِث مُحَمَّد بن مُسلم الزُّهْرِيّ وَقد تكَرر ذكره الرَّابِع أَبُو يزِيد عَطاء بن يزِيد من الزِّيَادَة اللَّيْثِيّ ثمَّ الجندعي بِضَم الْجِيم وَسُكُون النُّون وَضم الدَّال الْمُهْملَة وَفِي آخِره عين مُهْملَة الْمدنِي وَيُقَال الشَّامي التَّابِعِيّ لِأَنَّهُ سكن رَملَة الشَّام مَاتَ سنة سبع وَقيل خمس وَمِائَة عَن اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ سنة الْخَامِس أَبُو أَيُّوب خَالِد بن زيد بن كُلَيْب بن ثَعْلَبَة بن عبد عَوْف بن غنم الْأنْصَارِيّ النجاري شهد بَدْرًا والعقبة الثَّانِيَة وَعَلِيهِ نزل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين قدم الْمَدِينَة شهرا وَهُوَ من نجباء الصَّحَابَة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم روى لَهُ مائَة وَخَمْسُونَ حَدِيثا اتفقَا مِنْهَا على سَبْعَة وَانْفَرَدَ البُخَارِيّ بِحَدِيث وَكَانَ مَعَ عَليّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ فِي حروبه مَاتَ بِالْقُسْطَنْطِينِيَّةِ غازيا سنة خمسين وَذَلِكَ مَعَ يزِيد بن مُعَاوِيَة خرج مَعَه فَمَرض فَلَمَّا ثقل عَلَيْهِ الْمَرَض قَالَ لأَصْحَابه إِذا أَنا مت فاحملوني فَإِذا صافقتم الْعَدو فادفنوني تَحت أقدامكم فَفَعَلُوا فقبره قريب من سورها مَعْرُوف إِلَى الْيَوْم مُعظم فيستسقون بِهِ فيسقون وَأَبُو أَيُّوب فِي الصَّحَابَة ثَلَاثَة هَذَا أَجلهم وثانيهم يماني لَهُ رِوَايَة وثالثهم روى لَهُ عَن عَليّ بن مسْهر عَن الأفريقي عَن أَبِيه عَن أبي أَيُّوب فَلَعَلَّهُ الأول وَأَيوب يشْتَبه بأثوب بِسُكُون الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَفتح الْوَاو وَهُوَ أثوب بن عتبَة صَحَابِيّ روى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الديك الْأَبْيَض خليلي إِسْنَاده لَا يثبت رَوَاهُ عبد الْبَاقِي بن قَانِع حَدثنَا حُسَيْن حَدثنَا عَليّ بن بَحر حَدثنَا ملاذ بن عَمْرو عَن هَارُون بن نجيد عَن جَابر عَن أثوب بن عتبَة قَالَ قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والْحَارث ابْن أثوب تَابِعِيّ قَالَه عبد الْغَنِيّ.

     وَقَالَ  ابْن مَاكُولَا وَالصَّوَاب ثوب بِضَم الثَّاء وَفتح الْوَاو وأثوب بن أَزْهَر زوج قيلة بنت مخرمَة الصحابية رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا ( بَيَان لطائف إِسْنَاده) مِنْهَا أَن فِيهِ التحديث والعنعنة وَمِنْهَا أَن رُوَاته كلهم مدنيون مَا خلا آدم فَإِنَّهُ أَيْضا دخل إِلَيْهَا وَمِنْهَا أَن فِيهِ رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ.
( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الصَّلَاة عَن عَليّ عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن الزُّهْرِيّ بِهِ وَأخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى وَزُهَيْر وَابْن نمير وَأَبُو دَاوُد أَيْضا فِيهِ عَن مُسَدّد وَالتِّرْمِذِيّ فِيهِ أَيْضا عَن سعيد بن عبد الرَّحْمَن خمستهم عَن سُفْيَان بِهِ وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن مَنْصُور عَن سُفْيَان بِهِ وَعَن يَعْقُوب بن إِبْرَاهِيم عَن غنْدر عَن معمر عَن الزُّهْرِيّ بِمَعْنَاهُ.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ أَيْضا عَن أبي الطَّاهِر بن السَّرْح عَن ابْن وهب عَن يُونُس عَن الزُّهْرِيّ نَحوه ( بَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب) قَوْله إِذا أَتَى من الْإِتْيَان وَهُوَ الْمَجِيء وَقد أتيه أَتَيَا وأتوتة وأتوة لُغَة فِيهِ وَكلمَة إِذا للشّرط وَلِهَذَا دخلت الْفَاء فِي جوابها وَهُوَ قَوْله فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة قَوْله الْغَائِط مَنْصُوب بقوله أَتَى قَوْله فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة يجوز فِيهِ الْوَجْهَانِ أَحدهمَا أَن يكون نهيا فَتكون اللَّام مَكْسُورَة لِأَن الأَصْل فِي السَّاكِن إِذا حرك أَن يُحَرك بِالْكَسْرِ وَالْآخر أَن يكون نفيا فَتكون اللَّام مَضْمُومَة قَوْله وَلَا يولها نهى وَلِهَذَا حذفت مِنْهُ الْيَاء وَأَصله وَلَا يوليها من ولاه الشَّيْء إِذا استقبله وَفِي الْمطَالع وَقد يكون التولي بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال { فأينما توَلّوا فثم وَجه الله} أَي توَلّوا وُجُوهكُم وَالْهَاء مَفْعُوله الأول وظهره مَفْعُوله الثَّانِي وَهُوَ يَسْتَدْعِي مفعولين وَلِهَذَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي قَوْله تَعَالَى { وَلكُل وجهة هُوَ موليها} أَي موليها وَجهه فَحذف أحد المفعولين.

     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي { وَلكُل وجهة هُوَ موليها} أَي يستقبلها بِوَجْهِهِ وَهَهُنَا أَيْضا الْمَعْنى لَا يسْتَقْبل الْقبْلَة بظهره وَحَاصِل الْمَعْنى لَا يستدبر الْقبْلَة بظهره أَو لَا يَجْعَلهَا مُقَابل ظَهره قَوْله شرقوا جملَة من الْفِعْل وَالْفَاعِل وَكَذَلِكَ أَو غربوا من التَّشْرِيق وَهُوَ الْأَخْذ فِي نَاحيَة الْمشرق والتغريب وَهُوَ الْأَخْذ فِي نَاحيَة الْمغرب.
يُقَال شتان بَين مشرق ومغرب ( بَيَان الْمعَانِي) فِيهِ تَقْيِيد الْفِعْل بِالشّرطِ وَقد علم الْفرق بَين تَقْيِيده بِأَن وَبَين تَقْيِيده بإذا بِأَن أصل أَن عدم الْجَزْم بِوُقُوع الشَّرْط وأصل إِذا الْجَزْم بِوُقُوعِهِ وَغلب لفظ الْمَاضِي بإذا على الْمُسْتَقْبل لِأَن لفظ الْمَاضِي أنسب إِلَى مَدْلُول إِذا من لفظ الْمُسْتَقْبل لكَون الْمَاضِي أقرب إِلَى الْقطع بالوقوع من الْمُسْتَقْبل نظرا إِلَى اللَّفْظ لَا إِلَى الْمَعْنى فَإِنَّهُ يدل على الِاسْتِقْبَال لوُقُوعه فِي سِيَاق الشَّرْط وَفِيه أسلوب الِالْتِفَات من الْغَيْبَة إِلَى الْخطاب وَإِذا وَقع الْكَلَام على أساليب مُخْتَلفَة يزْدَاد رونقا وبهجة وحسنا سِيمَا هُوَ من كَلَام أفْصح النَّاس.

     وَقَالَ  الْخطابِيّ قَوْله شرقوا أَو غربوا خطاب لأهل الْمَدِينَة وَلمن كَانَت قبلته على ذَلِك السمت وَأما من قبلته إِلَى جِهَة الْمشرق أَو الْمغرب فَإِنَّهُ لَا يشرق وَلَا يغرب.

     وَقَالَ  الدَّاودِيّ اخْتلف فِي قَوْله شرقوا أَو غربوا فَقيل إِنَّمَا ذَلِك فِي الْمَدِينَة وَمَا أشبههَا كَأَهل الشَّام واليمن وَأما من كَانَت قبلته من جِهَة الْمشرق أَو الْمغرب فَإِنَّهُ يتيامن أَو يتشاءم.

     وَقَالَ  بَعضهم الْبَيْت قبْلَة لمن فِي الْمَسْجِد وَالْمَسْجِد قبْلَة لأهل مَكَّة وَمَكَّة قبْلَة لأهل الْحرم وَالْحرم قبْلَة لسَائِر أهل الأَرْض وَقَالُوا فِي قَوْله مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب قبْلَة فِيمَا يُحَاذِي الْكَعْبَة أَنه يُصَلِّي إِلَيْهِ من الْجِهَتَيْنِ وَلَا يشرق وَلَا يغرب يُحَاذِي كل طَائِفَة الْأُخْرَى فِي هَذَا لِأَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كرم الْبَيْت وَجعله مصلى يصلى إِلَيْهِ من كل جِهَة ( بَيَان استنباط الْأَحْكَام) الأول احْتج أَبُو حنيفَة رَضِي الله عَنهُ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور على عدم جَوَاز اسْتِقْبَال الْقبْلَة واستدبارها بالبول وَالْغَائِط سَوَاء كَانَ فِي الصَّحرَاء أَو فِي الْبُنيان أخذا فِي ذَلِك بِعُمُوم الحَدِيث هُوَ مَذْهَب مُجَاهِد وَإِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وسُفْيَان الثَّوْريّ وَأبي ثَوْر وَأحمد فِي رِوَايَة وَهُوَ مَذْهَب الرَّاوِي أَيْضا وَهُوَ أَبُو أَيُّوب الْأنْصَارِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ وَلِأَن الْمَنْع لأجل تَعْظِيم الْقبْلَة وَهُوَ مَوْجُود فِي الصَّحرَاء والبنيان فالجواز فِي الْبُنيان إِن كَانَ لوُجُود الْحَائِل فَهُوَ مَوْجُود فِي الصَّحرَاء فِي الْبِلَاد النائية لِأَن بَينهَا وَبَين الْكَعْبَة جبالا وأودية وَغير ذَلِك لَا سِيمَا عِنْد من يَقُول بكروية الأَرْض فَإِنَّهُ لَا موازاة إِذْ ذَاك بِالْكُلِّيَّةِ وَمَا ورد من قَول الشّعبِيّ أَنه علل ذَلِك بِأَن لله خلقا من عباده يصلونَ فِي الصَّحرَاء فَلَا تستقبلوهم وَلَا تستدبروهم وَأَنه لَا يُوجد فِي الْأَبْنِيَة فَهُوَ تَعْلِيل فِي مُقَابلَة النَّص وَلَهُم فِي ذَلِك أَحَادِيث أُخْرَى كلهَا عَامَّة فِي النَّهْي مِنْهَا حَدِيث عبد الله بن الْحَارِث بن جُزْء أَنا أول من سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول لَا يبولن أحدكُم مُسْتَقْبل الْقبْلَة وَأَنا أول من حدث النَّاس بذلك فَإِن قلت قَالَ ابْن يُونُس فِي تَارِيخه وَهُوَ حَدِيث مَعْلُول قلت لَا الْتِفَات إِلَى قَوْله هَذَا فَإِن ابْن حبَان قد صَححهُ.
وَمِنْهَا حَدِيث معقل بن أبي معقل نهى رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن تسْتَقْبل الْقبْلَتَيْنِ ببول أَو غَائِط أخرجه ابْن مَاجَه وَأَبُو دَاوُد وَأَرَادَ بالقبلتين الْكَعْبَة وَبَيت الْمُقَدّس وَيحْتَمل أَن يكون على معنى الاحترام لبيت الْمُقَدّس إِذْ كَانَ مرّة قبْلَة لنا وَيحْتَمل أَن يكون ذَلِك من أجل استدبار الْكَعْبَة لِأَن من استقبله فقد استدبر الْكَعْبَة وَمِنْهَا حَدِيث سلمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لقد نَهَانَا أَن نستقبل الْقبْلَة بغائط أَو بَوْل الحَدِيث أخرجه مُسلم وَالْأَرْبَعَة.
وَمِنْهَا حَدِيث أبي هُرَيْرَة إِنَّمَا أَنا لكم بِمَنْزِلَة الْوَالِد أعلمكُم فَإِذا أَتَى أحدكُم الْغَائِط فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة وَلَا يستدبرها الحَدِيث أخرجه مُسلم وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه فَإِن قلت حَدِيث أبي أَيُّوب فِي إِسْنَاده اخْتِلَاف فَرَوَاهُ إِبْرَاهِيم بن سعد عَن الزُّهْرِيّ عَن عبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن حَارِثَة عَن أبي أَيُّوب وَقيل عَن إِبْرَاهِيم عَن الزُّهْرِيّ عَن رجل عَن أبي أَيُّوب وَرَوَاهُ أَيُّوب بن أبي تَمِيمَة عَن الزُّهْرِيّ عَن رجلَيْنِ لم يسمهما عَن أبي أَيُّوب وأرسله نَافِع بن عمر الجُمَحِي عَن الزُّهْرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قلت رَوَاهُ عَن أبي أَيُّوب جمَاعَة مِنْهُم رَافع بن إِسْحَق وَعمر بن ثَابت وَأَبُو الْأَحْوَص وَعبد الرَّحْمَن بن يزِيد بن حَارِثَة وَعَن الزُّهْرِيّ ابْن أبي ذِئْب وَمعمر وَيُونُس وَابْن أخي الزُّهْرِيّ والنعمان بن رَاشد وَسليمَان بن كثير وَعبد الرَّحْمَن بن إِسْحَق وَأَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَمُحَمّد بن أبي حَفْصَة وَيزِيد بن أبي حبيب وَعقيل.

     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ وَالْقَوْل قَول ابْن أبي ذِئْب وَمن تَابعه وَفِي مُسْند الْحميدِي تَصْرِيح الزُّهْرِيّ بِسَمَاعِهِ إِيَّاه من عَطاء وَعَطَاء من أبي أَيُّوب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
ثمَّ اعْلَم أَن حَاصِل مَا للْعُلَمَاء فِي ذَلِك أَرْبَعَة مَذَاهِب.
أَحدهَا الْمَنْع الْمُطلق وَقد ذَكرْنَاهُ.
الثَّانِي الْجَوَاز مُطلقًا وَهُوَ قَول عُرْوَة بن الزبير وَرَبِيعَة الرَّأْي وَدَاوُد وَرَأى أَي هَؤُلَاءِ أَن حَدِيث أبي أَيُّوب مَنْسُوخ وَزَعَمُوا أَن ناسخه حَدِيث مُجَاهِد عَن جَابر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ نَهَانَا رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَن نستقبل الْقبْلَة أَو نستدبرها ببول ثمَّ رَأَيْته قبل أَن يقبض بعام يستقبلها أخرجه أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان وَالْحَاكِم وَزعم أَنه صَحِيح على شَرط مُسلم.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن غَرِيب قلت قَول الْحَاكِم صَحِيح على شَرط مُسلم غير صَحِيح لِأَن أبان رَاوِيه عَن مُجَاهِد عَن جَابر لم يخرج لَهُ مُسلم شَيْئا والْحَدِيث حَدِيثه وَعَلِيهِ يَدُور نعم صَححهُ البُخَارِيّ فِيمَا سَأَلَهُ التِّرْمِذِيّ عَنهُ فَقَالَ حَدِيث صَحِيح ذكره فِي الخلافيات للبيهقي وتقريب المدارك فِي الْكَلَام على موطأ مَالك فَإِن قلت قَالَ ابْن حزم هَذَا حَدِيث ضَعِيف لِأَنَّهُ رَوَاهُ أبان بن صَالح وَلَيْسَ هُوَ الْمَشْهُور قلت هَذَا مَرْدُود بتصحيح البُخَارِيّ وَغَيره.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين وَأَبُو زرْعَة وَأَبُو حَاتِم وَيَعْقُوب بن شيبَة وَالْعجلِي أبان بن صَالح ثِقَة.

     وَقَالَ  النَّسَائِيّ كَانَ حَاكما بِالْمَدِينَةِ وَلَيْسَ بِهِ بَأْس فَأَي شهرة أرفع من هَذِه.

     وَقَالَ  الْبَزَّار هَذَا حَدِيث لَا نعرفه ويروى عَن جَابر بِهَذَا اللَّفْظ بِإِسْنَاد أحسن من هَذَا الْإِسْنَاد فَإِن قلت قَالَ أَبُو عمر فِي التَّمْهِيد رد أَحْمد بن حَنْبَل حَدِيث جَابر رَضِي الله عَنهُ هَذَا وَهُوَ حَدِيث لَيْسَ بِصَحِيح فيعرج عَلَيْهِ لِأَن أبان ضَعِيف قلت إِن أَرَادَ بقوله رده أَحْمد الْعَمَل بِهِ فمحتمل وَإِن أَرَادَ بِهِ الرَّد الصناعي فَغير مُسلم لثُبُوته فِي مُسْنده لم يضْرب عَلَيْهِ كعادته فِيمَا لَيْسَ بِصَحِيح عِنْده أَو مَرْدُود على مَا بَينه الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيّ فِي خَصَائِص مُسْنده وَأما تَضْعِيفه الحَدِيث بِأَبَان فَغير موجه لثُبُوت توثيقه من الْجَمَاعَة الَّذين ذَكَرْنَاهُمْ وَأما قَول التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب فَهُوَ وَإِن كَانَ جمعا بَين الضدين بِحَسب الظَّاهِر وَلكنه لَعَلَّه أَرَادَ تفرد بعض رُوَاته وَكَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَن أبان هُوَ الْمُنْفَرد بِهِ فِيمَا أرى وَالله أعلم.
وَأما دَعْوَى النّسخ الْمَذْكُور فَلَيْسَتْ بظاهرة بل هُوَ اسْتِدْلَال ضَعِيف لِأَنَّهُ لَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا عِنْد تعذر الْجمع وَهُوَ مُمكن كَمَا سَيَجِيءُ بَيَانه إِن شَاءَ الله تَعَالَى على أَن حَدِيث جَابر مَحْمُول على أَنه رَآهُ فِي بِنَاء أَو نَحوه لِأَن ذَلِك هُوَ الْمَعْهُود من حَال النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لمبالغته فِي التستر.
الْمَذْهَب الثَّالِث أَنه لَا يجوز الِاسْتِقْبَال فِي الْأَبْنِيَة والصحراء وَيجوز الاستدبار فيهمَا وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَن أبي حنيفَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ.
الرَّابِع أَنه يحرم الِاسْتِقْبَال والاستدبار فِي الصَّحرَاء دون الْبُنيان وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَإِسْحَاق وَأحمد فِي رِوَايَة وَهُوَ مَرْوِيّ عَن ابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيث ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا الْآتِي ذكره عَن قريب إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَهَذِه الْمذَاهب الْأَرْبَعَة مَشْهُورَة عَن الْعلمَاء وَلم يذكر النَّوَوِيّ فِي شرح الْمَذْهَب غَيرهَا وَكَذَلِكَ عَامَّة شرَّاح البُخَارِيّ وَهَهُنَا ثَلَاثَة مَذَاهِب أُخْرَى.
مِنْهَا جَوَاز الاستدبار فِي الْبُنيان فَقَط تمسكا بِظَاهِر حَدِيث ابْن عمر وَهُوَ مَرْوِيّ عَن أبي يُوسُف.
وَمِنْهَا التَّحْرِيم مُطلقًا حَتَّى فِي الْقبْلَة المنسوخة وَهِي بَيت الْمُقَدّس وَهُوَ محكي عَن إِبْرَاهِيم وَابْن سِيرِين عملا بِحَدِيث معقل الْأَسدي الْمَذْكُور عَن قريب.
وَمِنْهَا أَن التَّحْرِيم مُخْتَصّ بِأَهْل الْمَدِينَة وَمن كَانَ على سمتها وَأما من كَانَت قبلته فِي جِهَة الْمشرق أَو الْمغرب فَيجوز لَهُ الِاسْتِقْبَال والاستدبار مُطلقًا لعُمُوم قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام شرقوا أَو غربوا قَالَه أَبُو عوَانَة صَاحب الْمُزنِيّ وبعكسه قَالَ البُخَارِيّ وَاسْتدلَّ بِهِ على أَنه لَيْسَ فِي الْمشرق وَلَا فِي الْمغرب قبله كَمَا سَيَأْتِي فِي بابُُ قبْلَة أهل الْمَدِينَة فِي كتاب الصَّلَاة إِن شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن قلت ادّعى الْخطابِيّ الْإِجْمَاع على عدم تَحْرِيم اسْتِقْبَال بَيت الْمُقَدّس لمن لَا يستدبر فِي استقباله الْكَعْبَة قلت فِيهِ نظر لما ذَكرْنَاهُ عَن إِبْرَاهِيم وَمُحَمّد بن سِيرِين وَهُوَ قَول بعض الشَّافِعِيَّة أَيْضا.
الثَّانِي من الْأَحْكَام فِيهِ إكرام الْقبْلَة عَن المواجهة بِالنَّجَاسَةِ مُطلقًا تَعْظِيمًا لَهَا وَلَا سِيمَا عِنْد الْغَائِط وَالْبَوْل.
الثَّالِث فِيهِ الْمُحَافظَة على الْأَدَب ومراعاته فِي كل حَال.
الرَّابِع استنبط ابْن التِّين مِنْهُ منع اسْتِقْبَال النيرين فِي حَالَة الْغَائِط وَالْبَوْل وَكَأَنَّهُ قاسه على اسْتِقْبَال الْقبْلَة وَلَيْسَ الْقيَاس بِظَاهِر على مَا لَا يخفى.
( فروع) من آدَاب الِاسْتِنْجَاء الإبعاد إِذا كَانَ فِي براح من الأَرْض أَو ضرب حجاب أَو ستر وأعماق الْآبَار والحفائر وَأَن لَا يرفع ثَوْبه حَتَّى يدنو من الأَرْض جَاءَ ذَلِك فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو مُحَمَّد الْأَعْمَش عَن أنس عَن أبي دَاوُد وتغطية الرَّأْس كَمَا كَانَ أَبُو بكر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ يَفْعَله وَترك الْكَلَام كَفعل عُثْمَان رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ والاستنجاء باليسار وَغسل الْيَد بعد الْفَرَاغ بِالتُّرَابِ رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه والاستجمار وَاجْتنَاب الروث والرمة وَأَن لَا يتَوَضَّأ فِي المغتسل لقَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يبولن أحدكُم فِي مغتسله وَينْزع خَاتمه إِذا كَانَ فِيهِ اسْم الله تَعَالَى رَوَاهُ النَّسَائِيّ وارتياد الْموضع الدمث وَأَن لَا يسْتَقْبل الشَّمْس وَالْقَمَر وَأَن لَا يَبُول قَائِما وَلَا فِي طَرِيق النَّاس وَلَا ظلهم وَلَا فِي المَاء الراكد ومساقط الثِّمَار وَصفَة الْأَنْهَار وَأَن يتكئ على رجله الْيُسْرَى وينثر ذكره ثَلَاثًا