هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1537 وحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِيِّ ، قَالَ : سَأَلَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : عَمَّا قَرَأَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ الْعِيدِ ؟ فَقُلْتُ : بِاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ، وَق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1537 وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا أبو عامر العقدي ، حدثنا فليح ، عن ضمرة بن سعيد ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن أبي واقد الليثي ، قال : سألني عمر بن الخطاب : عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد ؟ فقلت : باقتربت الساعة ، وق والقرآن المجيد
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'Abdullah b. 'Umar reported that (his father) 'Umar b. Khattab asked Abu Waqid al-Laithi what the Messenger of Allah (ﷺ) used to recite on 'Id-ul-Adha and 'Id-ul-Fitr. He said:

He used to recite in them: Qaf. By the Glorious Qur'an (Surah 1), The Hour drew near, and the moon was rent asunder (Surah liv.).

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال سألني عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد؟ فقلت بـ ( اقتربت الساعة) و( ق والقرآن المجيد) .



المعنى العام

شرع الله العيد للمسلمين مظهراً من مظاهر التمتع الحلال بالحياة الدنيا وزينتها، وفترة زمنية يتجه بها المسلم إلى بعض الشهوات، وبعض الملذات وبعض وسائل الترويح والابتهاج والسرور.

لكن الشريعة الإسلامية تحرص دائماً أن تحيط هذه الشهوات بالروحانية وأن تخلط الابتهاج والسرور الدنيوي بمزيج من العمل الأخروي حتى لا تتمحض الإنسانية إلى الشهوانية، والآدمية إلى البهيمية، فتراها تشرع وقت الإقبال على الأكل تسمية الله، بل تشرع الاستعاذة بالله، والتسمية عند بدء الشهوة بالنساء.

من هذا المنطلق شرعت في أيام العيد أن تبدأ بالتجمع، ليس بتجمع اللهو والمرح، ولكنه تجمع العبادة والطاعة والذكر والتكبير والصلاة والعظات.

تجمع يدعى إليه كل مسلم ومسلمة، حتى التي يحرم عليها المسجد للحيض وحتى الشابة التي يكسوها الحياء والأدب، وحتى التي اعتادت الخدر، ولزمت البيت، وحتى ذوات الأعذار عن الجماعات.
وحتى التي لا جلباب لها يمكنها من حضور هذا المشهد ولو أن تستعير جلباباً من صاحبتها.

هكذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج إلى ساحة الرحمة والرضوان في الصحراء العواتق الشابات، والمقصورات ذوات الخدور المخبآت، والبكر والعجوز.
الكل يخرج إلى مصلى العيد، تصلي من تصح منها الصلاة، وتجلس المعذورة خلف المصليات تسمع الوعظ، وتحضر الخير، وتستظل بالرحمات الإلهية.

يبدأ التجمع بصلاة ركعتين سنة عيد الفطر، أو سنة عيد الأضحى، دون أذان ولا إقامة، ودون نافلة قبلهما أو بعدهما، تتميزان عن الركعتين العاديتين بكثرة التكبير، وبقراءة سورة { { ق والقرآن المجيد } } بعد الفاتحة في الركعة الأولى، وسورة { { اقتربت الساعة } } بعد الفاتحة في الركعة الثانية.
لما فيها من عظات بالموت والبعث ومشاهد القيامة، ولما فيها من الوعيد الشديد.
ثم يخطب الإمام، يذكر الناس بالصدقة في عيد الفطر، وبالأضحية والإحسان في عيد الأضحى.
هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان لا يكتفي بسماع النساء لخطبته، ولكنه كان إذا انتهى من الخطبة طلب من الرجال الجلوس في أماكنهم ثم يشق صفوفهم حتى يأتي صفوف النساء ومعه بلال، يعظهن، ويقرأ عليهن بيعة النساء، فيأخذ عليهن العهد أن لا يعصين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهن بمعروف، ويخوفهن من النار إذا استجبن لطبيعتهن وأكثرن الشكوى وأنكرن جميل صاحب الجميل وفضل صاحب الفضل، ويوضح لهن أن الكثرة غير الشاكرة من النساء جعلتهن أكثر أهل النار، وليس كالصدقة عمل يطفئ غضب الرب ويغفر الذنب، وليس كالصدقة شيء يحمي من النار اتقوا النار ولو بشق تمرة.
ولذلك كانت دعوته للنساء في العيدين بالصدقة، وكانت النساء فضليات، رقيقات القلوب مسرعات للإجابة، فكن يخلعن حليهن من آذانهن وصدورهن وأيديهن، يلقين بها في ثوب بلال حين بسطه ليقبض فيه صدقاتهن.

وظل الأمر على ذلك في عهد أبي بكر وعمر وعثمان.
فلما كان عهد معاوية وولاته من الأمويين، ولما أدخلوا في خطبهم سب من لا يستحق السب ومدح من لا يستحق الثناء نفر الناس، وأصبحوا يتقاعسون عن الحضور فأحدث الولاة لصلاة العيد أذاناً، فكان المسلمون يحضرون الصلاة معهم، ثم ينصرفون فلا يستمعون لخطبهم، فقدم الولاة الخطبة على الصلاة ليلزموا الناس بالسماع، واستنكر فضلاء الصحابة تغيير هذه السنة، وأنكروا على الولاة صنيعهم لكن الولاة لم يستجيبوا لهم، ومضوا في بدعتهم، اللهم إلا ما كان من ابن الزبير فترة بيعته، حيث أعاد الخطبة إلى مكانها، ولم يؤذن للصلاة.

وهكذا كان اهتمام المسلمين بالعيد، وبصلاة العيد، وبخطبة العيد، ويتجمع المسلمين لاستقبال يوم العيد بشكر الله، وتكبيره، والثناء عليه أن هداهم للإيمان فكانوا صادقين.

المباحث العربية

( كتاب العيدين) قال النووي: قالوا: وسمي عيداً لعوده وتكراره.
وقيل: لعود السرور فيه.
وقيل: تفاؤلاً بعوده على من أدركه.
كما سميت القافلة -حين خروجها- قافلة أي راجعة، تفاؤلاً بقفولها سالمة.
وهو من عاد يعود عوداً وعيداً، كقال يقول قولاً وقيلاً، وجمع على أعياد، وأصله واوى للزوم الياء في المفرد، وقيل: للفرق بينه وبين أعواد الخشب.

( شهدت صلاة الفطر) أي حضرتها وصليتها.

( فنزل نبي الله) معطوف على محذوف، أي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم خطب فنزل، فهذا النزول كان بعد الانتهاء من الخطبة، كما هو صريح الرواية الثالثة، خلافاً لما قاله القاضي من أن هذا النزول كان أثناء الخطبة.

( كأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده) يجلس بضم الياء وفتح الجيم وتشديد اللام المكسورة، أي يأمرهم بالجلوس مشيراً بيده، والغرض من ذكر الراوي لهذه الجملة التوثيق من الرواية، وأنه يستحضرها، ويستحضر الصورة والهيئة التي حصلت حينئذ كأنها ماثلة أمامه، ينظر إليها.

( ثم أقبل يشقهم) من مكان الخطبة إلى صفوف الرجال يشق طريقه بينهم.

( حتى جاء النساء ومعه بلال) جملة ومعه بلال حال من فاعل جاء أي جاء مستصحباً بلالاً، وكان بلال خادماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم.

( أنتن على ذلك؟) حرف الاستفهام محذوف، والمشار إليه ما وقعت عليه المبايعة، أي أنتن مبايعات على هذه الأمور؟

( لا يدري حينئذ من هي) يدري بفتح الياء، مبني للمعلوم، قال النووي: هكذا وقع في جميع نسخ مسلم حينئذ وهو تصحيف، وصوابه: حسن وهو حسن بن مسلم الراوي عن طاوس الراوي عن ابن عباس.

( قال: فتصدقن) الفاء في جواب شرط مقدر، أي إذا بايعتن على ذلك فتصدقن.

( ثم قال: هلم) القائل بلال بعد أن بسط ثوبه، أي قال: أقبلن بالصدقة في ثوبي المبسوط.
وهلم اسم فعل أمر، ويلزم هذه الحالة من الإفراد مع المثنى والجمع والمذكر والمؤنث على اللغة الفصحى.

( فدى لكن أبي وأمي) قال النووي: فدى مقصور، بكسر الفاء وفتحها، ولكن بفتح اللام وضم الكاف وتشديد النون.

( يلقين الفتخ والخواتيم) الفتخ بضم الفاء والتاء، واحدها فتخة، كقصب واحدة قصبة.
واختلف في المراد بها، فقيل: الخواتيم الكبار.
وقيل: الخواتيم التي لا فصوص لها، فعطف الخواتيم على الفتخ من قبيل عطف الأعم على الأخص.
وقيل: الفتخ حلقات كانت تلبس في أصابع الأرجل، فعطف الخواتيم عليها عطف مغاير، لأن الخواتيم عند الإطلاق تنصرف إلى ما يلبس في أصابع اليدين، والخواتيم جمع خاتم.
قال النووي: وفيه أربع لغات.
فتح التاء وكسرها، وخاتام وخيتام.

( أشهد على رسول الله لصلى قبل الخطبة) المراد من الشهادة هنا الحلف، أو شهادة المشاهد، وجملة لصلى... جواب القسم، أو المشهود عليه أي أحلف لقد صلى، أو أشهد أنه قد صلى قبل الخطبة.

( وبلال قائل بثوبه) أي وبلال باسط ثوبه، كما هو لفظ الرواية الثالثة نزل الفعل وبسط الثوب منزلة القول في الدلالة على المطلوب ففتح الثوب للتلقي فيه، فهو في قوة هاتوا والقوا هنا.

( فجعلت المرأة تلقي الخاتم والخرص والشيء) الخرص بضم الخاء وحكى كسرها الحلقة الصغيرة من الحلي، سواء مما يوضع في إصبع اليد كالمعروف في أيامنا بالدبلة، أو مما يوضع في الرجل أو الأذن أو الأنف.
وقيل: هو القرط إذا كان بحبة واحدة، وعطف الشيء على الخاتم ليعم أصناف الحلي الأخرى، أو المراد به ما جاء في الرواية الرابعة من أقرطتهن التي تعلق في شحمة الأذن، وفي رواية البخاري: تلقي خرصها وسخابها، وفي روايتنا الثالثة عشرة: وتلقي سخابها.
قال في فتح الباري: والسخاب: قلادة من عنبر أو قرنفل أو غيره، ولا يكون فيه خرز.
وقيل: هو خيط فيه خرز، وسمي سخاباً لصوت خرزه عند الحركة، مأخوذ من السخب، وهو اختلاط الأصوات.

( يلقين النساء صدقة) قال النووي: هكذا هو في النسخ يلقين وهو جائز على تلك اللغة القليلة الاستعمال، ومنها حديث: يتعاقبون فيكم ملائكة.
وقولهم: أكلوني البراغيث.
اهـ والأصل أن نون النسوة هنا ضمير فاعل يلقين فالجمع بين الضمير وبين الاسم الظاهر جعل بعض النحاة يعربونه علامة جمع والفاعل الاسم الظاهر، وجعل بعضهم يعربونه الفاعل والاسم الظاهر بدل منه.

( زكاة الفطر؟) أي هل كانت الصدقة التي يلقينها صدقة الفطر؟

( تلقي المرأة فتخها، ويلقين ويلقين) قال النووي: هكذا هو في النسخ مكرر ويلقين ويلقين وهو صحيح، ومعناه ويلقين كذا، ويلقين كذا، كما ذكر في باقي الروايات.
اهـ فليس العطف للتكرار والتأكيد، وإنما لمغايرة المفعول.

( أحقاً على الإمام الآن؟) أي زمن ابن جريج وعطاء، وما بعده من الأزمان، وحقاً مصدر منصوب بفعل محذوف، أي يحق حقاً.

( إي.
لعمري)
إي همزة مكسورة بعدها ياء، معناها: نعم.
والقسم بعدها يؤكدها.
وفي القرآن: { { ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي } } [يونس: 53] .

( فقامت امرأة من سطة النساء) قال النووي: هكذا هو في النسخ سطة بكسر السين وفتح الطاء المخففة، وفي بعض النسخ واسطة النساء قال القاضي: معناه من خيارهن، والوسط العدل والخيار، قال: وزعم حذاق شيوخنا أن هذا الحرف مغير في كتاب مسلم، وأن صوابه من سفلة النساء، وكذا رواه ابن أبي شيبة في مسنده، والنسائي في سننه، وفي رواية لابن أبي شيبة: امرأة ليست من علية النساء.
وهذا ضد التفسير الأول، ويعضده قوله بعده: سفعاء الخدين.
هذا كلام القاضي.

قال النووي: وهذا الذي ادعوه من تغيير الكلمة غير مقبول، بل هي صحيحة، وليس المراد من خيار النساء كما فسره القاضي، بل المراد امرأة من وسط النساء، أي جالسة وسطهن.
قال الجوهري وغيره من أهل اللغة.
يقال: وسطت القوم أسطهم وسطاً وسطة، أي توسطتهم.
اهـ.

( سفعاء الخدين) بفتح السين، أي في خديها تغير وسواد.

( لأنكن تكثرن الشكاة) بفتح الشين، أي الشكوى.

( وتكفرن العشير) أي المعاشر والمخالط، وحمله بعضهم على الزوج، وحمله آخرون على الأعم.
والمراد أنهن يجحدن الإحسان.

( يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن) جمع قرط بضم القاف وسكون الراء، وهو كل ما علق بشحمة الأذن من ذهب أو خرز، ويقال في جمعه: قراط كرمح ورماح.
قال القاضي: قيل: الصواب قرطتهن بحذف الألف -وضم القاف وسكون الراء- وهو المعروف في جمع قرط، كخرج وخرجة، وقال: ولا يبعد صحة أقرطة ويكون جمع الجمع، أي جمع قراط، ولا سيما وقد صح في الحديث.

( ولا نداء ولا شيء) أي ولا شيء يقوم مقام النداء من ناقوس أو غيره من وسائل الإعلام، والمراد من النداء المنفي هنا، النداء بلفظ غير لفظ الأذان والإقامة، لعطفه عليهما.

( فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس) أي إن كانت له رغبة في إرسال طائفة من الجيش إلى جهة من الجهات ذكرها.

( حتى كان مروان بن الحكم) أي أميراً على المدينة من قبل معاوية.

( فخرجت مخاصراً مروان) قال النووي: أي مماشياً له يده في يدي.
هكذا فسروا.
اهـ يستبعد النووي بذلك ما هو مشهور في المخاصرة من التفاف الذراع حول الوسط والخاصرة.

( حتى أتينا المصلى) مصلى العيد في المدينة آنئذ، على مسافة ألف ذراع من باب المسجد.

( فإذا كثير بن الصلت) بن معاوية الكندي، تابعي كبير، ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة فسكنها وحالف بني جمح، وقد صح سماعه من عمر فمن بعده.

( قد بنى منبراً من طين ولبن) اللبن بكسر الباء قطع من طين جف وتحجر، والمراد من الطين هنا ما يوضع بين القطع الجافة لتتماسك الحائط.
قال الزين بن المنير: وإنما اختاروا أن يكون باللبن لا من الخشب، لكونه يترك في الصحراء في غير حرز، فيؤمن عليه النقل، بخلاف خشب منبر الجامع.

( أين الابتداء بالصلاة؟) قال النووي: هكذا ضبطناه على الأكثر، وفي بعض الأصول ألا ابتداء بالصلاة بألا التي للاستفتاح، وكلاهما صحيح، والأول أجود في هذا الموطن.

( ثم انصرف) مروان نحو المنبر، تاركاً مكان الصلاة.
وقيل: انصرف أبو سعيد عن جهة المنبر إلى جهة الصلاة.
وفي رواية البخاري: أنه صلى مع مروان.

( عن أم عطية قالت: أمرنا -يعني النبي صلى الله عليه وسلم) هذه الرواية بالبناء للمعلوم، بفتح الهمزة وفتح الميم وفتح الراء، فالفاعل في قولها ضمير يعود على المعهود ذهناً، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، كما أفصح بعض الرواة بتسمية الآمر، والرواية عند البخاري: أمرنا بالبناء للمجهول.

( أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور) نخرج بضم النون من أخرج، والعواتق مفعول، قال أهل اللغة: العواتق جمع عاتق، وهي الجارية البالغة.
وقيل: التي قاربت البلوغ.
وقيل: هي التي ما بين أن تبلغ إلى أن تعنس ما لم تتزوج.
قالوا: سميت عاتقاً لأنها عتقت من امتهانها في الخروج في الحوائج.
وذوات الخدور أي المتسترات بالبيوت اللائي لا يخرجن، فالمراد من الخدور البيوت.
وقيل: الخدر ستر يكون في ناحية البيت.

( وأمر الحيض) أمر بفتح الهمزة، والحيض بضم الحاء وتشديد الياء المفتوحة جمع حائض.

( كنا نؤمر بالخروج) أي معشر النساء.

( والمخبأة والبكر) بالرفع عطفاً على ضمير نائب الفاعل، والمراد من المخبأة ذات الخدر، والمراد بالبكر العاتق كما جاء في الرواية السابقة.

( إحدانا لا يكون لها جلباب) الخمار أشبه ما يسمى بالطرحة في محيطنا تغطي به المرأة رأسها، وينسدل خلف ظهرها وفوق صدرها، والجلباب قيل: هو الخمار.
وقيل: هو الخمار لكنه أقصر وأعرض من الخمار.
وقيل: هو ثوب واسع تغطي به صدرها وظهرها.
وقيل: هو كالملاء والملحفة.

( لتلبسها أختها من جلبابها) اللام لام الأمر، والمراد بالأخت الأخت في الإسلام، ومن تبعيضية، أي لتلبسها مسلمة بعض جلبابها، أي جلباباً من جلابيبها، وليس المراد قطعة من جلباب، والمراد الإلباس على سبيل الهبة دون إعادة، ويصح أن يكون على سبيل العارية.

وفي رواية للبخاري: قالت: يا رسول الله، على إحدانا بأس -إذا لم يكن لها جلباب- أن لا تخرج؟ فقال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها.

فقه الحديث

تتعرض أحاديث الباب إلى نقاط أساسية تتعلق بصلاة العيدين.

الأولى: حكم صلاة العيد والمعلوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفاءه الراشدين حافظوا عليها، ومن هذه المواظبة ذهب الحنفية إلى أنها واجبة، واستدل بعضهم على وجوبها بقوله تعالى: { { ولتكبروا الله على ما هداكم } } [البقرة: 185] وقوله تعالى: { { فصل لربك وانحر } } [الكوثر: 2] فقال: المراد صلاة العيد، والأمر للوجوب، ولا يخفى ضعف هذا الاستدلال.
وذهب الشافعية إلا أنها سنة مؤكدة، وبه قال مالك في الصحيح عنه.
وذهب الحنابلة إلى أنها فرض كفاية، إذا امتنع أهل موضع من إقامتها قوتلوا عليها كسائر فروض الكفاية، وبه قال مالك في رواية عنه.

الثانية: أنه لا أذان ولا إقامة، وقد صرحت الروايات الرابعة والخامسة والسادسة بذلك.
قال النووي: وهو إجماع العلماء اليوم، وهو المعروف من فعل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، قال: ويستحب أن يقال فيها: الصلاة جامعة.
بنصب الصلاة على الإغراء، ونصب جامعة على الحال.
اهـ فقول الحديث في الرواية الخامسة: ولا نداء ولا شيء.
يتأول على أن المراد، لا أذان ولا إقامة ولا نداء في معناهما، ولا شيء من ذلك.
قاله النووي.
ونقل عن الشافعي أنه قال: واجب أن يأمر الإمام المؤذن أن يقول في الأعياد وما جمع الناس من الصلاة: الصلاة جامعة، أو الصلاة، فإن قال: هلموا إلى الصلاة، أو حي على الصلاة، أو قامت الصلاة، كرهنا له ذلك.
اهـ.

وجمهور الفقهاء على أنه لا يقال أمام صلاة العيد شيء من الكلام أصلاً، وظاهر رواياتنا الخامسة تؤيدهم: لا أذان...ولا إقامة، ولا نداء ولا شيء.
قال مالك في الموطأ: سمعت غير واحد من علمائنا يقول: لم يكن في الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.
اهـ.

واختلف في أول من أحدث الأذان لصلاة العيد، والصحيح أنه معاوية وتبعه عاملاه زياد بالبصرة، ومروان بالمدينة.

الثالثة: كونها في مصلى في الصحراء لا في المسجد، وظاهر من الروايات أن ذلك كان صنيع رسول الله صلى الله عليه وسلم مع المواظبة منذ شرعت صلاة العيد في السنة الثانية من الهجرة حتى لقى الرفيق الأعلى، وكذا الخلفاء الراشدون بعده مع فضيلة مسجده صلى الله عليه وسلم، ولا خلاف في صحتها في المسجد وإنما الخلاف في المستحب أو الأفضل.
وجمهور الفقهاء على استحبابها في صحراء قريبة، إلا بمكة، فتصلى بالمسجد الحرام، قيل: لسعته.
وقيل: لفضل البقعة، ومشاهدة الكعبة.
قال النووي: وعلى هذا عمل الناس في معظم الأمصار.
اهـ والحنابلة على كراهة صلاة العيد بالجامع في غير مكة إلا لعذر كمطر ونحوه، لما روى أبو داود عن أبي هريرة قال: أصابنا مطر في يوم عيد فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد.
قالوا: وإنما صلى أهل مكة في المسجد لسعته، وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصحراء والمصلى لضيق المسجد، فدل على أن المسجد أفضل إذا اتسع.
قاله النووي.

ومقتضى كلام الشافعي، أن العلة تدور على الضيق والسعة، لا لذات الخروج إلى الصحراء، لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حصل في المسجد مع أفضليته كان أولى.

الرابعة: أنه يشرع للعيد خطبة، وأن موقعها بعد الصلاة، وصريح الروايات أن الأمر كان على ذلك زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان.
والرواية التاسعة تشير إلى أن أول من خطب للعيد قبل الصلاة مروان بن الحكم، حين كان والياً على المدينة من قبل معاوية، لكن روى ابن المنذر بإسناد صحيح إلى الحسن البصري قال: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم -كالعادة- فرأى ناساً لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، فلعل عثمان فعل ذلك أحياناً لمصلحة.

وروي أن عمر فعل ذلك، لكن هذه الرواية لم تصح، وروي أن أول من قدم الخطبة على الصلاة معاوية.
وروي أنه زياد بالبصرة.

وجمع بأن أول من فعل ذلك معاوية وتابعه عاملاه زياد بالبصرة ومروان بالمدينة.
وقد أوضحت بعض الروايات دافع الأمويين لتقديم الخطبة، وهو أن الناس في زمنهم كانوا يتعمدون ترك سماع خطبتهم، لما فيها من سب من لا يستحق السب والإفراط في مدح بعض الناس، وقد زاد البخاري في مثل روايتنا التاسعة قول ابن مروان: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة.

وأيا كان أول من فعل ذلك، وأياً كان الدافع، فالصلاة صحيحة بعد الخطبة، والرواية التاسعة تدل على ذلك، فقد صلى أبو سعيد الخدري خلف مروان بعد الخطبة، ولولا صحتها لما صلاها معه.
قال النووي: واتفق أصحابنا على أنه لو قدمها على الصلاة صحت، ولكنه يكون تاركاً للسنة مفوتاً للفضيلة، بخلاف خطبة الجمعة، فإنه يشترط لصحة صلاة الجمعة تقدم خطبتها عليها، لأن خطبة الجمعة واجبة، وخطبة العيد مندوبة.
اهـ

وبناء على هذا لا يجب حضور الخطبة وإن كان مستحباً، يؤكد ذلك، ما رواه ابن ماجه بإسناد ثقات عن عبد الله بن السائب قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد، فلما قضى الصلاة قال: إنا نخطب، فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب.

الخامسة: خروج النساء إلى مصلى العيد، وفيه خلاف بين الفقهاء، وظاهر الرواية العاشرة والحادية عشرة والثانية عشرة، استحباب إخراج النساء إلى المصلى، حتى الشابات والمخبآت والحيض، على أن يكون الحيض بعيدات عن مصلى المسلمين غير مختلطات بالطاهرات، وهذا المنع منع تنزيه لا تحريم، لأن المصلى ليس مسجداً حتى يحرم على الحائض.

قال النووي عن خروج النساء إلى مصلى العيد: قال أصحابنا: يستحب إخراج النساء غير ذوات الهيئات والمستحسنات في العيدين، دون غيرهن، وأجابوا على إخراج ذوات الخدور والمخبأة بأن المفسدة في ذلك الزمن كانت مأمونة بخلاف اليوم، ولهذا صح عن عائشة -رضي الله عنها: لو رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل.
قال القاضي عياض: واختلف السلف في خروجهن للعيدين، فرأى جماعة ذلك حقاً عليهن، منهم أبو بكر وعلي وابن عمر وغيرهم -رضي الله عنهم- ومنهم من منعهن ذلك، منهم عروة والقاسم ويحيى الأنصاري ومالك في رواية عنه وأبو يوسف، وأجازه أبو حنيفة ومنعه مرة أخرى.
اهـ.

وعبارة الشافعي في الأم: وأحب شهود العجائز وغير ذوات الهيئة الصلاة.
ورواها بعضهم بغير واو العطف، أي وأحب شهود العجائز غير ذوات الهيئة.
وحجة المانعين مطلقاً حديث عائشة وتغير الزمان، وأجابوا عن هذا الحديث بأنه منسوخ، وأن ذلك كان أول الإسلام والمسلمون قليل، فأريد التكثير بحضورهن إرهاباًَ للعدو، وأما اليوم فلا يحتاج إلى ذلك.

وقال الحافظ ابن حجر: والأولى أن يخص خروج النساء بمن يؤمن عليها وبها الفتن، ولا يترتب على حضورها محذور، ولا تزاحم الرجال في الطرق ولا في المجامع.
اهـ.

وقال البدر العيني المتوفى سنة 855هـ: الغالب في هذا الزمان الفتنة والفساد، فينبغي أن يمنعن عن ذلك مطلقاً.
اهـ.

والذي تستريح إليه النفس، أن خروج النساء للعيد مستحب في حد ذاته لهذه الأحاديث الصحيحة، فإن لم تؤمن الفتنة وخشيت المفسدة من الخروج على المرأة أو منها منع، ولو للعجائز وذوات الهيئات غير الحسنة، فلكل ساقطة في الحي لاقطة، والقاعدة المعتمدة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فحكم خروج النساء للعيد ونحوه يختلف باختلاف الظروف والأحوال والآثار المترتبة عليه، والاحتياط منعه في هذه الأزمان، والله أعلم.

السادسة: التكبير يوم العيد، والرواية الحادية عشرة صريحة في مشروعية التكبير، ولفظها: الحيض يخرجن، فيكن خلف الناس يكبرن مع الناس.
قال النووي: فيه دليل على استحباب التكبير لكل أحد في العيدين، وهو مجمع عليه.
اهـ.

والخلاف بين الفقهاء في أوقاته وكيفيته ، وله مواطن:

الموطن الأول: في عيد الفطر، من مغرب ليلة العيد إلى الخروج لصلاة العيد، والشافعية على استحبابه.

الموطن الثاني: إذا خرج من بيته إلى الصلاة حتى يبلغ المصلى أو حتى يجلس الإمام، استحبه جماعة من الصحابة والسلف، فكانوا يكبرون إذا خرجوا حتى يبلغوا المصلى، فيرفعون أصواتهم.
وقد روي أن ابن عمر كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر حتى يأتي المصلى يوم العيد، ثم يكبر بالمصلى، حتى إذا جلس الإمام ترك التكبير، وكان يرفع صوته حتى يبلغ الإمام.
رواه الدارقطني.
وهو مستحب عند مالك والشافعي وأحمد.
وقال أبو حنيفة: يكبر في الخروج للأضحى دون الفطر، وخالفه أصحابه فقالوا بقول الجمهور.
قال بعضهم: والقياس أن يكبر في العيدين جميعاً لأن صلاتي العيدين لا تختلفان في التكبير فيهما، والخطبة بعدهما، وسائر سننهما، فكذلك التكبير في الخروج إليهما.

الموطن الثالث: التكبير قبل قراءة الفاتحة في صلاته في العيدين، وهو مستحب عند الفقهاء، لكنه سبع في الأولى غير تكبيرة الإحرام، وخمس في الثانية غير تكبيرة القيام عند الشافعية، ووافقهم مالك وأحمد في الثانية، وقالوا: سبع في الأولى إحداهن تكبيرة الإحرام.
وقال أبو حنيفة: خمس في الأولى بتكبيرة الإحرام، وأربع في الثانية بتكبيرة القيام.

وجمهور العلماء يرى أن هذه التكبيرات متوالية متصلة.
وقال عطاء والشافعي وأحمد: يستحب بين كل تكبيرتين ذكر الله تعالى.

الموطن الرابع: التكبير في افتتاح الخطبة، ويستحب في افتتاح الأولى تسع تكبيرات متواليات، وفي افتتاح الثانية سبع تكبيرات متواليات، ويكثر في خطبتي العيد من التكبير.

أما تكبير الناس بتكبير الإمام في الخطبة فمالك يراه، وغيره يأباه.

الموطن الخامس: التكبير في عيد الأضحى، وللعلماء فيمن يستحب له اختلاف كبير، فمنهم من قصره على أعقاب الصلوات المكتوبات وغير المكتوبات، ومنهم من قصره على أعقاب المكتوبات، ومنهم من خصه بالرجال دون النساء، ومنهم من خصه بالجماعة دون المنفرد، ومنهم من خصه بالمؤداة دون المقضية، ومنهم من خصه بالمقيم دون المسافر، ومنهم من خصه بساكن المصر دون ساكن القرية، ونختار شمول الجميع، والآثار تؤيده.

كذلك اختلف العلماء في ابتدائه، فمنهم من جعل ابتداءه صبح يوم عرفة، ومنهم من جعل ابتداءه ظهر يوم عرفة، ومنهم من جعله عصر يوم عرفة، ومنهم من جعله صبح يوم النحر، ومنهم من جعله ظهر يوم النحر.

واختلفوا في انتهائه، فقيل: إلى ظهر يوم النحر.
وقيل: إلى عصره.
وقيل: إلى ظهر ثانية.
وقيل: إلى صبح آخر أيام التشريق.
وقيل: إلى ظهره.
وقيل إلى عصره.

قال الحافظ ابن حجر: ولم يثبت في شيء من ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث.
والله أعلم.

وأما صيغة التكبير فقيل: الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر كبيراً.
وبعضهم يزيد: ولله الحمد.

وقيل: الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.

وقيل: الله أكبر، الله أكبر.
لا إله إلا الله.
الله أكبر.
الله أكبر.
ولله الحمد.

ولم يثبت في شيء من ذلك حديث.

ويؤخذ من الأحاديث فوق ما تقدم

1- استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الإسلام، وتذكيرهن بما يجب عليهن وما يستحب لهن، وحثهن على الصدقة.

2- ظاهر الرواية الرابعة أنه يلزم خطيب العيد أن يفعل ذلك، لكن قال ابن بطال: أما إتيانه إلى النساء، ووعظهن، وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد خاص به صلى الله عليه وسلم عند العلماء، لأنه أب لهن، وهم مجمعون على أن الخطيب لا يلزمه خطبة أخرى للنساء، ولا يقطع خطبته ليتمها عند النساء.

وقال القاضي عياض: هذا الذي قاله عطاء غير موافق عليه، ولم يرتض النووي قول القاضي عياض، وقال: بل يستحب إذا لم يسمعهن أن يأتيهن بعد فراغه، ويعظهن ويذكرهن.

وجمهور العلماء على أن محل ذلك إذا أمنت الفتنة والمفسدة بالنسبة للواعظ والموعوظ وغيرهم.

3- من الرواية الأولى مشروعية تجليس المصلين لمصلحة، كتأمين وصول النساء إلى بيوتهن وحمايتهن من اختلاط الرجال بهن.

4- جواز استصحاب الإمام لرجل عند ذهابه للنساء، إذا دعت الحاجة إليه، والمعلوم أن بلالاً كان خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم والقائم على قبض الصدقات.

5- أخذ العهد على الطاعة في المعروف قبل الأمر به، فقد قرأ صلى الله عليه وسلم آية المبايعة بهدف تذكيرهن بقوله تعالى: { { ولا يعصينك في معروف } } [الممتحنة: 12] ثم قال بعد ذلك: أنتن على ذلك؟.

6- أن جواب الواحد كاف عن الجماعة إذا لم يعترض عليه، ولم يمنع من اعتراضهم مانع، فقد أجابت امرأة واحدة عن النساء.

7- وفيه دليل على الاكتفاء في الجواب بنعم وتنزيلها منزلة الإقرار.

8- جواز طلب الصدقة من الأغنياء للمحتاجين، ولو كان الطالب غير محتاج.
قال الحافظ ابن حجر: وأخذ منه الصوفية جوازاً ما اصطلحوا عليه من الطلب من المريدين، ولا يخفى ما يشترط فيه من أن المطلوب له يجب أن يكون غير قادر على التكسب مطلقاً أو لما لا بد له منه.
اهـ.

9- وبسط الثوب لجمع الصدقة فيه.

10- جواز التفدية بالأب والأم.

11- ملاطفة العامل للصدقة لمن يدفعها إليه.

12- فيه دليل على رفيع مقام النساء اللائي حضرن عظة الرسول صلى الله عليه وسلم حيث بادرن إلى الصدقة بما يعز عليهن من حليهن، مع ضيق الحال في ذلك الوقت.

13- وأن صدقة التطوع لا تحتاج إلى إيجاب وقبول، بل يكفي فيها المعاطاة، لأنهن ألقين الصدقة في ثوب بلال من غير كلام منهن ولا من بلال ولا من غيره، وهو الصحيح من مذهب الشافعية.
لكن أكثر الحنفية يقولون بافتقارها إلى الإيجاب والقبول باللفظ كالهبة.

14- وفيه دلالة واضحة للشافعية والجمهور، القائلين بجواز صدقة المرأة من مالها بغير إذن زوجها، ولا يتوقف ذلك على ثلث مالها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسألهن هل استأذن أزواجهن في ذلك أم لا؟ وهل هذا خارج من الثلث أو لا؟ ولو اختلف الحكم بذلك لسأل.

وقال مالك: لا يجوز لهذا الزيادة على ثلث مالها إلا برضاء زوجها.

قال القرطبي: ولا يقال في هذا: إن أزواجهن كانوا حضوراً، لأن ذلك لم ينقل، ولو نقل، فليس فيه تسليم أزواجهن لهن ذلك، لأن من ثبت له الحق فالأصل بقاؤه حتى يصرح بإسقاطه، ولم ينقل أن القوم صرحوا بذلك.
اهـ.

15- ويؤخذ من الرواية الرابعة أن الصدقة من دوافع العذاب، لأنه أمرهن بالصدقة، ثم علل بأنهن أكثر أهل النار.

16- وبذل النصيحة، والإغلاظ لمن احتيج في حقه إلى ذلك.

17- وذم من يجحد إحسان ذي الإحسان.

18- وفيه دليل على أن الصدقات العامة إنما يصرفها في مصارفها الإمام.

19- ويؤخذ من الرواية التاسعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإن كان المنكر عليه والياً.

20- وأن الإنكار باليد لمن أمكنه مطلوب، ولا يجزئ عن اليد اللسان مع إمكان اليد.

21- وحلف العالم على صدق ما يخبر به.

22- والمباحثة في الأحكام، قال ابن بطال: إن تقديم مروان للخطبة ليس تغييراً للسنة، لأن المجتهد قد يؤدي اجتهاده إلى ترك الأولى إذا كان فيه المصلحة.
وقال البدر العيني: حمل أبو سعيد فعل النبي صلى الله عليه وسلم على التعيين، وحمله مروان على الأولوية، واعتذر عن ترك الأولى بما ذكره من تغير حال الناس، فرأى أن المحافظة على أصل السنة، وهو استماع الخطبة، أولى من المحافظة على هيئة فيها ليس من شرطها.

23- وجواز عمل العالم بخلاف الأولى الذي يدعو إليه، لأن أبا سعيد حضر الخطبة ولم ينصرف.

24- ويؤخذ من الرواية العاشرة والحادية عشرة استحباب خروج النساء إلى شهود العيدين، سواء كن شواب أم لا، وذوات هيئات أو لا، وقد سبق تفصيل القول في ذلك بما يغني عن المزيد.

25- وانعزال النساء عن الرجال إذا خرجن وحضرن مجامع العبادة، خوفاً من فتنة أو نظرة أو فكر ونحوه.
قاله النووي.

26- وأن من شأن العواتق والمخدرات عدم البروز إلا فيما إذن لهن، وأن ذلك من مظاهر التكريم وعدم التبذل.

27- ويؤخذ من الرواية الثانية عشرة استحباب حضور مجامع الخير، ودعاء المسلمين وحلق الذكر، والعلم ونحو ذلك.

28- والحث على حضور العيد لكل أحد، حيث طلب ممن لا جلباب لها أن تستعير جلباباً لتحضر به العيد، فغيرها ممن لا عذر له أولى بالحضور.

29- واستحباب إعداد المرأة جلباباً لها للخروج به في المناسبات.

30- ومشروعية عارية الثياب، على أساس أن المراد بالإلباس المأمور به إلباس على طريق العارية التي ترد بعد انتهاء المهمة.
وقال النووي: الصحيح أن معناه لتلبس جلباباً لا يحتاج إلى عارية.
اهـ أي على سبيل الهبة، ويؤيد الأول رواية الترمذي: فلتعرها أختها من جلابيبها.

31- فيه الحث على المواساة والتعاون على البر والتقوى.

32- ويؤخذ من الرواية الثالثة عشرة أنه لا سنة للعيد، لا قبلها ولا بعدها، وفي المسألة خلاف طويل، واستدل به مالك على كراهة الصلاة قبل العيد وبعده للإمام والمأمومين، وواضح أن الحديث لم يتعرض للمأمومين فلا دلالة فيه بالنسبة لهم، واستدل به الشافعي في الأم على أنه يجب على الإمام أن لا يتنفل قبل صلاة العيد أو بعدها، وفسره الرافعي بأنه يكره له ذلك، وقيده بعضهم بالمصلى.

أما المأمومون فلا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها، والحنفية يصلون قبلها لا بعدها، والحسن البصري ومالك في رواية عنه وجماعة يصلون بعدها لا قبلها، وأحمد لا يصلي قبلها ولا بعدها.
ويجيب من يجيز للإمام والمأمومين التنفل قبلها وبعدها بأن الحديث لا دلالة فيه على المواظبة، فيحتمل اختصاصه بالمصلى دون البيت، ثم إنه لا يلزم من ترك الصلاة كراهتها، والأصل أن لا منع حتى يثبت المنع.
والله أعلم.

33- في الرواية الرابعة عشرة والخامسة عشرة دليل الشافعي وموافقيه على أنه تسن القراءة في العيدين بسورتي { { اقتربت الساعة } } و { { ق والقرآن المجيد } }

قال العلماء: والحكمة في قراءتهما ما اشتملتا عليه من الإخبار بالبعث والإخبار عن القرون الأولى، وإهلاك المكذبين، وتشبيه بروز الناس للعيد ببروزهم للبعث وخروجهم من الأجداث كأنهم جراد منتشر.
قاله النووي.

والله أعلم