هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
160 حَدَّثَنَا مُوسَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
160 حدثنا موسى ، قال : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن يوسف بن ماهك ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : تخلف النبي صلى الله عليه وسلم عنا في سفرة سافرناها ، فأدركنا وقد أرهقنا العصر ، فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا ، فنادى بأعلى صوته : ويل للأعقاب من النار مرتين أو ثلاثا
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : تَخَلَّفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا العَصْرَ ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا ، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا .

Narrated `Abdullah bin `Amr:

The Prophet (ﷺ) remained behind us on a journey. He joined us while we were performing ablution for the `Asr prayer which was overdue and we were just passing wet hands over our feet (not washing them thoroughly) so he addressed us in a loud voice saying twice , Save your heels from the fire.

0163 Abd-ul-Lâh ben Amrû rapporta : Une fois, alors que nous étions en voyage, le Prophète resta en arrière. Il nous rejoignit au moment où le temps de la prière du asr était sur le point d’être achevé; nous commençâmes alors à faire nos ablutions mineures en nous essuyant les pieds. Et lui de s’écrier à voix haute par deux ou trois fois : « Malheur aux talons des supplices du Feu !«   

":"ہم سے موسیٰ نے بیان کیا ، ان سے ابوعوانہ نے ، وہ ابوبشر سے ، وہ یوسف بن ماہک سے ، وہ عبداللہ بن عمرو رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں ، وہ کہتے ہیں کہ( ایک مرتبہ ) رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم ایک سفر میں ہم سے پیچھے رہ گئے ۔ پھر ( تھوڑی دیر بعد ) آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے ہم کو پا لیا اور عصر کا وقت آ پہنچا تھا ۔ ہم وضو کرنے لگے اور ( اچھی طرح پاؤں دھونے کی بجائے جلدی میں ) ہم پاؤں پر مسح کرنے لگے ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا «ويل للأعقاب من النار» ’’ ایڑیوں کے لیے آگ کا عذاب ہے ‘‘ دو مرتبہ یا تین مرتبہ فرمایا ۔

0163 Abd-ul-Lâh ben Amrû rapporta : Une fois, alors que nous étions en voyage, le Prophète resta en arrière. Il nous rejoignit au moment où le temps de la prière du asr était sur le point d’être achevé; nous commençâmes alors à faire nos ablutions mineures en nous essuyant les pieds. Et lui de s’écrier à voix haute par deux ou trois fois : « Malheur aux talons des supplices du Feu !«   

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [163] .

     قَوْلُهُ  حَدثنِي مُوسَى بن إِسْمَاعِيلَ هُوَ التَّبُوذَكِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنَّا فِي سَفْرَةٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ سَافَرْنَاهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ عبد الله بن عَمْرو كَانَ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ مُحَقَّقًا إِلَّا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَمَّا غَزْوَةُ الْفَتْحِ فَقَدْ كَانَ فِيهَا لَكِنْ مَا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ مَكَّةَ بَلْ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ فَإِنَّ هِجْرَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ قَوْله أَرْهقنَا بِفَتْح الْهَاء وَالْقَاف وَالْعصر مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَالْعَصْرَ مَنْصُوبٌ بِالْمَفْعُولِيَّةِ وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ أَرْهَقَتْنَا بِفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ وَمَعْنَى الْإِرْهَاقِ الْإِدْرَاكُ وَالْغِشْيَانُ قَالَ بن بَطَّالٍ كَأَنَّ الصَّحَابَةَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ طَمَعًا أَنْ يَلْحَقَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلُّوا مَعَهُ فَلَمَّا ضَاقَ الْوَقْتُ بَادَرُوا إِلَى الْوُضُوءِ وَلِعَجَلَتِهِمْ لَمْ يُسْبِغُوهُ فَأَدْرَكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ.

.

قُلْتُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَأْخِيرِهِمْ قَالَهُ احْتِمَالًا وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونُوا أَخَّرُوا لِكَوْنِهِمْ عَلَى طُهْرٍ أَوْ لِرَجَاءِ الْوُصُولِ إِلَى الْمَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْد الْعَصْر أَي قرب دُخُول وَقتهَا فتوضؤوا وَهُمْ عِجَالٌ .

     قَوْلُهُ  وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا انْتَزَعَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ كَانَ بِسَبَبِ الْمَسْحِ لَا بِسَبَبِ الِاقْتِصَارِ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ الرِّجْلِ فَلِهَذَا قَالَ فِي التَّرْجَمَةِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ بِيضٌ تلوحلَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ فَتَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ بِإِجْزَاءِ الْمَسْحِ وَبِحَمْلِ الْإِنْكَارِ عَلَى تَرْكِ التَّعْمِيمِ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَرْجَحُ فَتُحْمَلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهَا بِالتَّأْوِيلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ أَيْ مَاءُ الْغُسْلِ جمعا بَين الرِّوَايَتَيْنِ وأصرح منذلك رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَهُ فَقَالَ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَمَنْ قَالَ بِالْمَسْحِ لَمْ يُوجِبْ مَسْحَ الْعَقِبِ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِتَعْمِيمِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمَا لُمْعَةٌ دَلَّ عَلَى أَنَّ فَرْضَهَا الْغَسْلُ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ التَّعْمِيمَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْغَسْلَ فَالرَّأْسُ تُعَمُّ بِالْمَسْحِ وَلَيْسَ فَرْضُهَا الْغَسْلَ .

     قَوْلُهُ  أَرْجُلِنَا قَابَلَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ فَالْأَرْجُلُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الرِّجَالِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْجُلٌ .

     قَوْلُهُ  وَيْلٌ جَازَ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا مَا رَوَاهُ بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعا ويل وَاد فِي جَهَنَّم قَالَ بن خُزَيْمَةَ لَوْ كَانَ الْمَاسِحُ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ عَنِ الشِّيعَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَسْحُ أَخْذًا بِظَاهِرِ قِرَاءَةِ وَأَرْجُلِكُمْ بِالْخَفْضِ وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرو بن عبسه الَّذِي رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مُطَوَّلًا فِي فَضْلِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ إِلَّا عَن على وبن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وَادّعى الطَّحَاوِيّ وبن حَزْمٍ أَنَّ الْمَسْحَ مَنْسُوخٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لِلْأَعْقَابِ أَيِ الْمَرْئِيَّةِ إِذْ ذَاكَ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ قَالَ الْبَغَوِيُّ مَعْنَاهُ وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلِهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّ الْعَقِبَ مُخْتَصٌّ بِالْعِقَابِ إِذَا قُصِّرَ فِي غَسْلِهِ وَفِي الْحَدِيثِ تَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِنْكَارِ وَتَكْرَارُ الْمَسْأَلَةِ لِتُفْهَمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعلم ( قَولُهُ بَابُ الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ) أَصْلُ الْمَضْمَضَةِ فِي اللُّغَةِ التَّحْرِيكُ وَمِنْهُ مَضْمَضَ النُّعَاسُ فِي عَيْنَيْهِ إِذَا تَحَرَّكَتَا بِالنُّعَاسِ ثُمَّ اشْتُهِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي وَضْعِ الْمَاءِ فِي الْفَمِ وَتَحْرِيكِهِ.

.
وَأَمَّا مَعْنَاهُ فِي الْوُضُوءِ الشَّرْعِيِّ فَأَكْمَلُهُ أَنْ يَضَعَ المَاء فيي الْفَمِ ثُمَّ يُدِيرُهُ ثُمَّ يَمُجُّهُ وَالْمَشْهُورُ عَنِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَحْرِيكُهُ وَلَا مَجُّهُ وَهُوَ عَجِيبٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْمَجُّ بَلْ لَوِ ابْتَلَعَهُ أَوْ تَرَكَهُ حَتَّى يسيل اجزأ قَوْله قَالَه بن عَبَّاسٍ قَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُهُ فِي أَوَائِلِ الطَّهَارَةِ .

     قَوْلُهُ  وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ سَيَأْتِي حَدِيثُهُ قَرِيبًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [163] حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنَّا فِي سَفْرَةٍ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا.
فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.
وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع وفي رواية أبي ذر حدّثني ( موسى) بن إسماعيل التبوذكي ( قال: حدّثنا) وفي رواية الأصيلي أخبرنا ( أبو عوانة) بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون العجمة واسمه جعفر بن أبي وحشية الواسطي ( عن يوسف بن ماهك) بكسر الهاء وفتحها منصرفًا وغير منصرف كما مرّ ( عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاص رضي الله عنه أنه ( قال) : ( تخلّف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنّا في سفرة) من مكة إلى المدينة في حجة الوداع أو عمرة القضية، ( فأدركنا) بفتح الكاف أي لحق بنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية كريمة وأبي الوقت في سفرة سافرناها فأدركنا ( وقد أرهقنا العصر) بسكون القاف من الإرهاق ونصب العصر مفعوله أي أخّرناها حتى دنا وقتها وهذه رواية أبي ذر، ولكريمة والأصيلي أرهقتنا بتأنيث الفعل العصر بالرفع على الفاعلية ولمسلم رجعنا مع رسول الله "-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر أي قرب دخول وقتها فتوضؤوا وهم عجال الحديث ( فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا) بالجمع مقابلة للجمع فالأرجل موزعة على الرجال ( فنادى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بأعلى صوته: ويل) دعاء بوادٍ في جهنم ( للأعقاب) أي لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها ( من النار) أو العقاب خاص بالأعقاب إذا قصر في غسلها والألف واللام في الأعقاب للعهد أي الأعقاب المرئية إذ ذاك، والعقب مؤخر القدم ( مرتين أو ثلاثًا) أي نادى مرتين أو ثلاثًا واستنبط من هذا الحديث الرد على الشيعة القائلينبأن الواجب المسح أخذًا بظاهر قراءة وأرجلكم بالخفض، إذ لو كان الفرض المسح لا توعد عليه بالنار.
لا يقال إن ظاهر رواية مسلم أن الإنكار عليهم إنما هو بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل حيث قال: فانتهينا إليهم وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء، لأن هذه الرواية من أفراد مسلم، والأولى ما اتفقا عليه فهي أرجح فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحتمل أن يكون معنى قوله لم يمسّها الماء أي الغسل جمعًا بين الروايتين، وقد صرّح بذلك في رواية مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلاً لم يغسل عقبه، وأيضًا فالقائلون بالمسح لم يوجبوا مسح العقب، وقد تواترت الأخبار عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله تعالى، وقد قال في حديث عمرو بن عنبسة المروي عند ابن خزيمة ثم يغسل قدميه كما أمره الله تعالى، وأما ما روي عن علي وابن عباس وأنس رضي الله عنهم من المسح، فقد ثبت عنهم الرجوع عنه.
وهذا الحديث قد سبق بسنده في باب من أعاد الحديث ثلاثًا من كتاب العلم إلا أن الراوي الأوّل هناك أبو النعمان وهنا موسى، والله أعلم بالصواب.
28 - باب الْمَضْمَضَةِ فِي الْوُضُوءِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ -رضي الله عنهم- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
هذا ( باب المضمضة في الوضوء) بإضافة باب لتاليه، وفي رواية باب بالتنوين المضمضة من الوضوء ( قاله) أي ما ذكر من المضمضة ( ابن عباس) فيما تقدم موصولاً في الطهارة ( وعبد الله بن زيد) أي ابن عاصم فيما يأتي قريبًا إن شاء الله تعالى في باب غسل الرجلين إلى الكعبين ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [163] حدّثنا مُوسَى قالَ حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبي بِشْرٍ عَنْ يُوسفَ بن ماهِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرٍ وقالَ تَخَلَّفَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَادْرَكَنَا وَقَدْ أرْهَقَنَا العَصْرُ فَجَعلْنا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أرْجُلنَا فَنَادَي بِأعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً.
( انْظُر الحَدِيث: 60 وطرفه) مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة تفهم من إِنْكَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسحهم على أَرجُلهم، لِأَنَّهُ مَا أنكر عَلَيْهِم بالوعيد إلاَّ لكَوْنهم لم يستوفوا غسل الرجلَيْن.
بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة، قد ذكرُوا كلهم، ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي قد مر فِي بَاب من قَالَ الْإِيمَان هُوَ الْعَمَل، وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: هُوَ الوضاح الْيَشْكُرِي، وَأَبُو بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: جَعْفَر بن أبي وحشية الوَاسِطِيّ، وماهك رُوِيَ بِكَسْر الْهَاء وَفتحهَا منصرفاً، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ الْقرشِي، وَهَذَا الْإِسْنَاد والْحَدِيث بعينهما قد تقدما فِي بَاب: من رفع صَوته بِالْعلمِ، وَفِي بَاب: من أعَاد الحَدِيث ثَلَاثًا فِي كتاب الْعلم بِلَا تفَاوت بَينه وَبَينهمَا إلاَّ فِي الرَّاوِي الأول، فَإِنَّهُ مُوسَى هَهُنَا.
وثمة فِي الْبَاب الأول: ابو النُّعْمَان.
وَفِي الْبَاب الثَّانِي: مُسَدّد.
وَقد ذكرنَا فِي بَاب: من رفع صَوته بِالْعلمِ، لطائف إِسْنَاده، وتعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره، وَبَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب والمعاني، وَبَيَان وَجه الاستنباط، فَنَذْكُر هَهُنَا مَا لم نذكرهُ هُنَاكَ.
قَوْله ( سافرناها) هُوَ رِوَايَة كَرِيمَة وَلَيْسَ هُوَ بِثَابِت فِي رِوَايَة غَيره، وَظَاهره أَن عبد الله بن عَمْرو كَانَ فِي تِلْكَ السفرة، وَوَقع فِي رِوَايَة لمُسلم: أَنَّهَا كَانَت من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَلم يَقع ذَلِك لعبد الله محققاً إلاَّ فِي حجَّة الْوَدَاع.
أما غَزْوَة الْفَتْح فقد كَانَ فِيهَا، لَكِن مَا رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا إِلَى الْمَدِينَة بل من مَكَّة من الْجِعِرَّانَة، وَيحْتَمل أَن تكون عمْرَة القاضاء، فإنن هِجْرَة عبد الله بن عَمْرو كَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت اَوْ قَرِيبا مِنْهُ.
قَوْله: ( فَأَدْرَكنَا) ، بِفَتْح الْكَاف أَي: لحق بِنَا رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: ( وَقد أَرْهقنَا الْعَصْر) بِفَتْح الْهَاء وَالْقَاف: من الإرهاق، وَالْعصر مَرْفُوع بِهِ لِأَنَّهُ فَاعل، هَكَذَا رِوَايَة ابي ذَر.
وَفِي روايةٍ بِإِسْكَان الْقَاف وَنصب الْعَصْر على المفعولية، وَيُقَوِّي الأول رِوَايَة الْأصيلِيّ: ( وَقد أرهقتنا) بتأنيث الْفِعْل وبرفع الصَّلَاة على الفاعلية.
قَوْله: ( ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) قد قُلْنَا: إِن ويل، مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَإِن كَانَ نكرَة لِأَنَّهُ دُعَاء، وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ على أَقْوَال أظهرها مَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) من حَدِيث ابي سعيد مَرْفُوعا: ( ويل وَاد فِي جَهَنَّم) .
وَالْألف وَاللَّام فِي: الأعقاب، للْعهد لِأَن المُرَاد المرئية من ذَلِك، وَهَذَا حجَّة على من يتَمَسَّك بِهِ فِي إِجْزَاء الْمسْح، لِأَنَّهُ لم يُوجب مسح الْعقب..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: لما أخرهم بتعميم غسل الرجلَيْن حَتَّى لَا يبْقى مِنْهَا لمْعَة دلّ على أَن فَرضهَا الْغسْل، وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن الْمُنِير بِأَن التَّعْمِيم لَا يسْتَلْزم الْغسْل، فالرأس تعم بِالْمَسْحِ وَلَيْسَ فَرضهَا الْغسْل.
قلت: هَذَا لَا يرد عَلَيْهِ أصلا، لِأَن كَلَامه فِيمَا يغسل، فَأمره بالتعميم يدل على فَرِيضَة الْغسْل فِي المغسول، وَالرَّأْس لَيْسَ بمغسول.
فَافْهَم.
وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار عَن النّبي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي صفة وضوئِهِ أَنه غسل رجلَيْهِ، وَهُوَ الْمُبين لأمر الله تَعَالَى، وَقد قَالَ فِي حَدِيث عَمْرو بن عَنْبَسَة الَّذِي رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَغَيره مطولا فِي فضل الْوضُوء: ( ثمَّ يغسل قدمية كَمَا أمره الله تَعَالَى) ، وَلم يثبت عَن أحد من الصَّحَابَة خلاف ذَلِك إِلَّا عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وانس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد ثَبت عَنْهُم الرُّجُوع عَن ذَلِك، وروى سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى أَنه قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غسل الْقَدَمَيْنِ.
وَالله أعلم.
28 - ( بابُ المَضْمَضَةِ فِي الوُضُوءِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان الْمَضْمَضَة فِي الْوضُوء.
والمناسبة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا مُشْتَمل على حكم من أَحْكَام الْوضُوء.
قالَهُ ابنُ عَبَّاسٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بنُ زَيْدٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمْ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذَا تَعْلِيق مِنْهُ، وَلكنه أخرج حَدِيث ابْن عَبَّاس مَوْصُولا فِي بَاب غسل الوجب باليدين، وَكَذَا حَدِيث عبد الله بنزيد بن عَاصِم.
أخرجه مَوْصُولا فِي بَاب غسل الرجلَيْن إِلَى الْكَعْبَيْنِ على مَا يَأْتِي عَن قريب.
فَإِن قلت: إِلَى مَا يرجع الضَّمِير فِي: قَالَه؟ قلت: يرجع إِلَى الْمَضْمَضَة، وَهُوَ فِي الأَصْل مصدر يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث، أَو يكون تذكير الضَّمِير بِاعْتِبَار الْمَذْكُور.
فان قلت: مقول القَوْل يَنْبَغِي أَن يكون جملَة، وَهَهُنَا مُفْرد.
قلت: القَوْل هَهُنَا بِمَعْنى الْحِكَايَة كَمَا فِي: قلت شعرًا، وَقلت قصيدة، وَالْمعْنَى حَكَاهُ ابْن عَبَّاس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، وَلَا حَاجَة إِلَى التَّقْدِير بِقَوْلِك: أَي قَالَ بالمضمضة ابْن عَبَّاس، كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْكرْمَانِي.
فَافْهَم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَولُهُ بَابُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ
كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَزَادَ أَبُو ذَرٍّ وَلَا يَمْسَحُ عَلَىالْقَدَمَيْنِ

[ قــ :160 ... غــ :163] .

     قَوْلُهُ  حَدثنِي مُوسَى بن إِسْمَاعِيلَ هُوَ التَّبُوذَكِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنَّا فِي سَفْرَةٍ زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ سَافَرْنَاهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ عبد الله بن عَمْرو كَانَ فِي تِلْكَ السَّفْرَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ أَنَّهَا كَانَتْ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَقَعْ ذَلِكَ لِعَبْدِ اللَّهِ مُحَقَّقًا إِلَّا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ أَمَّا غَزْوَةُ الْفَتْحِ فَقَدْ كَانَ فِيهَا لَكِنْ مَا رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ مَكَّةَ بَلْ مِنَ الْجِعِرَّانَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عُمْرَةُ الْقَضِيَّةِ فَإِنَّ هِجْرَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو كَانَتْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ قَوْله أَرْهقنَا بِفَتْح الْهَاء وَالْقَاف وَالْعصر مَرْفُوعٌ بِالْفَاعِلِيَّةِ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَفِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ بِإِسْكَانِ الْقَافِ وَالْعَصْرَ مَنْصُوبٌ بِالْمَفْعُولِيَّةِ وَيُقَوِّي الْأَوَّلَ رِوَايَةُ الْأَصِيلِيِّ أَرْهَقَتْنَا بِفَتْحِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ سَاكِنَةٌ وَمَعْنَى الْإِرْهَاقِ الْإِدْرَاكُ وَالْغِشْيَانُ قَالَ بن بَطَّالٍ كَأَنَّ الصَّحَابَةَ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ طَمَعًا أَنْ يَلْحَقَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُصَلُّوا مَعَهُ فَلَمَّا ضَاقَ الْوَقْتُ بَادَرُوا إِلَى الْوُضُوءِ وَلِعَجَلَتِهِمْ لَمْ يُسْبِغُوهُ فَأَدْرَكَهُمْ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ.

.

قُلْتُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَأْخِيرِهِمْ قَالَهُ احْتِمَالًا وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونُوا أَخَّرُوا لِكَوْنِهِمْ عَلَى طُهْرٍ أَوْ لِرَجَاءِ الْوُصُولِ إِلَى الْمَاءِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَاءٍ بِالطَّرِيقِ تَعَجَّلَ قَوْمٌ عِنْد الْعَصْر أَي قرب دُخُول وَقتهَا فتوضؤوا وَهُمْ عِجَالٌ .

     قَوْلُهُ  وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا انْتَزَعَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَيْهِمْ كَانَ بِسَبَبِ الْمَسْحِ لَا بِسَبَبِ الِاقْتِصَارِ عَلَى غَسْلِ بَعْضِ الرِّجْلِ فَلِهَذَا قَالَ فِي التَّرْجَمَةِ وَلَا يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ فَانْتَهَيْنَا إِلَيْهِمْ وَأَعْقَابُهُمْ بِيضٌ تلوح لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ فَتَمَسَّكَ بِهَذَا مَنْ يَقُولُ بِإِجْزَاءِ الْمَسْحِ وَبِحَمْلِ الْإِنْكَارِ عَلَى تَرْكِ التَّعْمِيمِ لَكِنَّ الرِّوَايَةَ الْمُتَّفَقَ عَلَيْهَا أَرْجَحُ فَتُحْمَلُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَيْهَا بِالتَّأْوِيلِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ لَمْ يَمَسَّهَا الْمَاءُ أَيْ مَاءُ الْغُسْلِ جمعا بَين الرِّوَايَتَيْنِ وأصرح منذلك رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رَجُلًا لَمْ يَغْسِلْ عَقِبَهُ فَقَالَ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَمَنْ قَالَ بِالْمَسْحِ لَمْ يُوجِبْ مَسْحَ الْعَقِبِ وَالْحَدِيثُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ.

     وَقَالَ  الطَّحَاوِيُّ لَمَّا أَمَرَهُمْ بِتَعْمِيمِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهُمَا لُمْعَةٌ دَلَّ عَلَى أَنَّ فَرْضَهَا الْغَسْلُ وَتعقبه بن الْمُنِيرِ بِأَنَّ التَّعْمِيمَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْغَسْلَ فَالرَّأْسُ تُعَمُّ بِالْمَسْحِ وَلَيْسَ فَرْضُهَا الْغَسْلَ .

     قَوْلُهُ  أَرْجُلِنَا قَابَلَ الْجَمْعَ بِالْجَمْعِ فَالْأَرْجُلُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الرِّجَالِ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ رَجُلٍ أَرْجُلٌ .

     قَوْلُهُ  وَيْلٌ جَازَ الِابْتِدَاءُ بِالنَّكِرَةِ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا مَا رَوَاهُ بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعا ويل وَاد فِي جَهَنَّم قَالَ بن خُزَيْمَةَ لَوْ كَانَ الْمَاسِحُ مُؤَدِّيًا لِلْفَرْضِ لَمَا تُوُعِّدَ بِالنَّارِ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا فِي كُتُبِ الْخِلَافِ عَنِ الشِّيعَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْمَسْحُ أَخْذًا بِظَاهِرِ قِرَاءَةِ وَأَرْجُلِكُمْ بِالْخَفْضِ وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَخْبَارُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ وُضُوئِهِ أَنَّهُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهُوَ الْمُبَيِّنُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَقَدْ قَالَ فِي حَدِيثِ عَمْرو بن عبسه الَّذِي رَوَاهُ بن خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ مُطَوَّلًا فِي فَضْلِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَغْسِلُ قَدَمَيْهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ خِلَافُ ذَلِكَ إِلَّا عَن على وبن عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُمُ الرُّجُوعُ عَنْ ذَلِكَ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى غَسْلِ الْقَدَمَيْنِ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُور وَادّعى الطَّحَاوِيّ وبن حَزْمٍ أَنَّ الْمَسْحَ مَنْسُوخٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  لِلْأَعْقَابِ أَيِ الْمَرْئِيَّةِ إِذْ ذَاكَ فَاللَّامُ لِلْعَهْدِ وَيَلْتَحِقُ بِهَا مَا يُشَارِكُهَا فِي ذَلِكَ وَالْعَقِبُ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ قَالَ الْبَغَوِيُّ مَعْنَاهُ وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْأَعْقَابِ الْمُقَصِّرِينَ فِي غَسْلِهَا وَقِيلَ أَرَادَ أَنَّ الْعَقِبَ مُخْتَصٌّ بِالْعِقَابِ إِذَا قُصِّرَ فِي غَسْلِهِ وَفِي الْحَدِيثِ تَعْلِيمُ الْجَاهِلِ وَرَفْعُ الصَّوْتِ بِالْإِنْكَارِ وَتَكْرَارُ الْمَسْأَلَةِ لِتُفْهَمَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ، وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى الْقَدَمَيْنِ
( باب غسل الرجلين) زاد أبو ذر فيما أفاده في الفتح ( ولا يمسح على القدمين) أي إذا كانتا عاريتين وهي كذا في الفرع ثابتة من غير تعيين.


[ قــ :160 ... غــ : 163 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: تَخَلَّفَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنَّا فِي سَفْرَةٍ، فَأَدْرَكَنَا وَقَدْ أَرْهَقْنَا الْعَصْرَ، فَجَعَلْنَا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا.
فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ «وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.


وبه قال: ( حدّثنا) بالجمع وفي رواية أبي ذر حدّثني ( موسى) بن إسماعيل التبوذكي ( قال: حدّثنا) وفي رواية الأصيلي أخبرنا ( أبو عوانة) بفتح العين المهملة الوضاح اليشكري ( عن أبي بشر) بكسر الموحدة وسكون العجمة واسمه جعفر بن أبي وحشية الواسطي ( عن يوسف بن ماهك) بكسر الهاء وفتحها منصرفًا وغير منصرف كما مرّ ( عن عبد الله بن عمرو) أي ابن العاص رضي الله عنه أنه ( قال) :
( تخلّف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عنّا في سفرة) من مكة إلى المدينة في حجة الوداع أو عمرة القضية، ( فأدركنا) بفتح الكاف أي لحق بنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وفي رواية كريمة وأبي الوقت في سفرة سافرناها فأدركنا ( وقد أرهقنا العصر) بسكون القاف من الإرهاق ونصب العصر مفعوله أي أخّرناها حتى دنا وقتها وهذه رواية أبي ذر، ولكريمة والأصيلي أرهقتنا بتأنيث الفعل العصر بالرفع على الفاعلية ولمسلم

رجعنا مع رسول الله "-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة إلى المدينة حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجل قوم عند العصر أي قرب دخول وقتها فتوضؤوا وهم عجال الحديث ( فجعلنا نتوضأ ونمسح على أرجلنا) بالجمع مقابلة للجمع فالأرجل موزعة على الرجال ( فنادى) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( بأعلى صوته: ويل) دعاء بوادٍ في جهنم ( للأعقاب) أي لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها ( من النار) أو العقاب خاص بالأعقاب إذا قصر في غسلها والألف واللام في الأعقاب للعهد أي الأعقاب المرئية إذ ذاك، والعقب مؤخر القدم ( مرتين أو ثلاثًا) أي نادى مرتين أو ثلاثًا واستنبط من هذا الحديث الرد على الشيعة القائلين بأن الواجب المسح أخذًا بظاهر قراءة وأرجلكم بالخفض، إذ لو كان الفرض المسح لا توعد عليه بالنار.

لا يقال إن ظاهر رواية مسلم أن الإنكار عليهم إنما هو بسبب الاقتصار على غسل بعض الرجل حيث قال: فانتهينا إليهم وأعقابهم بيض تلوح لم يمسها الماء، لأن هذه الرواية من أفراد مسلم، والأولى ما اتفقا عليه فهي أرجح فتحمل هذه الرواية عليها بالتأويل، فيحتمل أن يكون معنى قوله لم يمسّها الماء أي الغسل جمعًا بين الروايتين، وقد صرّح بذلك في رواية مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى رجلاً لم يغسل عقبه، وأيضًا فالقائلون بالمسح لم يوجبوا مسح العقب، وقد تواترت الأخبار عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في صفة وضوئه أنه غسل رجليه وهو المبين لأمر الله تعالى، وقد قال في حديث عمرو بن عنبسة المروي عند ابن خزيمة ثم يغسل قدميه كما أمره الله تعالى، وأما ما روي عن علي وابن عباس وأنس رضي الله عنهم من المسح، فقد ثبت عنهم الرجوع عنه.
وهذا الحديث قد سبق بسنده في باب من أعاد الحديث ثلاثًا من كتاب العلم إلا أن الراوي الأوّل هناك أبو النعمان وهنا موسى، والله أعلم بالصواب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ وَلاَ يَمْسَحُ عَلَى القَدَمَيْنِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم غسلم الرجلَيْن فِي الْوضُوء.
قَوْله: ( وَلَا يمسح على الْقَدَمَيْنِ) يَعْنِي: إِذا كَانَتَا عاريتين.
قَالَ الْقشيرِي: فهم البُخَارِيّ من هَذَا الحَدِيث أَن الْقَدَمَيْنِ لَا يمسحان بل يغسلان، وَهُوَ عِنْدِي غير جيد، لِأَنَّهُ مُفَسّر فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: إِن الاعقاب كَانَت تلوح لم يَمَسهَا المَاء، وَلَا شكّ أَن هَذَا مُوجب للوعيد بالِاتِّفَاقِ، وَالَّذين استدلوا على أَن الْمسْح غير مجزىء إِنَّمَا اعتبروا لَفظه فَقَط، فقد رتب الْوَعيد على مُسَمّى الْمسْح وَلَيْسَ فِيهَا ترك بعض الْوضُوء، وَالصَّوَاب إِذا جمعت الطّرق أَن يسْتَدلّ بِبَعْضِهَا على بعض، وَيجمع مَا يُمكن جمعه فِيهِ ليظْهر المُرَاد، وَلَو إستدل فِي غسل الرجلَيْن بِحَدِيث: ( إِذا تَوَضَّأ الْمُسلم فَغسل رجلَيْهِ خرجت كل خَطِيئَة بطشت بهَا رِجْلَاهُ) .
فَهَذَا يدل على أَن الرجل فَرضهَا الْغسْل لِأَنَّهُ لَو كَانَ فَرضهَا الْمسْح لم يكن فِي غسلهَا ثَوَاب.
أَلا ترى أَن الرَّأْس الَّذِي فَرضهَا الْمسْح لَا ثَوَاب فِي غسلهَا؟ قلت: لَا دخل فِي ذَلِك على البُخَارِيّ، لِأَنَّهُ فهم مِنْهُ أَن الْإِنْكَار عَلَيْهِم إِنَّمَا كَانَ بِسَبَب الْمسْح لَا بِسَبَب الِاقْتِصَار على غسل بعض الرجل، فلأجل ذَلِك قَالَ: ( وَلَا يمسح على الْقَدَمَيْنِ) .

فان قلت: مَا وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ؟ قلت: قد مر أَن الْبابُُ السَّابِق ذكر عقيب الَّذِي قبله للمعنى الَّذِي ذَكرْنَاهُ، فَيكون هَذَا الْبابُُ فِي الْحَقِيقَة يَتْلُو الْبابُُ الَّذِي قبله، والمناسبة بَينهمَا ظَاهِرَة لِأَن كلا مِنْهُمَا مُشْتَمل على حكم من أَحْكَام الْوضُوء.



[ قــ :160 ... غــ :163 ]
- حدّثنا مُوسَى قالَ حَدثنَا أبُو عَوَانَةَ عَنْ أبي بِشْرٍ عَنْ يُوسفَ بن ماهِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن عَمْرٍ وقالَ تَخَلَّفَ النَّبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَنَّا فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَادْرَكَنَا وَقَدْ أرْهَقَنَا العَصْرُ فَجَعلْنا نَتَوَضَّأُ وَنَمْسَحُ عَلَى أرْجُلنَا فَنَادَي بِأعْلَى صَوْتِهِ وَيْلٌ لِلأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ مَرَّتَيْنِ أوْ ثَلاثاً.

( انْظُر الحَدِيث: 60 وطرفه)
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة تفهم من إِنْكَار النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مسحهم على أَرجُلهم، لِأَنَّهُ مَا أنكر عَلَيْهِم بالوعيد إلاَّ لكَوْنهم لم يستوفوا غسل الرجلَيْن.

بَيَان رِجَاله وهم خَمْسَة، قد ذكرُوا كلهم، ومُوسَى هُوَ ابْن إِسْمَاعِيل التَّبُوذَكِي قد مر فِي بابُُ من قَالَ الْإِيمَان هُوَ الْعَمَل، وَأَبُو عوَانَة، بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة: هُوَ الوضاح الْيَشْكُرِي، وَأَبُو بشر، بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الشين الْمُعْجَمَة: جَعْفَر بن أبي وحشية الوَاسِطِيّ، وماهك رُوِيَ بِكَسْر الْهَاء وَفتحهَا منصرفاً، وَعبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ الْقرشِي، وَهَذَا الْإِسْنَاد والْحَدِيث بعينهما قد تقدما فِي بابُُ: من رفع صَوته بِالْعلمِ، وَفِي بابُُ: من أعَاد الحَدِيث ثَلَاثًا فِي كتاب الْعلم بِلَا تفَاوت بَينه وَبَينهمَا إلاَّ فِي الرَّاوِي الأول، فَإِنَّهُ مُوسَى هَهُنَا.
وثمة فِي الْبابُُ الأول: ابو النُّعْمَان.
وَفِي الْبابُُ الثَّانِي: مُسَدّد.

وَقد ذكرنَا فِي بابُُ: من رفع صَوته بِالْعلمِ، لطائف إِسْنَاده، وتعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره، وَبَيَان اللُّغَات وَالْإِعْرَاب والمعاني، وَبَيَان وَجه الاستنباط، فَنَذْكُر هَهُنَا مَا لم نذكرهُ هُنَاكَ.

قَوْله ( سافرناها) هُوَ رِوَايَة كَرِيمَة وَلَيْسَ هُوَ بِثَابِت فِي رِوَايَة غَيره، وَظَاهره أَن عبد الله بن عَمْرو كَانَ فِي تِلْكَ السفرة، وَوَقع فِي رِوَايَة لمُسلم: أَنَّهَا كَانَت من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَلم يَقع ذَلِك لعبد الله محققاً إلاَّ فِي حجَّة الْوَدَاع.
أما غَزْوَة الْفَتْح فقد كَانَ فِيهَا، لَكِن مَا رَجَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيهَا إِلَى الْمَدِينَة بل من مَكَّة من الْجِعِرَّانَة، وَيحْتَمل أَن تكون عمْرَة القاضاء، فإنن هِجْرَة عبد الله بن عَمْرو كَانَت فِي ذَلِك الْوَقْت اَوْ قَرِيبا مِنْهُ.
قَوْله: ( فَأَدْرَكنَا) ، بِفَتْح الْكَاف أَي: لحق بِنَا رَسُول الله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام.
قَوْله: ( وَقد أَرْهقنَا الْعَصْر) بِفَتْح الْهَاء وَالْقَاف: من الإرهاق، وَالْعصر مَرْفُوع بِهِ لِأَنَّهُ فَاعل، هَكَذَا رِوَايَة ابي ذَر.
وَفِي روايةٍ بِإِسْكَان الْقَاف وَنصب الْعَصْر على المفعولية، وَيُقَوِّي الأول رِوَايَة الْأصيلِيّ: ( وَقد أرهقتنا) بتأنيث الْفِعْل وبرفع الصَّلَاة على الفاعلية.
قَوْله: ( ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) قد قُلْنَا: إِن ويل، مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَإِن كَانَ نكرَة لِأَنَّهُ دُعَاء، وَاخْتلف فِي مَعْنَاهُ على أَقْوَال أظهرها مَا رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) من حَدِيث ابي سعيد مَرْفُوعا: ( ويل وَاد فِي جَهَنَّم) .
وَالْألف وَاللَّام فِي: الأعقاب، للْعهد لِأَن المُرَاد المرئية من ذَلِك، وَهَذَا حجَّة على من يتَمَسَّك بِهِ فِي إِجْزَاء الْمسْح، لِأَنَّهُ لم يُوجب مسح الْعقب..
     وَقَالَ  الطَّحَاوِيّ: لما أخرهم بتعميم غسل الرجلَيْن حَتَّى لَا يبْقى مِنْهَا لمْعَة دلّ على أَن فَرضهَا الْغسْل، وَاعْترض عَلَيْهِ ابْن الْمُنِير بِأَن التَّعْمِيم لَا يسْتَلْزم الْغسْل، فالرأس تعم بِالْمَسْحِ وَلَيْسَ فَرضهَا الْغسْل.
قلت: هَذَا لَا يرد عَلَيْهِ أصلا، لِأَن كَلَامه فِيمَا يغسل، فَأمره بالتعميم يدل على فَرِيضَة الْغسْل فِي المغسول، وَالرَّأْس لَيْسَ بمغسول.
فَافْهَم.

وَقد تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار عَن النّبي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِي صفة وضوئِهِ أَنه غسل رجلَيْهِ، وَهُوَ الْمُبين لأمر الله تَعَالَى، وَقد قَالَ فِي حَدِيث عَمْرو بن عَنْبَسَة الَّذِي رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة وَغَيره مطولا فِي فضل الْوضُوء: ( ثمَّ يغسل قدمية كَمَا أمره الله تَعَالَى) ، وَلم يثبت عَن أحد من الصَّحَابَة خلاف ذَلِك إِلَّا عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس وانس، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَقد ثَبت عَنْهُم الرُّجُوع عَن ذَلِك، وروى سعيد بن مَنْصُور عَن عبد الرَّحْمَن ابْن أبي ليلى أَنه قَالَ: اجْتمع أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على غسل الْقَدَمَيْنِ.
وَالله أعلم.