هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1819 حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ ، فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
1819 حدثنا آدم بن أبي إياس ، حدثنا ابن أبي ذئب ، حدثنا سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يدع قول الزور والعمل به ، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

The Prophet (ﷺ) said, Whoever does not give up forged speech and evil actions, Allah is not in need of his leaving his food and drink (i.e. Allah will not accept his fasting.)

D'après Abu Hurayra (radiallahanho), le Messager d'Allah (r ) dit: Celui qui ne renonce pas aux mensonges et aux pratiques qui y correspondent, Allah n'a nul besoin que ce jeûneur renonce à la nourriture et à la boisson.»

":"ہم سے آدم بن ابی ایاس نے بیان کیا ، کہا ہم سے ابن ابی ذئب نے بیان کیا ، ان سے سعید مقبری نے ، ان سے ان کے والد کیسان نے اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا اگر کوئی شخص جھوٹ بولنا اور دغابازی کرنا ( روزے رکھ کر بھی ) نہ چھوڑے تو اللہ تعالیٰ کو اس کی کوئی ضرورت نہیں کہ وہ اپنا کھانا پینا چھوڑ دے ۔

D'après Abu Hurayra (radiallahanho), le Messager d'Allah (r ) dit: Celui qui ne renonce pas aux mensonges et aux pratiques qui y correspondent, Allah n'a nul besoin que ce jeûneur renonce à la nourriture et à la boisson.»

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [1903] قَوْله حَدثنَا الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَن بن أبي ذِئْب وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن بن أَبِي ذِئْبٍ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ رَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنْهُ مثل الْجَمَاعَة وَرَوَاهُ بن السَّرَّاجِ عَنْهُ فَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِأَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بن خَالِد عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْقَاطِهِ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى بن الْمُبَارك فَأخْرجهُ بن حبَان من طَرِيقه بالاسقاط وَأخرجه النَّسَائِيّ وبن ماجة وبن خُزَيْمَةَ بِإِثْبَاتِهِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هَارُون وَيُونُس بن يحيى روياه عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِالْإِسْقَاطِ أَيْضًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَزِيدَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَالَّذِي يظْهر أَن بن أَبِي ذِئْبٍ كَانَ تَارَةً لَا يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ وَفِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ يَقُولُهَا وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو قَتَادَة الْحَرَّانِي عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فَقَالَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ شَاذٌّ وَالْمَحْفُوظُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن بن أَبِي ذِئْبٍ وَالْجَهْلَ وَكَذَا لِأَحْمَدَ عَنْ حَجَّاجٍ وَيزِيد بن هَارُون كِلَاهُمَا عَن بن أبي ذِئْب وَفِي رِوَايَة بن وَهْبٍ وَالْجَهْلَ فِي الصَّوْمِ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيق بن الْمُبَارَكِ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي بِهِ يُعُودُ عَلَى الْجَهْلِ وَالْأَوَّلُ جَعَلَهُ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ الزُّورِ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ وَلَمَّا رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا قَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ.

.

قُلْتُ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ مَنْ لَمْ يَدَعِ الْخَنَا وَالْكَذِبَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الزُّورِ الْكَذِبُ وَالْجَهْلِ السَّفَهُ وَالْعَمَلِ بِهِ أَيْ بِمُقْتَضَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامه وَشَرَابه قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَنْ يَدَعَ صِيَامَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ أَيْ يَذْبَحُهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَبْحِهَا وَلَكِنَّهُ عَلَى التَّحْذِيرِ وَالتَّعْظِيمِ لِإِثْمِ بَائِعِ الْخَمْرِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ إِرَادَةٌ فِي صِيَامِهِ فَوَضَعَ الْحَاجَةَ مَوْضِعَ الْإِرَادَةِ وَقَدْ سَبَقَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى شَيْء من ذَلِك قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا يَقُولُ الْمُغْضَبُ لِمَنْ رَدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا طَلَبَهُ مِنْهُ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ لَا حَاجَةَ لِي بِكَذَا فَالْمُرَادُ رَدُّ الصَّوْمِ الْمُتَلَبِّسِ بِالزُّورِ وَقَبُولُ السَّالِمِ مِنْهُ وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دماؤها وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَنْ يُصِيبَ رِضَاهُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنهُ الْقبُول.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ لَا يُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ الصِّيَامِ لَا يَقُومُ فِي الْمُوَازَنَةِ بِإِثْمِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيُّ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْسَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَاتِ وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ نَظَرَ الْقَبُولِ فَ.

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ مَجَازٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فَنَفَى السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبِّبَ وَاللَّهَ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ تَنْقُصُ الصَّوْمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا صَغَائِرُ تُكَفَّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ بِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَالَّذِي مَضَى فِي أَوَّلِ الصَّوْمِ دَلَالَةً قَوِيَّةً لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الرَّفَثَ وَالصَّخَبَ وَقَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ مِمَّا عُلِمَ النَّهْيُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَالصَّوْمُ مَأْمُورٌ بِهِ مُطْلَقًا فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ إِذَا حَصَلَتْ فِيهِ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِهَا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهَا فِيهِ مَشْرُوطَةً فِيهِ مَعْنًى يَفْهَمُهُ فَلَمَّا ذُكِرَتْ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ نَبَّهَتْنَا عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا زِيَادَةُ قُبْحِهَا فِي الصَّوْمِ عَلَى غَيْرِهَا وَالثَّانِي الْبَحْثُ عَلَى سَلَامَةِ الصَّوْمِ عَنْهَا وَأَنَّ سَلَامَتَهُ مِنْهَا صِفَةُ كَمَالٍ فِيهِ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تَقْتَضِي أَنْ يُقَبَّحَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الصَّوْمِ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ يَكْمُلُ بِالسَّلَامَةِ عَنْهَا قَالَ فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ عَنْهَا نَقَصَ ثُمَّ قَالَ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّكَالِيفَ قَدْ تَرِدُ بِأَشْيَاءَ وَيُنَبَّهُ بِهَا عَلَى أُخْرَى بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الصَّوْمِ الْعَدَمَ الْمَحْضَ كَمَا فِي الْمَنْهِيَّاتِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَعَلَّ الْقَصْدَ بِهِ فِي الْأَصْلِ الْإِمْسَاكُ عَنْ جَمِيعِ الْمُخَالَفَاتِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ يَشُقُّ خَفَّفَ اللَّهُوَأَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ وَنَبَّهَ الْغَافِلَ بِذَلِكَ عَلَى الْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ وَأَرْشَدَ إِلَى ذَلِكَ مَا تَضَمَّنَتْهُ أَحَادِيثُ الْمُبَيِّنِ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ فَيَكُونُ اجْتِنَابُ الْمُفْطِرَاتِ وَاجِبًا وَاجْتِنَابُ مَا عَدَاهَا مِنَ الْمُخَالَفَاتِ مِنَ الْمُكَمِّلَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لَمَّا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ تَرْجَمَ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَيْسَتْ قَوْلَ الزُّورِ وَلَا الْعَمَلَ بِهِ لِأَنَّهَا أَنْ يَذْكُرَ غَيْرَهُ بِمَا يَكْرَهُ وَقَوْلُ الزُّورِ هُوَ الْكَذِبُ وَقَدْ وَافَقَ التِّرْمِذِيَّ بَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ فَتَرْجَمُوا بِالْغِيبَةِ وَذَكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ ذِكْرِ قَوْلِ الزُّورِ وَالْعَمَلِ بِهِ الْأَمْرَ بِحِفْظِ النُّطْقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهِيَ الْجَهْلُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَاصِي.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَالْعَمَلَ بِهِ فَيَعُودُ عَلَى الزُّورِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ أَيْضًا عَلَى الْجَهْلِ أَيْ وَالْعَمَلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَنْبِيهٌ .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ لِلَّهِ وَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ من طَرِيق يزِيد بن هَارُون عَن بن أَبِي ذِئْبٍ فَلَيْسَ بِهِ بِمُوَحَّدَةٍ وَهَاءٍ ضَمِيرٍ فَإِن لم يكن تحريفا فَالضَّمِير للصَّائِم ( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ هَلْ يَقُولُ إِنِّي صَائِمٌ إِذَا شُتِمَ)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى قَبْلَ سِتَّةِ أَبْوَابٍ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ وَلَا يَصْخَبْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ بَعْدَهَا خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَلِبَعْضِهِمْ بِالسِّينِ بَدَلَ الصَّادِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ وَالصَّخَبُ الْخِصَامُ وَالصِّيَاحُ وَقَدْ تقدم أَن المُرَاد بالنهى عَنْ ذَلِكَ تَأْكِيدُهُ حَالَةَ الصَّوْمِ وَإِلَّا فَغَيْرُ الصَّائِمِ مَنْهِيٌّ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا .

     قَوْلُهُ  لَخُلُوفُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ لَخُلُفُ بِحَذْفِ الْوَاوِ كَأَنَّهَا صِيغَةُ جَمْعٍ وَيُرْوَى فِي غَيْرِ الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ لخفة عَلَى الْوَحْدَةِ كَتَمْرٍ وَتَمْرَةٍ .

     قَوْلُهُ  لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ زَادَ مُسْلِمٌ بِفِطْرِهِ وَقَولُهُ يَفْرَحُهُمَا أَصْلُهُ يَفْرَحُ بِهِمَا فَحَذَفَ الْجَارَّ وَوَصَلَ الضَّمِيرَ كَقَوْلِهِ صَامَ رَمَضَانَ أَيْ فِيهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ مَعْنَاهُ فَرِحَ بِزَوَالِ جُوعِهِ وَعَطَشِهِ حَيْثُ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ وَهَذَا الْفَرَحُ طَبِيعِيٌّ وَهُوَ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ وَقِيلَ إِنَّ فَرَحَهُ بِفِطْرِهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ تَمَامُ صَوْمِهِ وَخَاتِمَةُ عِبَادَتِهِ وَتَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّهِ وَمَعُونَةٌ عَلَى مُسْتَقْبَلِ صَوْمِهِ.

.

قُلْتُ وَلَا مَانِعَ مِنَ الْحَمْلِ عَلَى مَا هُوَ أَعَمُّ مِمَّا ذُكِرَ فَفَرَحُ كُلِّ أَحَدٍ بِحَسَبِهِ لِاخْتِلَافِ مَقَامَاتِ النَّاسِ فِي ذَلِكَ فَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ فَرَحُهُ مُبَاحًا وَهُوَ الطَّبِيعِيُّ وَمِنْهُمْ مَنْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا وَهُوَ مَنْ يَكُونُ سَبَبَهُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ أَيْ بِجَزَائِهِ وَثَوَابِهِ وَقِيلَ الْفَرَحُ الَّذِي عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ إِمَّا لِسُرُورِهِ بِرَبِّهِ أَوْ بِثَوَابِ رَبِّهِ عَلَى الِاحْتِمَالَيْنِ.

.

قُلْتُ وَالثَّانِي أَظْهَرُ إِذْ لَا يَنْحَصِرُ الْأَوَّلُ فِي الصَّوْمِ بَلْ يَفْرَحُ حِينَئِذٍ بِقَبُولِ صَوْمِهِ وترتب الْجَزَاء الوافر عَلَيْهِ( قَولُهُ بَابُ الصَّوْمِ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُزْبَةَ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الزَّايِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ الْعُزُوبَةُ بِزِيَادَةِ وَاوٍ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مِنَ الْعُزُوبَةِ مَا يَنْشَأُ عَنْهَا مِنْ إِرَادَةِ الْوُقُوعِ فِي الْعَنَتِ ثُمَّ أَوْرَدَ المُصَنّف فِيهِ حَدِيث بن مَسْعُودٍ الْمَشْهُورَ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي كِتَابِ النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْمُرَادُ مِنْهُ هُنَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ أَجْوَدَ مَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُونُ فِي رَمَضَانَ)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيث بن عَبَّاسٍ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ بِالْخَيْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي بَدْءِ الْوَحْيِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ وَجْهُ التَّشْبِيهِ بَيْنَ أَجْوَدِيَّتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْرِ وَبَيْنَ أَجْوَدِيَّةِ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّيحِ رِيحُ الرَّحْمَةِ الَّتِي يُرْسِلُهَا اللَّهُ تَعَالَى لِإِنْزَالِ الْغَيْثِ الْعَامِّ الَّذِي يَكُونُ سَبَبًا لِإِصَابَةِ الْأَرْضِ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِ الْمَيْتَةِ أَيْ فَيَعُمُّ خَيْرُهُ وَبِرُّهُ مَنْ هُوَ بِصِفَةِ الْفَقْرِ وَالْحَاجَةِ وَمَنْ هُوَ بِصِفَةِ الْغِنَى وَالْكِفَايَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَعُمُّ الْغَيْثُ النَّاشِئَةُ عَنِ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَولُهُ بَابُ مَنْ لَمْ يَدَعْ أَيْ يَتْرُكْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ زَادَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ فِي الصَّوْمِ قَالَ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ حَذَفَ الْجَوَابَ لِأَنَّهُ لَوْ نَصَّ عَلَى مَا فِي الْخَبَرِ لَطَالَتِ التَّرْجَمَةُ أَوْ لَوْ عَبَّرَ عَنْهُ بِحُكْمٍ مُعَيَّنٍ لَوَقَعَ فِي عُهْدَتِهِ فَكَانَ الإيجاز مَا صنع

[ قــ :1819 ... غــ :1903] قَوْله حَدثنَا الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ كَذَا فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ عَن بن أبي ذِئْب وَقد رَوَاهُ بن وهب عَن بن أَبِي ذِئْبٍ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ رَوَاهُ الرَّبِيعُ عَنْهُ مثل الْجَمَاعَة وَرَوَاهُ بن السَّرَّاجِ عَنْهُ فَلَمْ يَقُلْ عَنْ أَبِيهِ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بن خَالِد عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْقَاطِهِ أَيْضًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى بن الْمُبَارك فَأخْرجهُ بن حبَان من طَرِيقه بالاسقاط وَأخرجه النَّسَائِيّ وبن ماجة وبن خُزَيْمَةَ بِإِثْبَاتِهِ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ هَارُون وَيُونُس بن يحيى روياه عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِالْإِسْقَاطِ أَيْضًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَزِيدَ فَقَالَ فِيهِ عَنْ أَبِيهِ وَالَّذِي يظْهر أَن بن أَبِي ذِئْبٍ كَانَ تَارَةً لَا يَقُولُ عَنْ أَبِيهِ وَفِي أَكْثَرِ الْأَحْوَالِ يَقُولُهَا وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو قَتَادَة الْحَرَّانِي عَن بن أَبِي ذِئْبٍ بِإِسْنَادٍ آخَرَ فَقَالَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَعْلَبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ شَاذٌّ وَالْمَحْفُوظُ الْأَوَّلُ .

     قَوْلُهُ  قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي الْأَدَبِ عَن أَحْمد بن يُونُس عَن بن أَبِي ذِئْبٍ وَالْجَهْلَ وَكَذَا لِأَحْمَدَ عَنْ حَجَّاجٍ وَيزِيد بن هَارُون كِلَاهُمَا عَن بن أبي ذِئْب وَفِي رِوَايَة بن وَهْبٍ وَالْجَهْلَ فِي الصَّوْمِ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيق بن الْمُبَارَكِ مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْجَهْلَ وَالْعَمَلَ بِهِ جَعَلَ الضَّمِيرَ فِي بِهِ يُعُودُ عَلَى الْجَهْلِ وَالْأَوَّلُ جَعَلَهُ يَعُودُ عَلَى قَوْلِ الزُّورِ وَالْمَعْنَى مُتَقَارِبٌ وَلَمَّا رَوَى التِّرْمِذِيُّ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا قَالَ وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ.

.

قُلْتُ وَحَدِيثُ أَنَسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِلَفْظِ مَنْ لَمْ يَدَعِ الْخَنَا وَالْكَذِبَ وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِ الزُّورِ الْكَذِبُ وَالْجَهْلِ السَّفَهُ وَالْعَمَلِ بِهِ أَيْ بِمُقْتَضَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامه وَشَرَابه قَالَ بن بَطَّالٍ لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنْ يُؤْمَرَ بِأَنْ يَدَعَ صِيَامَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْذِيرُ مِنْ قَوْلِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ مَنْ بَاعَ الْخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الْخَنَازِيرَ أَيْ يَذْبَحُهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِذَبْحِهَا وَلَكِنَّهُ عَلَى التَّحْذِيرِ وَالتَّعْظِيمِ لِإِثْمِ بَائِعِ الْخَمْرِ.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ فَلَيْسَ لِلَّهِ إِرَادَةٌ فِي صِيَامِهِ فَوَضَعَ الْحَاجَةَ مَوْضِعَ الْإِرَادَةِ وَقَدْ سَبَقَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَى شَيْء من ذَلِك قَالَ بن الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ كَمَا يَقُولُ الْمُغْضَبُ لِمَنْ رَدَّ عَلَيْهِ شَيْئًا طَلَبَهُ مِنْهُ فَلَمْ يَقُمْ بِهِ لَا حَاجَةَ لِي بِكَذَا فَالْمُرَادُ رَدُّ الصَّوْمِ الْمُتَلَبِّسِ بِالزُّورِ وَقَبُولُ السَّالِمِ مِنْهُ وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دماؤها وَلَكِن يَنَالهُ التَّقْوَى مِنْكُم فَإِنَّ مَعْنَاهُ لَنْ يُصِيبَ رِضَاهُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنهُ الْقبُول.

     وَقَالَ  بن الْعَرَبِيِّ مُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ فَعَلَ مَا ذُكِرَ لَا يُثَابُ عَلَى صِيَامِهِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ ثَوَابَ الصِّيَامِ لَا يَقُومُ فِي الْمُوَازَنَةِ بِإِثْمِ الزُّورِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ.

     وَقَالَ  الْبَيْضَاوِيُّ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِيَّةِ الصَّوْمِ نَفْسَ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ بَلْ مَا يَتْبَعُهُ مِنْ كَسْرِ الشَّهَوَاتِ وَتَطْوِيعِ النَّفْسِ الْأَمَّارَةِ لِلنَّفْسِ الْمُطْمَئِنَّةِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِ نَظَرَ الْقَبُولِ فَ.

     قَوْلُهُ  لَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ مَجَازٌ عَنْ عَدَمِ الْقَبُولِ فَنَفَى السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبِّبَ وَاللَّهَ أَعْلَمُ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ تَنْقُصُ الصَّوْمَ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهَا صَغَائِرُ تُكَفَّرُ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ وَأَجَابَ السُّبْكِيُّ الْكَبِيرُ بِأَنَّ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَالَّذِي مَضَى فِي أَوَّلِ الصَّوْمِ دَلَالَةً قَوِيَّةً لِلْأَوَّلِ لِأَنَّ الرَّفَثَ وَالصَّخَبَ وَقَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ مِمَّا عُلِمَ النَّهْيُ عَنْهُ مُطْلَقًا وَالصَّوْمُ مَأْمُورٌ بِهِ مُطْلَقًا فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْأُمُورُ إِذَا حَصَلَتْ فِيهِ لَمْ يَتَأَثَّرْ بِهَا لَمْ يَكُنْ لِذِكْرِهَا فِيهِ مَشْرُوطَةً فِيهِ مَعْنًى يَفْهَمُهُ فَلَمَّا ذُكِرَتْ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ نَبَّهَتْنَا عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا زِيَادَةُ قُبْحِهَا فِي الصَّوْمِ عَلَى غَيْرِهَا وَالثَّانِي الْبَحْثُ عَلَى سَلَامَةِ الصَّوْمِ عَنْهَا وَأَنَّ سَلَامَتَهُ مِنْهَا صِفَةُ كَمَالٍ فِيهِ وَقُوَّةُ الْكَلَامِ تَقْتَضِي أَنْ يُقَبَّحَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الصَّوْمِ فَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ يَكْمُلُ بِالسَّلَامَةِ عَنْهَا قَالَ فَإِذَا لَمْ يَسْلَمْ عَنْهَا نَقَصَ ثُمَّ قَالَ وَلَا شَكَّ أَنَّ التَّكَالِيفَ قَدْ تَرِدُ بِأَشْيَاءَ وَيُنَبَّهُ بِهَا عَلَى أُخْرَى بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ وَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنَ الصَّوْمِ الْعَدَمَ الْمَحْضَ كَمَا فِي الْمَنْهِيَّاتِ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ لَهُ النِّيَّةُ بِالْإِجْمَاعِ وَلَعَلَّ الْقَصْدَ بِهِ فِي الْأَصْلِ الْإِمْسَاكُ عَنْ جَمِيعِ الْمُخَالَفَاتِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ ذَلِكَ يَشُقُّ خَفَّفَ اللَّهُ وَأَمَرَ بِالْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُفْطِرَاتِ وَنَبَّهَ الْغَافِلَ بِذَلِكَ عَلَى الْإِمْسَاكِ عَنِ الْمُخَالَفَاتِ وَأَرْشَدَ إِلَى ذَلِكَ مَا تَضَمَّنَتْهُ أَحَادِيثُ الْمُبَيِّنِ عَنِ اللَّهِ مُرَادَهُ فَيَكُونُ اجْتِنَابُ الْمُفْطِرَاتِ وَاجِبًا وَاجْتِنَابُ مَا عَدَاهَا مِنَ الْمُخَالَفَاتِ مِنَ الْمُكَمِّلَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  شَيْخُنَا فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ لَمَّا أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ تَرْجَمَ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيدِ فِي الْغِيبَةِ لِلصَّائِمِ وَهُوَ مُشْكِلٌ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ لَيْسَتْ قَوْلَ الزُّورِ وَلَا الْعَمَلَ بِهِ لِأَنَّهَا أَنْ يَذْكُرَ غَيْرَهُ بِمَا يَكْرَهُ وَقَوْلُ الزُّورِ هُوَ الْكَذِبُ وَقَدْ وَافَقَ التِّرْمِذِيَّ بَقِيَّةُ أَصْحَابِ السُّنَنِ فَتَرْجَمُوا بِالْغِيبَةِ وَذَكَرُوا هَذَا الْحَدِيثَ وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا مِنْ ذِكْرِ قَوْلِ الزُّورِ وَالْعَمَلِ بِهِ الْأَمْرَ بِحِفْظِ النُّطْقِ وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وَهِيَ الْجَهْلُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ عَلَى جَمِيعِ الْمَعَاصِي.

.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  وَالْعَمَلَ بِهِ فَيَعُودُ عَلَى الزُّورِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ أَيْضًا عَلَى الْجَهْلِ أَيْ وَالْعَمَلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا تَنْبِيهٌ .

     قَوْلُهُ  فَلَيْسَ لِلَّهِ وَقَعَ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ فِي الشُّعَبِ من طَرِيق يزِيد بن هَارُون عَن بن أَبِي ذِئْبٍ فَلَيْسَ بِهِ بِمُوَحَّدَةٍ وَهَاءٍ ضَمِيرٍ فَإِن لم يكن تحريفا فَالضَّمِير للصَّائِم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ
( باب من لم يدع قول الزور) أي من لم يترك الكذب والميل عن الحق ( والعمل به) أي بمقتضاه مما نهى الله عنه ( في الصوم) كذا في الفرع زيادة في الصوم، ونسبها الحافظ ابن حجر لنسخة الصغاني.


[ قــ :1819 ... غــ : 1903 ]
- حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ».
[الحديث 1903 - طرفه في: 6057] .

وبالسند قال ( حدّثنا آدم بن أبي إياس) العسقلاني الخراساني الأصل قال ( حدّثنا ابن أبى ذئب) محمد بن عبد الرحمن قال: ( حدّثنا سعيد المقبري عن أبيه) كيسان الليثي ( عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله) ولأبي ذر وابن عساكر: قال النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( من لم يدع) من لم يترك ( قول الزور والعمل به) زاد المؤلّف في الأدب عن أحمد بن يونس عن أبي ذئب والجهل، وفي رواية ابن وهب والجهل في الصوم، ولابن ماجة من طريق ابن المبارك: من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به.
فالضمير في به يعود على الجهل لكونه أقرب مذكور أو على الزور فقط وإن بعد لاتفاق الروايات عليه أو عليهما وإفراد الضمير لاشتراكهما في تنقيص الصوم قاله العراقي، وفي الأولى يعود على الزور فقط والمعنى متقارب، وفي الأوسط للطبراني بسند رجاله ثقات: من لم يدع الخنا والكذب، والجمهور على أن الكذب والغيبة والنميمة لا تفسد الصوم، وعن

الثوري مما في الإحياء أن الغيبة تفسده قال: وروى ليث عن مجاهد خصلتان تفسدان الصوم الغيبة والكذب هذا لفظه، والمعروف عن مجاهد خصلتان من حفظهما سلم له صومه الغيبة والكذب رواه ابن أبي شيبة والصواب الأول.
نعم هذه الأفعال تنقص الصوم.
وقول بعضهم أنها صغائر تكفر باجتناب الكبائر.

أجاب عنه الشيخ تقي الدين السبكي بأن في حديث الباب والذي مضى في أول الصوم دلالة قوية لذلك لأن الرفث والصخب وقول الزور والعمل به مما علم النهي عنه مطلقًا والصوم مأمور به مطلقًا فلو كانت هذه الأمور إذا حصلت فيه لم يتأثر بها لم يكن لذكرها فيه مشروطة به معنى نفهمه فلما ذكرت في هذين الحديثين نبهتنا على أمرين: أحدهما زيادة قبحها في الصوم على غيره، والثاني الحث على سلامة الصوم عنها وأن سلامته منها صفة كمال فيه وقوة الكلام تقتضي أن يقبح ذلك لأجل الصوم فمقتضى ذلك أن الصوم يكمل بالسلامة عنها فإذا لم يسلم عنها نقص، ثم قال: ولا شك أن التكاليف قد ترد بأشياء وينبه بها على أخرى بطريق الإشارة وليس المقصود من الصوم العدم المحض كما في المنهيات لأنه يشترط له النية بالإجماع ولعل القصد به في الأصل الإمساك عن جميع المخالفات، لكن لما كان ذلك يشق خفف الله وأمر بالإمساك عن المفطرات ونبه العاقل بذلك على الإمساك عن المخالفات وأرشد إلى ذلك ما تضمنته أحاديث المبين عن الله مراده فيكون اجتناب المفطرات واجبًا واجتناب ما عداها من المخالفات من المكملات نقله في فتح الباري.

( فليس لله حاجة في أن يدع) يترك ( طعامه وشرابه) هو مجاز عن عدم الالتفات والقبول فنفى السبب وأراد المسبب وإلا فالله لا يحتاج إلى شيء قاله البيضاوي مما نقله الطيبي في شرح المشكاة، وقول ابن بطال وغيره معناه ليس لله إرادة في صيامه فوضع الحاجة موضع الإرادة فيه إشكال لأنه لو لم يرد الله تركه لطعامه وشرابه لم يقع الترك ضرورة أن كل واقع تعلقت الإرادة بوقوعه ولولا ذلك لم يقع، وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور وإنما معناه التحذير من قول الزور فهو كقوله عليه الصلاة والسلام "من باع الخمر فليشقص الخنازير" أي يذبحها ولم يأمره بشقصها ولكنه على التحذير والتعظيم لإثم شارب الخمر، وكذلك حذر الصائم من قول الزور والعمل به ليتم له أجر صيامه.

وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الأدب وأبو داود، وأخرجه الترمذي في الصوم وكذا النسائي وابن ماجة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ مَنْ لَمُ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والْعَمَلَ بِهِ فِي الصَّوْمِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حَال من لم يدع، أَي: لم يتْرك قَول الزُّور وَهُوَ الْكَذِب والميل عَن الْحق، وَالْعَمَل بِالْبَاطِلِ والتهمة.
قَوْله: ( وَالْعَمَل بِهِ) ، أَي: بِمُقْتَضَاهُ مِمَّا نهى الله عَنهُ، وَإِنَّمَا حذف الْجَواب اكْتِفَاء بِمَا فِي الحَدِيث، وَهَكَذَا دأبه فِي غَالب الْمَوَاضِع، وَقيل: لَو نَص مَا فِي الْخَبَر لطالت التَّرْجَمَة أَو لَو عبر عَنهُ بِحكم معِين لوقع فِي عهدته.



[ قــ :1819 ... غــ :1903 ]
- حدَّثنا آدَمُ بنُ أبِي إيَاسٍ قَالَ حدَّثنا ابنُ أبِي ذِئْبٍ قَالَ حدَّثنا سَعِيدٌ المَقْبُرِيُّ عنْ أبِيهِ عَن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ قَالَ قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم منْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ والْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لله حَاجَةٌ فِي أنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ.

( الحَدِيث 3091 طرفه فِي: 7506) .

مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن التَّرْجَمَة نصف حَدِيث الْبابُُ، وَابْن أبي ذِئْب هم مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب، وَهُوَ يروي عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه كيسَان اللَّيْثِيّ عَن أبي هُرَيْرَة.

والْحَدِيث أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الْأَدَب عَن أَحْمد بن يُونُس عَن ابْن أبي ذِئْب بِهِ، وَأخرجه أَبُو دَاوُد أَيْضا عَن أَحْمد بن يُونُس.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الصَّوْم عَن مُحَمَّد بن الْمثنى.
وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن سُوَيْد بن نصر وَعَن الرّبيع بن سُلَيْمَان.
وَأخرجه ابْن مَاجَه فِيهِ عَن عَمْرو بن رَافع عَن ابْن الْمُبَارك، الْكل عَن ابْن أبي ذِئْب، وَفِي أَكثر الرِّوَايَات: عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أَبِيه، وَقد رَوَاهُ ابْن وهب عَن ابْن أبي ذِئْب فَاخْتلف عَلَيْهِ، رَوَاهُ الرّبيع عَنهُ مثل الْجَمَاعَة، وَرَوَاهُ ابْن السَّرْح عَنهُ فَلم يقل: عَن أَبِيه.
وأخرجهما النَّسَائِيّ وَأخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ من طَرِيق حَمَّاد بن خَالِد عَن ابْن أبي ذِئْب بإسقاطه أَيْضا، وَاخْتلف فِيهِ عَليّ ابْن الْمُبَارك فَأخْرجهُ ابْن حبَان من طَرِيقه بالإسقاط، وَأخرجه النَّسَائِيّ وَابْن مَاجَه وَابْن خُزَيْمَة بإثباته، وَكَذَلِكَ اخْتلف على أَحْمد بن يُونُس، فَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي ( سنَنه) عَنهُ عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد عَن أَبِيه كَرِوَايَة الأَصْل وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَدَب، عَن أَحْمد بن يُونُس عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري عَن أبي هُرَيْرَة، هَكَذَا هُوَ فِي أَكثر رِوَايَات البُخَارِيّ، وَفِي رِوَايَة أبي ذَر زِيَادَة ذكر أَبِيه، وَقد اخْتلف فِيهِ على ابْن أبي ذِئْب، اخْتِلَاف آخر، فَرَوَاهُ يُونُس بن يحيى بن سابه عَن ابْن أبي ذِئْب عَن ابْن شهَاب عَن عبد الله بن ثَعْلَبَة بن صَغِير عَن أبي هُرَيْرَة، رَوَاهُ النَّسَائِيّ فِي ( سنَنه الْكُبْرَى) كَذَلِك،.

     وَقَالَ  فِيمَا حَكَاهُ عَنهُ الْمزي فِي ( الْأَطْرَاف) : هَذَا حَدِيث مُنكر لَا أعلم من رَوَاهُ عَن الزُّهْرِيّ، غير ابْن أبي ذِئْب إِن كَانَ يُونُس بن يحيى حفظه عَنهُ، وَلم أر كَلَام النَّسَائِيّ فِي نُسْخَتي، وَلأبي هُرَيْرَة حَدِيث آخر رَوَاهُ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) وَالْبَيْهَقِيّ فِي ( سنَنه) من رِوَايَة الْحَارِث بن عبد الرَّحْمَن بن أبي ذِئْب عَن عَمه عَن أبي هُرَيْرَة، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَيْسَ الصّيام من الْأكل وَالشرب فَقَط، إِنَّمَا الصّيام من اللَّغْو والرفث، فَإِن سابك أحد أَو جهل عَلَيْك، فَقل: إِنِّي صَائِم) .

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( من لم يدع قَول الزُّور) ، أَي: من لم يتْرك، وَقد ذكرنَا تَفْسِير الزُّور عَن قريب،.

     وَقَالَ  شَيخنَا، قَوْله: هَذَا يحْتَمل أَن يُرَاد: من لم يدع ذَلِك مُطلقًا غَيره مُقَيّد بِصَوْم، وَيكون مَعْنَاهُ: أَن من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ الَّذِي هُوَ من أكبر الْكَبَائِر وَهُوَ متلبس بِهِ، فَمَاذَا يصنع بصومه؟ وَذَلِكَ كَمَا يُقَال: أَفعَال الْبر يَفْعَلهَا الْبر والفاجر وَلَا يجْتَنب النواهي إلاَّ صدِّيق، وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد: من لم يدع ذَلِك فِي حَال تلبسه بِالصَّوْمِ، وَهُوَ الظَّاهِر، وَقد صرح بِهِ فِي بعض طرق النَّسَائِيّ: ( من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ وَالْجهل فِي الصَّوْم) .
وَقد بوب التِّرْمِذِيّ على هَذَا الحَدِيث بقوله: بابُُ مَا جَاءَ فِي التَّشْدِيد فِي الْغَيْبَة للصَّائِم..
     وَقَالَ  شَيخنَا: فِيهِ إِشْكَال من حَيْثُ أَن الحَدِيث فِيهِ قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ، والغيبة لَيست قَول الزُّور وَلَا الْعَمَل بِهِ، إِذْ حد الْغَيْبَة على مَا هُوَ الْمَشْهُور ذكرك أَخَاك بِمَا فِيهِ مِمَّا يكرههُ، وَقَول الزُّور هُوَ الْكَذِب والبهتان، وَقد فسر النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، قَول الزُّور فِي قَوْله فِي سُورَة الْحَج، بِشَهَادَة الزُّور، فَقَالَ: ( عدلت شَهَادَة الزُّور الْإِشْرَاك بِاللَّه) ، وَهَكَذَا بوب أَبُو دَاوُد على الحَدِيث: الْغَيْبَة للصَّائِم، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيّ فِي ( الْكُبْرَى) : مَا ينْهَى عَنهُ الصَّائِم من قَول الزُّور والغيبة، وَبَوَّبَ عَلَيْهِ ابْن مَاجَه: بابُُ مَا جَاءَ فِي الْغَيْبَة والرفث للصَّائِم، وَكَأَنَّهُم وَالله أعلم فَهموا من الحَدِيث حفظ الْمنطق عَن الْمُحرمَات، وَمن جُمْلَتهَا الْغَيْبَة، وَلِهَذَا بوب عَلَيْهِ ابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) : ذكر الْخَبَر الدَّال على أَن الصّيام إِنَّمَا يتم باجتناب الْمَحْظُورَات لَا بمجانبة الطَّعَام وَالشرَاب، وَالْجمع فَقَط، وَفِي بعض أَلْفَاظ الحَدِيث: ( من لم يدع قَول الزُّور وَالْعَمَل بِهِ وَالْجهل) ، فَيحْتَمل أَن يُرَاد بِالْجَهْلِ جَمِيع الْمعاصِي، وَهَذِه اللَّفْظَة عِنْد البُخَارِيّ فِي كتاب الْأَدَب، وَعند النَّسَائِيّ أَيْضا وَابْن حبَان فِي ( صَحِيحه) .
وَرَوَاهُ ابْن مَاجَه وَلَفظه: ( من لم يدع قَول الزُّور وَالْجهل وَالْعَمَل بِهِ) ، قَالَ شَيخنَا: الضَّمِير فِي: بِهِ، يحْتَمل أَن يعود إِلَى الزُّور فَقَط، وَإِن كَانَ أبعد فِي الذّكر لِاتِّفَاق الرِّوَايَات عَلَيْهِ، وَيحْتَمل أَن يعود على الْجَهْل فَقَط لكَونه أقرب مَذْكُور، وعَلى هَذَا فالغيبة عمل بِالْجَهْلِ، وَيحْتَمل عود الضَّمِير عَلَيْهِمَا: أَعنِي الزُّور وَالْجهل، وَإِنَّمَا أفرد الضَّمِير لاشْتِرَاكهمَا فِي تنقيص الصَّوْم.
انْتهى.
قلت: يجوز أَن يعود إِلَيْهِمَا بِاعْتِبَار كل وَاحِد.

وَاخْتلف الْعلمَاء فِي أَن الْغَيْبَة والنميمة وَالْكذب: هَل يفْطر الصَّائِم؟ فَذهب الْجُمْهُور من الْأَئِمَّة إِلَى أَنه لَا يفْسد الصَّوْم بذلك، وَإِنَّمَا التَّنَزُّه عَن ذَلِك من تَمام الصَّوْم.
وَعَن الثَّوْريّ: إِن الْغَيْبَة تفْسد الصَّوْم، ذكره الْغَزالِيّ فِي ( الْإِحْيَاء) ،.

     وَقَالَ : رَوَاهُ بشر بن الْحَارِث عَنهُ، قَالَ: وروى لَيْث عَن مُجَاهِد: ( خصلتان تفسدان الصَّوْم: الْغَيْبَة وَالْكذب) ، هَكَذَا ذكره الْغَزالِيّ بِهَذَا اللَّفْظ، وَالْمَعْرُوف عَن مُجَاهِد: ( خصلتان من حفظهما سلم لَهُ صَوْمه: الْغَيْبَة وَالْكذب) ، هَكَذَا رَوَاهُ ابْن أبي شيبَة عَن مُحَمَّد بن فُضَيْل عَن لَيْث عَن مُجَاهِد، وروى ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم عَن يعلى بن عبيد عَن الْأَعْمَش عَن إِبْرَاهِيم، قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: إِن الْكَذِب يفْطر الصَّائِم.
وروى أَيْضا عَن يحيى بن يُوسُف عَن يحيى بن سليم عَن هِشَام عَن ابْن سِيرِين عَن عُبَيْدَة السَّلمَانِي، قَالُوا: اتَّقوا المفطِرَين: الْكَذِب والغيبة.

قَوْله: ( فَلَيْسَ لله حَاجَة) هَذَا مجَاز عَن عدم الِالْتِفَات وَالْقَبُول، فنفى السَّبَب وَأَرَادَ الْمُسَبّب، قَالَ ابْن بطال: وضع الْحَاجة مَوضِع الْإِرَادَة، إِذْ الله لَا يحْتَاج إِلَى شَيْء، يَعْنِي: لَيْسَ لله إِرَادَة فِي صِيَامه،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن يُؤمر بِأَن يدع صِيَامه، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التحذير من قَول الزُّور، وَمَا ذكر مَعَه، وَهُوَ مثل قَوْله: ( من بَاعَ الْخمر فليشقص الْخَنَازِير) ، أَي: يذبحها، وَلم يَأْمُرهُ بذبحها، وَلكنه على التحذير والتعظيم لإثم بَائِع الْخمر، قَالَ: فَكَذَلِك من اغتاب أَو شهد زورا أَو مُنْكرا لم يُؤمر بِأَن يدع صِيَامه، وَلكنه يُؤمر باجتناب ذَلِك ليتم لَهُ أجر صَوْمه.
ثمَّ قَوْله: ( فَلَيْسَ لله حَاجَة) هَكَذَا لفظ ( الصَّحِيح) وَكتب السّنَن وَغَيرهَا من الْكتب الْمَشْهُورَة، وَفِي بعض طرقه: ( فَلَيْسَ بِهِ حَاجَة) ، يَعْنِي بِالَّذِي يَصُوم بِهَذَا الْوَصْف، رَوَاهُ بِهَذَا اللَّفْظ الْبَيْهَقِيّ فِي ( شعب الْإِيمَان) من رِوَايَة يزِيد بن هَارُون عَن ابْن أبي ذِئْب عَن سعيد المَقْبُري من غير ذكر أَبِيه، وَإِسْنَاده صَحِيح، وَيزِيد بن هَارُون من أَئِمَّة الْمُسلمين.
<