هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2199 حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ الأَعْمَشِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ اليَمَانِ قَالَ : حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ ، حَدَّثَنَا : أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ ، ثُمَّ نَزَلَ القُرْآنُ ، فَعَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ ثُمَّ حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ فَقَالَ : يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الوَكْتِ ، ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ دَحْرَجْتَهُ عَلَى رِجْلِكَ فَنَفَطَتْ فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ ، ثُمَّ أَخَذَ حَصَاةً فَدَحْرَجَهَا عَلَى رِجْلِهِ قَالَ : فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لَا يَكَادُ أَحَدُهُمْ يُؤَدِّي الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ إِنَّ فِي بَنِي فُلَانٍ رَجُلًا أَمِينًا ، وَحَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ : مَا أَجْلَدَهُ وَأَظْرَفَهُ وَأَعْقَلَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ قَالَ : وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ زَمَانٌ وَمَا أُبَالِي أَيُّكُمْ بَايَعْتُ فِيهِ لَئِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ دِينُهُ وَلَئِنْ كَانَ يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ ، فَأَمَّا اليَوْمَ فَمَا كُنْتُ لِأُبَايِعَ مِنْكُمْ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2199 حدثنا هناد قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن زيد بن وهب ، عن حذيفة بن اليمان قال : حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر ، حدثنا : أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم نزل القرآن ، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال : ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ، ثم ينام نومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفطت فتراه منتبرا وليس فيه شيء ، ثم أخذ حصاة فدحرجها على رجله قال : فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحدهم يؤدي الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا ، وحتى يقال للرجل : ما أجلده وأظرفه وأعقله وما في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان قال : ولقد أتى علي زمان وما أبالي أيكم بايعت فيه لئن كان مسلما ليردنه علي دينه ولئن كان يهوديا أو نصرانيا ليردنه علي ساعيه ، فأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا : هذا حديث حسن صحيح
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Hudhaifah [bin Al-Yaman] said: The Messenger of Allah {s.a.w} narrated two narrations to us, one of which I have seen {happening} and I am waiting for the other. He narrated that (in the beginning) trust was preserved in the roots of the hearts of men, then the Qur'an was revealed, and they learned it from the Qur'an, and then they learned it from the Sunnah. Then he narrated to us about the disappearance of trust, saying, 'A man will go to sleep whereupon trust will be taken away from his heart, and only its trace will remain, like speckles. He then will sleep, whereupon the remainder of the trust will also be taken away and trace will remain like a blister, like an ember that you roll on your feet, it causes pain and you see it swollen while it contains nothing.' Then he took a pebble and rolled it over his leg. He said: 'So there will come a day when people will deal in business with each other, but there will hardly be any trustworthy persons among them, such that it would be said that in such and such a tribe, there is such and such person, who is honest, and until a man will be admired for his strength, intelligence, and good manners, although indeed he will not have faith equal to a mustard seed in his heart.' He(Hudhaifah) added: There came upon me a time when I did not mind dealing with anyone of you, for if he was a Muslim, his religion would prevent him from cheating me, and if was a Jew or a Christian, his Muslim ruler would prevent him from cheating me; but today I cannot deal except with so-and-so and s0-and-so.

شرح الحديث من تحفة الاحوذي

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    [2179] .

     قَوْلُهُ  ( حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ) أَيْ فِي أَمْرِ الْأَمَانَةِ الْحَادِثَةِ فِي زَمَنِ الْفِتْنَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ الْأَوَّلُ حَدَّثَنَا أَنَّ الْأَمَانَةَ نَزَلَتْ إِلَى آخِرِهِ وَالثَّانِي حَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَهُوَ نُزُولُ الْأَمَانَةِ ( وَأَنَا أَنْتَظِرُ الْآخَرَ) وَهُوَ رَفْعُ الْأَمَانَةِ ( حَدَّثَنَا) وَهُوَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ ( أَنَّ الْأَمَانَةَ) الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ تعالى إنا عرضنا الأمانة وَهِيَ عَيْنُ الْإِيمَانِ أَوْ كُلُّ مَا يَخْفَى وَلَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ مِنَ الْمُكَلَّفِ أَوِ الْمُرَادُ بِهَا التَّكْلِيفُ الَّذِي كَلَّفَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ عِبَادَهُ أَوِ الْعَهْدُ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِمْ ( نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَيُكْسَرُ وَسُكُونُ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ بَعْدَهَا رَاءٌ أَيْ فِي أَصْلِ قُلُوبِهِمْ وَجَذْرُ كُلِّ شَيْءٍ أَصْلُهُ أَيْ أَنَّ الْأَمَانَةَ أَوَّلَ مَا نَزَلَتْ فِي قُلُوبِ الرِّجَالِ وَاسْتَوْلَتْ عَلَيْهَا فَكَانَتْ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى الْأَخْذِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْنَى بقوله ( ثُمَّ نَزَلَ الْقُرْآنُ فَعَلِمُوا) أَيْ بِنُورِ الْإِيمَانِ ( مِنَ الْقُرْآنِ) أَيْ مِمَّا يَتَلَقَّوْنَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاجِبًا كَانَ أَوْ نَفْلًا حَرَامًا أَوْ مُبَاحًا مَأْخُوذًا مِنَ الْكِتَابِ أَوِ الْحَدِيثِ ( وَعَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ بِإِعَادَةِ ثُمَّ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَعَلَّمُونَ الْقُرْآنَ قَبْلَ أَنْ يَتَعَلَّمُوا السُّنَّةَ ( ثُمَّ حَدَّثَنَا) وَهُوَ الْحَدِيثُ الثَّانِي ( عَنْ رَفْعِ الْأَمَانَةِ) أَيْ عَنْ ذَهَابِهَا أَصْلًا حَتَّى لَا يَبْقَى مَنْ يُوصَفُ بِالْأَمَانَةِ إِلَّا النَّادِرُ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ مَنْ يُنْسَبُ لِلْأَمَانَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَالِ الْأَوَّلِينَ فَالَّذِينَ أَشَارَ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ مَا كُنْتُ أُبَايِعُ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا هُمْ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ الْأَخِيرِ الَّذِي أَدْرَكَهُ وَالْأَمَانَةُ فِيهِمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْعَصْرِ الْأَوَّلِ أَقَلُّ.
وَأَمَّا الَّذِي يَنْتَظِرُهُ فَإِنَّهُ حَيْثُ تُفْقَدُ الْأَمَانَةُ مِنَ الْجَمِيعِ إِلَّا النَّادِرَ كَذَا فِي الْفَتْحِ ( فَيَظَلُّ أَثَرُهَا) بفَتَحَاتٍ بِتَشْدِيدِ لَامٍ أَيْ فَيَصِيرُ وَأَصْلُ ظَلَّ مَا عُمِلَ بِالنَّهَارِ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى كُلِّ وَقْتٍ وَهِيَ هُنَا عَلَى بَابِهَا لِأَنَّهُ ذكرالْحَالَةَ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ النَّوْمِ وَهِيَ غَالِبًا تَقَعُ عِنْدَ الصُّبْحِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَمَانَةَ تَذْهَبُ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنْهَا إِلَّا الْأَثَرُ الْمَوْصُوفُ فِي الْحَدِيثِ ( مِثْلُ الْوَكْتِ) وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ مِثْلُ أَثَرِ الْوَكْتِ وَهِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْكَافِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ فَوْقِيَّةٌ الْأَثَرُ فِي الشَّيْءِ كَالنُّقْطَةِ مِنْ غَيْرِ لَوْنِهِ يُقَالُ وَكَتَ الْبُسْرُ إِذْ بَدَتْ فِيهِ نُقْطَةُ الْإِرْطَابِ ( ثُمَّ يَنَامُ نَوْمَةً) أَيْ أُخْرَى ( فَتُقْبَضُ الْأَمَانَةُ) أَيْ مَا بَقِيَ مِنْهَا مِنْ قَلْبِهِ ( فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلُ أَثَرِ الْمَجْلِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْجِيمِ وَقَدْ تُفْتَحُ بَعْدَهَا لَامٌ هُوَ أَثَرُ الْعَمَلِ فِي الْكَفِّ قَالَ فِي الْفَائِقِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْوَكْتِ وَالْمَجْلِ أَنَّ الْوَكْتَ النُّقْطَةُ فِي الشَّيْءِ مِنْ غَيْرِ لَوْنِهِ وَالْمَجْلَ غِلَظُ الْجِلْدِ مِنَ الْعَمَلِ لا غير ( كجمر) بالجيم الْمَفْتُوحَةُ وَالْمِيمُ السَّاكِنَةُ أَيْ تَأْثِيرٌ كَتَأْثِيرِ جَمْرٍ وَقِيلَ أُبْدِلَ مِنْ مِثْلِ أَثَرِ الْمَجْلِ أَيْ يَكُونُ أَثَرُهَا فِي الْقَلْبِ كَأَثَرِ جَمْرٍ أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ يَعْنِي أَثَرَ الْمَجْلِ كَجَمْرٍ ( دَحْرَجْتُهُ) أَيْ قَلَّبْتُهُ وَدَوَّرْتُهُ ( عَلَى رِجْلِكَ فَنَفِطَتْ) بِكَسْرِ الْفَاءِ بَعْدَ النُّونِ الْمَفْتُوحَةِ قَالَ فِي الْقَامُوسِ نَفِطَتْ كَفَرِحَتْ نَفْطًا وَنَفَطًا ونفيطا قرحت عملا أو مجلث ( فَتَرَاهُ مُنْتَبِرًا) بِنُونٍ ثُمَّ مُثَنَّاةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ مُوَحَّدَةٍ مَكْسُورَةٍ أَيْ مُنْتَفِخًا وَتَذْكِيرُ الضَّمِيرِ عَلَى إِرَادَةِ الْمَوْضِعِ الْمُدَحْرَجِ عَلَيْهِ الْجَمْرُ قِيلَ الْمَعْنَى يُخَيَّلُ إِلَيْكَ أَنَّ الرَّجُلَ ذُو أَمَانَةٍ وَهُوَ فِي ذَلِكَ بِمَثَابَةِ نَفِطَةً تَرَاهَا مُنْتَفِطَةً مُرْتَفِعَةً كَبِيرَةً لَا طَائِلَ تَحْتَهَا ( وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ) أَيْ صَالِحٌ بَلْ مَاءٌ فَاسِدٌ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ قَالَ صَاحِبُ التَّحْرِيرِ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْأَمَانَةَ تَزُولُ عَنِ الْقُلُوبِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِذَا زَالَ أَوَّلُ جُزْءٍ مِنْهَا زَالَ نُورُهَا وَخَلَفَتْهُ ظلمة كالموكت وَهُوَ اعْتِرَاضُ لَوْنٍ مُخَالِفٍ لِلَّوْنِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِذَا زَالَ شَيْءٌ آخَرُ صَارَ كَالْمَجْلِ وَهُوَ أَثَرٌ مُحْكِمٌ لَا يَكَادُ يَزُولُ إِلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ وَهَذِهِ الظُّلْمَةُ فَوْقَ الَّتِي قَبْلَهَا ثُمَّ شَبَّهَ زَوَالَ ذَلِكَ النُّورِ بَعْدَ وُقُوعِهِ فِي الْقَلْبِ وَخُرُوجِهِ بَعْدَ اسْتِقْرَارِهِ فِيهِ وَاعْتِقَابِ الظُّلْمَةِ إِيَّاهُ بِجَمْرٍ يُدَحْرِجُهُ عَلَى رِجْلِهِ حَتَّى يُؤَثِّرَ فِيهَا ثُمَّ يَزُولُ الْجَمْرُ وَيَبْقَى النَّفْطُ انْتَهَى ( قَالَ فَيُصْبِحُ النَّاسُ) أَيْ يَدْخُلُونَ فِي الصَّبَاحِ ( يَتَبَايَعُونَ) أَيِ السِّلَعَ وَنَحْوَهَا بِأَنْ يَشْتَرِيَهَا أَحَدُهُمْ مِنَ الْآخَرِ ( لَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ) لِأَنَّ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالْأَمَانَةِ سَلَبَهَا حَتَّى صَارَ خَائِنًا ( وَحَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ) أَيْ مِنْ أَرْبَابِ الدُّنْيَا مِمَّنْ لَهُ عَقْلٌ فِي تَحْصِيلِ الْمَالِ وَالْجَاهِ وَطَبْعٍ فِي الشِّعْرِ وَالنَّثْرِ وَفَصَاحَةٍ وَبَلَاغَةٍ وَصَبَاحَةٍ وَقُوَّةٍ بَدَنِيَّةٍ وَشَجَاعَةٍ وَشَوْكَةٍ ( مَا أَجْلَدَهُ) بِالْجِيمِ ( وَأَظْرَفَهُ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ ( وَأَعْقَلَهُ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالْقَافِ تَعَجُّبًا مِنْ كَمَالِهِ وَاسْتِغْرَابًا مِنْ مَقَالِهِ وَاسْتِبْعَادًا مِنْ جَمَالِهِوَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ يَمْدَحُونَهُ بِكَثْرَةِ الْعَقْلِ وَالظَّرَافَةِ وَالْجَلَادَةِ وَيَتَعَجَّبُونَ مِنْهُ وَلَا يَمْدَحُونَ أَحَدًا بِكَثْرَةِ الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ( وَمَا فِي قَلْبِهِ) حَالٌ مِنَ الرَّجُلِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي قَلْبِهِ ( مِثْقَالُ حَبَّةٍ) أَيْ مِقْدَارُ شَيْءٍ قَلِيلٍ ( مِنْ خَرْدَلٍ) مِنْ بَيَانِيَّةٌ لِحَبَّةٍ أَيْ هِيَ خَرْدَلٌ ( مِنْ إِيمَانٍ) أَيْ كَائِنًا مِنْهُ قَالَ الطِّيبِيُّ لَعَلَّهُ إِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى تَفْسِيرِ الْأَمَانَةِ في قوله إن الأمانة نزلت با يمان لقوله اخر وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَهَلَّا حَمَلُوهَا عَلَى حَقِيقَتِهَا لِقَوْلِهِ وَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ وَلَا يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّي الْأَمَانَةَ فَيَكُونُ وَضْعُ الْإِيمَانِ آخِرًا مَوْضِعَهَا تَفْخِيمًا لِشَأْنِهَا وَحَثًّا عَلَى أَدَائِهَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا دِينَ لِمَنْ لَا أَمَانَةَ له قال القارىء إِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَ آخِرًا وَمَا صَدَّرَ أَوَّلًا مِنْ قَوْلِهِ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ فَإِنَّ نُزُولَ الْأَمَانَةِ بِمَعْنَى الْإِيمَانِ هُوَ الْمُنَاسِبُ لِأَصْلِ قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ثُمَّ يَعْلَمُونَ إِيقَانَهُ وَإِيقَانَهُمْ بِتَتَبُّعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَمَّا الْأَمَانَةُ فَهِيَ جُزْئِيَّةٌ مِنْ كُلِّيَّةِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْإِيمَانِ وَالْقُرْآنِ انْتَهَى ( قَالَ) أَيْ حُذَيْفَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ( وَلَقَدْ أَتَى عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ ( زَمَانٌ) كُنْتُ أَعْلَمُ فِيهِ أَنَّ الْأَمَانَةَ مَوْجُودَةٌ فِي النَّاسِ ( وَمَا أُبَالِي أَيَّكُمْ بَايَعْتُ فِيهِ) أَيْ بِعْتُ أَوِ اشْتَرَيْتُ غَيْرَ مُبَالٍ بِحَالِهِ ( لَئِنْ) بفتح اللَّامِ وَكَسْرُ الْهَمْزَةِ ( لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ ( دينه) بالرفع على الفاعيلة أَيْ فَلَا يَخُونُنِي بَلْ يَحْمِلُهُ إِسْلَامُهُ عَلَى أَدَاءِ الْأَمَانَةِ فَأَنَا وَاثِقٌ بِأَمَانَتِهِ ( لَيَرُدَّنَّهُ عَلَيَّ سَاعِيهِ) أَيِ الَّذِي أُقِيمُ عَلَيْهِ فَهُوَ يَقُومُ بِوِلَايَتِهِ وَيَسْتَخْرِجُ مِنْهُ حَقِّي.

     وَقَالَ  فِي الْمَجْمَعِ أَيْ رَئِيسُهُمُ الَّذِي يَصْدُرُونَ عَنْ رَأْيِهِ وَقِيلَ أَيِ الْوَالِي الَّذِي عَلَيْهِ أَيْ يُنْصِفُنِي مِثْلُهُ وَكُلُّ مَنْ وَلِيَ أَمْرَ قَوْمٍ فَهُوَ سَاعٍ عَلَيْهِمْ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا مُهْتَمِّينَ بِالْإِسْلَامِ فَيَحْفَظُونَ بِالصِّدْقِ وَالْأَمَانَةِ وَالْمُلُوكُ ذَوُو عَدْلٍ فَمَا كُنْتُ أُبَالِي مَنْ أُعَامِلُ إِنْ كَانَ مُسْلِمًا رَدَّهُ إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ الْحَقِّ عَمَلُهُ بِمُقْتَضَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْلِمٍ أَنْصَفَنِي مِنْهُ عَامِلُهُ عَلَى الصَّدَقَةِ انْتَهَى ( فَأَمَّا الْيَوْمَ) فَقَدْ ذَهَبَتِ الْأَمَانَةُ وَظَهَرَتِ الْخِيَانَةُ فَلَسْتُ أَثِقُ بِأَحَدٍ فِي بَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ ( فَمَا كُنْتُ أُبَايِعُ مِنْكُمْ إِلَّا فُلَانًا وَفُلَانًا) أَيْ أَفْرَادًا مِنَ النَّاسِ قَلَائِلَ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِمْ فَكَانَ يَثِقُ بِالْمُسْلِمِ لِذَاتِهِ وَبِالْكَافِرِ لِوُجُودِ سَاعِيهِ وَهُوَ الْحَاكِمُ الَّذِي يَحْكُمُ عَلَيْهِ وَكَانُوا لَا يَسْتَعْمِلُونَ فِي كُلِّ عَمَلٍ قَلَّ أَوْ جَلَّ إِلَّا الْمُسْلِمَ فَكَانَ وَاثِقًا بِإِنْصَافِهِ وَتَخْلِيصِهِ حَقَّهُ مِنَ الْكَافِرِ إِنْ خَانَهُ بِخِلَافِ الْوَقْتِ الْأَخِيرِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ فَإِنَّهُ صَارَ لَا يُبَايِعُ إِلَّا أَفْرَادًا مِنَ النَّاسِ يَثِقُ بِهِمْ وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ حَالَ الْأَمَانَةِ أَخَذَ فِي النَّقْصِ مِنْ ذَلِكَ الزَّمَانِ وَكَانَتْ وَفَاةُ حُذَيْفَةَ أَوَّلَ سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ بِقَلِيلٍفَأَدْرَكَ بَعْضَ الزَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ التَّغَيُّرُ وقال بن الْعَرَبِيِّ قَالَ حُذَيْفَةُ هَذَا الْقَوْلُ لَمَّا تَغَيَّرَتِ الْأَحْوَالُ الَّتِي كَانَ يَعْرِفُهَا عَلَى عَهْدِ النُّبُوَّةِ وَالْخَلِيفَتَيْنِ فَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ بِالْمُبَايَعَةِ وَكَنَّى عَنِ الْإِيمَانِ بِالْأَمَانَةِ وَعَمَّا يُخَالِفُ أَحْكَامَهُ بِالْخِيَانَةِ .

     قَوْلُهُ  ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ 8 - ( بَاب مَا جَاءَ لَتَرْكَبُنَّ سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ)