هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
22 حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ ، قَالَ : حَدَّثَنِي مَالِكٌ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى المَازِنِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ . فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا ، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا ، أَوِ الحَيَاةِ - شَكَّ مَالِكٌ - فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً قَالَ وُهَيْبٌ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو : الحَيَاةِ ، وَقَالَ : خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  شك مالك فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل ، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية قال وهيب : حدثنا عمرو : الحياة ، وقال : خردل من خير
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : يَدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ . فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا ، فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَيَا ، أَوِ الحَيَاةِ - شَكَّ مَالِكٌ - فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً قَالَ وُهَيْبٌ : حَدَّثَنَا عَمْرٌو : الحَيَاةِ ، وَقَالَ : خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ .

Narrated Abu Said Al-Khudri:

The Prophet (ﷺ) said, When the people of Paradise will enter Paradise and the people of Hell will go to Hell, Allah will order those who have had faith equal to the weight of a grain of mustard seed to be taken out from Hell. So they will be taken out but (by then) they will be blackened (charred). Then they will be put in the river of Haya' (rain) or Hayat (life) (the Narrator is in doubt as to which is the right term), and they will revive like a grain that grows near the bank of a flood channel. Don't you see that it comes out yellow and twisted

0022 Selon Abu Sa’id al-Khudry, le Prophète dit : « Ceux destinés au Paradis y entreront et ceux au Feu entreront effectivement au feu. Après quoi, Dieu, le Très-Haut, dira : « Faites sortir ceux qui avaient dans le coeur ne fût-ce que le poids d’un grain de moutarde de foi ». En effet, on les fera sortir. Calcinés qu’ils seront, on les jettera dans le fleuve d’al-hayâ (de pluie) ou d’al-hayât (de vie), le doute vient de Mâlik, et de là, ils repousseront comme repousse une graine au bord du torrent. N’as-tu pas vu qu’elle sort toute jaune et ployée ?«  Wuhayb: ‘Amru nous a rapporté qu’il s’agit de ‘ al-hayât ‘ . De plus, dans sa version on trouve : ‘ grain de moutarde de bien ‘

":"ہم سے اسماعیل نے یہ حدیث بیان کی ، وہ کہتے ہیں ان سے مالک نے ، وہ عمرو بن یحییٰ المازنی سے نقل کرتے ہیں ، وہ اپنے باپ سے روایت کرتے ہیں اور وہ حضرت ابو سعید خدری رضی اللہ عنہ اور وہ نبی اکرم صلی اللہ علیہ وسلم سے نقل کرتے ہیں کہآپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا جب جنتی جنت میں اور دوزخی دوزخ میں داخل ہو جائیں گے ۔ اللہ پاک فرمائے گا ، جس کے دل میں رائی کے دانے کے برابر ( بھی ) ایمان ہو ، اس کو بھی دوزخ سے نکال لو ۔ تب ( ایسے لوگ ) دوزخ سے نکال لیے جائیں گے اور وہ جل کر کوئلے کی طرح سیاہ ہو چکے ہوں گے ۔ پھر زندگی کی نہر میں یا بارش کے پانی میں ڈالے جائیں گے ۔ ( یہاں راوی کو شک ہو گیا ہے کہ اوپر کے راوی نے کون سا لفظ استعمال کیا ) اس وقت وہ دانے کی طرح اگ آئیں گے جس طرح ندی کے کنارے دانے اگ آتے ہیں ۔ کیا تم نے نہیں دیکھا کہ دانہ زردی مائل پیچ در پیچ نکلتا ہے ۔ وہیب نے کہا کہ ہم سے عمرو نے ( «حياء» کی بجائے ) «حياة» ، اور («خردل من ايمان» ) کی بجائے ( «خردل من خير» ) کا لفظ بیان کیا ۔

0022 Selon Abu Sa’id al-Khudry, le Prophète dit : « Ceux destinés au Paradis y entreront et ceux au Feu entreront effectivement au feu. Après quoi, Dieu, le Très-Haut, dira : « Faites sortir ceux qui avaient dans le coeur ne fût-ce que le poids d’un grain de moutarde de foi ». En effet, on les fera sortir. Calcinés qu’ils seront, on les jettera dans le fleuve d’al-hayâ (de pluie) ou d’al-hayât (de vie), le doute vient de Mâlik, et de là, ils repousseront comme repousse une graine au bord du torrent. N’as-tu pas vu qu’elle sort toute jaune et ployée ?«  Wuhayb: ‘Amru nous a rapporté qu’il s’agit de ‘ al-hayât ‘ . De plus, dans sa version on trouve : ‘ grain de moutarde de bien ‘

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [22] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأصبحي الْمدنِي بن أُخْتِ مَالِكٍ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ غَرِيبٌ صَحِيحٌ .

     قَوْلُهُ  يُدْخِلُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ يُدْخِلُ اللَّهُ وَزَادَ مِنْ طَرِيقِ مَعْنٍ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ برحمته وَكَذَا لَهُ وللاسماعيلى من طَرِيق بن وَهْبٍ .

     قَوْلُهُ  مِثْقَالُ حَبَّةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا لَالَامِ التَّأْكِيدِ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي أُسَامَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَاللَّهِ إِنَّ أَبَرَّكُمْ وَأَتْقَاكُمْ أَنَا وَيُسْتَفَادُ مِنْهُ إِقَامَةُ الضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ مَقَامَ الْمُتَّصِلِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ عِنْدَ أَكْثَرِ النُّحَاةِ إِلَّا لِلضَّرُورَةِ وَأَوَّلُوا قَوْلَ الشَّاعِرِ وَإِنَّمَا يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِهِمْ أَنَا أَوْ مِثْلِي بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ فِيهِ مُقَدَّرٌ أَيْ وَمَا يُدَافِعُ عَنْ أَحْسَابِهِمْ إِلَّا أَنَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالَّذِي وَقَعَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَشْهَدُ لِلْجَوَازِ بِلَا ضَرُورَةٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُسْلِمٍ وَهُوَ مِنْ غَرَائِبِ الصَّحِيحِ لَا أَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْ هِشَامٍ فَرْدٌ مُطْلَقٌ مِنْ حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَدْ أَشَرْتُ إِلَى مَا وَرَدَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَائِشَةَ فِي بَابِ مَنْ لَمْ يُوَاجَهْ مِنْ كِتَابِ الْأَدَبِ وَذَكَرْتُ فِيهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ تَعْيِينُ الْمَأْمُورِ بِهِ وَللَّه الْحَمد

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [22] حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا -أَوِ الْحَيَاةِ، شَكَّ مَالِكٌ- فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً»؟ قَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو «الْحَيَاةِ».
وَقَالَ «خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ».
[الحديث أطرافه في: 4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439] .
( باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال) أي التفاضل الحاصل بسبب الأعمال، ولفظ باب ساقط عند الأصيلي.
وبالسند أوّل هذا المجموع إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أُويس بن عبد الله الأصبحي المدني ابن أُخت إمام دار الهجرة مالك، وتكلم فيه كأبيه لكن أثنى عليه ابن معين وأحمد، وقد وافقه على رواية هذا الحديث عبد الله بن وهب ومعن بن عيسى عن مالك، وليس هو في الموطأ.
قال الدارقطني: هو غريب صحيح، وأخرجه المؤلف أيضًا عن غيره فانجبر اللين الذي فيه، وتوفي إسماعيل هذا في رجب سنة سبع أو ست وعشرين ومائتين.
( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن عمرو بن يحيى) بن عمارة بفتح عين عمرو ( المازني) المدني المتوفى سنة أربعين ومائة، ( عن أبيه) يحيى ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري) بالدال المهملة ( رضي الله عنه، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) : ( يدخل أهل الجنة الجنة) أي فيها، وعبر بالمضارع العاري عن سين الاستقبال المتمحض للحال لتحقق وقوع الإدخال، ( و) يدخل ( أهل النار النار، ثم) بعد دخولهم فيها ( يقول الله تعالى) وفي رواية عز وجل للملائكة ( أخرجوا) بهمزة قطع مفتوحة أمر من الإخراج زاد في رواية الأصيلي من النار ( من) أي الذي ( كان في قلبه) زيادة على أصل التوحيد ( مثقال حبة) ويشهد لهذا قوله أخرجوا من النار من قال لا إله إلاّ الله وعمل من الخير ما يزن كذا أي مقدار حبة حاصلة ( من خردل) حاصل ( من إيمان) بالتنكير ليفيد التقليل، والقلة هنا باعتبار انتفاء الزيادة على ما يكفي، لا لأن الإيمان ببعض ما يجب الإيمان به كافٍ لأنه علم من عرف الشرع أن المراد من الإيمان الحقيقة المعهودة، وفي رواية الأصيلي والحموي والمستملي من الإيمان بالتعريف.
ثم إن المراد بقوله حبة من خردل التمثيل، فيكون عيارًا في المعرفة لا في الوزن حقيقة، لأن الإيمان ليس بجسم، فيحصره الوزن والكيل، لكن ما يشكل من المعقول قد يردّ إلى عيار محسوس، ليفهم ويشبه به ليعلم، والتحقيق فيه أن يجعل عمل العبد وهو عرض في جسم على مقدار العمل عنده تعالى، ثم يوزن كما صرّح به في قوله: وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، أو تمثل الأعمال بجواهر فتجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة، أو الموزون الخواتيم.
وقد استنبط الغزالي من قوله أخرجوا من النار من كان في قلبه الخ.
نجاة من أيقن بالإيمان، وحال بينه وبين النطق به الموت، فقال: وأما من قدر على النطق ولم يفعل حتى مات مع إيقانه بالإيمان بقلبه، فيحتمل أن يكون امتناعه منه بمنزلة امتناعه عن الصلاة، فلا يخلد في النار.
ويحتمل خلافه، ورجح غيره الثاني، فيحتاج إلى تأويل قوله في قلبه، فيقدّر فيه محذوف تقديره منضمًّا إلى النطق به مع القدرة عليه، ومنشأ الاحتمالين الخلاف في أن النطق بالإيمان شطر فلا يتم الإيمان إلا به، وهو مذهب جماعة من العلماء، واختاره الإمام شمس الذين وفخر الإسلام، أو شرط لإجراء الأحكام الدنيوية فقط، وهو مذهب جمهور المحققين، وهو اختيار الشيخ أبي منصور، والنصوص معاضدة لذلك قاله المحقق التفتازاني.
( فيخرجون منها) أي من النار حال كونهم ( قد اسودوا) أي صاروا سودًا كالحمم من تأثير النار، ( فيلقون) بضم المثناة التحتية مبنيًّا للمفعول ( في نهر الحيا) بالقصر لكريمة وغيرها أي المطر ( أو الحياة) بالمثناة الفوقية آخره، وهو النهر الذي من غمس فيه حيي، ( شك مالك) وفي رواية ابن عساكر يشك بالمثناة التحتية أوّله أي في أيهما الرواية، ورواية الأصيلي من غير الفرع الحياء بالمد ولا وجه له، والمعنى على الأولى لأن المراد كل ما تحصل به الحياة، وبالمطر تحصل حياة الزرع بخلاف الثالث، فإن معناه الخجل، ولا يخفى بعده عن المعنى المراد هنا، وجملة شك اعتراض بين قوله فيلقون في نهر الحياة السابق، وبين لاحقه وهو قوله ( فينبتون) ثانيًا ( كما تنبت الحبة) بكسر المهملة وتشديد الموحدة، أي كنبات برز العشب، فأل للجنس أو للعهد، والمرادالبقرة الحمقاة لأنها تنبت سريعًا.
( في جانب السيل، ألم تر) لكل من يتأتى منه الرؤية ( أنها تخرج) حال كونها ( صفراء) تسرّ الناظر، وحال كونها ( ملتوية) ، أي منعطفة منثنية، وهذا مما يزيد الرياحين حسنًا باهتزازه وتمايله، فالتشبيه من حيث الإسراع والحسن، والمعنى من كان في قلبه مثقال حبة من الإيمان يخرج من ذلك الماء نضرًا متبخترًا كخروج هذه الريحانة من جانب السيل صفراء متمايلة، وحينئذ فيتعين كون أل في الحبة للجنس فافهم، وسيأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في صفة الجنة والنار، حيث أخرج المؤلف هذا الحديث.
وقد أخرجه مسلم أيضًا في الإيمان، وهو من عوالي المؤلف على مسلم بدرجة، وأخرجه النسائي أيضًا، وليس هو في الموطأ.
وهو هنا قطعة من الحديث الآتي إن شاء الله تعالى بعون الله مع مباحثه.
وبه قال ( قال وهيب) بضم أوّله وفتح ثانيه مصغرًا آخره موحدة، ابن خالد بن عجلان الباهلي البصري، ( حدّثنا عمرو) بفتح العين ابن يحيى المازني السابق قريبًا ( الحياة) بالجر على الحكاية، وهو موافق لمالك في روايته لهذا الحديث عن عمرو بن يحيى بسنده، ولم يشك كما شك مالك أيضًا.
( وقال) وهيب أيضًا في روايته مثقال حبة من ( خردل من خير) بدل من إيمان، فخالف مالكًا في هذه اللفظة.
وهذا التعليق أخرجه المصنف مسندًا في الرقاق عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد به، وسياقه أتم من سياق مالك لكنه قال من خردل من إيمان كرواية مالك، وفي هذا الحديث الرد على المرجئة لما تضمنه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان، وعلى المعتزلة القائلين بأن المعاصي موجبة للخلود في النار.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [22] حدّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدّثني مَالِكٌ عَن عَمْرِو بنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَن أبِيهِ عَن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي رَضِي الله عَنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ يدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ ثُم يَقولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مَن كَانَ فِي قَلْبِهِ مثْقالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إيمانٍ فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَياءِ أَو الحَيَاةِ شَكَّ مَالِكٌ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جانِب السَّيْلِ أَلَمْ تَرَ أَنَّها تَخْرُجُ صَفَرَاءَ مُلْتَوِيَةً.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَن الْمَذْكُور فِيهِ هُوَ: أَن الْقَلِيل جدا من الْإِيمَان يخرج صَاحبه من النَّارذَلِك نقص ثَوَابه.
فَإِن قلت: كَيفَ يعلمُونَ مَا كَانَ فِي قُلُوبهم فِي الدُّنْيَا من الْإِيمَان ومقداره؟ قلت: لَعَلَّه بعلامات كَمَا يعلمُونَ أَنهم من أهل التَّوْحِيد.
قَوْله: ( كَمَا تنْبت الْحبَّة) الخ فِيهِ تَشْبِيه مُتَعَدد، وَهُوَ التَّشْبِيه من حَيْثُ الْإِسْرَاع، وَمن حَيْثُ ضعف النَّبَات، وَمن حَيْثُ الطراوة وَالْحسن، والمنى: من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من الْإِيمَان يخرج من ذَلِك المَاء نضراً حسنا منبسطاً متبختراً كخروج هَذِه الريحانة من جَانب السَّيْل صفراء متميلة، وَهَذَا يُؤَيّد كَون اللَّام فِي الْحبَّة للْجِنْس، لِأَن بقلة الحمقاء لَيست صفراء؛ إلاَّ أَن يقْصد بِهِ مُجَرّد الْحسن والطراوة، وَقد ذكرنَا وَجه كَونهَا للْعهد.
( بَيَان استنباط الْفَوَائِد) الأولى: فِيهِ حجَّة لأهل السّنة على المرجئة حَيْثُ علم مِنْهُ دُخُول طَائِفَة من عصارة الْمُؤمنِينَ النَّار، إِذْ مَذْهَبهم أَنه لَا يضر مَعَ الْإِيمَان مَعْصِيّة، فَلَا يدْخل العَاصِي النَّار.
الثَّانِيَة: فِيهِ حجَّة على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ دلّ على عدم وجوب تخليد العَاصِي فِي النَّار.
الثَّالِثَة: فِيهِ دَلِيل على تفاضل أهل الْإِيمَان فِي الْأَعْمَال.
الرَّابِعَة: مَا قيل: إِن الْأَعْمَال من الْإِيمَان لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( خَرْدَل من إِيمَان) ، وَالْمرَاد مَا زَاد على أصل التَّوْحِيد.
قلت: لَا دلَالَة فِيهِ على ذَلِك أصلا على مَا لَا يخفى.
قَالَ وُهَيْبٌ حَدثنَا عَمْرٌ والحَيَاةِ.

     وَقَالَ  خَرْدَلٍ مِنْ خيْرٍ.
الْكَلَام فِيهِ من وُجُوه.
الأول: أَن هَذَا من بَاب تعليقات البُخَارِيّ، وَلكنه أخرجه مُسْندًا فِي كتاب الرقَاق عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن وهيب عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن أبي سعيد بِهِ، وسياقه اتم من سِيَاق مَالك، لكنه قَالَ: ( من خَرْدَل من إِيمَان) كَرِوَايَة مَالك، وَقد اعْترض على البُخَارِيّ بِهَذَا، وَلَا يرد عَلَيْهِ لِأَن أَبَا بكر بن أبي شيبَة أخرج هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده عَن عَفَّان بن مُسلم عَن وهيب فَقَالَ: ( من خَرْدَل من خير) ، كَمَا علقه البُخَارِيّ، وَقد أخرج مُسلم عَن أبي بكر هَذَا لَكِن لم يسق لَفظه.
الثَّانِي: فِي إِيرَاد البُخَارِيّ هَذِه الزِّيَادَة من حَدِيث وهيب هُنَا فَوَائِد.
مِنْهَا: قَول وهيب: حَدثنَا عَمْرو آتِيَا بِلَفْظ التحديث، بِخِلَاف مَالك فَإِنَّهُ أَتَى بِلَفْظَة: عَن، وفيهَا خلاف مَعْرُوف، هَل يدل على الِاتِّصَال وَالسَّمَاع أم لَا؟ فأزال البُخَارِيّ بِهَذِهِ الزِّيَادَة توهم الْخلاف، مَعَ أَن مَالِكًا غير مُدَلّس، وَالْمَشْهُور عِنْد أهل هَذَا الْفَنّ أَن لَفْظَة: عَن، مَحْمُولَة على الِاتِّصَال إِذا لم يكن المعنعن مدلساً.
وَمِنْهَا: إِزَالَة الشَّك الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيث مَالك عَن عَمْرو فِي قَوْله: ( الْحيَاء أَو الْحَيَاة) فَأتى بِهِ وهيب مُجَردا من غير شكّ.
فَقَالَ: نهر الْحَيَاة.
وَمِنْهَا: قَوْله: من خير، وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ.
الثَّالِث: قَوْله: ( الْحَيَاة) بِالْجَرِّ، على الْحِكَايَة، وَالْمعْنَى أَن وهيباً وَافق مَالِكًا فِي رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو بن يحيى بِسَنَدِهِ، وَجزم بقوله: فِي نهر الْحَيَاة وَلم يشك كَمَا شكّ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى.
قَوْله: (.

     وَقَالَ  خَرْدَل من خير)
بجر خَرْدَل أَيْضا على الْحِكَايَة، أَي: قَالَ وهيب فِي رِوَايَته: مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من خير، فَخَالف مَالِكًا أَيْضا فِي هَذِه اللَّفْظَة كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: ( وهيب) ، بِضَم الْوَاو وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، ابْن خَالِد بن عجلَان الْبَاهِلِيّ، مَوْلَاهُم، الْبَصْرِيّ، روى عَن: هِشَام بن عُرْوَة وَأَيوب وَسُهيْل وَعَمْرو بن يحيى وَغَيرهم، روى عَنهُ: الْقطَّان وَابْن مهْدي وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَخلق كثير، اتّفق على توثيقه،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث حجَّة، وَكَانَ يملي من حفظه، مَاتَ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة، روى لَهُ الْجَمَاعَة، وَقد سجن فَذهب بَصَره.
قَوْله: ( حَدثنَا عَمْرو) بِفَتْح الْعين، هُوَ عَمْرو بن يحيى الْمَازِني، وَقد مر ذكره عَن قريب.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [22] عمرو بن يحي المازني، عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله عز وجل: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة – شك: مالك – فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية ".
قال البخاري: و قال وهيب: حدثنا عمرو " الحياة " وقال: " خردل من خير ".
قد قيل: إن الرواية الصحيحة: " الحيا " هو: المطر، قاله الخطابي وغيره ( 5) .
هذا الحديث نص في أن الإيمان في القلوب يتفاضل، فإن أريد به مجرد التصديق ففي تفاضله خلاف سبق ذكره ( 6) ، إن أريد به ما في القلوب من أعمال الإيمان كالخشية والرجاء والحب والتوكل، ونحو ذلك فهو متفاضل بغير نزاع.
وقد بوب البخاري على هذا الحديث: " باب تفاوت أهل الإيمان في الأعمال " فقد يكون مراده الأعمال القائمة بالقلب كما بوب على أن المعرفة فعل القلب.
وقد يكون مراده أن أعمال الجوارح تتفاوت بحسب تفاوت إيمان القلوب فإنهما متلازمان.
وقد ذكر البخاري أن وهيبا خالف مالكا في هذا الحديث وقال: " مثقال حبة من خير ".
وفي الباب – أيضا – من حديث أنس بمعنى حديث أبي سعيد، وفي لفظه اختلاف كالاختلاف في حديث أبي سعيد.
وقد خرجه البخاري في موضع آخر وفيه زيادة: " من قال لا إله إلا الله " .
وهذا يستدل به على أن الإيمان يفوق معنى كلمة التوحيد والإيمان القلبي وهو التصديق لا تقتسمه ( 5) الغرماء بمظالمهم؛ بل يبقى ( 192 - أ / ف) على صاحبه؛ لأن الغرماء لو اقتسموا ذلك لخلد بعض أهل التوحيد وصار مسلوبا ما في قلبه من التصديق وما قاله بلسانه من الشهادة، وإنما يخرج عصاة الموحدين من النار بهذين الشيئين، فدل على بقائهما على جميع من دخل النار منهم وأن الغرماء إنما يقتسمون الإيمان العملي بالجوارح، وقد قال ابن عيينه وغيره: إن الصوم خاصة من أعمال الجوارح لا تقتسمه الغرماء – أيضا.
وأما الحبة بكسر الحاء فهي أصول النبات والعشب وقد قيل: أنها تنزل مع المطر من السماء، كذا قاله كعب غيره.
وقد ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب " المطر " وذكر فيه آثارا عن الأعراب.
وحميل السيل: محمولة؛ فإن السيل يحمل من الغثاء ونحوه ما ينبت منه العشب، وشبه نبات الخارجين من النار إذا ألقوا في نهر الحيا – أو الحياة – بنبات هذه الحبة لمعنيين: أحدهما: سرعة نباتها.
والثاني: أنها صفراء ملتوية ثم تستوي وتحسن، فكذلك ينبت من يخرج من النار بهذا الماء نباتا ضعيفا ثم يقوى ويكمل نباته ويحسن خلقه.
وقد جعل الله نبات أجساد بني آدم كنبات الأرض، قال الله تعالى { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] وحياتهم من الماء، فنشأتهم الأولى في بطون أمهاتهم من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، ونشأتهم الثانية من قبورهم من الماء الذي ينزل من تحت العرش، فينبتون فيه كنبات البقل حتى تتكامل أجسادهم، ونبات من يدخل النار ثم يخرج منها من ماء نهر الحياة – أو الحيا.
وفي " صحيح مسلم " عن أبي سعيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون؛ ولكن أناس أصابتهم النار بذنوبهم – أو قال: بخطاياهم -، فأماتهم الله إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل .
وظاهر هذا: أنهم يموتون بمفارقة أرواحهم لأجسادهم [و] يحيون بإعادتها، ويكون ذلك قبل ذبح الموت.
ويشهد له: ما خرجه البزار في " مسنده " من حديث أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أدنى أهل الجنة منزلة أو نصيبا: قوم يخرجهم الله من النار فيرتاح لهم الرب عز وجل أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئا فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل، حتى إذا دخلت الأرواح في أجسادهم قالوا: ربنا! فالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار، فتصرف وجوههم عن النار .
ثم خرج البخاري حديث:

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  قَولُهُ بَابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِي الْأَعْمَالِ
فِي ظَرْفِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سَبَبِيَّةً أَيِ التَّفَاضُلُ الْحَاصِلُ بِسَبَبِ الْأَعْمَالِ

[ قــ :22 ... غــ :22] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ هُوَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأصبحي الْمدنِي بن أُخْتِ مَالِكٍ وَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ وَمَعْنُ بْنُ عِيسَى عَنْ مَالِكٍ وَلَيْسَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ هُوَ غَرِيبٌ صَحِيحٌ .

     قَوْلُهُ  يُدْخِلُ لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِ يُدْخِلُ اللَّهُ وَزَادَ مِنْ طَرِيقِ مَعْنٍ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ برحمته وَكَذَا لَهُ وللاسماعيلى من طَرِيق بن وَهْبٍ .

     قَوْلُهُ  مِثْقَالُ حَبَّةٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى مَا لَا أَقَلَّ مِنْهُ قَالَ الْخَطَّابِيُّ هُوَ مَثَلٌ لِيَكُونَ عِيَارًا فِي الْمَعْرِفَةِ لَا فِي الْوَزْنِ لِأَنَّ مَا يُشْكِلُ فِي الْمَعْقُولُ يُرَدُّ إِلَى الْمَحْسُوسِ لِيُفْهَمَ.

     وَقَالَ  إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْوَزْنُ لِلصُّحُفِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْأَعْمَالِ وَيَقَعُ وَزْنُهَا عَلَى قَدْرِ أُجُورِ الْأَعْمَالِ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ يَجُوزُ أَنْ تُجَسَّدَ الْأَعْرَاضُ فَتُوزَنُ وَمَا ثَبَتَ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ بِالشَّرْعِ لَا دَخْلَ لِلْعَقْلِ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِحَبَّةِ الْخَرْدَلِ هُنَا مَا زَادَ مِنَ الْأَعْمَالِ عَلَى أَصْلِ التَّوْحِيدِ لِقَوْلِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى أَخْرِجُوا مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَمِلَ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً وَمَحَلُّ بَسْطِ هَذَا يَقَعُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ .

     قَوْلُهُ  فِي نَهَرِ الْحَيَاءِ كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِالْمَدِّ وَلِكَرِيمَةَ وَغَيْرِهَا بِالْقَصْرِ وَبِهِ جَزَمَ الْخَطَّابِيُّ وَعَلَيْهِ الْمَعْنى لِأَن المُرَاد كل مَا تحصل بِهِ الْحَيَاةُ وَالْحَيَا بِالْقَصْرِ هُوَ الْمَطَرُ وَبِهِ تَحْصُلُ حَيَاةُ النَّبَاتُ فَهُوَ أَلْيَقُ بِمَعْنَى الْحَيَاةِ مِنَ الْحَيَاءِ الْمَمْدُودِ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْخَجَلِ .

     قَوْلُهُ  الْحِبَّةُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ الدِّينَوَرِيُّ الْحبَّة جمع بزور النَّبَاتِ وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ بِالْفَتْحِ.

.
وَأَمَّا الْحِبُّ فَهُوَ الْحِنْطَةُ وَالشَّعِيرُ وَاحِدَتُهَا حَبَّةٌ بِالْفَتْحِ أَيْضًا وَإِنَّمَا افْتَرَقَا فِي الْجَمْعِ.

     وَقَالَ  أَبُو الْمَعَالِي فِي الْمُنْتَهى الْحبَّة بِالْكَسْرِ بزور الصَّحْرَاءِ مِمَّا لَيْسَ بِقُوتٍ .

     قَوْلُهُ  قَالَ وُهَيْبٌ أَي بن خَالِد حَدثنَا عَمْرو أَي بن يَحْيَى الْمَازِنِيُّ الْمَذْكُورُ .

     قَوْلُهُ  الْحَيَاةِ بِالْخَفْضِ عَلَى الْحِكَايَةِ وَمُرَادُهُ أَنَّ وُهَيْبًا وَافَقَ مَالِكًا فِي رِوَايَتِهِ لِهَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى بِسَنَدِهِ وَجَزَمَ بِقَوْلِهِ فِي نَهْرِ الْحَيَاةِ وَلَمْ يَشُكَّ كَمَا شَكَّ مَالِكٌ فَائِدَةٌ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مَالِكٍ فَأَبْهَمَ الشَّاكَّ وَقَدْ يُفَسَّرُ هُنَا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  14 - فصل
خرج البخاري ومسلم من حديث:
[ قــ :22 ... غــ :22 ]
- عمرو بن يحي المازني، عن أبيه عن أبي سعيد عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله عز وجل: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا فيلقون في نهر الحيا أو الحياة – شك: مالك – فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية ".
قال البخاري: و قال وهيب: حدثنا عمرو " الحياة " وقال: " خردل من خير ".
قد قيل: إن الرواية الصحيحة: " الحيا " هو: المطر، قاله الخطابي وغيره .
هذا الحديث نص في أن الإيمان في القلوب يتفاضل، فإن أريد به مجرد التصديق ففي تفاضله خلاف سبق ذكره ، إن أريد به ما في القلوب من أعمال الإيمان كالخشية والرجاء والحب والتوكل، ونحو ذلك فهو متفاضل بغير نزاع.
وقد بوب البخاري على هذا الحديث: " باب تفاوت أهل الإيمان في الأعمال " فقد يكون مراده الأعمال القائمة بالقلب كما بوب على أن المعرفة فعل القلب.
وقد يكون مراده أن أعمال الجوارح تتفاوت بحسب تفاوت إيمان القلوب فإنهما متلازمان.

وقد ذكر البخاري أن وهيبا خالف مالكا في هذا الحديث وقال: " مثقال حبة من خير ".
وفي الباب – أيضا – من حديث أنس بمعنى حديث أبي سعيد، وفي لفظه اختلاف كالاختلاف في حديث أبي سعيد.
وقد خرجه البخاري في موضع آخر وفيه زيادة: " من قال لا إله إلا الله " .
وهذا يستدل به على أن الإيمان يفوق معنى كلمة التوحيد والإيمان القلبي وهو التصديق لا تقتسمه الغرماء بمظالمهم؛ بل يبقى ( 192 - أ / ف) على صاحبه؛ لأن الغرماء لو اقتسموا ذلك لخلد بعض أهل التوحيد وصار مسلوبا ما في قلبه من التصديق وما قاله بلسانه من الشهادة، وإنما يخرج عصاة الموحدين من النار بهذين الشيئين، فدل على بقائهما على جميع من دخل النار منهم وأن الغرماء إنما يقتسمون الإيمان العملي بالجوارح، وقد قال ابن عيينه وغيره: إن الصوم خاصة من أعمال الجوارح لا تقتسمه الغرماء – أيضا.
وأما الحبة بكسر الحاء فهي أصول النبات والعشب وقد قيل: أنها تنزل مع المطر من السماء، كذا قاله كعب غيره.
وقد ذكره ابن أبي الدنيا في كتاب " المطر " وذكر فيه آثارا عن الأعراب.

وحميل السيل: محمولة؛ فإن السيل يحمل من الغثاء ونحوه ما ينبت منه العشب، وشبه نبات الخارجين من النار إذا ألقوا في نهر الحيا – أو الحياة – بنبات هذه الحبة لمعنيين: أحدهما: سرعة نباتها.
والثاني: أنها صفراء ملتوية ثم تستوي وتحسن، فكذلك ينبت من يخرج من النار بهذا الماء نباتا ضعيفا ثم يقوى ويكمل نباته ويحسن خلقه.
وقد جعل الله نبات أجساد بني آدم كنبات الأرض، قال الله تعالى { وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا} [نوح: 17] وحياتهم من الماء، فنشأتهم الأولى في بطون أمهاتهم من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب، ونشأتهم الثانية من قبورهم من الماء الذي ينزل من تحت العرش، فينبتون فيه كنبات البقل حتى تتكامل أجسادهم، ونبات من يدخل النار ثم يخرج منها من ماء نهر الحياة – أو الحيا.

وفي " صحيح مسلم " عن أبي سعيد، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " أما أهل النار الذين هم أهلها فلا يموتون فيها ولا يحيون؛ ولكن أناس أصابتهم النار بذنوبهم – أو قال: بخطاياهم -، فأماتهم الله إماتة حتى إذا كانوا فحما أذن في الشفاعة فجيء بهم ضبائر ضبائر فبثوا على أنهار الجنة ثم قيل: يا أهل الجنة! أفيضوا عليهم، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل .
وظاهر هذا: أنهم يموتون بمفارقة أرواحهم لأجسادهم [و] يحيون بإعادتها، ويكون ذلك قبل ذبح الموت.
ويشهد له: ما خرجه البزار في " مسنده " من حديث أبي هريرة، عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " إن أدنى أهل الجنة منزلة أو نصيبا: قوم يخرجهم الله من النار فيرتاح لهم الرب عز وجل أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئا فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل، حتى إذا دخلت الأرواح في أجسادهم قالوا: ربنا! فالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار، فتصرف وجوههم عن النار .

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمَانِ فِي الأَعْمَالِ

[ قــ :22 ... غــ : 22 ]
- حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يَدْخُلُ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلُ النَّارِ النَّارَ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الْحَيَا -أَوِ الْحَيَاةِ، شَكَّ مَالِكٌ- فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي جَانِبِ السَّيْلِ، أَلَمْ تَرَ أَنَّهَا تَخْرُجُ صَفْرَاءَ مُلْتَوِيَةً»؟
قَالَ وُهَيْبٌ: حَدَّثَنَا عَمْرٌو «الْحَيَاةِ»..
     وَقَالَ  «خَرْدَلٍ مِنْ خَيْرٍ».
[الحديث 22 - أطرافه في: 4581، 4919، 6560، 6574، 7438، 7439] .

( باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال) أي التفاضل الحاصل بسبب الأعمال، ولفظ باب ساقط عند الأصيلي.


وبالسند أوّل هذا المجموع إلى المؤلف قال: ( حدّثنا إسماعيل) بن أبي أُويس بن عبد الله الأصبحي المدني ابن أُخت إمام دار الهجرة مالك، وتكلم فيه كأبيه لكن أثنى عليه ابن معين وأحمد، وقد وافقه على رواية هذا الحديث عبد الله بن وهب ومعن بن عيسى عن مالك، وليس هو في الموطأ.
قال الدارقطني: هو غريب صحيح، وأخرجه المؤلف أيضًا عن غيره فانجبر اللين الذي فيه، وتوفي إسماعيل هذا في رجب سنة سبع أو ست وعشرين ومائتين.
( قال: حدّثني) بالإفراد ( مالك) هو ابن أنس الإمام ( عن عمرو بن يحيى) بن عمارة بفتح عين عمرو ( المازني) المدني المتوفى سنة أربعين ومائة، ( عن أبيه) يحيى ( عن أبي سعيد) سعد بن مالك ( الخدري) بالدال المهملة ( رضي الله عنه، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه ( قال) :
( يدخل أهل الجنة الجنة) أي فيها، وعبر بالمضارع العاري عن سين الاستقبال المتمحض للحال لتحقق وقوع الإدخال، ( و) يدخل ( أهل النار النار، ثم) بعد دخولهم فيها ( يقول الله تعالى) وفي رواية عز وجل للملائكة ( أخرجوا) بهمزة قطع مفتوحة أمر من الإخراج زاد في رواية الأصيلي من النار ( من) أي الذي ( كان في قلبه) زيادة على أصل التوحيد ( مثقال حبة) ويشهد لهذا قوله أخرجوا من النار من قال لا إله إلاّ الله وعمل من الخير ما يزن كذا أي مقدار حبة حاصلة ( من خردل) حاصل ( من إيمان) بالتنكير ليفيد التقليل، والقلة هنا باعتبار انتفاء الزيادة على ما يكفي، لا لأن

الإيمان ببعض ما يجب الإيمان به كافٍ لأنه علم من عرف الشرع أن المراد من الإيمان الحقيقة المعهودة، وفي رواية الأصيلي والحموي والمستملي من الإيمان بالتعريف.
ثم إن المراد بقوله حبة من خردل التمثيل، فيكون عيارًا في المعرفة لا في الوزن حقيقة، لأن الإيمان ليس بجسم، فيحصره الوزن والكيل، لكن ما يشكل من المعقول قد يردّ إلى عيار محسوس، ليفهم ويشبه به ليعلم، والتحقيق فيه أن يجعل عمل العبد وهو عرض في جسم على مقدار العمل عنده تعالى، ثم يوزن كما صرّح به في قوله: وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، أو تمثل الأعمال بجواهر فتجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة، أو الموزون الخواتيم.
وقد استنبط الغزالي من قوله أخرجوا من النار من كان في قلبه الخ.
نجاة من أيقن بالإيمان، وحال بينه وبين النطق به الموت، فقال: وأما من قدر على النطق ولم يفعل حتى مات مع إيقانه بالإيمان بقلبه، فيحتمل أن يكون امتناعه منه بمنزلة امتناعه عن الصلاة، فلا يخلد في النار.
ويحتمل خلافه، ورجح غيره الثاني، فيحتاج إلى تأويل قوله في قلبه، فيقدّر فيه محذوف تقديره منضمًّا إلى النطق به مع القدرة عليه، ومنشأ الاحتمالين الخلاف في أن النطق بالإيمان شطر فلا يتم الإيمان إلا به، وهو مذهب جماعة من العلماء، واختاره الإمام شمس الذين وفخر الإسلام، أو شرط لإجراء الأحكام الدنيوية فقط، وهو مذهب جمهور المحققين، وهو اختيار الشيخ أبي منصور، والنصوص معاضدة لذلك قاله المحقق التفتازاني.

( فيخرجون منها) أي من النار حال كونهم ( قد اسودوا) أي صاروا سودًا كالحمم من تأثير النار، ( فيلقون) بضم المثناة التحتية مبنيًّا للمفعول ( في نهر الحيا) بالقصر لكريمة وغيرها أي المطر ( أو الحياة) بالمثناة الفوقية آخره، وهو النهر الذي من غمس فيه حيي، ( شك مالك) وفي رواية ابن عساكر يشك بالمثناة التحتية أوّله أي في أيهما الرواية، ورواية الأصيلي من غير الفرع الحياء بالمد ولا وجه له، والمعنى على الأولى لأن المراد كل ما تحصل به الحياة، وبالمطر تحصل حياة الزرع بخلاف الثالث، فإن معناه الخجل، ولا يخفى بعده عن المعنى المراد هنا، وجملة شك اعتراض بين قوله فيلقون في نهر الحياة السابق، وبين لاحقه وهو قوله ( فينبتون) ثانيًا ( كما تنبت الحبة) بكسر المهملة وتشديد الموحدة، أي كنبات برز العشب، فأل للجنس أو للعهد، والمراد البقرة الحمقاة لأنها تنبت سريعًا.
( في جانب السيل، ألم تر) لكل من يتأتى منه الرؤية ( أنها تخرج) حال كونها ( صفراء) تسرّ الناظر، وحال كونها ( ملتوية) ، أي منعطفة منثنية، وهذا مما يزيد الرياحين حسنًا باهتزازه وتمايله، فالتشبيه من حيث الإسراع والحسن، والمعنى من كان في قلبه مثقال حبة من الإيمان يخرج من ذلك الماء نضرًا متبخترًا كخروج هذه الريحانة من جانب السيل صفراء متمايلة، وحينئذ فيتعين كون أل في الحبة للجنس فافهم، وسيأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في صفة الجنة والنار، حيث أخرج المؤلف هذا الحديث.
وقد أخرجه مسلم أيضًا في الإيمان، وهو من عوالي المؤلف على مسلم بدرجة، وأخرجه النسائي أيضًا، وليس هو في الموطأ.
وهو هنا قطعة من الحديث الآتي إن شاء الله تعالى بعون الله مع مباحثه.


وبه قال ( قال وهيب) بضم أوّله وفتح ثانيه مصغرًا آخره موحدة، ابن خالد بن عجلان الباهلي البصري، ( حدّثنا عمرو) بفتح العين ابن يحيى المازني السابق قريبًا ( الحياة) بالجر على الحكاية، وهو موافق لمالك في روايته لهذا الحديث عن عمرو بن يحيى بسنده، ولم يشك كما شك مالك أيضًا.

( وقال) وهيب أيضًا في روايته مثقال حبة من ( خردل من خير) بدل من إيمان، فخالف مالكًا في هذه اللفظة.
وهذا التعليق أخرجه المصنف مسندًا في الرقاق عن موسى بن إسماعيل عن وهيب عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد به، وسياقه أتم من سياق مالك لكنه قال من خردل من إيمان كرواية مالك، وفي هذا الحديث الرد على المرجئة لما تضمنه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان، وعلى المعتزلة القائلين بأن المعاصي موجبة للخلود في النار.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الإِيمانِ فِي الأَعْمَالِ)

أَي: هَذَا بابُُ تفاضل أهل الْإِيمَان، وَالْأَصْل: هَذَا بابُُ فِي بَيَان تفاضل أهل الْإِيمَان فِي أَعْمَالهم، وتفاضل، مجرور بِإِضَافَة الْبابُُ إِلَيْهِ، وَيجوز أَن يكون مَرْفُوعا بِالِابْتِدَاءِ.
وَقَوله: ( فِي الْأَعْمَال) خَبره، وَيكون الْبابُُ مُضَافا إِلَى جملَة، وَقَوله: فِي الْأَعْمَال يتَعَلَّق بتفاضل.
أَو يتَعَلَّق بمقدر نَحْو: الْحَاصِل، وَكلمَة: فِي، للسَّبَبِيَّة كَمَا فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( فِي النَّفس المؤمنة مائَة إبل) أَي: التَّفَاضُل الْحَاصِل بِسَبَب الْأَعْمَال.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ أَن الْمَذْكُور فِي الْبابُُ الأول ثَلَاث خِصَال، وَالنَّاس متفاوتون فِيهَا، والفاضل من اسْتكْمل الثَّلَاث فقد حصل فِيهِ التَّفَاضُل فِي الْعَمَل، وَهَذَا الْبابُُ أَيْضا فِي التَّفَاضُل فِي الْعَمَل.



[ قــ :22 ... غــ :22 ]
- حدّثنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدّثني مَالِكٌ عَن عَمْرِو بنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَن أبِيهِ عَن أبي سَعِيدٍ الخُدْرِي رَضِي الله عَنهُ عَن النبيِّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قالَ يدْخُلُ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ وأهْلُ النَّارِ النَّارَ ثُم يَقولُ اللَّهُ تَعَالَى أَخْرِجُوا مَن كَانَ فِي قَلْبِهِ مثْقالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إيمانٍ فَيُخْرَجُونَ مِنْهَا قَدِ اسْوَدُّوا فَيُلْقَوْنَ فِي نَهَرِ الحَياءِ أَو الحَيَاةِ شَكَّ مَالِكٌ فَيَنْبُتُونَ كَمَا تَنْبُتُ الحِبَّةُ فِي جانِب السَّيْلِ أَلَمْ تَرَ أَنَّها تَخْرُجُ صَفَرَاءَ مُلْتَوِيَةً..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة، وَهِي أَن الْمَذْكُور فِيهِ هُوَ: أَن الْقَلِيل جدا من الْإِيمَان يخرج صَاحبه من النَّار والتفاوت فِي شَيْء فِيهِ الْقلَّة وَالْكَثْرَة ظَاهر وَهُوَ عين التَّفَاضُل، لَا يُقَال: الحَدِيث إِنَّمَا يدل على تفاضلهم فِي ثَوَاب الْأَعْمَال لَا فِي نفس الْأَعْمَال، إِذْ الْمَقْصُود مِنْهُ بَيَان أَن بعض الْمُؤمنِينَ يدْخلُونَ الْجنَّة أول الْأَمر، وَبَعْضهمْ يدْخلُونَ آخرا لأَنا نقُول: يدل على تفَاوت النَّاس فِي الْأَعْمَال أَيْضا، لِأَن الْإِيمَان: إِمَّا التَّصْدِيق وَهُوَ عمل الْقلب، وَإِمَّا التَّصْدِيق مَعَ الْعَمَل، وعَلى التَّقْدِيرَيْنِ قَابل للتفاوت، إِذْ مِثْقَال الْحبَّة إِشَارَة إِلَى مَا هُوَ أقل مِنْهُ أَو تفَاوت الثَّوَاب مُسْتَلْزم لتَفَاوت الْأَعْمَال شرعا، وَيحْتَمل أَن يُرَاد من الْأَعْمَال ثَوَاب الْأَعْمَال، إِمَّا تجوزاً بِإِطْلَاق السَّبَب وَإِرَادَة الْمُسَبّب، وَإِمَّا إضماراً بِتَقْدِير لفظ الثَّوَاب مُضَافا إِلَيْهَا.

( بَيَان رِجَاله) وهم خَمْسَة: الأول: إِسْمَاعِيل بن عبد الله أبي أويس بن عبد الله بن أويس بن مَالك بن أبي عَامر الأصبحي، عَم مَالك بن أنس أخي الرّبيع وَأنس وَأبي سُهَيْل نَافِع أَوْلَاد مَالك بن أبي عَامر؛ وَإِسْمَاعِيل هَذَا ابْن أُخْت الإِمَام مَالك بن أنس، سمع: خَاله وأباه وأخاه عبد الْمجِيد وَإِبْرَاهِيم بن سعد وَسليمَان بن بِلَال وَآخَرين، روى عَنهُ: الدَّارمِيّ وَالْبُخَارِيّ وَمُسلم وَغَيرهم من الْحفاظ، وروى مُسلم أَيْضا عَن رجل عَنهُ، وروى لَهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن مَاجَه، وَلم يخرج لَهُ النَّسَائِيّ لِأَنَّهُ ضعفه،.

     وَقَالَ  أَبُو حَاتِم: مَحَله الصدْق وَكَانَ مغفلاً،.

     وَقَالَ  يحيى بن معِين: هُوَ ووالده ضعيفان، وَعنهُ: يسرقان الحَدِيث، وَعنهُ: إِسْمَاعِيل صَدُوق ضَعِيف الْعقل لَيْسَ بذلك، يَعْنِي: أَنه لَا يحسن الحَدِيث وَلَا يعرف أَن يُؤَدِّيه وَيقْرَأ فِي غير كِتَابه، وَعنهُ: مختلط يكذب لَيْسَ بِشَيْء، وَعنهُ: يُسَاوِي فلسين، وَعنهُ: لَا بَأْس بِهِ.
وَكَذَلِكَ قَالَ أَحْمد: قَالَ أَبُو الْقَاسِم اللالكائي: بَالغ النَّسَائِيّ فِي الْكَلَام عَلَيْهِ بِمَا يُؤَدِّي إِلَى تَركه، وَلَعَلَّه بَان لَهُ مَا لم يبن لغيره، لِأَن كَلَام هَؤُلَاءِ كلهم يؤول إِلَى أَنه ضَعِيف..
     وَقَالَ  الدَّارَقُطْنِيّ: لَا اخْتَارَهُ فِي الصَّحِيح..
     وَقَالَ  ابْن عدي: روى عَن خَاله مَالك أَحَادِيث غرائب لَا يُتَابِعه أحد عَلَيْهَا.
وَأثْنى عَلَيْهِ ابْن معِين وَأحمد، وَالْبُخَارِيّ يحدث عَنهُ بالكثير وَهُوَ خير من أَبِيه،.

     وَقَالَ  الْحَاكِم: عيب على البُخَارِيّ وَمُسلم إخراجهما حَدِيثه وَقد احتجا بِهِ مَعًا، وغمزه من يحْتَاج إِلَى كَفِيل فِي تَعْدِيل نَفسه، أَعنِي: النَّضر بن سَلمَة، أَي: فَإِنَّهُ قَالَ: كَذَّاب.
قلت: قد غمزه من لَا يحْتَاج إِلَى كَفِيل، وَمن قَوْله حجَّة مَقْبُولَة.
وَقد أخرجه البُخَارِيّ عَن غَيره أَيْضا، فاللين الَّذِي فِيهِ يُجبر إِذن.
مَاتَ فِي سنة سِتّ، وَيُقَال: فِي رَجَب سنة سبع وَعشْرين وَمِائَتَيْنِ.
الثَّانِي: مَالك بن أنس، وَقد تقدم ذكره.
الثَّالِث: عَمْرو، بِفَتْح الْعين، ابْن يحيى بن عمَارَة، وَوَقع بِخَط النَّوَوِيّ فِي شَرحه عُثْمَان وَهُوَ تَحْرِيف، ابْن أبي حسن تَمِيم بن عَمْرو، وَقيل: يحيى بن عَمْرو، حَكَاهُ الذَّهَبِيّ فِي الصَّحَابَة، ابْن قيس بن يحرث بن الْحَارِث بن ثَعْلَبَة بن مَازِن بن النجار الْأنْصَارِيّ الْمَازِني الْمدنِي روى عَن أَبِيه وَعَن غَيره من التَّابِعين، وَعنهُ: يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَغَيره من التَّابِعين وَغَيرهم، والأنصاري من أقرانه، وروى عَن يحيى بن كثير وَهُوَ من أقرانه أَيْضا، وَثَّقَهُ أَبُو حَاتِم وَالنَّسَائِيّ، توفّي سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَة.
وَعمارَة صَحَابِيّ بَدْرِي عَقبي، ذكره أَبُو مُوسَى وَأَبُو عمر، وَفِيه نظر.
نعم، أَبوهُ صَحَابِيّ عَقبي بَدْرِي،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: وَشهد الخَنْدَق وَمَا بعد هَذَا، وَأم عَمْرو هَذَا هِيَ أم النُّعْمَان بنت أبي حنة، بالنُّون، ابْن عَمْرو بن غزيَّة بن عَمْرو بن عَطِيَّة ابْن خنساء بن مندول بن عَمْرو بن غَانِم بن مَازِن بن النجار.
الرَّابِع: أَبُو يحيى بن عُثْمَان بن أبي حسن الْأنْصَارِيّ الْمَازِني الْمدنِي، سمع: أَبَا سعيد وَعبد الله بن زيدذ، وَعنهُ ابْنه وَالزهْرِيّ وَغَيرهمَا، روى لَهُ الْجَمَاعَة.
الْخَامِس: أَبُو سعيد سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ رَضِي الله عَنهُ.

( بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) : أخرجه البُخَارِيّ هُنَا عَن إِسْمَاعِيل عَن مَالك، وَفِي صفة الْجنَّة وَالنَّار عَن وهيب بن خَالِد، وَأخرجه مُسلم فِي الْإِيمَان عَن هَارُون عَن ابْن وهب عَن مَالك، وَعَن أبي بكر عَن عَفَّان عَن وهيب، وَعَن حجاج ابْن الشَّاعِر عَن عَمْرو بن عون عَن خَالِد بن عبد الله ثَلَاثَتهمْ عَن عَمْرو بن يحيى بِهِ، وَوَقع هَذَا الحَدِيث للْبُخَارِيّ عَالِيا بِرَجُل عَن مُسلم، وَأخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا.
وَهَذَا الحَدِيث قِطْعَة من حَدِيث طَوِيل يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَقد وَافق إِسْمَاعِيل على رِوَايَة هَذَا الحَدِيث عبد الله بن وهب ومعن بن عِيسَى عَن مَالك، وَلَيْسَ هُوَ فِي الْمُوَطَّأ، قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ: هُوَ غَرِيب صَحِيح، وَفِي رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ من طَرِيق إِسْمَاعِيل: ( يدْخل الله) ، وَزَاد من طَرِيق معن: ( يدْخل من يَشَاء برحمته) ، وَكَذَا الْإِسْمَاعِيلِيّ على طَرِيق ابْن وهب.

( بَيَان اللُّغَات) قَوْله: ( مِثْقَال حَبَّة) المثقال: كالمقدار لفظا وَمعنى، مفعال من الثّقل، وَفِي ( الْعبابُ) : مِثْقَال الشَّيْء مِيزَانه من مثله، وَقَوله تَعَالَى: { مِثْقَال ذرة} ( النِّسَاء: 40) أَي: زنة ذرة، قَالَ:
( وكلا يوافيه الْجَزَاء بمثقال)

أَي: بِوَزْن.
وَحكى أَبُو نصر: ألْقى عَلَيْهِ مثاقيله؛ أَي مؤونته، والثقل ضد الخفة، والمثقال فِي الْفِقْه من الذَّهَب عبارَة عَن اثْنَيْنِ وَسبعين شعيرَة، قَالَه الْكرْمَانِي.
قلت: ذكر فِي ( الِاخْتِيَار) أَن المثقال عشرُون قيراطاً وَكَذَا ذكر فِي ( الْهِدَايَة) وَفِي ( الْعبابُ) : القيراط مَعْرُوف ووزنه يخْتَلف باخْتلَاف الْبِلَاد، فَهُوَ عِنْد أهل مَكَّة، حرسها الله تَعَالَى: ربع سدس الدِّينَار، وَعند أهل الْعرَاق: نصف عشر الدِّينَار.
قلت: ذكر الْفُقَهَاء أَن القيراط: طسوجتان، والطسوجة: شعيرتان، والشعيرة: ذرتان، والذرة: فتيلتان، والفتيلة: شعرتان.
وَأما المُرَاد هَهُنَا من المثقال فقد قيل: هُوَ وزن مُقَدّر، الله أعلم بِقَدرِهِ، وَلَيْسَ المُرَاد الْمُقدر هَذَا الْمَعْلُوم، فقد جَاءَ مُبينًا، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن برة، والحبة، بِفَتْح الْحَاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة: وَاحِدَة الْحبّ الْمَأْكُول من الْحِنْطَة وَنَحْوهَا، وَفِي ( الْمُحكم) وَجمع الْحبَّة حبات وحبوب وَحب وحبان، الْأَخِيرَة نادرة.
قَوْله: ( من خَرْدَل) ، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة: هُوَ نَبَات مَعْرُوف يشبه الشَّيْء الْقَلِيل البليغ فِي الْقلَّة، بذلك يَعْنِي: يدْخل الْجنَّة من كَانَ فِي قلبه أقل قدر من الْإِيمَان،.

     وَقَالَ  فِي ( الْعبابُ) : الْخَرْدَل مَعْرُوف واحدته: خردلة؛ قَوْله: ( فِي نهر الْحيَاء) كَذَا فِي هَذِه الرِّوَايَة بِالْمدِّ، وَهِي رِوَايَة الْأصيلِيّ، وَلَا وَجه لَهُ كَمَا نبه عَلَيْهِ القَاضِي، وَفِي رِوَايَة كَرِيمَة وَغَيرهَا بِالْقصرِ، وَعَلِيهِ الْمَعْنى، لِأَن المُرَاد كل مَا يحصل بِهِ الْحَيَاة، والحيا بِالْقصرِ هُوَ الْمَطَر، وَبِه يحصل حَيَاة النَّبَات، فَهُوَ أليق بِمَعْنى الْحَيَاة من الْحيَاء الْمَمْدُود الَّذِي بِمَعْنى الخجل، ونهر الْحَيَاة مَعْنَاهُ المَاء الَّذِي يحيى من انغمس فِيهِ.
قَوْله: ( كَمَا تنْبت الحِبَّة) بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة، بذر العشب، وَجمعه حبب، كقربة وَقرب.
وَيحْتَمل أَن يكون اللَّام للْعهد، وَيُرَاد بِهِ: حَبَّة بقلة الحمقاء، لِأَن شَأْنه أَن ينْبت سَرِيعا على جَانب السَّيْل فيتلفه السَّيْل، ثمَّ ينْبت فيتلفه السَّيْل، وَلِهَذَا سميت بالحمقاء، لِأَنَّهُ لَا تَمْيِيز لَهَا فِي اخْتِيَار المنبت..
     وَقَالَ  الْجَوْهَرِي: الْحبَّة، بِالْكَسْرِ: بذور الصَّحرَاء مِمَّا لَيْسَ بقوت، وَفِي الحَدِيث يَنْبُتُونَ كَمَا تنْبت الْحبَّة فِي حميل السَّيْل، وَتسَمى: الرجلة، بِكَسْر الرَّاء وَالْجِيم، بقلة الحمقاء لِأَنَّهَا لَا تنْبت إلاَّ فِي المسيل..
     وَقَالَ  الْكسَائي: هُوَ حب الرياحين، فَفِي بعض الرِّوَايَات فِي حميل السَّيْل: وَهُوَ مَا يحملهُ السَّيْل من طين وَنَحْوه، قيل: فَإِذا اتّفق فِيهِ الْحبَّة واستقرت على شط مجْرى السَّيْل تنْبت فِي يَوْم وَلَيْلَة، وَهِي أسْرع نابتة نباتاً.
وَفِي ( الْمُحكم) : الْحبَّة بذور الْبُقُول والرياحين، وَاحِدهَا حب، وَقيل: إِذا كَانَت الْحُبُوب مُخْتَلفَة من كل شَيْء فَهِيَ حَبَّة، وَقيل: الْحبَّة نبت ينْبت فِي الْحَشِيش صغَار، وَقيل: مَا كَانَ لَهُ حب من النَّبَات فاسم ذَلِك الْحبّ الْحبَّة،.

     وَقَالَ  أَبُو حنيفَة الدينَوَرِي: الْحبَّة، بِالْكَسْرِ: جَمِيع بذور النَّبَات، واحدتها حَبَّة، بِالْفَتْح.
وَعَن الْكسَائي: أما الْحبّ فَلَيْسَ إلاَّ الْحِنْطَة وَالشعِير، واحدتها حَبَّة بِالْفَتْح، وَإِنَّمَا افْتَرقَا فِي الْجمع؛ والحبة: بذر كل نَبَات ينْبت وَحده من غير أَن يبذر، وكل مَا بذر فبذره حَبَّة، بِالْفَتْح..
     وَقَالَ  الْأَصْمَعِي: مَا كَانَ لَهُ حب من النبت فاسمه حَبَّة إِذا جمع الْحبَّة،.

     وَقَالَ  أَبُو زِيَاد: كل مَا يبس من البقل كُله ذكوره وأحراره يُسمى: الْحبَّة إِذا سقط على الأَرْض وتكسر، وَمَا دَامَ قَائِما بعد يبسه فَإِنَّهُ يُسمى القت.
وَفِي ( الغريبين) : حب الْحِنْطَة يُسمى حَبَّة بِالتَّخْفِيفِ، والحبة، بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْبَاء اسْم جَامع لحبوب الْبُقُول الَّتِي تَنْتَشِر إِذا هَاجَتْ، ثمَّ إِذا مطرَت فِي قَابل تنْبت.
وَفِي ( الْعبابُ) : الْحبَّة بِالْكَسْرِ بذور الصَّحرَاء، وَالْجمع الحبب.
قَوْله: فِي جَانب السَّيْل، كَذَا هَهُنَا، وَجَاء: حميل، بدل: جَانب، وَفِي رِوَايَة وهيب: حماة السَّيْل، والحميل، بِمَعْنى الْمَحْمُول، وَهُوَ مَا جَاءَ بِهِ من طين أَو غثاء، والحمأة مَا تغير لَونه من الطين، وَكله بِمَعْنى.
فَإِذا اتّفق فِيهِ حَبَّة على شط مجْرَاه فَإِنَّهَا تنْبت سَرِيعا.
قَوْله: ( صفراء) تَأْنِيث الْأَصْفَر من الاصفرار، وَهُوَ من جنس الألوان للرياحين، وَلِهَذَا تسر الناظرين، وَسيد رياحين الْجنَّة: الْحِنَّاء، وَهُوَ أصفر.
قَوْله: ( ملتوية) أَي: منعطفة منثنية، وَذَلِكَ أَيْضا يزِيد الريحان حسنا، يَعْنِي اهتزازه وتميله، وَالله تَعَالَى أعلم.

( بَيَان الْإِعْرَاب) : قَوْله: ( يدْخل أهل الْجنَّة) فعل وفاعل.
وَلَفْظَة: أهل، مُضَافَة إِلَى الْجنَّة، وَالْجنَّة الثَّانِيَة بِالنّصب لِأَنَّهُ مفعول، وَأَصله فِي الْجنَّة، وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن الْجنَّة محدودة، وَكَانَ الْحق أَن يُقَال: دخلت فِي الْجنَّة، كَمَا فِي قَوْلك: دخلت فِي الدَّار لِأَنَّهَا محدودة، إلاَّ أَنهم حذفوا حرف الْجَرّ اتساعاً، وأوصلوا الْفِعْل إِلَيْهِ ونصبوه نصب الْمَفْعُول بِهِ.
وَذهب الْجرْمِي: إِلَى أَنه فعل مُتَعَدٍّ، نصب الدَّار كنحو: بنيت الدَّار، وَقد دفعُوا قَوْله بِأَن مصدره يَجِيء على فعول، وَهُوَ من مصَادر الْأَفْعَال اللَّازِمَة، نَحْو: قعد قعُودا، وَجلسَ جُلُوسًا، وَلِأَن مُقَابِله لَازم.
أَعنِي: خرجت، قلت: فِيهِ نظر لِأَنَّهُ غير مطرد، لِأَن ذهب لَازم وَمَا يُقَابله جَاءَ متعدٍ، قَالَ الله تَعَالَى: { أوجاؤكم حصرت صُدُورهمْ} ( النِّسَاء: 90) قَوْله: وَأهل النَّار، كَلَام إضافي عطف على الْأَهْل الأول، وَالتَّقْدِير: وَيدخل أهل النَّار النَّار، وَالْكَلَام فِي النَّار الثَّانِيَة مثل الْكَلَام فِي الْجنَّة الثَّانِيَة.
قَوْله: ( ثمَّ يَقُول الله عز وَجل) كلمة: ثمَّ، هَهُنَا وَاقعَة فِي موقعها، وَهُوَ التَّرْتِيب مَعَ المهلة.
قَوْله: ( أخرجُوا) بِفَتْح الْهمزَة، لِأَنَّهُ أَمر من الْإِخْرَاج، وَهُوَ خطاب للْمَلَائكَة.
وَقَوله: ( من كَانَ فِي قلبه) إِلَى آخِره ... جملَة فِي مَحل النصب على أَنَّهَا مفعول لقَوْله: أخرجُوا، و: ( من) ، مَوْصُولَة، وَقَوله: ( كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة) صلتها، و: ( مِثْقَال حَبَّة) ، كَلَام إضافي مَرْفُوع لِأَنَّهُ اسْم كَانَ وَخَبره هُوَ: قَوْله: ( فِي قلبه) مقدما، وَقيل: يجوز أَن يكون: أخرجُوا، بِضَم الْهمزَة من الْخُرُوج، فعلى هَذَا يكون من، منادى قدحذف مِنْهُ حرف النداء، وَالتَّقْدِير: أخرجُوا يَا من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة، وَقَوله: ( من خَرْدَل) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف وَهُوَ: حَاصِلَة، وَالتَّقْدِير: مِثْقَال حَبَّة حَاصِلَة من خَرْدَل، وَهِي فِي مَحل الْجَرّ على أَنَّهَا صفة لمجرور، وَقَوله: ( من إِيمَان) يتَعَلَّق بِمَحْذُوف آخر، وَالتَّقْدِير: من خَرْدَل حَاصِل من إِيمَان، وَهُوَ أَيْضا فِي مَحل الْجَرّ نَحْوهَا، وَيجوز أَن تتَعَلَّق: من، هَذِه بقوله: من كَانَ، وَلَا يجوز أَن يتَعَلَّق بِفعل وَاحِد حرفا جرٍ من جنس وَاحِد.
فَافْهَم.
قَوْله: ( فَيخْرجُونَ مِنْهَا) أَي: من النَّار، وَالْفَاء فِيهِ للاستئناف، تَقْدِيره: فهم يخرجُون، كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { كن فَيكون} ( الْبَقَرَة: 117 وَغَيرهَا) قَوْله: ( قد اسودوا) جملَة قد وَقعت حَالا، أَي: صَارُوا سُودًا كالفحم من تَأْثِير النَّار.
قَوْله: ( فيلقون) على صِيغَة الْمَجْهُول، جملَة معطوفة على الْجُمْلَة الأولى بِالْفَاءِ الَّتِي تَقْتَضِي التَّرْتِيب، قَوْله: ( شكّ مَالك) جملَة مُعْتَرضَة بَين قَوْله: ( فيلقون فِي نهر الْحَيَاة) وَبَين قَوْله: ( فينبتون) ، وَأَرَادَ أَن الترديد بَين الْحيَاء والحياة إِنَّمَا هُوَ من مَالك بن أنس الإِمَام، وَهُوَ الَّذِي شكّ فِيهِ، وَأخرج مُسلم هَذَا الحَدِيث من رِوَايَة مَالك، فَأَيهمْ الشاك؟ وَقد فسر هُنَا قَوْله: ( فينبتون) عطف على قَوْله: فيلقون.
قَوْله: ( كَمَا تنْبت الْحبَّة) الْكَاف للتشبيه، وَمَا مَصْدَرِيَّة، وَالتَّقْدِير: كنبات الْحبَّة، وَمحل الْجُمْلَة: النصب على أَنَّهَا صفة لمصدر مَحْذُوف، أَي: فينبتون نباتاً كنبات الْحبَّة، قَوْله: ( ألم تَرَ) خطاب لكل من يَتَأَتَّى مِنْهُ الرُّؤْيَة.
قَوْله: ( تخرج) جملَة فِي مَحل الرّفْع لِأَنَّهَا خبر إِن، قَوْله: ( صفراء ملتوية) حالان متداخلتان أَو مترادفتان.

( بَيَان الْمعَانِي وَالْبَيَان) قَوْله: ( يدْخل) فعل مضارع وَقد علم أَنه صَالح للْحَال والاستقبال، فَقيل: حَقِيقَة فِي الْحَال، مجَاز فِي الِاسْتِقْبَال، وَقيل: بِالْعَكْسِ..
     وَقَالَ  ابْن الْحَاجِب: الصَّحِيح أَنه مُشْتَرك بَينهمَا لِأَنَّهُ يُطلق عَلَيْهِمَا على السوية، وَهُوَ دَلِيل الِاشْتِرَاك.
وَفِي قَوْله: على السوية، نظر لَا يخفى، ثمَّ إِنَّه لَا يخلص للاستقبال إلاَّ بِالسِّين وَنَحْوه، وَكَانَ الْقيَاس هَهُنَا أَن يذكر بأداة مخلصة للاستقبال، لِأَن دُخُول الْجنَّة وَالنَّار إِنَّمَا هُوَ فِي الِاسْتِقْبَال، وَلكنه مُحَقّق الْوُقُوع ذكره بِصُورَة الْحَال.
قَوْله: ( من إِيمَان) ذكره مُنْكرا لِأَن الْمقَام يَقْتَضِي التقليل، وَلَو عرف لم يفد ذَلِك، فَإِن قلت: فيكفيه الْإِيمَان بِبَعْض مَا يجب الْإِيمَان بِهِ، لِأَنَّهُ إيمانٌ مَا.
قلت: لَا يَكْفِيهِ لِأَنَّهُ علم، من عرف الشَّرْع أَن المُرَاد من الْإِيمَان هُوَ الْحَقِيقَة الْمَعْهُودَة عرف أَو نكر.
قَوْله: ( مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل) ، من بابُُ التَّمْثِيل ليَكُون عياراً فِي الْمعرفَة، وَلَيْسَ بعيار فِي الْوَزْن، لِأَن الْإِيمَان لَيْسَ بجسم يحصره الْوَزْن أَو الْكَيْل، لَكِن مَا يشكل من الْمَعْقُول قد يرد إِلَى عيار المحسوس ليفهم، وَيُشبه بِهِ ليعلم، وَالتَّحْقِيق فِيهِ أَنه يَجْعَل عمل العَبْد، وَهُوَ عرض فِي جسم على مِقْدَار الْعَمَل عِنْد الله، ثمَّ يُوزن وَيدل عَلَيْهِ مَا جَاءَ مُبينًا، وَكَانَ فِي قلبه من الْخَيْر مَا يزن برة..
     وَقَالَ  إِمَام الْحَرَمَيْنِ: الصُّحُف الْمُشْتَملَة على الْأَعْمَال يزنها الله تَعَالَى على قدر أجور الْأَعْمَال، وَمَا يتَعَلَّق بهَا من ثَوَابهَا وعقابها، وَجَاء بِهِ الشَّرْع وَلَيْسَ فِي الْعقل مَا يحيله، وَيُقَال: للوزن مَعْنيانِ: أَحدهمَا هَذَا، وَالْآخر تَمْثِيل الْأَعْرَاض بجواهر، فَيجْعَل فِي كفة الْحَسَنَات جَوَاهِر بيض مشرقة، وَفِي كفة السَّيِّئَات جَوَاهِر سود مظْلمَة.
وَحكى الزّجاج وَغَيره من الْمُفَسّرين من أهل السّنة أَنه: إِنَّمَا يُوزن خَوَاتِيم الْأَعْمَال، فَإِن كَانَت خَاتِمَة عمله حسنا جوزي بِخَير، وَمن كَانَت خَاتِمَة عمله شرا جوزي بشر.
ثمَّ علم: أَن المُرَاد بِحَبَّة الْخَرْدَل زِيَادَة على أصل التَّوْحِيد، وَقد جَاءَ فِي الصَّحِيح بَيَان ذَلِك، فَفِي رِوَايَة فِيهِ: ( اخْرُجُوا من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله وَعمل من الْخَيْر مَا يزن كَذَا) ، ثمَّ بعد هَذَا يخرج مِنْهَا من لم يعْمل خيرا قطّ غير التَّوْحِيد،.

     وَقَالَ  القَاضِي: هَذَا هُوَ الصَّحِيح، إِذْ معنى الْخَيْر هَهُنَا أَمر زَائِد على الْإِيمَان، لِأَن مجرده لَا يتجزى، وَإِنَّمَا يتجزى الْأَمر الزَّائِد عَلَيْهِ وَهِي الْأَعْمَال الصَّالِحَة، من: ذكر خَفِي، أَو شَفَقَة على مِسْكين، أَو خوف من الله تَعَالَى، وَنِيَّة صَادِقَة فِي عمل وَشبهه.
وَذكر القَاضِي عَن قوم أَن الْمَعْنى فِي قَوْله: من إِيمَان وَمن خير: مَا جَاءَ مِنْهُ أَي: من الْيَقِين، إلاَّ أَنه قَالَ: المُرَاد ثَوَاب الْإِيمَان الَّذِي هُوَ التَّصْدِيق، وَبِه يَقع التَّفَاضُل، فَإِن اتبعهُ بِالْعَمَلِ عظم ثَوَابه، وَإِن كَانَ على خلاف ذَلِك نقص ثَوَابه.
فَإِن قلت: كَيفَ يعلمُونَ مَا كَانَ فِي قُلُوبهم فِي الدُّنْيَا من الْإِيمَان ومقداره؟ قلت: لَعَلَّه بعلامات كَمَا يعلمُونَ أَنهم من أهل التَّوْحِيد.
قَوْله: ( كَمَا تنْبت الْحبَّة) الخ فِيهِ تَشْبِيه مُتَعَدد، وَهُوَ التَّشْبِيه من حَيْثُ الْإِسْرَاع، وَمن حَيْثُ ضعف النَّبَات، وَمن حَيْثُ الطراوة وَالْحسن، والمنى: من كَانَ فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة من الْإِيمَان يخرج من ذَلِك المَاء نضراً حسنا منبسطاً متبختراً كخروج هَذِه الريحانة من جَانب السَّيْل صفراء متميلة، وَهَذَا يُؤَيّد كَون اللَّام فِي الْحبَّة للْجِنْس، لِأَن بقلة الحمقاء لَيست صفراء؛ إلاَّ أَن يقْصد بِهِ مُجَرّد الْحسن والطراوة، وَقد ذكرنَا وَجه كَونهَا للْعهد.

( بَيَان استنباط الْفَوَائِد) الأولى: فِيهِ حجَّة لأهل السّنة على المرجئة حَيْثُ علم مِنْهُ دُخُول طَائِفَة من عصارة الْمُؤمنِينَ النَّار، إِذْ مَذْهَبهم أَنه لَا يضر مَعَ الْإِيمَان مَعْصِيّة، فَلَا يدْخل العَاصِي النَّار.
الثَّانِيَة: فِيهِ حجَّة على الْمُعْتَزلَة حَيْثُ دلّ على عدم وجوب تخليد العَاصِي فِي النَّار.
الثَّالِثَة: فِيهِ دَلِيل على تفاضل أهل الْإِيمَان فِي الْأَعْمَال.
الرَّابِعَة: مَا قيل: إِن الْأَعْمَال من الْإِيمَان لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( خَرْدَل من إِيمَان) ، وَالْمرَاد مَا زَاد على أصل التَّوْحِيد.
قلت: لَا دلَالَة فِيهِ على ذَلِك أصلا على مَا لَا يخفى.


قَالَ وُهَيْبٌ حَدثنَا عَمْرٌ والحَيَاةِ.

     وَقَالَ  خَرْدَلٍ مِنْ خيْرٍ.

الْكَلَام فِيهِ من وُجُوه.
الأول: أَن هَذَا من بابُُ تعليقات البُخَارِيّ، وَلكنه أخرجه مُسْندًا فِي كتاب الرقَاق عَن مُوسَى بن إِسْمَاعِيل عَن وهيب عَن عَمْرو بن يحيى عَن أَبِيه عَن أبي سعيد بِهِ، وسياقه اتم من سِيَاق مَالك، لكنه قَالَ: ( من خَرْدَل من إِيمَان) كَرِوَايَة مَالك، وَقد اعْترض على البُخَارِيّ بِهَذَا، وَلَا يرد عَلَيْهِ لِأَن أَبَا بكر بن أبي شيبَة أخرج هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده عَن عَفَّان بن مُسلم عَن وهيب فَقَالَ: ( من خَرْدَل من خير) ، كَمَا علقه البُخَارِيّ، وَقد أخرج مُسلم عَن أبي بكر هَذَا لَكِن لم يسق لَفظه.
الثَّانِي: فِي إِيرَاد البُخَارِيّ هَذِه الزِّيَادَة من حَدِيث وهيب هُنَا فَوَائِد.
مِنْهَا: قَول وهيب: حَدثنَا عَمْرو آتِيَا بِلَفْظ التحديث، بِخِلَاف مَالك فَإِنَّهُ أَتَى بِلَفْظَة: عَن، وفيهَا خلاف مَعْرُوف، هَل يدل على الِاتِّصَال وَالسَّمَاع أم لَا؟ فأزال البُخَارِيّ بِهَذِهِ الزِّيَادَة توهم الْخلاف، مَعَ أَن مَالِكًا غير مُدَلّس، وَالْمَشْهُور عِنْد أهل هَذَا الْفَنّ أَن لَفْظَة: عَن، مَحْمُولَة على الِاتِّصَال إِذا لم يكن المعنعن مدلساً.
وَمِنْهَا: إِزَالَة الشَّك الَّذِي جَاءَ فِي حَدِيث مَالك عَن عَمْرو فِي قَوْله: ( الْحيَاء أَو الْحَيَاة) فَأتى بِهِ وهيب مُجَردا من غير شكّ.
فَقَالَ: نهر الْحَيَاة.
وَمِنْهَا: قَوْله: من خير، وَتقدم الْكَلَام عَلَيْهِ.
الثَّالِث: قَوْله: ( الْحَيَاة) بِالْجَرِّ، على الْحِكَايَة، وَالْمعْنَى أَن وهيباً وَافق مَالِكًا فِي رِوَايَته لهَذَا الحَدِيث عَن عَمْرو بن يحيى بِسَنَدِهِ، وَجزم بقوله: فِي نهر الْحَيَاة وَلم يشك كَمَا شكّ مَالك رَحمَه الله تَعَالَى.
قَوْله: (.

     وَقَالَ  خَرْدَل من خير)
بجر خَرْدَل أَيْضا على الْحِكَايَة، أَي: قَالَ وهيب فِي رِوَايَته: مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل من خير، فَخَالف مَالِكًا أَيْضا فِي هَذِه اللَّفْظَة كَمَا ذكرنَا.
قَوْله: ( وهيب) ، بِضَم الْوَاو وَفتح الْهَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره بَاء مُوَحدَة، ابْن خَالِد بن عجلَان الْبَاهِلِيّ، مَوْلَاهُم، الْبَصْرِيّ، روى عَن: هِشَام بن عُرْوَة وَأَيوب وَسُهيْل وَعَمْرو بن يحيى وَغَيرهم، روى عَنهُ: الْقطَّان وَابْن مهْدي وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ وَخلق كثير، اتّفق على توثيقه،.

     وَقَالَ  ابْن سعد: كَانَ ثِقَة كثير الحَدِيث حجَّة، وَكَانَ يملي من حفظه، مَاتَ وَهُوَ ابْن ثَمَان وَخمسين سنة، روى لَهُ الْجَمَاعَة، وَقد سجن فَذهب بَصَره.
قَوْله: ( حَدثنَا عَمْرو) بِفَتْح الْعين، هُوَ عَمْرو بن يحيى الْمَازِني، وَقد مر ذكره عَن قريب.