2343 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ كُرَيْبٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ : دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ ، فَقُلْتُ لَهُ : الصَّلَاةَ ، قَالَ : الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَرَكِبَ ، فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ ، فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا |
2343 حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، مولى ابن عباس ، عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول : دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء ، فقلت له : الصلاة ، قال : الصلاة أمامك فركب ، فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ ، فأسبغ الوضوء ، ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ، ثم أقيمت العشاء فصلاها ، ولم يصل بينهما شيئا |
شرح الحديث من شرح النووى على مسلم
باب الْإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَاسْتِحْبَابِ صَلَاتَيْ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمِيعًا بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ
[ سـ :2343 ... بـ :1280]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ نَزَلَ فَبَالَ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَلَمْ يُسْبِغْ الْوُضُوءَ فَقُلْتُ لَهُ الصَّلَاةَ قَالَ الصَّلَاةُ أَمَامَكَ فَرَكِبَ فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتْ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا
( بَابُ الْإِفَاضَةِ مِنْ عَرَفَاتٍ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ )
" وَاسْتِحْبَابُ صَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ جَمْعًا بِالْمُزْدَلِفَةِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ "
فِيهِ حَدِيثُ أُسَامَةَ ، وَسَبَقَ بَيَانُ شَرْحِهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا .
وَفِيهِ : الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ فِيالْمُزْدَلِفَةِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، لَكِنِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ : فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ ، فَلَوْ صَلَّاهُمَا فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ أَوْ كُلَّ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتِهَا جَازَ وَفَاتَتْهُ الْفَضِيلَةُ ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ .
قَوْلُهُ : ( أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ، ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي آخِرِ الْبَابِ : ( أَنَّهُ صَلَّاهُمَا بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ ) وَقَدْ سَبَقَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ الطَّوِيلِ فِي صِفَةِ حَجَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ ؛ لِأَنَّ مَعَ جَابِرٍ زِيَادَةَ عِلْمٍ ، وَزِيَادَةُ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ ، وَلِأَنَّ جَابِرًا اعْتَنَى الْحَدِيثَ وَنَقَلَ حَجَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَقْصَاةً ، فَهُوَ أَوْلَى بِالِاعْتِمَادِ ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْأَذَانُ لِلْأُولَى مِنْهُمَا ، وَيُقِيمُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ إِقَامَةٌ فَيُصَلِّيهِمَا بِأَذَانٍ وَإِقَامَتَيْنِ ، وَيُتَأَوَّلُ حَدِيثُ ( إِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ ) أَنَّ كُلَّ صَلَاةٍ لَهَا إِقَامَةٌ ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا لِيُجْمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرِّوَايَةِ الْأُولَى ، وَبَيْنَهُ أَيْضًا وَبَيْنَ رِوَايَةِ جَابِرٍ ، وَقَدْ سَبَقَ إِيضَاحُ الْمَسْأَلَةِ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( فَلَمَّا جَاءَ الْمُزْدَلِفَةَ نَزَلَ فَتَوَضَّأَ فَأَسْبَغَ الْوُضُوءَ ثُمَّ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ، ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ثُمَّ أُقِيمَتِ الْعِشَاءُ فَصَلَّاهَا وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ) فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْمُبَادَرَةِ بِصَلَاتَيِ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ أَوَّلَ قُدُومِهِ الْمُزْدَلِفَةَ ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا إِلَى قُبَيْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ ، وَفِيهِ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ إِذَا كَانَ الْجَمْعُ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ ؛ لِقَوْلِهِ : ( ثُمَّ أَنَاخَ كُلُّ إِنْسَانٍ بَعِيرَهُ فِي مَنْزِلِهِ ) ، وَأَمَّا إِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتِ الْأُولَى فَلَا يَجُوزُ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا ، فَإِنْ فَصَلَ ؛ بَطَلَ الْجَمْعُ وَلَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ الثَّانِيَةُ إِلَّا فِي وَقْتِهَا الْأَصْلِيِّ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ( وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا ) فَفِيهِ : أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ شَيْئًا ، وَمَذْهَبُنَا اسْتِحْبَابُ السُّنَنِ الرَّاتِبَةِ ، لَكِنْ يَفْعَلُهَا بَعْدَهُمَا لَا بَيْنَهُمَا ، وَيَفْعَلُ سُنَّةَ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهَا الصَّلَاتَيْنِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( نَزَلَ فَبَالَ ) وَلَمْ يَقُلْ أُسَامَةُ : أَرَاقَ الْمَاءَ ، فِيهِ أَدَاءُ الرِّوَايَةِ بِحُرُوفِهَا ، وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ صَرَائِحِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي قَدْ تُسْتَبْشَعُ وَلَا يُكَنَّى عَنْهَا إِذَا دَعَتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّصْرِيحِ بِأَنْ خِيفَ لَبْسُ الْمَعْنَى أَوِ اشْتِبَاهُ الْأَلْفَاظِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ .