هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2418 وحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ ، قَالَا : أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، ح وحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُهْدِي مِنَ الْمَدِينَةِ فَأَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِهِ ، ثُمَّ لَا يَجْتَنِبُ شَيْئًا مِمَّا يَجْتَنِبُ الْمُحْرِمُ وحَدَّثَنِيهِ حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ . وحَدَّثَنَاه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ح وحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، وَخَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، قَالُوا : أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيَّ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2418 وحدثنا يحيى بن يحيى ، ومحمد بن رمح ، قالا : أخبرنا الليث ، ح وحدثنا قتيبة ، حدثنا ليث ، عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، وعمرة بنت عبد الرحمن ، أن عائشة ، قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ، ثم لا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم وحدثنيه حرملة بن يحيى ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله . وحدثناه سعيد بن منصور ، وزهير بن حرب ، قالا : حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ح وحدثنا سعيد بن منصور ، وخلف بن هشام ، وقتيبة بن سعيد ، قالوا : أخبرنا حماد بن زيد ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، قالت : كأني أنظر إلي أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'A'isha (Allah be pleased with her) reported that Allah's Messenger (ﷺ) sent the sacrificial animals from Medina. I wove garlands for his sacrificial animals (and then he hung them round their necks), and he would not avoid doing anything which the Muhrim avoids.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة.
فأفتل قلائد هديه.
ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم.


المعنى العام

امتن الله على أهل مكة بأنه أطعمهم من جوع، بقوله: { { فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف } } وكان ذلك استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام، حيث قال: { { ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون } } [إبراهيم: 37] .

وكانت الإجابة بتشريع الحج، ووفود ضيوف الرحمن على هذا البلد الأمين، وكان الأمر بذكر الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، وكان هذا الذكر وشكر الله عليها بذبحها في المنحر ليأكلوا منها ويطعموا البائس الفقير { { ذلك ومن يعظم شعائر الله } } وهدي الحرم ويختاره من أحسن الأنعام وأسمنها { { فإنها من تقوى القلوب } } { { لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ولكل أمة جعلنا منسكاً ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } } [الحج: 33، 34] .
{ { والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها } } وذبحتموها { { فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون } } [الحج: 36] .

ولم يقتصر الهدي إلى الحرم على من يذهب إليه بنفسه، بل شرع رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته وللقادرين من أبنائها أن يبعثوا بالهدي إلى الحرم وإن لم يحرموا بحج أو عمرة، وإن لم يذهبوا بأنفسهم إلى الحرم، ففي السنة التاسعة من الهجرة كان أبو بكر رضي الله عنه أمير الحجاج المسلمين من المدينة حيث لم يحج صلى الله عليه وسلم فبعث معه صلى الله عليه وسلم بإبل وبقر وغنم، وكان من تعظيم الشريعة للهدي أن يربط في عنقه قلادة، حبل من عهن أو ليف أو تيل أو نحوه كعلامة مميزة له عن السائمة، فيحافظ عليه ويرعاه ويصونه من رآه، وأحياناً يربط في هذه القلادة نعلان مما يلبسها المحرم بالحج أو العمرة، زيادة في الإعلان والإشهار بل وشرع الإسلام تجميل الهدي بأن يكسى بجل، ثوب من قماش على حسب مقدرة المهدي، حرير أو ديباج أو صوف أو قطن.

ولما كانت هذه العلامات قد تسقط أو تزال عن الهدي بوسيلة أو بأخرى شرعت علامة لاصقة لازمة لا تزول، فيما هو الكثير والأصل في الهدي الإبل والبقر، هذه العلامة تعرف بإشعار الهدي، وهي كشط يسير لجزء يسير من جلد الإبل والبقر في الجانب الأيمن من السنام.

ومن بعث بالهدي وبقي في موطنه لا يعتبر محرماً، ولا تسري عليه محرمات الإحرام خلافاً لما فهمه بعض الصحابة، ولم يقره فقهاء الأمة.

وقد وضعت الشريعة الإسلامية أحكاماً وقواعد لهذا الهدي، منها:

1- أن الإبل يستحب أن تنحر قائمة مقيدة معقولة اليد اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها، أما البقرة والغنم فيستحب أن تذبح مضطجعة على جنبها الأيسر، وتترك رجلها اليمنى، وتشد قوائمها الثلاث.

2- وأن يعطى الجزار أجر جزارته من غير الهدي وخارجه، فلا يعطى من أجل جزارته شيئا من لحومها أو جلودها أو جلالها.

3- وأن الواحد من الإبل والبقر يقوم مقام سبع شياه، فيصح للسبعة أن يشتركوا في بدنة أو بقرة.

4- وأنه يجوز لصاحب الهدي ركوبه إذا احتاج إلى ركوبه، ولم يجد غيره.
وأن الهدي إذا عطب في الطريق ذبح، وغمس نعله في دمه، وضرب به صفحة سنامه وترك في موضعه للمساكين، ليعلم من مر به أنه هدي فيأكله، ولا يأكل صاحبه منه ولا يطعم منه أحد من رفقته وأهل قافلته.
والله أعلم.

المباحث العربية

( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه) بضم الباء وسكون الدال جميع بدنة، قال النووي: قال أهل اللغة: سميت البدنة لعظمها، وقال مجاهد، سميت البدن [بضم الباء وسكون الدال، وقد تضم الدال، وهي جمع بدنة، بفتح الباء والدال، وتطلق على الذكر والأنثى] لبدنها، أي لبدانتها وسمنها، وتعظيم شعائر الله استعظام البدن واستحسانها واستسمانها كذا فسرها مجاهد في الآية.

قال النووي: ويطلق البدن على الإبل والبقر والغنم، هذا قول أكثر أهل اللغة، ولكن معظم استعماله في الأحاديث وكتب الفقه في الإبل خاصة.

ومعنى قيام علي رضي الله عنه على بدن النبي صلى الله عليه وسلم أي عند نحرها، للاحتفاظ بها، ويحتمل أن المراد ما هو أعم من ذلك، أي على مصالحها في علفها ورعيها وسقيها وغير ذلك.

وكان ذلك في حجة الوداع، حيث جاء علي رضي الله عنه ببعض هدي النبي صلى الله عليه وسلم ونحر صلى الله عليه وسلم ثلاثاً وستين بدنة بيده الشريفة، ثم أعطى علياً فنحر باقي المائة، وأشركه في هديه.

( وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلتها) الأجلة، والجلال بكسر الجيم وتخفيف اللام جمع جل بضم الجيم، وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء.

وفي الرواية الثانية أمره أن يقوم على بدنه، وأمره أن يقسم بدنه كلها ( أي ما نحره صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة وما نحره علي رضي الله عنه بيده) لحومها وجلودها وجلالها في المساكين.

( أيشترك في البدنة ما يشترك في الجزور؟) الجزور لفظه أنثى: يقال: هذه جزور، ويقال على البعير، ولعل السائل فهم أن البدنة الأنثى وأن الجزور الذكر، ولا تقوم الأنثى مقام الذكر.
لكن البدنة -كما ذكرنا- تطلق على الذكر والأنثى.

قال النووي: قال العلماء: الجزور البعير.
قال القاضي: وفرق هنا بين البدنة والجزور لأن البدنة والهدي ما ابتدئ إهداؤه عند الإحرام، والجزور ما اشترى بعد ذلك لينحر مكانها، فتوهم السائل أن هذا أحق في الاشتراك، فقال في جوابه: الجزور إذا اشتريت للنسك صار حكمها كالبدن.

ثم قال ما يشترك في الجزور هكذا في النسخ ما يشترك وهو صحيح، ويكون ما بمعنى من ويجوز أن تكون مصدرية، أي اشتراكاً كالاشتراك في الجزور.
اهـ

( يهدي من المدينة) أي يبعث الهدي إلى الحرم، وهو مقيم بالمدينة.

( فأفتل قلائد هديه) قال في تاج العروس: القلادة ما جعل في العنق، يكون للإنسان والفرس والكلب، والبدنة التي تهدى ونحوها.
اهـ وتقليد الهدي كعلامة من علامات بعثه إلى الحرم، وفي الرواية السادسة عشرة أنا فتلت تلك القلائد من عهن كان عندنا والعهن هو الصوف، وقيل: هو الصوف المصبوغ ألواناً، وقولها بيدي لرفع مجاز أن تكون أرادت أن القلائد فتلت بأمر منها.

وقولها في الرواية الرابعة عشرة وقلدها أي ربط القلائد في رقاب الهدي، وكان من الشعيرة أن يربطوا في القلادة نعلاً أو نعلين، كإشارة إلى السفر وإلى الجد فيه.

( ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم) أي لا يجتنب محرمات الإحرام، وفي الرواية الثالثة عشرة ثم لا يعزل شيئاً ولا يتركه أي لا يعتزل النساء كما يعتزل المحرم، ولا يترك شيئاً من محرمات الإحرام وفي الرواية الرابعة عشرة فما حرم عليه شيء كان حلاله أي فلم يحرم الله عليه شيئاً بسبب بعثه الهدي بل استمر ما كان حلالاً له من قبل حلالاً له بعد بعث الهدي.

وفي الرواية السادسة عشرة فأصبح فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حلالاً، يأتي ما يأتي الحلال من أهله، أو يأتي ما يأتي الرجل من أهله.

( ثم أشعرها) إشعار الهدي هو أن يكشط جلد البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته ويسحبه ويمسحه فيكون ذلك علامة على كونها هدياً، فهو كالكي وشق أذن الحيوان ليكون علامة، وغير ذلك من الوسم، ويستحب أن يكون الإشعار في صفحة سنامها الأيمن.

( ويلك) قال القرطبي: قالها له تأديباً، لأجل مراجعته له مع عدم خفاء الحال عليه ويحتمل أن يكون فهم عنه أن يترك ركوبها على عادة الجاهلية في السائبة وغيرها، فزجره عن ذلك، قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر أنه ما ترك الامتثال عناداً، ويحتمل أن يكون ظن أنه يلزمه غرم بركوبها أو إثم، وأن الإذن الصادر له بركوبها إنما هو للشفقة عليه فتوقف، فلما أغلظ له بادر إلى الامتثال، وقيل: لأنه كان يشرف على هلكة من الجهد وويل تقال لمن وقع في هلكة، فالمعنى: أشرفت على الهلكة فاركب.
وقيل: هي كلمة تدعم بها العرب كلامها، ولا تقصد معناها، كقولهم: لا أم لك.

( بدنة.
يا رسول الله)
خبر مبتدأ محذوف، أي هي بدنة يا رسول الله؟ أي مهداة إلى البيت الحرام؟ وكأنه ظن أنه خفي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك مع أنها مقلدة والنعل في عنقها.

( قال: وإن) ذكرت أداة الشرط، وحذف فعل الشرط وجوابه، للعلم به، والتقدير: وإن كانت هدياً إلى الكعبة فاركبها.

( حتى تجد ظهراً) تركبه، أي حتى تجد دابة غيرها تركبها.

( فأزحفت عليه في الطريق) قال النووي: هو بفتح الهمزة، وإسكان الزاي وفتح الحاء، هذا رواية المحدثين، لا خلاف بينهم فيه.
قال الخطابي: كذا يقوله المحدثون، قال: وصوابه والأجود فأزحفت بضم الهمزة، يقال: زحف البعير إذا قام، وأزحفه لغتان فحصل أن إنكار الخطابي ليس بمقبول، بل الجميع جائز، ومعنى أزحف وقف من الكلال والإعياء.

( فعيي بشأنها) روي على ثلاثة أوجه، أحدها وهي رواية الجمهور فعيي بياءين من الإعياء، وهو العجز، ومعناه عجز عن معرفة حكمها لو عطبت عليه في الطريق، كيف يعمل بها؟ الوجه الثاني فعي بياء واحدة مشددة، وهي لغة بمعنى الأول، والوجه الثالث فعني بضم العين وكسر النون من العناية بالشيء، والاهتمام به.

( إن هي أبدعت كيف يأتي بها؟) أبدعت بضم الهمزة وكسر الدال وفتح العين وإسكان التاء، ومعناه كلت وأعيت ووقفت.
وأما قوله: كيف يأتي بها؟ كذا في بعض الأصول وفي بعضها كيف يأتي لها وكلاهما صحيح.

( لئن قدمت البلد لأستحفين عن ذلك) قال النووي: في معظم النسخ قدمت البلد وفي بعضها قدمت الليلة وكلاهما صحيح، وفي بعض النسخ عن ذلك وفي بعضها عن ذاك بغير لام، وقوله لأستحفين بالحاء وبالفاء، ومعناه لأسألن سؤالاً بليغاً عن ذلك، يقال: أحفى في المسألة إذا ألح فيها وأكثر منها.

( فأضحيت) أي صرت في وقت الضحى.

( ولا أحد من أهل رفقتك) الرفقة بضم الراء وكسرها لغتان مشهورتان.

( بست عشرة بدنة) وفي الرواية الأخرى بثمان عشرة بدنة قال النووي: يجوز أنهما قضيتان [أي بعث بست عشرة بدنة، ثم بعث بثمان عشرة بدنة] ويجوز أن تكون قضية واحدة، والمراد ثمان عشرة، وليس في قوله ست عشرة نفي الزيادة، لأنه مفهوم عدد، ولا عمل عليه.

فقه الحديث

تتناول هذه المجموعة ست مسائل:

الأولى: ماذا يفعل في لحوم هدايا الحرم وجلودها وجلالها؟.

الثانية: الاشتراك في الهدي.

الثالثة: كيفية نحر الإبل وغيرها.

الرابعة: بعث الهدي إلى الحرم، وتقليده وإشعاره.

الخامسة: ركوب الهدي إذا احتيج إلى ركوبه.

السادسة: ما يفعل بالهدي إذا عطب في الطريق.

1- أما عن المسألة الأولى فقد قال النووي عن الرواية الأولى والثانية: يؤخذ منها استحباب سوق الهدي، وجواز النيابة في نحره، والقيام عليه، وتفرقته، وأنه يتصدق بلحومها، وجلودها، وجلالها، وأنها تجلل، واستحبوا أن يكون جلاً حسناً، وألا يعطى الجزار منها، لأن عطيته عوض عن عمله، فيكون في معنى بيع جزء منها، وذلك لا يجوز، وفيه جواز الاستئجار على النحر ونحوه، قال: ومذهبنا أنه لا يجوز بيع جلد الهدي، ولا الأضحية ولا شيء من أجزائهما، سواء كانا تطوعا، أو واجبتين، لكن إن كانا تطوعا فله الانتفاع بالجلد وغيره باللبس وغيره، ولا يجوز إعطاء الجزار منها شيئاً بسبب جزارته.
هذا مذهبنا وبه قال مالك وأحمد، وحكى ابن المنذر عن ابن عمر وأحمد وإسحاق أنه لا بأس ببيع جلد هديه، ويتصدق بثمنه.
قال: ورخص في بيعه أبو ثور، وقال النخعي والأوزاعي: لا بأس أن يشتري به الغربال والمنخل والفأس والميزان ونحوها.
وقال الحسن البصري: يجوز أن يعطي الجزار جلدها.
قال النووي: وهذا منابذ للسنة.
اهـ قال ابن خزيمة: النهي عن إعطاء الجزار المراد به أنه لا يعطى منها عن أجرته، وأما إذا أعطي أجرته كاملة، ثم تصدق عليه إن كان فقيراً فلا بأس بذلك.
وقيل: إطلاق الشارع ذلك قد يفهم منه منع الصدقة، لئلا تقع مسامحة في الأجرة لأجل ما يأخذه، فيرجع إلى المعاوضة.
وقيل: يجوز أن يعطى فوق أجرته صدقة أو هدية.

قال القاضي: التجليل سنة، وهو عند العلماء مختص بالإبل، وهو مما اشتهر من عمل السلف، قال: وممن رآه مالك والشافعي وأبو ثور وإسحاق، قالوا: ويكون بعد الإشعار لئلا يلطخ بالدم، قالوا: ويستحب أن تكون قيمتها ونفاستها بحسب حال المهدي، وكان بعض السلف يجلل بالوشى، وبعضهم بالحبرة، وبعضهم بالقباطي والملاحف والأزر.
قال مالك: وتشد الجلال على الأسنمة إن كانت قليلة الثمن، لئلا تسقط.
قال مالك: وما علمت من ترك ذلك إلا ابن عمر استبقاء للثياب، لأنه كان يجلل الجلال المرتفعة من الأنماط والبرود والحير.

قال: وكان لا يجلل حتى يغدو من منى إلى عرفات.
قال: وروي عنه أنه كان يجلل من ذي الحليفة، وكان يعقد أطراف الجلال على أذنابها، فإذا مشي نزعها، فإذا كان يوم عرفة جللها، فإذا كان عند النحر نزعها لئلا يصيبها الدم.
قال مالك: أما الجل فينزع في الليل، لئلا يخرقها الشوك.
قال: ويستحب إن كانت الجلال مرتفعة أن يترك شقها، وألا يجللها حتى يغدو إلى عرفات، فإذا كانت بثمن يسير فمن حين يحرم يشق ويجلل.
قال القاضي: وفي شق الجلال على الأسنمة فائدة أخرى وهي إظهار الإشعار لئلا يستتر تحتها قال النووي وفي هذا الحديث الصدقة بالجلال.
وهكذا قال العلماء، وكان ابن عمر أولاً يكسوها الكعبة، فلما كسيت الكعبة تصدق بها.
والله أعلم.

2- وأما عن المسألة الثانية: وهي الاشتراك في الهدي فتتحدث عنه الروايات الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والسابعة والثامنة.
وعنها يقول النووي: في هذه الأحاديث دلالة لجواز الاشتراك في الهدي، وفي المسألة خلاف بين العلماء، فمذهب الشافعي جواز الاشتراك في الهدي، سواء كان تطوعاً أو واجباً، وسواء كانوا كلهم متقربين أو بعضهم يريد القربة، وبعضهم يريد اللحم، ودليله هذه الأحاديث، وبهذا قال أحمد وجمهور العلماء، وقال داود وبعض المالكية: يجوز الاشتراك في هدي التطوع دون الواجب، وقال مالك: لا يجوز مطلقاًَ، وقال أبو حنيفة: يجوز إن كانوا كلهم متقربين، وإلا فلا، وأجمعوا على أن الشاة لا يجوز الاشتراك فيها.
قال، وفي هذه الأحاديث أن البدنة تجزئ عن سبعة، والبقرة عن سبعة وتقوم كل واحدة مقام سبع شياه، حتى لو كان على المحرم سبعة دماء بغير جزاء الصيد وذبح عنها بدنة أو بقرة أجزأه عن الجميع.

وقال عن الرواية السابعة: في هذا الحديث فوائد.
منها: وجوب الهدي على المتمتع، وجواز الاشتراك في البدنة الواجبة، لأن دم التمتع واجب، وهذا الحديث صريح في الاشتراك في الواجب، خلاف ما قاله مالك، كما قدمنا قريباً، وفيه دليل لجواز ذبح هدي التمتع بعد التحلل من العمرة وقبل الإحرام بالحج، وفي المسألة خلاف وتفصيل فمذهبنا أن دم التمتع إنما يجب إذا فرغ من العمرة ثم أحرم بالحج، فبإحرام الحج يجب الدم، وفي وقت جوازه ثلاثة أوجه.
الصحيح الذي عليه الجمهور أنه يجوز بعد فراغ العمرة وقبل الإحرام بالحج والثاني لا يجوز حتى يحرم بالحج والثالث يجوز بعد الإحرام بالعمرة.

وقال عن الرواية الثامنة: ويؤخذ من قوله كنا نتمتع دليل للمذهب الصحيح عند الأصوليين أن لفظ كان لا يقتضي التكرار، لأن إحرامهم بالتمتع بالعمرة إلى الحج مع النبي صلى الله عليه وسلم إنما وجد مرة واحدة، وهي حجة الوداع.

3- المسألة الثالثة: كيفية نحر الإبل وغيرها، وقال النووي عن الرواية الحادية عشرة ابعثها قياماً مقيدة أي معقولة، فيستحب نحر الإبل وهي قائمة، معقولة اليد اليسرى، صح في سنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى، قائمة على ما بقي من قوائمها.

أما البقر والغنم فيستحب أن تذبح مضطجعة على جنبها الأيسر، وتترك رجلها اليمنى، وتشد قوائمها الثلاث، قال: وهذا الذي ذكرنا من استحباب نحرها قيامها معقولة هو مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور وقال أبو حنيفة والثوري: يستوي نحرها قائمة وباركة في الفضيلة، وحكى القاضي عن طاووس أن نحرها باركة أفضل وهذا مخالف للسنة.

4- المسألة الرابعة: بعث الهدي إلى الحرم وتقليده وإشعاره، وتتحدث عنها الروايات الثانية عشرة والثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة والسابعة عشرة والثامنة عشرة والتاسعة عشرة والمتممة للعشرين والواحدة والعشرون والثانية والعشرون.

قال النووي: فيها دليل على استحباب بعث الهدي إلى الحرم، وأن من لم يذهب إليه يستحب له بعثه مع غيره، واستحباب تقليده وإشعاره.
والهدي ما يهدى إلى الحرم من حيوان وغيره، والمراد هنا ما يجزئ في الأضحية، من الإبل والبقر والغنم خاصة.

وقال: وقد اتفقوا على أنه يستحب لمن قصد مكة بحج أو عمرة أن يهدي هدياً من الأنعام، وينحره هناك، ويفرقه على المساكين الموجودين في الحرم.

واتفق الشافعي والأصحاب على أنه يسن لمن أهدى شيئاً من الإبل والبقر أن يشعره ويقلده، فيجمع بين الإشعار والتقليد، وإنه إذا أهدى غنماً قلدها، ولا يشعرها، ولو ترك التقليد والإشعار فلا شيء عليه لكن فاتته الفضيلة هذا مذهبنا، وبه قال الجماهير من علماء السلف والخلف، وهو مذهب مالك وأحمد، قال الخطابي: قال جميع العلماء: الإشعار سنة، ولم ينكره أحد غير أبي حنيفة، قال الإشعار بدعة ونقل عنه أنه قال: الإشعار حرام، لأنه تعذيب للحيوان، ومثله وقد نهى الشرع عنهما.
قال: والأحاديث الصحيحة [المذكورة] ترد عليه.
وأما الاحتجاج بالنهي عن المثلة وعن تعذيب الحيوان فهو أن ذلك عام؛ وأحاديث الإشعار خاصة فقدمت؛ ثم قال: ومذهبنا إشعار البقر مطلقاً؛ فإن كان لها سنام أشعرت فيه؛ وإلا ففي مكانه؛ وقال مالك: إن كان لها سنام أشعرت فيه؛ وإلا فلا إشعار.

ثم قال: ومذهبنا تقليد الغنم للأحاديث [روايتنا السابعة عشرة والتاسعة عشرة والمتممة للعشرين] وقال أبو حنيفة ومالك: لا يستحب، بل خصا التقليد بالإبل والبقر.

وقال: وفي الأحاديث أن من بعث هديه لا يصير محرماً، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم، وهذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا حكاية رويت عن ابن عباس وابن عمر وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير، وحكاها الخطابي عن أهل الرأي أيضاً أنه إذا فعله لزمه اجتناب ما يجتنبه المحرم، ولا يصير محرماً من غير نية الإحرام، والصحيح ما قاله الجمهور لهذه الأحاديث.

5- المسألة الخامسة: ركوب الهدي إذا احتيج إلى ركوبه، وتتحدث عنها الروايات الثالثة والعشرون والرابعة والعشرون والخامسة والعشرون والسادسة والعشرون والسابعة والعشرون والثامنة والعشرون.
وفي ركوب البدنة المهداة مذاهب.
مذهب الشافعي أنه يركبها إذا احتاج، ولا يركبها من غير حاجة.
وإنما يركبها بالمعروف من غير إضرار، وبهذا قال ابن المنذر وجماعة، وهو رواية عن مالك، وقال مالك في رواية أخرى وأحمد وإسحاق: له ركوبها من غير حاجة بحيث لا يضيرها، وبه قال أهل الظاهر.
وقال أبو حنيفة: لا يركبها إلا أن لا يجد من الركوب بداً، وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء أنه أوجب ركوبها لمطلق الأمر، ولمخالفة ما كانت الجاهلية عليه من إكرام البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي وإهمالها بلا ركوب.

دليل الجمهور أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى ولم يركب هديه، ولم يأمر الناس بركوب الهدايا والله أعلم.

6- المسألة السادسة: ما يفعل بالهدي إذا عطب، والروايتان التاسعة والعشرون والمتممة للثلاثين تتحدثان عن ذلك.

قال النووي: إذا عطب الهدي وجب ذبحه وتخليته للمساكين، ويحرم الأكل منها عليه وعلى رفقته الذين معه في الركب، سواء كان الرفيق مخالطاً له، أو في جملة الناس من غير مخالطة، والسبب في نهيهم عن الأكل قطع الذريعة، لئلا يتوصل بعض الناس إلى نحره أو تعييبه قبل أوانه.

قال: واختلف العلماء في الهدي إذا عطب فنحره.
فقال الشافعي: إن كان هدي تطوع كان له أن يفعل فيه ما شاء، من بيع وذبح وأكل وإطعام وغير ذلك، ولو تركه، ولا شيء عليه في كل ذلك، لأنه ملكه، وإن كان هدياً منذوراً لزمه ذبحه، فإن تركه حتى هلك لزمه ضمانه كما لو فرط في حفظ الوديعة حتى تلفت، فإذا ذبحه غمس نعله في دمه وضرب بها صفحة سنامه، وتركه موضعه، ليعلم من مر به أنه هدي فيأكله، ولا يجوز للمهدي ولا لسائق هذا الهدي وقائده الأكل منه، ولا يجوز للأغنياء الأكل منه مطلقاً، لأن الهدي مستحق للمساكين، فلا يجوز لغيرهم، ويجوز للفقراء من غير أهل هذه الرفقة، ولا يجوز لفقراء الرفقة، وكلام جمهور الشافعية أن المراد بالرفقة جميع القافلة، وقيل: الذين يخالطون المهدي في الأكل وغيره.

والله أعلم