هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
243 وَل حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنِ البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ . قَالَ : فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ : اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، قُلْتُ : وَرَسُولِكَ ، قَالَ : لاَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
243 ول حدثنا محمد بن مقاتل ، قال : أخبرنا عبد الله ، قال : أخبرنا سفيان ، عن منصور ، عن سعد بن عبيدة ، عن البراء بن عازب ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أتيت مضجعك ، فتوضأ وضوءك للصلاة ، ثم اضطجع على شقك الأيمن ، ثم قل : اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رغبة ورهبة إليك ، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت من ليلتك ، فأنت على الفطرة ، واجعلهن آخر ما تتكلم به . قال : فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما بلغت : اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت : ورسولك ، قال : لا ، ونبيك الذي أرسلت
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن البَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ ، فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ ، ثُمَّ قُلْ : اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ ، فَأَنْتَ عَلَى الفِطْرَةِ ، وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ . قَالَ : فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا بَلَغْتُ : اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ ، قُلْتُ : وَرَسُولِكَ ، قَالَ : لاَ ، وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ .

Narrated Al-Bara 'bin `Azib:

The Prophet (ﷺ) said to me, Whenever you go to bed perform ablution like that for the prayer, lie or your right side and say, Allahumma aslamtu wajhi ilaika, wa fauwadtu `Amri ilaika, wa alja'tu Zahri ilaika raghbatan wa rahbatan ilaika. La Malja'a wa la manja minka illa ilaika. Allahumma amantu bikitabika-l-ladhi anzalta wa bina-biyika-l ladhi arsalta (O Allah! I surrender to You and entrust all my affairs to You and depend upon You for Your Blessings both with hope and fear of You. There is no fleeing from You, and there is no place of protection and safety except with You O Allah! I believe in Your Book (the Qur'an) which You have revealed and in Your Prophet (Muhammad) whom You have sent). Then if you die on that very night, you will die with faith (i.e. or the religion of Islam). Let the aforesaid words be your last utterance (before sleep). I repeated it before the Prophet (ﷺ) and when I reached Allahumma amantu bikitabika-l-ladhi anzalta (O Allah I believe in Your Book which You have revealed). I said, Wa-rasulika (and your Apostle). The Prophet (ﷺ) said, No, (but say): 'Wanabiyika-l-ladhi arsalta (Your Prophet whom You have sent), instead.

0247 Al Barâ ben Azib rapporta : Le Prophète me dit : « Lorsque tu veux te mettre dans ta couche, fait des ablutions mineures semblables à celles que tu fais ordinairement pour la prière, puis allonge-toi sur ton côté droit et dis : Seigneur ! Par amour et crainte de Toi, je livre ma face à Toi, je confie mes affaires à Toi et je mets mon dos sous Ta protection… De Toi, il n’y a ni abri ni refuge que chez Toi. Seigneur ! j’ai cru au Livre que Tu as fait descendre et en Ton prophète que Tu as missionné. Si tu meurs ensuite dans la même nuit, tu mourras en état de fitra (la prime nature). Fais de sorte que ces mots soient les dernières paroles de ta journée !«  Je répétait ces paroles devant le Prophète et en arrivant à : Seigneur ! j’ai cru au Livre que Tu as fait descendre, je continuai par : Et en ton Messager. « Non, » opposa le Prophète, « c’est : et en ton Prophète que Tu as missionné. »  

":"ہم سے محمد بن مقاتل نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم کو عبداللہ نے خبر دی ، انھوں نے کہا ہمیں سفیان نے منصور کے واسطے سے خبر دی ، انھوں نے سعد بن عبیدہ سے ، وہ براء بن عازب رضی اللہ عنہما سے روایت کرتے ہیں ، وہ کہتے ہیں کہرسول کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا کہ جب تم اپنے بستر پر لیٹنے آؤ تو اس طرح وضو کرو جس طرح نماز کے لیے کرتے ہو ۔ پھر داہنی کروٹ پر لیٹ کر یوں کہو «اللهم أسلمت وجهي إليك ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ وفوضت أمري إليك ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ وألجأت ظهري إليك ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ رغبة ورهبة إليك ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ،‏‏‏‏ ‏‏‏‏ وبنبيك الذي أرسلت‏» ” اے اللہ ! میں نے اپنا چہرہ تیری طرف جھکا دیا ۔ اپنا معاملہ تیرے ہی سپرد کر دیا ۔ میں نے تیرے ثواب کی توقع اور تیرے عذاب کے ڈر سے تجھے ہی پشت پناہ بنا لیا ۔ تیرے سوا کہیں پناہ اور نجات کی جگہ نہیں ۔ اے اللہ ! جو کتاب تو نے نازل کی میں اس پر ایمان لایا ۔ جو نبی تو نے بھیجا میں اس پر ایمان لایا ۔ “ تو اگر اس حالت میں اسی رات مر گیا تو فطرت پر مرے گا اور اس دعا کو سب باتوں کے اخیر میں پڑھ ۔ حضرت براء رضی اللہ عنہ کہتے ہیں کہ میں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم کے سامنے اس دعا کو دوبارہ پڑھا ۔ جب میں «اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت» پر پہنچا تو میں نے «ورسولك‏» ( کا لفظ ) کہہ دیا ۔ آپ صلی اللہ علیہ وسلم نے فرمایا نہیں ( یوں کہو ) «ونبيك الذي أرسلت» ۔

0247 Al Barâ ben Azib rapporta : Le Prophète me dit : « Lorsque tu veux te mettre dans ta couche, fait des ablutions mineures semblables à celles que tu fais ordinairement pour la prière, puis allonge-toi sur ton côté droit et dis : Seigneur ! Par amour et crainte de Toi, je livre ma face à Toi, je confie mes affaires à Toi et je mets mon dos sous Ta protection… De Toi, il n’y a ni abri ni refuge que chez Toi. Seigneur ! j’ai cru au Livre que Tu as fait descendre et en Ton prophète que Tu as missionné. Si tu meurs ensuite dans la même nuit, tu mourras en état de fitra (la prime nature). Fais de sorte que ces mots soient les dernières paroles de ta journée !«  Je répétait ces paroles devant le Prophète et en arrivant à : Seigneur ! j’ai cru au Livre que Tu as fait descendre, je continuai par : Et en ton Messager. « Non, » opposa le Prophète, « c’est : et en ton Prophète que Tu as missionné. »  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [247] قَوْله أخبرنَا عبد الله هُوَ بنالْمُبَارك وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  فَتَوَضَّأْ ظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَلَوْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِمَنْ كَانَ مُحْدِثًا وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ السُّنَّةُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مَنْ طُرُقٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوُضُوءِ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَدِيثٌ عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقول فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ آخِرِ وَهِيَ تُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُنَّ شَيْئًا مِمَّا شُرِعَ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ مَنَعَ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَنَبِيِّكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَصْفٌ زَائِدٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ لَيْسَ بِمَعْنَى لَفْظِ النَّبِيِّ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْوَصْفَيْنِ صَرِيحًا وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الرِّسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ النُّبُوَّةِ أَوْ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ وَتَقْدِيرِ الثَّوَابِ فَرُبَّمَا كَانَ فِي اللَّفْظِ سِرٌّ لَيْسَ فِي الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ يُرَادِفُهُ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَرَأَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ أَوْ ذَكَرَهُ احْتِرَازًا مِمَّنْ أُرسِلَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ كَجِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ رُسُلٌ لَا أَنْبِيَاءُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَخْلِيصَ الْكَلَامِ مِنَ اللَّبْسِ أَوْ لِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ أَمْدَحُ مِنْ لَفْظِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ مُشْتَرِكٌ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلَ بِخِلَافِ لَفْظِ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ عُرْفًا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ.

.
وَأَمَّا مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْدَالُ لَفْظِ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ مَثَلًا فِي الرِّوَايَةِ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَوْ أَجَزْنَا الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي لِكَوْنِ الْأَوَّلِ أَخَصَّ مِنَ الثَّانِي لِأَنَّا نَقُولُ الذَّاتُ الْمُخْبَرُ عَنْهَا فِي الرِّوَايَةِ وَاحِدَةٌ فَبِأَيِّ وَصْفٍ وَصَفْتَ بِهِ تِلْكَ الذَّاتَ مِنْ أَوْصَافِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا عُلِمَ الْقَصْدُ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ وَلَوْ تَبَايَنَتْ مَعَانِي الصِّفَاتِ كَمَا لَوْ أُبْدِلَ اسْما بِكُنْيَةٍ أَوْ كُنْيَةٌ بِاسْمٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الرَّاوِي مَثَلًا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَوْجُهِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا مِنْ إِرَادَةِ التَّوْقِيفِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ النُّكْتَةُ فِي خَتْمِ الْبُخَارِيِّ كِتَابَ الْوُضُوءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ آخِرُ وُضُوءٍ أُمِرَ بِهِ الْمُكَلَّفُ فِي الْيَقَظَةِ وَلِقَوْلِهِ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِخَتْمِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْوُضُوءِ وَمَا مَعَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ وَالِاسْتِطَابَةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا مِائَةٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا بِلَفْظِ الْمُتَابَعَةِ وَصِيغَةِ التَّعْلِيقِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا فَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ مِنْهَا أحد وَثَمَانُونَ حَدِيثًا ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُعَلَّقَةٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى تِسْعَةَ عَشَرَ حَدِيثا وَهِي الثَّلَاثَة الْمُعَلقَة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَحَدِيثُهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ابْغِنِي أَحْجَارًا وَحَدِيثُ بن مَسْعُودٍ فِي الْحَجَرَيْنِ وَالرَّوْثَةِوَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي ادِّخَارِ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ وَحَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدٍ فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَعُمَرَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فِيهِ وَحَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ فِي الْمَضْمَضَةِ مِنَ السَّوِيقِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ إِذا نعس فِي الصَّلَاة فلينم وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ فِي فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُزَاقِ فِي الثَّوْبِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَثَرًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ والبقية معلقَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْغُسْلِ) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا بِتَقْدِيمِ الْبَسْمَلَةِ وَلِلْأَكْثَرِ بِالْعَكْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ ذَلِكَ وَحُذِفَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَعِنْدَهُ بَابُ الْغُسْلِ وَهُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ اسْمٌ لِلِاغْتِسَالِ وَقِيلَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ مَضْمُومٌ.

.
وَأَمَّا الْمَصْدَرُ فَيَجُوزُ فِيهِ الضَّم وَالْفَتْح حَكَاهُ بن سِيدَهْ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ وَالِاغْتِسَالُ بِالضَّمِّ وَقِيلَ الْغَسْلُ بِالْفَتْحِ فِعْلُ الْمُغْتَسِلِ وَبِالضَّمِّ الْمَاءُ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ وَبِالْكَسْرِ مَا يُجْعَلُ مَعَ الْمَاءِ كَالْأُشْنَانِ وَحَقِيقَةُ الْغَسْلِ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدَّلْكِ فَلَمْ يُوجِبْهُ الْأَكْثَرُ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَالْمُزَنِيِّ وُجُوبُهُ وَاحْتَجَّ بن بَطَّالٍ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ إِمْرَارِ الْيَدِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عِنْدَ غَسْلِهَا قَالَ فَيَجِبُ ذَلِكَ فِي الْغَسْلِ قِيَاسًا لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الدَّلْكَ أَجَازُوا غَمْسَ الْيَدِ فِي الْمَاءِ لِلْمُتَوَضِّئِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَارٍ فَبَطَلَ الْإِجْمَاعُ وَانْتَفَتِ الْمُلَازَمَةُ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ الله تَعَالَى وَأَن كُنْتُم جنبا فاطهروا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ غَرَضُهُ بَيَانُ أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ عَلَى الْجُنُبِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْقُرْآنِ.

.

قُلْتُ وَقَدَّمَ الْآيَةَ الَّتِي مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ لِدَقِيقَةٍ وَهِيَ أَنَّ لَفْظَ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَاطَّهَّرُوا فَفِيهَا إِجْمَالٌ وَلَفظ الَّتِي فِي النِّسَاء حَتَّى تغتسلوا فَفِيهَا تَصْرِيحٌ بِالِاغْتِسَالِ وَبَيَانٌ لِلتَّطْهِيرِ الْمَذْكُورِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاطَّهَّرُوا فَاغْتَسِلُوا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي الْحَائِضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن أَيِ اغْتَسَلْنَ اتِّفَاقًاالْمُبَارك وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  فَتَوَضَّأْ ظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَلَوْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِمَنْ كَانَ مُحْدِثًا وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ السُّنَّةُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مَنْ طُرُقٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوُضُوءِ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَدِيثٌ عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقول فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ آخِرِ وَهِيَ تُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُنَّ شَيْئًا مِمَّا شُرِعَ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ مَنَعَ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَنَبِيِّكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَصْفٌ زَائِدٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ لَيْسَ بِمَعْنَى لَفْظِ النَّبِيِّ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْوَصْفَيْنِ صَرِيحًا وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الرِّسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ النُّبُوَّةِ أَوْ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ وَتَقْدِيرِ الثَّوَابِ فَرُبَّمَا كَانَ فِي اللَّفْظِ سِرٌّ لَيْسَ فِي الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ يُرَادِفُهُ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَرَأَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ أَوْ ذَكَرَهُ احْتِرَازًا مِمَّنْ أُرسِلَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ كَجِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ رُسُلٌ لَا أَنْبِيَاءُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَخْلِيصَ الْكَلَامِ مِنَ اللَّبْسِ أَوْ لِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ أَمْدَحُ مِنْ لَفْظِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ مُشْتَرِكٌ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلَ بِخِلَافِ لَفْظِ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ عُرْفًا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ.

.
وَأَمَّا مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْدَالُ لَفْظِ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ مَثَلًا فِي الرِّوَايَةِ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَوْ أَجَزْنَا الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي لِكَوْنِ الْأَوَّلِ أَخَصَّ مِنَ الثَّانِي لِأَنَّا نَقُولُ الذَّاتُ الْمُخْبَرُ عَنْهَا فِي الرِّوَايَةِ وَاحِدَةٌ فَبِأَيِّ وَصْفٍ وَصَفْتَ بِهِ تِلْكَ الذَّاتَ مِنْ أَوْصَافِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا عُلِمَ الْقَصْدُ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ وَلَوْ تَبَايَنَتْ مَعَانِي الصِّفَاتِ كَمَا لَوْ أُبْدِلَ اسْما بِكُنْيَةٍ أَوْ كُنْيَةٌ بِاسْمٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الرَّاوِي مَثَلًا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَوْجُهِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا مِنْ إِرَادَةِ التَّوْقِيفِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ النُّكْتَةُ فِي خَتْمِ الْبُخَارِيِّ كِتَابَ الْوُضُوءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ آخِرُ وُضُوءٍ أُمِرَ بِهِ الْمُكَلَّفُ فِي الْيَقَظَةِ وَلِقَوْلِهِ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِخَتْمِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْوُضُوءِ وَمَا مَعَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ وَالِاسْتِطَابَةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا مِائَةٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا بِلَفْظِ الْمُتَابَعَةِ وَصِيغَةِ التَّعْلِيقِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا فَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ مِنْهَا أحد وَثَمَانُونَ حَدِيثًا ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُعَلَّقَةٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى تِسْعَةَ عَشَرَ حَدِيثا وَهِي الثَّلَاثَة الْمُعَلقَة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَحَدِيثُهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ابْغِنِي أَحْجَارًا وَحَدِيثُ بن مَسْعُودٍ فِي الْحَجَرَيْنِ وَالرَّوْثَةِوَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي ادِّخَارِ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ وَحَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدٍ فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَعُمَرَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فِيهِ وَحَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ فِي الْمَضْمَضَةِ مِنَ السَّوِيقِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ إِذا نعس فِي الصَّلَاة فلينم وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ فِي فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُزَاقِ فِي الثَّوْبِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَثَرًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ والبقية معلقَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ ( قَـوْلُهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ كِتَابُ الْغُسْلِ) كَذَا فِي رِوَايَتِنَا بِتَقْدِيمِ الْبَسْمَلَةِ وَلِلْأَكْثَرِ بِالْعَكْسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ ذَلِكَ وَحُذِفَتِ الْبَسْمَلَةُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَعِنْدَهُ بَابُ الْغُسْلِ وَهُوَ بِضَمِّ الْغَيْنِ اسْمٌ لِلِاغْتِسَالِ وَقِيلَ إِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمَاءُ فَهُوَ مَضْمُومٌ.

.
وَأَمَّا الْمَصْدَرُ فَيَجُوزُ فِيهِ الضَّم وَالْفَتْح حَكَاهُ بن سِيدَهْ وَغَيْرُهُ وَقِيلَ الْمَصْدَرُ بِالْفَتْحِ وَالِاغْتِسَالُ بِالضَّمِّ وَقِيلَ الْغَسْلُ بِالْفَتْحِ فِعْلُ الْمُغْتَسِلِ وَبِالضَّمِّ الْمَاءُ الَّذِي يَغْتَسِلُ بِهِ وَبِالْكَسْرِ مَا يُجْعَلُ مَعَ الْمَاءِ كَالْأُشْنَانِ وَحَقِيقَةُ الْغَسْلِ جَرَيَانُ الْمَاءِ عَلَى الْأَعْضَاءِ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ الدَّلْكِ فَلَمْ يُوجِبْهُ الْأَكْثَرُ وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ وَالْمُزَنِيِّ وُجُوبُهُ وَاحْتَجَّ بن بَطَّالٍ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى وُجُوبِ إِمْرَارِ الْيَدِ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عِنْدَ غَسْلِهَا قَالَ فَيَجِبُ ذَلِكَ فِي الْغَسْلِ قِيَاسًا لِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ جَمِيعَ مَنْ لَمْ يُوجِبِ الدَّلْكَ أَجَازُوا غَمْسَ الْيَدِ فِي الْمَاءِ لِلْمُتَوَضِّئِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَارٍ فَبَطَلَ الْإِجْمَاعُ وَانْتَفَتِ الْمُلَازَمَةُ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلُ الله تَعَالَى وَأَن كُنْتُم جنبا فاطهروا قَالَ الْكَرْمَانِيُّ غَرَضُهُ بَيَانُ أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ عَلَى الْجُنُبِ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْقُرْآنِ.

.

قُلْتُ وَقَدَّمَ الْآيَةَ الَّتِي مِنْ سُورَةِ الْمَائِدَةِ عَلَى الْآيَةِ الَّتِي مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ لِدَقِيقَةٍ وَهِيَ أَنَّ لَفْظَ الَّتِي فِي الْمَائِدَةِ فَاطَّهَّرُوا فَفِيهَا إِجْمَالٌ وَلَفظ الَّتِي فِي النِّسَاء حَتَّى تغتسلوا فَفِيهَا تَصْرِيحٌ بِالِاغْتِسَالِ وَبَيَانٌ لِلتَّطْهِيرِ الْمَذْكُورِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فَاطَّهَّرُوا فَاغْتَسِلُوا .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى فِي الْحَائِضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يطهرن فَإِذا تطهرن أَيِ اغْتَسَلْنَ اتِّفَاقًا

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [247] حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.
فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ.
وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».
قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا بَلَغْتُ «اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ».
قُلْتُ: وَرَسُولِكَ.
قَالَ «لاَ.
وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ».
[الحديث أطرافه في: 6311، 6313، 6315، 7488] .
وبه قال ( حدّثنا محمد بن مقاتل) بضم الميم المروزي ( قال: أخبرنا) وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا ( عبد الله) بن المبارك ( قال: أخبرنا سفيان) الثوري ( عن منصور) هو ابن المعتمر، وقيل سفيان هو ابن عيينة لأن ابن المبارك يروي عنهما وهما عن منصور، ولكن الثوري أثبت الناس في منصور فترجح إرادته ( عن سعد بن عبيدة) بضم العين في الثاني وسكونها في الأوّل أبي حمزة بالزاي الكوفي، المتوفى في ولاية ابن هبيرة على الكوفة ( عن البراء بن عازب) رضي الله عنه ( قال) : ( قال لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أتيت) أي إذا أردت أن تأتي ( مضجعك) بفتح الجيم من باب منع يمنع.
وفي الفرع بكسرها ( فتوضأ وضوءك للصلاة) أي إن كنت على غير وضوء والفاء جواب الشرط، وإنما ندب الوضوء عند النوم لأنه قد تقبض روحه في نومه فيكون قد ختم عمله بالوضوء، وليكون أصدق لرؤياه وأبعد عن تلاعب الشيطان به في منامه، وليس ذكر الوضوء في هذا الحديث عند الشيخين إلا في هذه الرواية، ( ثم اضطجع على شقك الأيمن) لأنه يمنع الاستغراق في النوم لقلق القلب فيسرع الإفاقة ليتهجد أو ليذكر الله تعالى بخلاف الاضطجاع على الشق الأيسر، ( ثم قل: اللهم أسلمت وجهي) ذاتي ( إليك) طائعة لحكمك فأنا منقاد لك في أوامرك ونواهيك، وفي رواية أسلمت نفسي ومعنى أسلمت استسلمت أي سلمتها لك إذ لا قدرة لي ولا تدبير على جلب نفع ولا دفع ضر، فأمرها مفوّض إليك تفعل بها ما تريد واستسلمت لما تفعل فلا اعتراض عليك فيه أو معنى الوجه القصد والعمل الصالح، ولذا جاء في رواية أسلمت نفسي إليك ووجّهت وجهي إليك فجمع بينهما فدلّ على تغايرهما، ( وفوّضت) من التفويض أي رددت ( أمري إليك) وبرئت من الحول والقوّة إلا بك فاكفني همه ( وألجأت) أي أسندت ( ظهري إليك) أي اعتمدت عليك كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده إليه ( رغبة) أي طمعًا في ثوابك ( ورهبة إليك) الجار والمجرور متعلق برغبة ورهبة، وإن تعدى الثاني بمن لكنه أجري مجرى رغب تغليبًا كقوله: ورأيت بعلك في الوغى ...
متقلدًا سيفًا ورمحا والرمح لا يتقلد، ونحوه: علفتها تبنًا وماءً باردا أي خوفًا من عقابك، وهما منصوبان على المفعول له على طريق اللف والنشر أي فوّضت أمري إليك رغبة وألجأت ظهري إليك رهبة من المكاره والشدائد لأنه ( لا ملجأ ولا منجا منك إلاّ إليك) بالهمزة في الأوّل، وربما خفّف وتركه في الثاني كعصا، ويجوز هنا تنوينه إن قدر منصوبًا لأن هذا التركيب مثل لا حول ولا قوّة إلا بالله، فتجري فيه الأوجه الخمسة المشهورة وهي فتح الأوّل والثاني، وفتح الأوّل ونصب الثاني، وفتح الأوْل ورفع الثاني، ورفع الأوّل وفتح الثاني، ورفع الأوّل والثاني، ومع التنوين تسقط الألف.
وقوله: منك إن قدر ملجأ ومنجا مصدرين فيتنازعان فيه وإن كانا مكانين فلا، والتقدير لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك ولا منجا إلا إليك.
( اللهم آمنت) أي صدقت ( بكتابك) القرآن ( الذي أنزلت) أي أنزلتهعلى رسولك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والإيمان بالقرآن يتضمن الإيمان بجميع كتب الله المنزلة، ويحتمل أن يعم الكل لإضافته إلى الضمير لأن المعرّف باللام في احتماله الجنس والاستغراق والعهد بل جميع العارف كذلك.
قال البيضاوي كالزمخشري في الكشاف في قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 6] وتعريف الموصول إما للعهد، فالمراد به ناس بأعيانهم كأبي لهب وأبي جهل والوليد بن المغيرة وأحبار اليهود أو والجنس متناولاً من صمم على الكفر وغيرهم فخصّ منهم غير المصرين بما أسند إليه ( و) آمنت ( بنبيك الذي أرسلت) بحذف ضمير المفعول أي أرسلته، ( فإن متّ من ليلتك فأنت على الفطرة) الإسلامية أو الدين القويم ملّة إبراهيم ( واجعلهنّ) أي هذه الكلمات ( آخر ما تتكلم به) ولابن عساكر تكلم به بحذف إحدى التاءين وللكشميهني من آخر ما تتكلم به، ولا يمتنع أن يقول بعدهنّ شيئًا مما شرع من الذكر عند النوم والفقهاء لا يعدّون الذكر كلامًا في باب الإيمان وإن كان هو كلامًا في اللغة.
( قال) البراء: ( فردّدتها) بتشديد الأولى وتسكين الثانية أي الكلمات ( على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لأحفظهنّ، ( فلما بلغت اللهمّ آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت ورسولك) زاد الأصيلي الذي أرسلت ( قال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لا) أي لا تقل ورسولك بل قل ( ونبيك الذي أرسلت) وجه المنع لأنه لو قال ورسولك لكان تكرارًا مع قوله أرسلت، فلما كان نبيًّا قبل أن يرسل صرّح بالنبوّة للجمع بينها وبين الرسالة، وإن كان وصف الرسالة مستلزمًا وصف النبوّة مع ما فيه من تعديد النعم وتعظيم المنّة في الحالين، أو احترز به ممن أرسل من غير نبوّة كجبريل وغيره من الملائكة لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفًا، وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه قاله الحافظ ابن حجر، يعني فيقيد بالرسول البشري، وتعقبه العيني فقال: كيف يكون أمدح وهو لا يستلزم الرسالة بل لفظ الرسول أمدح لأنه يستلزم النبوّة اهـ.
وهو مردود فإن المعنى يختلف فإنه لا يلزم من الرسالة النبوّة ولا عكسه ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، وهنا كذلك أو أن الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر، ولو كان يرادفه في الظاهر أو لعله أوحي إليه بهذا اللفظ، فرأى أن يقف عنده، وقال المهلب: إنما لم تبدل ألفاظه عليه الصلاة والسلام لأنها ينابيع الحكم وجوامع الكلم، فلو غيرت سقطت فائدة النهاية في البلاغة التي أعطيها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اهـ.
وقد تعلق بهذا من منع الرواية بالمعنى كابن سيرين، وكذا أبو العباس النحوي قال: إذ ما من كلمتين متناظرتين إلا وبينهما فرق.
وإن دقّ ولطف نحو: بلى ونعم، ولا حجة فيه لمن استدل به على عدم جواز إبدال لفظ النبي في الرواية بالرسول وعكسه، لأن الذات المخبر عنها في الرواية واحدة وبأي وصف وصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ولو تباينت معاني الصفات كما لو أبدل اسمًا بكنية أو كنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلاً عن أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري، وهذا بخلاف ما في حديث الباب لأن ألفاظ الأذكار توقيفية فلا يدخلها القياس، ويستفاد من هذا الحديث أن الدعاء عند النوم مرغوب فيه لأنه قد تقبض روحه في نومه، فيكون قد ختم عمله بالدعاء الذي هو من أفضل الأعمال كما ختمه بالوضوء.
والنكتة في ختم المؤلف كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة، ولقوله في الحديث: واجعلهنّ آخر ما تتكلم به وأشعر ذلك بختم الكتاب.
ورواته الستة ما بين مروزي وكوفي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الدعوات، ومسلم في الدعاء، وأبو داود في الأدب والترمذي في الدعوات، والنسائي في اليوم والليلة.
بسم الله الرحمن الرحيم 5 - كتاب الغسل وقولِ اللهِ تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] وقوله جَلَّ ذِكرُه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43] .
( بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الغسل) هو بفتح الغين أفصح وأشهر من ضمها مصدر غسل وبمعنى الاغتسال، وبكسرها اسم لما يغسل به من سدر وخطمي ونحوهما، وبالضم اسم للماء الذي يغتسل به وهو بالمعنيين الأولين لغة سيلان الماء على الشيء وشرعًا سيلانه على جميع البدن، مع تمييز ما للعبادة عن العادة بالنيّة، ووقع في رواية الأكثر تأخير البسملة عن كتاب الغسل وسقطت من رواية الأصيلي، وعنده باب بدل كتاب وهو أولى لأن الكتاب يجمع أنواعًا، والغسل نوع واحد من أنواع الطهارة وإن كان في نفسه يتعدد.
ثم إن المؤلف افتتح كتاب الغسل بآيتي النساء والمائدة إشعارًا بأن وجوب الغسل على الجنب بنص القرآن فقال: ( وقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل { وإن كنتم جنبًا فاطهّرُوا} أي فاغتسلوا، والجنب الذي أصابته الجنابة يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لأنه يجري مجرى المصدر ( { وإن كنتم مرضى} ) مرضًا يخاف معه من استعمال الماء فإن الواجد له كالفاقد أو مرضًا يمنعه من الوصول إليه قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم نزلت في مريض من الأنصار لم يكن له خادم ولم يستطع أن يقوم ويتوضأ، { أو على سفر} طويلاً كان أو قصيرًا لا تجدونه فيه { أو جاء أحد منكم من الغائط} فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين وأصل الغائط المطمئن من الأرض { أو لامستم النساء} أي ماسستم بشرتهن ببشرتكم، وبه استدل الشافعي على أن اللمس ينقض الوضوء وهو قول ابن مسعود وابن عمر وبعض التابعين، وقيل: أو جامعتموهن وهو قول عليّ، والثابت عن ابن عباس وعن أكثر الصحابة والتابعين { فلم تجدوا ماء} فلم تتمكنوا من استعماله إذ الممنوع عنه كالمفقود، ووجه هذا التقسيم أن المترخص بالتيمم إما محدث أو جنب، والحال المقتضية له في غالب الأمر مرض أو سفر والجنب لما سبق ذكره اقتصر على بيان حاله، والمحدث لما لم يجر ذكره ذكر أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض، واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب وبيان العذر مجملاً، وكأنه قيل: وإن كنتم جنبًا مرضى أو على سفر أو محدثين جئتم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء ( { فتيمموا صعيدًا طيبًا} ) أي اقصدوا ترابًا أو ما يصعد من الأرض طاهرًا أو حلالاً ( { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} ) أي من بعضه، ولذا قال أصحابنا لا بد أن يعلق باليد شيء من التراب ( { ما يريد الله ليجعل عليكم} ) بما فرض من الغسل والوضوء والتيمم ( { من حرج} ) ضيق ( { ولكن يريد ليطهركم} ) من الأحداث والذنوب فإن الوضوء تكفير لها، ( { وليتم نعمته عليكم} ) بيان ما هو مطهرة للقلوب والأبدان عن الآثام والأحداث ( { لعلكم تشكرون} ) [المائدة: 6] نعمتي فأزيدها عليكم.
( وقوله جل ذكره: { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} ) اجتنبوها حال السكر نزلت في جمع من الصحابة شربوا الخمر قبل تحريمها عند ابن عوف وتقدم عليّ للإمامة وقرأ: { قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون} رواه الترمذي وأبو داود، وقال الضحاك عنى به سكر النوم لا سكر الخمر.
( { ولا جنبًا} ) عطف على وأنتم سكارى إذ الجملة في موضع النصب على الحال ( { إلا عابري سبيل} ) مسافرين حين فقد الماء فإنه جائز للجنب حينئذ للصلاة أو المعنى لا تقربوا مواضع الصلاة في حال السكر ولا في حال الجنابة إلا حال العبور فيها فجاز المرور لا اللبث وعليه كلام أكثر السلف ( { حتى تغتسلوا} ) من الجنابة ( { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} ) استدل به الحنفية على أنه لو ضرب المتيمم يده على حجر صلد ومسح أجزأه ( { إن الله كان عفوًّا غفورًا} ) [النساء: 43] يسهل ولا يعسر كذا ساق الآيتين بتمامهما في الفرع، وعند ابن عساكر ( { فتيمموا} ) إلى قوله: ( { وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} ) وفي رواية ( { وإن كنتم جنبًا فاطهروا} ) الآية، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني والأصيلي { وإن كنتم جنبًا فاطهروا} إلى قوله: { لعلكم تشكرون} وفي رواية { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة} الآية إلى قوله: { إن الله كان عفوًّاغفورًا} ولأبوي ذر والوقت والأصيلي { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} إلى قوله: { عفوًّا غفورًا} .
1 - باب الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ ( باب) سنّة ( الوضوء قبل الغسل) بفتح الغين وضمها على ما سبق، وإنما قدّم الوضوء على الغسل لفضل أعضاء الوضوء، ولا يحتاج إلى إفراد هذا الوضوء بنيّة كما قاله الرافعي بناء على اندراجه في الغسل زاد في الروضة.
قلت: المختار أنه إن تجردت جنابته عن الحدث نوى بوضوئه سُنَّة الغسل، وإن اجتمعا نوى به رفع الحدث الأصغر، وقال المالكية: ينوي به رفع حدث الجنابة عن تلك الأعضاء ولو نوى الفضيلة وجب عليه إعادة غسلها.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [247] حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مقَاتِلٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أخبرنَا سُفْيَان عنْ مَنْصُورِ عنْ سَعْدٍ ابنِ عُبَيْدَةَ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ قَالَ قَالَ لِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَيْتُ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقَكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلَجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فإنْ مُتِّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ علَى الفِطْرَةِ وَاجْعَلْنِي آخِرَ مَا تَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فرددتها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغت الْفَهم آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت قلت وَرَسُولك قَالَ لَا بنبيك الَّذِي أرْسلت.. مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة طَاهِرَة.
بَين رجالهوهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن مقَاتل، بِضَم الْمِيم، أَبُو الْحسن الْمروزِي، تقدم فِي بَاب مَا يذكر فِي المناولة.
الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك.
الثَّالِث: سُفْيَان الثَّوْريّ.
وَقيل: يحْتَمل سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا، لِأَن عبد الله يروي عَنْهُمَا، وهما يرويات عَن مَنْصُور، لَكِن الظَّاهِر أَنه الثَّوْريّ لأَنهم قَالُوا: أثبت النَّاس فِي مَنْصُور هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ.
الرَّابِع: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر.
الْخَامِس: سعيد بن عُبَيْدَة، بِضَم الْعين، مصغر عَبدة بن حَمْزَة، بالزاي، الْكُوفِي كَانَ يرى رأى الْخَوَارِج ثمَّ تَركه وَهُوَ ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، مَاتَ فِي ولَايَة ابْن هُبَيْرَة على الْكُوفَة، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة، سعد بن عُبَيْدَة، سواهُ.
السَّادِس: الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مر فِي بَاب الصَّلَاة من الْإِيمَان.
إِلَّا عابري سَبِيل حَتَّى تغتسلوا} ( سُورَة النِّسَاء: 43) يدل على فَرضِيَّة الِاغْتِسَال من الْجَنَابَة، فَقَالَ بَعضهم: قدم الْآيَة الَّتِي من سرة الْمَائِدَة على الْآيَة الَّتِي من سُورَة النِّسَاء لدقيقة.
وَهِي أَن لَفظه.
{فاطهروا} ( سُورَة الْمَائِدَة: 6) الَّتِي فِي الْمَائِدَة فِيهَا إجنال وَلَفظه {} حَتَّى تغتسلوا الَّتِي فِي النِّسَاء فِيهَا تَصْرِيح بالاغتسال، وَبَيَان للتطهر الْمَذْكُور.
قلت: لَا إِجْمَال فِي {فاطهروا} لِأَن معنى {فاطهروا} أغسلوا أبدانكم كَمَا ذكرنَا، وتطهر الْبدن هُوَ الِاغْتِسَال فَلَا إِجْمَال لَا لُغَة وَلَا اصْطِلَاحا على مَا لَا يخفى.
1 - ( بابُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان حكم الْوضُوء قبل أَن يشرع فِي الِاغْتِسَال، هَل هُوَ وَاجِب أَو مُسْتَحبّ أم سنة؟.

     وَقَالَ  بَعضهم: بَاب الْوضُوء قبل الْغسْل، أَي: اسْتِحْبَابه قَالَ الشَّافِعِي فِي ( الْأُم) فرض الله تَعَالَى الْغسْل مُطلقًا لم يذكر فِيهِ شَيْئا يبْدَأ بِهِ قبل شَيْء فكيفما جَاءَ بِهِ المغتسل أَجزَأَهُ إِذا أَتَى بِغسْل جَمِيع بدنه.
انْتهى قلت: إِن كَانَ النَّص مُطلقًا وَلم يذكر فِيهِ شَيْئا يبْدَأ بِهِ فعائشة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، ذكرت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتَوَضَّأ كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة قبل غسله فَيكون سنة غير وَاجِب.
أما كَونه سنة فلفعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأما كَونه غير وَاجِب فَلِأَنَّهُ يدْخل فِي الْغسْل، كالحائض إِذا اجنبت يكفيها غسل وَاحِد، وَمِنْهُم من أوجبه إِذا كَانَ مُحدثا قبل الْجَنَابَة..
     وَقَالَ  دَاوُد: يجب الْوضُوء وَالْغسْل فِي الْجَنَابَة الْمُجَرَّدَة بِأَن أَتَى الْغُلَام أَو الْبَهِيمَة أَو لف ذكره بِخرقَة فَأنْزل، وَفِي أحد قولي الشَّافِعِي: يلْزمه الْوضُوء فِي الْجَنَابَة مَعَ الْحَدث، وَفِي قَوْله الآخر: يقْتَصر على الْغسْل لَكِن يلْزم أَن يَنْوِي الْحَدث والجنابة، وَفِي قَول: يَكْفِي نِيَّة الْغسْل، وَمِنْهُم من أوجب الْوضُوء بعد الْغسْل، وَأنْكرهُ عَليّ وَابْن مَسْعُود، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَعَن عَائِشَة قَالَت: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتَوَضَّأ بعد الْغسْل) رَوَاهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ)
وَلِغَيْرِ أَبِي ذَرٍّ عَلَى وضوء

[ قــ :243 ... غــ :247] قَوْله أخبرنَا عبد الله هُوَ بن الْمُبَارك وسُفْيَان هُوَ الثَّوْريّ وَمَنْصُور هُوَ بن الْمُعْتَمِرِ .

     قَوْلُهُ  فَتَوَضَّأْ ظَاهِرُهُ اسْتِحْبَابُ تَجْدِيدِ الْوُضُوءِ لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ النَّوْمَ وَلَوْ كَانَ عَلَى طَهَارَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِمَنْ كَانَ مُحْدِثًا وَوَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ مِتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْمُرَادُ بِالْفِطْرَةِ السُّنَّةُ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مَنْ طُرُقٍ عَنِ الْبَرَاءِ وَلَيْسَ فِيهَا ذِكْرُ الْوُضُوءِ إِلَّا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَقَدْ وَرَدَ فِي الْبَابِ حَدِيثٌ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَحَدِيثٌ عَنْ عَلِيٍّ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْمَتْنِ فِي كِتَابِ الدَّعَوَاتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقول فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ آخِرِ وَهِيَ تُبَيِّنُ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ بَعْدَهُنَّ شَيْئًا مِمَّا شُرِعَ مِنَ الذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ لَا وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِيهِ حُجَّةٌ لِمَنْ مَنَعَ رِوَايَةَ الْحَدِيثِ عَلَى الْمَعْنَى قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَنَبِيِّكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ نَبِيًّا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا أَوْ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ وَصْفٌ زَائِدٌ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَ الرَّسُولِ لَيْسَ بِمَعْنَى لَفْظِ النَّبِيِّ وَلَا خِلَافَ فِي الْمَنْعِ إِذَا اخْتَلَفَ الْمَعْنَى فَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الْوَصْفَيْنِ صَرِيحًا وَإِنْ كَانَ وَصْفُ الرِّسَالَةِ يَسْتَلْزِمُ وَصْفَ النُّبُوَّةِ أَوْ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْأَذْكَارِ تَوْقِيفِيَّةٌ فِي تَعْيِينِ اللَّفْظِ وَتَقْدِيرِ الثَّوَابِ فَرُبَّمَا كَانَ فِي اللَّفْظِ سِرٌّ لَيْسَ فِي الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ يُرَادِفُهُ فِي الظَّاهِرِ أَوْ لَعَلَّهُ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظِ فَرَأَى أَنْ يَقِفَ عِنْدَهُ أَوْ ذَكَرَهُ احْتِرَازًا مِمَّنْ أُرسِلَ مِنْ غَيْرِ نُبُوَّةٍ كَجِبْرِيلَ وَغَيْرِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لِأَنَّهُمْ رُسُلٌ لَا أَنْبِيَاءُ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَخْلِيصَ الْكَلَامِ مِنَ اللَّبْسِ أَوْ لِأَنَّ لَفْظَ النَّبِيِّ أَمْدَحُ مِنْ لَفْظِ الرَّسُولِ لِأَنَّهُ مُشْتَرِكٌ فِي الْإِطْلَاقِ عَلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلَ بِخِلَافِ لَفْظِ النَّبِيِّ فَإِنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ فِيهِ عُرْفًا وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ مَنْ قَالَ كُلُّ رَسُولٍ نَبِيٌّ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ لَا يَصِحُّ إِطْلَاقُهُ.

.
وَأَمَّا مَنْ اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِبْدَالُ لَفْظِ قَالَ نَبِيُّ اللَّهِ مَثَلًا فِي الرِّوَايَةِ بِلَفْظِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَذَا عَكْسُهُ وَلَوْ أَجَزْنَا الرِّوَايَةَ بِالْمَعْنَى فَلَا حُجَّةَ فِيهِ وَكَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَنْ أَجَازَ الْأَوَّلَ دُونَ الثَّانِي لِكَوْنِ الْأَوَّلِ أَخَصَّ مِنَ الثَّانِي لِأَنَّا نَقُولُ الذَّاتُ الْمُخْبَرُ عَنْهَا فِي الرِّوَايَةِ وَاحِدَةٌ فَبِأَيِّ وَصْفٍ وَصَفْتَ بِهِ تِلْكَ الذَّاتَ مِنْ أَوْصَافِهَا اللَّائِقَةِ بِهَا عُلِمَ الْقَصْدُ بِالْمُخْبَرِ عَنْهُ وَلَوْ تَبَايَنَتْ مَعَانِي الصِّفَاتِ كَمَا لَوْ أُبْدِلَ اسْما بِكُنْيَةٍ أَوْ كُنْيَةٌ بِاسْمٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ الرَّاوِي مَثَلًا عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبُخَارِيِّ أَوْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيِّ وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْأَوْجُهِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا مِنْ إِرَادَةِ التَّوْقِيفِ وَغَيْرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ تَنْبِيهٌ النُّكْتَةُ فِي خَتْمِ الْبُخَارِيِّ كِتَابَ الْوُضُوءِ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ آخِرُ وُضُوءٍ أُمِرَ بِهِ الْمُكَلَّفُ فِي الْيَقَظَةِ وَلِقَوْلِهِ فِي نَفْسِ الْحَدِيثِ وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَقُولُ فَأَشْعَرَ ذَلِكَ بِخَتْمِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ الْهَادِي لِلصَّوَابِ خَاتِمَةٌ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْوُضُوءِ وَمَا مَعَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْمِيَاهِ وَالِاسْتِطَابَةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى مِائَةٍ وَأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِينَ حَدِيثًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا مِائَةٌ وَسِتَّةَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْمَذْكُورُ مِنْهَا بِلَفْظِ الْمُتَابَعَةِ وَصِيغَةِ التَّعْلِيقِ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ حَدِيثًا فَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ مِنْهَا أحد وَثَمَانُونَ حَدِيثًا ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُعَلَّقَةٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى تِسْعَةَ عَشَرَ حَدِيثا وَهِي الثَّلَاثَة الْمُعَلقَة وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي صِفَةِ الْوُضُوءِ وَحَدِيثُهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ ابْغِنِي أَحْجَارًا وَحَدِيثُ بن مَسْعُودٍ فِي الْحَجَرَيْنِ وَالرَّوْثَةِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ فِي الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي ادِّخَارِ شَعْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الرَّجُلِ الَّذِي سَقَى الْكَلْبَ وَحَدِيثُ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدٍ فِي خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَعُمَرَ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فِيهِ وَحَدِيثُ سُوَيْدِ بْنِ النُّعْمَانِ فِي الْمَضْمَضَةِ مِنَ السَّوِيقِ وَحَدِيثُ أَنَسٍ إِذا نعس فِي الصَّلَاة فلينم وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي قِصَّةِ الَّذِي بَالَ فِي الْمَسْجِدِ وَحَدِيثُ مَيْمُونَةَ فِي فَأْرَةٍ سَقَطَتْ فِي سَمْنٍ وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي الْبُزَاقِ فِي الثَّوْبِ وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ الْمَوْقُوفَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَثَرًا الْمَوْصُولُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ والبقية معلقَة وَاللَّهُ أَعْلَمُ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  باب فَضْلِ مَنْ بَاتَ عَلَى الْوُضُوءِ
( باب فضل من بات على الوضوء) بالألف واللام، ولأبوَي ذر والوقت والأصيلي وضوء بالتنكير.


[ قــ :243 ... غــ : 247 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلِ: اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ.
فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ.
وَاجْعَلْهُنَّ آخِرَ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ».
قَالَ: فَرَدَّدْتُهَا عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا بَلَغْتُ «اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ».
قُلْتُ: وَرَسُولِكَ.
قَالَ «لاَ.
وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ».
[الحديث 247 - أطرافه في: 6311، 6313، 6315، 7488] .


وبه قال ( حدّثنا محمد بن مقاتل) بضم الميم المروزي ( قال: أخبرنا) وللأصيلي وابن عساكر حدّثنا ( عبد الله) بن المبارك ( قال: أخبرنا سفيان) الثوري ( عن منصور) هو ابن المعتمر، وقيل سفيان هو ابن عيينة لأن ابن المبارك يروي عنهما وهما عن منصور، ولكن الثوري أثبت الناس في منصور فترجح إرادته ( عن سعد بن عبيدة) بضم العين في الثاني وسكونها في الأوّل أبي حمزة بالزاي الكوفي، المتوفى في ولاية ابن هبيرة على الكوفة ( عن البراء بن عازب) رضي الله عنه ( قال) : ( قال لي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أتيت) أي إذا أردت أن تأتي ( مضجعك) بفتح الجيم من باب منع يمنع.
وفي الفرع بكسرها ( فتوضأ وضوءك للصلاة) أي إن كنت على غير وضوء والفاء جواب الشرط، وإنما ندب الوضوء عند النوم لأنه قد تقبض روحه في نومه فيكون قد ختم عمله بالوضوء، وليكون أصدق لرؤياه وأبعد عن تلاعب الشيطان به في منامه، وليس ذكر الوضوء في هذا الحديث عند الشيخين إلا في هذه الرواية، ( ثم اضطجع على شقك الأيمن) لأنه يمنع الاستغراق في النوم لقلق القلب فيسرع الإفاقة ليتهجد أو ليذكر الله تعالى بخلاف الاضطجاع على الشق الأيسر، ( ثم قل: اللهم أسلمت وجهي) ذاتي ( إليك) طائعة لحكمك فأنا منقاد لك في أوامرك ونواهيك، وفي رواية أسلمت نفسي ومعنى أسلمت استسلمت أي سلمتها لك إذ لا قدرة لي ولا تدبير على جلب نفع ولا دفع ضر، فأمرها مفوّض إليك تفعل بها ما تريد واستسلمت لما تفعل فلا اعتراض عليك فيه أو معنى الوجه القصد والعمل الصالح، ولذا جاء في رواية أسلمت نفسي إليك ووجّهت وجهي إليك فجمع بينهما فدلّ على تغايرهما، ( وفوّضت) من التفويض أي رددت ( أمري إليك) وبرئت من الحول والقوّة إلا بك فاكفني همه ( وألجأت) أي أسندت ( ظهري إليك) أي اعتمدت عليك كما يعتمد الإنسان بظهره إلى ما يسنده إليه ( رغبة) أي طمعًا في ثوابك ( ورهبة إليك) الجار والمجرور متعلق برغبة ورهبة، وإن تعدى الثاني بمن لكنه أجري مجرى رغب تغليبًا كقوله:
ورأيت بعلك في الوغى ... متقلدًا سيفًا ورمحا
والرمح لا يتقلد، ونحوه:
علفتها تبنًا وماءً باردا
أي خوفًا من عقابك، وهما منصوبان على المفعول له على طريق اللف والنشر أي فوّضت أمري إليك رغبة وألجأت ظهري إليك رهبة من المكاره والشدائد لأنه ( لا ملجأ ولا منجا منك إلاّ إليك) بالهمزة في الأوّل، وربما خفّف وتركه في الثاني كعصا، ويجوز هنا تنوينه إن قدر منصوبًا لأن هذا التركيب مثل لا حول ولا قوّة إلا بالله، فتجري فيه الأوجه الخمسة المشهورة وهي فتح الأوّل والثاني، وفتح الأوّل ونصب الثاني، وفتح الأوْل ورفع الثاني، ورفع الأوّل وفتح الثاني، ورفع الأوّل والثاني، ومع التنوين تسقط الألف.
وقوله: منك إن قدر ملجأ ومنجا مصدرين فيتنازعان فيه وإن كانا مكانين فلا، والتقدير لا ملجأ منك إلى أحد إلا إليك ولا منجا إلا إليك.
( اللهم آمنت) أي

صدقت ( بكتابك) القرآن ( الذي أنزلت) أي أنزلته على رسولك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- والإيمان بالقرآن يتضمن الإيمان بجميع كتب الله المنزلة، ويحتمل أن يعم الكل لإضافته إلى الضمير لأن المعرّف باللام في احتماله الجنس والاستغراق والعهد بل جميع العارف كذلك.
قال البيضاوي كالزمخشري في الكشاف في قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} [البقرة: 6] وتعريف الموصول إما للعهد، فالمراد به ناس بأعيانهم كأبي لهب وأبي جهل والوليد بن المغيرة وأحبار اليهود أو والجنس متناولاً من صمم على الكفر وغيرهم فخصّ منهم غير المصرين بما أسند إليه ( و) آمنت ( بنبيك الذي أرسلت) بحذف ضمير المفعول أي أرسلته، ( فإن متّ من ليلتك فأنت على الفطرة) الإسلامية أو الدين القويم ملّة إبراهيم ( واجعلهنّ) أي هذه الكلمات ( آخر ما تتكلم به) ولابن عساكر تكلم به بحذف إحدى التاءين وللكشميهني من آخر ما تتكلم به، ولا يمتنع أن يقول بعدهنّ شيئًا مما شرع من الذكر عند النوم والفقهاء لا يعدّون الذكر كلامًا في باب الإيمان وإن كان هو كلامًا في اللغة.

( قال) البراء: ( فردّدتها) بتشديد الأولى وتسكين الثانية أي الكلمات ( على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) لأحفظهنّ، ( فلما بلغت اللهمّ آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت ورسولك) زاد الأصيلي الذي أرسلت ( قال) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( لا) أي لا تقل ورسولك بل قل ( ونبيك الذي أرسلت) وجه المنع لأنه لو قال ورسولك لكان تكرارًا مع قوله أرسلت، فلما كان نبيًّا قبل أن يرسل صرّح بالنبوّة للجمع بينها وبين الرسالة، وإن كان وصف الرسالة مستلزمًا وصف النبوّة مع ما فيه من تعديد النعم وتعظيم المنّة في الحالين، أو احترز به ممن أرسل من غير نبوّة كجبريل وغيره من الملائكة لأنهم رسل لا أنبياء، فلعله أراد تخليص الكلام من اللبس، أو لأن لفظ النبي أمدح من لفظ الرسول لأنه مشترك في الإطلاق على كل من أرسل بخلاف لفظ النبي فإنه لا اشتراك فيه عرفًا، وعلى هذا فقول من قال كل رسول نبي من غير عكس لا يصح إطلاقه قاله الحافظ ابن حجر، يعني فيقيد بالرسول البشري، وتعقبه العيني فقال: كيف يكون أمدح وهو لا يستلزم الرسالة بل لفظ الرسول أمدح لأنه يستلزم النبوّة اهـ.
وهو مردود فإن المعنى يختلف فإنه لا يلزم من الرسالة النبوّة ولا عكسه ولا خلاف في المنع إذا اختلف المعنى، وهنا كذلك أو أن الأذكار توقيفية في تعيين اللفظ وتقدير الثواب، فربما كان في اللفظ سر ليس في الآخر، ولو كان يرادفه في الظاهر أو لعله أوحي إليه بهذا اللفظ، فرأى أن يقف عنده، وقال المهلب: إنما لم تبدل ألفاظه عليه الصلاة والسلام لأنها ينابيع الحكم وجوامع الكلم، فلو غيرت سقطت فائدة النهاية في البلاغة التي أعطيها -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اهـ.

وقد تعلق بهذا من منع الرواية بالمعنى كابن سيرين، وكذا أبو العباس النحوي قال: إذ ما من كلمتين متناظرتين إلا وبينهما فرق.
وإن دقّ ولطف نحو: بلى ونعم، ولا حجة فيه لمن استدل به على عدم جواز إبدال لفظ النبي في الرواية بالرسول وعكسه، لأن الذات المخبر عنها في الرواية واحدة وبأي وصف وصفت به تلك الذات من أوصافها اللائقة بها علم القصد بالمخبر عنه ولو تباينت معاني الصفات كما لو أبدل اسمًا بكنية أو كنية باسم، فلا فرق بين أن يقول الراوي مثلاً عن

أبي عبد الله البخاري أو عن محمد بن إسماعيل البخاري، وهذا بخلاف ما في حديث الباب لأن ألفاظ الأذكار توقيفية فلا يدخلها القياس، ويستفاد من هذا الحديث أن الدعاء عند النوم مرغوب فيه لأنه قد تقبض روحه في نومه، فيكون قد ختم عمله بالدعاء الذي هو من أفضل الأعمال كما ختمه بالوضوء.
والنكتة في ختم المؤلف كتاب الوضوء بهذا الحديث من جهة أنه آخر وضوء أمر به المكلف في اليقظة، ولقوله في الحديث: واجعلهنّ آخر ما تتكلم به وأشعر ذلك بختم الكتاب.

ورواته الستة ما بين مروزي وكوفي، وفيه التحديث والإخبار والعنعنة، وأخرجه المؤلف أيضًا في الدعوات، ومسلم في الدعاء، وأبو داود في الأدب والترمذي في الدعوات، والنسائي في اليوم والليلة.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (بابُِ فَضْلِ مَنْ بَاتَ علَى الوُضوُءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل من بَات على الْوضُوء وَبَات من البيتوتة يُقَال: بَات يبيت، وَبَات، بيات بيتوتة، وَبَات يفعل كَذَا إِذا فعله لَيْلًا كَمَا يُقَال: ظلّ يفعل كَذَا إِذا فعله بِالنَّهَارِ.

وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبابَُُيْنِ من حَيْثُ اشْتِمَال كل مِنْهُمَا على بَيَان اكْتِسَاب فَضِيلَة وَأجر، وَأما إِدْخَاله هَذَا الْبابُُ فِي الْأَبْوَاب الْمُتَقَدّمَة فَظَاهر، لِأَنَّهُ من تعلقات الْوضُوء قَوْله: (على الْوضُوء) بِالْألف وَاللَّام فِي رِوَايَة أبي ذَر، وَفِي رِوَايَة غَيره (على وضوء) ، بِدُونِ الْألف وَاللَّام.



[ قــ :243 ... غــ :247 ]
- حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ مقَاتِلٍ قَالَ أخبرنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أخبرنَا سُفْيَان عنْ مَنْصُورِ عنْ سَعْدٍ ابنِ عُبَيْدَةَ عنِ البَرَاءِ بنِ عازِبٍ قَالَ قَالَ لِيَ النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا أَتَيْتُ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ علَى شِقَكَ الأَيْمَنِ ثُمَّ قلِ اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إلَيْكَ وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ وَأَلَجَأْتُ ظَهْرِي إلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إلَيْكَ لَا مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إلاَّ إلَيْكَ اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ فإنْ مُتِّ مِنْ لَيْلَتِكَ فَأَنْتَ علَى الفِطْرَةِ وَاجْعَلْنِي آخِرَ مَا تَكَلَّمُ بِهِ قَالَ فرددتها على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَمَّا بلغت الْفَهم آمَنت بكتابك الَّذِي أنزلت قلت وَرَسُولك قَالَ لَا بنبيك الَّذِي أرْسلت..
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة طَاهِرَة.

بَين رجالهوهم سِتَّة: الأول: مُحَمَّد بن مقَاتل، بِضَم الْمِيم، أَبُو الْحسن الْمروزِي، تقدم فِي بابُُ مَا يذكر فِي المناولة.
الثَّانِي: عبد الله بن الْمُبَارك.
الثَّالِث: سُفْيَان الثَّوْريّ.
وَقيل: يحْتَمل سُفْيَان بن عُيَيْنَة أَيْضا، لِأَن عبد الله يروي عَنْهُمَا، وهما يرويات عَن مَنْصُور، لَكِن الظَّاهِر أَنه الثَّوْريّ لأَنهم قَالُوا: أثبت النَّاس فِي مَنْصُور هُوَ سُفْيَان الثَّوْريّ.
الرَّابِع: مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر.
الْخَامِس: سعيد بن عُبَيْدَة، بِضَم الْعين، مصغر عَبدة بن حَمْزَة، بالزاي، الْكُوفِي كَانَ يرى رأى الْخَوَارِج ثمَّ تَركه وَهُوَ ختن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ، مَاتَ فِي ولَايَة ابْن هُبَيْرَة على الْكُوفَة، وَلَيْسَ فِي الْكتب السِّتَّة، سعد بن عُبَيْدَة، سواهُ.
السَّادِس: الْبَراء بن عَازِب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، مر فِي بابُُ الصَّلَاة من الْإِيمَان.
بَيَان لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْإِخْبَار بِصُورَة الْجمع فِي موضِعين، والعنعنة فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين مروزي وكوفي، وَخَالف إِبْرَاهِيم بن طهْمَان أَصْحَاب مَنْصُور، فَأدْخل بَين مَنْصُور وَسعد الحكم بن عتيبة وَانْفَرَدَ الْفرْيَابِيّ بِإِدْخَال الْأَعْمَش بَين الثَّوْريّ وَمَنْصُور.

بَيَان تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره أخرجه البُخَارِيّ هَاهُنَا عَن مُحَمَّد بن مقَاتل، وَأخرجه فِي الدَّعْوَات عَن مُسَدّد.
وَأخرجه مُسلم فِي الدُّعَاء عَن عُثْمَان بن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، وَعَن ابْن الْمثنى وَعَن بنْدَار، وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب عَن مُسَدّد، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْملك.
وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِي الدَّعْوَات عَن سُفْيَان بن وَكِيع وَأخرجه النَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة عَن بنْدَار، وَعَن مُحَمَّد بن عبد الْأَعْلَى، وَعَن مُحَمَّد بن رَافع، وَعَن عَمْرو بن عَليّ، وَعَن قُتَيْبَة، وَعَن مُحَمَّد بن إِسْحَاق الصغاني.

بَيَان لغاته قَوْله: (إِذا أثبت مضجعك) ، بِفَتْح الْجِيم من، ضجع من بابُُ: منع يمْنَع ويروي: مضجعك أَصله مضتجعك، من بابُُ الافتعال، لَكِن قتل التَّاء طاء وَالْمعْنَى: إِذا أردْت أَن يَأْتِي مضجعك فَتَوَضَّأ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: { فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه} (سُورَة النَّحْل: 98 أَي إِذا أردْت الْقِرَاءَة قَوْله: (وجهت وَجْهي أليك) أَي: استسلمت، كَذَا فسره، وَلَيْسَ بِوَجْه.
وَالْأَوْجه أَن يُفَسر: أسلمت ذاتي إِلَيْك منقادة لَك، طالعة لحكمك، لِأَن المُرَاد من الْوَجْه الذَّات.
قَوْله: (وفوضت) من التَّفْوِيض وَهُوَ التَّسْلِيم: قَوْله: (والجأت ظَهْري إِلَيْك) أَي: أسندت.
يُقَال: لجأت إِلَيْهِ لَجأ بِالتَّحْرِيكِ، وملجأ والتجأت إِلَيْهِ بِمَعْنى: والموضع أَيْضا، لَجأ وملجأ وألجأته إِلَى الشَّيْء اضطررته إِلَيْهِ، وَالْمعْنَى هُنَا، توكلت عَلَيْك واعتمدتك فِي أَمْرِي كَمَا يعْتَمد الْإِنْسَان بظهره إِلَى مَا يسْندهُ.
قَوْله: (رَغْبَة) أَي: طَمَعا فِي ثوابك.
قَوْله: (وَرَهْبَة) أَي: خوفًا من عقابك.
قَوْله: (لَا ملْجأ) بِالْهَمْزَةِ وَيجوز التَّخْفِيف.
قَوْله: (وَلَا منجأ) مَقْصُور من: نجى ينجو، والمنجأ مفعل مِنْهُ، وَيجوز همزَة للإزدواج قَوْله: (على الْفطْرَة) أَي: على دين الْإِسْلَام، وَقد تكون الْفطْرَة بِمَعْنى الْخلقَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: { فطْرَة الله الَّتِي فطر النَّاس عَلَيْهَا} (سُورَة الرّوم: 30) وَبِمَعْنى السّنة كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (خمس من الْفطْرَة) وقا الطيني: أَي: مت على الدّين القويم مِلَّة إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، فَإِن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أسلم واستسلم،.

     وَقَالَ : { } أسلمت لرب الْعَالمين (سُورَة الْبَقَرَة: 131) { وجار ربه بقلب سليم} (سُورَة الصافات: 84) .

ذكر مَعَانِيه قَوْله: (فَتَوَضَّأ) وَقد روى الشَّيْخَانِ هَذَا الحَدِيث من طرق عَن الْبَراء بن عَازِب، وَلَيْسَ لَهَا ذكر الْوضُوء، إلاَّ فِي هَذِه الرِّوَايَة، وَكَذَا قَالَ التِّرْمِذِيّ قَوْله: (أسلمت وَجْهي إِلَيْك) وَجَاء فِي رِوَايَة أُخْرَى: (أسلمت نَفسِي إِلَيْك) وَالْوَجْه وَالنَّفس هَاهُنَا بِمَعْنى الذَّات،.

     وَقَالَ  ابْن الْجَوْزِيّ: يحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْوَجْه حَقِيقَة، وَيحْتَمل أَن يُرَاد بِهِ الْقَصْد، فَكَأَنَّهُ يَقُول: قصدتك فِي طلب سلامتي،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: قيل: معنى الْوَجْه الْقَصْد وَالْعَمَل الصَّالح، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي رِوَايَة: (اسلمت نَفسِي إِلَيْك ووجهت وَجْهي إِلَيْك) .
فَجمع بَينهمَا، فَدلَّ على تغايرهما، وَمعنى: أسلمت: سلمت واستسلمت أَي: سلمتها لَك، إِذْ لَا قدرَة لي وَلَا تَدْبِير بجلب نفع وَلَا دفع ضرّ فَأمرهَا مفوض إِلَيْك تفعل بهَا مَا تُرِيدُ واستسلمت لما تفعل فَلَا اعْتِرَاض عَلَيْك فِيهِ.
قَوْله: (وفوضت أَمْرِي إِلَيْك) أَي: رددت أَمْرِي إِلَيْك، وبرئت من الْحول وَالْقُوَّة إلاَّ بك فَاكْفِنِي همه، وتولني سلاحه..
     وَقَالَ  الطَّيِّبِيّ رَحمَه الله فِي هَذَا النّظم غرائب وعجائب لَا يعرفهَا إلاَّ النقاد من أهل الْبَيَان: قَوْله: (أسلمت نَفسِي) إِشَارَة إِلَى أَن جوارحه منقادة لله تَعَالَى فِي أوامره ونواهيه.
وَقَوله: (وجهت وَجْهي) أَي: إِن ذَاته وَحَقِيقَته لَهُ مخلصة بريئة من النِّفَاق وَقَوله: (وفوضت أَمْرِي إِلَيْك) إِشَارَة إِلَى أَن أُمُوره الْخَارِجَة والداخلة مفوضة إِلَيْهِ لَا مُدبر لَهَا غَيره، وَقَوله: (ألجأت أليك) بعد قَوْله: (وفوضت أَمْرِي) إِشَارَة إِلَى أَن تفويضة أُمُوره الَّتِي يفْتَقر إِلَيْهَا وَبهَا معاشه وَعَلَيْهَا مدَار أمره يلتجأ إِلَيْهِ، مِمَّا يضرّهُ ويؤذيه من الْأَسْبابُُ الدَّاخِلَة وَالْخَارِج، قَوْله: (آخر مَا تكلم) بِحَذْف إِحْدَى التائين، وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: (من آخر مَا تكلم) قَوْله: (فَردَّتهَا) أَي: رددت هَذِه الْكَلِمَات لأحفظن قَوْله: (قَالَ: لَا) أَي: لَا تقبل: وَرَسُولك، بل قل: وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت، وَذكروا فِي هَذَا أوجها مِنْهَا: أَنه أمره أَن يجمع بَين صفتيه وهما: الرَّسُول وَالنَّبِيّ، صَرِيحًا وَإِن كَانَ وصف الرسَالَة يسْتَلْزم وصف النُّبُوَّة.
وَمِنْهَا: أَن أَلْفَاظ الْأَذْكَار توقيفية فِي تعْيين اللَّفْظ وَتَقْدِير الثَّوَاب، فَرُبمَا كَانَ فِي اللَّفْظ زِيَادَة تَبْيِين لَيْسَ فِي الآخر، أَن كَانَ يرادفه فِي الظَّاهِر.
وَمِنْهَا: أَنه لَعَلَّه أوحى إِلَيْهِ بِهَذَا اللَّفْظ.
فَرَأى أَن يقف عِنْده.
وَمِنْهَا: أَن ذكره احْتِرَازًا عَمَّن أرسل من غَيره نبوة، كجبريل وَغَيره من الْمَلَائِكَة، عَلَيْهِم السَّلَام، لأَنهم رسل الْأَنْبِيَاء.
وَمِنْهَا: أَنه يحْتَمل أَن يكون رده دفعا للتكرار، لِأَنَّهُ قَالَ فِي الأول: (وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت) ، وَمِنْهَا: أَن النَّبِي.
فعيل، بِمَعْنى فَاعل من النبأ، وَهُوَ الْخَبَر لِأَنَّهُ أنبأ عَن الله تَعَالَى، أَي: أخبر.
وَقيل: إِنَّه مُشْتَقّ من النُّبُوَّة.
وَهُوَ الشَّيْء الْمُرْتَفع ورد النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على الْبَراء حِين قَالَ: (وَنَبِيك الَّذِي أرْسلت) بِمَا رد عَلَيْهِ ليختلف اللفظان، وَيجمع البنائين معنى الِارْتفَاع والإرسال، وَيكون تعديداً للنعمة فِي الْحَالَتَيْنِ، وتعظيماً للمنة على الْوَجْهَيْنِ.

     وَقَالَ  بَعضهم: وَلِأَن لفظ النَّبِي، أمدح من لفظ: الرَّسُول.
قلت: هَذَا غير موجه.
لِأَن لفظ النَّبِي، كَيفَ يكون أمدح وَهُوَ لَا يسْتَلْزم الرسَالَة بل لفظ الرَّسُول أمدح لِأَنَّهُ يسْتَلْزم النُّبُوَّة.

بَيَان إعرابه قَوْله: (فَتَوَضَّأ) الْفَاء فِيهِ جَوَاب قَوْله: (رَغْبَة وَرَهْبَة) منصوبان على الْمَفْعُول لَهُ على طَريقَة اللف والنشر، أَي فوضت أموري إِلَيْك رَغْبَة، وألجأت ظَهْري عَن المكاره والشدائد إِلَيْك رهبة مِنْك، لِأَنَّهُ لَا ملْجأ وَلَا منجأ مِنْك إِلَّا إِلَيْك وَيجوز أَن يكون انتصابهما على الْحَال بِمَعْنى: رَاغِبًا وراهباً.
قلت: كَيفَ يتَصَوَّر أَن يكون رَاغِبًا وراهباً فِي حَالَة وَاحِدَة لِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ متنافيان؟ قلت: فِيهِ حذل تَقْدِيره رَاغِبًا إِلَيْك، وراهباً مِنْك.
فَإِن قلت: إِذا كَانَ التَّقْدِير: رَاهِبًا مِنْك، كَيفَ اسْتعْمل بِكَلِمَة إِلَى، والرهبة لَا تسْتَعْمل إلاَّ بِكَلِمَة.
من؟ قلت: إِلَيْك مُتَعَلق برغبة، وَأعْطِي للرهبة حكمهَا، وَالْعرب تفعل ذَلِك كثيرا، كَقَوْل بَعضهم.

(وَرَأَيْت بعلك فِي الوغى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفا ورمحاً)

وَالرمْح لَا يتقلد، وكقول الآخر.

علفتها تبناً وَمَاء بَارِدًا
وَالْمَاء لَا يعلف.
قَوْله: (لَا ملْجأ وَلَا منجأ) إعرابهما مثل إِعْرَاب عصى، وَفِي التَّرْكِيب خَمْسَة أوجه لِأَنَّهُ مثل: لَا حول وَلَا قُوَّة إلاَّ بِاللَّه، وَالْفرق بَين نَصبه وفتحه بِالتَّنْوِينِ، وَعند التَّنْوِين تسْقط الْألف، ثمَّ إنَّهُمَا كَانَا مصدري يتنازعان فِي مِنْك، وَإِن كَانَا مكانين فَلَا إِذْ اسْم الْمَكَان لَا يعْمل، وَتَقْدِيره، لَا ملْجأ مِنْك إِلَى أحد إلاَّ إِلَيْك، وَلَا منجأ إلاَّ إِلَيْك.
قَوْله: (آمَنت بكتابك) أَي: صدقت أَنه كتابك.
وَقَوله: (الَّذِي أنزلت) صفته، وَضمير الْمَفْعُول مَحْذُوف، وَالْمرَاد بِالْكتاب الْقُرْآن، وَإِنَّمَا خصص الْكتاب بِالصّفةِ لتنَاوله جَمِيع الْكتب المنزّلة فَإِن قيل أَيْن الْعُمُوم هَهُنَا حَتَّى يَجِيء التخصص قلت الْمُفْرد الْمُضَاف يقيدد الْعُمُوم لِأَن الْمعرفَة.
بِالْإِضَافَة كالمعرف بِاللَّامِ يحْتَمل الْجِنْس والاستغراق والعهد، فَلفظ الْكتاب الْمُضَاف هَاهُنَا يحْتَمل لجَمِيع الْكتب ولجنس الْكتب ولبعضها كالقرآن، وَقَالُوا: جَمِيع المعارف كَذَلِك وَقد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: رَحمَه الله تَعَالَى فِي قَوْله تَعَالَى: { إِن الَّذين كفرُوا سَوَاء عَلَيْهِم} (سُورَة الْبَقَرَة: 6) فِي أول الْبَقَرَة: يجوز أَن يكون للْعهد، وَأَن يُرَاد بهم نَاس بأعيانهم، كَأبي جهل وَأبي لَهب والوليد بن الْمُغيرَة وأضرابهم، وَأَن يكون للْجِنْس متناولاً مِنْهُم كل من صمم على كفره انْتهى.
قلت: التَّحْقِيق أَن الْجمع الْمُعَرّف تَعْرِيف الْجِنْس مَعْنَاهُ جمَاعَة الأحاد، وَهِي أَعم من أَن يكون جَمِيع الْآحَاد أَو بَعْضهَا، فَهُوَ إِذا أطلق احْتمل الْعُمُوم والاستغراق، وَاحْتمل الْخُصُوص، وَالْحمل على وَاحِد مِنْهُمَا يتَوَقَّف على الْقَرِينَة كَمَا فِي الْمُشْتَرك، هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ، وَصَاحب (الْمِفْتَاح) وَمن تبعهما وَهُوَ خلاف مَا ذهب إِلَيْهِ أَئِمَّة الْأُصُول.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام.
مِنْهَا مَا قَالَه الْخطابِيّ: فِيهِ: حجَّة لمن منع رِوَايَة الحَدِيث بِالْمَعْنَى، وَهُوَ قَول ابْن سِيرِين وَغَيره، وَكَانَ يذهب هَذَا الْمَذْهَب: أَبُو الْعَبَّاس النَّحْوِيّ، وَيَقُول: مَا من لَفظه من الْأَلْفَاظ المتناظرة فِي كَلَامهم إلاَّ وَبَينهَا وَبَين صاحبتها فرق، وَإِن دق ولطف كَقَوْلِه: بلَى وَنعم قلت: هَذَا الْبابُُ فِيهِ خلاف بَين الْمُحدثين، وَقد عرف فِي مَوْضِعه، وَلَكِن لَا حجَّة فِي هَذَا للمانعين لِأَنَّهُ يحْتَمل الْأَوْجه الَّتِي ذَكرنَاهَا بِخِلَاف غَيره.
وَمِنْهَا مَا قَالَه ابْن بطال: فِيهِ أَن الْوضُوء عِنْد النّوم مَنْدُوب إِلَيْهِ مَرْغُوب فِيهِ، وَكَذَلِكَ الدُّعَاء، لِأَنَّهُ قد تقبض روحه فِي نَومه فَيكون قد ختم عمله بِالْوضُوءِ وَالدُّعَاء الَّذِي هُوَ أفضل الْأَعْمَال، ثمَّ إِن هَذَا الْوضُوء مُسْتَحبّ وَإِن كَانَ متوضئاً كَفاهُ ذَلِك الْوضُوء، لِأَن الْمَقْصُود النّوم على طَهَارَة مَخَافَة أَن يَمُوت فِي ليلته، وَيكون أصدق لرؤياه وَأبْعد من تلعب الشَّيْطَان بِهِ فِي مَنَامه.
وَمِنْهَا: النّوم على الشق الْأَيْمن لِأَن النَّبِي، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، كَانَ يحب التَّيَامُن، وَلِأَنَّهُ أسْرع إِلَى الانتباه..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: وَأَقُول: وَإِلَى انحدار الطَّعَام كَمَا هُوَ مَذْكُور فِي الْكتب الطّيبَة.
قلت: الَّذِي ذكره الْأَطِبَّاء خلاف هَذَا فَإِنَّهُم قَالُوا النّوم على الْأَيْسَر روح للبدن وَأقرب إِلَى انهضام الطَّعَام، وَلَكِن اتِّبَاع السّنة أَحَق وَأولى.
وَمِنْهَا: ذكر الله تَعَالَى لتَكون خَاتِمَة عمله ذَلِك اللَّهُمَّ اختم لنا بِالْخَيرِ.