هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
244 حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
244 حدثنا عبد الله بن يوسف ، قال : أخبرنا مالك ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا اغتسل من الجنابة ، بدأ فغسل يديه ، ثم يتوضأ كما يتوضأ للصلاة ، ثم يدخل أصابعه في الماء ، فيخلل بها أصول شعره ، ثم يصب على رأسه ثلاث غرف بيديه ، ثم يفيض الماء على جلده كله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،  عن عَائِشَةَ ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الجَنَابَةِ ، بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي المَاءِ ، فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ، ثُمَّ يُفِيضُ المَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ .

Narrated `Aisha:

Whenever the Prophet (ﷺ) took a bath after Janaba he started by washing his hands and then performed ablution like that for the prayer. After that he would put his fingers in water and move the roots of his hair with them, and then pour three handfuls of water over his head and then pour water all over his body.

00248 Aicha, l’épouse du Prophète a dit : « En se lavant pour enlever la janâba (la janâba est l’état d’impureté), le Prophète commençait par les deux mains puis faisait des ablutions similaires à celles qu’il faisait d’habitude pour la prière. Il introduisait ensuite ses doigts dans l’eau et se mettait à les passer à travers les racines des cheveux. Après quoi, par trois fois, il prenait l’eau dans ses deux mains et la versait sur la tête. Enfin, il répandait l’eau sur toute sa peau.  

":"ہم سے عبداللہ بن یوسف نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہمیں مالک نے ہشام سے خبر دی ، وہ اپنے والد سے ، وہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم کی زوجہ مطہرہ حضرت عائشہ رضی اللہ عنہا سے روایت کرتے ہیں کہنبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم جب غسل فرماتے تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم پہلے اپنے دونوں ہاتھ دھوتے پھر اسی طرح وضو کرتے جیسا نماز کے لیے آپ صلی اللہ علیہ وسلم وضو کیا کرتے تھے ۔ پھر پانی میں اپنی انگلیاں داخل فرماتے اور ان سے بالوں کی جڑوں کا خلال کرتے ۔ پھر اپنے ہاتھوں سے تین چلو سر پر ڈالتے پھر تمام بدن پر پانی بہا لیتے ۔

00248 Aicha, l’épouse du Prophète a dit : « En se lavant pour enlever la janâba (la janâba est l’état d’impureté), le Prophète commençait par les deux mains puis faisait des ablutions similaires à celles qu’il faisait d’habitude pour la prière. Il introduisait ensuite ses doigts dans l’eau et se mettait à les passer à travers les racines des cheveux. Après quoi, par trois fois, il prenait l’eau dans ses deux mains et la versait sur la tête. Enfin, il répandait l’eau sur toute sa peau.  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [248] .

     قَوْلُهُ  كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ أَيْ شرع فِي الْفِعْل وَمن فِي قَوْلِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ سَبَبِيَّةٌ .

     قَوْلُهُ  بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَسْلُهُمَا لِلتَّنْظِيفِ مِمَّا بِهِمَا مِنْ مُسْتَقْذَرٍ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ تَقْوِيَةُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْغَسْلُ الْمَشْرُوعُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ زِيَادَة بن عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامٍ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ أَيْضًا ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ وَهِيَ زِيَادَةٌ جَلِيلَةٌ لِأَنَّ بِتَقْدِيمِ غَسْلِهِ يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ مَسِّهِ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ .

     قَوْلُهُ  كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ احْتِرَازٌ عَنِ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً بِحَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَعَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِغَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ عَنْ إِعَادَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ عُضْوٍ وَإِنَّمَا قَدَّمَ غَسْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَشْرِيفًا لَهَا وَلِتَحْصُلَ لَهُ صُورَةُ الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الدَّاوُدِيُّ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ يُقَدِّمُ غَسْلَ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ عَلَى تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ لَكِنْ بِنِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَة وَنقل بن بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ مَعَ الْغُسْلِ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَنُوبُ عَنِ الْوُضُوءِ لِلْمُحْدِثِ .

     قَوْلُهُ  فَيُخَلِّلُ بِهَا أَيْ بِأَصَابِعِهِ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ وَلِمُسْلِمٍ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ بن عُيَيْنَةَ ثُمَّ يُشَرِّبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ .

     قَوْلُهُ  أُصُولَ الشَّعْرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أُصُولُ شَعْرِهِ أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ يُخَلِّلُ بِهَا شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ فَيُتْبِعُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى تَخْلِيلِ شَعْرِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ إِمَّا لِعُمُومِ قَوْلِهِ أُصُولَ الشَّعْرِ وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ وَفَائِدَةُ التَّخْلِيلِ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ وَمُبَاشَرَةُ الشَّعْرِ بِالْيَدِ لِيَحْصُلَ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَتَأْنِيسُ الْبَشَرَةِ لِئَلَّا يُصِيبَهَا بِالصَّبِّ مَا تَتَأَذَّى بِهِ ثُمَّ هَذَا التَّخْلِيلُ غَيْرُ وَاجِبٍ اتِّفَاقًا إِلَّا إِنْ كَانَ الشَّعْرُ مُلَبَّدًا بِشَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى أُصُولِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ ثُمَّ يُدْخِلُ إِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَمَا قَبْلَهُ مَذْكُورٌ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَهُوَ الْأَصْلُ لِإِرَادَةِ اسْتِحْضَارِ صُورَةِ الْحَالِ لِلسَّامِعِينَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثَ غُرَفٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ غُرْفَةٍ وَهِيَ قَدْرُ مَا يُغْرَفُ مِنَ الْمَاءِ بِالْكَفِّ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ ثَلَاثَ غُرُفَاتٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّثْلِيثِ فِي الْغُسْلِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا مَا تَفَرَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيّ فَإِنَّهُ قَالَ لايستحب التَّكْرَارُ فِي الْغُسْلِ.

.

قُلْتُ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَحَمَلَ التَّثْلِيثَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ الْآتِيَةِ قَرِيبًا فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا أَنَّ كُلَّ غُرْفَةٍ كَانَتْ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الرَّأْسِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَيْمُونَةَ زِيَادَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يُفِيضُ أَيْ يُسِيلُ وَالْإِفَاضَةُ الْإِسَالَةُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الدَّلْكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ أَفَاضَ بِمَعْنَى غَسَلَ وَالْخِلَافُ فِي الْغَسْلِ قَائِمٌ.

.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي وُضُوءِ الْغُسْلِ ذِكْرُ التَّكْرَارِ.

.

قُلْتُ بَلْ وَرَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَنَابَةِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ هَذَا التَّأْكِيدُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَمَّمَ جَمِيعَ جسده بِالْغسْلِ بعد مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَنَّ الْوُضُوءَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْوِي الْمُغْتَسِلُ الْوُضُوءَ إِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَسُنَّةُ الْغسْل وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث علىاستحباب إِكْمَالِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ إِلَى فَرَاغِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهَا كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو مُعَاوِيَةَ دُونَ أَصْحَابِ هِشَامٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هِيَ غَرِيبَةٌ صَحِيحَةٌ.

.

قُلْتُ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ مَقَالٌ نَعَمْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدُ الطَّيَالِسِيُّ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْغُسْلِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَإِذَا فَرَغَ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فإَمَّا أَنْ تُحْمَلَ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ أَيْ أَكْثَرُهُ وَهُوَ مَا سِوَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِرِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ أَيْ أَعَادَ غَسْلَهُمَا لِاسْتِيعَابِ الْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ غَسَلَهُمَا فِي الْوُضُوءِ فَيُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [248] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.
[الحديث طرفاه في: 262، 272] .
وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) الإمام ( عن هشام) هو ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .
( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا اغتسل) أي إذا أراد أن يغتسل ( من الجنابة) أي لأجلها فمن سببية ( بدأ فغسل يديه) قبل الشروع في الوضوء والغسل لأجل التنظيف مما بهما من مستقذر أو لقيامه من النوم، ويدل عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام قبل أن يدخلهما في الإناء رواه الترمذي، وزاد أيضًا ثم يغسل فرجه وكذا لمسلم وهي زيادة حسنة لأن تقديم غسله يحصل به إلا من مسّه في أثناء الغسل، ( ثم يتوضأ) ولأبي ذر ثم توضأ ( كما يتوضأ للصلاة) ظاهره أنه يتوضأ وضوءًا كاملاً وهو مذهب الشافعي ومالك.
وقال الفاكهاني في شرح العمدة: وهو المشهور، وقيل يؤخر غسل قدميه إلى ما بعد الغسل لحديث ميمونة الآتي إن شاء الله تعالى، وللمالكية قول ثالث وهو إن كان موضعه وسخًا أخّر وإلا فلا، وعند الحنفية إن كان في مستنقع يؤخر وإلاّ فلا ثم إن ظاهره مشروعية التكرار ثلاثًا وهو كذلك، لكن قال عياض: إنه لم يأت في شيء من وضوء الجنب ذكر التكرار، وقد قال بعض شيوخنا إن التكرار في الغسل لا فضيلة فيه.
وأجيب: بأن إحالتها على وضوء الصلاة تقتضيها ولا يلزم من أنه لا فضيلة في عمل الغسل أن لا تكون في وضوئه، ومن شيوخنا من كان يفتي سائله بالتكرار وكان غيره يفتي بتركه قاله أبو عبد الله الأبي.
( ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها) أي بأصابعه التي أدخلها في الماء ( أصول شعره) أي شعر رأسه كما يدل عليه رواية حماد بن سلمة عن هشام يخلل بها شق رأسه الأيمن، فيتبع بها أصول الشعر ثم يفعل بشقه الأيسر، كذلك رواه البيهقي وللمستملي والحموي أصول الشعر بالتعريف والحكمة في هذا تليين الشعر وترطيبه ليسهل مرور الماء عليه ويكون أبعد من الإسراف في الماء.
وفى المهذب يخلل اللحية أيضًا، وأوجب المالكية والحنفية تخليل شعر المغتسل لقوله عليه الصلاة والسلام "خللوا الشعر وأنقوا البشرة فإن تحت كل شعرة جنابة" ( ثم يصب على رأسه ثلاث غرف) من الماء ( بيديه) استدل به على مشروعية التثليث وهو سُنّة عند الشافعية كالوضوء فيغسل رأسه ثلاثًا بعد تخليله في كل مرة ثم شقّه الأيمن ثلاثًا ثم شقه الأيسر ثلاثًا، وقال الباجي من المالكية: والثلاث يحتمل أنها لما جاء من التكرار وإنها مبالغة لإتمام الغسل إذ قد لا تكفي الواحدة، وخصّ الشيخ خليل الثلاث بالرأس، وقوله: غرف جمع غرفة بالضم وهي ملء الكف، وللأصيلي غرفات وهي الأصل في مميز الثلاثة لأنه جمع قلة فغرف حينئذ من إقامة جمع الكثرة موضع القلة أو أنه جمع قلة عند الكوفيين كعشر سور وثماني حجج، ( ثم يفيض) عليه الصلاة والسلام أي يسيل ( الماء على جلده كله) أكده بلفظ الكل ليدل على أنه عمّ جميع جسده بالغسل بعدما تقدم، وفيه دلالة على أن الوضوء قبل الغسل سُنّة مستقلة ولا يفهم منه الدلك وهو مستحب عند الشافعية والحنفية والحنابلة، وأوجبه المالكية في المشهور عندهم، وقيل: واجب لا لنفسه، واحتج ابن بطال للوجوب بالإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها، فيجب ذلك في الغسل قياسًا لعدم الفرق بينهما.
وأجيب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع وانتفت الملازمة.
ورواة هذاالحديث الخمسة ما بين تنيسي وكوفي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة وأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [248] حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قالَ أخبرنَا مالِكُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا اغْتَسَل مِنَ الجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأ كمَا يَتَوَضأُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ يُدْخِلِ أَصَابَعَهُ فِي الماءِ فَيُحَلِّلُ بِها أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَث غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الماءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.
مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة طَاهِرَة ذكر رِجَاله ولطائف إِسْنَاده فرجا لَهُ خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا فِي كتاب الْوَحْي، وَعبد الله هُوَ التنيسِي، وَأَبُو هِشَام هُوَ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَفِيه التحديث صِيغَة الْجمع فِي مَوضِع والإحبار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاث مَوَاضِع.
وَفِيه: التنيسِي والكوفي.
والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا مثله فِي الطَّهَارَة، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام فَذكره، وَفِي آخِره.
(ثمَّ غسل رجلَيْهِ) قَالَ وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن هِشَام وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمْ، غسل الرجلَيْن وَعند مُسلم، (فيفرغ بِيَمِينِهِ على مَاله شِمَاله فَيغسل فرجه) وَعند ابْن خُزَيْمَة وَيصب من الْإِنَاء على يَده الْيُمْنَى فيفرغ عَلَيْهَا فيغسلها، ثمَّ يصب على شِمَاله فَيغسل فرجه وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة، وَنحن نحث على رأْسنا ثَلَاث حثيات أَو قَالَت: ثَلَاثَة غرفات) وَفِي (الْمُوَطَّأ) سُئِلت عَن غسل الْمَرْأَة فَقَالَت لتحفن على رَأسهَا ثَلَاث حفنات، ولتضغث رَأسهَا بِيَدِهَا يَعْنِي تضمه وتجمعه وتعمه بِيَدِهَا لتدخله المَاء وَعند الْبَزَّار (كَانَ يخلل رَأسه مرَّتَيْنِ فِي غسل الْجَنَابَة) وَعند أبي دَاوُد من حَدِيث رجل مِمَّن سَأَلَهُ عَنْهَا (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يغسل رَأسه الخطمي وَهُوَ جنب يجتزىء بذلك وَلَا يصب عَلَيْهِ المَاء) .
وَفِي لفظ: (حَتَّى إِذا رأى أَنه قد أصَاب الْبشرَة) ، أَو أنقى الْبشرَة، أفرغ على رَأسه ثَلَاثًا، وَإِذا فضلت فضلَة صبها عَلَيْهِ) وَعند الطوسي مصححاً.
(ثمَّ يشرب شعره المَاء ثمَّ يحثي على رَأسه ثَلَاث حثيات) وَفِي لفظ: (ثمَّ غسل مرافقه وأفاض عَلَيْهِ المَاء فَإِذا أنقاهما أَهْوى إِلَى حَائِط ثمَّ يسْتَقْبل الْوضُوء ثمَّ يفِيض المَاء على رَأسه) ، وَفِي لفظ: (إِن شِئْتُم لأريكم أثر يَده فِي الْحَائِط حَيْثُ كَانَ يغْتَسل من الْجَنَابَة) وَعند ابْن مَاجَه: (كَانَ يفِيض على كفيه ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يدخلهَا الْإِنَاء، ثمَّ يغسل رَأسه ثَلَاث مَرَّات، وَأما نَحن فنغسل رؤوسنا خمس مرَارًا من أجل الضفر) .
ذكر لغاته وَإِعْرَابهومعانيه قَوْله: (كَانَ إِذا اغْتسل) أَي: كَانَ إِذا الثَّانِي: راد أَن يغْتَسل، وَكلمَة من فِي قَوْله: (من الْجَنَابَة) سبيبة يَعْنِي لأجل الْجَنَابَة فَإِن قلت: لم ذكر فِي ثَلَاث مَوَاضِع وَاضع بِلَفْظ الْمَاضِي وَهِي قَوْله: (بَدَأَ) و (فَغسل) و (ثمَّ تَوَضَّأ) وَذكر الْبَوَاقِي بِلَفْظ الْمُضَارع وَهِي قَوْله: (يدْخل) و (فيخال) و (يصب وَيفِيض) .
قلت: النُّكْتَة فِيهِ أَن إِذا كَانَت شَرْطِيَّة الْمَاضِي بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل، وَالْكل مُسْتَقْبل معنى، وَأما الِاخْتِلَاف فِي اللَّفْظ فللإشعار بِالْفرقِ بِمَا هُوَ خَارج من الْغسْل وَمَا لَيْسَ كذكل، وَإِن كَانَتَا ظرفية فَمَا جَاءَ مَاضِيا فَهُوَ على أَصله، وَعدل عَن الأَصْل إِلَى الْمُضَارع لاستحضار صورته للسامعين.
قَوْله: (بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ) هَذَا الْغسْل يحْتَمل وَجْهَيْن: الأول: أَن يكون لأجل التَّنْظِيف مِمَّا بِهِ يكره.
الثَّانِي: أَن يكون هُوَ الْغسْل الْمَشْرُوع عِنْد الْقيام من النّوم، وَيشْهد لَهُ مَا فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة فِي هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام.
(قبل أَن يدخلهما فِي الْإِنَاء) .
قَوْله: (كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة) احْتَرز بِهِ عَن الْوضُوء اللّغَوِيّ الَّذِي هُوَ غسل الْيَدَيْنِ فَقَط.
فَإِن قلت: روى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يمسح رَأسه فِي هَذَا الْوضُوء، وَهُوَ خلاف مَا فِي الحَدِيث.
قلت: الصَّحِيح فِي الْمَذْهَب أَنه يمسحها، نَص عَلَيْهِ فِي (الْمَبْسُوط) لِأَنَّهُ أتم للْغسْل.
قَوْله: (فيخلل بهَا) أَي بأصابعه الَّتِي أدخلها فِي المَاء قَوْله: (أصُول الشّعْر) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أصُول شعره، أَي شعر رَأسه، وتدل عَلَيْهِ رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام: (يحلل بهَا شقّ رَأسه الْأَيْمن فَيتبع بهَا أصُول الشّعْر، ثمَّ يفعل بشق رَأسه الْأَيْسَر) كَذَلِك رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ.
قَوْله: (ثَلَاث غرف) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة، جمع غرفَة بِالضَّمِّ أَيْضا، وَهِي قدر مَا يغْرف من المَاء بالكف، وَفِي بعض النّسخ: غرفات وَالْأول رِوَايَة الْكشميهني، وَهَذَا هُوَ الْأَصَح لِأَن مُمَيّز الثَّلَاثَة يَنْبَغِي أَن يكون من جموع الْقلَّة، وَلَكِن وَجه ذكر: الغرف، أَن جمع الْكَثْرَة يقوم مقَام جمع الْقلَّة وَبِالْعَكْسِ، وَعند الْكُوفِيّين.
فعل: بِضَم الْفَاء وَكسرهَا من بَاب جموع الْقلَّة: لقَوْله تَعَالَى: { فَأتوا بِعشر سور} (سُورَة هود: 13) وَقَوله تَعَالَى: { وَثَمَانِية حجج} (سُورَة الْقَصَص: 27) قَوْله: (ثمَّ يفِيض) أَي: يسيل من الْإِفَاضَة وَهِي الإسالة.
قَوْله: (على جلده كُله) هَذَا التَّأْكِيد بِلَفْظ، الْكل، يدل على أَنه عمم جَمِيع جسده بِالْغسْلِ.
بَيَان استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: أَن قَوْله (كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يدل على الْمُلَازمَة والتكرار فَدلَّ ذَلِك على اسْتِحْبَاب غسل يَدَيْهِ قبل الشُّرُوع فِي الْوضُوء، وَالْغسْل إِلَّا إِذا كَانَ عَلَيْهَا شَيْء مِمَّا يجب إِزَالَته فَحِينَئِذٍ يكون وَاجِبا.
وَمِنْهَا: أَن تَقْدِيم الْوضُوء قبل الْغسْل سنة، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ عَن قريب.
وَمِنْهَا: أَن ظَاهر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة) يدل على أَنه لَا يؤخلا غسل رجلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَح من قَول لشافعي.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يُؤَخر عملا بِظَاهِر حَدِيث ميمونه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، كَمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَله قَول ثَالِث: إِن كَانَ الْموضع نظيفاً فَلَا يُؤَخر، وَإِن كَانَ وسخاً أَو المَاء قَلِيلا أخر جمعا بَين الْأَحَادِيث، وَعند أَصْحَابنَا إِن كَانَ فِي مستنقع المَاء يُؤَخر وإلاَّ فَلَا وَهُوَ مَذْهَب مَالك أَيْضا.
وَمِنْهَا: التَّخْلِيل فِي شعر الرَّأْس واللحية لظَاهِر قَوْله: (فيخلل أصُول الشّعْر) وَهُوَ وَاجِب عِنْد أَصْحَابنَا، وَسنة فِي الْوضُوء، وَعند الشَّافِعِيَّة وَاجِب فِي قَول: وَسنة فِي قَول.
وَقيل: وَاجِب فِي الرَّأْس وَفِي اللِّحْيَة قَولَانِ للماليكة، فروى ابْن الْقَاسِم عدم الْوُجُوب، وروى أَشهب الْوُجُوب، وَنقل ابْن بطال فِي بَاب: تَخْلِيل الشّعْر، الْإِجْمَاع على تَخْلِيل شعر الرَّأْس، وقاسوا اللِّحْيَة عَلَيْهَا.
وَمِنْهَا: أَنه يصب على رَأسه ثَلَاث غرف بيدَيْهِ كَمَا هُوَ فِي الحَدِيث، وَعَن الشَّافِعِيَّة اسْتِحْبَاب ذَلِك فِي الرَّأْس، وَبَاقِي الْجَسَد مثله..
     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيّ والقرطبي من الماليكة: لَا يسْتَحبّ التَّثْلِيث فِي الْغسْل،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: لَا يفهم من هَذِه الثَّلَاث أَنه غسل رَأسه ثَلَاث مَرَّات، لِأَن التّكْرَار فِي الْغسْل غير مَشْرُوع لما فِي ذَلِك من الْمَشَقَّة، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك الْعدَد لِأَنَّهُ بَدَأَ بِجَانِب رَأسه الْأَيْمن ثمَّ الْأَيْسَر ثمَّ على وسط رَأسه، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نحوالحلاب، فَأخذ بكفه فَبَدَأَ بشق رَأسه الْأَيْمن ثمَّ الْأَيْسَر ثمَّ أَخذ بكفيه، فَقَالَ بهما على رَأسه) رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد على مَا يَجِيء.
وَمِنْهَا: أَن قَوْلهَا (ثمَّ يفِيض المَاء على جلده كُله) لَا يفهم مِنْهُ الدَّلْك، وَهُوَ مُسْتَحبّ عندنَا وَعند الشَّافِعِي وَعند أَحْمد وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَخَالف مَالك والمزني فذهبا إِلَى وُجُوبه بِالْقِيَاسِ على الوضو،.

     وَقَالَ  ابْن بطال وَهَذَا لَازم.
قلت: لَيْسَ بِلَازِم، إِذْ لَا نسلم وجوب الدَّلْك فِي الْوضُوء وَمِنْهَا جَوَاز إِدْخَال الْأَصَابِع فِي المَاء.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( قَولُهُ بَابُ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ)
أَيِ اسْتِحْبَابِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الْأُمِّ فَرَضَ اللَّهُ تَعَالَى الْغُسْلَ مُطْلَقًا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ شَيْئًا يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ شَيْءٍ فَكَيْفَمَا جَاءَ بِهِ الْمُغْتَسِلُ أَجْزَأَهُ إِذَا أَتَى بِغَسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَالِاخْتِيَارُ فِي الْغُسْلِ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ الْبَابِ عَنْ مَالِكٍ بِسَنَدِهِ وَهُوَ فِي الْمُوَطَّأ كَذَلِك قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ هُوَ مِنْ أَحْسَنِ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ.

.

قُلْتُ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ وَهُوَ بن عُرْوَةَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ غَيْرُ مَالِكٍ كَمَا سَنُشِيرُ إِلَيْهِ

[ قــ :244 ... غــ :248] .

     قَوْلُهُ  كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ أَيْ شرع فِي الْفِعْل وَمن فِي قَوْلِهِ مِنَ الْجَنَابَةِ سَبَبِيَّةٌ .

     قَوْلُهُ  بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ غَسْلُهُمَا لِلتَّنْظِيفِ مِمَّا بِهِمَا مِنْ مُسْتَقْذَرٍ وَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ تَقْوِيَةُ ذَلِكَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْغَسْلُ الْمَشْرُوعُ عِنْدَ الْقِيَامِ مِنَ النَّوْمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ زِيَادَة بن عُيَيْنَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ هِشَامٍ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي الْإِنَاءِ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَزَادَ أَيْضًا ثُمَّ يَغْسِلُ فَرْجَهُ وَكَذَا لِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ رِوَايَةِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ هِشَامٍ وَهِيَ زِيَادَةٌ جَلِيلَةٌ لِأَنَّ بِتَقْدِيمِ غَسْلِهِ يَحْصُلُ الْأَمْنُ مِنْ مَسِّهِ فِي أَثْنَاءِ الْغُسْلِ .

     قَوْلُهُ  كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ احْتِرَازٌ عَنِ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الِابْتِدَاءُ بِالْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً بِحَيْثُ يَجِبُ غَسْلُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ مَعَ بَقِيَّةِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِغَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ عَنْ إِعَادَتِهِ وَعَلَى هَذَا فَيَحْتَاجُ إِلَى نِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ فِي أَوَّلِ عُضْوٍ وَإِنَّمَا قَدَّمَ غَسْلَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ تَشْرِيفًا لَهَا وَلِتَحْصُلَ لَهُ صُورَةُ الطَّهَارَتَيْنِ الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى وَإِلَى هَذَا جَنَحَ الدَّاوُدِيُّ شَارِحُ الْمُخْتَصَرِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ فَقَالَ يُقَدِّمُ غَسْلَ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ عَلَى تَرْتِيبِ الْوُضُوءِ لَكِنْ بِنِيَّةِ غُسْلِ الْجَنَابَة وَنقل بن بَطَّالٍ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ لَا يَجِبُ مَعَ الْغُسْلِ وَهُوَ مَرْدُودٌ فَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ أَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَغَيْرُهُمَا إِلَى أَنَّ الْغُسْلَ لَا يَنُوبُ عَنِ الْوُضُوءِ لِلْمُحْدِثِ .

     قَوْلُهُ  فَيُخَلِّلُ بِهَا أَيْ بِأَصَابِعِهِ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي الْمَاءِ وَلِمُسْلِمٍ ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَاءَ فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ الشَّعْرِ وَلِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ بن عُيَيْنَةَ ثُمَّ يُشَرِّبُ شَعْرَهُ الْمَاءَ .

     قَوْلُهُ  أُصُولَ الشَّعْرِ وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أُصُولُ شَعْرِهِ أَيْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ رِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامٍ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ يُخَلِّلُ بِهَا شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنَ فَيُتْبِعُ بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ ثُمَّ يَفْعَلُ بِشِقِّ رَأْسِهِ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ احْتَجَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى تَخْلِيلِ شَعْرِ الْجَسَدِ فِي الْغُسْلِ إِمَّا لِعُمُومِ قَوْلِهِ أُصُولَ الشَّعْرِ وَإِمَّا بِالْقِيَاسِ عَلَى شَعْرِ الرَّأْسِ وَفَائِدَةُ التَّخْلِيلِ إِيصَالُ الْمَاءِ إِلَى الشَّعْرِ وَالْبَشَرَةِ وَمُبَاشَرَةُ الشَّعْرِ بِالْيَدِ لِيَحْصُلَ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَتَأْنِيسُ الْبَشَرَةِ لِئَلَّا يُصِيبَهَا بِالصَّبِّ مَا تَتَأَذَّى بِهِ ثُمَّ هَذَا التَّخْلِيلُ غَيْرُ وَاجِبٍ اتِّفَاقًا إِلَّا إِنْ كَانَ الشَّعْرُ مُلَبَّدًا بِشَيْءٍ يَحُولُ بَيْنَ الْمَاءِ وَبَيْنَ الْوُصُولِ إِلَى أُصُولِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يُدْخِلُ إِنَّمَا ذَكَرَهُ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ وَمَا قَبْلَهُ مَذْكُورٌ بِلَفْظِ الْمَاضِي وَهُوَ الْأَصْلُ لِإِرَادَةِ اسْتِحْضَارِ صُورَةِ الْحَالِ لِلسَّامِعِينَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثَ غُرَفٍ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ جَمْعُ غُرْفَةٍ وَهِيَ قَدْرُ مَا يُغْرَفُ مِنَ الْمَاءِ بِالْكَفِّ ولِلْكُشْمِيهَنِيِّ ثَلَاثَ غُرُفَاتٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ التَّثْلِيثِ فِي الْغُسْلِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا إِلَّا مَا تَفَرَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيّ فَإِنَّهُ قَالَ لايستحب التَّكْرَارُ فِي الْغُسْلِ.

.

قُلْتُ وَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ السِّنْجِيُّ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ وَكَذَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَحَمَلَ التَّثْلِيثَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ عَلَى رِوَايَةِ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ الْآتِيَةِ قَرِيبًا فَإِنَّ مُقْتَضَاهَا أَنَّ كُلَّ غُرْفَةٍ كَانَتْ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِ الرَّأْسِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ مَيْمُونَةَ زِيَادَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ يُفِيضُ أَيْ يُسِيلُ وَالْإِفَاضَةُ الْإِسَالَةُ وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ لَمْ يَشْتَرِطِ الدَّلْكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ أَفَاضَ بِمَعْنَى غَسَلَ وَالْخِلَافُ فِي الْغَسْلِ قَائِمٌ.

.

قُلْتُ وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

     وَقَالَ  الْقَاضِي عِيَاضٌ لَمْ يَأْتِ فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي وُضُوءِ الْغُسْلِ ذِكْرُ التَّكْرَارِ.

.

قُلْتُ بَلْ وَرَدَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ أَخْرَجَهَا النَّسَائِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا وَصَفَتْ غُسْلَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْجَنَابَةِ الْحَدِيثَ وَفِيهِ ثُمَّ يَتَمَضْمَضُ ثَلَاثًا وَيَسْتَنْشِقُ ثَلَاثًا وَيَغْسِلُ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا .

     قَوْلُهُ  عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ هَذَا التَّأْكِيدُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَمَّمَ جَمِيعَ جسده بِالْغسْلِ بعد مَا تَقَدَّمَ وَهُوَ يُؤَيِّدُ الِاحْتِمَالَ الْأَوَّلَ أَنَّ الْوُضُوءَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ قَبْلَ الْغُسْلِ وَعَلَى هَذَا فَيَنْوِي الْمُغْتَسِلُ الْوُضُوءَ إِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَإِلَّا فَسُنَّةُ الْغسْل وَاسْتدلَّ بِهَذَا الحَدِيث علىاستحباب إِكْمَالِ الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَلَا يُؤَخِّرُ غَسْلَ الرِّجْلَيْنِ إِلَى فَرَاغِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِهَا كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ وَهَذَا هُوَ الْمَحْفُوظُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَكِنْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فَقَالَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تَفَرَّدَ بِهَا أَبُو مُعَاوِيَةَ دُونَ أَصْحَابِ هِشَامٍ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ هِيَ غَرِيبَةٌ صَحِيحَةٌ.

.

قُلْتُ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ مَقَالٌ نَعَمْ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدُ الطَّيَالِسِيُّ فَذَكَرَ حَدِيثَ الْغُسْلِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ فَإِذَا فَرَغَ غَسَلَ رِجْلَيْهِ فإَمَّا أَنْ تُحْمَلَ الرِّوَايَاتُ عَنْ عَائِشَةَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهَا وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ أَيْ أَكْثَرُهُ وَهُوَ مَا سِوَى الرِّجْلَيْنِ أَوْ يُحْمَلَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَيُسْتَدَلُّ بِرِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَلَى جَوَازِ تَفْرِيقِ الْوُضُوءِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  فِي رِوَايَةِ أَبِي مُعَاوِيَةَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ أَيْ أَعَادَ غَسْلَهُمَا لِاسْتِيعَابِ الْغَسْلِ بَعْدَ أَنْ كَانَ غَسَلَهُمَا فِي الْوُضُوءِ فَيُوَافِقُ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ الْبَابِ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  بسم الله الرحمن الرحيم
قالَ البخاري - رحمه الله تعالى -:
كِتَابُ الغُسْلِ
وقول الله تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة:6] إلى قوله: { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] .
وقوله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء:43] ، إلى قوله: { عَفُوّاً غَفُوراً} [النساء:43] .
صدر البخاري - رحمه الله - ((كتاب الغسل)) بهاتين الآيتين؛ لأن غسل الجنابة مذكور فيهما.
أما قوله تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} ، فأمر للجنب إذا قام إلى الصلاة أن يتطهر.
وتطهر الجنب هوَ غسله، كما في تطهر الحائض إذا انقطع دمها؛ ولهذا قالَ تعالى: { وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنّ} [البقرة: 222] .
والمراد بتطهرهن: اغتسالهن عندَ جمهور العلماء، فلا يباح وطؤها حتى تغتسل، وسيأتي تفسير الآية في ((كتاب الحيض)) - إن شاء الله تعالى.
وأما قوله تعالى: { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] ، فنهي عن قربان الجنب الصلاة حتى يغتسل، فصرح هنا بالغسل، وهو تفسير التطهير المذكور في آية المائدة.
وهل المراد: نهي الجنب عن قربان الصلاة حتى يغتسل، إلا أن يكون مسافراً - وهو عابر السبيل - فيعدم الماء، فيصلى بالتيمم؟ أو المراد: نهي الجنب عن قربان موضع الصلاة - وهو المسجد - إلا عابر سبيل فيهِ، غير جالس فيهِ، ولا لابث؟ هذا مما اختلف فيهِ المفسرون من السلف.
وبكل حال؛ فالآية تدل على أن الجنب ما لم يغتسل منهي عن الصلاة، أو دخول المسجد، وأن استباحة ذَلِكَ يتوقف على الغسل، فيستدل به على وجوب الغسل على الجنب إذا أراد الصلاة، أو دخول المسجد.


بَابُ الْوُضُوء قَبْلَ الغُسْلِ
خرج في حديثين:
الحديث الأول:
[ قــ :244 ... غــ :248 ]
- حديث: مالك، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا أغتسل من الجنابة بدأ بغسل يديه، ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، ثم يدخل أصابعه في الماء، فيخلل بها أصول شعره، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات بيديه، ثم يفيض الماء على جلده كله.

غسل اليدين قبل الوضوء شبه غسلهما للمتوضيء قبل إدخالهما في الإناء.

وروى هذا الحديث وكيع، عن هشام، وقال في حديثه: ((يغسل يديه ثلاثاً)) .

خرجه مسلم من طريقه كذلك.

واستحسن أحمد هذه الزيادة من وكيع.
وقال أبو الفضل ابن عمار: ليست عندنا بمحفوظة.

قلت: تابعه - أيضا - على ذكر الثلاث في غسل الكفين: مبارك بن فضالة، عن هشام.

خرج حديثه ابن جرير الطبري.

ومبارك، ليس بالحافظ.

وكذلك رواها ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عائشة.

وقد رويت - أيضا - من حديث أبي سلمة، عن عائشة، وسيأتي حديثه.

وقد روي، أنه غسلهما قبل الاستنجاء، ثم استنجى، ثم دلكهما بالأرض، ثم غسلهما قبل الوضوء مرتين أو ثلاثاً، وسيأتي ذَلِكَ فيما بعد - إن شاء الله تعالى.

وقول عائشة: ((ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة)) يدل على أنه توضأ وضوءاً كاملاً، قبل غسل رأسه وجسده.

وروى أبو معاوية الضرير هذا الحديث، عن هشام، وزاد في آخر الحديث:
((ثم غسل رجليه)) .

خرجه مسلم.

وتابعه عليها محمد بن [كناسة] ، عن هشام.

خرج حديثه أبو بكر عبد العزيز بن جعفر في ((كتاب الشافعي)) .
وذكر أبو الفظل ابن عمار: أن هذه الزيادة ليست بمحفوظة.

قلت: ويدل على أنها غير محفوظة عن هشام: أن أيوب روى هذا الحديث عن هشام، وقال فيهِ: ((فقلت لهشام: يغسل رجليه بعد ذَلِكَ؟ فقالَ: وضوءه للصلاة، وضوءه للصلاة.

أي: أن وضوءه في الأول كاف.

ذكره ابن عبد البر.

وهذا يدل على أن هشاما فهم من الحديث أن وضوءه قبل الغسل كانَ كاملا بغسل الرجلين، فلذلك لم يحتج إلى إعادة غسلهما.

وقد روى حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد أن يغتسل من الجنابة يغسل يديه ثلاثاً، ثم يأخذ بيمينه فيصب على شماله، فيغسل فرجه حتى ينقيه، ثم يغسل يده غسلا حسنا، ثم يمضمض ثلاثاً ويستنشق ثلاثاً، ويغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم يصب على رأسه الماء ثلاثاً، ثم يغتسل، فإذا خرج غسل قدميه.

خرجه الإمام أحمد، عن عفان، عن حماد.

وخرجه ابن جرير الطبري، من طريق حجاج بن منهال، عن حماد، به.

وفي روايته: ثم يغسل جسده غسلاً، فإذا خرج من مغتسله غسل رجليه.

وخرجه الطبراني في ((الأوسط)) من طريق مؤمل، عن حماد، عن عطاء ابن السائب وعلي بن زيد، عن أبي سلمة، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ إذا اغتسل من جنابة غسل كفيه ثلاثاً قبل أن يغمسهما في الإناء، ثم يأخذ الماء بيمينه فيصبه على شماله، ثم يغسل فرجه، ثم يمتضمض ثلاثاً ويستنشق ثلاثاً، ثم يغسل وجهه ثلاثاً، ويغسل ذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، ثم يصب على رأسه الماء واحداً واحداً، فإذا خرج من مغتسله غسل قدميه.

وخرجه النسائي بمعناه، ولم يذكر غسل رجليه في الآخر، وعنده: أنه صب على رأسه ثلاثاً.

وفي رواية لهُ: ((ملء كفيه)) .

وروى الإمام أحمد: ثنا هشيم: أنا خالد، عن رجل من أهل الكوفة، عن الأسود، عن عائشة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا خرج من مغتسله حيث يغتسل من الجنابة يغسل قدميه.

وروى الأوزاعي، قالَ: حدثني يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة - وحدثني عمرو بن سعد، عن نافع مولى ابن عمر -، أن عمر سأل رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الغسل من الجنابة.

قالَ الأوزاعي: واتفقت الأحاديث على هذا، يبدأ فيفرغ على يده اليمنى مرتين أو ثلاثاً، ثم يدخل يده اليمنى في الإناء، فيصب بها على فرجه، ويده اليسرى على
فرجه، فيغسل ما هنالك حتى ينقيه، ثم يضع اليسرى على التراب إن شاء، ثم يصب على يده اليسرى حتى ينقيها، ثم يغسل يديه ثلاثا ويستنشق ويمضمض ويغسل وجهه وذراعيه ثلاثاً ثلاثاً، حتى إذا بلغ رأسه لم يمسحه، وأفرغ عليهِ الماء، وهكذا كانَ
[غسل] رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيما ذكر لنا.

خرجه النسائي.

وهذا مما رواه الأوزاعي بالمعنى الذي فهمه من حديث عائشة وحديث عمر، وليس هوَ لفظ حديثهما، ولكنه إلى لفظ حديث عمر أقرب؛ فإن حديث عمر روي بمعنى مقارب لما قاله الأوزاعي من غير طريقه.

خرجه الإمام أحمد من طريق شعبة، عن عاصم بن عمرو البجلي، عن رجل حدثه، أنهم سألوا عمر عن غسل الجنابة، وعن صلاة التطوع في البيت، وعما يصلح للرجل من امرأته وهي حائض؟ فقالَ: لقد سألتموني عن شيء ما سألني عنه أحد منذ سألت عنه رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ((صلاة الرجل في بيته تطوعا نور، فمن شاء نور
بيته)) ، وقال - في الغسل من الجنابة -: ((يغسل فرجه، ثم يتوضأ، ثم يفيض على رأسه ثلاثاً)) ، وقال - في الحائض -: ((ما فوق الإزار)) .

وخرجه الإسماعيلي في ((مسند عمر)) ، من طريق أخرى، عن عاصم.
وفي بعض رواياته: ((توضأ وضوءك للصلاة، ثم أفض الماء على رأسك، ثم على جسدك، ثم تنح من مغتسلك فاغسل رجليك))
وفي رواية لهُ: عن عاصم، عن عمير مولى عمر، أن نفراً سألوا عمر - فذكر الحديث، وقال في حديثه -: ((وأما الغسل فتفرغ بشمالك على يمينك، ثم تدخل يدك في الإناء، ثم تغسل فرجك وما أصابك، ثم تفرغ على رأسك ثلاث مرات، تدلك رأسك كل مرة، ثم تغسل سائر جسدك)) .

ورواه ابن أبي ليلى، عن عاصم بن عمر البجلي، عن عمر بن شرحبيل وهو: أبو ميسرة -، عن عمر - وقد ذكر الحديث، وقال فيهِ -: ((وأما الغسل من الجنابة، فصب بيمينك على شمالك واغسلها واغسل فرجك، وتوضأ وضوءك للصلاة، ثم أفض على رأسك وجسدك، ثم تحول فاغسل قدميك)) .

خرجه الإسماعيلي.

وقد فهم الأوزاعي من حديث عمر وعائشة، أن الوضوء يكون ثلاثاً ثلاثاً إلى مسح الرأس، ولا يمسح الرأس، بل يصب عليهِ الماء ثلاث مرات، فيكتفي بغسله للجنابة عن مسحه، ثم يصب الماء على سائر جسده، ويغسل رجليه.

فأما القول باستحباب تثليث الوضوء قبل غسل الجنابة، فقد نص عليهِ سفيان الثوري وإسحاق بن رهوايه وأصحابنا، ولم ينص أحمد إلا على تثليث غسل كفيه ثلاثاً، وعلى تثليث صب الماء على الرأس.
وأما القول بأنه لا يمسح رأسه، بل يصب عليهِ الماء صباً، ويكتفي بذلك عن مسحه وغسله للجنابة، فهذا قد روي صريحاً عن ابن عمر.

ونص عليهِ إسحاق بن راهويه -: نقله عنه حرب.

ونقله أبو داود، عن أحمد.

ونقل عنه، قالَ: لا يغسل رجليه قبل الغسل.

وروي عن ابن عمر، أنه قالَ: توضأ وضوءك للصلاة، إلا رجليك.
وظاهر هذا: أنه يمسح رأسه، ولا يغسل رجليه، وهو قول الثوري وغيره من العلماء.

والاكتفاء بغسل الرأس عن مسحه يدل على أن غسل الرأس في الوضوء يجزىء عن مسحه، لكنه في الوضوء المفرد مكروه، وفي الوضوء المقرون بالغسل غير مكروه.

وذهبت طائفة من العلماء إلى أنه يكمل وضوءه كله، بمسح رأسه، وغسل قدميه قبل الغسل، وهو المشهور عندَ أصحابنا، وهو قول الخلال وصحابه أبي بكر، وهو قول مالك والشافعي في أشهر قوليه؛ لظاهر حديث عائشة الذي خرجه البخاري هاهنا.

وقالوا: حديث عائشة، حكاية عن فعل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الدائم في غسله للجنابة، وأما ميمونة التي روت تأخير غسل رجليه، فإنها حكت غسلة في واقعة عين، ولكن قد تبين أنه روي عن عائشة ما يوافق حديث ميمونة في تأخير غسل القدمين، ولم يأت عنها ولا عن غيرها التصريح بمسح الرأس في الوضوء.

ونص أحمد - في رواية جماعة - على أنه مخير بين تكميل الوضوء أولاً، وبين تأخير غسل الرجلين إلى أن يكمل الغسل.

وحكي للشافعي في تكميل الوضوء أولاً قبل الغسل قولان:
نقل عنه البويطي: تأخير غسل الرجلين.

والأصح عندَ أصحابه: التكميل.

وقال سفيان الثوري: يتوضأ ثلاثاً ثلاثاً إلى أن ينتهي إلى رأسه، فيمسحه مرة، ثم يفيض عيه ثلاثاً، ويبالغ بالماء اصول الشعر، وغسل لحيته وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، ثم يفرغ على سائر جسده من الماء، ثم يتنحى عن مكانه، فيغسل قدميه.

هكذا حكى أصحابه عنه في كتبهم.

والذين قالوا: يكمل وضوءه قبل الغسل، قالوا: لا يعيد غسل قدميه بعده.

قاله إبراهيم النخعي ومسلم بن يسار وهشام بن عروة وأبو الأسود يتيم عروة، ونص عليهِ أحمد.

ومن أصحابنا من قالَ: يستحب إعادة غسل قدميه إذا انتقل من مكانه، تطهيراً لهما وتنظيفاً.

وحكى الترمذي في ((كتابه)) ذَلِكَ عن أهل العلم.

وفيه نظر.

وقد كانَ الشعبي إذا خرج من الحمام يخوض ماء الحمام، ولا يغسل قدميه.

وروى ابن أبي شيبة، عن الأسود بن عامر، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعدما يغتسل يخرج من الكنيف، يغسل قدميه.

وخرجه عنه بقي بن مخلد في ((مسنده)) .

وهو مختصر من حديث صفة الغسل الذي سبق ذكره.

وذكر الكنيف فيهِ غريب.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  كتاب الغسل
وقولِ اللهِ تعالى: { وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6] وقوله جَلَّ ذِكرُه: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء: 43] .
( بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الغسل) هو بفتح الغين أفصح وأشهر من ضمها مصدر غسل وبمعنى الاغتسال، وبكسرها اسم لما يغسل به من سدر وخطمي ونحوهما، وبالضم اسم للماء الذي يغتسل به وهو بالمعنيين الأولين لغة سيلان الماء على الشيء وشرعًا سيلانه على جميع البدن، مع تمييز ما للعبادة عن العادة بالنيّة، ووقع في رواية الأكثر تأخير البسملة عن كتاب الغسل وسقطت من رواية الأصيلي، وعنده باب بدل كتاب وهو أولى لأن الكتاب يجمع أنواعًا، والغسل نوع واحد من أنواع الطهارة وإن كان في نفسه يتعدد.
ثم إن المؤلف افتتح كتاب الغسل بآيتي النساء والمائدة إشعارًا بأن وجوب الغسل على الجنب بنص القرآن فقال: ( وقول الله تعالى) وللأصيلي عز وجل { وإن كنتم جنبًا فاطهّرُوا} أي فاغتسلوا، والجنب الذي أصابته الجنابة يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لأنه يجري مجرى المصدر ( { وإن كنتم مرضى} ) مرضًا يخاف معه من استعمال الماء فإن الواجد له كالفاقد أو مرضًا يمنعه من الوصول إليه قال مجاهد فيما رواه ابن أبي حاتم نزلت في مريض من الأنصار لم يكن له خادم ولم يستطع أن يقوم ويتوضأ، { أو على سفر} طويلاً كان أو قصيرًا لا تجدونه فيه { أو جاء أحد منكم من الغائط} فأحدث بخروج الخارج من أحد السبيلين وأصل الغائط المطمئن من الأرض { أو لامستم النساء} أي ماسستم بشرتهن ببشرتكم، وبه استدل الشافعي على أن اللمس ينقض الوضوء وهو قول ابن مسعود وابن عمر وبعض التابعين، وقيل: أو جامعتموهن وهو قول عليّ، والثابت عن ابن عباس وعن أكثر الصحابة والتابعين { فلم تجدوا ماء} فلم تتمكنوا من استعماله إذ الممنوع عنه كالمفقود، ووجه هذا التقسيم أن المترخص بالتيمم إما محدث أو جنب، والحال المقتضية له في غالب الأمر مرض أو سفر والجنب لما سبق ذكره اقتصر على بيان حاله، والمحدث لما لم يجر ذكره ذكر أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض، واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل حال الجنب وبيان العذر مجملاً، وكأنه قيل: وإن كنتم جنبًا مرضى أو على سفر أو محدثين جئتم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء ( { فتيمموا صعيدًا طيبًا} ) أي اقصدوا ترابًا أو ما يصعد من الأرض طاهرًا أو حلالاً ( { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} ) أي من بعضه، ولذا قال أصحابنا لا بد أن يعلق باليد شيء من التراب ( { ما يريد الله ليجعل عليكم} ) بما فرض من الغسل والوضوء والتيمم ( { من حرج} ) ضيق ( { ولكن يريد ليطهركم} ) من الأحداث والذنوب فإن الوضوء تكفير لها، ( { وليتم نعمته عليكم} ) بيان ما هو مطهرة للقلوب والأبدان عن الآثام والأحداث ( { لعلكم تشكرون} ) [المائدة: 6] نعمتي فأزيدها عليكم.
( وقوله جل ذكره: { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} ) اجتنبوها حال السكر نزلت في جمع من الصحابة شربوا الخمر قبل تحريمها عند ابن عوف وتقدم عليّ للإمامة وقرأ: { قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون} رواه الترمذي وأبو داود، وقال الضحاك عنى به سكر النوم لا سكر الخمر.
( { ولا جنبًا} ) عطف على وأنتم سكارى إذ الجملة في موضع النصب على الحال ( { إلا عابري سبيل} ) مسافرين حين فقد الماء فإنه جائز للجنب حينئذ للصلاة أو المعنى لا تقربوا مواضع الصلاة في حال السكر ولا في حال الجنابة إلا حال العبور فيها فجاز المرور لا اللبث وعليه كلام أكثر السلف ( { حتى تغتسلوا} ) من الجنابة ( { وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طيبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} ) استدل به الحنفية على أنه لو ضرب المتيمم يده على حجر صلد ومسح أجزأه ( { إن الله كان عفوًّا غفورًا} ) [النساء: 43] يسهل ولا يعسر كذا ساق الآيتين بتمامهما في الفرع، وعند ابن عساكر ( { فتيمموا} ) إلى قوله: ( { وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون} ) وفي رواية ( { وإن كنتم جنبًا فاطهروا} ) الآية، وفي رواية أبي ذر عن الكشميهني والأصيلي { وإن كنتم جنبًا فاطهروا} إلى قوله: { لعلكم تشكرون} وفي رواية { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة} الآية إلى قوله: { إن الله كان عفوًّا غفورًا} ولأبوي ذر والوقت والأصيلي { يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى} إلى قوله: { عفوًّا غفورًا} .

باب الْوُضُوءِ قَبْلَ الْغُسْلِ
( باب) سنّة ( الوضوء قبل الغسل) بفتح الغين وضمها على ما سبق، وإنما قدّم الوضوء على الغسل لفضل أعضاء الوضوء، ولا يحتاج إلى إفراد هذا الوضوء بنيّة كما قاله الرافعي بناء على اندراجه في الغسل زاد في الروضة.

قلت: المختار أنه إن تجردت جنابته عن الحدث نوى بوضوئه سُنَّة الغسل، وإن اجتمعا نوى به رفع الحدث الأصغر، وقال المالكية: ينوي به رفع حدث الجنابة عن تلك الأعضاء ولو نوى الفضيلة وجب عليه إعادة غسلها.



[ قــ :244 ... غــ : 248 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ إِذَا اغْتَسَلَ مِنَ الْجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا يَتَوَضَّأُ لِلصَّلاَةِ، ثُمَّ يُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي الْمَاءِ فَيُخَلِّلُ بِهَا أُصُولَ شَعَرِهِ، ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثَ غُرَفٍ بِيَدَيْهِ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.
[الحديث 248 - طرفاه في: 262، 272] .

وبه قال: ( حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي ( قال: أخبرنا مالك) الإمام ( عن هشام) هو ابن عروة ( عن أبيه) عروة بن الزبير بن العوام ( عن عائشة زوج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) .

( أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا اغتسل) أي إذا أراد أن يغتسل ( من الجنابة) أي لأجلها فمن سببية ( بدأ فغسل يديه) قبل الشروع في الوضوء والغسل لأجل التنظيف مما بهما من مستقذر أو لقيامه من النوم، ويدل عليه زيادة ابن عيينة في هذا الحديث عن هشام قبل أن يدخلهما في الإناء رواه الترمذي، وزاد أيضًا ثم يغسل فرجه وكذا لمسلم وهي زيادة حسنة لأن تقديم غسله يحصل به إلا من مسّه في أثناء الغسل، ( ثم يتوضأ) ولأبي ذر ثم توضأ ( كما يتوضأ للصلاة) ظاهره أنه يتوضأ وضوءًا كاملاً وهو مذهب الشافعي ومالك.
وقال الفاكهاني في شرح العمدة: وهو المشهور، وقيل يؤخر غسل قدميه إلى ما بعد الغسل لحديث ميمونة الآتي إن شاء الله تعالى، وللمالكية قول ثالث وهو إن كان موضعه وسخًا أخّر وإلا فلا، وعند الحنفية إن كان في مستنقع يؤخر وإلاّ فلا ثم إن ظاهره مشروعية التكرار ثلاثًا وهو كذلك، لكن قال عياض: إنه لم يأت في شيء من وضوء الجنب ذكر التكرار، وقد قال بعض شيوخنا إن التكرار في الغسل لا فضيلة فيه.
وأجيب: بأن إحالتها على وضوء الصلاة تقتضيها ولا يلزم من أنه لا فضيلة في عمل الغسل أن لا تكون في وضوئه، ومن شيوخنا من كان يفتي سائله بالتكرار وكان غيره يفتي بتركه قاله أبو عبد الله الأبي.

( ثم يدخل أصابعه في الماء فيخلل بها) أي بأصابعه التي أدخلها في الماء ( أصول شعره) أي شعر رأسه كما يدل عليه رواية حماد بن سلمة عن هشام يخلل بها شق رأسه الأيمن، فيتبع بها أصول الشعر ثم يفعل بشقه الأيسر، كذلك رواه البيهقي وللمستملي والحموي أصول الشعر بالتعريف

والحكمة في هذا تليين الشعر وترطيبه ليسهل مرور الماء عليه ويكون أبعد من الإسراف في الماء.

وفى المهذب يخلل اللحية أيضًا، وأوجب المالكية والحنفية تخليل شعر المغتسل لقوله عليه الصلاة والسلام "خللوا الشعر وأنقوا البشرة فإن تحت كل شعرة جنابة" ( ثم يصب على رأسه ثلاث غرف) من الماء ( بيديه) استدل به على مشروعية التثليث وهو سُنّة عند الشافعية كالوضوء فيغسل رأسه ثلاثًا بعد تخليله في كل مرة ثم شقّه الأيمن ثلاثًا ثم شقه الأيسر ثلاثًا، وقال الباجي من المالكية: والثلاث يحتمل أنها لما جاء من التكرار وإنها مبالغة لإتمام الغسل إذ قد لا تكفي الواحدة، وخصّ الشيخ خليل الثلاث بالرأس، وقوله: غرف جمع غرفة بالضم وهي ملء الكف، وللأصيلي غرفات وهي الأصل في مميز الثلاثة لأنه جمع قلة فغرف حينئذ من إقامة جمع الكثرة موضع القلة أو أنه جمع قلة عند الكوفيين كعشر سور وثماني حجج، ( ثم يفيض) عليه الصلاة والسلام أي يسيل ( الماء على جلده كله) أكده بلفظ الكل ليدل على أنه عمّ جميع جسده بالغسل بعدما تقدم، وفيه دلالة على أن الوضوء قبل الغسل سُنّة مستقلة ولا يفهم منه الدلك وهو مستحب عند الشافعية والحنفية والحنابلة، وأوجبه المالكية في المشهور عندهم، وقيل: واجب لا لنفسه، واحتج ابن بطال للوجوب بالإجماع على وجوب إمرار اليد على أعضاء الوضوء عند غسلها، فيجب ذلك في الغسل قياسًا لعدم الفرق بينهما.
وأجيب بأن جميع من لم يوجب الدلك أجازوا غمس اليد للمتوضئ من غير إمرار فبطل الإجماع وانتفت الملازمة.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين تنيسي وكوفي وفيه التحديث والإخبار والعنعنة وأخرجه مسلم والنسائي وأبو داود.


هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  (كتاب الغسْلِ)
بِسم الله الرحمن الرَّحِيم
أَي: هَذَا كتاب فِي بَيَان أَحْكَام الْغسْل، هُوَ بِضَم الْغَيْن لِأَنَّهُ اسْم للاغتسال، وَهُوَ: إسالة المَاء وإمراه على الْجِسْم، وبفتح الْغَيْن مصدر.
وَفِي (الْمُحكم) غسل الشَّيْء يغسلهُ غسلا وغسلاً، وَهَذَا لم يفرق بَين الْفَتْح وَالضَّم وَجعل كِلَاهُمَا مصدرا وَغَيره يَقُول بِالْفَتْح مصدر، وبالضم اسْم، وبالكسر اسْم لما يَجْعَل مَعَ المَاء كالأسنان وَنَحْوه، وَوَقع فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ: بَاب الْغسْل وَهَذَا أوجه لِأَن الْكتاب يجمع الْأَنْوَاع وَالْغسْل نوع وَاحِد من أَنْوَاع الطَّهَارَة وَإِن كَانَ فِي نَفسه يَتَعَدَّد: وَكَذَا حذفت الْبَسْمَلَة فِي رِوَايَة الْأصيلِيّ وَفِي رِوَايَة غَيره الْبَسْمَلَة.
ثمَّ كتاب الْغسْل.
ثمَّ إِنَّه لما فرغ من بَيَان الطَّهَارَة الصُّغْرَى بأنواعها شرع فِي بَيَان الطَّهَارَة الْكُبْرَى بأنواعها، وَتَقْدِيم الصُّغْرَى ظَاهر لِكَثْرَة دوراتها بِخِلَاف الْكُبْرَى.
وَقَول اللَّهِ تَعَالَى { وَأَنْ كُنْتُمْ جُنُباً فاطَّهَّرُوا وَإِنْ تتُمْ مَرْضَى إِوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعيِداً طَيِباً فامْسَحُوا بِوُوجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يِرِيدُ اللَّهُ ليَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدْ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَلَلَّكُمْ تَشْكَرُونَ} .
وقوْلِهِ جَلَّ ذِكْرُهُ { يَا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عَابِرِي سَبيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وإنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ علَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمْ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءَ فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِباً فامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إنَّ اللَّهَ كانَ عَفُواً غَفُوراً} (سُورَة النِّسَاء: 43) .
افْتتح كتاب الْغسْل بالآيتين الكريمتين إشعاراً بِأَن وجوب الْغسْل على الْجنب بِنَصّ الْقُرْآن قَوْله تَعَالَى: { وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا} (سُورَة الْمَائِدَة: 6) أَي: إغسلوا أبدانكم على وَجه الْمُبَالغَة، وَالْجنب يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِد والإثنان وَالْجمع والمذكر والمؤنث لِأَنَّهُ اسْم جرى مجْرى الْمصدر الَّذِي هُوَ الإجناب، يُقَال: أجنب يجنب إجناباً، والجنابة الِاسْم، وَهُوَ فِي اللُّغَة الْبعد، وَسمي الْإِنْسَان جنبا لِأَنَّهُ نهي أَن يقرب من مَوَاضِع الصَّلَاة مَا لم يتَطَهَّر، وَيجمع على أجناب وجنبين.
وَقَوله: { فاطهروا} الْقَاعِدَة تَقْتَضِي أَن يكون أَصله، تطهروا فَلَمَّا قصدُوا الْإِدْغَام قلبت التَّاء طاء فأدغم فِي الطَّاء، واجتلبت همزَة الْوَصْل، وَمَعْنَاهُ: طهروا أبدانكم.
قلت: أَصله من بَاب التفعل ليدل على التَّكَلُّف والاعتمال، وَكَذَلِكَ بَاب الافتعال يدل عَلَيْهِ، نَحْو: اطهر أَصله من: طهر يطهر، فَنقل طهر، إِلَى بَاب الافتعال، فَصَارَ: أطهر، على وزن افتعل فقلبت التَّاء طاء وأدغمت الطَّاء فِي الطَّاء وَفِيه من التَّكَلُّف مَا لَيْسَ فِي طهر، وَتَمام الْآيَة { وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيد الله ليجعل عَلَيْكُم من حرج وَلَكِن يُرِيد ليطهركم وليتم نعْمَته عَلَيْكُم لَعَلَّكُمْ تشكرون} (سُورَة النِّسَاء:) وفيهَا من الْأَحْكَام مَا استنبط مِنْهَا الْفُقَهَاء على مَا عرف فِي مَوْضِعه.
وَالْآيَة الثَّانِيَة فِي سُورَة النِّسَاء.
{ يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا لَا تقربُوا الصَّلَاة وَأَنْتُم سكارى حَتَّى تعلمُوا مَا تَقولُونَ وَلَا جنبا إلاَّ عابري سَبِيل حَتَّى تغتسلوا وَإِن كُنْتُم مرضى أَو على سفر أَو جَاءَ أحد مِنْكُم من الْغَائِط أَو لامستم النِّسَاء فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وَأَيْدِيكُمْ إِن الله كَانَ عفوا غَفُورًا} (سُورَة النِّسَاء: 2) قَوْله: { وَلَا جنبا إِلَّا عابري سَبِيل حَتَّى تغتسلوا} (سُورَة النِّسَاء: 43) يدل على فَرضِيَّة الِاغْتِسَال من الْجَنَابَة، فَقَالَ بَعضهم: قدم الْآيَة الَّتِي من سرة الْمَائِدَة على الْآيَة الَّتِي من سُورَة النِّسَاء لدقيقة.
وَهِي أَن لَفظه.
{ فاطهروا} (سُورَة الْمَائِدَة: 6) الَّتِي فِي الْمَائِدَة فِيهَا إجنال وَلَفظه { } حَتَّى تغتسلوا الَّتِي فِي النِّسَاء فِيهَا تَصْرِيح بالاغتسال، وَبَيَان للتطهر الْمَذْكُور.
قلت: لَا إِجْمَال فِي { فاطهروا} لِأَن معنى { فاطهروا} أغسلوا أبدانكم كَمَا ذكرنَا، وتطهر الْبدن هُوَ الِاغْتِسَال فَلَا إِجْمَال لَا لُغَة وَلَا اصْطِلَاحا على مَا لَا يخفى.

(بابُُ الوُضوءِ قَبْلَ الغُسْلِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان حكم الْوضُوء قبل أَن يشرع فِي الِاغْتِسَال، هَل هُوَ وَاجِب أَو مُسْتَحبّ أم سنة؟.

     وَقَالَ  بَعضهم: بابُُ الْوضُوء قبل الْغسْل، أَي: اسْتِحْبابُُه قَالَ الشَّافِعِي فِي (الْأُم) فرض الله تَعَالَى الْغسْل مُطلقًا لم يذكر فِيهِ شَيْئا يبْدَأ بِهِ قبل شَيْء فكيفما جَاءَ بِهِ المغتسل أَجزَأَهُ إِذا أَتَى بِغسْل جَمِيع بدنه.
انْتهى قلت: إِن كَانَ النَّص مُطلقًا وَلم يذكر فِيهِ شَيْئا يبْدَأ بِهِ فعائشة رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، ذكرت عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَانَ يتَوَضَّأ كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة قبل غسله فَيكون سنة غير وَاجِب.
أما كَونه سنة فلفعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَأما كَونه غير وَاجِب فَلِأَنَّهُ يدْخل فِي الْغسْل، كالحائض إِذا اجنبت يكفيها غسل وَاحِد، وَمِنْهُم من أوجبه إِذا كَانَ مُحدثا قبل الْجَنَابَة..
     وَقَالَ  دَاوُد: يجب الْوضُوء وَالْغسْل فِي الْجَنَابَة الْمُجَرَّدَة بِأَن أَتَى الْغُلَام أَو الْبَهِيمَة أَو لف ذكره بِخرقَة فَأنْزل، وَفِي أحد قولي الشَّافِعِي: يلْزمه الْوضُوء فِي الْجَنَابَة مَعَ الْحَدث، وَفِي قَوْله الآخر: يقْتَصر على الْغسْل لَكِن يلْزم أَن يَنْوِي الْحَدث والجنابة، وَفِي قَول: يَكْفِي نِيَّة الْغسْل، وَمِنْهُم من أوجب الْوضُوء بعد الْغسْل، وَأنْكرهُ عَليّ وَابْن مَسْعُود، رَضِي الله عَنْهُمَا، وَعَن عَائِشَة قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يتَوَضَّأ بعد الْغسْل) رَوَاهُ مُسلم وَالْأَرْبَعَة.



[ قــ :244 ... غــ :248 ]
- حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ بنُ يُوسُفَ قالَ أخبرنَا مالِكُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كانَ إذَا اغْتَسَل مِنَ الجَنَابَةِ بَدَأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأ كمَا يَتَوَضأُ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ يُدْخِلِ أَصَابَعَهُ فِي الماءِ فَيُحَلِّلُ بِها أُصُولَ شَعْرِهِ ثُمَّ يَصُبُّ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَث غُرَفٍ بِيَدَيْهِ ثُمَّ يُفِيضُ الماءَ عَلَى جِلْدِهِ كُلِّهِ.

مُطَابقَة الحَدِيث للتَّرْجَمَة طَاهِرَة ذكر رِجَاله ولطائف إِسْنَاده فرجا لَهُ خَمْسَة كلهم قد ذكرُوا فِي كتاب الْوَحْي، وَعبد الله هُوَ التنيسِي، وَأَبُو هِشَام هُوَ عُرْوَة بن الزبير بن الْعَوام، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم، وَفِيه التحديث صِيغَة الْجمع فِي مَوضِع والإحبار كَذَلِك فِي مَوضِع وَاحِد.
وَفِيه: العنعنة فِي ثَلَاث مَوَاضِع.
وَفِيه: التنيسِي والكوفي.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ أَيْضا مثله فِي الطَّهَارَة، وَأخرجه مُسلم من حَدِيث أبي مُعَاوِيَة عَن هِشَام فَذكره، وَفِي آخِره.
(ثمَّ غسل رجلَيْهِ) قَالَ وَرَوَاهُ جمَاعَة عَن هِشَام وَلَيْسَ فِي حَدِيثهمْ، غسل الرجلَيْن وَعند مُسلم، (فيفرغ بِيَمِينِهِ على مَاله شِمَاله فَيغسل فرجه) وَعند ابْن خُزَيْمَة وَيصب من الْإِنَاء على يَده الْيُمْنَى فيفرغ عَلَيْهَا فيغسلها، ثمَّ يصب على شِمَاله فَيغسل فرجه وَيتَوَضَّأ وضوءه للصَّلَاة، وَنحن نحث على رأْسنا ثَلَاث حثيات أَو قَالَت: ثَلَاثَة غرفات) وَفِي (الْمُوَطَّأ) سُئِلت عَن غسل الْمَرْأَة فَقَالَت لتحفن على رَأسهَا ثَلَاث حفنات، ولتضغث رَأسهَا بِيَدِهَا يَعْنِي تضمه وتجمعه وتعمه بِيَدِهَا لتدخله المَاء وَعند الْبَزَّار (كَانَ يخلل رَأسه مرَّتَيْنِ فِي غسل الْجَنَابَة) وَعند أبي دَاوُد من حَدِيث رجل مِمَّن سَأَلَهُ عَنْهَا (أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يغسل رَأسه الخطمي وَهُوَ جنب يجتزىء بذلك وَلَا يصب عَلَيْهِ المَاء) .
وَفِي لفظ: (حَتَّى إِذا رأى أَنه قد أصَاب الْبشرَة) ، أَو أنقى الْبشرَة، أفرغ على رَأسه ثَلَاثًا، وَإِذا فضلت فضلَة صبها عَلَيْهِ) وَعند الطوسي مصححاً.
(ثمَّ يشرب شعره المَاء ثمَّ يحثي على رَأسه ثَلَاث حثيات) وَفِي لفظ: (ثمَّ غسل مرافقه وأفاض عَلَيْهِ المَاء فَإِذا أنقاهما أَهْوى إِلَى حَائِط ثمَّ يسْتَقْبل الْوضُوء ثمَّ يفِيض المَاء على رَأسه) ، وَفِي لفظ: (إِن شِئْتُم لأريكم أثر يَده فِي الْحَائِط حَيْثُ كَانَ يغْتَسل من الْجَنَابَة) وَعند ابْن مَاجَه: (كَانَ يفِيض على كفيه ثَلَاث مَرَّات ثمَّ يدخلهَا الْإِنَاء، ثمَّ يغسل رَأسه ثَلَاث مَرَّات، وَأما نَحن فنغسل رؤوسنا خمس مرَارًا من أجل الضفر) .

ذكر لغاته وَإِعْرَابه ومعانيه قَوْله: (كَانَ إِذا اغْتسل) أَي: كَانَ إِذا الثَّانِي: راد أَن يغْتَسل، وَكلمَة من فِي قَوْله: (من الْجَنَابَة) سبيبة يَعْنِي لأجل الْجَنَابَة فَإِن قلت: لم ذكر فِي ثَلَاث مَوَاضِع وَاضع بِلَفْظ الْمَاضِي وَهِي قَوْله: (بَدَأَ) و (فَغسل) و (ثمَّ تَوَضَّأ) وَذكر الْبَوَاقِي بِلَفْظ الْمُضَارع وَهِي قَوْله: (يدْخل) و (فيخال) و (يصب وَيفِيض) .
قلت: النُّكْتَة فِيهِ أَن إِذا كَانَت شَرْطِيَّة الْمَاضِي بِمَعْنى الْمُسْتَقْبل، وَالْكل مُسْتَقْبل معنى، وَأما الِاخْتِلَاف فِي اللَّفْظ فللإشعار بِالْفرقِ بِمَا هُوَ خَارج من الْغسْل وَمَا لَيْسَ كذكل، وَإِن كَانَتَا ظرفية فَمَا جَاءَ مَاضِيا فَهُوَ على أَصله، وَعدل عَن الأَصْل إِلَى الْمُضَارع لاستحضار صورته للسامعين.
قَوْله: (بَدَأَ فَغسل يَدَيْهِ) هَذَا الْغسْل يحْتَمل وَجْهَيْن: الأول: أَن يكون لأجل التَّنْظِيف مِمَّا بِهِ يكره.
الثَّانِي: أَن يكون هُوَ الْغسْل الْمَشْرُوع عِنْد الْقيام من النّوم، وَيشْهد لَهُ مَا فِي رِوَايَة ابْن عُيَيْنَة فِي هَذَا الحَدِيث عَن هِشَام.
(قبل أَن يدخلهما فِي الْإِنَاء) .
قَوْله: (كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة) احْتَرز بِهِ عَن الْوضُوء اللّغَوِيّ الَّذِي هُوَ غسل الْيَدَيْنِ فَقَط.
فَإِن قلت: روى الْحسن عَن أبي حنيفَة أَنه لَا يمسح رَأسه فِي هَذَا الْوضُوء، وَهُوَ خلاف مَا فِي الحَدِيث.
قلت: الصَّحِيح فِي الْمَذْهَب أَنه يمسحها، نَص عَلَيْهِ فِي (الْمَبْسُوط) لِأَنَّهُ أتم للْغسْل.
قَوْله: (فيخلل بهَا) أَي بأصابعه الَّتِي أدخلها فِي المَاء قَوْله: (أصُول الشّعْر) وَفِي رِوَايَة الْكشميهني: أصُول شعره، أَي شعر رَأسه، وتدل عَلَيْهِ رِوَايَة حَمَّاد بن سَلمَة عَن هِشَام: (يحلل بهَا شقّ رَأسه الْأَيْمن فَيتبع بهَا أصُول الشّعْر، ثمَّ يفعل بشق رَأسه الْأَيْسَر) كَذَلِك رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ.
قَوْله: (ثَلَاث غرف) بِضَم الْغَيْن الْمُعْجَمَة، جمع غرفَة بِالضَّمِّ أَيْضا، وَهِي قدر مَا يغْرف من المَاء بالكف، وَفِي بعض النّسخ: غرفات وَالْأول رِوَايَة الْكشميهني، وَهَذَا هُوَ الْأَصَح لِأَن مُمَيّز الثَّلَاثَة يَنْبَغِي أَن يكون من جموع الْقلَّة، وَلَكِن وَجه ذكر: الغرف، أَن جمع الْكَثْرَة يقوم مقَام جمع الْقلَّة وَبِالْعَكْسِ، وَعند الْكُوفِيّين.
فعل: بِضَم الْفَاء وَكسرهَا من بابُُ جموع الْقلَّة: لقَوْله تَعَالَى: { فَأتوا بِعشر سور} (سُورَة هود: 13) وَقَوله تَعَالَى: { وَثَمَانِية حجج} (سُورَة الْقَصَص: 27) قَوْله: (ثمَّ يفِيض) أَي: يسيل من الْإِفَاضَة وَهِي الإسالة.
قَوْله: (على جلده كُله) هَذَا التَّأْكِيد بِلَفْظ، الْكل، يدل على أَنه عمم جَمِيع جسده بِالْغسْلِ.

بَيَان استنباط الْأَحْكَام مِنْهَا: أَن قَوْله (كَانَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) يدل على الْمُلَازمَة والتكرار فَدلَّ ذَلِك على اسْتِحْبابُُ غسل يَدَيْهِ قبل الشُّرُوع فِي الْوضُوء، وَالْغسْل إِلَّا إِذا كَانَ عَلَيْهَا شَيْء مِمَّا يجب إِزَالَته فَحِينَئِذٍ يكون وَاجِبا.
وَمِنْهَا: أَن تَقْدِيم الْوضُوء قبل الْغسْل سنة، وَقد ذكرنَا الْخلاف فِيهِ عَن قريب.
وَمِنْهَا: أَن ظَاهر قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: (كَمَا يتَوَضَّأ للصَّلَاة) يدل على أَنه لَا يؤخلا غسل رجلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَح من قَول لشافعي.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه يُؤَخر عملا بِظَاهِر حَدِيث ميمونه رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، كَمَا يَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَله قَول ثَالِث: إِن كَانَ الْموضع نظيفاً فَلَا يُؤَخر، وَإِن كَانَ وسخاً أَو المَاء قَلِيلا أخر جمعا بَين الْأَحَادِيث، وَعند أَصْحَابنَا إِن كَانَ فِي مستنقع المَاء يُؤَخر وإلاَّ فَلَا وَهُوَ مَذْهَب مَالك أَيْضا.
وَمِنْهَا: التَّخْلِيل فِي شعر الرَّأْس واللحية لظَاهِر قَوْله: (فيخلل أصُول الشّعْر) وَهُوَ وَاجِب عِنْد أَصْحَابنَا، وَسنة فِي الْوضُوء، وَعند الشَّافِعِيَّة وَاجِب فِي قَول: وَسنة فِي قَول.
وَقيل: وَاجِب فِي الرَّأْس وَفِي اللِّحْيَة قَولَانِ للماليكة، فروى ابْن الْقَاسِم عدم الْوُجُوب، وروى أَشهب الْوُجُوب، وَنقل ابْن بطال فِي بابُُ: تَخْلِيل الشّعْر، الْإِجْمَاع على تَخْلِيل شعر الرَّأْس، وقاسوا اللِّحْيَة عَلَيْهَا.
وَمِنْهَا: أَنه يصب على رَأسه ثَلَاث غرف بيدَيْهِ كَمَا هُوَ فِي الحَدِيث، وَعَن الشَّافِعِيَّة اسْتِحْبابُُ ذَلِك فِي الرَّأْس، وَبَاقِي الْجَسَد مثله..
     وَقَالَ  الْمَاوَرْدِيّ والقرطبي من الماليكة: لَا يسْتَحبّ التَّثْلِيث فِي الْغسْل،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: لَا يفهم من هَذِه الثَّلَاث أَنه غسل رَأسه ثَلَاث مَرَّات، لِأَن التّكْرَار فِي الْغسْل غير مَشْرُوع لما فِي ذَلِك من الْمَشَقَّة، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِك الْعدَد لِأَنَّهُ بَدَأَ بِجَانِب رَأسه الْأَيْمن ثمَّ الْأَيْسَر ثمَّ على وسط رَأسه، كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، قَالَت: (كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا اغْتسل من الْجَنَابَة دَعَا بِشَيْء نحوالحلاب، فَأخذ بكفه فَبَدَأَ بشق رَأسه الْأَيْمن ثمَّ الْأَيْسَر ثمَّ أَخذ بكفيه، فَقَالَ بهما على رَأسه) رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَبُو دَاوُد على مَا يَجِيء.
وَمِنْهَا: أَن قَوْلهَا (ثمَّ يفِيض المَاء على جلده كُله) لَا يفهم مِنْهُ الدَّلْك، وَهُوَ مُسْتَحبّ عندنَا وَعند الشَّافِعِي وَعند أَحْمد وَبَعض الْمَالِكِيَّة وَخَالف مَالك والمزني فذهبا إِلَى وُجُوبه بِالْقِيَاسِ على الوضو،.

     وَقَالَ  ابْن بطال وَهَذَا لَازم.
قلت: لَيْسَ بِلَازِم، إِذْ لَا نسلم وجوب الدَّلْك فِي الْوضُوء وَمِنْهَا جَوَاز إِدْخَال الْأَصَابِع فِي المَاء.