هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2511 وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَالْحَسَنُ الْحُلْوَانِيُّ ، قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ مُسَاوِرٍ الْوَرَّاقِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي ، وَفِي رِوَايَةِ الْحُلْوَانِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ جَعْفَرَ بْنَ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ ، وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ ، قَدْ أَرْخَى طَرَفَيْهَا بَيْنَ كَتِفَيْهِ ، وَلَمْ يَقُلْ أَبُو بَكْرٍ : عَلَى الْمِنْبَرِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2511 وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، والحسن الحلواني ، قالا : حدثنا أبو أسامة ، عن مساور الوراق ، قال : حدثني ، وفي رواية الحلواني ، قال : سمعت جعفر بن عمرو بن حريث ، عن أبيه ، قال : كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، وعليه عمامة سوداء ، قد أرخى طرفيها بين كتفيه ، ولم يقل أبو بكر : على المنبر
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، على المنبر وعليه عمامة سوداء.
قد أرخى طرفيها بين كتفيه.
ولم يقل -في رواية-: على المنبر.



المعنى العام

مكة بلد من بلاد الله، يعيش الناس فيها كما يعيشون في البلاد الأخرى، ويدخلها غير أهلها لمصالحهم المختلفة غير الحج والعمرة كما يدخلون البلاد الأخرى، ويخرج أهلها منها إلى غيرها، ويعودون إليها، كما يفعل أهل البلاد الأخرى، فهل حرمتها وقدسيتها وأماكن الشعائر بها تحتم على الداخل إليها أياً كان غرضه من دخولها أن يدخلها محرماً بحج أو عمرة؟.

وهل حرمتها وقدسية كعبتها تعيذ العاصي الذي يلتجئ إليها؟.

هذا أهم ما تتعرض له هذه الأحاديث ، ولئن اختلف الفقهاء في تلك المسائل فإن ظاهر هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها يوم الفتح غير محرم، صرح بذلك جابر بن عبد الله رضي الله عنه وكذلك دخل المسلمون الفاتحون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إحرام، فهل كان هذا قراراً شرعياً، وحكماً ثابتاً ليوم القيامة؟ أو كان ضرورة من ضرورات الشرع أباحت المحظور، فأحلت القدسية ذاك اليوم، ثم عادت حرمتها وقدسيتها، ووجوب الإحرام لداخلها؟ خلاف، وفي خلافهم هذا رحمة إن شاء الله.

المباحث العربية

( وعلى رأسه مغفر) المغفر بكسر الميم وسكون الغين وفتح الفاء زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس، وقيل هو رفرف البيضة وقيل هو ما يجعل من فضل دروع الحديد على الرأس مثل القلنسوة وفي رواية للحاكم عليه مغفر من حديد.

( فلما نزعه جاءه رجل) قال الحافظ ابن حجر لم أقف على اسمه، وقد جزم الفاكهي في شرح العمدة أنه أبو برزة الأسلمي، وكأنه لما رجح عنده أنه الذي تولى قتل ابن خطل رأى أنه هو الذي جاء يخبر به.
ويؤيده ما جاء في بعض الروايات بلفظ اقتله وفي الرواية الثانية والثالثة دخل يوم الفتح وعليه عمامة سوداء وقد زعم الحاكم في الإكليل أن بين الروايتين معارضة، وتعقب باحتمال أن يكون أول دخوله كان على رأسه المغفر، ثم نزعه ولبس العمامة بعد ذلك فحكى كل من أنس وجابر ما رآه، ويؤيده ما جاء في الرواية الرابعة والخامسة أنه خطب الناس وعليه عمامة سوداء، وكانت الخطبة عند باب الكعبة بعد تمام الدخول.
وجمع بعضهم باحتمال أن يكون قد لف العمامة السوداء فوق المغفر، أو كانت تحت المغفر وقاية لرأسه من صدأ الحديد، فعبر كل منهما بما يوحي بقصده، أنس قصد بذكر المغفر أنه دخل متهيئاً للحرب، وجابر قصد بذكر العمامة أنه دخل غير محرم.

( ابن خطل متعلق بأستار الكعبة؟ فقال اقتلوه) ابن خطل بفتح الخاء وفتح الطاء، واسمه عبد العزى وقيل اسمه عبد الله وجمع بين القولين بأنه كان يسمى عبد العزى فلما أسلم سمي عبد الله واسم خطل عبد مناف، من بني تيم ابن فهر بن غالب، ولم يؤمنه صلى الله عليه وسلم كما أمن أهل مكة لأنه كان مسلماً، فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً وبعث معه رجلاً من الأنصار، ورجلاً من مزينة، وقال أطيعا الأنصاري حتى ترجعا، فقتل ابن خطل الأنصاري، وهرب المزني، ثم ارتد مشركاً، واتخذ جاريتين قينتين، تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه يوم الفتح مع آخرين، وقال اقتلوه، وإن وجد متعلقاً بأستار الكعبة.

وقد روى الحاكم أن ابن خطل أخذ من تحت أستار الكعبة، فقتل بين المقام وزمزم واختلف فيمن قتله، ويجمع بين الروايات بأنهم ابتدروه ليقتلوه، فكان المباشر لقتله أبو برزة الأسلمي، ويحتمل أن الآخرين شاركوه.

( فقال مالك: نعم) أي نعم حدثني.
قال النووي جاء في الصحيحين في مواضع كثيرة مثل هذه العبارة، ولا يقول في آخره قال نعم.
واختلف العلماء في اشتراط قوله نعم.
فقال بعض الشافعية وبعض أهل الظاهر لا يصح السماع إلا بها، وقال جماهير العلماء من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول يستحب قوله نعم.
ولا يشترط نطقه بشيء، بل يصح السماع مع سكوته والحالة هذه، اكتفاء بظاهر الحال، فإنه لا يجوز لمكلف أن يقر على الخطأ في مثل هذه الحالة.
قال القاضي هذا مذهب العلماء كافة، ومن قال من السلف نعم.
إنما قاله توكيداً واحتياطاً، لا اشتراطاً.

( كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفيها بين كتفيه) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا وغيرها طرفيها بالتثنية، وكذا هو في الجمع بين الصحيحين للحميدي، وذكر القاضي عياض أن الصواب المعروف طرفها بالإفراد، وأن بعضهم رواه طرفيها بالتثنية.

فقه الحديث

قال النووي في الحديث دليل لمن يقول بجواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد نسكاً، سواء كان دخوله لحاجة تكرر، كالحطاب والحشاش والسقاء والصياد وغيرهم، أم لا تتكرر كالتاجر والزائر وغيرهما وسواء كان آمناً أو خائفاً، وهذا أصح القولين للشافعي وبه يفتي أصحابه، والقول الثاني لا يجوز دخولها بغير إحرام، إن كانت حاجة لا تتكرر، إلا أن يكون مقاتلاً، أو خائفاً من قتال، أو خائفاً من ظالم لو ظهر، ونقل القاضي نحو هذا عن أكثر العلماء.

وقال الحافظ ابن حجر اختلف العلماء في هذا، فالمشهور من مذهب الشافعي عدم الوجوب مطلقاً، وفي قول يجب مطلقاً، وفيمن يتكرر دخوله خلاف مرتب، وأولى بعدم الوجوب، والمشهور عن الأئمة الثلاثة الوجوب، وفي رواية عن كل منهم لا يجب وجزم الحنابلة باستثناء ذوي الحاجات المتكررة، واستثنى الحنفية من كان داخل الميقات.
اهـ وقد سبقت المسألة مفصلة في باب مواقيت الحج، فيما يؤخذ من الحديث، المأخذ الرابع.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم:

1- قال النووي: في هذا الحديث حجة لمالك والشافعي وموافقيهما في جواز إقامة الحدود والقصاص في حرم مكة، وقال أبو حنيفة لا يجوز وتأولوا هذا الحديث على أنه قتله في الساعة التي أبيحت له.

2- قال الحافظ ابن حجر واستدل بالحديث على أن مكة فتحت عنوة، قال وأجاب النووي بأنه صلى الله عليه وسلم كان صالحهم لكن لما لم يأمن غدرهم دخل متأهباً، قال الحافظ وهذا جواب قوي إلا أن الشك في ثبوت كونه صالحهم، فإنه لا يعرف في شيء من الأخبار صريحاً.
اهـ أقول ويكفي أن يوجه هذا الاحتمال للدليل، فيبطل به الاستدلال على أن مكة فتحت عنوة.
والله أعلم.

3- قال السهيلي في الحديث أن مكة لا تعيذ عاصياً.

4- واستدل بالحديث على جواز قتل الذي سب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الحافظ وفيه نظر، لأن ابن خطل كان حربياً، ولم يدخله رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمانة لأهل مكة، فلا دلالة فيه لما ذكر.

5- واستدل به على جواز قتل الأسير صبراً، لأن القدرة على ابن خطل صيرته كالأسير في يد الإمام، وهو غير مخير فيه بين القتل وغيره لكن قال الخطابي إنه صلى الله عليه وسلم قتله بما جناه في الإسلام، وقال ابن عبد البر قتله قوداً من دم المسلم الذي غدر به وقتله.
ثم ارتد.

6- واستدل به على جواز قتل الأسير من غير أن يعرض عليه الإسلام ترجم بذلك أبو داود.

7- وفيه مشروعية لبس المغفر وغيره من آلات السلاح حال الخوف من العدو، وأنه لا ينافي التوكل.

8- وفيه جواز رفع أخبار أهل الفساد إلى ولاة الأمر، ولا يكون ذلك من الغيبة المحرمة، ولا النميمة.

9- وفيه جواز لباس الثياب السود، وجواز لباس الأسود في الخطبة، وإن كان الأبيض أفضل منه، كما ثبت في الحديث خير ثيابكم البياض وإنما لبس صلى الله عليه وسلم العمامة السوداء في هذا الحديث بياناً للجواز.

والله أعلم