هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2576 حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ ، جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى ، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى ، فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ ، فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً ، لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ ، قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ ، لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، قَالَ : إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى ، إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ، فَقَالَ : هَلُمَّ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : فَاسْتَخْلَاهُ ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ ، قَالَ : قَالَ لِي : تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ ، قَالَ : فَجِئْتُ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ : أَلَا نُزَوِّجُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَارِيَةً بِكْرًا ، لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ ؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ ، فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2576 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي ، وأبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن العلاء الهمداني ، جميعا عن أبي معاوية ، واللفظ ليحيى ، أخبرنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : كنت أمشي مع عبد الله بمنى ، فلقيه عثمان ، فقام معه يحدثه ، فقال له عثمان : يا أبا عبد الرحمن ، ألا نزوجك جارية شابة ، لعلها تذكرك بعض ما مضى من زمانك ، قال : فقال عبد الله : لئن قلت ذاك ، لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا معشر الشباب ، من استطاع منكم الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، قال : إني لأمشي مع عبد الله بن مسعود بمنى ، إذ لقيه عثمان بن عفان ، فقال : هلم يا أبا عبد الرحمن ، قال : فاستخلاه ، فلما رأى عبد الله أن ليست له حاجة ، قال : قال لي : تعال يا علقمة ، قال : فجئت ، فقال له عثمان : ألا نزوجك يا أبا عبد الرحمن جارية بكرا ، لعله يرجع إليك من نفسك ما كنت تعهد ؟ فقال عبد الله : لئن قلت ذاك ، فذكر بمثل حديث أبي معاوية
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

'Alqama reported:

While I was walking with 'Abdullah at Mina, 'Uthman happened to meet him. He stopped there and began to talk with him. Uthman said to him: Abu 'Abd al-Rahman, should we not marry you to a young girl who may recall to you some of the past of your bygone days; thereupon he said: If you say so, Allah's Messenger (ﷺ) said: 0 young men, those among you who can support a wife should marry, for it restrains eyes from casting (evil glances). and preserves one from immorality; but those who cannot should devote themselves to fasting for it is a means of controlling sexual desire.

شرح الحديث من شرح النووى على مسلم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،    باب اسْتِحْبَابِ النِّكَاحِ لِمَنْ تَاقَتْ نَفْسُهُ إِلَيْهِ وَوَجَدَ مُؤَنَهُ وَاشْتِغَالِ مَنْ عَجَزَ عَنْ الْمُؤَنِ بِالصَّوْمِ
[ سـ :2576 ... بـ :1400]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ جَمِيعًا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ وَاللَّفْظُ لِيَحْيَى أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنْتُ أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَقَالَ هَلُمَّ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ فَاسْتَخْلَاهُ فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللَّهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ قَالَ قَالَ لِي تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ قَالَ فَجِئْتُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ أَلَا نُزَوِّجُكَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ جَارِيَةً بِكْرًا لَعَلَّهُ يَرْجِعُ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ مَا كُنْتَ تَعْهَدُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ لَئِنْ قُلْتَ ذَاكَ فَذَكَرَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كِتَابُ النِّكَاحِ

هُوَ فِي اللُّغَةِ : الضَّمُّ ، وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى الْوَطْءِ ، قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاحِدِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ : قَالَ الْأَزْهَرِيُّ : أَصْلُ النِّكَاحِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْوَطْءُ ، وَقِيلَ لِلتَّزْوِيجِ : نِكَاحٌ ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْوَطْءِ ، يُقَالُ : نَكَحَ الْمَطَرُ الْأَرْضَ ، وَنَكَحَ النُّعَاسُ عَيْنَهُ : أَصَابَهَا ، قَالَ الْوَاحِدِيُّ : وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الزَّجَّاجِيُّ : النِّكَاحُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : الْوَطْءُ وَالْعَقْدُ جَمِيعًا ، قَالَ : وَمَوْضِعُ " ن ك ح " عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ لِلُزُومِ الشَّيْءِ الشَّيْءَ رَاكِبًا عَلَيْهِ ، هَذَا كَلَامُ الْعَرَبِ الصَّحِيحِ ، فَإِذَا قَالُوا نَكَحَ فُلَانٌ فُلَانَةَ يَنْكِحُهَا نَكْحًا وَنِكَاحًا أَرَادُوا تَزَوَّجَهَا ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : فَرَّقَتِ الْعَرَبُ بَيْنَهُمَا فَرْقًا لَطِيفًا فَإِذَا قَالُوا نَكَحَ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ أَوْ أُخْتَهُ أَرَادُوا عَقَدَ عَلَيْهَا ، فَإِذَا قَالُوا : نَكَحَ امْرَأَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ لَمْ يُرِيدُوا إِلَّا الْوَطْءَ ؛ لِأَنَّ بِذِكْرِ امْرَأَتِهِ وَزَوْجَتِهِ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ الْعَقْدِ ، قَالَ الْفَرَّاءُ : الْعَرَبُ تَقُولُ : نُكْحُ الْمَرْأَةِ بِضَمِّ النُّونِ : بُضْعُهَا ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْفَرْجِ ، فَإِذَا قَالُوا : نَكَحَهَا ، أَرَادُوا أَصَابَ نُكْحَهَا وَهُوَ فَرْجُهَا ، وَقَلَّمَا يُقَالُ : نَاكَحَهَا كَمَا يُقَالُ بَاضَعَهَا .
هَذَا آخِرُ مَا نَقَلَهُ الْوَاحِدِيُّ .


وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ : النِّكَاحُ الْوَطْءُ ، وَقَدْ يَكُونُ الْعُقْدَةَ ، وَيُقَالُ : نَكَحْتُهَا وَنَكَحَتْ هِيَ أَيْ تَزَوَّجَتْ ، وَأَنْكَحْتُهُ زَوَّجْتُهُ ، وَهِيَ نَاكِحٌ أَيْ ذَاتُ زَوْجٍ ، وَاسْتَنْكَحَهَا تَزَوَّجَهَا : هَذَا كَلَامُ أَهْلِ اللُّغَةِ .


وَأَمَّا حَقِيقَةُ النِّكَاحِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ لِأَصْحَابِنَا - حَكَاهَا الْقَاضِي حُسَيْنٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي تَعْلِيقِهِ - أَصَحُّهَا : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْعَقْدِ ، مَجَازٌ فِي الْوَطْءِ ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ ، وَأَطْنَبَ فِي الِاسْتِدْلَالِ لَهُ ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي وَغَيْرُهُ ، وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ وَالْأَحَادِيثُ .
وَالثَّانِي : أَنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي الْوَطْءِ مَجَازٌ فِي الْعَقْدِ ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ .
وَالثَّالِثُ : حَقِيقَةٌ فِيهِمَا بِالِاشْتِرَاكِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْمَعْشَرُ هُمُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ يَشْمَلُهُمْ وَصْفٌ .


فَالشَّبَابُ مَعْشَرٌ ، وَالشُّيُوخُ مَعْشَرٌ ، وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْشَرٌ ، وَالنِّسَاءُ مَعْشَرٌ ، فَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ .
وَالشَّبَابُ : جَمْعُ شَابٍّ ، وَيُجْمَعُ عَلَى شُبَّانٍ وَشَبَبَةٍ ، وَالشَّابُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا هُوَ مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُجَاوِزْ ثَلَاثِينَ سَنَةً .


وَأَمَّا ( الْبَاءَةُ ) فَفِيهَا أَرْبَعُ لُغَاتٍ حَكَاهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ : الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ ( الْبَاءَةُ ) بِالْمَدِّ وَالْهَاءِ ، وَالثَّانِيَةُ : ( الْبَاةُ ) بِلَا مَدٍّ .
وَالثَّالِثَةُ ( الْبَاءُ ) بِالْمَدِّ بِلَا هَاءٍ .
وَالرَّابِعَةُ ( الْبَاهَةُ ) بِهَاءَيْنِ بِلَا مَدٍّ ، وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ : الْجِمَاعُ ، مُشْتَقَّةٌ مِنَ الْمَبَاءَةِ وَهِيَ الْمَنْزِلُ ، وَمِنْهُ مَبَاءَةُ الْإِبِلِ ، وَهِيَ مَوَاطِنُهَا ، ثُمَّ قِيلَ لِعَقْدِ النِّكَاحِ : بَاءَةٌ ؛ لِأَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَوَّأَهَا مَنْزِلًا .


وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْبَاءَةِ هُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ يَرْجِعَانِ إِلَى مَعْنَى وَاحِدٍ أَصَحُّهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْجِمَاعُ ، فَتَقْدِيرُهُ : مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِهِ وَهِيَ مُؤَنُ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنِهِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ ، وَيَقْطَعَ شَرَّ مَنِيَّهُ ، كَمَا يَقْطَعُهُ الْوِجَاءُ ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَمَعَ الْخِطَابِ مَعَ الشُّبَّانِ الَّذِينَ هُمْ مَظِنَّةُ شَهْوَةِ النِّسَاءِ ، وَلَا يَنْفَكُّونَ عَنْهَا غَالِبًا .
وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْبَاءَةِ مُؤَنُ النِّكَاحِ ، سُمِّيَتْ بِاسْمِ مَا يُلَازِمُهَا وَتَقْدِيرُهُ : مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ مُؤَنَ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْهَا فَلْيَصُمْ ؛ لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ .
وَالَّذِي حَمَلَ الْقَائِلِينَ بِهَذَا أَنَّهُمْ قَالُوا : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ ) قَالُوا : وَالْعَاجِزُ عَنِ الْجِمَاعِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى الصَّوْمِ لِدَفْعِ الشَّهْوَةِ ، فَوَجَبَ تَأْوِيلُ الْبَاءَةِ عَلَى الْمُؤَنِ ، وَأَجَابَ الْأَوَّلُونَ بِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ ، وَهُوَ أَنَّ تَقْدِيرَهُ : مَنْ لَمْ يَسْتَطِعِ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنِهِ ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْجِمَاعِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا ( الْوِجَاءُ ) فَبِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِالْمَدِّ ، وَهُوَ رَضُّ الْخُصْيَتَيْنِ ، وَالْمُرَادُ هُنَا : أَنَّ الصَّوْمَ يَقْطَعُ الشَّهْوَةَ ، وَيَقْطَعُ شَرَّ الْمَنِيِّ ، كَمَا يَفْعَلُهُ الْوِجَاءُ .


وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ : الْأَمْرُ بِالنِّكَاحِ لِمَنِ اسْتَطَاعَهُ وَتَاقَتْ إِلَيْهِ نَفْسُهُ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، لَكِنَّهُ عِنْدَنَا وَعِنْدَ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً أَمْرُ نَدْبٍ لَا إِيجَابَ ، فَلَا يَلْزَمُ التَّزَوُّجُ وَلَا التَّسَرِّي ، سَوَاءٌ خَافَ الْعَنَتَ أَمْ لَا ، هَذَا مَذْهَبُ الْعُلَمَاءِ كَافَّةً ، وَلَا يُعْلَمُ أَحَدٌ أَوْجَبَهُ إِلَّا دَاوُدَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ فَإِنَّهُمْ قَالُوا : يَلْزَمُهُ إِذَا خَافَ الْعَنَتَ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَوْ يَتَسَرَّى ، قَالُوا : وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ فِي الْعُمُرِ مَرَّةً وَاحِدَةً ، وَلَمْ يَشْرِطْ بَعْضُهُمْ خَوْفَ الْعَنَتَ ، قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ : إِنَّمَا يَلْزَمُهُ التَّزْوِيجُ فَقَطْ ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْوَطْءُ ، وَتَعَلَّقُوا بِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَعَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَعَ الْقُرْآنِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ وَغَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ .


وَاحْتَجَّ الْجُمْهُورُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَخَيَّرَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بَيْنَ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي ، قَالَ الْإِمَامُ الْمَازِرِيُّ : هَذَا حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ ؛ لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَيَّرَهُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالتَّسَرِّي بِالِاتِّفَاقِ ، وَلَوْ كَانَ النِّكَاحُ وَاجِبًا لَمَا خَيَّرَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّسَرِّي ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ التَّخْيِيرُ بَيْنَ وَاجِبٍ وَغَيْرِهِلِأَنَّهُ ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى إِبْطَالِ حَقِيقَةِ الْوَاجِبِ ، وَأَنَّ تَارِكَهُ لَا يَكُونُ آثِمًا .


وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي ) فَمَعْنَاهُ : مَنْ رَغِبَ عَنْهَا إِعْرَاضًا عَنْهَا غَيْرَ مُعْتَقِدٍ لَهَا عَلَى مَا هِيَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


وَأَمَّا الْأَفْضَلُ مِنَ النِّكَاحِ وَتَرْكِهِ ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا : النَّاسُ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ تَتُوقُ إِلَيْهِ نَفْسُهُ وَيَجِدُ الْمُؤَنَ ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ النِّكَاحُ ، وَقِسْمٌ لَا تَتُوقُ وَلَا يَجِدُ الْمُؤَنَ ، فَيُكْرَهُ لَهُ .


وَقِسْمٌ تَتُوقُ وَلَا يَجِدُ الْمُؤَنَ ، فَيُكْرَهُ لَهُ ، وَهَذَا مَأْمُورٌ بِالصَّوْمِ ؛ لِدَفْعِ التَّوَقَانِ .
وَقِسْمٌ يَجِدُ الْمُؤَنَ وَلَا تَتُوقُ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِنَا : أَنَّ تَرْكَ النِّكَاحِ لِهَذَا وَالتَّخَلِّي لِلْعِبَادَةِ أَفْضَلُ ، وَلَا يُقَالُ : النِّكَاحُ مَكْرُوهٌ ؛ بَلْ تَرْكُهُ أَفْضَلُ ، وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ : أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ أَفْضَلُ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .


قَوْلُهُ : ( إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً شَابَّةً لَعَلَّهَا تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ ؟ ) فِيهِ : اسْتِحْبَابُ عَرْضِ الصَّاحِبِ هَذَا عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ ، وَهُوَ صَالِحٌ لِزَوَاجِهَا عَلَى مَا سَبَقَ تَفْصِيلُهُ قَرِيبًا .
وَفِيهِ : اسْتِحْبَابُ نِكَاحِ الشَّابَّةِ ؛ لِأَنَّهَا الْمُحَصِّلَةُ لِمَقَاصِدِ النِّكَاحِ ، فَإِنَّهَا أَلَذُّ اسْتِمْتَاعًا ، وَأَطْيَبُ نَكْهَةً ، وَأَرْغَبُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ النِّكَاحِ ، وَأَحْسَنُ عِشْرَةً ، وَأَفْكَهُ مُحَادَثَةً ، وَأَجْمَلُ مَنْظَرًا ، وَأَلْيَنُ مَلْمَسًا ، وَأَقْرَبُ إِلَى أَنْ يُعَوِّدَهَا زَوْجُهَا الْأَخْلَاقَ الَّتِي يَرْتَضِيهَا .


وَقَوْلُهُ : ( تُذَكِّرُكَ بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ زَمَانِكَ ) مَعْنَاهُ : تَتَذَكَّرُ بِهَا بَعْضَ مَا مَضَى مِنْ نَشَاطِكَ وَقُوَّةِ شَبَابِكَ ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنْعِشُ الْبَدَنَ .


قَوْلُهُ : ( إِنَّ عُثْمَانَ دَعَا ابْنَ مَسْعُودٍ ، وَاسْتَخْلَاهُ فَقَالَ لَهُ ) هَذَا الْكَلَامُ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْإِسْرَارِ بِمِثْلِ هَذَا ، فَإِنَّهُ مِمَّا يُسْتَحَى مِنْ ذِكْرِهِ بَيْنَ النَّاسِ .


وَقَوْلُهُ : ( أَلَا نُزَوِّجُكَ جَارِيَةً بِكْرًا ؟ ) دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبِكْرِ وَتَفْضِيلِهَا عَلَى الثَّيِّبِ ، وَكَذَا قَالَهُ أَصْحَابُنَا ؛ لِمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا فِي قَوْلِهِ : ( جَارِيَةً شَابَّةً ) .