2582 حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً ، فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ ، فَقَالَ : إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ، فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ . غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً ، وَلَمْ يَذْكُرْ : تُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ |
2582 حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا هشام بن أبي عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة ، فأتى امرأته زينب ، وهي تمعس منيئة لها ، فقضى حاجته ، ثم خرج إلى أصحابه ، فقال : إن المرأة تقبل في صورة شيطان ، وتدبر في صورة شيطان ، فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله ، فإن ذلك يرد ما في نفسه ، حدثنا زهير بن حرب ، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ، حدثنا حرب بن أبي العالية ، حدثنا أبو الزبير ، عن جابر بن عبد الله ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة ، فذكر بمثله . غير أنه قال : فأتى امرأته زينب وهي تمعس منيئة ، ولم يذكر : تدبر في صورة شيطان |
Jabir reported that Allah's Messenger (ﷺ) saw a woman, and so he came to his wife, Zainab, as she was tanning a leather and had sexual intercourse with her. He then went to his Companions and told them:
The woman advances and retires in the shape of a devil, so when one of you sees a woman, he should come to his wife, for that will repel what he feels in his heart.
شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث
[1403] .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ)امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْأُولَى وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَأَى امْرَأَةً فَتَحَرَّكَتْ شَهْوَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ فَلْيُوَاقِعْهَا لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ وَتَسْكُنَ نَفْسُهُ وَيَجْمَعَ قَلْبَهُ عَلَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْهَوَى وَالدُّعَاءِ إِلَى الْفِتْنَةِ بِهَا لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي نُفُوسِ الرِّجَالِ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى النِّسَاءِ وَالِالْتِذَاذِ بِنَظَرِهِنَّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالشَّيْطَانِ فِي دُعَائِهِ إِلَى الشَّرِّ بِوَسْوَسَتِهِ وَتَزْيِينِهِ لَهُ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ بَيْنَ الرِّجَالِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْغَضُّ عَنْ ثِيَابِهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا مُطْلَقًا .
قَوْلُهُ (تَمْعَسُ مَنِيئَةً) قَالَ أَهْلُ اللغة المعس بالعين المهملة الدلك والمنيئة بِمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ نُونٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ ثُمَّ تَاءٍ تُكْتَبُ هَاءً وَهِيَ عَلَى وَزْنِ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ وَذَبِيحَةٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هي الجلد أول ما يوضع في الدباغ وقال الكسائي يسمي منيئة ثم أفيق بفتح الهمزة وسر الفاء وجمعه أفق كفقيز وقفز ثم أديم عُبَيْدَةَ هُوَ فِي أَوَّلِ الدِّبَاغِ مَنِيئَةٌ ثُمَّ أَفِيقٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَجَمْعُهُ أُفُقٌ كَقَفِيزِ وَقُفُزٌ ثُمَّ أَدِيمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رأى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) إِلَى آخِرِهِ قَالَالْعُلَمَاءُ إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بَيَانًا لَهُمْ وَإِرْشَادًا لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ فَعَلَّمَهُمْ بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِطَلَبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ إِلَى الْوِقَاعِ فِي النَّهَارِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كانت مشتغلة بما يمكن تركه لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَى الرَّجُلِ شَهْوَةٌ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي قَلْبِهِ وَبَصَرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ)
(وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
.
اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِي عِيَاضًا بَسَطَ شَرْحَ هَذَا الْبَابِ بَسْطًا بَلِيغًا وَأَتَى فِيهِ بِأَشْيَاءَ نَفِيسَةٍ وَأَشْيَاءَ يُخَالَفُ فِيهَا فَالْوَجْهُ أَنْ نَنْقُلَ مَا ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا ثُمَّ نَذْكُرَ مَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُخَالَفُ فِيهِ وَنُنَبِّهَ عَلَى الْمُخْتَارِ قَالَ الْمَازِرِيُّ ثَبَتَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ كَانَ جَائِزًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا أَنَّهُ نُسِخَ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْتَبْدِعَةِ وَتَعَلَّقُوا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ فِيهَا وَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن وفي قراءة بن مَسْعُودٍ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ وقراءة بن مَسْعُودٍ هَذِهِ شَاذَّةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهَا قُرْآنًا وَلَا خَبَرًا وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا قَالَ.
وَقَالَ زُفَرُ مَنْ نَكَحَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ تَأَبَّدَ نِكَاحُهُ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ ذِكْرَ التَّأْجِيلِ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهَا تُلْغَى وَيَصِحُّ النِّكَاحُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُتْعَةِ فَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَفِيهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَذَا مَنْ أَجَازَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَزَعَمَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ تَعَارَضَتْ وَأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ قَادِحٌ فِيهَا قُلْنَا هَذَا الزَّعْمُ خَطَأٌ وَلَيْسَ هَذَا تَنَاقُضًا لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ فِي زَمَنٍ ثُمَّ يَنْهَى عَنْهُ فِي زَمَنٍ آخَرَ تَوْكِيدًا أَوْ لِيَشْتَهِرَ النَّهْيُ وَيَسْمَعَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ أَوَّلًا فَسَمِعَ بَعْضُ الرُّوَاةِ النَّهْيَ فِي زَمَنٍ وَسَمِعَهُ آخَرُونَ فِي زَمَنٍ آخَرَ فَنَقَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا سَمِعَهُ وَأَضَافَهُ إِلَى زَمَانِ سَمَاعِهِ هَذَا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَوَى حَدِيثَ إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ بن مسعود وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَسَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا أَنَّهَا كَانَتْ فِيالْحَضَرِ وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي أَسْفَارِهِمْ فِي الْغَزْوِ عِنْدَ ضَرُورَتِهِمْ وَعَدَمِ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ بِلَادَهُمْ حَارَّةٌ وَصَبْرَهُمْ عَنْهُنَّ قَلِيلٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي حديث بن أَبِي عُمَرَ أَنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا وَعَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَحْوُهُ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ إِبَاحَتَهَا يَوْمَ أَوْطَاسَ وَمِنْ رِوَايَةِ سَبْرَةَ إِبَاحَتُهَا يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُمَا وَاحِدٌ ثَمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَئِذٍ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَهُوَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَذَكَرَ غَيْرُ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى هَذَا وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالْعُمَرِيُّ وَيُونُسُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ النَّهْيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَبْرَةَ أَيْضًا إِبَاحَتُهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا حِينَئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهَا مَا حَلَّتْ قَطُّ إِلَّا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَاتِ حَدِيثِ سَبْرَةَ تَعْيِينَ وَقْتٍ إِلَّا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ وَرِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالُوا وَذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِإِبَاحَتِهَا يَوْمَ حَجَّةِ الوداع خطأ لأنه لم يكن يؤمئذ ضَرُورَةٌ وَلَا عُزُوبَةٌ وَأَكْثَرُهُمْ حَجُّوا بِنِسَائِهِمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الَّذِي جَرَى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُجَرَّدُ النَّهْيِ كَمَا جَاءَ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ وَيَكُونُ تَجْدِيدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْهَا يَوْمَئِذٍ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَلِتَمَامِ الدِّينِ وَتَقَرُّرِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قَرَّرَ غَيْرَ شَيْءٍ وَبَيَّنَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ يَوْمَئِذٍ وَبَتَّ تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ مَا جَاءَ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَفِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ وَيَوْمَ أَوْطَاسَ أَنَّهُ جَدَّدَ النَّهْيَ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لِأَنَّ حَدِيثَ تَحْرِيمِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ انْفِصَالٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ حَرَّمَ الْمُتْعَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ زَمَنَ تَحْرِيمَهَا ثُمَّ قَالَ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَيَكُونُ يَوْمُ خَيْبَرَ لِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ خَاصَّةً وَلَمْ يُبَيِّنْ وَقْتَ تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ كَانَ بِمَكَّةَ.
.
وَأَمَّا لُحُومُ الْحُمُرِ فَبِخَيْبَرَ بِلَا شَكٍّ قَالَالْقَاضِي وَهَذَا أَحْسَنُ لَوْ سَاعَدَهُ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ غَيْرِ سُفْيَانَ قَالَ وَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ قَرَّرَ التَّحْرِيمَ لَكِنْ يَبْقَى بَعْدَ هَذَا مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ إِبَاحَتِهِ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَيَوْمِ الْفَتْحِ وَيَوْمِ أَوْطَاسَ فَتَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَهَا لَهُمْ لِلضَّرُورَةِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ ثُمَّ حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَيَكُونُ حَرَّمَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَفِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ثُمَّ أَبَاحَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ حَرَّمَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ أَيْضًا تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وَتَسْقُطُ رِوَايَةُ إِبَاحَتِهَا يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ وَإِنَّمَا رَوَى الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ عَنْهُ الْإِبَاحَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَالَّذِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِنَّمَا هُوَ التَّحْرِيمُ فَيُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ النَّهْيِ عَنْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ وَيَكُونُ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ تَأْكِيدًا وَإِشَاعَةً لَهُ كَمَا سَبَقَ.
.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ إِنَّمَا كَانَتْ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَتَرُدُّهُ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ فِي تَحْرِيمِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَهِيَ قَبْلَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَمَا جَاءَ مِنْ إِبَاحَتِهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَيَوْمَ أَوْطَاسَ مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِهَذَا إِنَّمَا جَاءَتْ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ وَهُوَ رَاوِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ وَهِيَ أَصَحُّ فَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ الصَّحِيحَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مِمَّا تَدَاوَلَهُ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّسْخُ مَرَّتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالصَّوَابُ الْمُخْتَارُ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالْإِبَاحَةَ كَانَا مَرَّتَيْنِ وَكَانَتْ حَلَالًا قَبْلَ خَيْبَرَ ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ ثُمَّ أُبِيحَتْ يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لا تصالهما ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاسْتَمَرَّ التَّحْرِيمُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْإِبَاحَةَ مُخْتَصَّةُ بِمَا قَبْلَ خَيْبَرَ وَالتَّحْرِيمُ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلتَّأْبِيدِ وَأَنَّ الَّذِي كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ مُجَرَّدَ تَوْكِيدِ التَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ إِبَاحَةٍ يَوْمَ الْفَتْحِ كَمَا اختاره المازرى والقاضي لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ فِي الْإِبَاحَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهَا وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ تَكْرِيرَ الْإِبَاحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقَاضِي وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ كَانَتْ نِكَاحًا إِلَى أَجَلٍ لَا مِيرَاثَ فِيهَا وَفِرَاقُهَا يَحْصُلُ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِهَا مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا الرَّوَافِضَ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بِإِبَاحَتِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ قَالَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ الْآنَ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ إِلَّا مَا سَبَقَ عَنْ زُفَرَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ هَلْ يُحَدُّ الْوَاطِئُ فِيهِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الْأُصُولِيِّينَ فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ بَعْدَ الْخِلَافِ هَلْ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيُصَيِّرُ الْمَسْأَلَةَ مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ بل يدومامْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْأُولَى وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَأَى امْرَأَةً فَتَحَرَّكَتْ شَهْوَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ فَلْيُوَاقِعْهَا لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ وَتَسْكُنَ نَفْسُهُ وَيَجْمَعَ قَلْبَهُ عَلَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) قَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ الْإِشَارَةُ إِلَى الْهَوَى وَالدُّعَاءِ إِلَى الْفِتْنَةِ بِهَا لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي نُفُوسِ الرِّجَالِ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى النِّسَاءِ وَالِالْتِذَاذِ بِنَظَرِهِنَّ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالشَّيْطَانِ فِي دُعَائِهِ إِلَى الشَّرِّ بِوَسْوَسَتِهِ وَتَزْيِينِهِ لَهُ وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ بَيْنَ الرِّجَالِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْغَضُّ عَنْ ثِيَابِهَا وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا مُطْلَقًا .
قَوْلُهُ (تَمْعَسُ مَنِيئَةً) قَالَ أَهْلُ اللغة المعس بالعين المهملة الدلك والمنيئة بِمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ نُونٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ ثُمَّ تَاءٍ تُكْتَبُ هَاءً وَهِيَ عَلَى وَزْنِ صَغِيرَةٍ وَكَبِيرَةٍ وَذَبِيحَةٍ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هي الجلد أول ما يوضع في الدباغ وقال الكسائي يسمي منيئة ثم أفيق بفتح الهمزة وسر الفاء وجمعه أفق كفقيز وقفز ثم أديم عُبَيْدَةَ هُوَ فِي أَوَّلِ الدِّبَاغِ مَنِيئَةٌ ثُمَّ أَفِيقٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ وَجَمْعُهُ أُفُقٌ كَقَفِيزِ وَقُفُزٌ ثُمَّ أَدِيمٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ (إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم رأى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ) إِلَى آخِرِهِ قَالَالْعُلَمَاءُ إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بَيَانًا لَهُمْ وَإِرْشَادًا لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ فَعَلَّمَهُمْ بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِطَلَبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ إِلَى الْوِقَاعِ فِي النَّهَارِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كانت مشتغلة بما يمكن تركه لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَى الرَّجُلِ شَهْوَةٌ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي قَلْبِهِ وَبَصَرِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَبَيَانِ أَنَّهُ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ ثُمَّ أُبِيحَ ثُمَّ نُسِخَ)
(وَاسْتَقَرَّ تَحْرِيمُهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).
.
اعْلَمْ أَنَّ الْقَاضِي عِيَاضًا بَسَطَ شَرْحَ هَذَا الْبَابِ بَسْطًا بَلِيغًا وَأَتَى فِيهِ بِأَشْيَاءَ نَفِيسَةٍ وَأَشْيَاءَ يُخَالَفُ فِيهَا فَالْوَجْهُ أَنْ نَنْقُلَ مَا ذَكَرَهُ مُخْتَصَرًا ثُمَّ نَذْكُرَ مَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُخَالَفُ فِيهِ وَنُنَبِّهَ عَلَى الْمُخْتَارِ قَالَ الْمَازِرِيُّ ثَبَتَ أَنَّ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ كَانَ جَائِزًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ ثَبَتَ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا أَنَّهُ نُسِخَ وَانْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى تَحْرِيمِهِ وَلَمْ يُخَالِفْ فِيهِ إِلَّا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْتَبْدِعَةِ وَتَعَلَّقُوا بِالْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَلَا دَلَالَةَ لَهُمْ فِيهَا وَتَعَلَّقُوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن وفي قراءة بن مَسْعُودٍ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ وقراءة بن مَسْعُودٍ هَذِهِ شَاذَّةٌ لَا يُحْتَجُّ بِهَا قُرْآنًا وَلَا خَبَرًا وَلَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهَا قَالَ.
وَقَالَ زُفَرُ مَنْ نَكَحَ نِكَاحَ مُتْعَةٍ تَأَبَّدَ نِكَاحُهُ وَكَأَنَّهُ جَعَلَ ذِكْرَ التَّأْجِيلِ مِنْ بَابِ الشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ فِي النِّكَاحِ فَإِنَّهَا تُلْغَى وَيَصِحُّ النِّكَاحُ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُتْعَةِ فَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَفِيهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ فَإِنْ تَعَلَّقَ بِهَذَا مَنْ أَجَازَ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَزَعَمَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ تَعَارَضَتْ وَأَنَّ هَذَا الِاخْتِلَافَ قَادِحٌ فِيهَا قُلْنَا هَذَا الزَّعْمُ خَطَأٌ وَلَيْسَ هَذَا تَنَاقُضًا لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَنْهَى عَنْهُ فِي زَمَنٍ ثُمَّ يَنْهَى عَنْهُ فِي زَمَنٍ آخَرَ تَوْكِيدًا أَوْ لِيَشْتَهِرَ النَّهْيُ وَيَسْمَعَهُ مَنْ لَمْ يَكُنْ سَمِعَهُ أَوَّلًا فَسَمِعَ بَعْضُ الرُّوَاةِ النَّهْيَ فِي زَمَنٍ وَسَمِعَهُ آخَرُونَ فِي زَمَنٍ آخَرَ فَنَقَلَ كُلٌّ مِنْهُمْ مَا سَمِعَهُ وَأَضَافَهُ إِلَى زَمَانِ سَمَاعِهِ هَذَا كَلَامُ الْمَازِرِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَوَى حَدِيثَ إِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ فَذَكَرَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ بن مسعود وبن عَبَّاسٍ وَجَابِرٍ وَسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ وَسَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيِّ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ كُلِّهَا أَنَّهَا كَانَتْ فِيالْحَضَرِ وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي أَسْفَارِهِمْ فِي الْغَزْوِ عِنْدَ ضَرُورَتِهِمْ وَعَدَمِ النِّسَاءِ مَعَ أَنَّ بِلَادَهُمْ حَارَّةٌ وَصَبْرَهُمْ عَنْهُنَّ قَلِيلٌ وَقَدْ ذَكَرَ فِي حديث بن أَبِي عُمَرَ أَنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا كَالْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا وَعَنِ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا نَحْوُهُ وَذَكَرَ مُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ إِبَاحَتَهَا يَوْمَ أَوْطَاسَ وَمِنْ رِوَايَةِ سَبْرَةَ إِبَاحَتُهَا يَوْمَ الْفَتْحِ وَهُمَا وَاحِدٌ ثَمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَئِذٍ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَهُوَ قَبْلَ الْفَتْحِ وَذَكَرَ غَيْرُ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ عَلَى هَذَا وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالْعُمَرِيُّ وَيُونُسُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَكَذَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ عَنْ أَبِيهِ النَّهْيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَهَذَا أَصَحُّ مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَبْرَةَ أَيْضًا إِبَاحَتُهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهَا حِينَئِذٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهَا مَا حَلَّتْ قَطُّ إِلَّا فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ أَيْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَاتِ حَدِيثِ سَبْرَةَ تَعْيِينَ وَقْتٍ إِلَّا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الدَّارِمِيِّ وَرِوَايَةِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَرِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ قَالُوا وَذِكْرُ الرِّوَايَةِ بِإِبَاحَتِهَا يَوْمَ حَجَّةِ الوداع خطأ لأنه لم يكن يؤمئذ ضَرُورَةٌ وَلَا عُزُوبَةٌ وَأَكْثَرُهُمْ حَجُّوا بِنِسَائِهِمْ وَالصَّحِيحُ أَنَّ الَّذِي جَرَى فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مُجَرَّدُ النَّهْيِ كَمَا جَاءَ فِي غَيْرِ رِوَايَةٍ وَيَكُونُ تَجْدِيدُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّهْيَ عَنْهَا يَوْمَئِذٍ لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَلِتَمَامِ الدِّينِ وَتَقَرُّرِ الشَّرِيعَةِ كَمَا قَرَّرَ غَيْرَ شَيْءٍ وَبَيَّنَ الْحَلَالَ وَالْحَرَامَ يَوْمَئِذٍ وَبَتَّ تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ حِينَئِذٍ لِقَوْلِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ الْقَاضِي وَيَحْتَمِلُ مَا جَاءَ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ يَوْمَ خَيْبَرَ وَفِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَيَوْمَ الْفَتْحِ وَيَوْمَ أَوْطَاسَ أَنَّهُ جَدَّدَ النَّهْيَ عَنْهَا فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لِأَنَّ حَدِيثَ تَحْرِيمِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ صَحِيحٌ لَا مَطْعَنَ فِيهِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ مِنْ رِوَايَةِ الثِّقَاتِ الْأَثْبَاتِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْكَلَامُ فِيهِ انْفِصَالٌ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ حَرَّمَ الْمُتْعَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ زَمَنَ تَحْرِيمَهَا ثُمَّ قَالَ وَلُحُومَ الْحُمُرِ الْأَهْلِيَّةِ يَوْمَ خَيْبَرَ فَيَكُونُ يَوْمُ خَيْبَرَ لِتَحْرِيمِ الْحُمُرِ خَاصَّةً وَلَمْ يُبَيِّنْ وَقْتَ تَحْرِيمِ الْمُتْعَةِ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ قَالَ هَذَا الْقَائِلُ وَهَذَا هُوَ الْأَشْبَهُ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمُتْعَةِ كَانَ بِمَكَّةَ.
.
وَأَمَّا لُحُومُ الْحُمُرِ فَبِخَيْبَرَ بِلَا شَكٍّ قَالَالْقَاضِي وَهَذَا أَحْسَنُ لَوْ سَاعَدَهُ سَائِرُ الرِّوَايَاتِ عَنْ غَيْرِ سُفْيَانَ قَالَ وَالْأَوْلَى مَا قُلْنَاهُ أَنَّهُ قَرَّرَ التَّحْرِيمَ لَكِنْ يَبْقَى بَعْدَ هَذَا مَا جَاءَ مِنْ ذِكْرِ إِبَاحَتِهِ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَيَوْمِ الْفَتْحِ وَيَوْمِ أَوْطَاسَ فَتَحْتَمِلُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَاحَهَا لَهُمْ لِلضَّرُورَةِ بَعْدَ التَّحْرِيمِ ثُمَّ حَرَّمَهَا تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا فَيَكُونُ حَرَّمَهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَفِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ ثُمَّ أَبَاحَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ لِلضَّرُورَةِ ثُمَّ حَرَّمَهَا يَوْمَ الْفَتْحِ أَيْضًا تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا وَتَسْقُطُ رِوَايَةُ إِبَاحَتِهَا يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لِأَنَّهَا مَرْوِيَّةٌ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ وَإِنَّمَا رَوَى الثِّقَاتُ الْأَثْبَاتُ عَنْهُ الْإِبَاحَةَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَالَّذِي فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ إِنَّمَا هُوَ التَّحْرِيمُ فَيُؤْخَذُ مِنْ حَدِيثِهِ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ جُمْهُورُ الرُّوَاةِ وَوَافَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ مِنَ النَّهْيِ عَنْهَا يَوْمَ الْفَتْحِ وَيَكُونُ تَحْرِيمُهَا يَوْمَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ تَأْكِيدًا وَإِشَاعَةً لَهُ كَمَا سَبَقَ.
.
وَأَمَّا قَوْلُ الْحَسَنِ إِنَّمَا كَانَتْ فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا فَتَرُدُّهُ الْأَحَادِيثُ الثَّابِتَةُ فِي تَحْرِيمِهَا يَوْمَ خَيْبَرَ وَهِيَ قَبْلَ عُمْرَةِ الْقَضَاءِ وَمَا جَاءَ مِنْ إِبَاحَتِهَا يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ وَيَوْمَ أَوْطَاسَ مَعَ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِهَذَا إِنَّمَا جَاءَتْ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ وَهُوَ رَاوِي الرِّوَايَاتِ الْأُخَرِ وَهِيَ أَصَحُّ فَيُتْرَكُ مَا خَالَفَ الصَّحِيحَ وَقَدْ قَالَ بَعْضُهُمْ هَذَا مِمَّا تَدَاوَلَهُ التَّحْرِيمُ وَالْإِبَاحَةُ وَالنَّسْخُ مَرَّتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَالصَّوَابُ الْمُخْتَارُ أَنَّ التَّحْرِيمَ وَالْإِبَاحَةَ كَانَا مَرَّتَيْنِ وَكَانَتْ حَلَالًا قَبْلَ خَيْبَرَ ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَ خَيْبَرَ ثُمَّ أُبِيحَتْ يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لا تصالهما ثُمَّ حُرِّمَتْ يَوْمَئِذٍ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ تَحْرِيمًا مُؤَبَّدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاسْتَمَرَّ التَّحْرِيمُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إِنَّ الْإِبَاحَةَ مُخْتَصَّةُ بِمَا قَبْلَ خَيْبَرَ وَالتَّحْرِيمُ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلتَّأْبِيدِ وَأَنَّ الَّذِي كَانَ يَوْمَ الْفَتْحِ مُجَرَّدَ تَوْكِيدِ التَّحْرِيمِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ إِبَاحَةٍ يَوْمَ الْفَتْحِ كَمَا اختاره المازرى والقاضي لِأَنَّ الرِّوَايَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا مُسْلِمٌ فِي الْإِبَاحَةِ يَوْمَ الْفَتْحِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُهَا وَلَا مَانِعَ يَمْنَعُ تَكْرِيرَ الْإِبَاحَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْقَاضِي وَاتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْمُتْعَةَ كَانَتْ نِكَاحًا إِلَى أَجَلٍ لَا مِيرَاثَ فِيهَا وَفِرَاقُهَا يَحْصُلُ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ وَوَقَعَ الْإِجْمَاعُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى تَحْرِيمِهَا مِنْ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إِلَّا الرَّوَافِضَ وَكَانَ بن عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ بِإِبَاحَتِهَا وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ عَنْهُ قَالَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ الْآنَ حُكِمَ بِبُطْلَانِهِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ إِلَّا مَا سَبَقَ عَنْ زُفَرَ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ هَلْ يُحَدُّ الْوَاطِئُ فِيهِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِشُبْهَةِ الْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَمَأْخَذُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُ الْأُصُولِيِّينَ فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ بَعْدَ الْخِلَافِ هَلْ يَرْفَعُ الْخِلَافَ وَيُصَيِّرُ الْمَسْأَلَةَ مُجْمَعًا عَلَيْهَا وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا يَرْفَعُهُ بل يدومالْخِلَافُ وَلَا يُصَيِّرُ الْمَسْأَلَةَ بَعْدَ ذَلِكَ مُجْمَعًا عَلَيْهَا أَبَدًا وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ قَالَ الْقَاضِي وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مَنْ نَكَحَ نِكَاحًا مُطْلَقًا وَنِيَّتُهُ أَنْ لَا يَمْكُثَ مَعَهَا إِلَّا مُدَّةً نَوَاهَا فَنِكَاحُهُ صَحِيحٌ حَلَالٌ وَلَيْسَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ وَإِنَّمَا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ مَا وَقَعَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ قَالَ مَالِكٌ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِ النَّاسِ وَشَذَّ الْأَوْزَاعِيُّ فَقَالَ هُوَ نِكَاحُ مُتْعَةٍ وَلَا خَيْرَ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
[1403] تمعس بِالْعينِ الْمُهْملَة تدلك منيئة بِهَمْزَة ممدودة بِوَزْن كَبِيرَة الْجلد أول مَا يوضع فِي الدّباغ إِن الْمَرْأَة تقبل فِي صُورَة شَيْطَان مَعْنَاهُ الْإِشَارَة الى الْهوى وَالدُّعَاء الى الْفِتْنَة بهَا لما جعل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي نفوس الرِّجَال من الْميل الى النِّسَاء والالتذاذ بنظرهن فَهِيَ شَبيهَة بالشيطان فِي دُعَائِهِ الى الشَّرّ بوسوسته وتزيينه فَإِن ذَلِك يرد مَا فِي نَفسه بِالْمُثَنَّاةِ تَحت من الرَّد.
وَقَالَ صَاحب النِّهَايَة رُوِيَ بِالْمُوَحَّدَةِ من الْبرد
[ سـ
:2582 ... بـ
:1403]
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا فَقَضَى حَاجَتَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمْ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ أَبِي الْعَالِيَةِ حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً وَلَمْ يَذْكُرْ تُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ
بَابُ نَدْبِ مَنْ رَأَى امْرَأَةً فَوَقَعَتْ فِي نَفْسِهِ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ
أَوْ جَارِيَتَهُ فَيُوَاقِعَهَا
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ فَإِذَا أَبْصَرَ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى : إِذَا أَحَدُكُمْ أَعْجَبَتْهُ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ فِي قَلْبِهِ فَلْيَعْمِدْ إِلَى امْرَأَتِهِ فَلْيُوَاقِعْهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَرُدُّ مَا فِي نَفْسِهِ .
هَذِهِ الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ مُبَيِّنَةٌ لِلْأُولَى .
وَمَعْنَى الْحَدِيثِ : أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ رَأَى امْرَأَةً فَتَحَرَّكَتْ شَهْوَتُهُ أَنْ يَأْتِيَ امْرَأَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ إِنْ كَانَتْ لَهُ ، فَلْيُوَاقِعْهَا لِيَدْفَعَ شَهْوَتَهُ ، وَتَسْكُنَ نَفْسُهُ ، وَيَجْمَعَ قَلْبَهُ عَلَى مَا هُوَ بِصَدَدِهِ .
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ وَتُدْبِرُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ) قَالَ الْعُلَمَاءُ : مَعْنَاهُ : الْإِشَارَةُ إِلَى الْهَوَى وَالدُّعَاءِ إِلَى الْفِتْنَةِ بِهَا لِمَا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي نُفُوسِ الرِّجَالِ مِنَ الْمَيْلِ إِلَى النِّسَاءِ ، وَالِالْتِذَاذِ بِنَظَرِهِنَّ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِنَّ ، فَهِيَ شَبِيهَةٌ بِالشَّيْطَانِ فِي دُعَائِهِ إِلَى الشَّرِّ بِوَسْوَسَتِهِ وَتَزْيِينِهِ لَهُ .
وَيُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ لَا تَخْرُجَ بَيْنَ الرِّجَالِ إِلَّا لِضَرُورَةٍ ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي لِلرَّجُلِ الْغَضُّ عَنْ ثِيَابِهَا ، وَالْإِعْرَاضُ عَنْهَا مُطْلَقًا .
قَوْلُهُ : ( تَمْعَسُ مَنِيئَةً ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : الْمَعْسُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ : الدَّلْكُ ، وَ ( الْمَنِيئَةُ ) بِمِيمٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ نُونٍ مَكْسُورَةٍ ثُمَّ هَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ ثُمَّ تَاءٍ تُكْتَبُ هَاءً ، وَهِيَ عَلَى وَزْنِ ( صَغِيرَةٍ ، وَكَبِيرَةٍ ، وَذَبِيحَةٍ ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ : هِيَ الْجِلْدُ أَوَّلُ مَا يُوضَعُ الدِّبَاغُ ،.
وَقَالَ الْكِسَائِيُّ : يُسَمَّى مَنِيئَةً مَا دَامَ فِي الدِّبَاغِ ،.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : هُوَ فِي أَوَّلِ الدِّبَاغِ مَنِيئَةٌ ، ثُمَّ أَفِيقٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْفَاءِ ، وَجَمْعُهُ أُفُقٌ ، كَقَفِيزِ وَقُفُزٌ ، ثُمَّ أَدِيمٌ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَوْلُهُ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى امْرَأَةً فَأَتَى امْرَأَتَهُ زَيْنَبَ ، وَهِيَ تَمْعَسُ مَنِيئَةً لَهَا ، فَقَضَى حَاجَتَهُ ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ : إِنَّ الْمَرْأَةَ تُقْبِلُ فِي صُورَةِ شَيْطَانٍ ) إِلَى آخِرِهِ .
قَالَ الْعُلَمَاءُ : إِنَّمَا فَعَلَ هَذَا بَيَانًا لَهُمْ ، وَإِرْشَادًا لِمَا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوهُ ، فَعَلَّمَهُمْ بِفِعْلِهِ وَقَوْلِهِ .
وَفِيهِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِطَلَبِ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ إِلَى الْوِقَاعِ فِي النَّهَارِ وَغَيْرِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَغِلَةً بِمَا يُمْكِنُ تَرْكُهُلِأَنَّهُ ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا غَلَبَتْ عَلَى الرَّجُلِ شَهْوَةٌ يَتَضَرَّرُ بِالتَّأْخِيرِ فِي بَدَنِهِ أَوْ فِي قَلْبِهِ وَبَصَرِهِ .
وَاللَّهُ أَعْلَمُ .