2647 حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الخُزَاعِيَّ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الجَنَّةِ ، كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ، أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ النَّارِ ، كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُتَكَبِّرٍ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ |
2647 حدثنا محمود بن غيلان قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن معبد بن خالد ، قال : سمعت حارثة بن وهب الخزاعي ، يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ألا أخبركم بأهل الجنة ، كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ، ألا أخبركم بأهل النار ، كل عتل جواظ متكبر : هذا حديث حسن صحيح |
شرح الحديث من تحفة الاحوذي
[2605] .
قَوْلُهُ ( أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ) هُوَ الثَّوْرِيُّ ( عَنْ مَعْبَدِ بْنِ خَالِدٍ) مُرَيْرٍ الْجَدَلِيِّ مِنْ جَدِيلَةِ قَيْسٍ الْكُوفِيِّ ثِقَةٌ عَابِدٌ مِنَ الثَّالِثَةِ ( سَمِعْتُ حَارِثَةَ بْنَ وَهْبٍ الْخُزَاعِيَّ) هُوَ أَخُو عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ لِأُمِّهِ لَهُ صُحْبَةٌ نَزَلَ الْكُوفَةَ كَذَا فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ .
قَوْلُهُ ( أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ كُلُّ ضَعِيفٍ) هُوَ بِرَفْعِ كُلٍّ لِأَنَّ التَّقْدِيرَ كُلُّ ضَعِيفٍ إِلَخْ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ أَهْلٍ ( مُتَضَعِّفٍ) قَالَ النَّوَوِيُّ ضَبَطُوهُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا الْمَشْهُورُ الْفَتْحُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْأَكْثَرُونَ غَيْرَهُ وَمَعْنَاهُ يَسْتَضْعِفُهُ النَّاسُ وَيَحْتَقِرُونَهُ وَيَتَجَبَّرُونَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ حَالِهِ فِي الدُّنْيَا يُقَالُ تَضَعَّفَهُ وَاسْتَضْعَفَهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الْكَسْرِ فَمَعْنَاهَا مُتَوَاضِعٌ مُتَذَلِّلٌ خَامِلٌ وَاضِعٌ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ القاضي وقد يكون الضعف ها هنا رقة القلوب ولينها وإخبانها لِلْإِيمَانِ وَالْمُرَادُ أَنَّ أَغْلَبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ كَمَا أَنَّ مُعْظَمَ أَهْلِ النَّارِ الْقِسْمُ الْآخَرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِيعَابُ فِي الطَّرَفَيْنِ ( لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ) قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا طَمَعًا فِي كَرْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِبْرَارِهِ لَأَبَرَّهُ وَقِيلَ لَوْ دَعَاهُ لَأَجَابَهُ يُقَالُ أَبْرَرْتُ قَسَمَهُ وَبَرَرْتُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ أَيْ لَوْ حَلَفَ عَلَى وُقُوعِ شَيْءٍ لَأَبَرَّهُ أَيْ أَوْقَعَهُ اللَّهُ إِكْرَامًا لَهُ وَصِيَانَةً لَهُ مِنَ الْحِنْثِ لِعِظَمِ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَهُ وَإِنِ احْتُقِرَ عِنْدَ النَّاسِ انْتَهَى ( كُلُّ عُتُلٍّ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ بَعْدَهَا لَامٌ ثَقِيلَةٌ قَالَ النَّوَوِيُّ هُوَ الجافي الشديد الخصومة بالباطل وقيل الحافي الْفَظُّ الْغَلِيظُ ( جَوَّاظٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وبالظاء المعجمة هو الجموع الممنوع وَقِيلَ كَثِيرُ اللَّحْمِ الْمُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ ( مُتَكَبِّرٍ) أَيْ صَاحِبِ الْكِبْرِ وَهُوَ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ .
قَوْلُهُ ( هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ) وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ والشيخان والنسائي وبن ماجة38 - كتاب الإيمان قَالَ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ هُوَ ( أَيِ الْإِيمَانُ) قَوْلٌ وَفِعْلٌ قَالَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ الْمُرَادُ بِالْقَوْلِ النُّطْقُ بِالشَّهَادَتَيْنِ.
وَأَمَّا الْعَمَلُ فَالْمُرَادُ بِهِ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ عَمَلِ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ لِيَدْخُلَ الِاعْتِقَادُ وَالْعِبَادَاتُ وَمُرَادُ مَنْ أَدْخَلَ ذَلِكَ فِي تَعْرِيفِ الْإِيمَانِ وَمَنْ نَفَاهُ إِنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَالسَّلَفُ قَالُوا هُوَ اعْتِقَادٌ بِالْقَلْبِ وَنُطْقٌ بِاللِّسَانِ وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ وَأَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ الْأَعْمَالَ شَرْطٌ في كماله ومن هنا نشألهم الْقَوْلُ بِالزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ كَمَا سَيَأْتِي وَالْمُرْجِئَةُ قَالُوا هُوَ اعْتِقَادٌ وَنُطْقٌ فَقَطْ وَالْكَرَّامِيَّةُ قَالُوا هُوَ نُطْقٌ فَقَطْ وَالْمُعْتَزِلَةُ قَالُوا هُوَ الْعَمَلُ وَالنُّطْقُ وَالِاعْتِقَادُ وَالْفَارِقُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّلَفِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا الْأَعْمَالَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهِ وَالسَّلَفُ جَعَلُوهَا شَرْطًا فِي كَمَالِهِ وَهَذَا كُلُّهُ كَمَا قُلْنَا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى مَا عِنْدَنَا فَالْإِيمَانُ هُوَ الْإِقْرَارُ فَقَطْ فَمَنْ أَقَرَّ أُجْرِيَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ فِي الدُّنْيَا وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِكُفْرٍ إِلَّا إِنِ اقْتَرَنَ بِهِ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى كُفْرِهِ كَالسُّجُودِ لِلصَّنَمِ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْكُفْرِ كَالْفِسْقِ فَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْإِيمَانَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى إِقْرَارِهِ وَمَنْ نَفَى عَنْهُ الْإِيمَانَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى كَمَالِهِ وَمَنْ أَطْلَقَ عَلَيْهِ الْكُفْرَ فَبِالنَّظَرِ إِلَى أَنَّهُ فِعْلُ الْكَافِرِ وَمَنْ نَفَاهُ عَنْهُ فَبِالنَّظَرِ إِلَى حَقِيقَتِهِ وَأَثْبَتَتِ الْمُعْتَزِلَةُ الْوَاسِطَةَ فَقَالُوا الْفَاسِقُ لَا مُؤْمِنٌ لَا كَافِرٌ انْتَهَى مَا فِي الْفَتْحِ قَالَ الْعَيْنِيُّ فَإِنْ قُلْتَ الْإِيمَانُ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ قَوْلٌ وَفِعْلٌ وَاعْتِقَادٌ فَكَيْفَ ذَكَرَ الْقَوْلَ وَالْفِعْلَ وَلَمْ يَذْكُرِ الِاعْتِقَادَ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ.
قُلْتُ لَا نِزَاعَ فِي أَنَّ الِاعْتِقَادَ لَا بُدَّ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ هَلْ هُمَا مِنْهُ أَمْ لَا فَلِأَجْلِ ذلك ذكر ما هو المتنازع فيه ( بَاب مَا جَاءَ أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا) لَا إله إلا الله