هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2660 حَدَّثَنَا أَبُو اليَمَانِ ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ ، كَمَثَلِ الصَّائِمِ القَائِمِ ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ ، بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
2660 حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني سعيد بن المسيب ، أن أبا هريرة ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : مثل المجاهد في سبيل الله ، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله ، كمثل الصائم القائم ، وتوكل الله للمجاهد في سبيله ، بأن يتوفاه أن يدخله الجنة ، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Narrated Abu Huraira:

I heard Allah's Messenger (ﷺ) saying, The example of a Mujahid in Allah's Cause-- and Allah knows better who really strives in His Cause----is like a person who fasts and prays continuously. Allah guarantees that He will admit the Mujahid in His Cause into Paradise if he is killed, otherwise He will return him to his home safely with rewards and war booty.

Abu Hurayra dit: «J'ai entendu le Messager d'Allah  dire: La semblance du combattant pour la cause d'Allah — et Allah est plus informé de celui qui combat pour sa cause — est celle de l'homme qui jeûne et qui prie [la nuit]... Et Allah se porte garant de faire entrer dans le Paradis le Combattant pour sa cause, s'il recueille [son âme], ou de le faire revenir sain et sauf avec une Récompense ou un butin. » 'Umar dit: Ô Allah! accordemoi une chahâda dans la ville de ton Messager!

":"ہم سے ابوالیمان نے بیان کیا ‘ کہا ہم کو شعیب نے خبر دی ‘ ان سے زہری نے بیان کیا کہ مجھے سعید بن مسیب نے خبر دی اور ان سے ابوہریرہ رضی اللہ عنہ نے بیان کیا کہمیں نے رسول اللہ صلی اللہ علیہ وسلم سے سنا ‘ آپ صلی اللہ علیہ وسلم فرما رہے تھے کہ اللہ کے راستے میں جہاد کرنے والے کی مثال ۔ ۔ ۔ ۔ اور اللہ تعالیٰ اس شخص کو خوب جانتا ہے جو ( خلوص دل کے ساتھ صرف اللہ تعالیٰ کی رضا کیلئے ) اللہ کے راستے میں جہاد کرتا ہے ۔ ۔ ۔ ۔ ۔ اس شخص کی سی ہے جو رات میں برابر نماز پڑھتا رہے اور دن میں برابر روزے رکھتا رہے اور اللہ تعالیٰ نے اپنے راستے میں جہاد کرنے والے کیلئے اس کی ذمہ داری لے لی ہے کہ اگر اسے شہادت دے گا تو اسے بے حساب و کتاب جنت میں داخل کرے گا یا پھر زندہ و سلامت ( گھر ) ثواب اور مال غنیمت کے ساتھ واپس کرے گا ۔

Abu Hurayra dit: «J'ai entendu le Messager d'Allah  dire: La semblance du combattant pour la cause d'Allah — et Allah est plus informé de celui qui combat pour sa cause — est celle de l'homme qui jeûne et qui prie [la nuit]... Et Allah se porte garant de faire entrer dans le Paradis le Combattant pour sa cause, s'il recueille [son âme], ou de le faire revenir sain et sauf avec une Récompense ou un butin. » 'Umar dit: Ô Allah! accordemoi une chahâda dans la ville de ton Messager!

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [2787] .

     قَوْلُهُ  مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى اعْتِبَارِ الْإِخْلَاصِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْخَاشِعِ الرَّاكِع الساجد وَفِي الْمُوَطَّأ وبن حِبَّانَ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ نَهَارَهُ الْقَائِمِ لَيْلَهُ وَشَبَّهَ حَالَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ بِحَالِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي نَيْلِ الثَّوَابِ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ مِنْ لَا يَفْتُرُ سَاعَةً عَنِ الْعِبَادَةِ فَأَجْرُهُ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِدُ لاتضيع سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِهِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ لَتَسْتَنُّ فَرَسُهُ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ وَأَصْرَحُ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ذَلِكَ بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب الْآيَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَتَوَكَّلَ اللَّهُ إِلَخْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مُفْرَدًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ وَلَفْظُهُ انْتَدَبَ اللَّهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَفِيهِ الْتِفَاتٌ وَإِنَّ فِيهِ انْتِقَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْحُضُورِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَة.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ فِيهِ حَذْفُ الْقَوْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْمَقُولِ وَهُوَ سَائِغٌ شَائِعٌ سَوَاءٌ كَانَ حَالًا أَوْ غَيْرَ حَالٍ فَمِنَ الْحَالِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمنُوا رَبنَا وسعت أَيْ قَائِلِينَ رَبَّنَا وَهَذَا مِثْلُهُ أَيْ قَائِلًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَخْ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الطُّرُقُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سِيَاقِهِ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ بِلَفْظِ تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ وَسَيَأْتِي كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ نَعَمْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ فَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ وَلَفْظُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِي ضَمِنْتُ لَهُ إِنْ رَجَعْتُهُ أَنْ أَرْجِعَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ الْحَدِيثُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بِلَفْظِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِي هُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ إِنْ رَجَعْتُهُ رَجَعْتُهُ بِأَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَولُهُ تَضَمَّنَ اللَّهُ وَتَكَفَّلَ اللَّهُ وَانْتَدَبَ اللَّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمُحَصِّلُهُ تَحْقِيقُ الْوَعْدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ وَذَلِكَ التَّحْقِيقُ عَلَى وَجْهِالْفَضْلِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدْ عَبَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتفضله بِالثَّوَابِ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُخَاطَبِينَ فِيمَا تَطْمَئِنُّ بِهِ نُفُوسُهُمْ وَقَولُهُ لَا يُخْرِجِهُ إِلَّا الْجِهَادُ نَصٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ خُلُوصِ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا وَقَولُهُ فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَيْ مَضْمُونٌ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ذُو ضَمَانٍ .

     قَوْلُهُ  بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِنْ تَوَفَّاهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ أَنْ تَوَفَّاهُ بِالشَّرْطِيَّةِ وَالْفِعْلِ الْمَاضِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَيْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ أَوِ الْمُرَادُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ سَاعَةَ مَوْتِهِ كَمَا وَرَدَ أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنْ قَالَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَالرَّاجِعِ سَالِمًا لِأَنَّ حُصُولَ الْأَجْرِ يَسْتَلْزِمُ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ دُخُولٌ خَاصٌّ .

     قَوْلُهُ  أَوْ يَرْجِعَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِالْعَطْفِ عَلَى يَتَوَفَّاهُ .

     قَوْلُهُ  مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَيْ مَعَ أَجْرٍ خَالِصٍ إِنْ لَمْ يَغْنَمْ شَيْئًا أَوْ مَعَ غَنِيمَةٍ خَالِصَةٍ مَعَهَا أَجْرٌ وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنِ الْأَجْرِ الثَّانِي الَّذِي مَعَ الْغَنِيمَةِ لِنَقْصِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَجْرِ الَّذِي بِلَا غَنِيمَةٍ وَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا غَنِمَ لَا يَحْصُلُ لَهُ أَجْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلِ الْمُرَادُ أَوْ غَنِيمَةٍ مَعَهَا أَجْرٌ أَنْقَصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَتَمُّ أَجْرًا عِنْدَ وُجُودِهَا فَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْحِرْمَانِ وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي نَفْيِ الْجَمْعِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ إِمَّا يُسْتَشْهَدُ أَوْ لَا وَالثَّانِي لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ مَعَ إِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فَهِيَ قَضِيَّةٌ مَانِعَةٌ الْخُلُوَّ لَا الْجَمْعَ وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ إِنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهِ جَزَمَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَرَجَّحَهَا التُّورِبِشْتِيُّ وَالتَّقْدِيرُ بِأَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَقَالُوا أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ بِصِيغَةِ أَوْ وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ أَوْ غَنِيمَةٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْهُ فَوَقَعَ فِيهِ بِلَفْظٍ وَغَنِيمَةٍ وَرِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا مَقَالٌ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْوَاوِ أَيْضًا وَكَذَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظٍ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مَحْفُوظَةً تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِأَنَّ أَوْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ نُحَاةِ الْكُوفِيِّينَ لَكِنْ فِيهِ إِشْكَالٌ صَعْبٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ لِكُلِّ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْغُزَاةِ يَرْجِعُ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ فَمَا فَرَّ مِنْهُ الَّذِي ادَّعَى أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَقَعَ فِي نَظِيرِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَن من رَجَعَ بغنيمة رَجَعَ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَمَا يَلْزَمُ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ أَنَّ كُلَّ غَازٍ يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ مَعًا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَهَذَا يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الَّذِي يَغْنَمُ يَرْجِعُ بِأَجْرٍ لَكِنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ فَتَكُونُ الْغَنِيمَةُ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ أَجْرِ الْغَزْوِ فَإِذَا قُوبِلَ أَجْرُ الْغَانِمِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَتَمَتُّعِهِ بِأَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ كَانَ أَجْرُ مَنْ غَنِمَ دُونَ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ خَبَّابٍ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْآتِي فَمِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا الْحَدِيثَ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ نَقْصَ ثَوَابِ الْمُجَاهِدِ بِأَخْذِهِ الْغَنِيمَةَوَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ وَقَدِ اشْتَهَرَ تَمَدُّحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِلِّ الْغَنِيمَةِ وَجَعْلِهَا مِنْ فَضَائِلِ أُمَّتِهِ فَلَوْ كَانَتْ تَنْقُصُ الْأَجْرَ مَا وَقَعَ التَّمَدُّحُ بِهَا وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ أَجْرُ أَهْلِ بَدْرٍ أَنْقَصَ مِنْ أَجْرِ أَهْلِ أُحُدٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ أَفْضَلُ بالِاتِّفَاقِ وَسبق إِلَى هَذَا الْإِشْكَال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَحَكَاهُ عِيَاضٌ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعَّفَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وبن يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ تَجْرِيحٌ لِأَحَدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ نَقْصَ الْأَجْرِ عَلَى غَنِيمَةٍ أُخِذَتْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا وَظُهُورُ فَسَادِ هَذَا الْوَجْهِ يُغْنِي عَنِ الْإِطْنَابِ فِي رَدِّهِ إِذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا أَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ نَقْصَ الْأَجْرِ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْغَنِيمَةَ فِي ابْتِدَاءِ جِهَادِهِ وَحَمَلَ تَمَامَهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْجِهَادَ مَحْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَدْرَ الْحَدِيثِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمُقَسَّمَ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ أَخْلَصَ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ الْوَجْهُ عِنْدِي إِجْرَاءُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا وَاسْتِعْمَالُهُمَا عَلَى وَجْهِهِمَا وَلَمْ يُجِبْ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَهْلِ بدر.

     وَقَالَ  بن دَقِيق الْعِيد لاتعارض بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَلِ الْحُكْمُ فِيهِمَا جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْأُجُورَ تَتَفَاوَتُ بِحَسَبِ زِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فِيمَا كَانَ أَجْرُهُ بِحَسَبِ مَشَقَّتِهِ إِذْ لِلْمَشَقَّةِ دُخُولٌ فِي الْأَجْرِ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ الْعَمَلُ الْمُتَّصِلُ بِأَخْذِ الْغَنَائِمِ يَعْنِي فَلَوْ كَانَتْ تَنْقُصُ الْأَجْرَ لَمَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُثَابِرُونَ عَلَيْهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَخْذَهَا مِنْ جِهَةِ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَصَالِحِ الْجُزْئِيَّةِ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ أَخْذَ الْغَنَائِمِ أَوَّلَ مَا شُرِعَ كَانَ عَوْنًا عَلَى الدِّينِ وَقُوَّةً لِضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ مَصْلَحَةٌ عُظْمَى يُغْتَفَرُ لَهَا بَعْضُ النَّقْصِ فِي الْأَجْرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ.

.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّنِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِحَالِ أَهْلِ بَدْرٍ فَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّقَابُلُ بَيْنَ كَمَالِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ لِمَنْ يَغْزُو بِنَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَغْنَمْ أَوْ يَغْزُو فَيَغْنَمُ فَغَايَتُهُ أَنَّ حَالَ أَهْلِ بَدْرٍ مَثَلًا عِنْدَ عَدَمِ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ حَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَرِدْ فِيهِمْ نَصٌّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَغْنَمُوا كَانَ أَجْرُهُمْ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَغْفُورًا لَهُمْ وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْمُجَاهِدِينَ أَنْ لَا يَكُونَ وَرَاءَهُمْ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى.

.
وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ بِحِلِّ الْغَنَائِمِ فَغَيْرُ وَارِدٍ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنِ الْحِلِّ ثُبُوتُ وَفَاءِ الْأَجْرِ لِكُلِّ غَازٍ وَالْمُبَاحُ فِي الْأَصْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ بِنَفْسِهِ لَكِنْ ثَبَتَ أَنَّ أَخْذَ الْغَنِيمَةِ وَاسْتِيلَاءَهَا مِنِ الْكُفَّارِ يَحْصُلُ الثَّوَابُ وَمَعَ ذَلِكَ فَمَعَ صِحَّةِ ثُبُوتِ الْفَضْلِ فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ وَصِحَّةِ التَّمَدُّحِ بِأَخْذِهَا لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ غَازٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ أَجْرِ غَزَاتِهِ نَظِيرُ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ شَيْئًا الْبَتَّةَ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي مَثَّلَ بِأَهْلِ بَدْرٍ أَرَادَ التَّهْوِيلَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ آخِرًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَعَ أَخْذِ الْغَنِيمَةِ أَنْقَصَ أَجْرًا مِمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ أَجْرُ الْغَنِيمَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي حَالِ أَخْذِهِمُ الْغَنِيمَةَ مَفْضُولِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَمَنْ شَهِدَ أُحُدًا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَغْنَمُوا شَيْئًا بَلْ أَجْرُ الْبَدْرِيِّ فِي الْأَصْلِ أَضْعَافُ أَجْرِ مَنْ بَعْدَهُ مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَوْ فُرِضَ أَنَّ أَجْرَ الْبَدْرِيِّ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ سِتُّمِائَةٍ وَأَجْرَ الْأُحُدِيِّ مَثَلًا بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ مِائَةٌ فَإِذَا نَسَبْنَا ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كَانَ لِلْبَدْرِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَذَ الْغَنِيمَةَ مِائَتَانِ وَهِيَ ثُلُثُ السِّتِّمِائَةِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَجْرًا مِنَ الْأُحُدِيِّ وَإِنَّمَا امْتَازَ أَهْلُ بَدْرٍ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا أَوَّلَ غَزْوَةٍ شَهِدَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ وَكَانَ مَبْدَأَ اشْتِهَارِ الْإِسْلَامِ وَقُوَّةَ أَهْلِهِ فَكَانَ لِمَنْ شَهِدَهَا مِثْلُ أَجْرِ مَنْ شَهِدَ الْمَغَازِيَ الَّتِي بَعْدَهَا جَمِيعًا فَصَارَتْ لَا يُوَازِيهَا شَيْءٌ فِي الْفَضْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَقْصِ أَجْرِ مَنْ غَنِمَ أَنَّ الَّذِي لَا يَغْنَمُ يَزْدَادُ أَجْرُهُ لِحُزْنِهِ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ كَمَا يُؤْجَرُ مَنْ أُصِيبَ بِمَا لَهُ فَكَانَ الْأَجْرُ لِمَا نَقَصَ عَنِ الْمُضَاعَفَةِ بِسَبَبِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ ذَلِكَ كَالنَّقْصِ مِنْ أَصْلِ الْأَجْرِ وَلَا يَخْفَى مُبَايَنَةُ هَذَا التَّأْوِيلِلِسِيَاقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِلتَّعْبِيرِ بِثُلُثَيِ الْأَجْرِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِكْمَةً لَطِيفَةً بَالِغَةً وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُجَاهِدِينَ ثَلَاثَ كَرَامَاتٍ دُنْيَوِيَّتَانِ وَأُخْرَوِيَّةٌ فَالدُّنْيَوِيَّتَانِ السَّلَامَةُ وَالْغَنِيمَةُ وَالْأُخْرَوِيَّةُ دُخُولُ الْجَنَّةِ فَإِذَا رَجَعَ سَالِمًا غَانِمًا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ ثُلُثَا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ وَبَقِيَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الثُّلُثُ وَإِنْ رَجَعَ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ عَوَّضَهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ثَوَابًا فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَهُ وَكَأَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُجَاهِدِ إِذَا فَاتَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا عَوَّضْتُكَ عَنْهُ ثَوَابًا.

.
وَأَمَّا الثَّوَابُ الْمُخْتَصُّ بِالْجِهَادِ فَهُوَ حَاصِلٌ لِلْفَرِيقَيْنِ مَعًا قَالَ وَغَايَةُ مَا فِيهِ عَدُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّعْمَتَيْنِ الدُّنْيَوِيَّتَيْنِ أَجْرًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَالله أعلم وَفِي الحَدِيث أَن الْفَضَائِل لاتدرك دَائِمًا بِالْقِيَاسِ بَلْ هِيَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ التَّمْثِيلِ فِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ لِأَعْيَانِهَا وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَة إِجْمَالا وتفصيلا وَالله أعلم ( قَولُهُ بَابُ الدُّعَاءِ بِالْجِهَادِ وَالشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) قَالَ بن الْمُنِيرِ وَغَيْرُهُ وَجْهُ دُخُولِ هَذِهِ التَّرْجَمَةِ فِي الْفِقْهِ أَنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الدُّعَاءِ بِالشَّهَادَةِ يَسْتَلْزِمُ طَلَبَ نَصْرِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَإِعَانَةَ مَنْ يَعْصِي اللَّهَ عَلَى مَنْ يُطِيعُهُ لَكِنَّ الْقَصْدَ الْأَصْلِيَّ إِنَّمَا هُوَ حُصُولُ الدَّرَجَةِ الْعُلْيَا الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى حُصُولِ الشَّهَادَةِ وَلَيْسَ مَا ذَكَرَهُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا يَقَعُ مِنْ ضَرُورَةِ الْوُجُودِ فَاغْتُفِرَ حُصُولُ الْمَصْلَحَةِ الْعُظْمَى مِنْ دَفْعِ الْكُفَّارِ وَإِذْلَالِهِمْ وَقَهْرِهِمْ بِقَصْدِ قَتْلِهِمْ بِحُصُولِ مَا يَقَعُ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ مِنْ قَتْلِ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ وَجَازَ تَمَنِّي الشَّهَادَةَ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ صِدْقِ مَنْ وَقَعَتْ لَهُ مِنْ إِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللَّهِ حَتَّىبَذَلَ نَفْسَهُ فِي تَحْصِيلِ ذَلِكَ ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ حَدِيثَ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ أُمِّ حَرَامٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَوْلُ أُمِّ حَرَامٍ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَدَعَا لَهَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى اسْتِيفَاءِ شَرْحِهِ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ فِي حَقِّ النِّسَاءِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حكم الرِّجَال بطرِيق الأولى وَأغْرب بن التِّينِ فَقَالَ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ تَمَنِّي الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا فِيهِ تَمَنِّي الْغَزْوِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ هِيَ الثَّمَرَةُ الْعُظْمَى الْمَطْلُوبَةُ فِي الْغَزْوِ وَأُمُّ حَرَامٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَتَيْنِ هِيَ خَالَةُ أَنَسٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَى مَالِكٍ فِي إِسْنَادِهِ لَكِنْ رَوَاهُ بِشْرُ بْنُ عُمَرَ عَنْهُ فَقَالَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُمِّ حَرَامٍ وَهُوَ مُوَافِقُ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ الَّتِي سَتَأْتِي .

     قَوْلُهُ .

     وَقَالَ  عُمَرُ إِلَخْ تَقَدَّمَ فِي أَوَاخِرِ الْحَجِّ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ شَرحه وَبَيَان من وَصله ( قَولُهُ بَابُ دَرَجَاتِ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أَيْ بَيَانُهَا وَقَولُهُ يُقَالُ هَذِهِ سَبِيلِي أَيْ أَنَّ السَّبِيلَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَبِذَلِكَ جَزَمَ الْفَرَّاءُ فَقَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ليضل عَن سَبِيل الله ويتخذها هزؤا الضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى آيَاتِ الْقُرْآنِ وَإِنْ شِئْتَ جَعَلْتَهُ لِلسَّبِيلِ لِأَنَّهَا قَدْ تُؤَنَّثُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قل هَذِه سبيلي وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهَا سَبِيلًا انْتَهَى وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى هَذِهِ إِشَارَةً إِلَى الطَّرِيقَةِ أَيْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ الْمَذْكُورَةُ هِيَ سَبِيلِي فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى تَأْنِيثِ السَّبِيلِ .

     قَوْلُهُ  غُزًّا بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ الزَّايِ مَعَ التَّنْوِينِ وَاحِدُهَا غَازٍ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ وَهُوَ مِثْلُ قُوَّلٍ وَقَائِلٍ انْتَهَى .

     قَوْلُهُ  هُمْ دَرَجَاتٌ لَهُمْ دَرَجَاتٌ هُوَ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا قَالَ .

     قَوْلُهُ  هُمْ دَرَجَاتٌ أَيْ مَنَازِلُ وَمَعْنَاهُ لَهُمْ دَرَجَاتٌ.

     وَقَالَ غَيْرُهُ التَّقْدِيرُ هُمْ ذَوُو دَرَجَاتٍ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :2660 ... غــ :2787] .

     قَوْلُهُ  مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى اعْتِبَارِ الْإِخْلَاصِ وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا .

     قَوْلُهُ  كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَفْتُرُ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صِيَامٍ زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْخَاشِعِ الرَّاكِع الساجد وَفِي الْمُوَطَّأ وبن حِبَّانَ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلَا صَلَاةٍ حَتَّى يَرْجِعَ وَلِأَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مَرْفُوعًا مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ نَهَارَهُ الْقَائِمِ لَيْلَهُ وَشَبَّهَ حَالَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ بِحَالِ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فِي نَيْلِ الثَّوَابِ فِي كُلِّ حَرَكَةٍ وَسُكُونٍ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الصَّائِمِ الْقَائِمِ مِنْ لَا يَفْتُرُ سَاعَةً عَنِ الْعِبَادَةِ فَأَجْرُهُ مُسْتَمِرٌّ وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِدُ لاتضيع سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِهِ بِغَيْرِ ثَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ لَتَسْتَنُّ فَرَسُهُ فَيُكْتَبُ لَهُ حَسَنَاتٌ وَأَصْرَحُ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى ذَلِكَ بِأَنَّهُم لَا يصيبهم ظمأ وَلَا نصب الْآيَتَيْنِ .

     قَوْلُهُ  وَتَوَكَّلَ اللَّهُ إِلَخْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مُفْرَدًا فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَسِيَاقُهُ أَتَمُّ وَلَفْظُهُ انْتَدَبَ اللَّهُ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ تَضَمَّنَ اللَّهُ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَفِيهِ الْتِفَاتٌ وَإِنَّ فِيهِ انْتِقَالًا مِنْ ضَمِيرِ الْحُضُورِ إِلَى ضَمِيرِ الْغَيْبَة.

     وَقَالَ  بن مَالِكٍ فِيهِ حَذْفُ الْقَوْلِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْمَقُولِ وَهُوَ سَائِغٌ شَائِعٌ سَوَاءٌ كَانَ حَالًا أَوْ غَيْرَ حَالٍ فَمِنَ الْحَالِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمنُوا رَبنَا وسعت أَيْ قَائِلِينَ رَبَّنَا وَهَذَا مِثْلُهُ أَيْ قَائِلًا لَا يُخْرِجُهُ إِلَخْ وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الطُّرُقُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي سِيَاقِهِ فَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْهُ بِلَفْظِ تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا جِهَادٌ فِي سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ وَسَيَأْتِي كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ فِي كِتَابِ الْخُمُسِ وَأَخْرَجَهُ الدَّارِمِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَاتِهِ نَعَمْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيث بن عُمَرَ فَوَقَعَ فِي رِوَايَتِهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْإِلَهِيَّةِ وَلَفْظُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ قَالَ أَيُّمَا عَبْدٍ مِنْ عِبَادِي خَرَجَ مُجَاهِدًا فِي سَبِيلِ ابْتِغَاءِ مَرْضَاتِي ضَمِنْتُ لَهُ إِنْ رَجَعْتُهُ أَنْ أَرْجِعَهُ بِمَا أَصَابَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ الْحَدِيثُ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بِلَفْظِ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِي هُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ إِنْ رَجَعْتُهُ رَجَعْتُهُ بِأَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ الْحَدِيثَ وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَولُهُ تَضَمَّنَ اللَّهُ وَتَكَفَّلَ اللَّهُ وَانْتَدَبَ اللَّهُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَمُحَصِّلُهُ تَحْقِيقُ الْوَعْدِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ وَذَلِكَ التَّحْقِيقُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ مِنْهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَقَدْ عَبَّرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتفضله بِالثَّوَابِ بِلَفْظِ الضَّمَانِ وَنَحْوِهِ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُخَاطَبِينَ فِيمَا تَطْمَئِنُّ بِهِ نُفُوسُهُمْ وَقَولُهُ لَا يُخْرِجِهُ إِلَّا الْجِهَادُ نَصٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ خُلُوصِ النِّيَّةِ فِي الْجِهَادِ وَسَيَأْتِي بَسْطُ الْقَوْلِ فِيهِ بَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا وَقَولُهُ فَهُوَ عَلَيَّ ضَامِنٌ أَيْ مَضْمُونٌ أَوْ مَعْنَاهُ أَنَّهُ ذُو ضَمَانٍ .

     قَوْلُهُ  بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ إِنْ تَوَفَّاهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ أَنْ تَوَفَّاهُ بِالشَّرْطِيَّةِ وَالْفِعْلِ الْمَاضِي أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ أَوْضَحُ .

     قَوْلُهُ  أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَيْ بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلَا عَذَابٍ أَوِ الْمُرَادُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ سَاعَةَ مَوْتِهِ كَمَا وَرَدَ أَنَّ أَرْوَاحَ الشُّهَدَاءِ تَسْرَحُ فِي الْجَنَّةِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يَنْدَفِعُ إِيرَادُ مَنْ قَالَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الشَّهِيدِ وَالرَّاجِعِ سَالِمًا لِأَنَّ حُصُولَ الْأَجْرِ يَسْتَلْزِمُ دُخُولَ الْجَنَّةِ وَمُحَصَّلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ دُخُولٌ خَاصٌّ .

     قَوْلُهُ  أَوْ يَرْجِعَهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِالْعَطْفِ عَلَى يَتَوَفَّاهُ .

     قَوْلُهُ  مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ أَيْ مَعَ أَجْرٍ خَالِصٍ إِنْ لَمْ يَغْنَمْ شَيْئًا أَوْ مَعَ غَنِيمَةٍ خَالِصَةٍ مَعَهَا أَجْرٌ وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنِ الْأَجْرِ الثَّانِي الَّذِي مَعَ الْغَنِيمَةِ لِنَقْصِهِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَجْرِ الَّذِي بِلَا غَنِيمَةٍ وَالْحَامِلُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّ ظَاهِرَ الْحَدِيثِ أَنَّهُ إِذَا غَنِمَ لَا يَحْصُلُ لَهُ أَجْرٌ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا بَلِ الْمُرَادُ أَوْ غَنِيمَةٍ مَعَهَا أَجْرٌ أَنْقَصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ تَقْتَضِي أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَتَمُّ أَجْرًا عِنْدَ وُجُودِهَا فَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي نَفْيِ الْحِرْمَانِ وَلَيْسَ صَرِيحًا فِي نَفْيِ الْجَمْعِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُجَاهِدَ إِمَّا يُسْتَشْهَدُ أَوْ لَا وَالثَّانِي لَا يَنْفَكُّ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ مَعَ إِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِمَا فَهِيَ قَضِيَّةٌ مَانِعَةٌ الْخُلُوَّ لَا الْجَمْعَ وَقَدْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ إِنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَبِهِ جَزَمَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَالْقُرْطُبِيُّ وَرَجَّحَهَا التُّورِبِشْتِيُّ وَالتَّقْدِيرُ بِأَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَقَدْ وَقَعَ كَذَلِكَ فِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَوَاهُ كَذَلِكَ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى فَقَالُوا أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ بِصِيغَةِ أَوْ وَقَدْ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ أَوْ غَنِيمَةٍ وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ إِلَّا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْهُ فَوَقَعَ فِيهِ بِلَفْظٍ وَغَنِيمَةٍ وَرِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ مَالِكٍ فِيهَا مَقَالٌ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْوَاوِ أَيْضًا وَكَذَا مِنْ طَرِيقِ عَطَاءِ بْنِ مِينَاءَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بِلَفْظٍ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ فَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتُ مَحْفُوظَةً تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِأَنَّ أَوْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْوَاوِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ نُحَاةِ الْكُوفِيِّينَ لَكِنْ فِيهِ إِشْكَالٌ صَعْبٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى أَنْ يَكُونَ الضَّمَانُ وَقَعَ بِمَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ لِكُلِّ مَنْ رَجَعَ وَقَدْ لَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْغُزَاةِ يَرْجِعُ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ فَمَا فَرَّ مِنْهُ الَّذِي ادَّعَى أَنَّ أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ وَقَعَ فِي نَظِيرِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى ظَاهِرِهَا أَن من رَجَعَ بغنيمة رَجَعَ بِغَيْرِ أَجْرٍ كَمَا يَلْزَمُ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ أَنَّ كُلَّ غَازٍ يُجْمَعُ لَهُ بَيْنَ الْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ مَعًا وَقَدْ رَوَى مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ مَرْفُوعًا مَا مِنْ غَازِيَةٍ تَغْزُو فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُصِيبُونَ الْغَنِيمَةَ إِلَّا تَعَجَّلُوا ثُلُثَيْ أَجْرِهِمْ مِنَ الْآخِرَةِ وَيَبْقَى لَهُمُ الثُّلُثُ فَإِنْ لَمْ يُصِيبُوا غَنِيمَةً تَمَّ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَهَذَا يُؤَيِّدُ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ وَأَنَّ الَّذِي يَغْنَمُ يَرْجِعُ بِأَجْرٍ لَكِنَّهُ أَنْقَصُ مِنْ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ فَتَكُونُ الْغَنِيمَةُ فِي مُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ أَجْرِ الْغَزْوِ فَإِذَا قُوبِلَ أَجْرُ الْغَانِمِ بِمَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَتَمَتُّعِهِ بِأَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي التَّعَبِ وَالْمَشَقَّةِ كَانَ أَجْرُ مَنْ غَنِمَ دُونَ أَجْرِ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ وَهَذَا مُوَافِقٌ لِقَوْلِ خَبَّابٍ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الْآتِي فَمِنَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَأْكُلْ مِنْ أَجْرِهِ شَيْئًا الْحَدِيثَ وَاسْتَشْكَلَ بَعْضُهُمْ نَقْصَ ثَوَابِ الْمُجَاهِدِ بِأَخْذِهِ الْغَنِيمَةَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ وَقَدِ اشْتَهَرَ تَمَدُّحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحِلِّ الْغَنِيمَةِ وَجَعْلِهَا مِنْ فَضَائِلِ أُمَّتِهِ فَلَوْ كَانَتْ تَنْقُصُ الْأَجْرَ مَا وَقَعَ التَّمَدُّحُ بِهَا وَأَيْضًا فَإِنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ أَجْرُ أَهْلِ بَدْرٍ أَنْقَصَ مِنْ أَجْرِ أَهْلِ أُحُدٍ مَثَلًا مَعَ أَنَّ أَهْلَ بَدْرٍ أَفْضَلُ بالِاتِّفَاقِ وَسبق إِلَى هَذَا الْإِشْكَال بن عَبْدِ الْبَرِّ وَحَكَاهُ عِيَاضٌ وَذَكَرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ ضَعَّفَ حَدِيثَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو لِأَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ حُمَيْدِ بْنِ هَانِئٍ وَلَيْسَ بِمَشْهُورٍ وَهَذَا مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ ثِقَةٌ يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وبن يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ تَجْرِيحٌ لِأَحَدٍ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ نَقْصَ الْأَجْرِ عَلَى غَنِيمَةٍ أُخِذَتْ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا وَظُهُورُ فَسَادِ هَذَا الْوَجْهِ يُغْنِي عَنِ الْإِطْنَابِ فِي رَدِّهِ إِذْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لَمْ يَبْقَ لَهُمْ ثُلُثُ الْأَجْرِ وَلَا أَقَلُّ مِنْهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَ نَقْصَ الْأَجْرِ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْغَنِيمَةَ فِي ابْتِدَاءِ جِهَادِهِ وَحَمَلَ تَمَامَهُ عَلَى مَنْ قَصَدَ الْجِهَادَ مَحْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ صَدْرَ الْحَدِيثِ مُصَرِّحٌ بِأَنَّ الْمُقَسَّمَ رَاجِعٌ إِلَى مَنْ أَخْلَصَ لِقَوْلِهِ فِي أَوَّلِهِ لَا يُخْرِجُهُ إِلَّا إِيمَانٌ بِي وَتَصْدِيقٌ بِرُسُلِي.

     وَقَالَ  عِيَاضٌ الْوَجْهُ عِنْدِي إِجْرَاءُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا وَاسْتِعْمَالُهُمَا عَلَى وَجْهِهِمَا وَلَمْ يُجِبْ عَنِ الْإِشْكَالِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَهْلِ بدر.

     وَقَالَ  بن دَقِيق الْعِيد لاتعارض بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بَلِ الْحُكْمُ فِيهِمَا جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ لِأَنَّ الْأُجُورَ تَتَفَاوَتُ بِحَسَبِ زِيَادَةِ الْمَشَقَّةِ فِيمَا كَانَ أَجْرُهُ بِحَسَبِ مَشَقَّتِهِ إِذْ لِلْمَشَقَّةِ دُخُولٌ فِي الْأَجْرِ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ الْعَمَلُ الْمُتَّصِلُ بِأَخْذِ الْغَنَائِمِ يَعْنِي فَلَوْ كَانَتْ تَنْقُصُ الْأَجْرَ لَمَا كَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ يُثَابِرُونَ عَلَيْهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ أَخْذَهَا مِنْ جِهَةِ تَقْدِيمِ بَعْضِ الْمَصَالِحِ الْجُزْئِيَّةِ عَلَى بَعْضٍ لِأَنَّ أَخْذَ الْغَنَائِمِ أَوَّلَ مَا شُرِعَ كَانَ عَوْنًا عَلَى الدِّينِ وَقُوَّةً لِضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهِيَ مَصْلَحَةٌ عُظْمَى يُغْتَفَرُ لَهَا بَعْضُ النَّقْصِ فِي الْأَجْرِ مِنْ حَيْثُ هُوَ.

.
وَأَمَّا الْجَوَابُ عَمَّنِ اسْتَشْكَلَ ذَلِكَ بِحَالِ أَهْلِ بَدْرٍ فَالَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّقَابُلُ بَيْنَ كَمَالِ الْأَجْرِ وَنُقْصَانِهِ لِمَنْ يَغْزُو بِنَفْسِهِ إِذَا لَمْ يَغْنَمْ أَوْ يَغْزُو فَيَغْنَمُ فَغَايَتُهُ أَنَّ حَالَ أَهْلِ بَدْرٍ مَثَلًا عِنْدَ عَدَمِ الْغَنِيمَةِ أَفْضَلُ مِنْهُ عِنْدَ وُجُودِهَا وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ حَالُهُمْ أَفْضَلَ مِنْ حَالِ غَيْرِهِمْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى وَلَمْ يَرِدْ فِيهِمْ نَصٌّ أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَغْنَمُوا كَانَ أَجْرُهُمْ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَغْفُورًا لَهُمْ وَأَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْمُجَاهِدِينَ أَنْ لَا يَكُونَ وَرَاءَهُمْ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى.

.
وَأَمَّا الِاعْتِرَاضُ بِحِلِّ الْغَنَائِمِ فَغَيْرُ وَارِدٍ إِذْ لَا يَلْزَمُ مِنِ الْحِلِّ ثُبُوتُ وَفَاءِ الْأَجْرِ لِكُلِّ غَازٍ وَالْمُبَاحُ فِي الْأَصْلِ لَا يَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ بِنَفْسِهِ لَكِنْ ثَبَتَ أَنَّ أَخْذَ الْغَنِيمَةِ وَاسْتِيلَاءَهَا مِنِ الْكُفَّارِ يَحْصُلُ الثَّوَابُ وَمَعَ ذَلِكَ فَمَعَ صِحَّةِ ثُبُوتِ الْفَضْلِ فِي أَخْذِ الْغَنِيمَةِ وَصِحَّةِ التَّمَدُّحِ بِأَخْذِهَا لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ غَازٍ يَحْصُلُ لَهُ مِنْ أَجْرِ غَزَاتِهِ نَظِيرُ مَنْ لَمْ يَغْنَمْ شَيْئًا الْبَتَّةَ.

.

قُلْتُ وَالَّذِي مَثَّلَ بِأَهْلِ بَدْرٍ أَرَادَ التَّهْوِيلَ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ عَلَى مَا تَقَرَّرَ آخِرًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِمْ مَعَ أَخْذِ الْغَنِيمَةِ أَنْقَصَ أَجْرًا مِمَّا لَوْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُمْ أَجْرُ الْغَنِيمَةِ أَنْ يَكُونُوا فِي حَالِ أَخْذِهِمُ الْغَنِيمَةَ مَفْضُولِينَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ بَعْدَهُمْ كَمَنْ شَهِدَ أُحُدًا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَغْنَمُوا شَيْئًا بَلْ أَجْرُ الْبَدْرِيِّ فِي الْأَصْلِ أَضْعَافُ أَجْرِ مَنْ بَعْدَهُ مِثَالُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ لَوْ فُرِضَ أَنَّ أَجْرَ الْبَدْرِيِّ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ سِتُّمِائَةٍ وَأَجْرَ الْأُحُدِيِّ مَثَلًا بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ مِائَةٌ فَإِذَا نَسَبْنَا ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو كَانَ لِلْبَدْرِيِّ لِكَوْنِهِ أَخَذَ الْغَنِيمَةَ مِائَتَانِ وَهِيَ ثُلُثُ السِّتِّمِائَةِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ أَجْرًا مِنَ الْأُحُدِيِّ وَإِنَّمَا امْتَازَ أَهْلُ بَدْرٍ بِذَلِكَ لِكَوْنِهَا أَوَّلَ غَزْوَةٍ شَهِدَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِتَالِ الْكُفَّارِ وَكَانَ مَبْدَأَ اشْتِهَارِ الْإِسْلَامِ وَقُوَّةَ أَهْلِهِ فَكَانَ لِمَنْ شَهِدَهَا مِثْلُ أَجْرِ مَنْ شَهِدَ الْمَغَازِيَ الَّتِي بَعْدَهَا جَمِيعًا فَصَارَتْ لَا يُوَازِيهَا شَيْءٌ فِي الْفَضْلِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَاخْتَارَ بن عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَقْصِ أَجْرِ مَنْ غَنِمَ أَنَّ الَّذِي لَا يَغْنَمُ يَزْدَادُ أَجْرُهُ لِحُزْنِهِ عَلَى مَا فَاتَهُ مِنَ الْغَنِيمَةِ كَمَا يُؤْجَرُ مَنْ أُصِيبَ بِمَا لَهُ فَكَانَ الْأَجْرُ لِمَا نَقَصَ عَنِ الْمُضَاعَفَةِ بِسَبَبِ الْغَنِيمَةِ عِنْدَ ذَلِكَ كَالنَّقْصِ مِنْ أَصْلِ الْأَجْرِ وَلَا يَخْفَى مُبَايَنَةُ هَذَا التَّأْوِيلِ لِسِيَاقِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِلتَّعْبِيرِ بِثُلُثَيِ الْأَجْرِ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو حِكْمَةً لَطِيفَةً بَالِغَةً وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُجَاهِدِينَ ثَلَاثَ كَرَامَاتٍ دُنْيَوِيَّتَانِ وَأُخْرَوِيَّةٌ فَالدُّنْيَوِيَّتَانِ السَّلَامَةُ وَالْغَنِيمَةُ وَالْأُخْرَوِيَّةُ دُخُولُ الْجَنَّةِ فَإِذَا رَجَعَ سَالِمًا غَانِمًا فَقَدْ حَصَلَ لَهُ ثُلُثَا مَا أَعَدَّ اللَّهُ لَهُ وَبَقِيَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ الثُّلُثُ وَإِنْ رَجَعَ بِغَيْرِ غَنِيمَةٍ عَوَّضَهُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ثَوَابًا فِي مُقَابَلَةِ مَا فَاتَهُ وَكَأَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُقَالُ لِلْمُجَاهِدِ إِذَا فَاتَ عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا عَوَّضْتُكَ عَنْهُ ثَوَابًا.

.
وَأَمَّا الثَّوَابُ الْمُخْتَصُّ بِالْجِهَادِ فَهُوَ حَاصِلٌ لِلْفَرِيقَيْنِ مَعًا قَالَ وَغَايَةُ مَا فِيهِ عَدُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّعْمَتَيْنِ الدُّنْيَوِيَّتَيْنِ أَجْرًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَالله أعلم وَفِي الحَدِيث أَن الْفَضَائِل لاتدرك دَائِمًا بِالْقِيَاسِ بَلْ هِيَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَفِيهِ اسْتِعْمَالُ التَّمْثِيلِ فِي الْأَحْكَامِ وَأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ لَا تَسْتَلْزِمُ الثَّوَابَ لِأَعْيَانِهَا وَإِنَّمَا تَحْصُلُ بِالنِّيَّةِ الْخَالِصَة إِجْمَالا وتفصيلا وَالله أعلم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :2660 ... غــ : 2787 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ- كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ.
وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ».

وبه قال: ( حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: ( أخبرنا شعيب) هو ابن أبي هريرة ( عن الزهري) محمد بن مسلم أنه ( قال: أخبرني) بالإفراد ( سعيد بن المسيب أن أبا هريرة) -رضي الله عنه- ( قال: سمعت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول) : ولأبي ذر عن الحموي والمستملي قال:
( مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله) أي الله أعلم بعقد نيّته إن كانت خالصة لإعلاء كلمته فذلك المجاهد في سبيله وإن كان في نيته حب المال والدنيا واكتساب الذكر فقد أشرك مع سبيل الله الدنيا والجملة معترضة بين قوله مثل المجاهد في سبيل الله وبين قوله: ( -كمثل الصائم) نهاره ( القائم-) ليله، وزاد مسلم من طريق أبي صالح عن أبي هريرة: "كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة" وزاد النسائي من هذا الوجه: "الخاشع الراكع الساجد" ومثله بالصائم لأن الصائم ممسك لنفسه عن الأكل والشرب واللذات، وكذلك المجاهد ممسلك لنفسه على محاربة العدوّ وحابس نفسه على من يقاتله وكما أن الصائم القائم الذي لا يفتر ساعة من العبادة مستمرًّا الأجر كذلك المجاهد لا يضيع ساعة من ساعاته بغير أجر.
قال تعالى: { ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة} إلى قوله: { إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين} [التوبة: 120] .

( وتوكل الله) أي تكفل الله تعالى على وجه الفضل منه ( للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة) أي بتوفيه بدخوله الجنة في الحال بغير حساب ولا عذاب كما ورد: إن أرواح الشهداء تسرح في الجنة ( أو يرجعه) بفتح أوّله أي أو أن يرجعه إلى مسكنه حال كونه ( سالمًا مع أجر) وحده ( أو غنيمة) مع أجر وحذف الأجر من الثاني للعلم به إذ لا يخلو المجاهد عنه فالقضية مانعة الخلو لا مانعة الجمع أو لنقصه بالنسبة إلى الأجر الذي بدون الغنيمة إذ القواعد تقتضي بأنه عند عدم الغنيمة أفضل منه وأتم أجرًا عند وجودها.
وقد روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلاّ تعجلوا ثلثي أجرهم ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم" فهذا صريح ببقاء بعض الأجر مع حصول الغنيمة فتكون الغنيمة في مقابلة جزء من ثواب الغزو.

وفي التعبير بثلثي الأجر حكمة لطيفة، وذلك أن الله تعالى أعدّ للمجاهد ثلاث كرامات:
دنيويتان وأُخروية، فالدنيويتان السلامة والغنيمة، والأخروية دخول الجنة، فإذا رجع سالمًا غانمًا فقد حصل له ثلثا ما أعدّ الله له وبقي له عند الله الثلث، وإن رجع بغير غنيمة عوّضه الله عن ذلك ثوابًا في مقابلة ما فاته، وليس المراد ظاهر حديث الباب أنه إذا غنم لا يحصل له أجر، وقيل إن أو بمعنى الواو وبه جزم ابن عبد البر والقرطبي ورجحه التوربشتي في شرحه للمصابيح والتقدير بأجر وغنيمة، وكذا رواه مسلم بالواو وفي بعض رواياته، ورواه الفريابي وجماعة عن يحيى بن يحيى بصيغة أو، وكذا مالك في موطئه ولم يختلف عليه إلا في رواية يحيى بن بكير عنه بالواو، ولكن في رواية ابن بكير عن مالك مقال وكذا وقع عند النسائي وأبي داود بإسناد صحيح، فإن كانت هذه الروايات محفوظة تعين القول بأن "أو" في هذا الحديث بمعنى "الواو" كما هو مذهب نحاة الكوفة، لكن استشكله ابن دقيق العيد من حيث أنه إذا كان المعنى يقتضي اجتماع الأمرين كان ذلك داخلاً في الضمان فيقتضي أنه لا بدّ من حصول الأمرين لهذا المجاهد وقد لا يتفق له ذلك فما فرّ منه الذي ادّعى أن "أو" بمعنى الواو وقع في نظيره لأنه يلزم على ظاهرها أن من رجع بغنيمة رجع بغير أجر كما يلزم على أنها بمعنى الواو وأن كل غاز يجمع له بين الأجر والغنيمة معًا.

وأجاب في المصابيح: بأنه إنما يرد الإشكال إذا كان القائل بأنها للتقسيم قد فسر المراد بما ذكره هو من قوله فله الأجر إن فاتته الغنيمة إلى آخره، وأما إن سكت عن هذا التفسير فلا يتجه الإشكال إذ يحتمل أن يكون التقدير أو يرجعه سالمًا مع أجر وحده أو غنيمة وأجر كما مرّ والتقسيم بهذا الاعتبار صحيح والإشكال ساقط مع أنه لو سلم أن القائل بأنها للتقسيم صرح بأن المراد فله الأجر إن فاتته الغنيمة، وإن حصلت فلا لم يرد الإشكال المذكور عليه لاحتمال أن يكون تنكير الأجر لتعظيمه ويراد به الأجر الكامل فيكون معنى قوله فله الأجر إن فاتته الغنيمة وإن حصلت فلا يحصل له ذلك الأجر المخصوص وهو الكامل فلا يلزم انتفاء مطلق الأجر عنه اهـ.

وهذا الحديث أخرجه النسائي في الجهاد أيضًا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :2660 ... غــ :2787 ]
- حدَّثنا أبُو اليَمَانِ قَالَ أخْبَرَنا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخْبرني سَعيدُ بنُ المُسَيَّبِ أنَّ أبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُولُ مَثَلُ المُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ الله وَالله أعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ وتَوَكَّلَ الله لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأنْ يَتَوَفَّاهُ أنْ يُدْخِلَهُ الجَنَّةَ أوْ يَرْجِعَهُ سالِمً مَعَ أجْرٍ أوْ غَنِيمَةٍ..
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

والْحَدِيث أخرجه النَّسَائِيّ فِي الْجِهَاد عَن عَمْرو بن عُثْمَان بن سعيد عَن أَبِيه عَن شُعَيْب بِهِ.

قَوْله: (وَالله أعلم بِمن يُجَاهد فِي سَبيله) وَقع جملَة مُعْتَرضَة يَعْنِي: الله أعلم بِعقد نِيَّته إِن كَانَت خَالِصَة لإعلاء كَلمته، فَذَلِك الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله، وَإِن كَانَ فِي نِيَّته حب المَال وَالدُّنْيَا واكتساب الذّكر بهَا، فقد أشرك مَعَ سَبِيل الله سَبِيل الدُّنْيَا، وَفِي (الْمُسْتَدْرك) على شَرطهمَا، أَي: الْمُؤمن أكمل إِيمَانًا.
قَالَ: الَّذِي يُجَاهد فِي سَبِيل الله بِمَالِه وَنَفسه.
قَوْله: (كَمثل الصَّائِم الْقَائِم) زَاد النَّسَائِيّ من هَذَا الْوَجْه: الخاشع الرَّاكِع الساجد، وَفِي (الْمُوَطَّأ) وَابْن حبَان: كَمثل الصَّائِم الْقَائِم الدَّائِم الَّذِي لَا يفتر من صِيَام وَلَا صَلَاة حَتَّى يرجع، وَفِي رِوَايَة أَحْمد وَالْبَزَّار من حَدِيث النُّعْمَان بن بشير مَرْفُوعا: مثل الْمُجَاهِد فِي سَبِيل الله كَمثل الصَّائِم نَهَاره الْقَائِم ليله، مثله بالصائم لِأَنَّهُ مُمْسك لنَفسِهِ عَن الْأكل وَالشرب وَاللَّذَّات، وَكَذَلِكَ الْمُجَاهِد مُمْسك لنَفسِهِ على محاربة الْعَدو وحابس نَفسه على من يقاتله.
قَوْله: (وتوكل الله) ، أَي: ضمن الله بملابسة التوفي الْجنَّة وبملابسة عدم التوفي الرجع بِالْأَجْرِ أَو الْغَنِيمَة.
قَالَ الْكرْمَانِي: يَعْنِي: لَا يَخْلُو من الشَّهَادَة أَو السَّلامَة، فعلى الأول: يدْخل الْجنَّة بعد الشَّهَادَة فِي الْحَال، وعَلى الثَّانِي: لَا يَنْفَكّ من أجر أَو غنيمَة مَعَ جَوَاز الِاجْتِمَاع بَينهمَا فَهِيَ قَضِيَّة مَانِعَة الْخُلُو لَا مَانِعَة الْجمع، وَوَقع فِي رِوَايَة مُسلم: (تضمن الله لمن خرج فِي سَبيله لَا يُخرجهُ إِلَّا إِيمَان بِي.
.
) وَفِي رِوَايَة لمُسلم من طَرِيق الْأَعْرَج، عَنهُ بِلَفْظ: تكفل الله لمن جَاهد فِي سَبيله لَا يُخرجهُ من بَيته إلاَّ جِهَاد فِي سَبيله وتصديق كَلمته، وَكَذَلِكَ أخرجه مَالك فِي (الْمُوَطَّأ) عَن أبي الزِّنَاد) .
وَفِي رِوَايَة الدَّارمِيّ من وَجه آخر عَن أبي الزِّنَاد، بِلَفْظ: لَا يُخرجهُ إلاَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله وتصديق كَلِمَاته، وَلَفظ: الضَّمَان والتكفل والتوكل والانتداب الَّذِي وَقع فِي الْأَحَادِيث كلهَا بِمَعْنى: تَحْقِيق الْوَعْد على وَجه الْفضل مِنْهُ، وعبَّر، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، عَن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بتفضيله بالثواب بِلَفْظ الضَّمَان وَنَحْوه بِمَا جرت بِهِ الْعَادة بَين النَّاس بِمَا تطمئِن بِهِ النُّفُوس، وتركن إِلَيْهِ الْقُلُوب.
قَوْله: (بِأَن يتوفاه أَن يدْخلهُ الْجنَّة) ، أَي: بِأَن يدْخلهُ الْجنَّة، و: أَن، فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَصْدَرِيَّة، تَقْدِيره: ضمن الله بتوفيه بِدُخُول الْجنَّة، وَفِي رِوَايَة أبي زرْعَة الدِّمَشْقِي عَن أبي الْيَمَان: إِن توفاه، بِالشّرطِ وَالْفِعْل الْمَاضِي أخرجه الطَّبَرَانِيّ.
قَوْله: (أَن يدْخلهُ الْجنَّة) أَي: بِغَيْر حِسَاب وَلَا عَذَاب، أَو، المُرَاد: يدْخلهُ الْجنَّة سَاعَة مَوته.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: إِدْخَاله الْجنَّة يحْتَمل أَن يدخلهَا إِثْر وَفَاته تَخْصِيصًا للشهيد، أَو بعد الْبَعْث، وَيكون فَائِدَة تَخْصِيصه أَن ذَلِك كَفَّارَة لجَمِيع خَطَايَا الْمُجَاهِد، وَلَا توزن مَعَ حَسَنَاته، قَوْله: (أَو يرجعه) ، بِفَتْح الْيَاء تَقْدِيره: أَو أَن يرجعه، بِالنّصب عطفا على أَن يتوفاه.
قَوْله: (سالما) حَال من الضَّمِير الْمَنْصُوب فِي يرجعه.
قَوْله: (مَعَ أجر أَو غنيمَة) ، إِنَّمَا أَدخل، وَهَهُنَا قيل: لِأَنَّهُ قد يرجع مرّة بغنيمة دون أجر، وَلَيْسَ كَذَلِك على مَا يَجِيء الْآن، بل أبدا يرجع بِالْأَجْرِ كَانَت غنيمَة أَو لم تكن، قَالَه ابْن بطال..
     وَقَالَ  ابْن التِّين والقرطبي: إِن، أَو، هُنَا بِمَعْنى المواو الجامعة على مَذْهَب الْكُوفِيّين، وَقد سَقَطت فِي أبي دَاوُد وَفِي بعض رِوَايَات مُسلم، وَبِه جزم ابْن عبد الْبر، وَرجحه التوربشتي شَارِح (المصابيح) وَالتَّقْدِير: أَو يرجعه بِأَجْر وغنيمة، وَكَذَا وَقع عِنْد النَّسَائِيّ من طَرِيق الزُّهْرِيّ عَن سعيد ابْن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة، بِالْوَاو أَيْضا، وَذهب بَعضهم إِلَى أَن: أَو، على بابُُهَا وَلَيْسَت بِمَعْنى: الْوَاو، أَي: أجر لمن لم يغنم أَو غنيمَة وَلَا أجر، وَهَذَا لَيْسَ بِصَحِيح لحَدِيث عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ مَرْفُوعا: (مَا من غَازِيَة تغزو فِي سَبِيل الله فيصيبون الْغَنِيمَة إلاَّ تعجلوا ثُلثي أجرهم من الْأُجْرَة، وَيبقى لَهُم الثُّلُث، فَإِن لم يُصِيبُوا غنيمَة تمّ لَهُم أجرهم) .
فَبِهَذَا يدل على أَنه لَا يرجع أصلا بِدُونِ الْأجر، وَلكنه ينقص عِنْد الْغَنِيمَة.
فَإِن قلت: ضعف هَذَا الحَدِيث لِأَن فِيهِ حميد بن هانىء وَهُوَ غير مَشْهُور.
قلت: هَذَا كَلَام لَا يلْتَفت إِلَيْهِ لِأَنَّهُ ثِقَة مُحْتَج بِهِ عِنْد مُسلم، وَقد وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ وَابْن يُونُس وَغَيرهمَا، وَلَا يعرف فِيهِ تجريح لأحد.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  ( بابُُ الدُّعَاءِ بالجِهَادِ والشَّهَادَةِ لِلرِّجَالِ والنِّساءِ)

أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان الدُّعَاء بِالْجِهَادِ بِأَن يَقُول: أللهم ارزقني الْجِهَاد، أَو أللهم اجْعَلنِي من الْمُجَاهدين.
قَوْله: ( وَالشَّهَادَة) ، أَي: الدُّعَاء بِالشَّهَادَةِ، بِأَن يَقُول: أللهم ارزقني الشَّهَادَة فِي سَبِيلك.
قَوْله: ( للرِّجَال وَالنِّسَاء) ، مُتَعَلق بِالدُّعَاءِ، وَأَشَارَ بِهِ إِلَى أَن هَذَا غير مَخْصُوص بِالرِّجَالِ، وَإِنَّمَا هم وَالنِّسَاء فِي ذَلِك سَوَاء.

وَقَالَ عُمَرُ ارْزُقْنِي شَهَادَةً فِي بَلَدِ رسولِكَ

هَذَا التَّعْلِيق مُطَابق للدُّعَاء بِالشَّهَادَةِ فِي التَّرْجَمَة، وَقد مضى هَذَا مَوْصُولا فِي آخر الْحَج بأتم مِنْهُ، رَوَاهُ عَن يحيى ابْن بكير عَن اللَّيْث عَن خَالِد بن يزِيد عَن سعيد بن أبي هِلَال عَن زيد بن أسلم عَن أَبِيه عَن عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، أللهم ارزقني شَهَادَة فِي سَبِيلك وَاجعَل موتِي فِي بلد رَسُولك.
وَأخرجه ابْن سعد فِي ( الطَّبَقَات الْكَبِير) عَن حَفْصَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا، زوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنَّهَا سَمِعت أَبَاهَا يَقُول: أللهم ارزقني قتلا فِي سَبِيلك، ووفاةً فِي بَلْدَة نبيك، قَالَت: قلت: وأنَّى ذَاك؟ قَالَ: إِن الله يَأْتِي بأَمْره أنَّى شَاءَ.



[ قــ :2660 ... غــ :2789 ]
- حدَّثنا عبْدُ الله بنُ يُوسُفَ عنْ مالِكٍ عنْ إسْحَاقَ بنِ عَبْدِ الله ابنِ أبي طَلْحَةَ عنْ أنَسِ ابنِ مالِكٍ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ أنَّهُ سَمِعَهُ يَقولُ كانَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَدْخُلُ عَلى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحانَ فَتُطْعِمُهُ وكانَتْ أُمُّ حَرامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ فَدَخَلَ علَيْهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأطْعَمَتْهُ وجَعَلَتْ تَفْلِي رَأسَهُ فَنامَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وهْوَ يَضْحَكُ قالَتْ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رسولَ الله قَالَ ناسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ الله يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ مُلُوكاً علَى الأسِرَّةِ أَو مِثْلَ الْمُلُوكِ على الأسِرَّةِ شَكَّ إسْحَاقُ قالَتْ فَقُلْتُ يَا رسولَ الله ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فدَعَ لَهَا رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وضَعَ رأسَهُ ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وهْوَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رسولَ الله قَالَ ناسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عليَّ غُزاةً فِي سَبِيلِ الله كَمَا قَالَ فِي الأوَّلِ قالَتْ فَقُلْتُ يَا رسولَ الله ادْعُ الله أنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ قَالَ أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ فرَكِبَتِ البَحْرَ فِي زَمانِ مُعَاوِيَةَ بنِ أبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ البَحْرِ فَهَلَكَتْ.

.
.

قيل: لَا مُطَابقَة بَين الحَدِيث والترجمة، لِأَن الحَدِيث لَيْسَ فِيهِ تمني الشَّهَادَة، وَإِنَّمَا فِيهِ تمني الْغَزْو.
وَأجِيب: بِأَن الثَّمَرَة الْعُظْمَى من الْغَزْو هِيَ الشَّهَادَة، وَقيل: حَاصِل الدُّعَاء بِالشَّهَادَةِ أَن يَدْعُو الله أَن يُمكن مِنْهُ كَافِرًا يعْصى الله فيقتله، وَاعْترض بِأَن تمني مَعْصِيّة الله لَا تجوز إلاَّ لَهُ وَلَا لغيره، ووجَّه بَعضهم بِأَن الْقَصْد من الدُّعَاء نيل الدرجَة المرفوعة الْمعدة.
للشهداء، وَأما قتل الْكَافِر فَلَيْسَ مَقْصُود الدَّاعِي، وَإِنَّمَا هُوَ من ضروريات الْوُجُود، لِأَن الله تَعَالَى أجْرى حكمه أَن لَا ينَال تِلْكَ الدرجَة إلاَّ شَهِيد.

ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره: أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا فِي الرُّؤْيَا عَن عبد الله بن يُوسُف أَيْضا وَفِي الاسْتِئْذَان عَن إِسْمَاعِيل.
وَأخرجه مُسلم أَيْضا فِي الْجِهَاد عَن يحيى بن يحيى.
وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِيهِ عَن القعْنبِي، وَأخرجه التِّرْمِذِيّ فِيهِ عَن إِسْحَاق بن مُوسَى عَن معن، وَأخرجه النَّسَائِيّ فِيهِ عَن مُحَمَّد بن سَلمَة والْحَارث بن مِسْكين، كِلَاهُمَا عَن عبد الرَّحْمَن بن الْقَاسِم ستتهم عَن مَالك بِهِ،.

     وَقَالَ  التِّرْمِذِيّ: حسن صَحِيح.
وَأخرج التِّرْمِذِيّ أَيْضا هَذَا الحَدِيث من مُسْند أم حرَام من رِوَايَة عبد الله بن عبد الرَّحْمَن أبي طوالة عَن أنس عَن أم حرم، وَقد اخْتلف فِيهِ على أنس فَقيل: عَنهُ عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقيل: عَن أنس عَن أم حرَام، وَاخْتلف فِيهِ أَيْضا على أبي طوالة، فَقَالَ زَائِدَة بن قدامَة: عَن أبي طوالة عَن أنس عَن أم حرَام عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم،.

     وَقَالَ  إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر: عَن أبي طوالة عَن أنس عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد من رِوَايَة عَطاء بن يسَار عَن أُخْت أم سليم الرميصاء قَالَت: نَام رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ... ثمَّ ذكر مَعْنَاهُ، وَالْحَاصِل أَن الْأَئِمَّة السِّتَّة، مَا خلا التِّرْمِذِيّ، أخرجُوا هَذَا الحَدِيث عَن أم حرَام من رِوَايَة مُحَمَّد بن يحيى بن حبَان عَن أنس بن مَالك عَن أم حرَام، وَهِي خَالَة أنس، قَالَت: أَتَانَا النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَوْمًا ... الحَدِيث.

ذكر مَعْنَاهُ: قَوْله: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يدْخل على أم حرَام) ، حرَام ضد حَلَال بنت ملْحَان، بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون اللَّام وَبِالْحَاءِ الْمُهْملَة وَفِي آخِره نون: ابْن خَالِد بن زيد بن حرَام بن جُنْدُب بن عَامر بن غنم بن عدي بن النجار، زوج عبَادَة بن الصَّامِت وَأُخْت أم سليم، وَخَالَة أنس بن مَالك،.

     وَقَالَ  أَبُو عمر: وَلَا أَقف لَهَا على اسْم صَحِيح، وأظنها أرضعت النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأم سليم أَرْضَعَتْه أَيْضا، إِذْ لَا يشك مُسلم أَنَّهَا كَانَت مِنْهُ بِمحرم، وَقد أَنبأَنَا غير وَاحِد من شُيُوخنَا عَن أبي مُحَمَّد بن فطيس عَن يحيى بن إِبْرَاهِيم بن مزبن قَالَ: إِنَّمَا استجاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن تفلي أم حرَام رَأسه لِأَنَّهَا كَانَت مِنْهُ ذَات محرم من قبل خالاته، لِأَن أم عبد الْمطلب كَانَت من بني النجار،.

     وَقَالَ  يُونُس بن عبد الْأَعْلَى: قَالَ لنا وهب: أم حرَام إِحْدَى خالات النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الرضَاعَة، قَالَ أَبُو عمر: فَأَي ذَلِك كَانَ فَأم حرم محرم مِنْهُ..
     وَقَالَ  ابْن بطال: قَالَ غَيره: إِنَّمَا كَانَت خَالَة لِأَبِيهِ أَو لجده، وَذكر ابْن الْعَرَبِيّ عَن بعض الْعلمَاء أَن هَذَا مَخْصُوص بسيدنا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَو يحمل دُخُوله عَلَيْهَا: أَنه كَانَ قبل الْحجاب، إلاَّ أَن قَوْله: تفلي رَأسه، يضعف هَذَا.
وَزعم ابْن الْجَوْزِيّ أَنه سمع بعض الْحفاظ يَقُول: كَانَت أم سليم أُخْت آمِنَة من الرضَاعَة.

     وَقَالَ  الْحَافِظ الدمياطي: لَيْسَ فِي الحَدِيث مَا يدل على الْخلْوَة بهَا، فَلَعَلَّ ذَاك كَانَ مَعَ ولد أَو خَادِم أَو زوج أَو تَابع، وَالْعَادَة تَقْتَضِي المخالطة بَين المخدوم وَأهل الْخَادِم، سِيمَا إِذا كنَّ مسنَّات، مَعَ مَا ثَبت لَهُ عَلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الْعِصْمَة، وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قبل الْحجاب، لِأَنَّهُ كَانَ فِي سنة خمس، وَقتل أَخِيهَا حرَام الَّذِي كَانَ رَحمهَا لأَجله كَانَ سنة أَربع..
     وَقَالَ  أَبُو عمر: حرَام ابْن ملْحَان قتل يَوْم بِئْر مَعُونَة، قَتله عَامر بن الطُّفَيْل.
قَوْله: ( تَحت عبَادَة بن الصَّامِت) أَي: كَانَت امْرَأَته، والصامت ابْن قيس بن أَصْرَم بن فهر بن ثَعْلَبَة بن غنم بن سَالم بن عَوْف بن الْخَزْرَج الْأنْصَارِيّ السالمي، يكنى: أَبَا الْوَلِيد، قَالَ الْأَوْزَاعِيّ: أول من ولي قَضَاء فلسطين عبَادَة بن الصَّامِت، مَاتَ عبَادَة سنة أَربع وَثَلَاثِينَ بالرملة، وَقيل: بِبَيْت الْمُقَدّس، وَهُوَ ابْن اثْنَتَيْنِ وَسبعين سنة.
قَوْله: ( تفلي رَأسه) ، بِفَتْح التَّاء وَإِسْكَان الْفَاء وَكسر اللَّام، يَعْنِي: تفتش الْقمل من رَأسه وتقتله، من: فلى يفلي من بابُُ ضرب يضْرب، فلياً مصدرة، والفلي أَخذ الْقمل من الرَّأْس.
قَوْله: ( وَهُوَ يضْحك) ، جملَة وَقعت حَالا، وَكَذَا قَوْله: ( غزَاة) ، وَهُوَ جمع غَازِي، كقضاة جمع قَاضِي.
قَوْله: ( ثبج هَذَا الْبَحْر) ، بِفَتْح الثَّاء الْمُثَلَّثَة وَالْبَاء الْمُوَحدَة بعْدهَا جِيم، قَالَ الْخطابِيّ: ثبج الْبَحْر: مَتنه ومعظمه، وثبج كل شَيْء وَسطه، وَقيل: ثبج الْبَحْر ظَهره، يُوضحهُ بعض مَا جَاءَ فِي الرِّوَايَات: يركبون ظهر هَذَا الْبَحْر، وَقيل: ثبج الْبَحْر: هوله، والثبج مَا بَين الْكَتِفَيْنِ.
قَوْله: ( ملوكاً) ، نصب بِنَزْع الْخَافِض أَي: مثل مُلُوك على الأسرة، وَهُوَ جمع سَرِير، قَالَ أَبُو عمر: أَرَادَ أَنه رأى الْغُزَاة فِي الْبَحْر على الأسرة فِي الْجنَّة، ورؤيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، وَحي يشْهد لَهُ قَوْله تَعَالَى: { على الأرائك متكئون} ( ي س: 65) .
وَبِه جزم ابْن بطال حَيْثُ قَالَ: إِنَّمَا رَآهُمْ ملوكاً على الأسرة فِي الْجنَّة فِي رُؤْيَاهُ،.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيّ: يحْتَمل أَن يكون خَبرا عَن حَالهم فِي غزوهم أَيْضا.
قَوْله: { شكّ إِسْحَاق} ، وَهُوَ إِسْحَاق بن عبد الله الرَّاوِي عَن أنس.
قَوْله: ( ثمَّ وضع رَأسه ثمَّ اسْتَيْقَظَ) ، قيل: رُؤْيَاهُ الثَّانِيَة كَانَت فِي شُهَدَاء الْبر، فوصف حَال الْبر وَالْبَحْر بِأَنَّهُم مُلُوك على الأسرة، حَكَاهُ ابْن التِّين وَغَيره، وَقيل: يحْتَمل أَن يكون حالتهم فِي الدُّنْيَا كالملوك على الأسرة، وَلَا يبالون بِأحد.
قَوْله: ( أَنْت من الْأَوَّلين) ، خطاب لأم حرَام، وَأَرَادَ بالأولين: هم الَّذين عرضوا أَولا، وهم الَّذين يركبون ثبج الْبَحْر.
قَوْله: ( فِي زمن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان) ، وَكَانَت غزت مَعَ زَوجهَا فِي أول غَزْوَة كَانَت إِلَى الرّوم فِي الْبَحْر مَعَ مُعَاوِيَة زمن عُثْمَان بن عَفَّان سنة ثَمَان وَعشْرين،.

     وَقَالَ  ابْن زيد: سنة سبع وَعشْرين، وَقيل: بل كَانَ ذَلِك فِي خلَافَة مُعَاوِيَة على ظَاهره، وَالْأول أشهر، وَهُوَ مَا ذكره أهل السّير، وَفِيه: هَلَكت،.

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي، رَحمَه الله تَعَالَى، وَاخْتلفُوا فِي أَنه مَتى جرت الْغَزْوَة الَّتِي توفيت فِيهَا أم حرَام؟ فَقَالَ البُخَارِيّ وَمُسلم: فِي زمن مُعَاوِيَة،.

     وَقَالَ  القَاضِي: أَكثر أهل السّير أَن ذَلِك كَانَ فِي خلَافَة عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فعلى هَذَا يكون معنى قَوْلهَا: فِي زمن مُعَاوِيَة، زمَان، غَزْوَة مُعَاوِيَة فِي الْبَحْر، لَا زمَان خِلَافَته،.

     وَقَالَ  ابْن عبد الْبر: إِن مُعَاوِيَة غزا تِلْكَ الْغَزْوَة بِنَفسِهِ.
انْتهى.
قلت: كَانَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قد منع الْمُسلمين من الْغَزْو فِي الْبَحْر شَفَقَة عَلَيْهِم، واستأذنه مُعَاوِيَة فِي ذَلِك فَلم يَأْذَن لَهُ، فَلَمَّا ولي عُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، استأذنه فَأذن لَهُ..
     وَقَالَ : لَا تكره أحدا، من غزاه طَائِعا فاحمله، فَسَار فِي جمَاعَة من الصَّحَابَة مِنْهُم أَبُو ذَر وَعبادَة بن الصَّامِت وَمَعَهُ زَوجته أم حرَام بنت ملْحَان وَشَدَّاد بن أَوْس وَأَبُو الدَّرْدَاء فِي آخَرين، وَهُوَ أول من غزا الجزائر فِي الْبَحْر، وَصَالَحَهُ أهل قبرس على مَال، وَالأَصَح أَنَّهَا فتحت عنْوَة، وَلما أَرَادوا الْخُرُوج مِنْهَا قدمت لأم حرَام بغلة لتركبها فَسَقَطت عَنْهَا، فَمَاتَتْ.
هُنَالك، فقبرها هُنَالك يعظمونه ويستسقون بِهِ، وَيَقُولُونَ: قبر الْمَرْأَة الصَّالِحَة.
قَوْله: ( حِين خرجت من الْبَحْر) ، أَرَادَ بِهِ حِين خُرُوجهَا من الْبَحْر إِلَى نَاحيَة الجزيرة، لِأَنَّهَا دفنت هُنَاكَ.

ذكر مَا يُسْتَفَاد مِنْهُ: فِيهِ: جَوَاز دُخُول الرجل على محرمه وملامسته إِيَّاهَا وَالْخلْوَة بهَا، وَالنَّوْم عِنْدهَا.
وَفِيه: إِبَاحَة مَا قَدمته الْمَرْأَة إِلَى ضيفها من مَال زَوجهَا، لِأَن الْأَغْلَب أَن مَا فِي الْبَيْت من الطَّعَام هُوَ للرجل، قَالَ ابْن بطال: وَمن الْمَعْلُوم أَن عبَادَة وكل الْمُسلمين يسرهم وجود سيدنَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بَيته،.

     وَقَالَ  ابْن التِّين: يحْتَمل أَن يكون ذَلِك من مَال زَوجهَا لعلمه أَنه كَانَ يسر بذلك، وَيحْتَمل أَن يكون من مَالهَا، وَاعْتَرضهُ الْقُرْطُبِيّ فَقَالَ: حِين دُخُوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على أم حرَام لم تكن زوجا لعبادة، كَمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهر اللَّفْظ، إِنَّمَا تزوجته بعد ذَلِك بِمدَّة، كَمَا جَاءَ فِي رِوَايَة عِنْد مُسلم: فَتَزَوجهَا عبَادَة بعد.
وَفِيه: جَوَاز فلي الرَّأْس وَقتل الْقمل، وَيُقَال قتل الْقمل وَغَيره من المؤذيات مُسْتَحبّ.
وَفِيه: نوم القائلة، لِأَنَّهُ يعين الْبدن لقِيَام اللَّيْل.
وَفِيه: جَوَاز الضحك عِنْد الْفَرح، لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضحك فَرحا وسروراً بِكَوْن أمته تبقى بعده متظاهرين، وَأُمُور الْإِسْلَام قَائِمَة بِالْجِهَادِ حَتَّى فِي الْبَحْر.
وَفِيه: دلَالَة على ركُوب الْبَحْر للغزو،.

     وَقَالَ  سعيد بن الْمسيب: كَانَ أَصْحَاب النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يتجرون فِي الْبَحْر، مِنْهُم: طَلْحَة وَسَعِيد بن زيد، وَهُوَ قَول جُمْهُور الْعلمَاء إلاَّ عمر بن الْخطاب وَعمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا، فَإِنَّهُمَا منعا من ركُوبه مُطلقًا.
وَمِنْهُم من حمله على ركُوبه لطلب الدُّنْيَا لَا للآخرة، وَكره مَالك ركُوبه للنِّسَاء مُطلقًا، لما يخَاف عَلَيْهِنَّ من أَن يطلع مِنْهُنَّ أم يطلعن على عَورَة، وَخَصه بَعضهم بالسفن الصغار دون الْكِبَار، والْحَدِيث يخدش فِيهِ.
فَإِن قلت: روى أَبُو دَاوُد من حَدِيث ابْن عمر، قَالَ: قَالَ رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: ( لَا يركب الْبَحْر إلاَّ حَاجا أَو مُعْتَمِرًا أَو غازياً، فَإِن تَحت الْبَحْر نَارا، وَتَحْت النَّار بحراً) .
قلت: هَذَا حَدِيث ضَعِيف، وَلما رَوَاهُ الْخلال فِي ( علله) من حَدِيث لَيْث عَن مُجَاهِد عَن عبد الله بن عمر يرفعهُ، قَالَ: قَالَ ابْن معِين: هَذَا عَن النَّبِي، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، مُنكر.
وَفِيه: إِبَاحَة الْجِهَاد للنِّسَاء فِي الْبَحْر، وَقد ترْجم البُخَارِيّ لذَلِك، على مَا سَيَأْتِي.
وَفِيه: أَن الْوَكِيل أَو المؤتمن إِذا علم أَنه يسر صَاحب الْمنزل فِيمَا يَفْعَله فِي مَاله جَازَ لَهُ فعل ذَلِك، وَاخْتلف الْعلمَاء فِي عَطِيَّة الْمَرْأَة من مَال زَوجهَا بِغَيْر إِذْنه، وَقد مر هَذَا فِي الْوكَالَة.
وَفِيه: أَن الْجِهَاد تَحت راية كل إِمَام جَائِز ماضٍ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
وَفِيه: تمني الْغَزْو وَالشَّهَادَة حَيْثُ قَالَت أم حرَام: أُدْعُ الله أَن يَجْعَلنِي مِنْهُم.
وَفِيه: أَنه من أَعْلَام نبوته وَذَلِكَ أَنه أخبر فِيهِ بضروب الْغَيْب قبل وُقُوعهَا، مِنْهَا: جِهَاد أمته فِي الْبَحْر، وضحكه دَال على أَن الله تَعَالَى يفتح لَهُم ويغنمهم.
وَمِنْهَا الْإِخْبَار بِصفة أَحْوَالهم فِي جهادهم، وَهُوَ قَوْله: ( يركبون ثبج هَذَا الْبَحْر) ، وَمِنْهَا قَوْله لأم حرَام: أَنْت من الْأَوَّلين، فَكَانَ كَذَلِك.
وَمِنْهَا: الْإِخْبَار بِبَقَاء أمته من بعده، وَأَن يكون لَهُم شَوْكَة، وَأَن أم حرَام تبقى إِلَى ذَلِك الْوَقْت، وكل ذَلِك لَا يعلم إلاَّ بِوَحْي عَليّ أُوحِي بِهِ إِلَيْهِ فِي نَومه.
وَفِيه: أَن رُؤْيا الْأَنْبِيَاء، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام، حق.
وَفِيه: الضحك المبشر إِذا بشر بِمَا يسر، كَمَا فعل الشَّارِع.
قَالَ الْمُهلب: وَفِيه: فضل لمعاوية وَأَن الله قد بشر بِهِ نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي النّوم، لِأَنَّهُ أول من غزا فِي الْبَحْر وَجعل من غزا تَحت رايته من الْأَوَّلين.
وَفِيه: أَن الْمَوْت فِي سَبِيل الله شَهَادَة،.

     وَقَالَ  ابْن أبي ( شيبَة) : حَدثنَا يزِيد ابْن هَارُون حَدثنَا أنس بن عون عَن ابْن سِيرِين عَن أبي الْعَجْفَاء السّلمِيّ، قَالَ: قَالَ عمر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: قَالَ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من قتل فِي سَبِيل الله أَو مَاتَ فَهُوَ فِي الْجنَّة.
وَفِيه: دلَالَة على أَن من مَاتَ فِي طَرِيق الْجِهَاد من غير مُبَاشرَة ومشاهدة، لَهُ من الْأجر مثل مَا للمباشر، وَكَانَت النِّسَاء إِذا غزون يسقين المَاء ويداوين الكلمى ويصنعن لَهُم طعامهم وَمَا يصلحهم، فَهَذِهِ مُبَاشرَة.
وَفِيه: أَن الْمَوْت فِي سَبِيل الله وَالْقَتْل سَوَاء، أَو قَرِيبا من السوَاء فِي الْفضل، قَالَه أَبُو عمر، قَالَ: وَإِنَّمَا قلت: أَو قَرِيبا من السوَاء، لاخْتِلَاف النَّاس فِي ذَلِك، فَمن أهل الْعلم من جعل الْمَيِّت فِي سَبِيل الله والمقتول سَوَاء، وَاحْتج بقوله تَعَالَى: { وَالَّذين هَاجرُوا فِي سَبِيل الله ثمَّ قتلوا أَو مَاتُوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا} ( الْحَج: 85) .
وَبِقَوْلِهِ: { وَمن يخرج من بَيته مُهَاجرا إِلَى الله وَرَسُوله ثمَّ يُدْرِكهُ الْمَوْت فقد وَقع أجره على الله} ( النِّسَاء: 001) .
وَبِقَوْلِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي حَدِيث عبد الله بن عتِيك: ( من خرج مُجَاهدًا فِي سَبِيل الله فخرَّ عَن دَابَّته أَو لدغته حَيَّة أَو مَاتَ حتف أَنفه فقد وَقع أجره على الله) وَفِي مُسلم عَن أبي هُرَيْرَة، يرفعهُ: من قتل فِي سَبِيل الله فَهُوَ شَهِيد، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث بَقِيَّة عَن عبد الرَّحْمَن بن ثَابت بن ثَوْبَان عَن أَبِيه عَن مَكْحُول عَن ابْن غنم عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من وقصه فرسه أَو بعيره أَو لدغته هَامة أَو مَاتَ على فرَاشه، على أَي حتف شَاءَ الله، فَهُوَ شَهِيد، وَأخرجه الْحَاكِم.

     وَقَالَ : صَحِيح على شَرط مُسلم، وَذكر الْحلْوانِي فِي ( كتاب الْمعرفَة) ، فَقَالَ: حَدثنَا أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ حَدثنَا إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن مهَاجر عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، قَالَ عَليّ بن أبي طَالب، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: من حَبسه السُّلْطَان، وَهُوَ ظَالِم لَهُ، وَمَات فِي محبسه ذَلِك فَهُوَ شَهِيد، وَمن ضربه السُّلْطَان ظَالِما فَمَاتَ من ضربه ذَلِك فَهُوَ شَهِيد، وكل موت يَمُوت بِهِ الْمُسلم فَهُوَ شَهِيد، غير أَن الشَّهَادَة تتفاضل.
وروى الْحَاكِم من حَدِيث كَعْب بن عجْرَة، قَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لعمر يَوْم بدر، وَرَأى قَتِيلا: يَا عمر! إِن للشهداء سادة وأشرافاً وملوكاً، وَإِن هَذَا مِنْهُم.
وَاخْتلفُوا فِي شَهِيد الْبَحْر: أهوَ أفضل أم شَهِيد الْبر؟ فَقَالَ قوم: شَهِيد الْبر،.

     وَقَالَ  قوم: شَهِيد الْبَحْر، قَالَ أَبُو عمر: وَلَا خلاف بَين أهل الْعلم أَن الْبَحْر إِذا ارتج لم يجز ركُوبه لأحد بِوَجْه من الْوَجْه، فِي حِين ارتجاجه، وَالَّذين رجحوا: شَهِيد الْبَحْر، احْتَجُّوا بِمَا رَوَاهُ ابْن أبي عَاصِم فِي كتاب الْجِهَاد عَن الْحسن ابْن الصَّباح، حَدثنَا يحيى بن عباد حَدثنَا يحيى بن عبد الْعَزِيز عَن عبد الْعَزِيز بن يحيى حَدثنَا سعيد بن صَفْوَان عَن عبد الله ابْن الْمُغيرَة بن عبد الله بن أبي بردة: سَمِعت عبد الله بن عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: الشَّهَادَة تكفر كل شَيْء إلاَّ الدّين، والغزو فِي الْبَحْر يكفر ذَلِك كُله.
وَمن حَدِيث عبد الله بن صَالح عَن يحيى بن أَيُّوب عَن يحيى بن سعيد عَن عَطاء بن يسَار عَن ابْن عَمْرو مَرْفُوعا: غَزْوَة فِي الْبَحْر خير من عشر غزوات فِي الْبر، وروى أَبُو دَاوُد من حَدِيث يعلى بن شَدَّاد عَن أم حرَام عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: الْمَائِدَة فِي الْبَحْر الَّذِي يُصِيبهُ الْقَيْء وَله أجر شَهِيد، وَالْغَرق لَهُ أجر شهيدين.
وروى ابْن مَاجَه من حَدِيث أبي الدَّرْدَاء أَن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: غَزْوَة فِي الْبَحْر مثل عشر غزوات فِي الْبر، وَالَّذِي يسدر فِي الْبَحْر كالمتشحط فِي دَمه فِي سَبِيل الله.
وروى ابْن مَاجَه أَيْضا من حَدِيث سليم بن عَامر، قَالَ: سَمِعت أَبَا أُمَامَة يَقُول: سَمِعت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: شَهِيد الْبَحْر مثل شهيدين فِي الْبر، والمائد فِي الْبَحْر كالمتشحط فِي دَمه فِي الْبر، وَمَا بَين الموجتين كقاطع الدِّينَا فِي طَاعَة الله تَعَالَى، فَإِن الله وكل ملك لمَوْت بِقَبض الْأَرْوَاح إلاَّ شَهِيد الْبَحْر، فَإِنَّهُ يتَوَلَّى قبض أَرْوَاحهم وَيغْفر لشهيد الْبر الذُّنُوب كلهَا إلاَّ الدَّين، ولشهيد الْبَحْر الذُّنُوب والدَّين.
قَوْله: المائد هُوَ الَّذِي يدار بِرَأْسِهِ من ريح الْبَحْر واضطراب السَّفِينَة بالأمواج.
قَوْله: ( الْغَرق) ، بِكَسْر الرَّاء: الَّذِي يَمُوت بِالْغَرَقِ، وَقيل: هُوَ الَّذِي غَلبه المَاء وَلم يغرق: فَإِذا غرق فَهُوَ غريق.
قَوْله: ( الْغَرق) ، بِكَسْر الرَّاء: الَّذِي يَمُوت بِالْغَرَقِ، وَقيل: هُوَ الَّذِي غَلبه المَاء وَلم يغرق: فَإِذا غرق فَهُوَ غريق.
قَوْله: ( وَالَّذِي يسدر) ، من السدر، بِالتَّحْرِيكِ: كالدوار، وَكَثِيرًا مَا يعرض لراكب الْبَحْر، يُقَال: سدر يسدر سدراً.
قَوْله: ( كالمتشحط فِي دَمه) ، وَهُوَ الَّذِي يتمرغ ويضطرب ويتخبط فِي دَمه.