هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
299 حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَاحِدِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ ، تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا ، فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
299 حدثنا أبو النعمان ، قال : حدثنا عبد الواحد ، قال : حدثنا الشيباني ، قال : حدثنا عبد الله بن شداد ، قال : سمعت ميمونة ، تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها ، فاتزرت وهي حائض ورواه سفيان عن الشيباني
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

عن مَيْمُونَةَ ، تَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا ، فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حَائِضٌ .

Narrated Maimuna:

When ever Allah's Messenger (ﷺ) wanted to fondle any of his wives during the periods (menses), he used to ask her to wear an Izar.

0303 Abd-ul-Lâh ben Chaddâd dit : « J’ai entendu Maymûna dire : « En voulant toucher une de ses épouses, le Messager de Dieu ordonnait la concernée à mettre un izar autour du ventre malgré ses menstrues. » Rapporté aussi par Sufyân, d’ach-Chaybâni…  

":"ہم سے ابوالنعمان محمد بن فضل نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے عبدالواحد بن زیاد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے ابواسحاق شیبانی نے بیان کیا ، انھوں نے کہا ہم سے عبداللہ بن شداد نے بیان کیا ، انھوں نے کہا میں نے میمونہ سے سنا ، انھوں نے کہا کہجب نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم اپنی بیویوں میں سے کسی سے مباشرت کرنا چاہتے اور وہ حائضہ ہوتی ، تو آپ صلی اللہ علیہ وسلم کے حکم سے ، وہ پہلے ازار باندھ لیتیں ۔ اور سفیان نے شیبانی سے اس کو روایت کیا ہے ۔

0303 Abd-ul-Lâh ben Chaddâd dit : « J’ai entendu Maymûna dire : « En voulant toucher une de ses épouses, le Messager de Dieu ordonnait la concernée à mettre un izar autour du ventre malgré ses menstrues. » Rapporté aussi par Sufyân, d’ach-Chaybâni…  

شاهد كل الشروح المتوفرة للحديث

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [303] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عَارِم وَعبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ أَي بن أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ لَهُ رُؤْيَةٌ .

     قَوْلُهُ  أَمَرَهَا أَيْ بِالِاتِّزَارِ فَاتَّزَرَتْ وَهُوَ فِي رِوَايَتِنَا بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ سُفْيَانُ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ يَعْنِي بِسَنَدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَهُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ نَحْوُهُ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَذَلِكَ مِمَّا يَدْفَعُ عَنْهُ تَوَهُّمَ الِاضْطِرَابِ وَكَأَنَّ الشَّيْبَانِيَّ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً مِنْ مُسْنَدِ عَائِشَةَ وَتَارَةً مِنْ مُسْنَدِ مَيْمُونَةَ فَسَمِعَهُ مِنْهُ جَرِيرٌ وَخَالِدٌ بِالْإِسْنَادَيْنِ وَسَمِعَهُ غَيْرُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَرَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا بِإِسْنَادِ مَيْمُونَةَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَنْ رَوَاهُ عَنهُ بِإِسْنَاد عَائِشَة ( قَوْله بَاب ترك الْحَائِض الصَّوْم) قَالَ بن رَشِيدٍ وَغَيْرُهُ جَرَى الْبُخَارِيُّ عَلَى عَادَتِهِ فِي إِيضَاحِ الْمُشْكِلِ دُونَ الْجَلِيِّ وَذَلِكَ أَنَّ تَرْكَهَا الصَّلَاةَ وَاضِحٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الطَّهَارَةَ مُشْتَرَطَةٌ فِي صِحَة الصَّلَاة وَهِي غير طَاهِر.

.
وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الطَّهَارَةُ فَكَانَ تَرْكُهَا لَهُ تَعَبُّدًا مَحْضًا فَاحْتَاجَ إِلَى التَّنْصِيصِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [303] حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تقول: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهْيَ حَائِضٌ".
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.
وبه قال: (حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي المعروف بعارم (قال: حدّثنا عبد الواحد) بن زياد البصري (قال: حدّثنا الشيباني) أبو إسحاق (قال: حدّثنا عبد الله بن شداد) بتشديد الدال ابن أسامة بن الهاد الليثي (قال): (سمعت ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها (تقول: كان رسول الله) وفي رواية سمعت ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول كان، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر قالت: كان النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه) رضي الله عنهنّ (أمرها) بالاتزار (فاتزرت) كما في فرع اليونينية.
قال ابن حجر في روايتنا بإثبات الهمزة على اللغة الفصحى (وهي حائض) جملة حالية من مفعول يباشر على الظاهر أو من مفعول أمر أو من فاعل اتزرت.
وقال الكرماني: يحتمل أنه حال من الثلاثة جميعًا.
ورواة الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني وفيه التحديث والسماع ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه مسلم في الطهارة وأبو داود في النكاح وابن ماجة.
(رواه) أي الحديث وللأصيلي وكريمة ورواه (سفيان) الثوري مما وصله أحمد في مسنده (عن الشيباني) أبي إسحاق وعبّر بقوله رواه دون تابعه، لأن الرواية أعمّ من المتابعة فلعله لم يروه متابعة، وقيل: المراد بسفيان هنا ابن عيينة وعلى كل تقدير فلا يضر إبهامه لأنهما على شرطه لكن جزم بالأول ابن حجر وغيره لما عند أحمد كما مر فافهم.
6 - باب تَرْكِ الْحَائِضِ الصَّوْمَ (باب ترك الحائض الصوم) في أيام حيضتها.
304 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي زَيْدٌ هُوَ ابْنُ أَسْلَمَ عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَضْحًى -أَوْ فِطْرٍ- إِلَى الْمُصَلَّى، فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي أُرِيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ.
فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ.
قُلْنَ وَمَا نُقْصَانُ دِينِنَا وَعَقْلِنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: أَلَيْسَ شَهَادَةُ الْمَرْأَةِ مِثْلَ نِصْفِ شَهَادَةِ الرَّجُلِ؟.
قُلْنَ: بَلَى.
قَالَ: فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ عَقْلِهَا.
أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ؟ قُلْنَ: بَلَى.
قَالَ: فَذَلِكَ مِنْ نُقْصَانِ دِينِهَا».
[الحديث 304 - أطرافه في: 1462، 1951، 2658] .
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن أبي مريم) هو سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم المصري الجمحي (قال: أخبرنا) ولأبي الوقت وابن عساكر حدّثنا (محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير الأنصاري أخو إسماعيل (قال: أخبرني) بالإفراد (زيد هو ابن أسلم) المدني وسقط هو ابن أسلم عند ابن عساكر والأصيلي (عن عياض بن عبد الله) هو ابن أبي سرح العامري (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه (قال): (خرج رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من بيته أو مسجده (في) يوم (أضحى) بفتح الهمزة وسكون الضاد جمع أضحاة إحدى أربع لغات في اسمها بضم الهمزة وكسرها وضحية بفتح الضاد وتشديد الياء، والأضحى تذكر وتؤنث وهو منصرف سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار (أو) في يوم (فطر) شك من الراوي أو من أبي سعيد (إلى المصلى) فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة فقال: يا أيها الناس تصدقوا (فمر على النساء فقال: يا معشر النساء) المعشر كل جماعة أمرهم واحد وهو يرد على ثعلب حيث خصّه بالرجال إلا إن كان مراده بالتخصيص حالة إطلاق المعشر لا تقييده كما في الحديث (تصدقن فإني أريتكن) بضم الهمزة وكسر الراء أي في ليلة الإسراء (أكثر أهل النار) نعم وقع في حديث ابن عباس الآتي إن شاء الله تعالى في صلاة الكسوف أن الرواية المذكورة وقعت في صلاة الكسوف، والفاء في قوله فإني للتعليل وأكثر بالنصب مفعول أريتكن الثالث أو على الحال إذا قلنا بأن أفعل لا يتعرف بالإضافة كما صار إليه الفارسي وغيره، (فقلن) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر عن الحموي قلن (وبم يا رسول الله)قال ابن حجر: والواو استئنافية والباء تعليلية والميم أصلها ما الاستفهامية فحذفت منها الألف تخفيفًا.
وقال العيني: الواو للعطف على مقدر تقديره ما ذنبنا وبم الباء سببية وكلمة ما استفهامية فإذا جرت ما الاستفهامية وجب حذف ألفها وإبقاء الفتحة دليلاً عليها نحو: إلام وعلام وعلة حذف الألف الفرق بين الاستفهام والخبر نحو: فيم أنت من ذكراها؟ وأما قراءة عكرمة عما يتساءلون فنادر.
(قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لأنكن (تكثرن اللعن) المتفق على تحريم الدعاء به على من لا تعرف خاتمة أمره بالقطع أما من عرف خاتمة أمره بنص فيجوز كأبي جهل.
نعم لعن صاحب وصف بلا تعيين كالظالمين والكافرين جائز (وتكفرن العشير) أي تجحدن نعمة الزوج وتستقللن ما كان منه، والخطاب عام غلبت عليه فيه الحاضرات على الغيب، واستنبط من التوعد بالنار على كفران العشير وكثرة اللعن أنهما من الكبائر ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ما رأيت) أحدًا (من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن) أذهب من الإذهاب على مذهب سيبويه حيث جوّز بناء أفعل التفضيل من الثلاثي المزيد فيه، وكان القياس فيه أشد إذهابًا.
واللب بضم اللام وتشديد الموحدة العقل الخالص من الشوائب فهو خالص ما في الإنسان من قواه فكل لب عقل وليس كل عقل لبًّا، والحازم بالحاء المهملة والزاي أي الضابط لأمره وهو على سبيل المبالغة في وصفهن بذلك لأنه إذا كان الضابط لأمره ينقاد لهن فغيره أولى.
(قلن) مستفهمات عن وجه نقصان دينهن وعقلهن لخفائه عليهن (وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مجيبًا لهن بلطف وإرشاد من غير تعنيف ولا لوم: (أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى.
قال: فذلك من نقصان عقلها) بكسر الكاف خطابًا للواحدة التي تولت خطابه عليه السلام.
فإن قلت: إنما هو خطاب للإناث والمعهود فيه فذلكن، أجيب بأنه قد عهد في خطاب المذكر الاستغناء بذلك عن ذلكم قال تعالى: { فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ} [البقرة: 85] .
فهذا مثله في المؤنث على أن بعض النحاة نقل لغة بأنه يكتفى بكاف مكسورة مفردة لكل مؤنث، أو الخطاب لغير معين من النساء ليعم الخطاب كلاًّ منهنّ على سبيل البدل إشارة إلى أن حالتهن في النقص تناهت في الظهور إلى حيث يمتنع خفاؤها فلا تختص به واحدة دون الأخرى فلا تختص حينئذ بهذا الخطاب مخاطبة دون مخاطبة قاله في المصابيح، ويجوز فتح الكاف على أنه للخطاب العامّ.
واستنبط من ذلك أن لا يواجه بذلك الشخص المعين فإن في الشمول تسلية وتسهيلاً، وأشار بقوله: مثل نصف شهادة الرجل إلى قوله تعالى: { فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] .
لأن الاستظهار بأخرى يؤذن بقلة ضبطها وهو يشعر بنقص عقلها.
ثم قال عليه السلام (أليس إذا حاضت لم تصلِّ ولم تصم) أي لما قام بها من مانع الحيض (قلن: بلى.
قال) عليه الصلاة والسلام (فذلك من نقصان دينها) بكسر الكاف وفتحها كالسابق.
قيل: وهذا العموم فيهن يعارضه حديث كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم، وفي رواية الترمذي وأحمد أربع: مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد.
وأجيب بأن الحكم على الكل بشيء لا يستلزم الحكم على كل فرد من أفراده بذلك الشيء.
فإن قلت: لِمَ خصّ بالذكر في الترجمة الصوم دون الصلاة وهما مذكوران في الحديث؟ أجيب: بأن تركها للصلاة واضح لافتقارها إلى الطهارة بخلاف الصوم، فتركها له مع الحيض تعبد محض فاحتيج إلى التنصيص عليه بخلاف الصلاة، وليس المراد بذكر نقص العقل والدين في النساء لومهن عليه لأنه من أصل الخلقة، لكن التنبيه على ذلك تحذيرًا من الافتتان بهنّ، ولهذا رتب العذاب على ما ذكر من الكفران وغيره لا على النقص وليس نقص الدين منحصرًا فيما يحصل من الإثم بل في أعم من ذلك قاله النووي لأنه أمر نسبي، فالكامل مثلاً ناقص عن الأكمل، ومن ذلك الحائض لا تأثم بترك الصلاة زمن الحيض لكنها ناقصة عن المصليوهل تثاب على هذا الترك لكونها مكلفة به كما يثاب المريض على النوافل التي كان يفعلها في صحته وشغل عنها بمرضه.
قال النووي: الظاهر لا لأن ظاهر الحديث أنها لا تثاب لأنه ينوي أنه يفعل لو كان سالمًا مع أهليته وهي ليست بأهل ولا يمكن أن تنوي لأنها حرام عليها.
ورواة هذا الحديت الخمسة كلهم مدنيون إلا ابن أبي مريم فمصري، وفيه التحديث بصيغة الجمع والإخبار والعنعنة ورواية تابعي عن تابعي عن صحابي، وأخرجه المؤلف في الطهارة والصوم والزكاة مقطعًا وفي العيدين بطوله ومسلم في الإيمان والنسائي في الصلاة وابن ماجة.
7 - باب تَقْضِي الْحَائِضُ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إِلاَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: لاَ بَأْسَ أَنْ تَقْرَأَ الآيَةَ.
وَلَمْ يَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِالْقِرَاءَةِ لِلْجُنُبِ بَأْسًا.
وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ.
وَقَالَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ: كُنَّا نُؤْمَرُ أَنْ يَخْرُجَ الْحُيَّضُ فَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِهِمْ وَيَدْعُونَ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَخْبَرَنِي أَبُو سُفْيَانَ أَنَّ هِرَقْلَ دَعَا بِكِتَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَرَأَ فَإِذَا فِيهِ: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وَ { يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآيَةَ.
وَقَالَ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ: حَاضَتْ عَائِشَةُ فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ غَيْرَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، وَلاَ تُصَلِّي.
وَقَالَ الْحَكَمُ: إِنِّي لأَذْبَحُ وَأَنَا جُنُبٌ.
وَقَالَ اللَّهُ تعالى: { وَلاَ تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} .
هذا (باب) بالتنوين (تقضي) أي تؤدّي (الحائض) المتلبسة بالإحرام (المناسك كلها) المتعلقة بالحج أو العمرة كالتلبية (إلا الطواف بالبيت) لكونه صلاة مخصوصة.
(وقال إبراهيم) النخعي مما وصله الدارمي: (لا بأس) لا حرج (أن تقرأ) الحائض (الآية) من القرآن، وروي نحوه عن مالك والجواز مطلقًا والتخصيص بالحائض دون الجنب، ومذهبنا كالحنفية والحنابلة التحريم ولو بعض آية لحديث الترمذي: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن وهو حجة على المالكية في قولهم: إنها تقرأ القرآن ولا يقرأ الجنب وعلل بطول أمد الحيض المستلزم نسيان القرآن بخلاف الجنب وهو بإطلاقه يتناول الآية فما دونها، فيكون حجة على النخعي وعلى الطحاوي في إباحته بعض الآية لكن الحديث ضعيف من جميع طرقه.
نعم يحل له قراءة الفاتحة في الصلاة إذا فقد الطهورين، بل يجب كما صححه النووي لأنه نادر، وصحح الرافعي حرمتها لعجزه عنها شرعًا وكذا تحل أذكاره لا بقصده قرآن كقوله عند الركوب: { سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ} [الزخرف: 13] فإن قصد القرآن وحده أو مع الذكر حرم وإن أطلق فلا كما اقتضاه كلام المنهاج خلافًا لا في المحرر.
وقال في شرح المهذب: أشار العراقيون إلى التحريم (ولم ير ابن عباس) رضي الله عنهما (بالقراءة للجنب بأسًا) روى ابن المنذر بإسناده عنه أنه كان يقرأ ورده من القرآن وهو جنب فقيل له في ذلك فقال ما في جوفي أكثر منه.
(وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يذكر الله) بالقرآن وغيره (على كل أحيانه) أي زمانه فدخل فيه حين الجنابة، وبه قال الطبري وابن المنذر وداود وهذا التعليق وصله مسلم من حديث عائشة.
(قالت أم عطية) مما وصله المؤلف في العيدين بلفظ: (كنّا نؤمر أن يخرج) بفتح المثناة التحتية يوم العيد حتى تخرج البكر من خدرها وحتى يخرج (الحيض) بالرفع على الفاعلية، ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر أن نخرج بنون مضمومة وكسر الراء الحيض بالنصب على المفعولية فيكنّ خلف الناس، (فيكبرن بتكبيرهم ويدعون) بدعائهم يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته، وللكشميهني يدعين بمثناة تحتية بدل الواو: وردّها العيني مخالفتها لقواعد التصريف لأن هذه الصيغة معتلة اللام من ذوات الواو يستوي في لفظ جماعة الذكور والإناث في الخطاب والغيبة جميعًا، وفي التقدير يختلف فوزن الجمع المذكر يفعلون والمؤنث يفعلن.
(وقال ابن عباس) رضي الله عنهما مما وصله المؤلف في بدء الوحي (أخبرني) بالإفراد (أبو سفيان) بن حرب (أن هرقل دعا بكتاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقرأه فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم ويا أهل الكتاب) بزيادة الواو للقابسي والنسفيّ وعبدوس وسقطت لأبي ذر والأصيلي { تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ} الآية [آل عمران: 64] استدل به على جواز القراءة للجنب لأن الكفار جنب، وإنما كتب لهم ليقرؤوه وذلك يستلزم جواز القراءة بالنص لا بالاستنباط.
وأجيب: بأن الكتاب اشتمل على غير الآيتين فهو كما لو ذكر بعض القرآن في التفسير، فإنه لا يمنع قراءته ولا مسّه عند الجمهور لأنه لا يقصد منه التلاوة.
(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح (عن جابر) هو ابن عبد الله الأنصاري مما وصله المؤلف في باب قوله عليه السلام: لو استقبلت من أمري ما استدبرت من كتاب الأحكام أنه قال: (حاضت عائشة) رضي الله عنها (فنسكت) بفتح النون أي أقامت (المناسك) المتعلقة بالحج (كلها غير الطواف بالبيت ولا تصلي) ولفظة كلها ثابتة عند الأصيلي دون غيرة كما في الفرع.
(وقالالحكم) بفتح الحاء المهملة والكاف ابن عتيبة بضم العين المهملة وفتح المثناة الفوقية والموحدة بينهما تحتية الكوفي مما وصله البغوي في الجعديات (أني لأذبح) الذبيحة (وأنا) أي والحال أني (جنب و) الذبح يستلزم ذكر الله.
(وقال الله عز وجل: { وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: 121] إذ المراد به لا تذبحوا بإجماع المفسرين، وظاهره تحريم متروك التسمية عمدًا أو نسيانًا، وإليه ذهب داود.
وعن أحمد مثله: وقال مالك والشافعي بخلافه لقوله عليه السلام "ذبيحة المسلم حلال وإن لم يذكر اسم الله عليها".
وفرق أبو حنيفة بين العمد والنسيان وأوّلوه بالميتة أو بما ذكر غير اسم الله عليه، وقد نوزع في جميع ما استدل به المؤلف مما يطول ذكره.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [303] حدّثنا أبُو النُّعْمانِ قالَ حدّثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ قالَ حدّثنا الشَّيْبَانِيُّ قالَ حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ ابنْ شَدَّادٍ قالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تقولُ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَها فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حائِضٌ.
مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.
ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الْمَعْرُوف بعارم.
الثَّانِي: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْبَصْرِيّ.
الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ.
الرَّابِع: عبد الله بن شَدَّاد، بتَشْديد الدَّال ابْن الْهَاد اللَّيْثِيّ.
الْخَامِس: مَيْمُونَة، أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.
ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي، وكوفي ومدني.
ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن خَالِد بن عبد الله عَن الشَّيْبَانِيّ بِهِ وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي النِّكَاح عَن مُسَدّد، وَمُحَمّد بن الْعَلَاء، كِلَاهُمَا عَن حَفْص بن غياث عَن الشَّيْبَانِيّ، وَأخرجه ابْن مَاجَه بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث أم حَبِيبَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: [حم ( كَانَت إحدانا فِي فورها أول مَا تحيض تشد عَلَيْهَا إزاراً إِلَى أَنْصَاف فخذيها ثمَّ تضطجع مَعَه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) [/ حم وَأخرج أَبُو يعلى الْموصِلِي، من حَدِيث عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( لَهُ مَا فَوق الْإِزَار وَلَيْسَ لَهُ مَا تَحْتَهُ) وَفِي لفظ: [حم ( لَا يطلعن إِلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى يطهرن) [/ حم وَأخرج أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: [حم ( أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ من الْحَائِض شَيْئا ألْقى على فرجهَا ثوبا) [/ حم وَأخرج ابْن أبي دَاوُد بِسَنَد جيد عَن أم سَلمَة: [حم ( أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُبَاشِرهَا وعَلى قبلهَا ثوب) [/ حم تَعْنِي: وَهِي حَائِض، وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث معَاذ وَعبد الله بن سعد: ( مَا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض؟ قَالَ: مَا فَوق الْإِزَار) وَفِي حَدِيث معَاذ: ( وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أجمل) ، وَأخرج عبد الله بن وهب بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث كريب، قَالَ: سَمِعت أم الْمُؤمنِينَ تَقول: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضطجع معي وَأَنا حَائِض، وبيني وَبَينه ثوب) وَأخرج الدَّارمِيّ فِي ( مُسْنده) من حَدِيث أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل، قَالَ: ( قَالَت أم الْمُؤمنِينَ: كنت أتزر وَأَنا حَائِض وَأدْخل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لِحَافه) وَإِسْنَاده صَحِيح، وَفِي ( الْمُوَطَّأ) عَن زيد بن أسلم: ( سَأَلَ رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض؟ قَالَ لِتشد عَلَيْهَا إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بِأَعْلَاهَا) قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث مُسْندًا بِهَذَا اللَّفْظ.
ورَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِي يَعْنِي: روى هَذَا الحَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ، كَذَا قَالَ بَعضهم، سُفْيَان هُوَ: الثَّوْريّ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي سَوَاء كَانَ هُوَ الثَّوْريّ أَو ابْن عُيَيْنَة فَهُوَ على شَرط البُخَارِيّ فَلَا بَأْس فِي إبهامه.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) وَكَانَ البُخَارِيّ يُرِيد بمتابعة سُفْيَان هُنَا الْمَعْنى لَا اللَّفْظ، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سمع عبد الله بن شَدَّاد عَن مَيْمُونَة: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرط على بعض أَزوَاجه مِنْهُ وَهِي حَائِض) وَقد رَوَاهُ عَن الشَّيْبَانِيّ أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد خَالِد بن عبد الله عِنْد مُسلم وَجَرِير بن عبد الحميد عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا بِإِسْنَاد مَيْمُونَة حَفْص بن غياث عِنْد أبي دَاوُد، رَحمَه الله، وَأَبُو مُعَاوِيَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وأسباط بن مُحَمَّد عَن أبي عوَانَة فِي ( صَحِيحه) .

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ رَوَاهُ، وَلم يقل تَابعه؟ قلت: الرِّوَايَة أَعم مِنْهَا، فَلَعَلَّهُ لم يروها مُتَابعَة.
6 - ( بابُ تَرْكِ الحَائِضِ الصَّوْمَ) أَي: هَذَا بَاب فِي بَيَان ترك الْحَائِض الصَّوْم فِي أَيَّام حَيْضَتهَا.
وَجه الْمُنَاسبَة بَين الْبَابَيْنِ من حَيْثُ إِن كلاًّ مِنْهُمَا مُشْتَمل على حكم من أَحْكَام الْحيض.
فَإِن قلت: الْحَائِض تتْرك الصَّلَاة أَيْضا فَمَا وَجه ذكر الصَّوْم فِي تَركهَا دون الصَّلَاة، مَعَ أَنَّهُمَا مذكوران فِي حَدِيث الْبَاب؟ قلت: تَركهَا الصَّلَاة لعدم وجود شَرطهَا وَهِي الطَّهَارَة، فَكَانَت ملجأة إِلَى ذَلِك بِخِلَاف الصَّوْم فَإِن الطَّهَارَة لَيست بِشَرْط فَكَانَ تَركهَا إِيَّاه من بَاب التَّعَبُّد وَأَيْضًا فَإِن تَركهَا للصَّلَاة لَا إِلَى خلف بِخِلَاف الصَّوْم، فخصص الصَّوْم بِالذكر دون الصَّلَاة إشعاراً لما ذكرنَا.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [303] نا أبو النعمان: نا عبد الواحد: نا الشيباني: نا عبد الله بنِ شداد، قالَ: سمعت ميمونة قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد أن يباشر امرأة مِننسائه أمرها فاتزرت وهي حائض.
رواه سفيان، عَن الشيباني.
وإنما ذكر متابعة سفيان؛ ليبين أن الصحيح: عَن الشيباني، عَن عبد الله بن شداد، عَن ميمونة؛ لا عَن عائشة، وأن سفيان - وَهوَ: الثوري - رواه عَن الشيباني كذلك.
وقد خرجه الإمام أحمد، عَن ابن مهدي، عَن سفيان كذلك، ولفظ حديثه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشرها وهي حائض، فوق الإزار.
وكذلك خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) من طريق عبد الواحد بنِ زياد، عَن الشيباني بهذا الإسناد، ولفظه: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض.
وخرجه مسلم - أيضاً - مِن طريق ابن وهب: أخبرني مخرمة، عَن أبيه - وَهوَ: بكير بنِ الأشج -، عَن كريب مولى ابن عباس، عَن ميمونة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينضجع معي وأنا حائض، وبيني وبينه ثوب.
ورواه الزهري عَن حبيب مولى عروة، عن ندبة مولاة ميمونة، عَن ميمونة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشر المرأة مِن نسائه وهي حائض، إذا كانَ عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين - أو الركبتين - محتجزة.
خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان في ( ( صحيحه) ) .
وفي الباب أحاديث أخر متعددة، وقد تقدم في الباب الماضي حديث أم سلمة في المعنى.
وقد دلت هَذهِ الأحاديث على جواز نوم الرجل معَ المرأة في حال حيضها، وجواز مباشرته لها، واستمتاعه بها مِن فوق الإزار.
والإزار: هوَ مابين السرة والركبة، وفي الرواية الأخيرة عَن ميمونة الشك: هل كانَ الإزار يبلغ إلى الركبتين، أو إلى أنصاف الفخذين.
وقد روي أن الإزار كانَ يبلغ إلى أنصاف الفخذين، جزماً مِن غير شك: خرجه ابن ماجه مِن حد يث أم حبيبة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنها سئلت:كيف كنت تصنعين معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحيض؟ قالت: كانت إحدانا في فورها، أول ما تحيض تشد عليها إزاراً إلى أنصاف فخذيها، ثُمَّ تضطجع معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وإسناده حسن، وفي إسناده: ابن إسحاق.
وفي هَذا الحديث - معَ حديث عائشة الثاني الذِي خرجه البخاري هاهنا -: دلالة على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانَ يامر الحائض بالاتزار في أول حيضتها، وَهوَ فور الحيضة وفوحها، فإن الدم حينئذ يفور لكثرته، فكلما طالت مدته قل، وهذا مما يستدل بهِ على أن الأمر بشد الإزار لَم يكن لتحريم الاستمتاع بما تحت الإزار، بل خشية مِن إصابة الدم والتلوث بهِ، ومبالغة في التحرز مِن إصابته.
وقد روى محمد بنِ بكار بنِ بلال: نا سعيد بنِ بشير، عَن قتادة، عَن الحسن، عَن أمه، عَن أم سلمة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتقي سورة الدم ثلاثاً، ثُمَّ يباشر بعد ذَلِكَ.
وهذا الإسناد وإن كانَ فيهِ لين، إلا أن الأحاديث الصحيحة تعضده وتشهد لَهُ.
وفي ( ( سنن أبي داود) ) مِن حديث عكرمة، عَن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد مِن الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً.
وإسناده جيد.
وَهوَ محمول على ما بعد الثلاث إذا ذهبت سورة الدموحدته وفوره، فكان حينئذ يكتفي بستر الفرج وحده بثوب، ثُمَّ يباشر.
وقد روي عَن الأوزاعي، عَن عبدة بنِ أبي لبابة، عَن أم سلمة، قالت: كنت معَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لحافه فنفست، فقالَ: ( ( مالك! أنفست؟) ) قلت: نعم، فأمرني أن أضع على قبلي ثوباً.
خرجه أبو بكر ابن جعفر في ( ( كِتابِ الشافي) ) .
وعبدة، لَم يسمع مِن أم سلمة -: قاله أبو حاتم الرازي.
وسنذكر في ( ( الصيام) ) - إن شاء الله تعالى - الأحاديث الواردة بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يلقي على فرج المرأة في صيامه ثوباً، ثُمَّ يباشرها.
فظهر بهذا: أن الاستمتاع ببدن الحائض كله جائز، لا منع فيهِ سوى الوطء في الفرج، وأنه يستحب أن يكون ذَلِكَ مِن فوق الإزار، خصوصاً في أول الحيض وفورته، وإن اكتفى بستر الفرج وحده جاز، وإن استمتع بها بغير ستر بالكلية جاز - أيضاً.
وقد تقدم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( اصنعوا كل شيء غير النكاح) ) .
خرجه مسلم.
وأما الأحاديث التي رويت عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنَّهُ سئل عما يحل مِن الحائض؟ فقالَ: ( ( فوق الإزار) ) .
فَقد رويت مِن وجوه متعددة لا تخلو أسانيدها مِن لين، وليس رواتها مِن المبرزين في الحفظ، ولعل بعضهم روى ذَلِكَ بالمعنى الذِي فهمه مِن مباشرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحائض مِن فوق الإزار.
وقد قيل: إن الإزار كناية عَن الفرج، ونقل ذَلِكَ عن اللغة، وأنشدوا فيهِ شعراً.
قالَ: وكيع: الإزار عندنا: الخرقة التي على الفرج.
وقد اختلف العلماء فيما يجوز الاستمتاع بهِ مِن الحائض في حال حيضها: فقالت طائفة: لا يحرم منها سوى الإيلاج في فرجها، ويجوز ما عدا ذَلِكَ، وحكي ذَلِكَ عَن جمهور العلماء، وروي عَن ابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وَهوَ قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وَهوَ أحد قولي الشَافِعي، ومحمد بنِ الحسن وأبي ثور، وابن المنذر، وداود، وطائفة مِن أصحاب مالك والشافعي.
واحتج أحمد بأن عائشة أفتت بإباحة ما دونَ الفرج مِن الحائض، وهي أعلم الناس بهذه المسألة، فيتعين الرجوع فيها إلى قولها، كَما رجع إليها في الغسل مِن إلتقاء الختانين على ما سبق، وكذا في المباشرة للصائم، وقد حكى البخاري عنها في ( ( الصوم) ) أنها قالت: يحرم عليهِ - تعني: الصائم - فرجها.
وقالت طائفة: يحرم الاستمتاع مِن الحائض بما بين السرة والركبة، إلا مِن فوق الإزار، وَهوَ المشهور عَن مالك، وأبي حنيفة، والشافعي.
وحكي رواية عَن أحمد، ولم [يثبتها] الخلال وأكثر الأصحاب، وقالوا: إنما أراد أحمد أن الأفضل مباشرتها مِن فوق الإزار.
وقالت طائفة: إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عَن الفرج؛ لضعف شهوة أو شدة ورع جاز، وإلا فلا، وَهوَ قول طائفة مِن الشَافِعية.
وَهوَ حسن، وفي كلام عائشة - رضي الله عنها - ما يشهد لَهُ؛ فإنها قالت: وأيكم يملك إربه كَما كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يملك إربه؟ .
ويشهد لهذا: مباشرة المرأة في حال الصيام؛ فإنه يفرق فيها بين مِن يخاف على نفسه ومن يأمن، وقد قالت عائشة - أيضاً -: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقبل ويباشر وَهوَ صائم، وكان أملككم لإربه.
وقد رويت هَذهِ اللفظة بكسر الهمزة وسكون الراء، ورويت بفتح الهمزة والراء.
وأنكر الخطابي الرواية الأولى، وجوزها غيره.
والإرب - بالسكون -: العضو، وَهوَ كناية هنا عَن الفرج، والإرب - بالفتح - الحاجة، والمراد بالحاجة: شهوة النكاح، وقيل: بل الإرب - بالسكون - يراد بهِ العضو، ويراد بهِ الحاجة - أيضاً -، وكذلك هوَ في ( ( الصحاح) ) .
قالَ أبو عبيد: يروى هَذا الحديث: لإربه - يعني: بالسكون - قالَ: وَهوَ في كلام العرب لأربه - يعني: بالتحريك -، قالَ: والإرب: الحاجة، قالَ: وفيه ثلاث لغات: أرب، وإربة، وإرب، في غير هَذا: العضو.
انتهى.
وعلى قول مِن جوز الاستمتاع بما دونَ الفرج، ويجوز عندهم الوطء دونَ الفرج، والاستمتاع بالفرج نفسه مِن غير إيلاج فيهِ، ولو كانَ على بعض الجسد شيء مِن دم الحيض لَم يحرم الاستمتاع بهِ، وليس فيهِ خلاف إلا وجه شاذ للشافعية.
لكن صرح ابن أبي موسى مِن أصحابنا في ( ( شرح الخرقي) ) بكراهة الوطء فيما هوَ متلوث بدم الحيض مِن غير تحريم.
وأما ما فوق السرة وتحت الركبة فيجوز الاستمتاع بهِ، وكثير مِن العلماء حكى الإجماع على ذَلِكَ.
ومنهم مِن حكى عَن عبيدة السلماني خلافه، ولا يصح عَنهُ.
إنما الصحيح عَن عبيدة: ما رواه وكيع في ( ( كتابه) ) ، عن ابن عون، عَن ابن سيرين، قالَ: سألت عبيدة: ما للرجل مِن امرأته إذا كانت حائضاً؟ قالَ: الفراش واحد، واللحاف شتى، فإن لَم يجد بداً رد عليها مِن طرف ثوبه.
وهذا إنما يدل على أن الأولى أن لا ينام معها متجردة في لحاف واحد حتَّى يسترها بشيء مِن ثيابه، وهذا لا خلاف فيهِ.
وقد روي عَن ابن عباس، أنَّهُ كانَ يعتزل فراشه امرأته في حال الحيض، وأنكرت عليهِ ذَلِكَ خالته ميمونة - رضي الله عنهما -، فرجع عَن ذَلِكَ: ففي ( ( مسند الإمام أحمد) ) مِن حديث ابن إسحاق، [عَن] الزهري، عَن عروة، عَن ندبة، قالت: أرسلتني ميمونة بنت الحارث إلى امرأة عبد الله ابن عباس - وكانت بينهما قرابة -، فرأيت فراشها معتزلاً عَن فراشه، فظننت أن ذَلِكَ لهجران، فسألتها، فقالت: لا، ولكني حائض، فإذا حضت لم يقرب فراشي، فأتيت ميمونة، فذكرت ذَلِكَ لها، فردتني إلى ابن عباس، فقالت: أرغبة عَن سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟! لقد كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينام معَ المرأة مِن نسائه الحائض، ما بينهما إلاّ ثوب، ما يجاوز الركبتين.
ثُمَّ خرجه مِن طريق ليث: حدثني ابن شهاب، عَن حبيب مولى عروة، عَن ندبة - فذكر الحديث.
وهذا هوَ الصحيح، وقول ابن إسحاق: ( ( عَن عروة) ) خطأ، إنما هوَ: حبيب مولى عروة، وَهوَ ثقة، خرج لَهُ مسلم.
وقد روي أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانَ ينام معَ الحائض حيث لَم يكن لَهُم سوى فراش واحد، فلما وسع عليهم اعتزل نساءه في حال الحيض.
خرجه الإمام أحمد مِن رواية ابن لهيعة، عَن يزيد بنِ أبي حبيب، عَن سويد بنِ قيس، عَن ابن قريط الصدفي، قالَ: قل لعائشة: أكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضاجعك وأنت حائض؟ قالت: نعم، إذا شددت عليّ إزاري، ولم يكن لنا إذ ذاك إلا فراش واحد، فلما رزقني الله فراشاً آخر اعتزلت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وابن لهيعة، لا يقبل تفرده بما يخالف الثقات.
ولكن تابعه غيره: فرواه ابن وهب، عَن عمرو بنِ الحارث، عَن ابنِ أبي حبيب، عَن سويد ابن قيس، عَن ابن قرظ - أو قرط - الصدفي، أنَّهُ سأل عائشة - فذكره بمعناه.
خرجه بقي بنِ مخلد في ( ( مسنده) ) .
وابن قرظ - أو قرط - الصدفي، ليسَ بالمشهور، فلا تعارض روايته عَن عاشة رواية الأسود بنِ يزيد النخعي.
وقد تابع الأسود على روايته كذلك عَن عائشة: عمرو بنِ شرحبيل - أو عمرو بنِ ميمون - على اختلاف فيهِ -، وأبو سلمة وعبد الله بنِ أبي قيس، وشريح بنِ المقدام، وجميع بنِ عمير، وخلاس وغيرهم.
وروايات هؤلاء عَن عائشة أولى مِن روايات ابن قريط.
وتعارض رواية ابن قريط برواية أخرى تشبهها، خرجها أبو داود مِن حديث عبد الرحمن بنِ زياد، عَن عمارة بنِ غراب، أن عمة لَهُ حدثته: أنها سألت عائشة، قالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد؟ قالت: أخبرك بما صنع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، دخل فمضى إلى مسجده - تعني: مسجد بيته -، فلم ينصرف حتى غلبتني عيني، وأوجعه البرد، فقالَ: ( ( ادني) ) ، فقلت: إني حائض، قالَ: ( ( وإن، اكشفي عَن فخذيك) ) ، فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليهِ حتى دفىء ونام.
وفي ( ( سنن أبي داود) ) عَن أبي اليمان كثير بنِ يمان، عَن أم ذرة، عَن عائشة، قالت: كنت إذا حضت نزلت عَن المثال إلى الحصير، فلن نقرب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم ندن منهُ حتى نطهر.
أبو اليمان وأم ذرة، ليسا بمشهورين، فلا يقبل تفردهما بما يخالف رواية الثقات الحفاظ الأثبات.
وخرجه بقي بنِ مخلد، عَن الحماني: ثنا عبد العزيز، عَن أبي [اليمان] الرحال، عَن أم ذرة، عَن عائشة، قالت: كنت إذا حضت لَم أدن مِن فراش رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أطهر.
الحماني، متكلم فيهِ.
وقد روى جعفر بنِ الزبير، عَن القاسم، عَن أبي أمامة، قالَ: قالَ عمر: كنا نضاجع النساء في المحيض، وفي الفرش واللحف قلة، فأما إذ وسع الله الفرش واللحف فاعتزلوهن كَما أمر الله عز وجل.
خرجه القاضي إسماعيل.
وهذا لا يثبت، وجعفر بنِ الزبير متروك الحديث.
وروى أبو نعيم الفضل بنِ دكين: نا أبو هلال: حدثني شيبة الراسبي، قالَ: سألت سالماً عَن الرجل يضاجع امرأته وهي حائض؟ قالَ: أمَّا نحن آل عمر، فنهجرهن إذا كن حيضاً.
إسناد ضعيف.
والاعتزال الذِي أمر الله بهِ: هوَ اجتناب جماعهن، كَما فسره بذلك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وقال عكرمة: كانَ أهل الجاهلية يصنعون في الحيض نحواً مِن صنيع المجوس، فذكروا ذَلِكَ لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنزلت: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً} [البقرة: 222] الآية، فلم يزد الأمر فيهن إلا شدة، فنزلت: { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] : أن تعتزلوا.
أخرجه القاضي إسماعيل، بإسناد صحيح.
وَهوَ يدل على أن أول الأمر باعتزالهن فهم كثير مِن الناس منهُ الاعتزال في البيوت والفرش كَما كانوا يصنعون أولاً، حتى نزل آخر الآية: { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ} ، ففهم مِن ذَلِكَ أن الله أمر باعتزالهن في الوطء خاصة.
وفسر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بقولِهِ: ( ( اصنعوا كل شيء غير النكاح) ) ، وبفعله معَ أزواجه؛ حيث كانَ يباشرهن في المحيض.
6 - باب ترك الحائض الصوم

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  [ قــ :299 ... غــ :303] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ هُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ عَارِم وَعبد الْوَاحِد هُوَ بن زِيَادٍ الْبَصْرِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ أَي بن أُسَامَةَ بْنِ الْهَادِ اللَّيْثِيُّ وَهُوَ مِنْ أَوْلَادِ الصَّحَابَةِ لَهُ رُؤْيَةٌ .

     قَوْلُهُ  أَمَرَهَا أَيْ بِالِاتِّزَارِ فَاتَّزَرَتْ وَهُوَ فِي رِوَايَتِنَا بِإِثْبَاتِ الْهَمْزَةِ عَلَى اللُّغَةِ الْفُصْحَى .

     قَوْلُهُ  رَوَاهُ سُفْيَانُ يَعْنِي الثَّوْرِيَّ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ يَعْنِي بِسَنَدِ عَبْدِ الْوَاحِدِ وَهُوَ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ عَنْ سُفْيَانَ نَحْوُهُ وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ وَجَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَذَلِكَ مِمَّا يَدْفَعُ عَنْهُ تَوَهُّمَ الِاضْطِرَابِ وَكَأَنَّ الشَّيْبَانِيَّ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً مِنْ مُسْنَدِ عَائِشَةَ وَتَارَةً مِنْ مُسْنَدِ مَيْمُونَةَ فَسَمِعَهُ مِنْهُ جَرِيرٌ وَخَالِدٌ بِالْإِسْنَادَيْنِ وَسَمِعَهُ غَيْرُهُمَا بِأَحَدِهِمَا وَرَوَاهُ عَنْهُ أَيْضًا بِإِسْنَادِ مَيْمُونَةَ حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ مَنْ رَوَاهُ عَنهُ بِإِسْنَاد عَائِشَة
(

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير،  وأما حديث ميمونة:فقالَ:
[ قــ :299 ... غــ :303 ]
- نا أبو النعمان: نا عبد الواحد: نا الشيباني: نا عبد الله بنِ شداد، قالَ: سمعت ميمونة قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد أن يباشر امرأة مِن نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض.

رواه سفيان، عَن الشيباني.

وإنما ذكر متابعة سفيان؛ ليبين أن الصحيح: عَن الشيباني، عَن عبد الله بن
شداد، عَن ميمونة؛ لا عَن عائشة، وأن سفيان - وَهوَ: الثوري - رواه عَن الشيباني كذلك.

وقد خرجه الإمام أحمد، عَن ابن مهدي، عَن سفيان كذلك، ولفظ حديثه: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشرها وهي حائض، فوق الإزار.

وكذلك خرجه مسلم في ( ( صحيحه) ) من طريق عبد الواحد بنِ زياد، عَن الشيباني بهذا الإسناد، ولفظه: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشر نساءه فوق الإزار وهن حيض.

وخرجه مسلم - أيضاً - مِن طريق ابن وهب: أخبرني مخرمة، عَن أبيه - وَهوَ: بكير بنِ الأشج -، عَن كريب مولى ابن عباس، عَن ميمونة، قالت:
كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينضجع معي وأنا حائض، وبيني وبينه ثوب.

ورواه الزهري عَن حبيب مولى عروة، عن ندبة مولاة ميمونة، عَن ميمونة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يباشر المرأة مِن نسائه وهي حائض، إذا كانَ عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين - أو الركبتين - محتجزة.

خرجه الإمام أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن حبان في ( ( صحيحه) ) .

وفي الباب أحاديث أخر متعددة، وقد تقدم في الباب الماضي حديث أم سلمة في المعنى.

وقد دلت هَذهِ الأحاديث على جواز نوم الرجل معَ المرأة في حال حيضها، وجواز مباشرته لها، واستمتاعه بها مِن فوق الإزار.

والإزار: هوَ مابين السرة والركبة، وفي الرواية الأخيرة عَن ميمونة الشك:
هل كانَ الإزار يبلغ إلى الركبتين، أو إلى أنصاف الفخذين.

وقد روي أن الإزار كانَ يبلغ إلى أنصاف الفخذين، جزماً مِن غير شك:
خرجه ابن ماجه مِن حد يث أم حبيبة زوج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنها سئلت: كيف كنت تصنعين معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الحيض؟ قالت: كانت إحدانا في فورها، أول ما تحيض تشد عليها إزاراً إلى أنصاف فخذيها، ثُمَّ تضطجع معَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وإسناده حسن، وفي إسناده: ابن إسحاق.

وفي هَذا الحديث - معَ حديث عائشة الثاني الذِي خرجه البخاري هاهنا -:
دلالة على أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانَ يامر الحائض بالاتزار في أول حيضتها، وَهوَ فور الحيضة وفوحها، فإن الدم حينئذ يفور لكثرته، فكلما طالت مدته قل، وهذا مما يستدل بهِ على أن الأمر بشد الإزار لَم يكن لتحريم الاستمتاع بما تحت الإزار، بل خشية مِن إصابة الدم والتلوث بهِ، ومبالغة في التحرز مِن إصابته.

وقد روى محمد بنِ بكار بنِ بلال: نا سعيد بنِ بشير، عَن قتادة، عَن الحسن، عَن أمه، عَن أم سلمة، قالت: كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يتقي سورة الدم ثلاثاً، ثُمَّ يباشر بعد ذَلِكَ.

وهذا الإسناد وإن كانَ فيهِ لين، إلا أن الأحاديث الصحيحة تعضده وتشهد لَهُ.

وفي ( ( سنن أبي داود) ) مِن حديث عكرمة، عَن بعض أزواج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أراد مِن الحائض شيئاً ألقى على فرجها ثوباً.

وإسناده جيد.

وَهوَ محمول على ما بعد الثلاث إذا ذهبت سورة الدم وحدته وفوره، فكان حينئذ يكتفي بستر الفرج وحده بثوب، ثُمَّ يباشر.

وقد روي عَن الأوزاعي، عَن عبدة بنِ أبي لبابة، عَن أم سلمة، قالت: كنت معَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في لحافه فنفست، فقالَ: ( ( مالك! أنفست؟) ) قلت: نعم، فأمرني أن أضع على قبلي ثوباً.

خرجه أبو بكر ابن جعفر في ( ( كِتابِ الشافي) ) .

وعبدة، لَم يسمع مِن أم سلمة -: قاله أبو حاتم الرازي.

وسنذكر في ( ( الصيام) ) - إن شاء الله تعالى - الأحاديث الواردة بأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يلقي على فرج المرأة في صيامه ثوباً، ثُمَّ يباشرها.

فظهر بهذا: أن الاستمتاع ببدن الحائض كله جائز، لا منع فيهِ سوى الوطء في الفرج، وأنه يستحب أن يكون ذَلِكَ مِن فوق الإزار، خصوصاً في أول الحيض وفورته، وإن اكتفى بستر الفرج وحده جاز، وإن استمتع بها بغير ستر بالكلية جاز - أيضاً.

وقد تقدم قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( اصنعوا كل شيء غير النكاح) ) .

خرجه مسلم.

وأما الأحاديث التي رويت عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنَّهُ سئل عما يحل مِن الحائض؟
فقالَ: ( ( فوق الإزار) ) .

فَقد رويت مِن وجوه متعددة لا تخلو أسانيدها مِن لين، وليس رواتها مِن المبرزين في الحفظ، ولعل بعضهم روى ذَلِكَ بالمعنى الذِي فهمه مِن مباشرة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للحائض مِن فوق الإزار.

وقد قيل: إن الإزار كناية عَن الفرج، ونقل ذَلِكَ عن اللغة، وأنشدوا فيهِ شعراً.

قالَ: وكيع: الإزار عندنا: الخرقة التي على الفرج.
وقد اختلف العلماء فيما يجوز الاستمتاع بهِ مِن الحائض في حال حيضها:
فقالت طائفة: لا يحرم منها سوى الإيلاج في فرجها، ويجوز ما عدا ذَلِكَ، وحكي ذَلِكَ عَن جمهور العلماء، وروي عَن ابن عباس، وعائشة، وأم سلمة، وَهوَ قول الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وَهوَ أحد قولي الشَافِعي، ومحمد بنِ الحسن وأبي ثور، وابن المنذر، وداود، وطائفة مِن أصحاب مالك والشافعي.

واحتج أحمد بأن عائشة أفتت بإباحة ما دونَ الفرج مِن الحائض، وهي أعلم الناس بهذه المسألة، فيتعين الرجوع فيها إلى قولها، كَما رجع إليها في الغسل مِن إلتقاء الختانين على ما سبق، وكذا في المباشرة للصائم، وقد حكى البخاري عنها في
( ( الصوم) ) أنها قالت: يحرم عليهِ - تعني: الصائم - فرجها.

وقالت طائفة: يحرم الاستمتاع مِن الحائض بما بين السرة والركبة، إلا مِن فوق الإزار، وَهوَ المشهور عَن مالك، وأبي حنيفة، والشافعي.

وحكي رواية عَن أحمد، ولم [يثبتها] الخلال وأكثر الأصحاب، وقالوا: إنما أراد أحمد أن الأفضل مباشرتها مِن فوق الإزار.

وقالت طائفة: إن وثق المباشر تحت الإزار بضبط نفسه عَن الفرج؛ لضعف شهوة أو شدة ورع جاز، وإلا فلا، وَهوَ قول طائفة مِن الشَافِعية.
وَهوَ حسن، وفي كلام عائشة - رضي الله عنها - ما يشهد لَهُ؛ فإنها قالت: وأيكم يملك إربه كَما كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يملك إربه؟ .

ويشهد لهذا: مباشرة المرأة في حال الصيام؛ فإنه يفرق فيها بين مِن يخاف على نفسه ومن يأمن، وقد قالت عائشة - أيضاً -: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقبل ويباشر وَهوَ صائم، وكان أملككم لإربه.

وقد رويت هَذهِ اللفظة بكسر الهمزة وسكون الراء، ورويت بفتح الهمزة والراء.

وأنكر الخطابي الرواية الأولى، وجوزها غيره.

والإرب - بالسكون -: العضو، وَهوَ كناية هنا عَن الفرج، والإرب - بالفتح - الحاجة، والمراد بالحاجة: شهوة النكاح، وقيل: بل الإرب - بالسكون - يراد بهِ
العضو، ويراد بهِ الحاجة - أيضاً -، وكذلك هوَ في ( ( الصحاح) ) .

قالَ أبو عبيد: يروى هَذا الحديث: لإربه - يعني: بالسكون - قالَ: وَهوَ في كلام العرب لأربه - يعني: بالتحريك -، قالَ: والإرب: الحاجة، قالَ: وفيه ثلاث لغات: أرب، وإربة، وإرب، في غير هَذا: العضو.
انتهى.

وعلى قول مِن جوز الاستمتاع بما دونَ الفرج، ويجوز عندهم الوطء دونَ الفرج، والاستمتاع بالفرج نفسه مِن غير إيلاج فيهِ، ولو كانَ على بعض الجسد شيء مِن دم الحيض لَم يحرم الاستمتاع بهِ، وليس فيهِ خلاف إلا وجه شاذ للشافعية.

لكن صرح ابن أبي موسى مِن أصحابنا في ( ( شرح الخرقي) ) بكراهة الوطء فيما هوَ متلوث بدم الحيض مِن غير تحريم.
وأما ما فوق السرة وتحت الركبة فيجوز الاستمتاع بهِ، وكثير مِن العلماء حكى الإجماع على ذَلِكَ.

ومنهم مِن حكى عَن عبيدة السلماني خلافه، ولا يصح عَنهُ.

إنما الصحيح عَن عبيدة: ما رواه وكيع في ( ( كتابه) ) ، عن ابن عون، عَن ابن سيرين، قالَ: سألت عبيدة: ما للرجل مِن امرأته إذا كانت حائضاً؟ قالَ: الفراش واحد، واللحاف شتى، فإن لَم يجد بداً رد عليها مِن طرف ثوبه.

وهذا إنما يدل على أن الأولى أن لا ينام معها متجردة في لحاف واحد حتَّى يسترها بشيء مِن ثيابه، وهذا لا خلاف فيهِ.

وقد روي عَن ابن عباس، أنَّهُ كانَ يعتزل فراشه امرأته في حال الحيض، وأنكرت عليهِ ذَلِكَ خالته ميمونة - رضي الله عنهما -، فرجع عَن ذَلِكَ:
ففي ( ( مسند الإمام أحمد) ) مِن حديث ابن إسحاق، [عَن] الزهري، عَن عروة، عَن ندبة، قالت: أرسلتني ميمونة بنت الحارث إلى امرأة عبد الله ابن عباس - وكانت بينهما قرابة -، فرأيت فراشها معتزلاً عَن فراشه، فظننت أن ذَلِكَ لهجران، فسألتها، فقالت: لا، ولكني حائض، فإذا حضت لم يقرب فراشي، فأتيت ميمونة، فذكرت ذَلِكَ لها، فردتني إلى ابن عباس، فقالت: أرغبة عَن سنة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟! لقد كانَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ينام معَ المرأة مِن نسائه الحائض، ما بينهما إلاّ ثوب، ما يجاوز الركبتين.

ثُمَّ خرجه مِن طريق ليث: حدثني ابن شهاب، عَن حبيب مولى عروة، عَن ندبة - فذكر الحديث.
وهذا هوَ الصحيح، وقول ابن إسحاق: ( ( عَن عروة) ) خطأ، إنما هوَ:
حبيب مولى عروة، وَهوَ ثقة، خرج لَهُ مسلم.

وقد روي أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنما كانَ ينام معَ الحائض حيث لَم يكن لَهُم سوى فراش واحد، فلما وسع عليهم اعتزل نساءه في حال الحيض.

خرجه الإمام أحمد مِن رواية ابن لهيعة، عَن يزيد بنِ أبي حبيب، عَن سويد بنِ قيس، عَن ابن قريط الصدفي، قالَ: قل لعائشة: أكان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضاجعك وأنت
حائض؟ قالت: نعم، إذا شددت عليّ إزاري، ولم يكن لنا إذ ذاك إلا فراش واحد، فلما رزقني الله فراشاً آخر اعتزلت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وابن لهيعة، لا يقبل تفرده بما يخالف الثقات.

ولكن تابعه غيره:
فرواه ابن وهب، عَن عمرو بنِ الحارث، عَن ابنِ أبي حبيب، عَن سويد ابن قيس، عَن ابن قرظ - أو قرط - الصدفي، أنَّهُ سأل عائشة - فذكره بمعناه.

خرجه بقي بنِ مخلد في ( ( مسنده) ) .

وابن قرظ - أو قرط - الصدفي، ليسَ بالمشهور، فلا تعارض روايته عَن عاشة رواية الأسود بنِ يزيد النخعي.

وقد تابع الأسود على روايته كذلك عَن عائشة: عمرو بنِ شرحبيل - أو عمرو بنِ ميمون - على اختلاف فيهِ -، وأبو سلمة وعبد الله بنِ أبي قيس، وشريح بنِ المقدام، وجميع بنِ عمير، وخلاس وغيرهم.

وروايات هؤلاء عَن عائشة أولى مِن روايات ابن قريط.
وتعارض رواية ابن قريط برواية أخرى تشبهها، خرجها أبو داود مِن حديث
عبد الرحمن بنِ زياد، عَن عمارة بنِ غراب، أن عمة لَهُ حدثته: أنها سألت عائشة، قالت: إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد؟ قالت: أخبرك بما صنع
رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، دخل فمضى إلى مسجده - تعني: مسجد بيته -، فلم ينصرف حتى غلبتني عيني، وأوجعه البرد، فقالَ: ( ( ادني) ) ، فقلت: إني حائض، قالَ: ( ( وإن، اكشفي عَن فخذيك) ) ، فكشفت فخذي فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليهِ حتى دفىء ونام.

وفي ( ( سنن أبي داود) ) عَن أبي اليمان كثير بنِ يمان، عَن أم ذرة، عَن عائشة، قالت: كنت إذا حضت نزلت عَن المثال إلى الحصير، فلن نقرب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم ندن منهُ حتى نطهر.

أبو اليمان وأم ذرة، ليسا بمشهورين، فلا يقبل تفردهما بما يخالف رواية الثقات الحفاظ الأثبات.

وخرجه بقي بنِ مخلد، عَن الحماني: ثنا عبد العزيز، عَن أبي [اليمان] الرحال، عَن أم ذرة، عَن عائشة، قالت: كنت إذا حضت لَم أدن مِن فراش رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى أطهر.

الحماني، متكلم فيهِ.

وقد روى جعفر بنِ الزبير، عَن القاسم، عَن أبي أمامة، قالَ: قالَ عمر: كنا نضاجع النساء في المحيض، وفي الفرش واللحف قلة، فأما إذ وسع الله الفرش واللحف فاعتزلوهن كَما أمر الله عز وجل.
خرجه القاضي إسماعيل.

وهذا لا يثبت، وجعفر بنِ الزبير متروك الحديث.

وروى أبو نعيم الفضل بنِ دكين: نا أبو هلال: حدثني شيبة الراسبي، قالَ: سألت سالماً عَن الرجل يضاجع امرأته وهي حائض؟ قالَ: أمَّا نحن آل عمر، فنهجرهن إذا كن حيضاً.

إسناد ضعيف.

والاعتزال الذِي أمر الله بهِ: هوَ اجتناب جماعهن، كَما فسره بذلك رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وقال عكرمة: كانَ أهل الجاهلية يصنعون في الحيض نحواً مِن صنيع المجوس، فذكروا ذَلِكَ لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فنزلت: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً}
[البقرة: 222] الآية، فلم يزد الأمر فيهن إلا شدة، فنزلت: { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222] : أن تعتزلوا.

أخرجه القاضي إسماعيل، بإسناد صحيح.

وَهوَ يدل على أن أول الأمر باعتزالهن فهم كثير مِن الناس منهُ الاعتزال في البيوت والفرش كَما كانوا يصنعون أولاً، حتى نزل آخر الآية: { فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ
اللهُ}
، ففهم مِن ذَلِكَ أن الله أمر باعتزالهن في الوطء خاصة.

وفسر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ بقولِهِ: ( ( اصنعوا كل شيء غير النكاح) ) ، وبفعله معَ أزواجه؛ حيث كانَ يباشرهن في المحيض.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :299 ... غــ : 303 ]
- حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّيْبَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تقول: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَهَا فَاتَّزَرَتْ وَهْيَ حَائِضٌ".
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِيِّ.

وبه قال: ( حدّثنا أبو النعمان) محمد بن الفضل السدوسي المعروف بعارم ( قال: حدّثنا عبد الواحد) بن زياد البصري ( قال: حدّثنا الشيباني) أبو إسحاق ( قال: حدّثنا عبد الله بن شداد) بتشديد الدال ابن أسامة بن الهاد الليثي ( قال) :
( سمعت ميمونة) أم المؤمنين رضي الله عنها ( تقول: كان رسول الله) وفي رواية سمعت ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها تقول كان، ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر قالت: كان النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه) رضي الله عنهنّ ( أمرها) بالاتزار ( فاتزرت) كما في فرع اليونينية.
قال ابن حجر في روايتنا بإثبات الهمزة على اللغة الفصحى ( وهي حائض) جملة حالية من مفعول يباشر على الظاهر أو من مفعول أمر أو من فاعل اتزرت.
وقال الكرماني: يحتمل أنه حال من الثلاثة جميعًا.

ورواة الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني وفيه التحديث والسماع ورواية تابعي عن تابعي عن صحابية، وأخرجه مسلم في الطهارة وأبو داود في النكاح وابن ماجة.

( رواه) أي الحديث وللأصيلي وكريمة ورواه ( سفيان) الثوري مما وصله أحمد في مسنده ( عن الشيباني) أبي إسحاق وعبّر بقوله رواه دون تابعه، لأن الرواية أعمّ من المتابعة فلعله لم يروه متابعة، وقيل: المراد بسفيان هنا ابن عيينة وعلى كل تقدير فلا يضر إبهامه لأنهما على شرطه لكن جزم بالأول ابن حجر وغيره لما عند أحمد كما مر فافهم.

هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
[ قــ :299 ... غــ :303 ]
- حدّثنا أبُو النُّعْمانِ قالَ حدّثنا عَبْدُ الْوَاحِدِ قالَ حدّثنا الشَّيْبَانِيُّ قالَ حدّثنا عَبْدُ اللَّهِ ابنْ شَدَّادٍ قالَ سَمِعْتُ مَيْمُونَةَ تقولُ كانَ رسولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إذَا أَرَادَ أَنْ يُبَاشِرَ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ أَمَرَها فَاتَّزَرَتْ وَهِيَ حائِضٌ.


مطابقته للتَّرْجَمَة ظَاهِرَة.

ذكر رِجَاله وهم خَمْسَة: الأول: أَبُو النُّعْمَان مُحَمَّد بن الْفضل السدُوسِي الْمَعْرُوف بعارم.
الثَّانِي: عبد الْوَاحِد بن زِيَاد الْبَصْرِيّ.
الثَّالِث: أَبُو إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ.
الرَّابِع: عبد الله بن شَدَّاد، بتَشْديد الدَّال ابْن الْهَاد اللَّيْثِيّ.
الْخَامِس: مَيْمُونَة، أم الْمُؤمنِينَ، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا.

ذكر لطائف إِسْنَاده فِيهِ: التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع.
وَفِيه: السماع فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه: رِوَايَة التَّابِعِيّ عَن التَّابِعِيّ عَن الصحابية.
وَفِيه: أَن رُوَاته مَا بَين بَصرِي، وكوفي ومدني.
ذكر من أخرجه غَيره أخرجه مُسلم فِي الطَّهَارَة عَن يحيى بن يحيى عَن خَالِد بن عبد الله عَن الشَّيْبَانِيّ بِهِ وَأخرجه أَبُو دَاوُد فِي النِّكَاح عَن مُسَدّد، وَمُحَمّد بن الْعَلَاء، كِلَاهُمَا عَن حَفْص بن غياث عَن الشَّيْبَانِيّ، وَأخرجه ابْن مَاجَه بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث أم حَبِيبَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا: [حم ( كَانَت إحدانا فِي فورها أول مَا تحيض تشد عَلَيْهَا إزاراً إِلَى أَنْصَاف فخذيها ثمَّ تضطجع مَعَه، عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام) [/ حم وَأخرج أَبُو يعلى الْموصِلِي، من حَدِيث عَمْرو رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ: ( لَهُ مَا فَوق الْإِزَار وَلَيْسَ لَهُ مَا تَحْتَهُ) وَفِي لفظ: [حم ( لَا يطلعن إِلَى مَا تَحْتَهُ حَتَّى يطهرن) [/ حم وَأخرج أَبُو دَاوُد بِسَنَد صَحِيح عَن بعض أَزوَاج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: [حم ( أَنه كَانَ إِذا أَرَادَ من الْحَائِض شَيْئا ألْقى على فرجهَا ثوبا) [/ حم وَأخرج ابْن أبي دَاوُد بِسَنَد جيد عَن أم سَلمَة: [حم ( أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُبَاشِرهَا وعَلى قبلهَا ثوب) [/ حم تَعْنِي: وَهِي حَائِض، وَأخرج أَبُو دَاوُد من حَدِيث معَاذ وَعبد الله بن سعد: ( مَا يحل للرجل من امْرَأَته وَهِي حَائِض؟ قَالَ: مَا فَوق الْإِزَار) وَفِي حَدِيث معَاذ: ( وَالتَّعَفُّف عَن ذَلِك أجمل) ، وَأخرج عبد الله بن وهب بِسَنَد صَحِيح من حَدِيث كريب، قَالَ: سَمِعت أم الْمُؤمنِينَ تَقول: ( كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يضطجع معي وَأَنا حَائِض، وبيني وَبَينه ثوب) وَأخرج الدَّارمِيّ فِي ( مُسْنده) من حَدِيث أبي ميسرَة عَمْرو بن شُرَحْبِيل، قَالَ: ( قَالَت أم الْمُؤمنِينَ: كنت أتزر وَأَنا حَائِض وَأدْخل مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي لِحَافه) وَإِسْنَاده صَحِيح، وَفِي ( الْمُوَطَّأ) عَن زيد بن أسلم: ( سَأَلَ رجل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا يحل لي من امْرَأَتي وَهِي حَائِض؟ قَالَ لِتشد عَلَيْهَا إزَارهَا ثمَّ شَأْنك بِأَعْلَاهَا) قَالَ أَبُو عمر: لَا أعلم أحدا روى هَذَا الحَدِيث مُسْندًا بِهَذَا اللَّفْظ.

ورَوَاهُ سُفْيَانُ عَنِ الشَّيْبَانِي
يَعْنِي: روى هَذَا الحَدِيث سُفْيَان الثَّوْريّ عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ، كَذَا قَالَ بَعضهم، سُفْيَان هُوَ: الثَّوْريّ..
     وَقَالَ  الْكرْمَانِي سَوَاء كَانَ هُوَ الثَّوْريّ أَو ابْن عُيَيْنَة فَهُوَ على شَرط البُخَارِيّ فَلَا بَأْس فِي إبهامه.

     وَقَالَ  صَاحب ( التَّلْوِيح) وَكَانَ البُخَارِيّ يُرِيد بمتابعة سُفْيَان هُنَا الْمَعْنى لَا اللَّفْظ، وَذَلِكَ أَن أَبَا دَاوُد قَالَ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الصَّباح عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة عَن أبي إِسْحَاق الشَّيْبَانِيّ سمع عبد الله بن شَدَّاد عَن مَيْمُونَة: ( أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرط على بعض أَزوَاجه مِنْهُ وَهِي حَائِض) وَقد رَوَاهُ عَن الشَّيْبَانِيّ أَيْضا بِهَذَا الْإِسْنَاد خَالِد بن عبد الله عِنْد مُسلم وَجَرِير بن عبد الحميد عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ، وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا بِإِسْنَاد مَيْمُونَة حَفْص بن غياث عِنْد أبي دَاوُد، رَحمَه الله، وَأَبُو مُعَاوِيَة عِنْد الْإِسْمَاعِيلِيّ وأسباط بن مُحَمَّد عَن أبي عوَانَة فِي ( صَحِيحه) .

     وَقَالَ  الْكرْمَانِي: فَإِن قلت: قَالَ رَوَاهُ، وَلم يقل تَابعه؟ قلت: الرِّوَايَة أَعم مِنْهَا، فَلَعَلَّهُ لم يروها مُتَابعَة.