هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3227 وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ ، حَدَّثَنِي وَرْقَاءُ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، عَنِ الْأَعْرَجِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً كُلُّهَا تَأْتِي بِفَارِسٍ يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ : قُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَلَمْ يَقُلْ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، فَطَافَ عَلَيْهِنَّ جَمِيعًا ، فَلَمْ تَحْمِلْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ ، فَجَاءَتْ بِشِقِّ رَجُلٍ ، وَايْمُ الَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَوْ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ ، وحَدَّثَنِيهِ سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : كُلُّهَا تَحْمِلُ غُلَامًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3227 وحدثني زهير بن حرب ، حدثنا شبابة ، حدثني ورقاء ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : قال سليمان بن داود : لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله ، فقال له صاحبه : قل : إن شاء الله ، فلم يقل : إن شاء الله ، فطاف عليهن جميعا ، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة ، فجاءت بشق رجل ، وايم الذي نفس محمد بيده لو قال : إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون ، وحدثنيه سويد بن سعيد ، حدثنا حفص بن ميسرة ، عن موسى بن عقبة ، عن أبي الزناد ، بهذا الإسناد مثله ، غير أنه قال : كلها تحمل غلاما يجاهد في سبيل الله
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة على تسعين امرأة كلها تأتي بفارس يقاتل في سبيل الله.
فقال له صاحبه قل إن شاء الله.
فلم يقل إن شاء الله فطاف عليهن جميعًا فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة فجاءت بشق رجل.
وايم الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون.


المعنى العام

سأل اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم بواسطة كفار قريش عن قصة أصحاب الكهف فقال لهم: غدًا أجيبكم.
ولم يقل: إن شاء الله، فتأخر الوحي، ثم نزلت القصة ونزل قوله تعالى { { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا * إلا أن يشاء الله } } [الكهف: 23، 24] وأخذ الوحي يذكر المسلمين بهذا الاستثناء، الذي يفوض الأمور إلى خالقها وأنه ما من شيء يقع في الكون إلا بإذنه، ولا يقع في ملكه إلا ما يريد والإنسان مهما بلغت قوته وسلطته هو وعمله في قبضة القاهر فوق عباده، فلا يظنن أنه يفعل الشيء بحوله وقوته، دون مشيئة ربه، وإرادته وقوته، ولا يظن أنه سيفعل غدًا كذا وكذا، فيعد، ويجزم، ويحلف، دون أن يفوض لله الأمر، فقد لا يأتي عليه الغد هو نفسه، وقد يجيء عليه الغد وهو عاجز عن الفعل، وقد ينسى ما وعد به، وقد يكون ما تمناه في غده ورجاه، وظن أنه ميسور، قد لا يكون في دائرة مقدوره ومشيئته أصلاً.
بل هو في محض مشيئة الله وإرادته، كالحمل والولد والحياة.

وهكذا يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بهذه الحقيقة بين الحين والحين، ويقص عليهم في هذا الحديث ما قصه الله عليه في وحيه، عن أخيه سليمان بن داود عليهما السلام، مما يؤكد هذه الحقيقة، فيقول: لقد كان لسليمان عليه السلام ملكًا ليس لأحد من بعده، وكان تحته من النساء ستون أو سبعون أو تسعون امرأة، وكانت جنوده لا قبل لمن حوله من الملوك بها، وكان يطمع في زيادة هذه القوة بفرسان من صلبه، فتمنى على الله أن يعينه على أن يطوف على نسائه جميعهن في ليلة واحدة، فتحمل كل واحدة ذكرًا، فيصير رجلاً فارسًا، ولو أنه أجيب لذلك ربما قدر له مائة رجل في كل عام، لكنه نسي أن يقول: إن شاء الله، بلسانه، وهي دائمًا في عقيدته، وخاطره، لكنه لم ينطق بها لسانه فعاقبه ربه، طاف على نسائه كلهن - ربما مرات - فلم تحمل واحدة منهن، غير امرأة واحدة، حملت وبعد تسعة أشهر ولدت نصف طفل، وألقته القابلة على كرسيه متعجبة، فتذكر سليمان خطأه، واستغفر ربه، ونزل على محمد صلى الله عليه وسلم قوله سبحانه وتعالى { { ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا ثم أناب * قال رب اغفر لي وهب لي ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب } } [ص: 34، 35] .

المباحث العربية

( كان لسليمان ستون امرأة) في الرواية الثانية لأطوفن الليلة على سبعين امرأة وفي الرواية الرابعة لأطوفن الليلة على تسعين امرأة وعند النسائي وابن حبان مائة امرأة وفي رواية مائة امرأة أو تسع وتسعون بالشك، فمحصل الروايات: ستون - سبعون - تسعون - تسع وتسعون - مائة.

وقد رجح بعض العلماء رواية السبعين، وحاول بعضهم الجمع بين الروايات، فقال النووي: هذا كله ليس بمتعارض، لأنه عند جماهير الأصوليين من مفهوم العدد، ولا يعمل به، وليس في ذكر القليل نفي الكثير.
اهـ ومعناه أن العبرة بالكثير، فمن قال عندي مائة شاة هو صادق لو قال: عندي خمسون أو سبعون، فهو بحق عنده المائة، وعنده ما دونها، ولم يرتض الحافظ ابن حجر هذا الرأي بحجة أن مفهوم العدد معتبر عند كثير من الأصوليين.
وارتضى في الجمع بين الروايات أن الستين كن حرائر، وما زاد عليهن كن سرارى أو بالعكس ويقصد بما فوق الستين ما بين التسعين والمائة، فمن قال: تسعون ألغى الكسر ومن قال مائة، جبر الكسر، ومن هنا وقع التردد في رواية المائة والتسع والتسعين، أما رواية السبعين فحملها على قصد المبالغة والتكثير، فإن السبعة يقصد بها الكثرة في الآحاد، والسبعين يقصد بها الكثرة في العشرات والسبعمائة يقصد بها الكثرة في المئات ومن ذلك قوله تعالى { { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله } } [لقمان: 27] وقوله { { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن تغفر الله لهم } } [التوبة: 80] وقوله { { كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة } } [البقرة: 261] .

( فقال: لأطوفن عليهن الليلة) في الرواية الثالثة لأطيفن بضم الهمزة وهما لغتان، يقال: طاف بالشيء، وأطاف به، إذا دار حوله، وتكرر عليه، وهو هنا كناية عن الجماع، واللام في جواب القسم المحذوف، أي والله لأطوفن يشير إلى ذلك قوله في الرواية الثانية والثالثة لم يحنث لأن الحنث لا يكون إلا عن قسم، والقسم لا بد له من مقسم به، وقال بعضهم: اللام ابتدائية، والمراد بعدم الحنث، وقوع ما أراد، وجزم النووي بأن الذي جرى منه ليس بيمين، لأنه ليس في الحديث تصريح بيمين، وتعقبه الحافظ ابن حجر، بأن لفظ اليمين ثبت في بعض طرق الحديث، ثم قال الحافظ: واختلف في الذي حلف عليه، هل جميع ما ذكر؟ أو دورانه على النساء فقط، دون ما بعده، من الحمل والوضع وغيرهما؟ والثاني أوجه، لأنه الذي يقدر عليه، بخلاف ما بعده، فإنه ليس إليه وإنما هو مجرد تمني حصول ما يستلزم جلب الخير له، وإلا فلو كان حلف على جميع ذلك لم يكن إلا بوحي، ولو كان بوحي لم يتخلف، ولو كان بغير وحي لزم أنه حلف على غير مقدور له، وذلك لا يليق بجنابه.
قال الحافظ: قلت: وما المانع من جواز ذلك، ويكون من شدة وثوقه بحصول مقصوده، جزم بذلك وأكد بالحلف، فقد ثبت في الحديث الصحيح إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره اهـ وأشم في كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله طنطنة بعض الصوفية، والإقسام في الحديث الذي ساقه مراد به الرجاء، كقول الصحابي: أقسمت عليك يا رب أن لا تغيب شمس هذا اليوم حتى أطأ بعرجتي في خضر الجنة فلم تغب شمس اليوم حتى كان شهيدًا، فقد رجا، وتحقق رجاؤه، والرجاء والتمني من باب واحد، وبينهما وبين الحلف بعد، ومن المستبعد حقًا على عامة المسلمين، فضلاً عن الأنبياء أن يقسموا على غيبي عند الله، لا يملكون منه شيئًا، وهو الحمل، وأن يكون ذكرًا، وأن يعيش، وأن يكون فارسًا، وأن يجاهد في سبيل الله.

( فتلد كل واحدة منهن غلامًا فارسًا) سمى الطفل المولود غلامًا وفارسًا باعتبار ما سيكون، لشدة تعلقه بالهدف من الحمل.

( فلم تحمل منهن إلا واحدة) معطوف على محذوف، تقديره: فطاف عليهن، وقد صرح به في الرواية الرابعة، وفي الرواية الثانية فلم تأت واحدة من نسائه أي بمولود، وفي الرواية الثالثة فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة والمقصود من نفي الولادة نفي الحمل.

( فولدت نصف إنسان) في الرواية الثانية جاءت بشق غلام وفي الرواية الرابعة بشق رجل وفي رواية للبخاري ولم تحمل شيئًا إلا واحدًا ساقطًا أحد شقيه قال النووي: قيل: هو الجسد الذي ذكره الله تعالى أنه ألقى على كرسيه، في قوله { { ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدًا ثم أناب } } [ص: 34] .
اهـ.

قال الحافظ ابن حجر: كذا حكاه النقاش في تفسيره، وهو صاحب مناكير وقال غير واحد من المفسرين: إن المراد بالجسد المذكور في الآية شيطان، وهو المعتمد، قال مجاهد: { { ألقينا على كرسيه جسدًا } } شيطانًا، يقال له: آصف، قال له سليمان: كيف تفتن الناس؟ قال: أرني خاتمك أخبرك، فأعطاه، فرماه آصف في البحر، فذهب ملك سليمان، وقد آصف على كرسيه، وتقمص شخصية سليمان، وقام يحكم بين الناس، ومنعه الله نساء سليمان، فلم يقربهن، وفي رواية أن الشيطان أتاهن في حيضهن، وأعطت امرأة حوتًا لسليمان، فلما فتح بطنه وجد خاتمه في بطنه، فرد الله له ملكه، وفر آصف، فدخل البحر.
اهـ.

فالمراد بالجسد الذي ألقي على الكرسي - على ما قاله النووي - هو شق الإنسان الذي ولد له، ومعنى إلقائه على كرسيه، وضع القابلة له عليه ليراه.

والمراد من الجسد - على ما اعتمده الحافظ ابن حجر - الشيطان، وأطلق عليه جسد لأنه إنما تمثل بصورة غيره، وهو سليمان عليه السلام، وتلك الصورة المتمثلة ليس فيها روح صاحبها الحقيقي، وإنما حل في قالبها ذلك الشيطان، فلذا سمي جسدًا، وعبارة القاموس صريحة في أن الجسد يطلق على الجني.

والذي اعتمده الحافظ ابن حجر، ليس معتمدًا عند المحققين من المفسرين، رغم أن روايته أخرجها النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم، وقال عنها ابن حجر والسيوطي: بسند قوي عن ابن عباس، فقد قال أبو حيان وغيره: إن هذه المقالة من أوضاع اليهود وزنادقة السوفسطائية، ولا ينبغي لعاقل أن يعتقد صحة ما فيها، وكيف يجوز تمثل الشيطان بصورة نبي، حتى يلتبس أمره عند الناس؟ ويعتقدوا أن ذلك المقصود هو النبي؟ ولو أمكن وجود هذا، لم يوثق بإرسال نبي، نسأل الله تعالى سلامة ديننا وعقولنا، قال: ومن أقبح ما فيها زعم أن الشيطان تسلط على نساء نبيه، حتى وطئهن، وهن حيض.
الله أكبر.
هذا بهتان عظيم، ونسبة الخبر إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - لا نسلم صحتها، وكذا لا نسلم دعوى قوة سنده إليه.

وقال ابن المنذر ما معناه: إن ذلك من أخبار كعب، ومعلوم أن كعبًا يرويه عن كتب اليهود، وهي لا يوثق بها.

( لو كان استثنى لولدت كل واحدة منهن غلامًا فارسًا) المراد من الاستثناء هنا، قول: إن شاء الله.
كما صرح به في الروايات الثلاث التالية.
قال النووي: وهذا محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم أوحى إليه بذلك في حق سليمان، لا أن كل من فعل هذا يحصل له هذا.

( فقال له صاحبه، أو الملك) قيل: المراد بصاحبه الملك، وهو الظاهر، وقيل: القرين، وقيل: صاحب له آدمي، وقيل: خاطره، وهو بعيد.

( فلم يقل، ونسي) قال النووي: ضبطه بعض الأئمة بضم النون وتشديد السين، وهو ظاهر حسن.
اهـ.

وفي الرواية الرابعة فلم يقل: إن شاء الله وفي رواية للبخاري ونسي أن يقول: إن شاء الله ومعنى فلم يقل أي بلسانه، لا أنه أبى أن يفوض إلى الله، بل كان ذلك ثابتًا في قلبه، لكنه اكتفى بذلك أولاً، ونسي أن يجريه على لسانه، لشيء عرض له، لما قيل له، وقيل: نسي أن يقصد الاستثناء الذي يرفع حكم اليمين، يشير إلى ذلك قوله ولو قال: إن شاء الله لم يحنث.

( وايم الذي نفس محمد بيده) اليمين الحلف، والقسم، مؤنث، سمي باسم يمين اليد، لأنهم كانوا يتماسحون بأيمانهم، فيتحالفون، وفي الصحاح: لأنهم كانوا إذا تحالفوا ضرب كل امرئ منهم يمينه على يمين صاحبه، والواو في وايم استئنافية، وايم بضم الميم مبتدأ، خبره محذوف، والتقدير: ايم الذي نفس محمد بيده قسمي، أي أيمان الله قسمي، وأصل ايم أيمن، جمع يمين، وهمزتها في الأصل همزة قطع، خففت، وصارت همزة وصل، لكثرة استعمالهم لها، كما حذفت تخفيفًا لكثرة الاستعمال.

( وكان دركًا له في حاجته) دركًا بفتح الدال والراء، أي إدراكًا، قال تعالى { { لا تخاف دركًا ولا تخشى } } [طه: 77] وفي رواية للبخاري وكان أرجى لحاجته والمراد أنه كان يحصل له ما طلب.

فقه الحديث

قال القاضي: أجمع المسلمون على أن قول: إن شاء الله يمنع انعقاد اليمين، إذا كان متصلاً باليمين، ولا خلاف في ذلك إذا كان اليمين بالله تعالى.

قال: واختلفوا في الاتصال، فقال مالك والأوزاعي، والشافعي والجمهور: هو أن يكون قوله إن شاء الله متصلاً باليمين، من غير سكوت بينهما، قال مالك: إذا سكت، أو قطع كلامه، فلا استثناء، وقال الشافعي: يشترط وصل الاستثناء بالكلام الأول، ووصله أن يكون نسقًا، فإن كان بينهما سكوت انقطع، إلا إن كانت سكتة تذكر، أو تنفس، أو مرض عي، أو انقطاع صوت، وكذا يقطعه الأخذ في كلام آخر.

وعن طاووس والحسن وجماعة من التابعين أن له الاستثناء ما لم يقم من مجلسه، وعن أحمد نحوه، وقال: مادام في ذلك الأمر.
وقال قتادة: ما لم يقم، أو يتكلم، وعن عطاء: قدر حلب ناقة.
وقال سعيد بن جبير: إلى أربعة أشهر، وعن مجاهد سنتين، وعن ابن عباس أقوال: شهر.
أربعة أشهر.
سنة.
له الاستثناء أبدًا، متى تذكره.
قال أبو عبيد: وهذا لا يؤخذ على ظاهره، لأنه يلزم منه أن لا يحنث أحد في يمينه، وأن لا تتصور الكفارة التي أوجبها الله على الحالف، ووجه ما ورد عن هؤلاء بأن مرادهم سقوط الإثم عن الحالف، لتركه التبرك بقوله إن شاء الله لأنه مأمور به، في قوله تعالى { { ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا * إلا أن يشاء الله } } [الكهف: 23، 24] فكأنهم يقولون: إذا نسي أن يقول: إن شاء الله، يستدركه، ولم يريدوا أن الحالف، إذا قال ذلك بعد أن ينقضي كلامه، أن ما عقده باليمين ينحل، وأنه بذلك يمنع الحنث.

واتفق العلماء - كما حكاه ابن المنذر - على أن شرط الحكم بالاستثناء أي يتلفظ به المستثنى، وأنه لا يكفي القصد إليه بغير لفظ، وحكي عن بعض المالكية صحة الاستثناء بالنية، من غير لفظ.

وهل يعمل بالاستثناء في غير اليمين بالله؟ قال النووي: مذهب الشافعي والكوفيين وأبي ثور وغيرهم صحة الاستثناء في جميع الأشياء، حتى في الطلاق والعتق، فلو قال: أنت طالق إن شاء الله، أو أنت حر إن شاء الله، أو أنت علي كظهر أمي إن شاء لله، أو لزيد في ذمتي ألف درهم إن شاء الله، أو إن شفى الله مريضي فلله علي صوم شهر إن شاء الله، صح الاستثناء في كل ذلك، ولا ينعقد، ولا حنث.

وقال مالك والأوزاعي: لا يصح الاستثناء في شيء من ذلك، إلا اليمين بالله تعالى، وحكي عن الأوزاعي وطاووس: لا يدخل الاستثناء في الطلاق والعتق والمشي إلى بيت الله، وعن مالك مثله، وعنه مثله إلا المشي، وقال الحسن وقتادة وابن أبي ليلى والليث: يدخل في الجميع إلا الطلاق، وعن أحمد: يدخل في الجميع إلا العتق، واحتج بتشوف الشارع له.

ويؤخذ من الحديث فوق ما تقدم

1- أنه يستحب للإنسان، إذا قال: سأفعل كذا، أن يقول: إن شاء الله تعالى.

2- وأنه إذا حلف، وقال متصلاً بيمينه: إن شاء الله، لم يحنث بفعله المحلوف عليه.

3- وخصوصية سليمان في عدد نسائه.

4- وفيه ما اختص به الأنبياء من القوة والإطاقة على جماع هذا العدد من النساء في ليلة واحدة.
قاله النووي.

5- ومن قوله لو كان استثنى لولدت....
جواز قول لو ولولا قال النووي: قال القاضي عياض: هذا يستدل به على جواز قول لو ولولا وقد جاء في القرآن كثيرًا، وفي كلام الصحابة والسلف، وترجم البخاري على هذا: باب ما يجوز من اللو، وأدخل فيه قول لوط { { لو أن لي بكم قوة } } [هود: 80] وقول النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت راجمًا بغير بينة لرجمت هذه ولو مد لي الشهر لواصلت ولولا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار وأمثال هذا.
قال: والذي يتفهم من ترجمة البخاري، وما ذكره في الباب من القرآن والآثار، أنه يجوز استعمال لو ولولا فيما يكون للاستقبال وهو ما يمتنع فعله لوجود غيره، في لولا وما يمتنع فعله لامتناع غيره في لو لأنه لم يدخل في الباب سوى ما هو للاستقبال، أو ما هو حق صحيح متيقن، كحديث لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار دون الماضي والمنقضي، أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق، وقد ثبت في الحديث الآخر، في صحيح مسلم وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كذا لكان كذا، ولكن قل: قدر الله، وما شاء فعل قال القاضي، قال بعض العلماء: هذا إذا قاله على جهة الحتم والقطع بالغيب، أنه لو كان كذا لكان كذا، من غير ذكر مشيئة الله تعالى، والنظر إلى سابق قدره، فأما من قاله على التسليم، ورد الأمر إلى مشيئته، فلا كراهة فيه، والذي عندي أن لو ولولا سواء إذا استعملتا فيما لم يحط به الإنسان علمًا، ولا هو داخل تحت مقدور قائلهما، مما هو تحكم على الغيب، واعتراض على القدر، مثل قول المنافقين { { لو أطاعونا ما قتلوا } } [آل عمران: 168] و { { لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا } } [آل عمران: 156] و { { لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا } } [آل عمران: 154] فمثل هذا هو المنهي عنه، وأما هذا الحديث الذي نحن فيه، فإنما أخبر صلى الله عليه وسلم فيه عن يقين نفسه، أن سليمان لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا، إذ ليس هذا مما يدرك بالظن والاجتهاد، وإنما أخبر عن حقيقة، أعلمه الله تعالى بها، فلا معارضة بين هذا، وبين حديث النهي عن لو وقال تعالى { { لولا كتاب من الله سبق لمسكم } } [الأنفال: 68] { { ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا....
}
}
[الزخرف: 33] لأن الله تعالى مخبر في كل ذلك عما مضى، أو يأتي عن علم، خبرًا قطعيًا، وكل ما يكون من لو ولولا مما يخبر به الإنسان عن علة امتناعه من فعله، مما يكون فعله في قدرته، فلا كراهة فيه، لأنه إخبار - حقيقة - عن امتناع شيء لامتناع شيء وامتناع شيء لحصول شيء، فلا كراهة، إلا أن يكون كاذبًا في ذلك، كقول المنافقين { { لو نعلم قتالاً لاتبعناكم } } [آل عمران: 167] .

6- أن في ذكر إن شاء الله رجاء لحصول المقصود، وفي ترك الاستثناء خشية عدم حصول المطلوب.

7- وفي فضل فعل الخير، وتعاطي أسبابه.

8- ومن إتيان سليمان نساءه بهذا القصد أن كثيرًا من المباحات والملذات يصير مستحبًا بالنية.

9- ومما تمناه سليمان جواز الإخبار عن الشيء الذي قد يحصل في المستقبل، والبناء عليه، إذا غلب على الظن، فإن سليمان جزم بما قال، ولم يكن ذلك عن وحي، وإلا لوقع، قال القرطبي: ولا يظن بسليمان عليه السلام أنه قطع بذلك على ربه، لا يظن ذلك إلا من جهل حال الأنبياء، وأدبهم مع ربهم.

10- وفيه جواز السهو والنسيان على الأنبياء، وأن ذلك لا يقدح في علو منصبهم.

11- وفيه جواز إضمار المقسم به في اليمين، لقوله لأطوفن مع قوله صلى الله عليه وسلم لم يحنث.

12- وفيه حجة للحنفية، حيث قالوا: لا يشترط التصريح بمقسم به معين، فمن قال أحلف، أو أشهد ونحو ذلك فهو يمين، وقيده المالكية بالنية، وقال بعض الشافعية: ليست بيمين مطلقًا.

13- وفيه استعمال الكناية في اللفظ الذي يستقبح ذكره، لقوله لأطوفن بدل قوله لأجامعن كذا قيل.

( وفي كثير من هذه المآخذ نظر من حيث إن كلام سليمان لم يكن بالعربية، ولم تكن في لغته هذه الأسرار البلاغية، وكثير منها مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا) .

14- وفي قوله صلى الله عليه وسلم، في الرواية الرابعة وايم الذي نفس محمد بيده جواز الحلف بهذا اللفظ، واختلف العلماء في ذلك، فقال مالك وأبو حنيفة: هو يمين، وقال الشافعية: إن نوى به اليمين فهو يمين، وإلا فلا.

والله أعلم