هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3229 حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، وَاللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا يَحْيَى وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ عُمَرَ ، قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، قَالَ : فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ ، وحَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ يَعْنِي الثَّقَفِيَّ ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، جَمِيعًا عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، ح وحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ حَفْصٌ مِنْ بَيْنِهِمْ : عَنْ عُمَرَ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، أَمَّا أَبُو أُسَامَةَ وَالثَّقَفِيُّ ، فَفِي حَدِيثِهِمَا اعْتِكَافُ لَيْلَةٍ ، وَأَمَّا فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ ، فَقَالَ : جَعَلَ عَلَيْهِ يَوْمًا يَعْتَكِفُهُ ، وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ حَفْصٍ ذِكْرُ يَوْمٍ وَلَا لَيْلَةٍ
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 
3229 حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، ومحمد بن المثنى ، وزهير بن حرب ، واللفظ لزهير ، قالوا : حدثنا يحيى وهو ابن سعيد القطان ، عن عبيد الله ، قال : أخبرني نافع ، عن ابن عمر ، أن عمر ، قال : يا رسول الله ، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ، قال : فأوف بنذرك ، وحدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، ح وحدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ، ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، ومحمد بن العلاء ، وإسحاق بن إبراهيم ، جميعا عن حفص بن غياث ، ح وحدثنا محمد بن عمرو بن جبلة بن أبي رواد ، حدثنا محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، كلهم عن عبيد الله ، عن نافع ، عن ابن عمر ، قال حفص من بينهم : عن عمر بهذا الحديث ، أما أبو أسامة والثقفي ، ففي حديثهما اعتكاف ليلة ، وأما في حديث شعبة ، فقال : جعل عليه يوما يعتكفه ، وليس في حديث حفص ذكر يوم ولا ليلة
هذه الخدمةُ تعملُ بصورةٍ آليةٍ، وهي قيدُ الضبطِ والتطوير، 

: هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير، 

Ibn 'Umar reported that Umar (b. Khattab) said:

Messenger of Allah, I had taken a vow during the days of Ignorance (Jahiliyya) that I would observe I'tikaf for a night in the Sacred Mosque. He (the Holy Prophet) said: Fulfil your vow.

شرح الحديث من فـــتح المــــنعم

: : هذه القراءةُ حاسوبية، وما زالت قيدُ الضبطِ والتطوير،   

عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر قال: يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام.
قال فأوف بنذرك.


المعنى العام

عن أعمال الكافرين الحسنة في حال كفرهم، وموتهم كفارًا يقول تعالى { { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورًا } } [الفرقان: 23] ويقول { { ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها } } [الأحقاف: 20] وعلى هذا يقول العلماء: إنما يجزى الكافر على صالحاته بنعمة يمتعه الله بها في دنياه، لأنه ليس من أهل العبادة مادام على كفره، لا تنعقد العبادة ولا تصح إلا من مؤمن، حتى القائلين بأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، قالوا: معناه أنهم مطالبون بها على أن يسلموا أولاً، فهم مطالبون بالإسلام وفروعه على الترتيب، كمن يكلف ببناء بيت من طابقين، لا يقوم الطابق الثاني إلا بقيام الطابق الأول.

وقد سأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر نذره قبل إسلامه، قال: إني نذرت في جاهليتي أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام.
فماذا ترى يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك، واذهب فاعتكف.
فمن قال من العلماء: إن النذر في نفسه عبادة قال: إن النذر مع الكفر لا يصح ولا ينعقد، ولا يلتزم به صاحبه إذا أسلم، وإنما أمر عمر بالوفاء على سبيل التطوع والاستحباب.

ومن قال: إن النذر في ذاته التزام بشيء، قد يكون بمباح، فليس هو في ذاته عبادة، ومثل نذر عمر رضي الله عنه هو التزام بطاعة وعبادة، يجب عليه أداء هذه الطاعة والعبادة في وقت صلاحيتها، كمن التزم بدين وهو معسر، عليه أن يسدد هذا الدين عند اليسر، وكما إذا نذرت الحائض أن تصلي لله ركعتين، ينعقد نذرها وهي حائض، وهي لا تصح منها الصلاة وهي حائض، لكن يلزمها الوفاء بالنذر عند صلاحيتها للوفاء.
والله الهادي سواء السبيل.

المباحث العربية

( أن عمر قال: يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية) بينت الرواية الثانية مكان وزمان هذا السؤال، وفيها سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة، بعد أن رجع من الطائف والجعرانة بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء، وقد تكسر العين وتشدد الراء، أما كسر الجيم فبلا خلاف، وقال الشافعي: تشديد الراء خطأ، وهي علم بين مكة والطائف، على سبعة أميال من مكة، وهي في الحل، وهي من مواقيت العمرة.
والمراد من الجاهلية في هذا الحديث جاهلية عمر، أي قبل إسلامه، وليس المراد الجاهلية المطلقة، التي هي ما قبل البعثة، وإليك ظروف القصة الزمانية والمكانية، كما وردت في الأحاديث.

لما فتح الله مكة، وهو وأصحابه ما زالوا بها، بلغه أن كفار هوازن جمعوا قبائلهم، واتفقوا مع ثقيف، أهل الطائف، على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلوا وادي حنين، يستعدون للقاء المسلمين فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، في عشرة آلاف، ومعه الطلقاء، حتى قال أحد المسلمين: لن نغلب اليوم عن قلة، وكانت هوازن قد خرجت عن بكرة أبيهم بنسائهم وأطفالهم وأموالهم ونعمهم وشائهم، وأعدوا أنفسهم، وتهيئوا في مضايق الوادي المعروفة لهم، وصفوا أنفسهم بأحسن صفوف، صف الخيل، ثم المقاتلة، ثم النساء من وراء ذلك والذرية، ثم الغنم، ثم النعم وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، حتى انحط بهم الوادي في عماية الصبح، فثارت في وجوهم خيل المشركين، فشد عليهم المسلمون، فانهزموا، وانكشفت النساء والذرية والغنم والنعم، فأسرع المسلمون على الغنائم يجمعونها، فارتقت هوازن أعلى الجبل، ورشقوا المسلمين بالنبال وكانوا رماة، لا تكاد رمايتهم تخطئ الهدف، فولى المسلمون الأدبار، ولم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا القليل، وهو على بغلته البيضاء يندفع بها نحو الكافرين، وهو يقول: أنا النبي لا كذب: أنا ابن عبد المطلب وصرخ من معه في الفارين، فعادوا، ونصر الله المسلمين، واستولوا على غنائم كثيرة، جمعوها، وأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسيروا بها إلى الجعرانة، وأقام عليها الحراسة الكافية، ولم يقسمها، ورحل بالمسلمين إلى الطائف لمحاربة ثقيف، لكنهم تحصنوا بحصونهم، وأعدوا بداخلها ما يكفيهم سنة، فلم ينل المسلمون منهم، فعادوا إلى الجعرانة بعد حصار الطائف قرابة عشرين يومًا، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم هوازن، فأصاب عمر جاريتين، وهب إحداهما لابنه عبد الله واحتفظ بالأخرى.

وجاء وفد هوازن مسلمين يطلبون استرجاع الأسرى والأموال، ولكن بعد فوات الأوان، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد انتظرتكم لتأتوا مسلمين قبل تقسيم الغنيمة عشرين يومًا، أما وقد قسمت الغنائم فقد أصبح الأمر بيد المسلمين، ولكن اختاروا إما السبي، وإما المال، فاختاروا السبي، فعرض صلى الله عليه وسلم على أصحابه أن يتنازل منهم عن سبيه من يتنازل، وأن يعوض عن سبيه من لا يتنازل، فأطلقت أسارى وسبايا هوازن في طرقات الجعرانة، ولهم أصوات فرح وزغاريد، فسمع عمر، فأطلق جاريته.

( سمع عمر أصواتهم) في بعض النسخ أصواتهن يقلن وكلاهما صحيح، فالسبي المعتق كان ذكورًا وإناثًا.

فقه الحديث

قال النووي: اختلف العلماء في صحة نذر الكافر، فقال مالك وأبو حنيفة وسائر الكوفيين وجمهور أصحابنا: لا يصح، وقال المغيره المخزومي وأبو ثور والبخاري وابن جرير وبعض أصحابنا: يصح، وحجتهم ظاهر حديث عمر، وأجاب الأولون عنه أنه محمول على الاستحباب، أي يستحب لك أن تفعل الآن مثل ذلك الذي نذرته في الجاهلية.
اهـ.

وموطن الخلاف.
هل ينعقد النذر في حال جاهليته، ويجب عليه الوفاء به في حال إسلامه؟ أم لا ينعقد، ولا يجب عليه في حال إسلامه الوفاء به؟ أما أنه بعد إسلامه يستحب له أن يأتي بالمنذور إذا كان طاعة؟ فلا نقاش فيه، فالطاعة مطلوبة بغير النذر.
وظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك أنه طلب من عمر أداء الطاعة على أنها وفاء بالنذر، فهو منعقد صحيح، وبه قال أحمد في رواية عنه، وعارض الحافظ ابن حجر في نسبة ذلك للبخاري، فقال: إن وجد عن البخاري التصريح بالوجوب قبل - أي ولم يوجد - وإلا فمجرد ترجمته ( باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانًا في الجاهلية، ثم أسلم) لا يدل على أنه يقول بوجوبه، لأنه محتمل لأن يقول بالندب، فيكون تقدير جواب الاستفهام، يندب له ذلك.

وموقف الجمهور من حديث عمر موقف صعب، فبعضهم يقول: لم يؤمر عمر على جهة الإيجاب، بل على جهة المشورة.
قال القابسي، وفيه نظر، وإلا لحولنا كل الأوامر لنحو ذلك بدون قرينة.

وبعضهم يقول: أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلمهم أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور، فغلظ أمره، بأن أمر عمر بالوفاء وهو كالأول، يحول الأمر إلى غير الظاهر بدون قرينة.

وبعضهم يقول: يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم فهم من عمر أنه يجب أن يفعل ما كان نذره، فأمره به، على أنه حينئذ طاعة لله تعالى، فكان ما أمره به، غير ما نذره.
قاله الطحاوي، وهذا إن احتملته رواية اذهب فاعتكف يومًا لا تحتمله رواية فأوف بنذرك.

وبعضهم يقول: إن عمر لما نذر في الجاهلية، ثم أسلم، أراد أن يكفر ذلك بمثله، أي بنية مثله في الإسلام، فلما أراده ونواه سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأعلمه أنه لزمه، قاله ابن العربي، ثم قال: وكل عبادة ينفرد بها العبد عن غيره تنعقد بمجرد النية العازمه الدائمة، كالنذر في العبادة والطلاق في الأحكام، وإن لم يتلفظ بشيء من ذلك.
اهـ ومعنى ذلك أن النذر المأمور بوفائه غير نذر الجاهلية، ومن أين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، العلم بنية عمر؟ بل نقل بعض المالكية الاتفاق على أن العبادة لا تلزم إلا بالنية مع القول، أو مع الشروع، فلا يلزم هذا النذر المنوي، ثم ظاهر كلام عمر مجرد الإخبار بما وقع، مع الاستخبار عن حكمه، هل لزم أولا؟ وليس فيه ما يدل على ما ادعاه ابن العربي من تجديد نية منه في الإسلام.
والذي اضطر الجمهور إلى هذا أن الكفار ليسوا مخاطبين بفروع الشريعة، وعلى القول بأنهم مخاطبون بها، فمعناه أنهم محاسبون عليها، لكن لا تنعقد، ولا تصح منهم العبادة وهم كافرون، ونذر الطاعة نفسه عبادة، فلا يصح منهم، ولا ينعقد.

وقال بعض من أوجبه: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وإن كانت هذه الفروع لا تصح منهم إلا بعد أن يسلموا، فأمر عمر وجوبًا بوفاء ما التزمه في الشرك، وتعقب بأن الواجب بأصل الشرع كالصلاة لا يجب عليهم قضاؤه، فكيف يكلفون بقضاء ما ليس واجبًا بأصل الشرع؟ وأجاب بعضهم عن هذا الاعتراض بأن الواجب بأصل الشرع كالصلاة مرتبط بوقت، وقد خرج قبل أن يسلم الكافر، ففات وقت أدائه، فلم يؤمر بقضائه، لأن الإسلام يجب ما قبله، فأما إذا لم يوقت نذره، فلم يتعين له وقت حتى أسلم، فإيقاعه له بعد الإسلام يكون أداء، لاتساع ذلك باتساع العمر، ولهذا يجب الحج على ما من أسلم، لاتساع وقته، بخلاف ما فات وقته، ويرد على هذا بأن وجوب الحج على من أسلم بوجوب جديد توجه إليه بعد إسلامه.
النقطة الثانية التي يتعرض لها الحديث اعتكاف ليلة، قال النووي: أما الرواية التي فيها اعتكاف يوم فلا تخالف رواية اعتكاف ليلة، لأنه يحتمل أنه سأله عن اعتكاف ليلة وسأله عن اعتكاف يوم، فأمره بالوفاء بما نذر، فحصل منه صحة اعتكاف الليل وحده، ويؤيده رواية ابن عمر أن عمر نذر أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أوف بنذرك، فاعتكف عمر ليلة رواه الدارقطني، وقال: إسناده ثابت.

هذا مذهب الشافعي، وبه قال الحسن البصري وأبو ثور وداود وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد، وقال ابن عمر وابن عباس وعائشة وعروة بن الزبير والزهري ومالك والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحق في رواية عنهما: لا يصح الاعتكاف إلا يصوم، وهو قول أكثر العلماء.

أما نفي ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة، فمحمول على نفي علمه، أي إنه لم يعلم ذلك، قال النووي: وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر من الجعرانة، والإثبات مقدم على النفي، لما فيه من زيادة العلم.

والله أعلم