3278 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَوْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِنَ الوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الآيَةَ { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } بِالْعِتْقِ فَأَعْتَقْتَهُ ، { أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ } - إِلَى قَوْلِهِ - { وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا } وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا قَالُوا : تَزَوَّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبَنَّاهُ وَهُوَ صَغِيرٌ فَلَبِثَ حَتَّى صَارَ رَجُلًا يُقَالُ لَهُ : زَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : { ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ } فُلَانٌ مَوْلَى فُلَانٍ ، وَفُلَانٌ أَخُو فُلَانٍ { هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ } يَعْنِي أَعْدَلُ : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ قَدْ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ مَسْرُوقٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَوْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَاتِمًا شَيْئًا مِنَ الوَحْيِ لَكَتَمَ هَذِهِ الآيَةَ { وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } الْآيَةَ . هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ ، حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَضَّاحٍ الكُوفِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ |
شرح الحديث من تحفة الاحوذي
[3207] .
قَوْلُهُ أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ الزِّبْرِقَانِ بِكَسْرِ زَايٍ وَسُكُونِ مُوَحَّدَةٍ وَكَسْرِ رَاءٍ وَبِقَافٍ الرَّقَاشِيُّ الْبَصْرِيُّ نَزِيلُ بَغْدَادَ مَتْرُوكٌ وَكَذَّبَهُ الْأَزْدِيُّ مِنَ الثَّامِنَةِ .
قَوْلُهُ (لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَإِذْ) مَنْصُوبٌ بِاذْكُرْ تقول للذي أنعم الله عليههُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (فأعتقته) وكان من سبي الجاهلية اشتراه رسول الله فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ أَيْ لَا تُطَلِّقْ زَوْجَكَ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ابْنَةُ عَمَّةِ رَسُولِ الله وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاتَّقِ اللَّهَ أي في أمر طلاقها (وتخفى الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّكَ تُخْفِي فِي نفسك ما الله مبديه أَيْ مُظْهِرُهُ وَهُوَ نِكَاحُهَا إِنْ طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَقِيلَ حُبُّهَا وَالصَّحِيحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدِي هُوَ الأول وتخشى الناس أَيْ تَخَافُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ تَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ زوجة ابنه والله أحق أن تخشاه أي في كل شيء وتزوجكها وَلَا عَلَيْكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ وَبَعْدَ هَذَا فلما قضى زيد منها وطرا أَيْ حَاجَةً وَقَضَاءُ الْوَطَرِ فِي اللُّغَةِ بُلُوغُ مُنْتَهَى مَا فِي النَّفْسِ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ وَطَرًا مِنْهُ إِذَا بَلَغَ مَا أَرَادَ مِنْ حَاجَتِهِ فِيهِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ قَضَى وَطَرَهُ مِنْهَا بِنِكَاحِهَا وَالدُّخُولِ بِهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا حَاجَةٌ وَتَقَاصَرَتْ عَنْهُ هِمَّتُهُ وَطَابَتْ عَنْهُ نَفْسُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ إِذَا لَمْ يَبْقَ له فيها حاجة زوجناكها أي لم نحرجك إِلَى وَلِيٍّ مِنَ الْخَلْقِ يَعْقِدُ لَكَ عَلَيْهَا تَشْرِيفًا لَكَ وَلَهَا فَلَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا عَقْدٍ وَلَا تَقْدِيرِ صَدَاقٍ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي النِّكَاحِ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ وَهَذَا مِنْ خصوصياته الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ تَزَوُّجُهُ بِزَيْنَبَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ زَوْجَاتِهِ الشَّرِيفَاتِ الْمُطَهَّرَاتِ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِعَشْرِ سِنِينَ عَنْ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ لَهُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَبِهِ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ كَذَا فِي فَتْحِ البيان لكيلا يكون على المؤمنين حرج أَيْ ضِيقُ عِلَّةٍ لِلتَّزْوِيجِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ وَحُكْمَ الْأُمَّةِ وَاحِدٌ إِلَّا مَا خصه الدليل في أزواج أدعيائهم جَمْعُ دَعِيٍّ وَهُوَ الْمُتَبَنَّى أَيْ فِي التَّزْوِيجِ بِأَزْوَاجِ مَنْ يَجْعَلُونَهُ ابْنًا كَمَا كَانَ الْعَرَبُ يَفْعَلُونَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ مَنْ يُرِيدُونَ وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِسَاءُ مَنْ تَبَنَّوْهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِسَاءُ أَبْنَائِهِمْ حَقِيقَةً فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّ نِسَاءَ الْأَدْعِيَاءِ حَلَالٌ لَهُمْ إِذَا قضوا منهن وطرا أي إذا طلق الأدعياء أزواجهمبخلاف بن الصُّلْبِ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ بِنَفْسِ العقد عليها وكان أمر الله مفعولا أَيْ قَضَاءُ اللَّهِ مَاضِيًا وَحُكْمُهُ نَافِذًا وَقَدْ قَضَى فِي زَيْنَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ (لَمَّا تَزَوَّجَهَا) أَيْ زَيْنَبَ (قَالُوا تَزَوَّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ) أَيْ زَوْجَةَ ابْنِهِ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أحد من رجالكم أي فليس أَبَا زَيْدٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ بِزَوْجَتِهِ زينب ولكن رسول الله أي ولكن كان رسول الله وخاتم النبيين قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا وَمَعْنَى الْأُولَى أَنَّهُ خَتَمَهُمْ أَيْ جَاءَ آخِرَهُمْ وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ صَارَ كَالْخَاتَمِ لَهُمُ الَّذِي يَخْتِمُونَ بِهِ وَيَتَزَيَّنُونَ بِكَوْنِهِ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْوَجْهُ الْكَسْرُ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ أَنَّهُ خَتَمَهُمْ فَهُوَ خَاتِمُهُمْ وَأَنَّهُ قَالَ أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ وَخَاتِمُ الشَّيْءِ آخِرُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ الْخَاتِمُ هُوَ الَّذِي خُتِمَ بِهِ وَالْمَعْنَى خَتَمَ اللَّهُ بِهِ النُّبُوَّةَ فلا نبوة بعده ولا معه قال بن عَبَّاسٍ يُرِيدُ لَوْ لَمْ أَخْتِمْ بِهِ النَّبِيِّينَ لَجَعَلْتُ لَهُ ابْنًا يَكُونُ بَعْدَهُ نَبِيًّا وَعَنْهُ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَكَمَ أَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ لَمْ يُعْطِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يَصِيرُ رَجُلًا وَعِيسَى مِمَّنْ نُبِّئَ قَبْلَهُ وَحِينَ يَنْزِلُ يَنْزِلُ عاملا على شريعة محمد كأنه بعض أمته أدعوهم لآبائهم لِلصُّلْبِ وَانْسُبُوهُمْ إِلَيْهِمْ وَلَا تَدْعُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ هو أقسط عند الله تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِدُعَاءِ الْأَبْنَاءِ لِلْآبَاءِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ ادْعُوهُمْ وَمَعْنَى أَقْسَطُ أَعْدَلُ أَيْ أَعْدَلُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَتَرَكَ الْإِضَافَةَ لِلْعُمُومِ كَقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ أَعْدَلُ من قولكم هو بن فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنِ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ فَإِنْ لَمْ تعلموا آباءهم تنسبونهم إليهم فإخوانكم أي فهم إخوانكم في الدين ومواليكم فقولوا أخي ومولاي ولا تقولوا بن فُلَانٍ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَالَ الزَّجَّاجُ مَوَالِيكُمْ أَيْ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الدِّينِ وَقِيلَ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانُوا مُحَرَّرِينَ وَلَمْ يَكُونُوا أَحْرَارًا فَقُولُوا مَوَالِي فُلَانٍ .
قَوْلُهُ (هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ) أَيْ رُوِيَ مُقْتَصَرًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَحَسْبُ وَلَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ مِثْلَ الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَنَقَلَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ حَاصِلَ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا بِلَفْظِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ إِلَى قَوْلِهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الْقَدْرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَظُنُّ الزَّائِدَ مُدْرَجًا فِي الْخَبَرِ فَإِنَّ الرَّاوِيَ لَهُهُوَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ (فأعتقته) وكان من سبي الجاهلية اشتراه رسول الله فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَأَعْتَقَهُ وَتَبَنَّاهُ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ أَيْ لَا تُطَلِّقْ زَوْجَكَ هِيَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ابْنَةُ عَمَّةِ رَسُولِ الله وَأُمُّهَا أُمَيْمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَاتَّقِ اللَّهَ أي في أمر طلاقها (وتخفى الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّكَ تُخْفِي فِي نفسك ما الله مبديه أَيْ مُظْهِرُهُ وَهُوَ نِكَاحُهَا إِنْ طَلَّقَهَا زَيْدٌ وَقِيلَ حُبُّهَا وَالصَّحِيحُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدِي هُوَ الأول وتخشى الناس أَيْ تَخَافُ أَنْ يَقُولَ النَّاسُ تَزَوَّجَ مُحَمَّدٌ زوجة ابنه والله أحق أن تخشاه أي في كل شيء وتزوجكها وَلَا عَلَيْكَ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ وَبَعْدَ هَذَا فلما قضى زيد منها وطرا أَيْ حَاجَةً وَقَضَاءُ الْوَطَرِ فِي اللُّغَةِ بُلُوغُ مُنْتَهَى مَا فِي النَّفْسِ مِنَ الشَّيْءِ يُقَالُ وَطَرًا مِنْهُ إِذَا بَلَغَ مَا أَرَادَ مِنْ حَاجَتِهِ فِيهِ وَالْمُرَادُ هُنَا أَنَّهُ قَضَى وَطَرَهُ مِنْهَا بِنِكَاحِهَا وَالدُّخُولِ بِهَا بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُ فِيهَا حَاجَةٌ وَتَقَاصَرَتْ عَنْهُ هِمَّتُهُ وَطَابَتْ عَنْهُ نَفْسُهُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّ الرَّجُلَ إِنَّمَا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ إِذَا لَمْ يَبْقَ له فيها حاجة زوجناكها أي لم نحرجك إِلَى وَلِيٍّ مِنَ الْخَلْقِ يَعْقِدُ لَكَ عَلَيْهَا تَشْرِيفًا لَكَ وَلَهَا فَلَمَّا أَعْلَمَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا عَقْدٍ وَلَا تَقْدِيرِ صَدَاقٍ وَلَا شَيْءٍ مِمَّا هُوَ مُعْتَبَرٌ فِي النِّكَاحِ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ وَهَذَا مِنْ خصوصياته الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَكَانَ تَزَوُّجُهُ بِزَيْنَبَ سَنَةَ خَمْسٍ مِنَ الْهِجْرَةِ وَقِيلَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ مَاتَ مِنْ زَوْجَاتِهِ الشَّرِيفَاتِ الْمُطَهَّرَاتِ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِعَشْرِ سِنِينَ عَنْ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْأَمْرُ لَهُ بِأَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَبِهِ جَاءَتِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ كَذَا فِي فَتْحِ البيان لكيلا يكون على المؤمنين حرج أَيْ ضِيقُ عِلَّةٍ لِلتَّزْوِيجِ وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ وَحُكْمَ الْأُمَّةِ وَاحِدٌ إِلَّا مَا خصه الدليل في أزواج أدعيائهم جَمْعُ دَعِيٍّ وَهُوَ الْمُتَبَنَّى أَيْ فِي التَّزْوِيجِ بِأَزْوَاجِ مَنْ يَجْعَلُونَهُ ابْنًا كَمَا كَانَ الْعَرَبُ يَفْعَلُونَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَتَبَنَّوْنَ مَنْ يُرِيدُونَ وَكَانُوا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِسَاءُ مَنْ تَبَنَّوْهُ كَمَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ نِسَاءُ أَبْنَائِهِمْ حَقِيقَةً فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ أَنَّ نِسَاءَ الْأَدْعِيَاءِ حَلَالٌ لَهُمْ إِذَا قضوا منهن وطرا أي إذا طلق الأدعياء أزواجهمبخلاف بن الصُّلْبِ فَإِنَّ امْرَأَتَهُ تَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ بِنَفْسِ العقد عليها وكان أمر الله مفعولا أَيْ قَضَاءُ اللَّهِ مَاضِيًا وَحُكْمُهُ نَافِذًا وَقَدْ قَضَى فِي زَيْنَبَ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ (لَمَّا تَزَوَّجَهَا) أَيْ زَيْنَبَ (قَالُوا تَزَوَّجَ حَلِيلَةَ ابْنِهِ) أَيْ زَوْجَةَ ابْنِهِ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أبا أحد من رجالكم أي فليس أَبَا زَيْدٍ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّزْوِيجُ بِزَوْجَتِهِ زينب ولكن رسول الله أي ولكن كان رسول الله وخاتم النبيين قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَقُرِئَ بِفَتْحِهَا وَمَعْنَى الْأُولَى أَنَّهُ خَتَمَهُمْ أَيْ جَاءَ آخِرَهُمْ وَمَعْنَى الثَّانِيَةِ أَنَّهُ صَارَ كَالْخَاتَمِ لَهُمُ الَّذِي يَخْتِمُونَ بِهِ وَيَتَزَيَّنُونَ بِكَوْنِهِ مِنْهُمْ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ الْوَجْهُ الْكَسْرُ لِأَنَّ التَّأْوِيلَ أَنَّهُ خَتَمَهُمْ فَهُوَ خَاتِمُهُمْ وَأَنَّهُ قَالَ أَنَا خَاتِمُ النَّبِيِّينَ وَخَاتِمُ الشَّيْءِ آخِرُهُ وَقَالَ الْحَسَنُ الْخَاتِمُ هُوَ الَّذِي خُتِمَ بِهِ وَالْمَعْنَى خَتَمَ اللَّهُ بِهِ النُّبُوَّةَ فلا نبوة بعده ولا معه قال بن عَبَّاسٍ يُرِيدُ لَوْ لَمْ أَخْتِمْ بِهِ النَّبِيِّينَ لَجَعَلْتُ لَهُ ابْنًا يَكُونُ بَعْدَهُ نَبِيًّا وَعَنْهُ أَنَّ اللَّهَ لَمَّا حَكَمَ أَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ لَمْ يُعْطِهِ وَلَدًا ذَكَرًا يَصِيرُ رَجُلًا وَعِيسَى مِمَّنْ نُبِّئَ قَبْلَهُ وَحِينَ يَنْزِلُ يَنْزِلُ عاملا على شريعة محمد كأنه بعض أمته أدعوهم لآبائهم لِلصُّلْبِ وَانْسُبُوهُمْ إِلَيْهِمْ وَلَا تَدْعُوهُمْ إِلَى غَيْرِهِمْ هو أقسط عند الله تَعْلِيلٌ لِلْأَمْرِ بِدُعَاءِ الْأَبْنَاءِ لِلْآبَاءِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إِلَى مَصْدَرِ ادْعُوهُمْ وَمَعْنَى أَقْسَطُ أَعْدَلُ أَيْ أَعْدَلُ مِنْ كُلِّ كَلَامٍ يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ فَتَرَكَ الْإِضَافَةَ لِلْعُمُومِ كَقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ أَوْ أَعْدَلُ من قولكم هو بن فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنِ ابْنَهُ لِصُلْبِهِ فَإِنْ لَمْ تعلموا آباءهم تنسبونهم إليهم فإخوانكم أي فهم إخوانكم في الدين ومواليكم فقولوا أخي ومولاي ولا تقولوا بن فُلَانٍ حَيْثُ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ قَالَ الزَّجَّاجُ مَوَالِيكُمْ أَيْ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الدِّينِ وَقِيلَ الْمَعْنَى فَإِنْ كَانُوا مُحَرَّرِينَ وَلَمْ يَكُونُوا أَحْرَارًا فَقُولُوا مَوَالِي فُلَانٍ .
قَوْلُهُ (هَذَا الْحَرْفُ لَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ) أَيْ رُوِيَ مُقْتَصَرًا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ فَحَسْبُ وَلَمْ يُرْوَ بِطُولِهِ مِثْلَ الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَنَقَلَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ حَاصِلَ كَلَامِ التِّرْمِذِيِّ هَذَا بِلَفْظِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ رُوِيَ عَنْ دَاوُدَ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ إِلَى قَوْلِهِ لَكَتَمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا بَعْدَهُ ثُمَّ قَالَ الْحَافِظُ وَهَذَا الْقَدْرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَأَظُنُّ الزَّائِدَ مُدْرَجًا فِي الْخَبَرِ فَإِنَّ الرَّاوِيَ لَهُعكرمة عن بن عَبَّاسٍ فِي الْآيَةِ قَالَ نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النبي خَاصَّةً وَقَالَ عِكْرِمَةُ مَنْ شَاءَ بَاهَلْتُهُ أَنَّهَا نزلت في أزواج النبي وَرُوِيَ هَذَا عَنْهُ بِطُرُقٍ وَتَمَسَّكَ الْآخَرُونَ أَيْضًا بِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ وَحَدِيثِ أَنَسٍ الْمَذْكُورَيْنِ فِي الْبَابِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا وَقَدْ تَوَسَّطَتْ طَائِفَةٌ ثَالِثَةٌ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ فَجَعَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ شَامِلَةً لِلزَّوْجَاتِ وَلِعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ أَمَّا الزَّوْجَاتُ فَلِكَوْنِهِنَّ الْمُرَادَاتِ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الْآيَاتِ كَمَا قَدَّمْنَا وَلِكَوْنِهِنَّ السَّاكِنَاتِ فِي بُيُوتِهِ النَّازِلَاتِ فِي مَنَازِلِهِ وَيَعْضُدُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ عن بن عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ.
وَأَمَّا دُخُولُ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَلِكَوْنِهِمْ قَرَابَتَهُ وَأَهْلَ بَيْتِهِ فِي النَّسَبِ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا وَرَدَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُصَرِّحَةِ بِأَنَّهُمْ سَبَبُ النُّزُولِ فَمَنْ جَعَلَ الْآيَةَ خَاصَّةً بِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ أَعْمَلَ بَعْضَ مَا يَجِبُ إِعْمَالُهُ وَأَهْمَلَ مَا لَا يَجُوزُ إِهْمَالُهُ وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ مِنْهُمُ الْقُرْطُبِيُّ وبن كَثِيرٍ وَغَيْرُهُمَا .
قَوْلُهُ (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ) وَأَخْرَجَهُ بن جرير والطبراني وبن مَرْدَوَيْهِ